#1  
قديم 06-09-2013, 12:26 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,537
افتراضي منهجية البحث العلمي


بسم الله الرحمن الرحيم
من سلسلة الدروس القانونية
******

منهجية البحث العلمي
فريق صناع الحياة * سيدي مروان * ميلة الجزائر





منهج البحث مظهر حضاري تشتد الحاجة إليه بعد الحاجة إلى الدرس والتأليف, وما يصحب ذلك من تراكم الخبرات وتضخم المادة, وما يتصل بهما ـ عادة ـ من اضطراب وتعصب وجهل وجور, يضيع في مجاهلها القارئ وتضيع الحقيقة فتختلط الأمور على الطالب ويصعب عليه أن يتبين دربه.
وكان طبيعيا أن يرتبط " منهج البحث" بالجامعات ارتباطا وثيقا, لأنها مركز الحقيقة ومنطلقها أو على الأقل ما يفترض أن يكون.
أعد هذا المؤلف لطلبة الليسانس الذين يواجهون البحث العلمي للمرة الأولى,
اعتنينا فيه بالخطوط العامة العريضة للبحث.



















الفصل الأول
مفهوم البحث العلمي
يتضمن هذا الفصل:
1 ـ مفهوم البحث العلمي: لغة واصطلاحا.
2 ـ مقومات البحث العلمي:
3 ـ خصائص البحث العلمي:
4 ـ أنواع البحث العلمي:
5 ـ أدوات البحث العلمي:

مفهوم البحث العلمي:
لشرح هذا المفهوم يتطلب منا الأمر شرح مفهوم العلم, وتمييزه عن بقيه المصطلحات.
ـ مفهوم العلم:
تستخدم كلمة علم في عصرنا هذا, للدلالة على مجموعة المعارف المؤيدة بالأدلة الحسية, وجملة القوانين التي اكتشفت لتعليل حوادث الطبيعة تعليلا مؤسسا على تلك القوانين الثابتة.([1])وقد تستخدم للدلالة على مجموعة من المعارف لها خصائص معينة, كمجموعة الفيزياء أو الكيمياء أو البيولوجيا.
وإذا رجعنا إلى تعريفه في اللغة والاصطلاح, نجد أن كلمة " علم "
في اللغة تعني إدراك الشيء على ما هو عليه, أي على حقيقته, وهو اليقين والمعرفة([2]). والعلم ضد الجهل, لأنه إدراك كامل.
وأمَّا في الاصطلاح فهو: " جملة الحقائق والوقائع والنظريات ومناهج البحث التي تزخر بها المؤلفات العلمية."([3])
أو هو ـ كما جاء في قاموس وبستر ـ: " المعرفة المنسقة التي تنشأ عن الملاحظة والدراسة والتجريب, والتي تقوم بغرض تحديد طبيعة وأصول وأسس ما تتم دراسته."([4])
وجاء تعريفه في قاموس أكسفورد لعام 1974 بأنه: " ... ذلك الفرع من الدراسة, الذي يتعلق بجسد مترابط من الحقائق الثابتة المصنفة, والتي تحكمها قوانين عامة, تستخدم طرق ومناهج موثوق بها لاكتشاف الحقائق الجديدة في نطاق الدراسة."([5])
وقد عرفه جوليان هكسلي في كتابه " الإنسان في العالم الحديث " بأنه: "هو النشاط الذي يحصل به الإنسان على قدر كبير من المعرفة لحقائق الطبيعة وكيفية السيطرة عليها."
وتدور جل محاولات تحديد مفهوم العلم وتعريفه حول حقيقة أن العلم هو " جزء من المعرفة, يتضمن الحقائق والمبادئ والقوانين والنظريات والمعلومات الثابتة والمنسقة والمصنفة, والطرق والمناهج العملية الموثوق بها لمعرفة واكتشاف الحقيقة بصورة قاطعة يقينية ".
وليتضح لنا معنى العلم أكثر, علينا أن نميزه عن غيره من المصطلحات والمفاهيم المشابهة له واللصيقة به, في غالب الأحيان مثل: المعرفة, الثقافة, الفن... وغيرها من المصطلحات. وكذا تحديد وبيان أهدافه ووظائفه.
ـ معنى المعرفة:
تعني المعرفة في أبسط معانيها تصورا عقليا لإدراك كنه الشيء بعد أن كان غائبا, وتتضمن المعرفة المدركات الإنسانية أثر تراكمات فكرية عبر الأبعاد الزمانية والمكانية والحضارية والعلمية, أو بعبارة أخرى المعرفة هي كل ذلك الرصيد الواسع والضخم من المعلومات والمعارف التي استطاع الإنسان أن يجمعها عبر التاريخ، بحواسه وفكره. وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ المعرفة الحسية:
وتكون بواسطة الملاحظات البسيطة والمباشرة والعفوية, عن طريق حواس الإنسان المعروفة, مثل تعاقب الليل والنهار, طلوع الشمس وغروبها, تهاطل الأمطار...الخ, وذلك دون إدراك للعلاقات القائمة بين هذه الظواهر الطبيعية وأسبابها.
2 ـ المعرفة الفلسفية: وهي مجموع المعارف والمعلومات التي يتحصل عليها الإنسان بواسطة استعمال الفكر لا الحواس, حيث يستخدم أساليب التفكير والتأمل الفلسفي, لمعرفة الأسباب, الحتميات البعيدة للظواهر, مثل التفكير والتأمل في أسباب الحياة والموت, خلق الوجود والكون.([6])
3 ـ المعرفة العلمية والتجريبية: وهي المعرفة التي تتحقق على أساس الملاحظات العلمية المنظمة, والتجارب المنظمة والمقصودة للظواهر والأشياء, ووضع الفروض, واكتشاف النظريات العامة والقوانين العلمية الثابتة, القادرة على تفسير الظواهر والأمور تفسيرا علميا, والتنبؤ بما سيحدث مستقبلا والتحكم فيه([7]).
وهذا النوع الأخير من المعرفة, هو وحده الذي يكَّون العلم.
والمعرفة بذلك تكون مشتملة على العلم, وهو جزء من أجزائها.
ـ الثقافـة:
عرّفت الثقافة عدة تعريفات, لعلَّ أشهرها تعريف تايلور القائل أن الثقافة: " هي ذلك الكل المعقد الذي يشمل المعرفة والعقيدة والفن والأخلاق والقانون والعادات وسائر القدرات التي يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع."
أو تعرّف أنها: " أنماط وعادات سلوكية ومعارف وقيم واتجاهات اجتماعية, ومعتقدات وأنماط تفكير ومعاملات ومعايير, يشترك فيها أفراد جيل معين, ثم تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل."([8])
وعرفها آخر بأنها: " مجموعة العادات والتقاليد والقيم والفنون المنتشرة داخل مجتمع معين, حيث ينعكس ذلك على اتجاهات الأفراد وميولهم ومفاهيمهم للمواقف المختلفة."([9])
فالثقافة بذلك تشمل العلم والمعرفة والدين والأخلاق والقوانين والعادات والتقاليد وأنماط الحياة والسلوك في المجتمع.
ـ الفـن:
الفن في اللغة حسن الشيء وجماله, والإبداع وحسن القيام بالشيء([10]).
ويعرف (L`ART ) قاموسيا بأنه: " نشاط إنساني خاص, ينبئ ويدل على قدرات وملكات إحساسية وتأملية وأخلاقية, وذهنية خارقة مبدعة."([11])
كما تدل كلمة " فن " ART على المهارة والقدرة الاستثنائية الخاصة في تطبيق المبادئ والنظريات والقوانين العلمية, في الواقع والميدان:
الفنون الأدبية, الفنون العسكرية, فن القيادة السياسية والاجتماعية والإدارية, الفنون الرياضية, فن الموسيقى والغناء...
أمَّا كلمة " فن " في الاصطلاح فإنها تعني: " المهارة الإنسانية والمقدرة على الابتكار والإبداع والمبادرة, وهذه المقدرة تعتمد على عدة عوامل وصفات مختلفة ومتغيرة مثل: درجة الذكاء, قوة الصبر, صواب الحكم, الاستعدادات القيادية لدى الأشخاص."([12])
يرى بعض المفكرين والعلماء أن عناصر الفن الأساسية شبيهة إلى حد كبير بعناصر العلم, لأن كلاهما يستنكر الاعتماد على حفظ الحقائق والمعلومات المجردة والجامدة, وكلاها يدعو إلى ضرورة اكتشاف وتفهم العلاقات بين الظواهر المختلفة, والتي بدورها تؤدي إلى الابتكار والانطلاق الفكري, وكما أن العلم يؤدي بالضرورة إلى ابتكار علمي, فإن الفن أيضا ينتهي بابتكار فني.
وهناك فريق آخر من المفكرين والعلماء يرون أن هناك فروقا جذرية بين العلم والفن منها:
أن العلم يقوم على أساس مجموعة من القوانين العلمية الموضوعية والمجردة, التي تحدد العلاقة بين ظاهرتين أو أكثر من الظواهر التي يتناولها بالدراسة, وهذه العلاقات معيارها الحتمية والاحتمال, ويبحث العلم فيما هو موجود وكائن, بينما الفن يقوم ويعتمد على أساس المهارة الإنسانية, ويرتكز على الملكات الذاتية والمواهب الفردية, وهو يستند إلى الاعتبارات العملية أكثر من استناده إلى الاعتبارات النظرية.
خصائص المعرفة العلمية:
1 ـ التراكمية: تعود المعرفة بجذورها إلى بداية الحضارات الإنسانية, وقد بنيت معارفنا فوق معارف كثيرة أسهمت فيها حضارات إنسانية مختلفة, لأن المعرفة تبنى هرميا من الأسفل إلى الأعلى, نتيجة تراكم وتطور المعرفة العلمية.
والتراكمية العلمية إما أنها تأتي بالبديل, فتلغي القديم مثل: فيزياء نيوتن التي اعتقد بأنها مطلقة إلى أن جاء انشتاين بنسبيته, وبالمثل فإن الكثير من النظريات والمعارف العلمية في مجالات مختلفة, استغنى عنها الإنسان واستبدلها بنظريات ومفاهيم ومعارف خاصة في مجال العلوم الإجتماعية التي تتسم بالتغير والنسبية.
2 ـ التنظيم: إن المعرفة العلمية معرفة منظمة تخضع لضوابط وأسس منهجية, لا نستطيع الوصول إليها دون إتباع هذه الأسس والتقيد بها.
كما أن التطور العلمي يقتضي من الباحث التخصص في ميدان علمي محدد, وذلك بحكم التطور العلمي والمعرفي, وتزايد التخصصات وتنوع حقولها. مما يسمح للباحث بالاطلاع على موضوعاته وفهم جزئياته وتقنياته.
3 ـ السببية: يعرف السبب بأنه مجموع العوامل أو الشروط وكل أنواع الظروف التي متى تحققت ترتب عنها نتيجة مطردة, ونستطيع القول بوجود علاقة سببية بين متغيرين: سبب ( علة ) ونتيجة (معلول), عندما نجري تجارب عديدة وبنفس الهدف نتحصل على نفس النتيجة([13]).
4 ـ الدقـة: يخضع العلم لمبادئ ومفاهيم متعارف عليها بين ذوي الاختصاص تتضمن مصطلحات ومعاني ومفاهيم دقيقة جدا ومحددة.
ويجب استعمال هذه المصطلحات بدقة وتحديد مدلولها العلمي, لأنها عبارة عن اللغة التي يتداولها المختصون في فرع من فروع المعرفة العلمية([14]).
وتقتضي الدقة الاستناد إلى معايير دقيقة, والتعبير بدقة عن الموضوعات التي ندرسها.
5 ـ اليقين: إن المعرفة العلمية لا تفرض نفسها إلا إذا كانت يقينية, أي أن صاحبها تيقن منها عمليا, فأصبح يستطيع إثباتها بأدلة وبراهين وحقائق وأسانيد موضوعية لا تحمل الشك, وهذا ما يعرف باليقين العلمي.
فالنتائج التي نتوصل إليها يجب أن تكون مستنبطة من مقدمات ومعطيات موثوق من صحتها.
6 ـ الموضوعية: إن الباحث ينبغي أن يكون حياديا في بحثه, يتجرد من ذاتيته, وينقل الحقائق والمعطيات كما هي في الواقع, وأن لا يخفي الحقائق التي لا تتوافق مع وجهة نظره وأحكامه المسبقة.
7 ـ التعميم:
ـ وظائف وأهداف العلم:
أولا: غاية ووظيفة الاكتشاف والتفسير:
إن الغاية والوظيفة الأولى للعلم, هي اكتشاف القوانين العلمية العامة والشاملة للظواهر والأحداث المتماثلة والمترابطة والمتناسقة, وذلك عن طريق ملاحظة ورصد الأحداث والظواهر المختلفة, وإجراء عمليات التجريب العلمي للوصول إلى قوانين عامة وشاملة تفسر هذه الظواهر والوقائع والأحداث.([15])
ثانيا: غاية ووظيفة التنبؤ:
وهي التوقع العلمي والتنبؤ بكيفية عمل وتطور وسير الأحداث والظواهر الطبيعية وغير الطبيعية, المنظمة بالقوانين العلمية المكتشفة, فهكذا يمكن التنبؤ والتوقع العلمي بموعد الخسوف والكسوف, بمستقبل حالة الطقس, وبمستقبل تقلبات الرأي العام سياسيا واجتماعيا إلى غير ذلك من الحالات والأمور التي يمكن التوقع والتنبؤ العلمي بمستقبلها, وذلك لأخذ الاحتياطات والإجراءات اللازمة والضرورية.
ثالثا: غاية ووظيفة الضبط والتحكم:
بعد غاية ووظيفة الاكتشاف ووظيفة التنبؤ, تأتي وظيفة التحكم العلمي في هذه الظواهر والسيطرة عليها, وتوجيهها التوجيه المرغوب فيه, واستغلال النتائج والآثار لخدمة مصلحة الإنسانية.
ووظيفة التحكم, قد يكون نظريا, وذلك عندما يقتصر العلم على بيان وتفسير كيفية الضبط والتوجيه والتكييف للظواهر, وقد يكون عمليا, وذلك حين يتدخل العالم لضبط الأحداث والسيطرة عليها, كأن يتحكم في مسار الأنهار, ومياه البحر, والجاذبية الأرضية, وكذلك يتحكم في الأمراض, والسلوك الإنساني وضبطه وتوجيهه نحو الخير, والتحكم في الفضاء الخارجي واستغلاله عمليا.
تعريف البحث العلمي:
يمثل البحث العلمي مرتكز محوري للوصول إلى الحقائق العلمية, ووضعها في إطار قواعد أو قوانين أو نظريات علمية كجوهر للعلوم, خاصة وأن العلم مدركات يقينية مؤكدة ومبرهن عليها كتصديق مطلق, ويتم التوصل إلى الحقائق عن طريق البحث وفق مناهج علمية هادفة ودقيقة ومنظمة, واستخدام أدوات ووسائل بحثية.
هناك عدة تعريفات للبحث العلمي, تحاول تحديد مفهومه ومعناه, ومن جملتها:
ـ " هو وسيلة للاستعلام والاستقصاء المنظم والدقيق, الذي يقوم به الباحث, بغرض اكتشاف معلومات أو علاقات جديدة, بالإضافة إلى تطوير أو تصحيح أو تحقيق المعلومات الموجودة فعلا, على أن يتبع في هذا الفحص والاستعلام الدقيق, خطوات المنهج العلمي."([16])
ـ " البحث العلمي هو البحث النظامي والمضبوط الخبري التجريبي, في المقولات الافتراضية عن العلاقات المتصورة بين الحوادث الطبيعية."([17])
ـ " هو فن هادف وعملية لوصف التفاعل المستمر بين النظريات والحقائق, من أجل الحصول على حقائق ذات معنى, وعلى نظريات ذات قوى تنبؤية."([18])
ـ " هو محاولة لاكتشاف المعرفة والتنقيب عنها وتنميتها, وفحصها وتحقيقها بتقص دقيق, ونقد عميق, ثم عرضها عرضا مكتملا بذكاء وإدراك, يسير في ركب الحضارة العالمية, ويسهم فيه إسهاما إنسانيا حيا شاملا."([19])
والذي نستطيع أن نخلص إليه من خلال كل هذه التعريفات أن البحث العلمي الأكاديمي: " هو الاستخدام المنظم لعدد من الأساليب والإجراءات للحصول على حل أكثر كفاية لمشكلة ما، عما يمكننا الحصول عليه بطرق أخرى، وهو يفترض الوصول إلى نتائج ومعلومات أو علاقات جديدة لزيادة المعرفة للناس أو التحقق منها".
أسس ومقومات البحث العلمي

1 ـ تحديد الأهداف البحثية بدقة ووضوح:
خاصة في اختيار الموضوع, فماذا يريد الباحث؟ وأي مشكلة أو ظاهرة تم اختيارها؟ وما هو التخصص الدقيق للباحث؟ وماذا يريد وكيف ومتى وإلى أين؟
2 ـ قدرة الباحث على التصور والإبداع:
وإعمال فكره وموهبته, وإلمامه بأدوات البحث المتباينة, والتمكن من تقنيات كتابة البحث العلمي.
3 ـ دقة المشاهدة والملاحظة:
للظاهرة محل البحث, وتحديد المقولات حولها, وإعمال الفكر والتأمل, مما يقود إلى بحث المتغيرات المحيطة بالظاهرة, بحيث تكون المحصلة وضع قوانين تتفق مع واقع الملاحظات والمتغيرات.
4 ـ وضع الفروض المفسرة للظاهرة:
ليتم إثباتها والبرهنة عليها, وتوضع كأفكار مجردة وموضوعية ينطلق منها الباحث, بحيث تقوده إلى جمع الحقائق المفسرة للفروض, وبالتالي إجراء التجارب على ضوئها, بعيدا عن تطويعها لما يريد الباحث إثباته والوصول إليه.
5 ـ القدرة على جمع الحقائق العلمية بشفافية ومصداقية:
وذلك من مختلف المصادر والمراجع, وغربلتها وتصنيفها وتبويبها وتمحيصها بدقة, ثم تحليلها.
6 ـ إجراء التجارب اللازمة:
بهدف الحصول على نتائج علمية تتفق مع الواقع العملي, وتتطلب التجارب في العلوم الاجتماعية تحليل السبب والمسبب والحجج, واستمرارية متابعة المتغيرات. واختبار الفروض والتأكد من مدى صحتها.
7 ـ الحصول على النتائج واختبار مدى صحتها:
وذلك بتمحيصها ومقارنتها وصحة انطباقها على الظواهر والمشكلات المماثلة, إثبات صحة الفرضيات.
8 ـ صياغة النظريات:
تعتبر النظرية إطار أو بناء فكري متكامل يفسر مجموعة من الحقائق العلمية في نسق علمي مترابط يتصف بالشمولية, ويرتكز على قواعد منهجية لمعالجة ظاهرة أو مشكلة ما.
وتمثل النظرية محور القوانين العلمية المهتمة بإيضاح وترسيخ نتائج العلاقات بين المتغيرات في ظل تفاعل الظواهر.
فيجب أن تكون صياغتها وفق النتائج المتحصل عليها من البحث, بعد اختبار صحتها والتيقن من حقائقها العلمية, وصحتها مستقبلا للظواهر المماثلة.
خصائص البحث العلمي:

للبحث العلمي جملة من الخصائص والمميزات, نستطيع استخلاصها من التعريفات السابقة, أهمها الخصائص التالية:
أولا: البحث العلمي بحث منظم ومضبوط:
أي أن البحث العلمي نشاط عقلي منظم ومضبوط ودقيق ومخطط, حيث أن المشكلات والفروض والملاحظات والتجارب والنظريات والقوانين, قد تحققت واكتشفت بواسطة جهود عقلية منظمة ومهيأة جيدا لذلك, وليست وليدة مصادفات أو أعمال ارتجالية, وتحقق هذه الخاصية للبحث العلمي, عامل الثقة الكاملة في نتائج البحث.([20])
ثانيا: البحث العلمي بحث نظري:
لأنه يستخدم النظرية لإقامة وصياغة الفرض, الذي هو بيان صريح يخضع للتجارب والاختبار.([21])
ثالثا: البحث العلمي بحث تجريبي:
لأنه يقوم على أساس إجراء التجارب والاختبارات على الفروض, والبحث الذي لا يقوم على أساس الملاحظات والتجارب لا يعد بحثا علميا. فالبحث العلمي يؤمن ويقترن بالتجارب.([22])
رابعا: البحث العلمي بحث حركي وتجديدي:
لأنه ينطوي دائما على تجديد وإضافات في المعرفة, عن طريق استبدال متواصل ومستمر للمعارف القديمة بمعارف أحدث وأجد.
خامسا: البحث العلمي بحث تفسيري:
لأنه يستخدم المعرفة العلمية لتفسير الظواهر والأشياء بواسطة مجموعة من المفاهيم المترابطة تسمى النظريات.
سادسا: البحث العلمي بحث عام ومعمم:
لأن المعلومات والمعارف لا تكتسب الطبيعة والصفة العلمية, إلا إذا كانت بحوثا معممة وفي متناول أي شخص, مثل الكشوف الطبية.
هذه بعض خصائص البحث العلمي التي تؤدي معرفتها إلى توسيع آفاق معرفة مفهوم البحث العلمي.

