#1
|
||||
|
||||
أحمد بن تيمية
كتاب " الإسلام بين العلماء والحكام " قد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى العالم المجاهد الذي جمع بين السيف والقلم ، ومن حوادث جهاده : أن التتار حين جاءوا بجموعهم إلى الشام سنة 702هـ أرجف المرجفون ، وخرجت القلوب من جنوبها ، حيث استعدت الجيوش من مصر والشام لملاقاة تلك الجموع ، وقد أخذ دعاة الهزيمة والتردد ينشرون الفزع في القلوب ، أما ابن تيمية فكان يثبت القلوب ويعدهم بالنصر والغلبة ، تاليـًا عليهم قول الله تعالى : ( وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُور ٌ)(الحج:60) . حتى إنه كان يحلف بالله : إنكم لمنصورون ، فيقول بعض الأمراء له : قل إن شاء الله ، فيقول : أقولها تحقيقـًا لا تعليقـًا ، فاطمأنت القلوب وسكنت النفوس ، ولكن دعاة الهزيمة أتوا الناس من ناحية أخرى متذرعين بقولهم : كيف نقاتل المسلمين ؟؟ إن ذلك ليس بجائز شرعـًا . يقولون هذا الزعم وكأنهم مهاجمون وليسوا مدافعين ، عندئذ تقدم ابن تيمية مبينـًا بجرأة الحقيقة الشرعية في هذا القتال والمقاتلين ، فيقول : هؤلاء من جنس الخوارج الذين خرجوا على علي ومعاوية ، ورأوا أنهم أحق بالأمر منهما . وهؤلاء يزعمون أنهم أحق بإقامة الحق من المسلمين ، ويعيبون على المسلمين ما هم متلبسون به من المعاصي والمظالم ، وهم متلبسون بما هو أعظم منه بأضعاف مضاعفة . ثم قال مصرحـًا : " إذا رأيتموني في ذلك الجانب - أي مع التتار - وعلى رأسي مصحف فاقتلوني " ، فتحركت القلوب وثارت نخوتها الإسلامية ، ثم امتطى - رحمه الله تعالى - صهوة جواده وخرج إلى ميدان القتال محاربـًا ومحرضـًا ، فما كان لمثله أن يدعو إلى الثبات في الجهاد ، وهو ينكص على عقبيه ، بل يتقدم الجموع لينال الشهادة في سبيل إعزاز كلمة الدين وراية الإسلام . وذهب إلى ( مرج الصفر ) وهو مكان قريب من دمشق وابتدأت الموقعة الحربية التي تسمت في التاريخ بموقعة ( شقجب ) ، وذلك في شهر رمضان سنة 702 هـ ، وتلاقى الجمعان ، ووقف العالِم المجاهد مقاتلاً ، يثبت القلوب من حوله بقتاله وفعاله ، وقد اجتمع بالسلطان قبل الموقعة ، يحثه على الجهاد والقتال ، ورد المعتدين الآثمين ، حيث بلغه أن السلطان متردد في القتال ، فما كان من السلطان إلا أن تحمس وطلب منه أن يقف بجانبه في المعركة . فقال شيخ الإسلام : " السنة أن يقف الرجل تحت راية قومه ، ونحن من جيش الشام لا نقف إلا معه " . وقد حث الجند وأمراءهم على الإفطار ليتقووا على القتال ، وكان يروي لهم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة الكرام في غزوة الفتح : ((إنكم ملاقو العدو والفطر أقوى لكم )) . وكان رحمه الله يدور على الأجناد يأكل معهم من شيء معه ، ليبين أن إفطارهم أفضل ليقووا به على القتال . ووقعت الواقعة واشتد القتال ، واشترك فيه ابن تيمية ، ووقف هو وأخوه موقف الموت ، وأبلوا بلاءً حسنـًا ، وصدق أهل الشام وجند مصر ما عاهدوا الله تعالى عليه ، فاستمر القتال طوال اليوم الرابع من رمضان ، حتى إذا جاء العصر أذن الله تعالى بالنصر ، فظهر جند مصر والشام ، وانحسر جند التتار ، فلجأوا إلى اقتحام الجبال والتلال ، وجند السلطان الناصر ، أو بالأحرى جند ابن تيمية ، وراءهم يضربون أقفيتهم ، ويرمونهم عن قوس واحدة ، حتى انبلج الفجر ، ونادى المنادي : الله أكبر ، حي على الصلاة . وبذلك الإعلان انكشفت الغمة ، وزال خطر التتار ، فكانت هزيمة منكرة ، منوا فيها بالخسران المبين ، ولم تقم لهم بعدها قائمة ، فأمِن الشرق والغرب عاديتهم. المصدر: ملتقى شذرات
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201) |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
محمد, تيمية |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع أحمد بن تيمية | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تتر العصر وابن تيمية | عبدالناصر محمود | دراسات ومراجع و بحوث اسلامية | 0 | 09-13-2016 08:05 AM |
ابن تيمية في دائرة الاستهداف | عبدالناصر محمود | شذرات إسلامية | 0 | 07-28-2015 06:45 AM |
محنة شيخ الإسلام ابن تيمية | Eng.Jordan | شذرات إسلامية | 3 | 04-16-2015 02:25 PM |
التعامل مع كتب ابن تيمية | عبدالناصر محمود | دراسات ومراجع و بحوث اسلامية | 0 | 01-28-2015 08:27 AM |
مع ابن تيمية في شهر الصيام | احمد ادريس | شذرات إسلامية | 0 | 07-17-2013 08:00 PM |