أنواع البحث العلمي
أولا: حسب الاستعمال:
أ ـ المقالة:
وهي بحوث قصيرة يقوم بها الطالب الجامعي, خلال مرحلة الليسانس, بناء على طلب أساتذته في المواد المختلفة, وتسمى عادة بالمقالة أو البحوث الصفية. ( نسبة إلى الصف أي القسم )
وتهدف إلى تدريب الطالب على تنظيم أفكاره, وعرضها بصورة سليمة, وعلى استخدام المكتبة ومصادرها, وتدريبه على الإخلاص والأمانة وتحمل المسؤولية في نقل المعلومات, وقد لا يتعدى حجم البحث عشر صفحات.
ب ـ مشروع البحث:
ويسمى عادة " مذكرة التخرج ", وهو يطلب في الغالب كأحد متطلبات التخرج بدرجة الليسانس, وهو من البحوث القصيرة, إلا أن أكثر تعمقا من المقالة, ويتطلب من الباحث مستوى فكريا أعلى ومقدرة أكبر على التحليل والمقارنة والنقد.وهنا يعمل الباحث مع أستاذه المشرف على تحديد إشكالية ضمن موضوع معين يختاره الطالب, والغرض منه هو تدريب الطالب على اختيار موضوع البحث, وتحديد الإشكالية التي سيتعامل معها, ووضع الاقتراحات اللازمة لها, واختيار الأدوات المناسبة للبحث, بالإضافة إلى تدريبه على طرق الترتيب والتفكير المنطقي السليم, والاستزادة من مناهل العلم, فليس المقصود منه التوصل إلى ابتكارات جديدة أو إضافات مستحدثة. بل تنمية قدرات الطالب في السيطرة على المعلومات ومصادر المعرفة, في مجال معين والابتعاد عن السطحية في التفكير والنظر.
ج ـ الرسالة:
وهو بحث يرقى في مفهومه عن المقالة أو مشروع البحث, ويعتبر أحد المتممات لنيل درجة علمية عالية ـ عادة ما تكون درجة الماجستيرـ.والهدف الأول منها هو أن يحصل الطالب على تجارب في البحث تحت إشراف أحد الأساتذة ليمكنه ذلك من التحضير للدكتوراه.
وتعتبر امتحانا يعطي فكرة عن مواهب الطالب, ومدى صلاحيته للدكتوراه. وهي فرصة ليثبت الطالب سعة اطلاعه وعمق تفكيره وقوته في النقد, والتبصر فيما يصادفه من أمور.
وتتصف الرسالة بأنها بحث مبتكر أصيل في موضوع من الموضوعات، أو تحقيق مخطوطة من المخطوطات التي لم يسبق إليها. وتعالج الرسالة مشكلة يختارها الباحث ويحددها, ويضع افتراضاتها, ويسعى إلى التوصل إلى نتائج جديدة لم تعرف من قبل, ولهذا فالرسالة تحتاج إلى مدة زمنية طويلة نسبيا, قد تكون عاما أو أكثر.
د ـ الأطروحة:
يتفق الأساتذة ورجال العلم على أن الأطروحة هي بحث علمي أعلى درجة من الرسالة, وهي للحصول على درجة الدكتوراه, ولهذا فهي بحث أصيل, يقوم فيه الباحث باختيار موضوعه, وتحديد اشكاليته, ووضع فرضياته, وتحديد أدواته واختيار مناهجه, وذلك من أجل إضافة لبنة جديدة لبنيان العلم والمعرفة.
وتختلف أطروحة الدكتوراه عن الماجستير في أن الجديد الذي تضيفه للمعرفة والعلم يجب أن يكون أوضح وأقوى, وأعمق وأدق, وأن تكون على مستوى أعلى.
وقد يمتد الزمن بالباحث لأكثر من سنة أو سنتين ـ ربما عدة أعوام ـ.
وتعتمد رسالة الدكتوراه على مراجع أوسع, وتحتاج إلى براعة في التحليل وتنظيم المادة العلمية, ويجب أن تعطي فكرة عن أن مقدمها يستطيع الاستقلال بعدها بالبحث, دون أن يحتاج إلى من يشرف عليه ويوجهه.
ثانيا: حسب أسلوب التفكير:
1 ـ التفكير الاستقرائي:
يقوم البحث الاستقرائي بعملية ملاحظة الجزئيات والحقائق والمعلومات الفردية, التي تساعد في تكوين إطار لنظرية يمكن تعميمها. وقد أخذ "سقراط" بهذا الأسلوب, وتعرف على نوعين منه: الاستقراء التام والاستقراء الحدسي. لكن عملية الاستقراء أخذت معنى أكثر دقة وتحديدا عند "هيوم ", الذي لخصها بأنها: " قضايا جزئية تؤدي إلى وقائع أو ظواهر, وتعتبر مقدمة إلى قضية عامة, ويمكن اعتبارها نتيجة تشير إلى ما سوف يحدث."([23])
ولعل من أشهر أمثلة الاستقراء حادثة سقوط التفاحة وما استنتجه العالم نيوتن من النتائج والحقائق.
ويتفق الباحثون على أن البحث الاستقرائي عادة ما ينتهي بمجموعة من الفروض, التي تستطيع تفسير تلك الملاحظات والتجارب, ثم تحقيق هذه الفروض بعد اختبارها([24]), فالبحوث الاستقرائية تساهم في التوصل إلى الإجابات عن الأسئلة التقليدية المعروفة: ماذا, كيف, من, أين, أي.
2 ـ التفكير الاستنباطي:
ويطلق عليه أيضا " طريق القياس", وهو يسير في اتجاه معاكس للتفكير الاستقرائي الذي يتبعه التجريبيون, وهذا يعني أنه مكمل للأسلوب الاستقرائي وليس مناقضا له.
وهذا الأسلوب ينقل العالم الباحث بصورة منطقية من المبادئ والنتائج التي تقوم على البديهيات والمسلمات العلمية, إلى الجزئيات وإلى استنتاجات فردية معينة. فالأسلوب الاستقرائي يهدف إلى التحقق من الفروض وإثباتها عن طريق الاختبار, أما الأسلوب الاستنباطي فهو الذي ينشأ من وجود استفسار علمي, ثم يعمل الباحث على جمع البيانات والمعلومات وتحليلها لإثبات صحة الاستفسار أو رفضه.
وقد اعتمد الدكتور أحمد بدر على العديد من العلماء, في قوله أن الاستقراء يبدأ بالجزئيات ليتوصل إلى القوانين والمسلمات العلمية, في حين أن الاستنباط أو القياس يبدأ بالقوانين ليستنبط منها الحقائق. وبهذا يكون الاستقراء من نصيب المتخصصين الذين يهتمون بالتعليلات العلمية القريبة, بينما يكون الاستنباط من نصيب الفلاسفة الذين يهتمون بالتعليلات الفلسفية البعيدة. فعالم البيولوجيا مثلا يهتم بتركيب الأعضاء ووظائفها, بينما ينظر الفيلسوف إلى كلية العلم ويحاول تفسير الحياة نفسها.
ويمكن القول أن هناك علاقة تبادلية بين الاستقراء والاستنباط, فالاستقراء عادة ما يتقدم القياس أو الاستنباط, وبذلك فإن القياس يبدأ من حيث ينتهي الاستقراء, وبينما يحتاج الاستقراء إلى القياس عندما يطبق على الجزئيات للتأكد من الفروض, فإن القياس يحتاج إلى الاستقراء من أجل التوصل إلى القواعد والقوانين الكلية([25]).




ثالثا: حسب النشاط:
أ ـ التنقيبي الاكتشافي:
ويتركز المجهود والنشاط العقلي فيه على اكتشاف حقيقة جزئية معينة ومحددة بواسطة إجراء عمليات الاختبارات والتجارب العلمية والبحوث التنقيبية من أجل ذلك, ولا يقصد به تعميم النتائج أو استخدامها لحل مشكلة معينة, إنما جمع الحقائق فقط دون إطلاق أحكام قيمية عليها.
ومن أمثلة البحوث التنقيبية, البحوث التي يقوم بها العالم الطبيب في معمله لاختبار دواء جديد ومدى نجاعته, والبحوث عن السيرة الذاتية لشخصية إنسانية معينة, والبحث الذي يقوم به الطالب في اكتشاف مجموعة المصادر والمراجع المتعلقة بموضوع أو فكرة معينة.([26])
ب ـ البحث التفسيري النقدي:
وهو نوع من البحوث العلمية التي تعتمد على الإسناد والتبرير والتدليل المنطقي والعقلي, من أجل الوصول إلى حل المشكل. ويتعلق هذا النوع من البحوث غالبا ببحث وتفسير الأفكار لا الحقائق والظواهر.
ويعتبر البحث التفسيري النقدي ذو قيمة علمية هامة, للوصول إلى نتائج عند معالجة المشاكل التي تحتوي على قدر ضئيل من المعلومات والحقائق. ويشترط فيه الشروط التالية:
ـ أن تعتمد المناقشة التفسيرية وتتركز حول الأفكار والمبادئ المعروفة والمسلم بها, أو على الأقل أن تتلاءم الدراسة والبحث وتتفق مع مجموعة الأفكار والنظريات المتعلقة بموضوع البحث.
ـ يجب أن يؤدي البحث التفسيري إلى بعض النتائج والحلول, أو أن يؤدي إلى الرأي الراجح في حل المشكلة المطروحة للدراسة.
ـ يجب أن تكون الحجج والمبررات والأسانيد ومناقشتها أثناء الدراسة التفسيرية والنقدية واضحة ومعقولة ومنطقية ومضبوطة.
ج ـ البحث الكامل:
وهو البحث الذي يستهدف إلى حل مشكلة والتعميم منها, ويستخدم هذا النوع من البحوث كلا من النوعين السابقين ( التنقيبي والتفسيري ), أي جمع الحقائق والتدليل عليها, إلا أن يذهب إلى أبعد من كليهما, حيث يضع الافتراضات المناسبة ثم يقوم الباحث بجمع الحقائق والأدلة وتحليلها, من أجل قبول الافتراضات أو رفضها, وبالتالي يتوصل إلى نتائج منطقية, تقوم لحل المشكلة على التدليل الحقائقي, والتي تمكنه من وضع التعميمات التي تستخدم في الحالات المماثلة.
د ـ البحث العلمي الاستطلاعي:
البحث الاستطلاعي أو الدراسة العلمية الكشفية الصياغية الاستطلاعية, هو البحث الذي يستهدف التعرف على المشكلة فقط. وتقوم الحاجة إلى هذا النوع من البحوث, عندما تكون المشكلة محل البحث جديدة لم يسبق إليها, أو عندما تكون المعلومات أو المعارف المتحصل عليها حول المشكلة قليلة وضعيفة.
هـ ـ البحث الوصفي والتشخيصي:
وهو الذي يهدف إلى تحديد سمات وصفات وخصائص ومقومات ظاهرة معينة تحديدا كميا ونوعيا.([27])
و ـ البحث التجريبي:
يتحدد عن طريق التعرف على المنهج التجريبي, الذي سنأتي إلى دراسته دراسة مفصلة, ويكفي هنا القول: أن البحث التجريبي هو الذي يقوم على أساس الملاحظة والتجارب لإثبات صحة الفروض, وذلك باستخدام قوانين علمية عامة.

أدوات البحث العلمي:

وهي مجموعة الوسائل والطرق والأساليب المختلفة, التي يعتمد عليها في الحصول على المعلومات والبيانات اللازمة لإنجاز البحث.
وإذا كانت أدوات البحث متعددة ومتنوعة, فإن طبيعة الموضوع أو المشكلة, هي التي تحدد حجم ونوعية وطبيعة أدوات البحث التي يجب أن يستخدمها الباحث في إنجاز وإتمام عمله, كما أن براعة الباحث وعبقريته تلعب دورا هاما في تحديد كيفية استخدام أدوات البحث العلمي. ومن أهم أدوات البحث:
1 ـ العينة: وهي ذلك الجزء من المجتمع التي يجري اختيارها وفق قواعد وطرق علمية, بحيث تمثل المجتمع تمثيلا صحيحا([28]).
2 ـ الملاحظة باختلاف أنواعها: الملاحظة هي إحدى الوسائل المهمة في جمع البيانات والمعلومات, وهناك قول شائع بأن العلم يبدأ بالملاحظة. وتبرز أهمية هذه الوسيلة في الدراسات الاجتماعية والانثربولوجية والنفسية وجميع المشكلات التي تتعلق بالسلوك الإنساني ومواقف الحياة الواقعية.
وتستخدم الملاحظة في جمع البيانات التي يصعب الحصول عليها عن طريق المقابلة أو الاستفتاء, كما تستخدم في البحوث الاستكشافية والوصفية والتجريبية.
ويمكن تقسيم الملاحظة إلى قسمين:
أ ـ الملاحظة البسيطة: وهي الملاحظة غير الموجهة للظواهر الطبيعية, حيث تحدث تلقائيا, وبدون أن تخضع لأي نوع من الضبط العلمي, ودون استخدام الباحث لأي نوع من أنواع أدوات القياس للتأكد من صحة الملاحظة ودقتها.
ب ـ الملاحظة المنظمة: وهي الملاحظة الموجهة, والتي تخضع إلى أساليب الضبط العلمي, فهي تقوم على أسس منظمة ومركزة بعناية.
وقد أثبتت الملاحظة المنظمة فعاليتها في تسهيل عملية تحليل العديد من النشاطات الإنسانية, وذلك باستخدام الصور الفوتوغرافية, والخرائط...
3 ـ الاستخبارات المختلفة:
4 ـ المقابلة: وتعتبر من الوسائل الشائعة الاستعمال في البحوث الميدانية, لأنها تحقق أكثر من غرض في نفس الباحث, فبالإضافة إلى كونها الأسلوب الرئيس الذي يختاره الباحث إذا كان الأفراد المبحوثين ليس لديهم إلمام بالقراءة أو الكتابة, أو أنهم يحتاجون إلى تفسير وتوضيح الأسئلة, أو أن الباحث يحتاج لمعرفة ردود الفعل النفسية على وجوه أفراد الفئة المبحوثة.
والمقابلة أنواع: فهناك المقابلة الفردية, والمقابلة الجماعية, المقابلة بين رئيس ومرؤوس, بين مسئول في التنظيم وطالب للوظيفة...
5 ـ أساليب القياس:
6 ـ الأساليب الإسقاطية:
7 ـ الاستبيان: ويسمى أيضا بالاستقصاء, وهو إحدى الوسائل الشائعة الاستعمال للحصول على المعلومات, وحقائق تتعلق بآراء واتجاهات الجمهور حول موضوع معين أو موقف معين. ويتكون الاستبيان من جدول من الأسئلة توزع على فئة من المجتمع ( عينة ), بواسطة البريد أو باليد أو قد تنشر في الصحف أو التليفزيون أو الإنترنت, حيث يطلب منهم الإجابة عليها وإعادتها إلى الباحث. والهدف منه هو الحصول على بيانات واقعية وليس مجرد انطباعات وآراء هامشية.
8 ـ المصادر والوثائق المختلفة:
9 ـ الوسائل الإحصائية:

/
الفصل الثاني
مراحل إعداد البحث العلمي:

يتضمن هذا الفصل:
1 ـ مرحلة اختيار الموضوع:
2 ـ مرحلة البحث عن الوثائق:
3 ـ مرحلة القراءة والتفكير:
4 ـ مرحلة تقسيم الموضوع:
5 ـ مرحلة جمع المعلومات:
6 ـ مرحلة الكتابة:

مراحل إعداد البحث العلمي:

تخضع عملية إنجاز وإعداد البحث العلمي في ميدان العلوم القانونية, مثل بقية الفروع الأخرى, إلى طرق وإجراءات وأساليب علمية وعملية منطقية صارمة ودقيقة, يجب احترامها والتقيد بها وإتباعها بدقة وعناية, حتى يتمكن الباحث من إعداد بحثه وإنجازه بصورة سليمة وناجحة وفعالة.
وتعتبر هذه الطرق والإجراءات من صميم تطبيقات علم المنهجية في مفهومه الواسع, كما تجب الإشارة هنا إلى أن اصطلاح البحث العلمي يشمل كل التقارير العلمية المنهجية والموضوعية مثل: مذكرات التخرج في مستوى الليسانس, وأبحاث رسائل الماجستير والدراسات العليا, وغيرها من التقارير العلمية.
وتمر عملية إعداد البحث العلمي بعدة مراحل, متسلسلة ومتتابعة, متكاملة ومتناسقة, في تكوين وبناء البحث وإنجازه, وهذه المراحل هي:
مرحلة تحديد المشكلة واختيار الموضوع, مرحلة حصر وجمع الوثائق العلمية المتعلقة بالموضوع, مرحلة القراءة والتفكير, مرحلة تقسيم وتبويب الموضوع, مرحلة جمع وتخزين المعلومات, مرحلة الصياغة والكتابة.

المرحلة الأولى: مرحلة اختيار الموضوع:

وهي عملية تحديد المشكلة العلمية التي تتطلب حلا علميا لها, من عدة فرضيات علمية, بواسطة الدراسة والبحث والتحليل لاكتشاف الحقيقة أو الحقائق العلمية المختلفة المتعلقة بالمشكلة محل البحث, وتفسيرها واستغلالها في حل ومعالجة القضية المطروحة للبحث العلمي.
ـ الإحساس بالمشكلة:
الإحساس بالمشكلة يعتبر نقطة البداية في أي مجهود للبحث العلمي, فهي تتطلب ( المشكلة ) إجابات شافية على تساؤلات الفرد واستفساراته.
وتعتبر هذه المرحلة من أولى مراحل إعداد البحث العلمي والأكثر صعوبة ودقة, نظرا لتعدد واختلاف عوامل ومقاييس الاختيار, حيث توجد عوامل ومعايير مقاييس ذاتية نفسية وعقلية واجتماعية واقتصادية, ومهنية تتحكم في عملية اختيار الموضوع.

أ ـ العوامل الذاتية:
ـ الاستعداد والرغبة النفسية الذاتية: يحقق عملية الارتباط النفسي بين الباحث وموضوعه. وينتج عن ذلك المثابرة والصبر والمعاناة والتحمس المعقول والتضحية الكاملة للبحث.
ـ القدرات: العقلية, سعة الاطلاع, التفكير والتأمل, الصفات الأخلاقية مثل هدوء الأعصاب وقوة الملاحظة وشدة الصبر والموضوعية والنزاهة والابتكار إلى غير ذلك من الصفات والقدرات.
ـ نوعية التخصص العلمي: يختار الباحث موضوع بحثه في نطاق تخصصه العلمي, بوجه عام أو في أحد فروع تخصصه, فهو عامل أساسي في اختيار الموضوع.
ـ طبيعة موقف الباحث: فيختار الباحث موضوع بحثه بما يتناسب مع مركزه العلمي والاجتماعي والسياسي, وما إليها من الاعتبارات تسهيلا على الباحث في عملية البحث في نطاق الوظيفة الممارسة.
ـ الظروف الاجتماعية والاقتصادية:
ب ـ العوامل الموضوعية:
1 ـ القيمة العلمية للموضوع: يجب أن يكون الموضوع ذو قيمة علمية نظرية وعملية حية ومفيدة في كافة مجالات الحياة العامة والخاصة, مثل حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية القائمة.
2 ـ أهداف سياسة البحث العلمي المعتمدة: وذلك نظرا لارتباط البحث العلمي بالحياة العامة الوطنية والدولية, ونظرا لارتباط وتفاعل التكوين والبحث العلمي بالحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الدولة. وذلك دون التضحية بقيم حرية الفكر والحياة العلمية, وبدون التضحية بقيم التفتح على عالم الخلق والإبداع الإنسانيين.
3 ـ مكانة البحث بين أنواع البحوث العلمية الأخرى: فقد يكون البحث مذكرة الليسانس أو الماجستير وقد يكون في صورة دراسة خبرة مقدمة لمكاتب الدراسات ومخابر الأبحاث.
فنوعية البحث تتحكم في تحديد الموضوع الصالح للبحث.
4 ـ مدى توفر الوثائق والمراجع: حيث توجد الموضوعات النادرة المصادر والوثائق العلمية, وهناك الموضوعات التي تقل فيها الوثائق العلمية المتعلقة بحقائقها, كما توجد الموضوعات الغنية بالوثائق والمصادر العلمية الأصلية. وهو عامل أساسي جوهري في تحديد واختيار الموضوع.
والوثائق العلمية هي جميع المصادر والمراجع الأولية والثانوية التي تحتوي على جميع المواد والمعلومات والمعارف المكونة للموضوع, والتي تشكل في مجموعها طاقة للإنتاج الفكري والعقلي في ميدان البحث العلمي, وهذه الوثائق قد تكون مخطوطة أو مطبوعة أو مسموعة أو مرئية.
ـ القواعد الأساسية في تحديد المشكلة:
1 ـ وضوح موضوع البحث:
أن يكون موضوع البحث محددا, وغير غامض أو عام, حتى لا يصعب على الباحث التعرف على جوانبه المختلفة فيما بعد, فقد يدو له الموضوع سهلا للوهلة الأولى ثم إذا دقق فيه ظهرت له صعوبات جمة قد لا يستطيع تجاوزها, أو قد يكتشف أن هناك من سبقه إلى دراسة المشكلة ذاتها, أو أن المعلومات التي جمعها مشتتة وضعيفة الصلة بالمشكلة. وهذا كله نتيجة عدم وضوح الموضوع في ذهن الباحث وتصوره.
2 ـ تحديد المشكلة: وهي أن تصاغ مشكلة البحث صياغة واضحة, بحيث تعبر عما يدور في ذهن الباحث وتبين الأمر الذي يرغب في إيجاد حل له, ولا يتم صياغة المشكلة بوضوح إلا إذا استطاعت تحديد العلاقة بين عاملين متغيرين أو أكثر, ومن ثم تصاغ بشكل سؤال يتطلب إجابة محددة.
3 ـ وضوح المصطلحات: يحذر المتخصصون من إمكانية وقوع البحث في متاعب وصعوبات نتيجة إهمال الباحث, وعدم دقته في تحديد المصطلحات المستخدمة.
والاصطلاح هو ذلك المفهوم العلمي أو الوسيلة الرمزية التي يستخدمها الإنسان في التعبير عن أفكاره ومعانيه, من أجل توصيلها للآخرين, فهي إذن التعريفات المحددة والواضحة للمفاهيم الإنسانية, ذات الصفات المجردة التي تشترك فيها الظواهر والحوادث والوقائع دون تعيين حادثة أو ظاهرة معينة.
وتحديد المشكلة أو الإشكالية ليس أمرا سهلا كما يتصور البعض, حيث أنه يتطلب من الباحث دراسة جميع نواحي المشكلة, ثم تعريفها تعريفا واضحا, والتثبت من أهميتها العلمية حتى تكون جديرة بالدراسة, فيقوم الباحث بقراءة مبدئية عنها ويستنير بآراء المختصين في ذلك المجال.
ويذهب بعض الباحثين إلى القول بأن أفضل طريقة لتحديد الإشكالية هي وضعها في شكل سؤال يبين العلاقة بين متغيرين. ويمكن للباحث أن يحدد الإشكالية دون وضعها على شكل سؤال([29]).
ـ صياغة الفرضيات:بعد أن يحدد الباحث المشكلة، ينتقل إلى مرحلة الفرضيات المتعلقة بموضوع البحث, ولا يعني هذا أن الفرضيات تأتي في مرحلة فكرية متأخرة عن مرحلة الإشكالية, وما الفرضيات إلا إجابات مبدئية للسؤال الأساسي, الذي يدور حوله موضوع البحث.
ويعتبر الافتراض مبدئيا, لأن موضوع البحث لا يكون في صورته الأخيرة الواضحة, وتأخذ الافتراضات بالتبلور والوضوح, كلما اتضحت صورة البحث.
فالافتراضات ما هي إلا تخمينات أو توقعات أو استنتاجات, يتبناها الباحث مؤقتا كحلول لمشكلة البحث, فهي تعمل كدليل ومرشد له, ويرى بعض الكتاب أن الفرض ما هو إلا عبارة مجردة, لا تحمل صفة الصدق أو الكذب, بل هي نقطة انطلاق للوصول إلى نتيجة يستطيع عندها الباحث من قبول الفرض أو رفضه.
وقد وجد الباحثون والمختصون أن الافتراضات الجيدة تتميز بالصفات التالية:
ـ أن يكون الفرض موجزا مفيدا وواضحا يسهل فهمه.
ـ أن يكون الفرض مبنيا على الحقائق الحسية والنظرية والذهنية لتفسير جميع جوانب المشكلة.
ـ أن يكون الفرض قابلا للاختبار والتحقيق.
ـ أن لا يكون متناقضا مع الفروض الأخرى للمشكلة الواحدة, أو متناقضا مع النظريات والمفاهيم العلمية الثابتة.
ـ تغطية الفرض لجميع احتمالات المشكلة وتوقعاتها, وذلك باعتماد مبدأ الفروض المتعددة لمشكلة البحث.






المرحلة الثانية: مرحلة البحث عن الوثائق:
يتعين على الباحث الحصول على بيانات بحثه من خلال المصادر والمراجع([30]) الموجودة بالمكتبات, وتسمى هذه العملية عملية التوثيق أو البيبليوغرافيا, وتعتبر من أهم العمليات اللازمة للقيام بأي بحث, وذلك بنقل المعلومات أو الاستشهاد ببعض الفقرات أو تعزيز وجهة النظر الخاصة بالباحث.
وتنقسم الوثائق إلى قسمين:
أ ـ الوثائق الأصلية الأولية والمباشرة: ( المصادر ).
وهي تلك الوثائق التي تتضمن الحقائق والمعلومات الأصلية المتعلقة بالموضوع, وبدون استعمال وثائق ومصادر وسيطة في نقل هذه المعلومات, وهي التي يجوز أن نطلق عليها اصطلاح " المصادر".
وأنواع الوثائق الأولية والأصلية العلمية في ميدان العلوم القانونية والإدارية هي:
1 ـ المواثيق القانونية العامة والخاصة, الوطنية والدولية.
2 ـ محاضر ومقررات وتوصيات هيئات المؤسسات العامة الأساسية مثل المؤسسة السياسية, التشريعية والتنفيذية.
3 ـ التشريعات والقوانين والنصوص التنظيمية المختلفة.
4 ـ العقود والاتفاقيات والمعاهدات المبرمة والمصادق عليها رسميا.
5 ـ الشهادات والمراسلات الرسمية.
6 ـ الأحكام والمبادئ والاجتهادات القضائية.
7 ـ الإحصائيات الرسمية.
ب ـ الوثائق غير الأصلية وغير المباشرة: ( المراجع ).
وهي المراجع العلمية التي تستمد قوتها من مصادر ووثائق أصلية ومباشرة, أي أنها الوثائق والمراجع التي نقلت الحقائق والمعلومات عن الموضوع محل البحث, أو عن بعض جوانبه من مصادر ووثائق أخرى, وهي التي يجـوز أن نطلق عليها لفظ "المراجع".
ومن أمثلتها:
1 ـ الكتب والمؤلفات القانونية الأكاديمية العامة والمتخصصة في موضوع من الموضوعات, مثل كتب القانون الدولي والعلاقات الدولية, القانون الإداري, الدستوري, العلوم السياسية, القانون المدني, التجاري....
2 ـ الدوريات والمقالات العلمية المتخصصة, وأحكام القضاء والنصوص القانونية مثل نشرية وزارة العدل والدوريات المتخصصة.
3 ـ الرسائل العلمية الأكاديمية المتخصصة, ومجموع البحوث والدراسات العلمية والجامعية التي تقدم من أجل الحصول على درجات علمية أكاديمية.
4 ـ الموسوعات ودوائر المعارف والقواميس.
المرحلة الثالثة: مرحلة القراءة والتفكير:
هي عمليات الاطلاع والفهم لكافة الأفكار والحقائق, التي تتصل بالموضوع, وتأمل هذه المعلومات والأفكار تأملا عقليا فكريا, حتى يتولد في ذهن الباحث النظام التحليلي للموضوع.
تجعل الباحث مسيطرا على الموضوع, مستوعبا لكل أسراره وحقائقه, متعمقا في فهمه, قادرا على استنتاج الفرضيات والأفكار والنظريات منها.
أهداف مرحلة القراءة والتفكير:
1 ـ التعمق في التخصص وفهم الموضوع, والسيطرة على جل جوانبه.
2 ـ اكتساب نظام التحليل قوي ومتخصص, أي اكتساب ذخيرة كبيرة من المعلومات والحقائق تؤدي في الأخير إلى التأمل والتحليل.
3 ـ اكتساب الأسلوب العلمي القوي.
4 ـ القدرة على إعداد خطة الموضوع.
5 ـ الثروة اللغوية الفنية والمتخصصة.
6 ـ الشجاعة الأدبية لدى الباحث.
شروط وقواعد القراءة:
1 ـ أن تكون واسعة شاملة لجميع الوثائق والمصادر والمراجع المتعلقة بالموضوع.
2 ـ الذكاء والقدرة على تقييم الوثائق والمصادر.
3 ـ الانتباه والتركيز أثناء عملية القراءة.
4 ـ يجب أن تكون مرتبة ومنظمة لا ارتجالية وعشوائية.
5 ـ يجب احترام القواعد الصحية والنفسية أثناء عملية القراءة.
6 ـ اختيار الأوقات المناسبة للقراءة.
7 ـ اختيار الأماكن الصحية والمريحة.
8 ـ ترك فترات للتأمل والتفكير ما بين القراءات المختلفة.
9 ـ الابتعاد عن عملية القراءة خلال فترات الأزمات النفسية والاجتماعية والصحية.
أنـواع القـراءة:
1 ـ القراءة السريعة الكاشفة:
وهي القراءة السريعة الخاطفة التي تتحقق عن طريق الاطلاع عن الفهارس ورؤوس الموضوعات في قوائم المصادر والمراجع المختلفة, كما تشمل الاطلاع على مقدمات وبعض فصول وعنوانين المصادر والمراجع.
كما تستهدف تدعيم قائمة المصادر والمراجع المجمعة بوثائق جديدة, وكذا معرفة سعة وآفاق الموضوع وجوانبه المختلفة, وتكشف القيم والجديد والمتخصص والخاص من الوثائق والعام.
2 ـ القراءة العادية:
وهي القراءة التي تتركز حول الموضوعات التي تم اكتشافها بواسطة القراءة السريعة, يقوم بها الباحث بهدوء وتؤدة, وفقا لشروط القراءة السابقة الذكر, واستخلاص النتائج وتدوينها في بطاقات.
3 ـ القراءة العميقة والمركزة:
وهي التي تتركز حول بعض الوثائق دون البعض الآخر, لما لها من أهمية في الموضع وصلة مباشرة به, الأمر الذي يتطلب التركيز في القراءة والتكرار والتمعن والدقة والتأمل, وتتطلب صرامة والتزاما أكثر من غيرها من أنواع القراءات.
وتختلف أهداف القراءة المركزة عنها في القراءة العادية, حيث يعنى الباحث في التعرف على إطار المشكلة ذاتها, والآراء الفكرية التي تناولتها, والفروض التي تبناها الباحثون, والمناهج العلمية التي استخدموها, وذلك بهدف الاسترشاد والتوضيح في تقرير مسيرة دراسته, من حيث المعلومات التي يحتاجها.

المرحلة الرابعة: مرحلة تقسيم وتبويب الموضوع:

وهي عملية جوهرية وحيوية للباحث في إعداد بحثه, وتتضمن تقسيمات الموضوع الأساسية والكلية والفرعية والجزئية والخاصة, على أسس ومعايير علمية ومنهجية واضحة ودقيقة.
فيجب أن تخضع عملية التقسيم إلى أساس سليم وفكرة منظمة ورابطة خاصة, كالترتيب الزمني أو الأهمية....
وتقسيم الموضوع يعني تحديد الفكرة الأساسية والكلية للموضوع, تحديدا جامعا مانعا وواضحا, وإعطائها عنوانا رئيسا, ثم تحديد مدخل الموضوع في صورة مقدمة البحث, والقيام بتفتيت و تقسيم الفكرة الأساسية إلى أفكار فرعية وجزئية خاصة. بحيث يشكل التقسيم هيكلة وبناء البحث, ثم القيام بإعطاء العنوانين الفرعية والجزئية.
(( الأجزاء, الأقسام, الأبواب, الفصول, الفروع , المباحث , المطالب. ثم: أولا، ثانيا, ثالثا....ثم أ ب ج...ثم 1 , 2 , 3 .....)).
شروط التقسيم والتبويب:
هناك مجموعة من الشروط والقواعد يجب إتباعها لتقسيم البحث بصورة سليمة وناجحة, ومن هذه الشروط والقواعد والإرشادات:
1 ـ التعمق والشمول في تأمل كافة جوانب وأجزاء وفروع ونقاط الموضوع بصورة جيدة.
2 ـ الاعتماد الكلي على المنطق والموضوعية والمنهجية في التقسيم والتبويب.
3 ـ احترام مبدأ مرونة خطة وتقسيم البحث.
4 ـ يجب أن يكون تحليليا وحيا ودالا, وليس تجميعا لموضوعات وعناوين فارغة.
5 ـ تحاشي التكرار والتداخل والاختلاط بين محتويات العناصر والموضوعات والعناوين الأساسية والفرعية والعامة والخاصة.
6 ـ ضرورة تحقيق التقابل والتوازن بين التقسيمات الأساسية والفرعية أفقيا وعموديا, كأن يتساوى ويتوازن عدد أبواب الأقسام والأجزاء, وكذا عدد فصول الأبواب وعدد فروع الفصول وهلم جرا.

المرحلة الخامسة: مرحلة جمع وتخزين المعلومات:

يسرت التطورات التقنية المتسارعة والمتلاحقة, عملية جمع المعلومات البحثية, خاصة بعد الفترة التي أطلق عليها " الثورة المعلوماتية " في العقدين الأخيرين, والتي تبلورت معالمها في سهولة نقل المعلومات وتدفقها عبر وسائل الاتصالات.
وتعتبر المعلومات المجمعة ركيزة الباحث الأساسية, كمقومات محورية للبحث, وكلما جمع الباحث أكبر عدد من المعلومات وبنوعية حديثة وممتازة, كلما أدى ذلك إلى تمكنه من تغطية متطلبات بحثه بكل فروعه ونقاطه. خاصة إذا اعتمدت المعلومات المجمعة على قواعد بيانات تتصف بالشفافية والمصداقية والتسلسل والمنطقية.
وتعكس المعلومات المجمعة مدى إلمام الباحث بما كتب ونشر حول موضوعه, والوقوف على مختلف الآراء والأفكار, خاصة إذا تمكن الباحث من جمع معلومات بلغات أجنبية حية, وتمكن من ترجمتها بدقة وموضوعية.
أهم مصادر المعلومات:
وأهم مصادر المعلومات في عصرنا هذا:
ـ شبكة المعلومات الالكترونية ( الانترنت ).
ـ الدوريات المتخصصة.
ـ المؤتمرات العلمية والندوات.
ـ الرسائل العلمية ( الماجستير والدكتوراه ).
ـ الكتب العلمية المتخصصة.
ـ الموسوعات والقواميس ودوائر المعارف وأمهات الكتب.
ـ كتب التراث والمخطوطات.
تصفية المعلومات:
وسرعان ما يجد الباحث نفسه يغوص في بحر من المعلومات والبحوث والمؤتمرات والرسائل الجامعية, فماذا يفعل؟
الخطوة الأولى والأساسية تتمثل في تنقية وغربلة المعلومات التي حصل عليها, وذلك بواسطة الطرق التالية:
ـ إعطاء الأولوية للمصادر الأصلية المباشرة وتقديمها على غيرها من المراجع الثانوية وغير المباشرة, والتي تعتمد أساسا على المصادر.
ـ التركيز على المصادر والمراجع الأكثر حداثة: سواء في احصاءاتها وأرقامها, أو توثيقها أو صياغة نظرياتها.
ـ حذف واستبعاد المراجع أو المعلومات المكررة الركيكة: والضعيفة والمنقولة عن مصادر متوفرة, حرصا على دقة وقوة ومصداقية المعلومات, واحتياطا لتوثيقها باعتمادها على أمهات الكتب والمصادر.
ـ البعد عن المعلومات غير العلمية: والمستندة إلى تعصب أو تحيز لفكر معين أو مذهب معين, أو قائمة على العاطفة والحماس بعيدا عن الموضوعية المجردة.
ـ استبعاد المعلومات التي تتعارض مع الحقائق العلمية: تخلصا وبعدا عن بلبلة الأفكار والتكهنات, وكل الأمور التي تغاير الدراسات العلمية.
ـ الحرص على استبعاد المعلومات التي لا تتعلق وبصفة مباشرة بموضوع البحث: تلافيا للتشعب والتوسع, وتجنب الاستطراد, وتوفير الوقت والجهد.
ـ تركيز الباحث على مصادر المعلومات الدولية الأكثر والأدق توثيقا ومصداقية ما أمكن ذلك, مثل مصادر ونشرات الأمم المتحدة, مع الأخذ بعين الاعتبار أن المص در الدولية يحشد لها أفضل العلماء وأكثرهم تخصصا.
أساليب تخزين المعلومات:
أما بالنسبة لجمع وتخزين المعلومات, فهناك أسلوبان أساسيان هما:
1 ـ أسلوب البطاقات:
ويعتمد على إعداد بطاقات صغيرة الحجم أو متوسطة, ثم ترتب على حسب أجزاء وأقسام وعناوين البحث, ويشترط أن تكون متساوية الحجم, مجهزة للكتابة فيها على وجه واحد فقط, وتوضع البطاقات المتجانسة من حيث عنوانها الرئيس في ظرف واحد خاص.
ويجب أن تكتب في البطاقة كافة المعلومات المتعلقة بالوثيقة أو المصدر أو المرجع الذي نقلت منه المعلومات, مثل اسم المؤلف, العنوان, بلد ودار الإصدار والنشر, رقم الطبعة, تاريخها, ورقم الصفحة أو الصفحات.
2 ـ أسلوب الملفات:
يتكون الملف من علاف سميك ومعد لاحتواء أوراق مثقوبة متحركة, يقوم الباحث بتقسيم الملف أو الملفات على حسب خطة تقسيم البحث المعتمدة, مع ترك فراغات لاحتمالات الإضافة وتسجيل معلومات مستجدة, أو احتمالات التغيير والتعديل.
ويتميز أسلوب الملفات بمجموعة من الميزات منها:
ـ السيطرة الكاملة على معلومات الموضوع من حيث الحيز.
ـ ضمان حفظ المعلومات المدونة وعدم تعرضها للضياع.
ـ المرونة, حيث يسهل على الباحث أن يعدل أو يغير أو يضيف في المعلومات.
ـ سهولة المراجعة والمتابعة من طرف الباحث, لما تم جمعه من المعلومات.
هذان هما الأسلوبان الأساسيان في الجمع والتخزين, ويوجد أسلوب التصوير كأسلوب استثنائي جدا, حيث ينحصر استعماله في الوثائق التي تتضمن معلومات قيمة وهامة جدا.
قواعد تسجيل المعلومات:
1 ـ حتمية الدقة والتعمق في فهم محتويات الوثائق, والحرص واليقظة في التقاط وتسجيل الأفكار والمعلومات.
2 ـ انتقاء ما هو جوهري وهام ومرتبط بموضوع البحث, ويترك ما كان حشوا .
3 ـ يجب احترام منطق تصنيف وترتيب البطاقات أو الملفات المستخدمة في جمع وتخزين المعلومات.
4 ـ احترام التسلسل المنطقي بين المعلومات والحقائق والأفكار.
هذه مرحلة الجمع والتخزين وتليها مرحلة التحرير والصياغة.






المرحلة السادسة مرحلة الكتابة:

بعد مراحل اختيار الموضوع, جمع الوثائق والمصادر والمراجع, القراءة والتفكير والتأمل في تقسيم البحث ومرحلة جمع وتخزين المعلومات, تأتي المرحلة الأخيرة والنهائية وهي مرحلة صياغة وكتابة البحث في صورته النهائية.
وتتجسد عملية كتابة البحث العلمي في صياغة وتحرير نتائج الدراسة, وذلك وفقا لقواعد وأساليب منهجية علمية ومنطقية دقيقة, وإخراجه وإعلامه بصورة واضحة وجيدة للقارئ, بهدف إقناعه بمضمون البحث العلمي المعد.
فعميلة الكتابة تتضمن أهدافا معينة ومحددة, وتتكون من مجموعة من المقدمات والدعائم يجب على الباحث احترامها والالتزام بها أثناء مرحلة الكتابة, ولبيان ذلك يجب التطرق إلى نقطتين أساسيتين هما:
1 ـ أهداف كتابة البحث العلمي:
أ ـ إعلان وإعلام نتائج البحث: إن الهدف الأساس والجوهري من عملية الكتابة هو إعلام القارئ بطريقة علمية منهجية ودقيقة عن مجهودات وكيفيات إعداد البحث وإنجازه, وإعلان النتائج العلمية التي توصل إليها الباحث.
فكتابة البحث العلمي لا تستهدف التشويق أو المتعة الأدبية أو الجمالية والأخلاقية كما تفعل الروايات والقصص والمسرحيات مثلا, بل تستهدف تحقيق عملية إعلام القارئ بمجهدات البحث وإعلان النتائج.
ب ـ عرض وإعلان أفكار الباحث وآرائه: مدعمة بالأسانيد والحجج المنطقية, وذلك بصورة منهجية ودقيقة وواضحة, لإبراز شخصية الباحث وإبداعه العلمي الجديد في الموضوع محل الدراسة.
ج ـ اكتشاف النظريات والقوانين العلمية: وذلك عن طريق الملاحظة العلمية ووضع الفرضيات العلمية المختلفة, ودراستها وتحليلها وتقييمها, بهدف استخراج نظريات جديدة, أو قوانين علمية حول موضوع الدراسة وإعلانها.
2 ـ مقومات كتابة البحث العلمي:
من أهم مقومات كتابة البحث العلمي:
أ ـ تحديد واعتماد منهج البحث ( أو مناهج البحث ) وتطبيقه في الدراسة: مقوم جوهري وحيوي في كتابة البحث, حيث يسير الباحث ويتنقل بطريقة علمية منهجية, في ترتيب وتحليل وتركيب وتفسير الأفكار والحقائق, حتى يصل إلى النتائج العلمية لبحثه بطريقة مضمونة.
يؤدي تطبيق المنهج بدقة وصرامة إلى إضفاء الدقة والوضوح والعلمية والموضوعية على عملية الصياغة والتحرير, ويوفر ضمانات السير المتناسق والمنظم لها.
ب ـ الأسلوب العلمي والمنهجي الجيد:
الأسلوب في البحث العلمي يتضمن العديد من العناصر والخصائص حتى يكون أسلوبا علميا مفيدا ودالا, مثل:
ـ سلامة اللغة, وفنيتها وسلامتها ووضوحها.
ـ الإيجاز والتركيز الدال والمفيد.
ـ عدم التكرار.
ـ القدرة على تنظيم المعلومات والأفكار, وعرضها بطريقة منطقية.
ـ الدقة والوضوح والتحديد والبعد عن الغموض والإطناب والعمومية.
ـ تدعيم الأفكار بأكبر وأقوى الأدلة المناسبة.
ـ التماسك والتسلسل بين أجزاء وفروع وعناصر الموضوع.
ـ قوة وجودة الربط في عملية الانتقال من كلمة إلى أخرى ومن فقرة إلى أخرى.
هذه بعض عناصر وخصائص الأسلوب العلمي الجيد اللازم لصياغة البحوث العلمية وكتابتها.
ج ـ احترام قانون الاقتباس وقانون الإسناد والتوثيق: توجد مجموعة من الضوابط والقواعد المنهجية, يجب على الباحث العلمي احترامها والتقيد بها عند القيام بعملية الاقتباس:
ـ الدقة والفطنة في فهم القواعد والأحكام والفرضيات العلمية وآراء الغير المراد اقتباسها.
ـ عدم التسليم والاعتقاد بأن الأحكام والآراء التي يراد اقتباسها هي حجج ومسلمات مطلقة ونهائية, بل يجب اعتبارها دائما أنها مجرد فرضيات قابلة للتحليل والمناقشة والنقد.
ـ الدقة والجدية والموضوعية في اختيار ما يقتبس منه, وما يقتبس, يجب اختيار العينات الجديرة بالاقتباس في البحوث العلمية.
ـ تجنب الأخطاء والهفوات في عملية النقل والاقتباس.
ـ حسن الانسجام والتوافق بين المقتبس وبين ما يتصل به, وتحاشي التنافر والتعارض وعدم الانسجام بين العينات المقتبسة وسياق الموضوع,
ـ عدم المبالغة والتطويل في الاقتباس, والحد الأقصى المتفق هو ألا يتجاوز الاقتباس الحرفي المباشر على ستة أسطر.
ـ عدم ذوبان شخصية الباحث العلمية بين ثنايا الاقتباسات, بل لابد من تأكيد وجود شخصية الباحث أثناء عملية الاقتباس, عن طريق دقة وحسن الاقتباس, والتقديم والتعليق والنقد والتقييم للعينات المقتبسة.

د ـ الأمانة العلمية:
تتجلى الأمانة العلمية لدى الباحث في عدم نسبة أفكار الغير وآرائهم إلى نفسه, وفي الاقتباس الجيد والإسناد لكل رأي أو فكرة أو معلومة إلى صاحبها الأصلي, وبيان مكان وجودها بدقة وعناية في المصادر والمراجع المعتمدة.
وعلى الباحث التقيد بأخلاقيات وقواعد الأمانة العلمية:
ـ الدقة الكاملة والعناية في فهم أفكار الآخرين ونقلها.
ـ الرجوع والاعتماد الدائم على الوثائق الأصلية.
ـ الاحترام الكامل والالتزام التام بقواعد الإسناد والاقتباس وتوثيق الهوامش السالفة الذكر.
ـ الاعتداد بالشخصية واحترام الذات والمكانة العلمية من طرف الباحث.
وكلما تقيد بقواعد الأمانة العلمية, كلما ازدادت شخصيته العلمية قوة وأصالة.
هـ ـ ظهور شخصية الباحث:
ويتجلى ذلك من خلال إبراز آرائه الخاصة وأحكامه الشخصية على الوقائع والأحداث, وعدم الاعتماد الكلي على آراء غيره من الباحثين, ونقلها دون تمحيص أو دراسة, كما تتضح لنا من خلال تعليقاته, وتحليلاته الأصيلة, مما يضفي على عمله نوعا من التميز والخصوصية والأصالة.
و ـ التجديد والابتكار في موضوع البحث:
إن المطلوب دائما من البحوث العلمية أن تنتج وتقدم الجديد, في النتائج والحقائق العلمية, المبينة على أدلة وأسس علمية حقيقية, وذلك في صورة فرضيات ونظريات وقوانين علمية.
وتتحقق عملية التجديد والابتكار في البحث العلمي عن طريق العوامل التالية:
ـ اكتشاف معلومات وحقائق جديدة, متعلقة بموضوع البحث, لم تكن موجودة من قبل, وتحليلها وتركيبها وتفسيرها, وإعلامها في صورة فرضية علمية, أو في صورة نظرية علمية أو قانون علمي.
ـ اكتشاف معلومات وأسباب وحقائق جديدة إضافية عن الموضوع محل الدراسة والبحث, تضاف إلى المعلومات والحقائق القديمة المتعلقة بذات الموضوع.
ـ اكتشاف أدلة وفرضيات علمية جديدة, بالإضافة على الفرضيات القديمة.
ـ إعادة وترتيب وتنظيم وصياغة الموضوع محل الدراسة والبحث, ترتيبا وصياغة جديدة وحديثة, بصورة تعطي للموضوع قوة وتوضيحا وعصرنة أكثر مما كان عليه من قبل.
ثبت وتوثيق المصادر والهوامش:
تقاس مدى مصداقية وجدية البحث أساسا بمقدار عدد وتنوع المصادر والمراجع التي استند إليها الباحث, واستفاد منها بالفعل كما ونوعا, والأهم حداثة وتطور هذه المصادر.
وما دامت البحوث العلمية هي مجموعة من معلومات مستقاة من مختلف الوثائق والمصادر والمراجع بالدرجة الأولى, وليست مثل المقالات العلمية والأدبية التي تعبر عن الآراء الشخصية لكاتبيها, فإنه لابد من استخدام قواعد الإسناد وتوثيق الوثائق في الهوامش, طبقا لقواعد وأساليب المنهجية الحديثة.
فيجب على الباحث عندما يقتبس معلومات من وثائق مختلفة أن يضع في نهاية الاقتباس رقما في نهاية الصفحة, ثم يعطي في الهامش كافة المعلومات المتعلقة بهذه الوثائق, مثل: اسم المؤلف, عنوان الوثيقة, بلد ومدينة الطبع والنشر, رقم الطبعة, تاريخها, رقم الصفحة التي توجد فيها المعلومات المقتبسة.
ونظرا لأهمية الموضوع وصعوبته سنعالجه ببعض من التفصيل, ونتناوله في ثلاثة نقاط رئيسة:
أولا: الهـامش:
الهامش هو ما يخرج عن النص من إحالات وتعاليق وشروح, ويعتبر الهامش بمتضمناته من أهم أجزاء البحث, بل جوهره خاصة وأنه يكتب فيه ما يلي:
1 ـ ثبت المصادر والمراجع: وفق ترقيمها وتعددها وتنوعها, كما هو متعارف عليه عند الباحثين.
2 ـ إيضاح تفسير كما يرى الباحث: سواء لمعلومة غامضة, أو لكونها غير مألوفة, أو مصطلح علمي, وهنا لا يشترط وضع رقم فوق أو بجانب أي إيضاح أو تفسير, فيكتفى بعلامة (*) في المتن, يقابلها الثبت في الهامش لنفس الإشارة. والهدف دعم ما كتب في المتن حول هذه الجزئية.
3 ـ التراجم: والتي يركز عليها كثير من الباحثين, اعترافا بفضل أو التذكير بسيرة علم أو رائد أو قدوة, أو لإيضاح تطور فكر وكيف تبلور ومن أسهم فيه, وذكر التراجم تدلل على اتساع أفق الباحث وزيادة اطلاعه ودعم توثيق بحثه, وتجسيد أمانته العلمية ورد الفضل لأهله, وإبراز الرواد من الفكر الإنساني.
ثانيا: كيفية الإسناد وتوثيق الهوامش:
1 ـ الإسناد وتوثيق الهوامش في حالة الاقتباس من المؤلفات والكتب العامة:
ـ ينقل الباحث عبارات بالنص من المصادر, وهذه يضعها بين قوسين, ويضع بعد الانتهاء منها رقم مرجع ليوثق المصدر في الهامش, ويتم ترقيم المصادر في متن البحث لتوثق في الهامش أمام نفس الرقم. ويتخذ الترقيم عدة أشكال, الشائع والعام منها هو وضع ترقيم للمصادر لكل صفحة على حدة وباستقلالية, ويلجأ بعض الباحثين لترقيم مصادر كل فصل باستقلالية, بحيث يبدأ الباحث مصادر فصله من رقم (1) ويستمر لنهاية الفصل وفق عدد المصادر, فقد يصل الرقم إلى 35 أو 45 وهكذا, على أن يثبت أو يوثق مصادره أسفل الصفحة للأرقام التي وردت في نفس الصفحة, ويرى بعض الباحثين ذكر التوثيق وثبت المراجع مسلسلة وفق أرقامها في نهاية الفصل, تلافيا للتداخل بين المصادر.
ويرى بعض الباحثين ترقيم مصادر البحث وفق تسلسل مستمر من أول البحث إلى آخره, على أن تثبت المصادر لكل رقم ما يقابله في نفس الصفحة, وإن كان البعض يرى أن الأدق والأفضل ثبت المصادر كلها مسلسلة في نهاية البحث.
والتباين السابق في كيفية الترقيم تصح في كل الأحوال وفق رؤى الباحث وطبيعة البحث ولا يعتبر من الأخطاء المنهجية.
فلابد من ذكر المعلومات المتعلقة بالكتاب أو المؤلف العام, الذي نقلت منه أو اقتبست منه المعلومات:
ـ اسم الكاتب ـ عنوان الكتاب ـ بلد ومدينة الطبع والنشر ـ رقم الطبعة ـ تاريخ الطبعة ـ رقم الصفحة أو الصفحات, مثال ذلك:
يوسف نجم جبران, دراسات في القانون، لبنان, بيروت, دار الثقافة, الطبعة الأولى, 1962, ص 7 وما بعدها.
وفي حالة استخدام ذات المرجع ولنفس المؤلف, فإنه يكتفى بذكر المرجع على النحو التالي:
يوسف نجم جبران, المرجع السابق, ص 20.
2 ـ الإسناد والتوثيق في حالة الاقتباس من مقال منشور في مجلة دورية:
يذكر اسم الكاتب, عنوان المقال بين قوسين, المجلة وتحتها خط, اسم الهيئة التي تصدرها, بلد ومدينة الطبع والنشر, السنة ورقم العدد, تاريخ ورقم الصفحة أو الصفحات. مثال ذلك:
ـ الدكتور عمار عوابدي, (( عملية اتخاذ القرارات الإدارية بين علم الإدارة العامة والقانون الإداري )), المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والإدارية, العدد 2, جوان 1985, ص 454 وما بعدها.
3 ـ الإسناد والتوثيق من أبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراه غير المنشورة: وتكون كالتالي:
اسم الباحث، عنوان البحث أو الرسالة ويوضع تحته خط, بيان صورة البحث من حيث هو, هل هو رسالة ماجستير أو دكتوراه, ثم ذكر اسم الجامعة أو الكلية أو المعهد التي تم فيها إعداد ومناقشة البحث, تاريخ المناقشة, رقم الصفحة أو الصفحات.
4 ـ في حالة الاقتباس من الوثائق الرسمية:
ذكر اسم وجنس وفصل ونوعية الوثيقة القانونية الرسمية, من حيث هي, هل هي نص من الميثاق الوطني, أو الدستور, أو القانون, أم هي حكم قضائي أو عقد أو قرار إداري.
ذكر رقم المادة أو الفقرة.
ثم بيان الوثيقة العامة التي احتوت النصوص مثل المجموعة أو الجريدة الرسمية, وفي حالة الجريدة الرسمية, لا بد من ذكر السنة, ورقم العدد, تاريخ الصدور, رقم الصفحة أو الصفحات.
أما في حالة الحكم القضائي, فإنه يجب ذكر المعلومات التالية: لفظ الحكم, اسم ودرجة المحكمة أو الجهة التي أصدرته, تاريخ الصدور, رقم الملف أو القضية التي صدر بشأنها.
5 ـ في حالة الاقتباس من مطبوعات:
اسم الكتاب ـ عنوان المطبوعة ـ الجهة التي صدرت فيها ـ السنة الجامعية أو تاريخ الطبع ـ رقم الصفحة أو الصفحات.
هذه بعض المعلومات والحقائق المتعلقة بقواعد الإسناد وتوثيق المعلومات, كمقوم من مقومات كتابة وصياغة البحث العلمي.
ثالثا: ثبت المصادر والمراجع:
هل هناك نمط موحد وعالمي لثبت المصادر والمراجع؟ هل يجب توثيق أي مصدر أو مرجع استند إليه الباحث؟ كيف يكون التوثيق في حالة تعدد المؤلفين وتعدد المصادر؟ وهل يتم ثبت وتوثيق مصدر أو مرجع بدون مؤلف أو باحث؟ وهل يختلف ثبت المراجع وفق تنوعها من كتب ودوريات ومؤتمرات وانترنت؟
ـ ثبت مصدر لمؤلف واحد في الهامش أمام الرقم الخاص به, والذي ذكر في المتن كتوثيق للمعلومات, ويكون بكتابة اسم المؤلف كما هو مكتوب على غلاف المصدر, ثم يكتب شرطة ( ـ ) وبعدها يكتب عنوان البحث أو الرسالة أو الكتاب كما هو مكتوب في المصدر, ثم فاصلة (,) وبعدها يكتب اسم الناشر ثم فاصلة (,) ثم بلد النشر ثم فاصلة (,)ويكتب بعدها سنة أو تاريخ النشر ثم فاصلة (,) ثم يذكر رقم الصفحة أو الصفحات التي أخذ منها ثم يكتب نقطة. مثل:
(1) عبد الكريم صادق بركات ـ اقتصاديات الدول العربية, دار الجامعات المصرية, الإسكندرية, 1986, ص 15.
ـ عند د عمار عوابدي: ـ اسم الكاتب ـ عنوان الكتاب ـ بلد ومدينة الطبع والنشر ـ رقم الطبعة ـ تاريخ الطبعة ـ رقم الصفحة أو الصفحات, مثال ذلك:
يوسف نجم جبران, دراسات في القانون، لبنان, بيروت, دار الثقافة, الطبعة الأولى, 1962, ص 7 وما بعدها.
ـ وعند د محمد كامل المغربي: الرقم ـ اللقب ـ اسم المؤلف ـ اسم العائلة ـ فاصلة ـ عنوان الكتاب ـ فاصلة ـ رقم الطبعة ـ مكان النشر ـ اسم الناشر ـ تاريخ النشر ـ اختصار لكلمة صفحة ـ رقم الصفحة أو الصفحات, مثاله:
(1) الدكتور كامل المغربي, المدخل لإدارة الأعمال, الطبعة الثانية, الرياض, مطبعة النصر, 1978, ص 25.

أجـــزاء البحث العلمي:
يتركب البحث العلمي من عدة أجزاء وأقسام تتكامل في مجموعها في هيكل بناء البحث العلمي المعد, وأجزاؤه هي:
1 ـ العنوان:
2 ـ المقدمة:
3 ـ جذع البحث:
4 ـ الخاتمة:
5 ـ ملاحق البحث:
6 ـ الفهرس:
1 ـ العنوان:
عنوان البحث العلمي, هو عنوان ودليل الموضوع أو المشكلة أو الفكرة محل الدراسة والبحث, ويشتمل ويدل على كافة عناصر وأجزاء ومقدمات وتفاصيل البحث, بصورة واضحة دقيقة شاملة ودالة.
يخضع اختيار العنوان لعدة ضوابط وأحكام موضوعية وشكلية ومنهجية, لعل أبرزها ما يلي:
ـ الدقة والوضوح: مع سهولة الفهم في إطار محدد, بعيدا عن العموميات والإبهام وقبو التأويل وأكثر من تفسير.
ـ الإيجاز بدون إخلال بعيدا عن الإطالة المملة: فلا يكون مختصرا جدا لا يوضح أبعاد الموضوع, ولا طويلا فضفاضا مملا, يحتمل كل التفسيرات والتفصيلات.
ـ أن يدل على المحتوى: فالاسم لابد أن يدل على المسمى, واختيار موضوع محدد في مسماه, لابد أن يعكس محتواه في إطار من التخصص الدقيق.
ـ الحداثة والتفرد وإثارة الاهتمام: لتميز الباحث عن غيره من الباحثين, ومن ثم يبتعد عن الأنماط التقليدية.
2 ـ المقــدمـة:
وهي الافتتاح العام والمدخل الرئيس والشامل والدال على آفاق موضوع البحث وجوانبه المختلفة, وتتضمن المحاور الأساسية للبحث بصورة مركزة وموجزة ومفيدة ودالة في ذات الوقت, حيث يقدم الباحث ملخصا لأفكاره واتجاه موضوع البحث من الناحية النظرية, ويحدد مشكلة البحث, وأهميتها, والأهداف التي يرمي إلى تحقيقها, كما يشير أيضا إلى مجالات البحث والفروض التي وضعها للاختبار, والمنهج العلمي الذي اتبعه في دراسته, والأدوات التي استخدمها وكيفية اختيارها, والصعوبات التي اعترضت طريق البحث, والخطوات الميدانية التي اتخذت في جمع البيانات أو تحقيقها.
وتتمثل وظيفتها الأساسية في تحضير وإعداد ذهنية القارئ لفهم موضوع البحث وقراءته, فهو يشكل فكرته ورأيه عن البحث بداية من تحليل المقدمة ومدى منهجيتها العلمية, وبالتالي توضح مدى اقتناع القارئ بالاستمرار أو التوقف في قراءة البحث.
ولهذا ينصح كثير من المشرفين بأن تكتب المقدمة بعد الانتهاء من كل أجزاء البحث, بما في ذلك الخاتمة, لأن هذا يتيح كافة الرؤى والآراء أمام الباحث, ليضفي عناية وأهمية على المقدمة.
ويشترط في المقدمة:
ـ الإيجاز ـ الدقـة ـ الوضوح ـ الدلالة على الموضوع.
تتكون المقدمة من العناصر التالية:
1 ـ أهمية ودواعي البحث: إبراز أهمية ودواعي البحث يمثل المدخل الرئيس لأي بحث, سواء لأسباب اختيار البحث ( الذاتية والموضوعية), أو تحديد مسار البحث, أو بلورة مشروع البحث, فلا بد من إبراز ذلك في المقدمة.
2 ـ الإشكالية والفرضيات: فأساس قيام البحث والهدف منه هو حل مشكلة محددة, يذكرها الباحث في المقدمة, ويضع منذ البداية الفرضيات التي اقترحها لحل هذه الإشكالية, بحيث يصل في نهاية بحثه إلى الإجابة عن استفسار أساسي: هل حلت مشكلة البحث؟ وهل تحقق إثبات فرضية البحث والبرهنة عليها؟
ـ خلفية عن الموضوع:
ـ هيكل الموضوع:
ـ المنهج أو المناهج المتبعة:
ـ الدراسات السابقة:
ـ أهداف البحث: يكون بذكر الأهداف التي يسعى إليها الباحث, وكذا أهمية النتائج التي قد يتوصل إليها البحث, وأهمية الأسئلة التي يجيب عنها البحث.



3 ـ المتن أو الجذع الرئيس للبحث:
وهو الجزء الأكبر والأهم والحيوي في البحث العلمي, لأنه يتضمن كافة الأقسام والأفكار والعناوين والحقائق الأساسية والفرعية التي يتكون منها موضوع البحث العلمي.
كما يشتمل على كافة مقومات صياغة وتحرير البحث من مناهج وطرق البحث، وأسلوب الكتابة والتحرير والصياغة, وقوانين الاقتباس, وقواعد الإسناد وقواعد توثيق الهوامش, والأمانة العلمية, والإبداع والابتكار, وشخصية الباحث.
كما يشتمل على كافة عمليات المناقشة والتحليل والتركيب لجوانب الموضوع.
4 ـ الخــاتمـة:
خاتمة البحث هي عرض موجز مركز وشامل لكافة المراحل والجهود والأعمال التي قام بها الباحث خلال مراحل عملية إعداد البحث, وهي حوصلة مختصرة للنتائج والحقائق التي توصل إليها من خلال بحثه.
كما تتضمن عرض لكافة العراقيل التي قامت أمام عملية إعداد البحث وكيفيات التغلب عليها.
الخاتمة إجابة مختصرة ومركزة ومفيدة على السؤال الذي يقول: كيف قام الباحث بإعداد بحثه وإنجازه؟ وما هي النتائج التي تم التوصل إليها؟
وذلك عكس المقدمة التي تشكل إجابة مختصرة ومركزة ومفيدة على السؤال الذي يقرر: لماذا وكيف يقوم الباحث بإعداد بحثه حول هذا الموضوع؟.
ويشترط في الخاتمة الجيدة ألا تتضمن جديدا لما تم القيام به والحصول عليه من نتائج علمية نهائية، وآراء واجتهادات في البحث.


5 ـ المــلاحق:
غالبا ما تحتوي البحوث العلمية على ملاحق أو ملحق يتضمن الوثائق الرسمية أو القانونية التي اعتمد عليها الباحث, واستغل مادتها في بحثه, أو تتضمن وثائق تاريخية, أو صور حية أو أدلة وعينات, فإذا تضمن البحث ملحقا فإنه يعتبر جزء من البحث.
6 ـ الفهــارس:
المقصود بفهرسة موضوعات وعناوين البحث العلمي, هو إقامة دليل ومرشد في نهاية البحث يبين أهم العناوين الأساسية والفرعية وفقا لتقسيمات خطة البحث, وأرقام الصفحات التي تحتويها, ليمكن الاسترشاد به بطريقة عملية سهلة ومنظمة.
ويحتوي فهرس العناوين والتقسيمات الأساسية والفرعية للبحث وأرقام صفحاتها, كما يوضح المثال الأتي:
عنوان الموضوع الصفحة
المقدمة.........................................
الباب الأول: العنوان............................
الفصل الأول: العنوان..........................
الفرع الأول: العنوان...........................
المبحث الأول: العنوان..........................
المطلب الأول: العنوان..........................
الباب الثاني: العنوان............................
الفصل الأول: العنوان...........................
الفرع الأول: العنوان............................
المبحث الأول: العنوان...........................
المطلب الأول: العنوان............................
وهكذا إلى نهاية الفهرس.
الفصل الثالث
مناهج البحث العلمي


نتناول فيه :
ـ مفهوم المنهج: تعريفه لغة واصطلاحا,
ـ علم المناهج: أهميته, نشأته،
ـ أهم المناهج:
ـ المنهج الاستدلالي:
ـ المنهج التجريبي:
ـ المنهج الديالكتيكي:
ـ المنهج الوصفي:
ـ المنهج المقارن:
ـ المنهج التاريحي:



مناهج البحث العلمي

قال تعالى: } لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا { المائدة آية 50.
لكل علم من العلوم مادة ومنهج, ومادة العلم هي الظواهر التي يتناولها بالتحليل, أمَّا منهجه فهو طريقة المعرفة التي يسلكها الباحث في سبيله إلى التعرف على حقيقة تلك الظواهر, فنقول مثلا: العلوم الطبيعية, ونعني بها المناهج العلمية التي تتناول بالتحليل الظواهر الطبيعية حال الفيزياء والأحياء وغيرهما, ونقول العلوم الاجتماعية ونعني بها المناهج العلمية التي تتناول الظواهر الاجتماعية بالتحليل.
مفهوم المنهج في اللغة:
ـ المناهج جمع منهج, والمنهج (Methode) في اللغة يعني الطريق الواضح, ونهجَ الطريق, بمعنى أبانه وأوضحه, ونهجه بمعنى سلكه بوضوح واستبانة.([31])
فالمنهج هو الطريق الواضح المستقيم والبين والمستمر, للوصول إلى الغرض المطلوب أو تحقيق الهدف المنشود.
كما يعني كيفية أو طريقة فعل أو تعليم شيء معين, وفقا لبعض المبادئ بصورة مرتبة ومنسقة ومنظمة.
مفهوم المنهج العلمي كمصطلح:
والمنهج بمعناه الفني العلمي والاصطلاحي الدقيق يقصد به: "الطريق الأقصر والأسلم للوصول إلى الهدف المنشود."([32]).
كما عرف أنه: " فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة, إما من أجل الكشف عن الحقيقة حين نكون جاهلين بها, إما من أجل البرهنة عليها للآخرين حين نكون عارفين بها."
أو أنه: " الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم, بواسطة طائفة من القواعد العامة التي تهيمن على سير العقل وتحدد عملياته, حتى يصل إلى نتيجة معلومة.".
أو هو: " مجموعة الإجراءات الذهنية التي يتمثلها الباحث مقدما لعميلة المعرفة التي سيقبل عليها, من أجل التوصل إلى حقيقة المادة التي يستهدفها."([33])
فالمنهج عملية فكرية منظمة, أو أسلوب أو طريق منظم دقيق وهادف, يسلكه الباحث المتميز بالموهبة والمعرفة والقدرة على الإبداع, مستهدفا إيجاد حلول لمشاكل أو ظاهرة بحثية معينة.
ويلتزم الباحث بمجموعة من القواعد والضوابط لاتخاذ القرارات وإتباع الإجراءات المقيدة لمسيرته البحثية, في إطار المنهاج وإجراء التجارب الضرورية اللازمة, مستعينا بالأدوات البحثية الأكثر ملائمة لبحثه, وإيضاح العلاقات والعلل السببية في إطار تحليل المشاهدات والملاحظات, وإجراء المقارنات المنطقية للوصول إلى نتائج واختبار مدى صحتها, ثم بلورة هذه النتائج في إطار التسلسل والتأطير النظري المنسق, في صورة قواعد مبرهن على صحتها, كحقائق علمية تقود إلى حل الظاهرة محل البحث.
والمنهج العلمي وفق المفهوم السابق, يصح تطبيقه في كل العلوم الطبيعية والاجتماعية بكل تفريعاتها.
النشأة والتطور:
بحث الإنسان منذ بداية الخليقة عن أساليب أو طرق يحل بها المعضلات التي يواجهها, خاصة عن طريق المعارف والمدركات العقلية, وبصفة أساسية العلم, وسجلت بعض الأفكار المتناثرة من الحضارات القديمة كملامح منهجية, خاصة ما خلفته الحضارة اليونانية من فكر فلسفي في القرن الثالث ق م, ولكن لم تترسخ هذه الأفكار وترتفع إلى مستوى منهج علمي متميز, حتى جاءت الحضارة العربية الإسلامية, فأرست دعائم مناهج راسخة ومحددة في شتى المعارف الإنسانية, وبرزت المناهج العلمية في مئات الكتب والمخطوطات العربية, والتي عرفت أوج نشاطها بداية من منتصف القرن السابع الميلادي حتى منتصف القرن الخامس عشر.
وجاءت النهضة الأوربية الحديثة لتضيف إلى هذه الثروة الموجودة الشيء الجديد, فكان أول من كتب عن المناهج العلمية في أوربا المعاصرة ( فرنسيس بيكون ) سنة 1620, حيث كتب " قواعد المنهج", تبعه الفيلسوف الفرنسي ( ديكارت ) سنة 1637, وركز كلاهما على المنهج الاستدلالي, ثم كتب ( جون لوك ) كتابه في المناهج سنة 1690, ثم توالت البحوث والكتب في هذا الميدان.
التصنيفات التقليدية لمناهج البحث العلمي:
1 ـ المنهج التحليلي والمنهج التركيبي:
المنهج التحليلي الاكتشافي أو منهج الاختراع, وهو يستهدف الكشف عن الحقيقة, أمَّا المنهج التركيبي أو التأليفي فهو يستهدف تركيب وتأليف الحقائق التي تم اكتشافها عن طريق المنهج التحليلي. وذل بهدف تعميمها ونشرها للآخرين.
ويعاب على هذا التقسيم أنه ناقص, لأنه يتحدث عن الأفكار فقط, ولا يشمل القوانين والظواهر, كما أنه لا يصح لكافة فروع المعرفة.
2 ـ المنهج التلقائي والمنهج العقلي:
المنهج التلقائي هو الذي يسير فيه العقل سيرا طبيعيا نحو المعرفة أو الحقيقة, دون تحديد سابق لأساليب وأصول وقواعد منظمة ومقصودة, أمَّا المنهج العقلي التأملي فهو ذلك المنهج الذي يسير فيه العقل في نطاق أصول وقواعد منظمة ومرتبة ومقصودة, من أجل اكتشاف الحقيقة أو الحصول على المعرفة.
وانتقد هذا التقسيم الكلاسيكي من حيث أته يتحدث عن طرق ووسائل الحصول على المعرفة, وليس على مناهج البحث العلمي, كمناهج علمية لها أصولها وقوانينها.
التصنيفات الحديثة لمناهج البحث:
توجد عدة تصنيفات حديثة لأنواع المناهج العلمية, لعل من أشهرها:
1 ـ تقسيم هويتني withney:
وأنواع مناهج البحث عنده هي:
أ ـ المنهج الوصفي.
ب ـ المنهج التاريخي.
ج ـ المنهج التجريبي.
د ـ البحث الفلسفي.
هـ ـ البحث التنبؤي.
و ـ البحث الاجتماعي.
ن ـ البحث الإبداعي.
2 ـ تقسيم ماركيز Marquis:
أ ـ المنهج الأنثربولوجي.
ب ـ المنهج الفلسفي
ج ـ منهج دراسة الحالة.
د ـ المنهج التاريخي.
هـ ـ منهج المسح.
و ـ المنهج التجريبي.
3 ََ ـ تقسيم جود وسكيتس and ScatesGood :
أ ـ المنهج التاريخي.
ب ـ المنهج الوصفي.
ج ـ منهج المسح الوصفي.
د ـ المنهج التجريبي.
هـ منهج دراسة الحالة.
و ـ منهج دراسات النمو والتطور.
على أننا سنأخذ في هذا البحث المناهج الكبرى والأصلية المتفق عليها بين علماء المناهج, وهي: الاستدلالي, التجريبي, التاريخي, الجدلي.
علم المناهج Méthodologie:

عرف علم المناهج تطورا كبيرا نتيجة لتطور أنواع المناهج واستعمالاتها المتزايدة, وبتزايد حركة البحث العلمي وتنوع مجالاته, ازدادت أهمية هذا العلم, تعددت المناهج وتنوع الاختصاصات العلمية, بل إننا نجد العلم الواحد يستعين بمناهج مختلفة بحسب ما يقتضيه موضوع البحث.
إن أول من استعمل كلمة "علم المناهج " أو " المنهجية " هو الفيلسوف الألماني " كانط ", وذلك عندما قسم المنطق إلى قسمين:
أولا: مذهب المبادئ, وهو الذي يبحث في الشروط والطرق الصحيحة للحصول على المعرفة.
ثانيا: علم المناهج الذي يهتم بتحديد الشكل العام لكل علم وبتحديد الطريقة التي يتشكل بها أي علم من العلوم.([34])
فعلم المناهج هو الذي يبحث في مناهج البحث العلمي والطرق العلمية التي يكتشفها ويستخدمها العلماء والباحثون من أجل الوصول إلى الحقيقة.
فإذا كانت مناهج البحث العلمي هي الطرق المؤدية إلى معرفة الحقائق والكشف عنها في مختلف العلوم ـ وذلك بواسطة مجموعة من القواعد والقوانين العامة التي تنظم سير العقل حتى يصل إلى نتائج معلومة ـ, فإن علم المناهج هو العلم الباحث والدارس لهذه المناهج العلمية.
نشأ علم المناهج وازدهر بعد عصر النهضة في أوربا, وتحديدا في القرن السابع عشر الميلادي, على يد جماعة كبيرة من العلماء والفلاسفة أمثال:
فرنسيس بيكون ( 1561 ـ 1626 ): بيّن أهمية إتباع الوسائل التجريبية والتعميمات العلمية, وهو أول مفكري عصر النهضة الذين أكدوا أهمية استخدام المنهج الاستقرائي بغية الوصول إلى القوانين.
رينيه ديكارت ( 1596 ـ 1650 ): بيّن أهمية الجانب الرياضي للعلم, ووضع قواعد المنهج الاستدلالي, فالنتائج تستنبط من مقدمات واضحة تماما للعقل, مما يجعله على يقين أنها تصلح أساسا لكل معرفة ناتجة عنها, وقد تضمن كتابه " مقال في المنهج " إسهاماته في هذا المجال([35]).
ايمانويل كانط ( 1724 ـ 1804 ), فيختـه ( 1762 ـ 1814 ), وليم جيمس ( 1842 ـ 1910 ).... وغيرهم من العلماء والفلاسفة.
المنهج الاستدلالي

يعرف الاستدلال بأنه: " هو البرهان الذي يبدأ من قضايا مسلم بها، ويسير إلى قضايا أخرى تنتج عنها بالضرورة, ودون الالتجاء إلى التجربة, وهذا السير يكون بواسطة القول أو الحساب."([36]) وذلك مثل العمليات الحسابية التي يقوم بها الرياضي دون إجراء تجارب, والاستدلالات التي يستعملها القاضي اعتمادا على ما لديه من قضايا ومبادئ قانونية.
والاستدلال قد يكون عملية عقلية منطقية أولية, وهو كل برهان دقيق مثل الحساب والقياس.
وقد يكون عبارة عن عملية سلوكية منهجية لتحصيل الحقيقة, وهو السلوك العام المستخدم في العلوم والرياضة وهو التسلسل المنطقي المنتقل من مبادئ وقضايا أولية إلى قضايا أخرى تستخلص وتستنج منها بالضرورة, دون استعمال التجربة, عكس المنهج التجريبي أو الاستقرائي القائم على أساس التجربة.
مبادئ الاستدلال:
يتكون النظام الاستدلالي من المبادئ والنظريات, وذلك أن النظام الاستدلالي يشتمل على ميكانيزم يتسلسل من قضايا ومبادئ يستنتج منها مبادئ وقضايا مستنتجة كنتائج للعملية الاستدلالية الأولى, ثم تصبح هذه بدورها مبادئ وقضايا أولية بالنسبة للنتائج الأخرى... وهكذا إلى النهاية.
والنتائج المستخرجة من القضايا والمبادئ تسمى " النظريات " ولذا كان الاستدلال في صورة نظام متكون من ميكانيزم: المبادئ والنظريات.
ـ مبادئ الاستدلال هي: مجموع القضايا والتصورات الأولية غير المستخرجة من غيرها في نظام استدلالي معين. وقد قسم رجال المنطق القدماء مبادئ الاستدلال إلى: البديهيات ـ المصادرات ـ التعريفات.
أ ـ البديهيات:
البديهية هي قضية بينة بنفسها, وليس من الممكن البرهنة عليها, فهي صادقة بلا برهان. وتتميز بثلاثة خصائص:
ـ أنها بينة نفسية: حيث تتبين للنفس تلقائيا وبدون واسطة برهان.
ـ أنها أولية منطقية: أي أنها مبدأ أوليا غير مستخلص من غيره من المبادئ والقضايا الأخرى.
ـ أنها قاعدة صورية عامة: أو قضية مشتركة لأنه مسلم بها من كافة العقول على السواء, ولأنها شاملة لأكثر من علم واحد.
ب ـ المصادرات:
المصادرات قضايا تركيبية, أقل يقينية من البديهيات, فهي ليست بينة وغير عامة ومشتركة, ولكن يصادر على صحتها ويسلم بها تسليما, بالرغم من عدم بيانها بوضوح للعقل, ولكن نظرا لفائدتها المتمثلة في إمكانية استنتاج منها العديد من النتائج دون الوقوع في تناقض.
وصحة المصادرات تظهر من نتائجها المتعددة وغير المتناقضة.
وتوجد المصادرات في الرياضيات والعلوم الطبيعية وفي العلوم الإنسانية والاجتماعية, مثل المصادرة القائلة: أن الإنسان يفعل أولا طبقا لما يراه أنفع, والمصادرة الأخلاقية القائلة: أن كل إنسان يطلب السعادة.([37])
ج ـ التعريفات:
التعريفات هي قضايا وتصورات جزئية وخاصة بكل علم, والتعريف هو التعبير عن ماهية المعرف عنه وحده, وعنه كله, أي تعريفا جامعا مانعا, ويتركب التعريف من شيئين هما:
المعرف به وهو الشيء المراد تعريفه, والمعرف وهو القول الذي يحدد خواص وعناصر الشيء المعرف.
والتعريف قد يكون تعريفا رياضيا, أي تعريفا ثابتا وقبليا وضروريا نهائيا وكليا, لأنه من عمل العقل الثابت في جوهره.
وقد يكون التعريف تعريفا تجريبيا, كما هو الحال في العلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية والقانونية, حيث يكون التعريف تعريفا متحركا ومتطورا ومتدرج في تكوينه, حيث يتكون شيئا فشيئا في ميدان التجربة, حيث تضيف إليه التجارب الميدانية عناصر وخواص جديدة ومتحركة ومتغيرة.
هذه مبادئ الاستدلال الثلاثة, وقد ثبت لرجال المنطق والفلسفة وعلم المنهجية على الخصوص, أن هذه المبادئ الثلاثة متداخلة في ما بينها, ومتعاونة ومتكاملة في تحقيق العملية الاستدلالية من أجل استخراج النتائج والنظريات والبرهنة على صحتها.
أدوات الاستدلال:
أ ـ القياس:
وهو عملية أو قضية عقلية منطقية، تنطلق من مقدمات مسلم بها, أو مسلمات إلى نتائج افتراضية غير مضمون صحتها. فالقياس هو تحصيل حاصل مستمر, عكس البرهان الرياضي الذي يأتي دائما بحقيقة جديدة, لم تكن موجودة في المبادئ الأولية لا ضمنيا ولا صراحة, فالبرهان الرياضي عكس القياس مبدع وخلاق للجديد الأصيل.
ب ـ التجريب العقلي:
التجريب العقلي يختلف اختلافا جذريا وتاما عن المنهج التجريبي, والتجريب العقلي هو في معناه الواسع والعام: قيام الإنسان في داخل عقله بكل الفروض والتحقيقات التي يعجز عن القيام بها في الخارج, وقد يكون التجريب العقلي تجريبيا عقليا خياليا, كما هو في حالات جموع العباقرة والفنانين والشعراء, وهذا النوع من التجريب العقلي ليست له قيمة علمية, ولكن له قيم فنية جمالية خلاقة.
وقد يكون التجريب العقلي تجريبا عقليا علميا, لأنه يقوم على وقائع يجرب عليها الإنسان الأوضاع والفروض العقلية الداخلية العديدة, لاستخلاص النتائج التي تؤدي إليها هذه الفروض داخل الذهن الإنساني.
ج ـ التركيب:
التركيب هو عملية عقلية عكسية, تبدأ من القضية الصحيحة المعلومة الصحة, إلى استخراج كل النتائج ومعرفة كل هذه النتائج المراد استخلاصها من هذه القضية الصحيحة والمعلومة.

المنهج التجريبي

يعد المنهج التجريبي من أقرب المناهج إلى الطريقة العلمية الصحيحة والموضوعية واليقينية في البحث عن الحقيقة واكتشافها وتفسيرها والتنبؤ بها والتحكم فيها.
ـ معنى المنهج التجريبي:
هناك عدة محاولات لتحديد ماهية ومعنى المنهج التجريبي, منها التي تسعى إلى تعريف المنهج التجريبي بأنه: " المنهج المستخدم حين نبدأ من وقائع خارجة عن العقل, سواء أكانت خارجة عن النفس إطلاقا, أو باطنة فيها كذلك كما في حالة الاستبطان, لكي نصف هذه الظاهرة الخارجة عن العقل ونفسرها. ولتفسيرها نهيب دائما بالتجربة, ولا نعتمد على مبادئ الفكر وقواعد المنطق وحدها."([38])
كما حاول البحث أن يحدد معناه من خلال تحديد معنى التجربة أو التجريب, التي هي إحدى مراحل وعناصر المنهج التجريبي, ومنها:
" إن التجريب ما هو إلا ملاحظة تحت ظروف محكومة عن طريق اختيار بعض الحالات أو عن طريق تطويع بعض العوامل."([39])
ومنها: " التجربة ... هي ملاحظة مقصودة تحت ظروف محكومة, يقوم بها الباحث لاختبار الفرض للحصول على العلاقات السببية."([40])
فمضمون المنهج التجريبي, يتمثل في الاعتماد على الملاحظة والتجربة, وهو لذلك استقرائي اختباري مع تدخل العقل بسلسلة من عملية الاستنباط المنطقي تنتهي بالارتقاء بنتائج عدد محدد من الحالات إلى قانون مفسر لشتى حالات الواقع, وذلك إلى ما لانهاية.
يتكون المنهج التجريبي من عناصر ومراحل:
ـ المشاهدة أو الملاحظة العلمية ـ الفروض ـ التجربة.
ويختلف المنهج التجريبي عن بقية المناهج العلمية الأخرى, خاصة المنهج الاستدلالي, من حيث كون المنهج التجريبي سلوك علمي وموضوعي وعملي خارجي.
والمنهج التجريبي موضوعه الظواهر والوقائع الخارجية, بينما موضوع المنهج الاستدلالي هو المخلوقات العقلية الداخلية.
مقومات وعناصر المنهج التجريبي:
يتألف المنهج التجريبي من ثلاثة مقومات وعناصر أساسية هي:
1 ـ الملاحظـة:
وهي الخطوة الأولى في البحث العلمي وهي من أهم عناصر البحث التجريبي, وأكثرها أهمية وحيوية, لأنها المحرك الأساسي لبقية عناصر المنهج التجريبي, حيث أن الملاحظة هي التي تقود إلى وضع الفرضيات وحتمية إجراء عملية التجريب على الفرضيات, لاستخراج القوانين والنظريات العلمية التي تفسر الظواهر والوقائع.
والملاحظة أو المشاهدة في معناها العام والواسع: هي الانتباه العفوي إلى حادثة أو واقعة أو ظاهرة أو أمر ما, دون قصد أو سابق إصرار وتعمد.([41])
أما الملاحظة العلمية فهي: المشاهدة الحسية المقصودة والمنظمة والدقيقة للحوادث والأمور والظواهر, بغية اكتشاف أسبابها وقوانينها ونظرياتها, عن طريق القيام بعملية النظر في هذه الأشياء والأمور والوقائع, وتعريفها وتوصيفها وتصنيفها في أسر وفصائل, وذلك قبل تحريك عمليتي وضع الفرضيات والتجريب([42]).
شروط الملاحظة العلمية:
ـ يجب أن تكون الملاحظة كاملة, فيجب أن يلاحظ الباحث كافة العوامل والأسباب والوقائع والظواهر والأشياء المؤثرة في وجود الظاهرة, أو المتصلة بها. وأن إغفال أي عامل من العوامل له صلة بالواقعة أو الظاهرة, يؤدي إلى عدم المعرفة الكاملة والشاملة للظاهرة, ويؤدي إلى وقوع أخطاء في بقية مراحل المنهج التجريبي.
ـ يجب أن تكون الملاحظة العلمية نزيهة وموضوعية ومجردة, أي يجب ألا تتأثر بأشياء وأحاسيس وفرضيات سابقة على عملية الملاحظة.
ـ يجب أن تكون منظمة ومضبوطة ودقيقة, أي يجب على العالم الباحث أن يستخدم الذكاء والدقة العلمية, وأن يستعمل وسائل القياس والتسجيل والوزن والملاحظة العلمية التكنولوجية في ملاحظته.
ـ يجب أن يكون العالم الباحث مؤهلا وقادرا على الملاحظة, أن يكون ذكيا متخصصا, عالما في ميدانه, سليم الحواس, هادئ الطبع سليم الأعصاب, مرتاح النفس قادرا على التركيز والانتباه.
2 ـ الفرضيات العلمية:Hypotheses
تعتبر الفرضية العنصر الثاني واللاحق لعنصر الملاحظة العلمية في المنهج التجريبي, وهي عنصر تحليل.
والفرضية في اللغة تعني التخمين أو الاستنتاج, أو افتراض ذكي في إمكانية تحقق واقعة أو شيء ما أو عدم تحققه وصحته.
أما مفهومها في الاصطلاح فهو: " تفسير مؤقت لوقائع وظواهر معينة, لا يزال بمعزل عن امتحان الوقائع, حتى إذا ما امتحن في الوقائع, أصبحت بعد ذلك فرضيات زائفة يجب العدول عنها إلى غيرها من الفرضيات الأخرى, أو صارت قانونا يفسر مجرى الظواهر."([43])
أو أن الفرضية هي: " تخمين ذكي أو استنتاج ذكي, يصوغه الباحث ويتبناه مؤقتا, لشرح بعض ما يلاحظه من الظواهر الحقائق, وليكون هذا الفرض كمرشد له في البحث والدراسة التي يقوم بها."
وتتميز الفرضية بذلك عن غيرها من المصطلحات العلمية الأخرى مثل: النظرية, القانون, المفهوم, الإيديولوجية.
ـ ونستطيع تعريف النظرية بأنها: كل مجموعة من فروض منسجمة فيما بينها, ثبتت صحتها عن طريق التدليل العقلي فهي لذلك" نظرية فلسفية ", أو عن طريق التجريب فهي" نظرية علمية ".
فتختلف بذلك الفرضية عن النظرية, في الدرجة وليس في النوع.
الفرضية تفسير وتخمين مؤقت وغير نهائي.
والنظرية تفسير وتفسير ثابت ونهائي نسبيا.
وأصل النظرية أنها فرضية أجريت عليها اختبارات وتجارب فأصبحت نظرية.
ـ أما القانون فهو النظام أو العلاقة الثابتة وغير المتحولة بين ظاهرتين أو أكثر.
ـ أما المفهوم فهو: مجموعة من الرموز والدلالات التي يستعين بها الفرد لتوصيل ما يريده من معاني إلى غيره من الناس, ويشترط في المفهوم ربطه بالتعريفات الأخرى المتصلة به, كما يشترط فيه الدقة والوضوح والعمومية.
أو نستطيع القول أنه: التمثل العقلي لطائفة من المحسوسات من ثنايا خواصها الرئيسة المشتركة, فنقول " إنسان" مثلا ونعني به كمفهوم التعبير العام المطلق عن كل حالات أو أفراد الحيوان المفكر الناطق, فهو انتقال من المحسوس إلى التجريد.
أما الإيديولوجية: في مجموعة النظريات والقيم والمفاهيم الدينية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية العامة المتناسقة, المترابطة, المتكاملة والمتداخلة في تركيب وتكوين كيان عقائدي كلي وعام. وتستند إلى أسس ومفاهيم السمو والقداسة في سيادتها على المجتمع.
قيمة الفرضية وأهميتها العلمية:
تؤدي الفرضيات دورا هاما وحيويا في استخراج النظريات والقوانين والتفسيرات العلمية للظواهر, وهي تنبئ عن عقل خلاق وخيال مبدع وبعد نظر. كما تظهر أهميتها أيضا في تسلسل وربط عملية سير المنهج التجريبي من مرحلة الملاحظة العلمية, إلى مرحلة التجريب واستخراج القوانين, واستنباط النظريات العلمية.
وقيمة الفرضيات لم يعترف بها إلا في بداية القرن التاسع عشر, حيث عارض العلماء قبل ذلك وضع الفرضيات وحذروا منها, وهو ما فعله كل من كلود برنارد وبيكون.
شروط صحة الفرضيات العلمية:
ـ يجب أن تبدأ الفرضيات من ملاحظات علمية, أي تبدأ من وقائع محسوسة مشاهدة, وليس من تأثير الخيال الجامح, وهذا حتى تكون الفرضيات أكثر واقعية,
ـ يجب أن تكون الفرضيات قابلة للتجريب والاختبار والتحقق.
ـ يجب أن تكون خالية من التناقض للوقائع والظواهر المعروفة.
ـ يجب أن تكون شاملة ومترابطة, أي يجب أن تكون معتمدة على كل الجزئيات والخصوصيات المتوفرة, وعلى التناسق مع النظريات السابقة.
ـ يجب أن تكون الفرضيات متعددة ومتنوعة للواقعة الواحدة.
3 ـ عملية التجريب:
بعد عملية إنشاء الفرضيات العلمية, تأتي عملية التجريب على الفرضيات, لإثبات مدى سلامتها وصحتها, عن طريق استبعاد الفرضيات التي يثبت يقينا عدم صحتها وعدم صلاحيتها لتفسير الظواهر والوقائع علميا, واثبات صحة الفرضيات العلمية بواسطة إجراء عملية التجريب في أحوال وظروف وأوضاع متغايرة ومختلفة, والإطالة والتنوع في التجريب على ذات الفرضيات.
وإذا ما ثبتت صحة الفرضيات علميا ويقينيا, تتحول إلى قواعد ثابتة وعامة, ونظريات علمية تكشف وتفسر وتتنبأ بالوقائع والظواهر.([44])

تطبيقات المنهج التجريبي في ميدان العلوم القانونية والإدارية:
لقد أصبحت العلوم الاجتماعية والعلوم القانونية ـ مع بداية القرن الثامن عشرـ ميدانا أصيلا لأعمال وتطبيق المنهج التجريبي في البحوث والدراسات الاجتماعية والقانونية, حيث بدأت عملية ازدهار ونضوج النزعة العقلية العلمية الموضوعية ـ التجريبية, تسود حقول العلوم الاجتماعية بصفة عامة والعلوم القانونية بصفة خاصة, على حساب النزعة العقلية الفلسفية التأملية الميتافيزيقية التي أصبحت تتناقض مع الروح والنزعة العلمية الناشئة.
فهكذا طبق المنهج التجريبي في دراسة العديد من الظواهر الاجتماعية والقانونية والإدارية, مثل البحوث والدراسات المتعلقة بظاهرة علاقة القانون بالحياة الاجتماعية, وعلاقة القانون بمبدأ تقسيم العمل الاجتماعي, وتلك المتعلقة بعلاقة ظاهرة القانون بالبيئة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية, وكذا البحوث المتعلقة بظاهرة الجريمة وفلسفة التجريم والعقاب, والدراسات الخاصة بإصلاح وخلق السياسات التشريعية والقضائية موضوعيا وإجرائيا.
وقد ازدهرت استخدامات المنهج التجريبي في مجال العلوم الجنائية والقانون الجنائي, عندما تمََّ اكتشاف حتمية العلاقة بين العلوم الجنائية وعلم النفس الجنائي وعلم الاجتماع القانوني, وعلم الطب النفسي, وبعد سيادة المدارس الجنائية العلمية التجريبية.
ومن أشهر التطبيقات الحديثة للمنهج التجريبي في مجال العلوم القانونية والإدارية, الدراسات التي قامت بها بولندا عام 1960 لإصلاح نظامها القضائي وقانون الإجراءات والمرافعات. والدراسة التي قـام بها الأستاذ " مور بيرجر" حول ظاهرة البيروقراطية والمجتمع في مصر الحديثة عام 53 ـ 1954.([45])
وأكثر فروع العلوم القانونية والعلوم الإدارية قابلية وتطبيقا للمنهج التجريبي, في الوقت الحاضر القانون الجنائي والعلوم الجنائية, والقانون الإداري, نظرا لطبيعتها الخاصة من حيث كونها أكثر فروع العلوم القانونية والإدارية واقعية وعلمية وتطبيقية واجتماعية ووظيفية. فهذه الفروع تتميز بأنها أكثر العلوم القانونية والاجتماعية حيوية وحركية وتغيرا والتصاقا بالواقع المحسوس والمتحرك والمتداخل والمعقد السريع التطور.

المنهج الدياليكتيكي:

يقوم المنهج الدياليكتيكي على أساس الحقيقة القائلة: " أن كل الأشياء والظواهر والعمليات والحقائق الطبيعية والإنسانية والاقتصادية والسياسية في العالم هي دائما في حالات ترابط وتشابك وتداخل مستمر, وهي دائما في حالات تناقض وصراع وتفاعل داخلي قوي محرك ودافع وباعث على الحركة والتغير والتطور والارتقاء والتقدم من شكل إلى شكل, ومن حالة إلى حالة, ومن صورة إلى صورة جديدة أخرى... وهكذا. ونتيجة للتناقض والتضاد والصراع الداخلي بين عناصر الأشياء الداخلية, توجد الظواهر والحقائق.
ويحتوي المنهج الديالكتيكي على العديد من القوانين والقواعد والمفاهيم العلمية المترابطة والمتكاملة في بناء هيكل الدياليكتيك كمنهج بحث علمي. ومن أهم قوانين المنهج:
قانون التغير والتحول, والتغيرات الكمية إلى تغيرات نوعية في طبيعة الشيء أو الحقيقة أو الظاهرة, وقانون وحدة وصراع المتناقضات والأضداد, وقانون نفي النفي.
هذه القوانين الثلاثة التي تعد أبرز وأهم قوانين الديالكتيك.
نشأته:
يعتبر منهج الديالكتيك منهجا قديما في فلسفته وأساسه وفرضياته, وحديثا في اكتمال وإتمام صياغته وبنائه, فلقد ظهرت نظرية الديالكتيك قديما عند الإغريق على يد الفيلسوف اليوناني هيرقليدس (530 / 470 ق م ) الذي صاغ أساس نظرية الديالكتيك عندما اكتشف وأعلن أن كل شيء يتحرك, كل شيء يتغير, كل شيء يجري. ودلل على قوله هذا بمثال من الطبيعة بقوله أنني عندما أدخل مرة ثانية للنهر وأضع قدمي في نفس الموضع الأول, سأتلمس ماء جديدا ومغايرا للماء الذي تلمسته في المرة السابقة, لأن التيار قد جرفه وأبعده إلى الأمام.
ولقد تطورت الديالكتيك تطورا جديدا على يـد الفيلسوف " هيجل " الذي بلور وجسد هذه النظرية وصاغها صياغة علمية شاملة وكاملة واضحة وواعية, كمنهج علمي لدراسة وتحليل الأشياء والحقائق والظواهر, حيث أن هيجل هو الذي اكتشف أهم القوانين والقواعد الأساسية التي يتضمنها المنهج الديالكتيك. فقد أكد هيجل حقيقة أن كل الأشياء والظواهر والعمليات هي في حالة تغير وحركة وتطور ارتقائي مستمر ومتدرج, وأن المنهج العلمي الصحيح لدراسة وتفسير الظواهر والأشياء هو الديالكتيك, الذي يعد قانون تفسير التطور.
أهم قوانين الديالكتيك:
1 ـ قانون تحول التبدلات الكمية إلى تبدلات نوعية: ويقوم هذا القانون ببيان كيفية تعرض الأشياء والظواهر للتحولات والتبدلات الكمية بصورة تدريجية ومنسجمة إلى أن تبلغ معيارا واحدا معينا, لتحدث نتيجة ذلك تبدلات وتحولات نوعية في طبيعة الأشياء والظواهر, من صورة وشكل قديم إلى طبيعة جديدة متضمنة في ذات الوقت عناصر من الشيء أو الظاهرة أو العملية القديمة المتغيرة.
فمضمون هذا القانون أن: كل تطور وتحول وتبدل للأشياء والظواهر والعمليات, يتم نتيجة حدوث تبدلات وتغيرات مستمرة ومطردة ومتدرجة ومتسلسلة في حالة وكمية الشيء أو الظاهرة, أي في حالات وخصائص الشيء مثل حجمه ومقداره, النطاق العدد السرعة القوة اللون...الخ, حتى يبلغ حدا معينا ومعيارا فاصلا, فيتحول ويتغير ويتطور, فتقدم بذلك النوعية والطبيعة القديمة الفانية وتحل محلها الطبيعة والنوعية الجديدة للشيء أو الظاهرة. مثال ذلك في الطبيعة: أن عملية تسخين الماء المستمرة, تجعل الماء المعرض لعملية التسخين في حالة تطور وتحول كمي مستمر مع بقاء النوعية والتركيبة الطبيعية والكيمائية للماء موجودة, ولكن عندما تبلغ عملية التسخين معيار وحد الغليان, فإن الماء المسخن والمغلى يتغير ويتبدل في نوعيته وطبيعته الجوهرية حيث يفقد نوعيته وطبيعته السابقة القديمة, إذ يتحول إلى بخار.
2 ـ قانون وحدة وصراع الأضداد والمتناقضات: الذي يقوم بعملية الكشف عن مصادر وأسباب كل حركة وتطور وتغير داخلي, والكشف عن أسباب ومصادر القوة الداخلية الدافعة والمحركة للتطور, نتيجة الصراع الدائم والذاتي داخل الأشياء والظواهر والعمليات بين عناصرها وأجزائها المتضادة والمتناقضة نتيجة لحركيتها وديناميكيتها.
ومضمون هذا القانون أن كل الأشياء والظواهر والعمليات هي دائما في حالة حركة وتغير وتطور سرمدي, وأن سبب هذا التحول القوة الدافعة والمحركة لحالة التغير والحركة في الأشياء والظواهر.
ذلك أن كل شيء أو ظاهرة, هي عبارة عن كتلة أو وحدة مترابطة من العناصر والخصائص والصفات المختلفة والمتناقضة والمتضادة والمتفاعلة بطريقة تنابذ وتجاذب. وأن هذا الصراع والتنازع والتوازن بين الأضداد والمتناقضات المكونة لتركيب وصفات الأشياء, يولد طاقة وقوة داخلية دافعة لحركة التغير والتطور.
وقد يكون صراع الأضداد داخليا بين عناصر الشيء الواحد, وقد يكون خارجيا بين الأشياء والظواهر والعمليات بسبب التفاعل والتأثر والتأثير, فهناك ترابط وتكامل بين المتناقضات والأضداد الداخلية, وصراع الأضداد والمتناقضات الخارجية.
وصراع الأضداد والمتناقضات الداخلية, هي الطاقة والقوة الأصلية والأساسية لحركة التغير, أما صراع الأضداد والمتناقضات الخارجية, فهي تلعب دورا ثانويا وتكميليا في حركة التغير والتطور.
ويؤدي الصراع والتنازع إلى إيجاد التوازنات في الأشياء والظواهر, ويعمل على تبدل وتطور هذه التوازنات بين الأشياء.
3 ـ قانون نفي النفي: الذي يقوم بعكس وتفسير العلاقة بين مختلف مراحل التطور والتبدل والارتقاء والنتيجة الناجمة عن ذلك.
فيقوم هذا القانون ببيان وتفسير نتائج مراحل ديالكتيك تطور الأشياء والظواهر والعمليات والأفكار, من أفكار وحقائق ( These ) إلى حالة وجود أفكار وحقائق متعارضة متقابلة ومتناقضة داخل الشيء الواحد أو العملية الواحدة ( َََAntithese ), ثم ما ينتج عن ذلك من الظواهر والحقائق والعمليات والأفكار السابقة الفانية( Synthese)([46]).
وهكذا يظل نفي النفي يعمل بانتظام واطراد وبصورة مثمرة وبناءة وتركيبية وبطريقة متواصلة ومتسلسلة ومتجددة, فنفي النفي هو شرط التطور والبناء التصاعدي إلى الأمام، ولهذا يسمى بـ " قانون التطور والتقدم في الأشياء".
وقد استخدم هيجل منهج الديالكتيك في تفسير بعض الظواهر الاجتماعية والسياسية, مثل ظاهرتي: الأمة والدولة.
ويتسم منهج الديالكتيك عند هيجل بأنه ديالكتيك مثالي معنوي, لأنه استخدمه في مجال الفكر والمعرفة, فالتغير والتطور عند هيجل هو في الفكر والعقل والوعي, ومن ثم سميت نظرية الديالكتيك عند هيجل بـ " النظرية الديالكتيكية المثالية ".
واكتسب الدياليكتيك تطورا وتغيرا جديدا على يد الفيلسوف الألماني فيورباخ ( 1804 ـ 1872 ) الذي انتقد النزعة المثالية عند هيجل, ونادى عام بضرورة اتصاف الديالكتيك بالنزعة المادية حتى يصبح منهجا موضوعيا وواقعيا وعمليا, وحتى يكون أكثر واقعية ومنطقية في دراسة الأشياء والظواهر وتحليلها, لكنه ذهب في انتقاده إلى حد إنكار ورفض المنهج الديالكتيكي برمته.
فقام الفيلسوف كارل ماركس ـ وهو من أنصار الديالكتيك الهيجلي ـ بإعادة صياغة النظرية صياغة مادية عملية على ضوء النقد الذي وجهه لها فيورباخ.
أبقى ماركس على أسس النظرية الديالكتيكية, لكنه نزع عنها الصبغة المثالية البحتة, وأعاد صياغتها صياغة مادية وواقعية, وجعلها نظرية كاملة وشاملة وطبقها على كل الأشياء والحقائق والظواهر, وفي كافة المجالات والعلوم الطبيعية, الاجتماعية, الاقتصادية, السياسية, الإدارية.....
وفي مجال العلوم القانونية, قام المنهج الديالكتيكي بقسط كبير في اكتشاف وتفسير النظريات والقوانين العلمية, والتنبؤ بها.
مثل تفسير أصل وغاية الدولة, نشأة وتطور القانون, وأصل وغاية القانون في المجتمع, فكرة السلطة وعلاقتها بالقانون والحرية, تفسير ظاهرة الثورة وعلاقتها بالقانون ومبدأ الشرعية القانونية, تفسير ظاهرة التغير الاجتماعي وأثرها على النظام القانوني في الدولة والمجتمع.
كما يؤدي المنهج الجدلي دورا كبيرا في تفسير وتطبيق القانون في واقع الحياة, حيث يمكن للباحث والقاضي والمشرع في مجال العلوم القانونية والإدارية, أن يستخدم المنهج الجدلي في تفسير بعض النظريات والفرضيات القانونية والتنظيمية والخروج بالنتائج والحلول العلمية لبعض الإشكالات والمسائل القانونية.
والذي نخلص إليه أن المنهج الجدلي بقوانينه وخصائصه الذاتية من أكثر مناهج البحث صلاحية وملائمة للدراسات العلمية الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والسياسية, فهو المنهج الوحيد القادر على الكشف والتفسير للعلاقات والروابط والتفاعلات الداخلية للظواهر الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والسياسية, وطبيعة القوى الدافعة لهذه الظواهر, وكيفية التحكم في توجيه وقيادة مسار تقدم هذه الظواهر, وكيفية التنبؤ بالنتائج والنهايات الجدية.
هذا فضلا عن القيمة الفكرية لهذا المنهج والمنبثقة من الفلسفة القائمة على الاختلاف والتضاد والتصارع بين الأفكار والحقائق والأشياء, والمؤدي في الأخير إلى ظهور الحقيقة.
المنهج الوصفي:
إن المتتبع لتطور العلوم يستطيع أن يلمس الأهمية التي احتلها المنهج الوصفي في هذا التطور, ويرجع ذلك إلى ملائمته لدراسة الظواهر الاجتماعية, لأن هذا المنهج: يصف الظواهر وصفا موضوعيا من خلال البيانات التي يتحصل عليها باستخدام أدوات وتقنيات البحث العلمي.
وقد ارتبطت نشأة هذا المنهج بالمسوح الاجتماعية وبالدراسات المبكرة في فرنسا وانكلترا, وكذا بالدراسات الأنثربولوجية في الولايات المتحدة.
ويقوم المنهج الوصفي على جمع الحقائق والمعلومات ومقارنتها وتحليلها وتفسيرها للوصول إلى تعميمات مقبولة, أو هو دراسة وتحليل وتفسير الظاهرة من خلال تحديد خصائصها وأبعادها وتوصيف العلاقات بينها, بهدف الوصول إلى وصف علمي متكامل لها.
لذلك فهو يشتمل على عدد من المناهج الفرعية والأساليب المساعدة, كأن يعتمد مثلا على دراسة الحالة أو الدراسات الميدانية أو التاريخية أو المسوح الاجتماعية([47]).
ولا يقتصر المنهج الوصفي على التعرف على معالم الظاهرة وتحديد أسباب وجودها, وإنما يشمل تحليل البيانات وقياسها وتفسيرها والتوصل إلى وصف دقيق للظاهرة ونتائجها.
ومن البحوث التي يستخدمها المنهج الوصفي:
أ ـ دراسة الحالة: تعتبر أحد أساليب البحث والتحليل الوصفي المطبقة في مجالات علمية مختلفة, وقد تكون الحالة المدروسة: شخصا, جماعة, مؤسسة, مدينة.
فعالم النفس: يستخدم الفرد كحالة للدراسة في تحليل النفسي, وقد تكون المؤسسة كحالة للدراسة في مجالات علمية مختلفة, فقد ندرسها من الناحية البشرية أو المالية أو الإنتاجية, وذلك حسب مجال اختصاص الباحث وطبيعة وأهداف البحث.
ب ـ المسح الاجتماعي: ساهم هذا النوع من البحوث في بناء وتطور الدراسات العلمية في مجال العلوم الاجتماعية, بما قدمه من مناهج وطوره من أدوات لجمع البيانات, وتعتبر هذه الدراسة مساهمة في وضع الأسس والقواعد المنهجية للبحث العلمي, والتعبير عن الظواهر والموضوعات الاجتماعية تعبيرا كميا, باستعمال الأدوات المنهجية التي تمكن الباحث من جمع بيانات دقيقة والوصول إلى نتائج موضوعية.
ج ـ دراسة الرأي العام: للرأي العام تأثير كبير على سياسة أية دولة, لذلك تهتم به السلطات السياسية ورجال الأعمال والشركات وغيرها.
فالاستفتاء من أهم وسائل قياس الرأي العام وخاصة في الدول التي تتمتع بحرية التعبير وممارسة الديمقراطية. وتهدف الدراسات في هذا المجال إلى استطلاع الرأي العام حول قضية أو مسألة ذات طابع عام, وقد اتخذت البحوث في هذا المجال عدة اتجاهات منها:
المجال السياسي, المجال الاقتصادي, المجال الاقتصادي الاجتماعي.
المنهج المقارن:
يستخدم المنهج المقارن استخداما واسعا في الدراسات القانونية والاجتماعية, كمقارنة ظاهرة اجتماعية بنفس الظاهرة في مجتمع آخر, أو مقارنتهما في بعض المجالات الاقتصادية والسياسية والقانونية.
ويتيح استخدام هذا المنهج المقارن, التعمق والدقة في الدراسة والتحكم في موضوع البحث والتعمق في جانب من جوانبه, فعلى سبيل المثال يمكن أن ندرس جانبا واحدا من جوانب المؤسسة الاقتصادية: الأداء أو المواد البشرية...
ويمكن أن تكون المقارنة لإبراز خصائص ومميزات كل موضوع من موضوعات المقارنة, وإظهار أوجه الشبه والاختلاف بينهما.
وتطور علم السياسة مثلا مدين إلى حد بعيد للمنهج المقارن، فلقد استخدمه اليونان الذين مثلت لديهم الدول اليونانية ( المدن اليونانية ) مجالا لدراسة أنظمتها السياسية عن طريق المقارنة, وقد قام أرسطو بمقارنة 158 دستورا من دساتير هذه الدول, ويعتبر ذلك ثورة منهجية في علم السياسة[48].
والجدير بالذكر أن الدراسات المقارنة للنظم الاجتماعية وعمليات التغيير من بين الاهتمامات الرئيسة في العديد من الدراسات التاريخية والقانونية والسياسية وغيرها, وقد استعمل رواد الفكر الغربي من أمثال: كومت, سبنسر, هوبنز, وغيرهم التحليلات المقارنة للظواهر والنظم الاجتماعية بهدف الكشف عن أنماط التطور واتجاهاته, كما نجد نماذج أخرى من الدراسة المقارنة لدى الكثير من رواد العلوم الاجتماعية في أعمال دوركايم وخاصة في مناقشته لقواعد المنهج.
وطورت المدرسة الغربية وبخاصة بعد إسهامات " دافي " و" موريه " في الدراسات المقارنة للنظرية السياسية والقانونية.
كما لاقت الدراسة المقارنة اهتماما معتبرا لدى رجال القانون والمؤرخين والاقتصاديين, رغم أن المقارنة بالمفهوم الحديث كمنهج قائم بذاته, حديثة النشأة, فإن عملية المقارنة قديمة قدم الفكر الإنساني, فقد استخدم كل من أرسطو وأفلاطون المقارنة كوسيلة للحوار في المناقشة, قصد قبول أو رفض القضايا والأفكار المطروحة للنقاش([49]).
وبالنسبة لتطبيقات هذا المنهج في الدراسات القانونية:
فلو عدنا على سبيل المثال إلى قانون حمورابي, سنلاحظ بأنه على الرغم من أنه لا يبدو أنه قد استخدم المنهج المقارن, فإنه قد توصل إلى هذا القانون استنادا إلى عادات وأعراف وحقائق كانت سائدة, أي أنه بعد المقارنة بين العادات والنظم السياسية والاقتصادية توصل إلى القانون المذكور.
ولقد عرف القانون المقارن تطورا معتبرا خلال القرن 19, وذلك بتأسيس " جمعية التشريع المقارن" بباريس سنة 1869, ثم بانعقاد المؤتمر الأول للقانون المقارن بمدينة باريس سنة 1900. وتهتم دراسة القانون المقارن بوجه عام بمقارنة قوانين بلدان مختلفة من أجل استخلاص أوجه الشبه والاختلاف فيما بينها.
وبناء على ذلك فقد ظهر القانون المقارن كميدان من ميادين البحث والدراسة, وكعلم قائم بذاته, وأصبح موضوعا من موضوعات الدراسات القانونية, ويرتبط باستخدام هذا المنهج في دراسة وتفسير مختلف فروع القانون([50]).
كما نجد معظم الدول المتخلفة, وحتى بعض الدول المتقدمة قد تبنت قوانين بعض الدول الأخرى, وذلك بعد دراسة ومقارنة قوانين مختلفة بصفة نظرية, أو بناء على تجارب تطبيق تلك القوانين في بيئتها الأصلية.
المنهج التاريخي

يتكون التاريخ من الوقائع والأحداث والحقائق التاريخية, التي حدثت وظهرت في الماضي ومرة واحدة, ولن تتكرر أبدا, على أساس أن التاريخ يستند إلى عنصر الزمن المتجه دوما إلى الأمام, دون تكرار أو رجوع إلى الوراء([51]).
ولدراسة الوقائع والأحداث أهمية كبرى في فهم ماضي الأفكار والحقائق والظواهر والحركات والمؤسسات والنظم, وفي محاولة فهم حاضرها والتنبؤ بأحكام وأحوال مستقبلها.
لذلك ظهرت أهمية وحتمية الدراسات التاريخية والبحوث العلمية التاريخية, التي تحاول بواسطة علم التاريخ ـ والمنهج التاريخي ـ أن تستعيد وتركب أحداث ووقائع الماضي بطريقة علمية في صورة حقائق علمية تاريخية, لفكرة من الأفكار, أو نظرية من النظريات, أو مدرسة من المدارس, أو مؤسسة من المؤسسات الاجتماعية والإنسانية والسياسية والاقتصادية.
ولدراسة الوقائع والحوادث والظواهر التاريخية, دراسة علمية تعتمد على العقل والمنطق, لابد من استخدام المنهج العلمي التاريخي.
مفهومـه:
عرف المنهج التاريخي عدة تعريفات عامة وخاصة, منها التعريف العام الذي يقرر صاحبه أنه: " الطريقة التاريخية التي تعمل على تحليل وتفسير الحوادث التاريخية, كأساس لفهم المشاكل المعاصرة, والتنبؤ بما سيكون عليه المستقبل."([52])
ومنها التعريف التالي الذي يتميز بنوع من الدقة: " هو وضع الأدلة المأخوذة من الوثائق والمسجلات مع بعضها بطريقة منطقية, والاعتماد على هذه الأدلة في تكوين النتائج التي تؤدي إلى حقائق جديدة, وتقدم تعميمات سليمة عن الأحداث الماضية أو الحاضرة أو على الدوافع والصفات الإنسانية."([53]).
ومن التعريفات التي تتميز بالدقة أيضا أنه: " مجموعة الطرائق والتقنيات التي يتبعها الباحث التاريخي والمؤرخ, للوصول إلى الحقيقة التاريخية وإعادة بناء الماضي بكل دقائقه وزواياه, وكما كان عليه في زمانه ومكانه, وبجميع تفاعلات الحياة فيه, وهذه الطرائق قابلة دوما للتطور والتكامل, مع مجموع المعرفة الإنسانية وتكاملها,ونهج اكتسابها."
ويمكننا القول أن المنهج التاريخي هو منهج بحث علمي, يقوم بالبحث والكشف عن الحقائق التاريخية, من خلال تحليل وتركيب الأحداث والوقائع الماضية المسجلة في الوثائق والأدلة التاريخية, وإعطاء تفسيرات وتنبؤات علمية عامة في صورة نظريات وقوانين عامة وثابتة نسبيا.
عناصر ومراحل المنهج التاريخي:
يتألف المنهج التاريخي من عناصر ومراحل متشابكة ومتداخلة ومترابطة ومتكاملة, في تكوين بناء المنهج التاريخي ومضمونه, وهي:
1 ـ تحديد المشكلة العلمية التاريخية:
أي تحديد المشكلة أو الفكرة العلمية التاريخية التي تقوم حولها التساؤلات والاستفسارات التاريخية, الأمر الذي يؤدي إلى تحريك عملية البحث التاريخي, لاستخراج فرضيات علمية تكّون الإجابة الصحيحة والثابتة لهذه التساؤلات.
وتعتبر عملية تحديد المشكلة تحديدا واضحا ودقيقا, من أول وسائل نجاح البحث التاريخي، في الوصول إلى الحقيقة التاريخية. لذا يشترط في عملية تحديد المشكلة الشروط التالية:
ـ يجب أن تكون المشكلة معبرة عن العلاقة بين متحولين أو أكثر.
ـ يجب أن تصاغ المشكلة صياغة جيدة وواضحة وكاملة جامعة مانعة.
ـ يجب أن تصاغ بطريقة جيدة ملائمة للبحث العلمي التجريبي والخبري.
2 ـ جمع وحصر الوثائق التاريخية:
بعد عملية تحديد المشكلة, تأتي مرحلة جمع كافة الحقائق والوقائع المتعلقة بالمشكلة, وذلك عن طريق حصر وجمع كافة المصادر والوثائق والآثار التسجيلات المتصلة بعناصر المشكلة, ودراسة وتحليل هذه الوثائق بطريقة علمية للتأكد من صحتها وسلامة مضمونها([54]).
ونظرا لأهمية وحيوية هذه المرحلة أطلق البعض على المنهج التاريخي اسم " منهج الوثائق", فالوثائق التاريخية هي جوهر المنهج التاريخي.
والوثيقة في اللغة الأداة والبينة المكتوبة الصحيحة والقاطعة في الإثبات.
وهي مأخوذة من وثق يثق ثقة أي ائتمنه, الشيء الوثيق الشيء المحكم.
أما في الاصطلاح فهي: "جميع الآثار التي خلفتها أفكار البشر القدماء."([55])
والوثائق أوسع من النص المكتوب, حيث تشمل كافة الوثائق والمصادر والأدلة والشواهد التاريخية, أصيلة وأولية, أو ثانوية وتكميلية, مكتوبة أو غير مكتوبة, رسمية أو غير رسمية, مادية أو غير مادية, والتي تتضمن تسجيلا لحوادث ووقائع تاريخية, أو لبعض أجزائها وعناصرها, يعتمد عليها في البحث والتجريب للوصول إلى الحقيقة التاريخية المتعلقة بالمشكلة محل الدراسة والبحث([56]).
3 ـ نقد الوثائق التاريخية:
بعد عملية حصر وجمع الوثائق التاريخية, تأتي مرحلة فحص وتحليل هذه الوثائق, تحليلا علميا دقيقا, عن طريق استخدام كافة أنواع الاستدلالات والتجريب, للتأكد من مدى أصالة وهوية وصدق هذه الوثائق.
وتعرف عملية التقييم والفحص والتحليل هذه, بعملية النقـد, وتتطلب صفات خاصة في الباحث, مثل: الحس التاريخي القوي, الذكاء اللماح, الإدراك العميق, الثقافة الواسعة والمعرفة المتنوعة, وكذا القدرة القوية على استعمال فروع العلوم الأخرى في تحليل ونقد الوثائق التاريخية مثل اللغة وعلم الكيمياء وعلم الأجناس, ومعرفة اللغات القديمة والحديثة.
وهذا النقد قد يكون نقدا خارجيا وقد يكون نقدا داخليا.
ـ النقد الخارجي للوثائق التاريخية: يستهدف هذا النقد التعرف على هوية وأصالة الوثيقة, والتأكد من مدى صحتها, وتحديد زمان ومكان وشخصية المؤلف للوثيقة, وكذا ترميم أصلها إذا طرأت عليها تغيرات, وإعادتها إلى حالتها الأولى.
ويمكن القيام بهذه العملية عن طريق طرح الأسئلة التالية:
ـ هل تطابق لغة الوثيقة وأسلوب كتابتها وخطها وكيفية طباعتها من أعمال المؤلف الأخرى, ومع الفترة التي كتبت فيها الوثيقة؟
ـ هل هناك تغيرات في الخطوط؟
ـ هل هذا المخطوط أصلي, أم هو نسخة منقولة عن الأصل؟
ـ هل يظهر المؤلف جهلا ببعض الأشياء التي كان من المفروض ان يعرفها؟
إلى غير ذلك من الأسئلة التي تتعلق بالجانب المادي والمظهر الخارجي للوثيقة.
ـ النقد الداخلي للوثائق التاريخية: وتتم عن طريق تحليل وتفسير النص التاريخي والمادة التاريخية, وهو ما يعرف بالنقد الداخلي الإيجابي, وبواسطة إثبات مدى أمانة وصدق الكاتب ودقة معلوماته, وهو ما يعرف بالنقد الداخلي السلبي.
ويمكن القيام بعملية النقد الداخلي بواسطة طرح الأسئلة التالية:
ـ هل المؤلف صاحب الوثيقة حجة في الميدان؟
ـ هل يملك المؤلف المهارات والقدرات والمعارف اللازمة, لتمكينه من ملاحظة الحوادث التاريخية وتسجيلها؟
ـ هل حالة المؤلف الصحية وسلامة حواسه وقدراته العقلية, تمكنه من الملاحظة العلمية الدقيقة والكاملة للحوادث التاريخية وتسجيلها بصورة سليمة؟
ـ هل ما كتبه المؤلف كان بناء على ملاحظته المباشرة, أم نقلا عن شهادات آخرين, أو اقتباسا من مصادر أخرى؟
ـ هل اتجاهات وشخصية المؤلف تؤثر في موضوعية التأليف, في ملاحظته وتقريره للحوادث التاريخية؟
وما إلى ذلك من الأسئلة التي يمكن أن تضبط الأمر.
بعض قواعد التحليل والنقد:
وضع Van Dalen بعض القواعد والمبادئ التي تساعد على عملية النقد وتحليل الوثائق التاريخية منها([57]):
1 ـ لا تقرأ في الوثائق التاريخية القديمة مفاهيم وأفكار أزمنة لاحقة ومتأخرة.
2 ـ لا تتسرع في الحكم على المؤلف بأنه يجهل أحداثا معينة, لأنه لم يذكرها, ولا يعتبر عدم ذكر الأحداث في الوثائق دليل على عدم وقوعها.
3 ـ لا تبالغ في تقدير قيمة المصدر التاريخي, بل أعطيه قيمته العلمية الحقيقة.
4 ـ لا تكتف بمصدر واحد فقط ولو كان قاطع الدلالة والصدق, بل حاول كلما أمكن ذلك تأييده بمصادر أخرى.
5 ـ إن الأخطاء المتماثلة في مصدرين أو أكثر, تدل على نقلها على بعضها البعض, أو نقلها من مصدر واحد مشترك.
6 ـ الوقائع التي يتفق عليها الشهود والأكثر كفاية وحجة, تعتبر مقبولة.
7 ـ يجب تأييد وتدعيم الشهادات والأدلة الرسمية الشفوية والكتابية, بالشهادات والأدلة غير الرسمية كلما أمكن ذلك.
8 ـ اعترف بنسبية الوثيقة التاريخية, فقد تكون دليلا قويا وكافيا في نقطة معينة, ولا تعتبر كذلك في نقطة أو نقاط أخرى.
4 ـ عملية التركيب والتفسير:
أي مرحلة صياغة الفرضيات والقوانين المفسرة للحقيقة التاريخية, فبعد القيام بعمليتي الجمع والنقد, يكون الباحث قد تحصل على المعلومات والحقائق التاريخية اليقينية, المبعثرة والمتفرقة.
فتأتي عملية التركيب والتفسير التاريخي, وعملية استعادة الوقائع والأحداث التاريخية Reconstruction أو التركيب والتفسير التاريخي للوقائع, هي تنظيم الحقائق التاريخية الجزئية المتناثرة والمتفرقة, وبنائها في صورة أو فكرة متكاملة وجيدة من ماضي الإنسانية.
وتتضمن عملية التركيب والتفسير المراحل التالية:
1 ـ تكوين صورة فكرية واضحة لكل حقيقة من الحقائق المتحصل عليها, وللموضوع ككل الذي تدور حوله الحقائق التاريخية المجمعة.
2 ـ تنظيم المعلومات والحقائق الجزئية والمتفرقة, وتصنيفها وترتيبها على أساس معايير ومقاييس منطقية, بحيث تتجمع المعلومات المتشابهة والمتجانسة في مجموعات وفئات مختلفة.
3 ـ ملء الثغرات التي تظهر بعد عملية التوصيف والتصنيف والترتيب للمعلومات, في إطار وهيكل مرتب منظم. وتتم عملية ملء الفراغات هذه عن طريق المحاكمة, التي قد تكون محاكمة تركيبية سلبية, عن طريق إسقاط الحادث الناقص في الوثائق التاريخية على أساس أن السكوت حجة, وقد تكون المحاكمة ايجابية, بواسطة استنتاج حقيقة أو حقائق تاريخية لم تشر إليها الوثائق, من حقيقة تاريخية أثبتتها الوثائق والأدلة التاريخية باستعمال منهج الاستدلال.
4 ـ ربط الحقائق التاريخية بواسطة علاقات حتمية وسببية قائمة بينها, أي عملية التسبيب والتعليل التاريخي, وهي عملية البحث عن الأسباب التاريخية والتعليلات المختلفة.
فعملية التركيب والبناء لا تتحقق بمجرد جمع المعلومات والحقائق من الوثائق, بل هي عملية البحث والكشف والتفسير والتعليل عن أسباب الحوادث, وعن علاقات الحتمية والسببية التاريخية للوقائع والحوادث التاريخية.
وتنتهي عملية التركيب والتفسير التاريخي, باستخراج وبناء النظريات والقوانين العلمية والثابتة في الكشف عن الحقائق العلمية.
تطبيق المنهج التاريخي في ميدان الدراسات القانونية:
يضطلع المنهج التاريخي بدور هام وأساسي في ميدان الدراسات والبحوث العلمية القانونية والإدارية, التي تتمحور حول الوقائع والأحداث والظواهر القانونية, المتحركة والمتطورة والمتغيرة, باعتبارها وقائع وأحداث وظواهر إنسانية في الأصل.
فيقدم المنهج التاريخي الطريقة العلمية الصحيحة, للكشف عن الحقائق العلمية التاريخية للنظم والأصول والمدارس والنظريات والأفكار القانونية والإدارية والتنظيمية.
إن المنهج التاريخي هو الذي يقود إلى معرفة الأصول والنظم والفلسفات والأسس التي يستمد منها النظم والقواعد والمبادئ والأفكار القانونية والتنظيمية الحاضرة, وذلك عن طريق حصر وجمع كافة الوثائق التاريخية, وتحليلها ونقدها, وتركيبها وتفسيرها, لمعرفة وفهم حاضر فلسفات ونظم وقواعد ومبادئ الأفكار القانونية السائدة, والسارية المفعول, والقيان بالبحوث والدراسات العلمية المقارنة, لفهم واقع النظم القانونية والإدارية المعاصرة فهما سليما حقيقيا أولا, ولتطويرها بما يجعلها أكثر ملائمة وتفاعلا وانسجاما مع واقع البيئة والحياة المعاصرة ثانيا.
فبواسطة المنهج التاريخي أمكن ويمكن معرفة الحقائق العلمية والتاريخية, عن أصل وأساس وغاية القانون, في كافة مراحل وعصور ماضي التاريخ الإنساني في الغابر بطريقة علمية صحيحة.
كما أمكن التعرف على الأحكام والنظريات القانونية القديمة والماضية, مثل النظام القانوني والإداري الإغريقي والروماني, النظام القانوني الإداري الإسلامي, الجزائري, الصيني, الهندي...
المصادر والمراجع:

ـ البعلبكي, منير: قاموس المورد, انجليزي ـ عربي, بيروت, دار العلم للملايين, 1985.
ـ د بدر, أحمد: أصول البحث العلمي ومناهجه, الكويت وكالة المطبوعات, 1973.
ـ د بدوي, عبد الرحمن: مناهج البحث العلمي, الكويت, وكالة المطبوعات, الطبعة الثالثة, 1977.
ـ د جواد الطاهر, علي: منهج البحث الأدبي, الطبعة الثالثة, بيروت, المؤسسة العربية للدراسات والنشر, 1979.
ـ د حسن, عبد الباسط محمد: أصول البحث الاجتماعي, الطبعة الخامسة, القاهرة, مكتبة وهبه, 1976.
ـ د حسن، علي إبراهيم: استخدام المصادر وطرق البحث, الطبعة الثانية, القاهرة, مكتبة النهضة المصرية, 1963.
ـ د حموده, محمد عفيفي: البحث العلمي, الطبعة الثانية, مطابع سجل العرب, 1983.
ـ ديوبولد, فان ديلين: مناهج البحث في التربية وعلم النفس, ترجمة د محمد نبيل نوفل وآخرون, القاهرة, مكتبة الأنجلو مصرية, 1977.
ـ د الزغبي, محمد أحمد: التغير الاجتماعي, بيروت, دار الطليعة, ط 3, 1982.
ـ د شلبي, أحمد: كيف تكتب بحثا أو رسالة, القاهرة, الطبعة السادسة, مكتبة النهضة المصرية, 1968.
ـ د ضيف, شوقي: البحث الأدبي, القاهرة, دار المعارف, 1972.
ـ راسل, برتراند: حكمة الغرب, ترجمة الدكتور فؤاد زكريا, سلسلة عالم المعرفة, الكويت, ديسمبر1983.
ـ د عبد الحق, كايد: مبادئ في كتابة البحث العلمي والثقافة المكتبية, دمشق, مكتبة دار الفتح, 1972.
ـ د عبد الكريم, عبد الغريب: البحث العلمي, التصميم المنهج والإجراءات, الطبعة الثانية, الإسكندرية, المكتب الجامعي الحديث, 1982.
ـ د عميراوي, حميدة: في منهجية البحث العلمي, قسنطينة, دار البعث, الطبعة الأولى, 1405 هـ= 1985.
ـ د عميرة, عبد الرحمن: أضواء على البحث والمصادر, الطبعة الثالثة, الرياض, جامعة الرياض, 1975.
ـ د القاضي, يوسف مصطفى: مناهج البحوث وكتابتها, الرياض, دار المريخ, 1979.
ـ د المشوخي, حمد سليمان: تقنيات ومناهج البحث العلمي, ط 1 , القاهرة, دار الفكر العربي, 2002.
ـ د المغربي, كامل محمد: أساليب البحث العلمي, الطبعة الأولى, عمان, الدار العلمية للنشر والتوزيع, 2002.
ـ ملحس, ثريا: منهج البحوث العلمية للطلاب الجامعيين, بيروت, منشورات دار الكتاب اللبناني, 1960.
ـ ملحم, حسن: التفكير العلمي والمنهجية, مطبعة دحلب, الجزائر, 1993.
ـ د هواري, سيد: دليل الباحثين في كتابة التقارير ورسائل الماجستير والدكتوراه, القاهرة, مكتبة عين شمس, 1980.







n
مقدمــة:
الفصل الأول: مفهوم البحث العلمي.ـــــــــــــ 03.
مفاهيم العلم, المعرفة, الثقافة, الفن ــــــــــــــ 04.
تعريف البحث العلمي:ــــــــــــــــــــ 10.
مقومات البحث العلمي:ــــــــــــــــــــ 12.
خصائص البحث العلمي:ـــــــــــــــــــ 14.
أنواع البحث العلمي:ـــــــــــــــــــــ 16.
أدوات البحث العلمي:ـــــــــــــــــــــ 23.

الفصل الثاني: مراحل إعداد البحث العلمي:ــــــــــ 26.
1 ـ مرحلة اختيار البحث ــــــــــــــــــ 28.
قواعد تحديد المشكلة ـــــــــــــــــــــ 30.
الفرضيات ــــــــــــــــــــــــــ 31.
2 ـ مرحلة البحث عن الوثائق ـــــــــــــــ 33.
أنواع الوثائق ــــــــــــــــــــــــ 34.
3 ـ مرحلة القراءة ـــــــــــــــــــــ 35.
شروط القراءة ــــــــــــــــــــــــ 36.
أنواع القراءة ـــــــــــــــــــــــــ 37.
4 ـ مرحلة تقسيم الموضوع ـــــــــــــــــ 38.
كيفية التقسيم ـــــــــــــــــــــــــ 39.
شروط التقسيم ــــــــــــــــــــــــ 39.
5 ـ جمع المعلومات ــــــــــــــــــــ 39.
أهم مصادر المعلومات ــــــــــــــــــــ 40.
تصفية المعلومات ــــــــــــــــــــــ 41.
أساليب تخزين المعلومات ــــــــــــــــــ 42.
قواعد تسجيل المعلومات ـــــــــــــــــــ 42.
6 ـ مرحلة الكتابة ـــــــــــــــــــــ 44.
مقومات كتابة البحث ـــــــــــــــــــــ 45.
توثيق المصادر والهوامش ــــــــــــــــــ 49.
كيفية الإسناد ـــــــــــــــــــــــــ 50.

الفصل الثالث: مناهج البحث العلمي ـــــــــــــ 56.
مفهوم المنهج ــــــــــــــــــــــــ 58.
النشأة والتطور ــــــــــــــــــــــــ 59.
تصنيفات المناهج ــــــــــــــــــــــ 60.
علم المناهج ـــــــــــــــــــــــــ 62.
أولا المنهج الاستدلالي ــــــــــــــــــــ 64.
مبادئ الاستدلال ـــــــــــــــــــ 64.
أدوات الاستدلال ـــــــــــــــــــ 67.
ثانيا المنهج التجريبي ـــــــــــــــــــــ 69.
مفهومه ـــــــــــــــــــــــــــ 69.
مقوماته ـــــــــــــــــــــــــــ 70.
الملاحظة ــــــــــــــــــــــ 70.
الفرضية ــــــــــــــــــــــ 72.
التجربة ـــــــــــــــــــــــ 75.
تطبيقه في العلوم الإدارية ــــــــــــــــــ 76.
ثالثا المنهج الديالكتيكي ــــــــــــــــــــ 78.
مفهومه ـــــــــــــــــــــــــــ 78.
نشأته ــــــــــــــــــــــــــــ 79.
أهم قوانينه ــــــــــــــــــــــــــ 80.
التحولات ــــــــــــــــــــــ 80.
صراع الأضداد ـــــــــــــــــــ 81.
نفي النفي ــــــــــــــــــــــ 82.
رابعا المنهج التاريخي ــــــــــــــــــــ 85.
مفهومه ـــــــــــــــــــــــــــ 86.
عناصره ـــــــــــــــــــــــــــ 87.
تحديد المشكلة ــــــــــــــــــــ 87.
جمع الوثائق ـــــــــــــــــــــ 88.
نقد الوثائق ــــــــــــــــــــــ 89.
التركيب والتفسير ــــــــــــــــــ 92.
تطبيقه في العلوم القانونية ــــــــــــــــــ 94.
المصادر والمراجع ــــــــــــــــــــــ 96.
B

[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image006.gif[/IMG]





تمنياتنا بالتوفيق للجميع
21374856950
21366988450

[1] ) حسين رشوان, العلم والبحث العلمي, الإسكندرية, المكتب الجامعي الحديث, 1982, ص 4.

[2]) المنجد في اللغة, طبعة 26, بيروت, دار المشرق العربي, ص 527.

[3] ) د عبد الله العمر, ظاهرة العلم الحديث, ضمن سلسلة عالم المعرفة, الكويت, 1983, ص 276.

[4] ) قاموس ويبستر الجديد للقرن العشرين, باللغة الانكليزية, نقلا عن كتاب أساليب البحث العلمي, د كامل المغربي, الطبعة الأولى, عمان, دار الثقافة للنشر والتوزيع, 2002, ص 15.

[5] ) عن المرجع السابق, نفس الصفحة 15.

[6]) د فاخر عاقل, أسس البحث العلمي في العلوم السلوكية, ط 2, بيروت, دار العلم للملايين, 1982, ص 75.

[7]) د فاخر عاقل, المرجع السابق, ص 79.

[8] ) د زكي محمود هاشم, الجوانب السلوكية في الإدارة, الطبعة الثانية, الكويت وكالة المطبوعات, 1978, ص189.

[9] ) د مهدي حسن, علم النفس الإداري, المنظمة العربية للعلوم الإدارية, الأردن, ص 56.

[10] ) المنجد في اللغة والأعلام, مرجع سابق, ص 596.

[11] ) قاموس لاروس, باريس, مكتبة لاروس, 1986.

[12] ) الدكتور محمد عبد الفتاح ياغي:

[13] ) د حسن ملحم, التفكير العلمي والمنهجية, مطبعة دحلب, الجزائر, 1993, ص 60ـ 69.

[14] ) د حسن ملحم, المرجع السابق, ص 73.

[15] ) الدكتور فاخر عاقل: المرجع السابق, ص 14ـ 15.

[16] ) الدكتور أحمد بدر,أصول البحث العلمي ومناهجه, الكويت, وكالة المطبوعات, 1973, ص 18.

[17] ) الدكتور فاخر عاقل, المرجع السابق, ص 35.

[18] ) الدكتور اركان أونجل, مفهوم البحث العلمي, ترجمة محمد نجيب, مجلة الإدارة العامة, التي يصدرها معهد الإدارة العامة بالمملكة العربية السعودية, ع 40, جانفي 1984, ص 148.

[19] ) الدكتورة ثريا عبد الفتاح ملحس, منهج البحوث العلمية للطلاب الجامعيين, بيروت, مكتبة المدرسة ودار الكتاب اللبناني, 1960, ص 24.

[20] ) اركان أونجل: المقال السابق, ص 148.

[21] ) ) اركان أونجل: المقال السابق, ص 149

[22] ) الدكتور فاخر عاقل: المرجع السابق, ص 36.

[23] ) د حنان عيسى و د غانم العبيدي, أساسيات البحث العلمي, الرياض, دار العلوم للطباعة والنشر, 1984, ص 160.

[24] ) د محمد عفيفي حمودة, البحث العلمي, الطبعة الثانية, عين شمس, مطابع سجل العرب, 1983, ص 22.

[25] ) د حنان سلطان, مرجع سابق, ص 25.

[26] ) الدكتور أحمد بدر, المرجع السابق, ص 20 ـ 27.

[27] ) الدكتور أحمد بدر, المرجع السابق, ص 29.

[28] ) د عبد المجيد لطفي, علم الاجتماع, الطبعة السابعة, القاهرة, دار المعارف, 1976, ص 353.

[29]) د كامل محمد المغربي, مرجع سابق, ص 47.

[30] ) نميل إلى وجوب التفرقة بين المصادر والمراجع: فالمصدر Source هو أقدم ما يحوي مادة عن موضوع ما, وهي ما يسمى بـ " المراجع الأصلية ", وهي المراجع ذات القيمة في الرسائل العلمية, ولذلك وجب الاعتماد عليها والرجوع إليها, وكلما ازداد استخدام المراجع الأصلية وكثرت الحقائق المستقاة منها, كلما عظمت قيمة الرسالة, وبخاصة إذا كانت هذه الحقائق لم تصل إليها يد من قبل.
والمرجع هو Referenceما أخذ مادة أصلية من مراجع متعددة وأخرجها في ثوب جديد. وعلى الطالب العودة دائما إلى الأصول والمصادر إلا إذا تعذر عليه الأمر.

[31]) ابن منظور جمال الدين الأنصاري, لسان العرب, الدار المصرية للتأليف والترجمة, د ت, ج 2, ص 383. محمد بن أبي بكر الرازي, مختار الصحاح, مكتبة لبنان, بيروت, 1986, ص 284.

[32]) الدكتور عبد الرحمن بدوي, مناهج البحث العلمي, الطبعة الثالثة, الكويت,وكالة المطبوعات, 1977, ص 7.

[33]) محمد طه بدوي, المنهج في علم السياسة, الإسكندرية, المكتب الجامعي الحديث, سنة 2000, ص 115.

[34]) عبد الرحمن بدوي: مناهج البحث, وكالة المطبوعات, الكويت, ط 3, 1977, 7.

[35] ) محمد علي محمد, علم الاجتماع والمنهج العلمي, دار المعارف الجامعية, الإسكندرية, 1986, ص 117.

[36]) د عبد الرحمن بدوي, المرجع السابق, ص 82.

[37]) د عبد الرحمن بدوي, المرجع السابق, ص 91.

[38]) د عبد الرحمن بدوي, المرجع السابق, ص 128.

[39]) محاولة شابين, Chapin F; S, الدكتور أحمد بدر, مرجع سابق, ص 257.

[40]) محاولة الدكتور أحمد بدر, في كتابه أصول البحث العلمي ومناهجه, ص 258.

[41]) الدكتور فاخر عاقل, أسس البحث العلمي في العلوم السلوكية, الطبعة الثانية, بيروت, دار العلم للملايين, ص 84.

[42]) الدكتور عبد الرحمن بدوي, المرجع السابق, ص 128.

[43]) الدكتور أحمد بدر, المرجع السابق, ص 88, وأنظر الاشتقاق اللغوي للكلمة في اللغة الأجنبية, فهي مكونة من شقين:" Hypo " ومعناه أقل من, ومن " These " ومعناها أطروحة أو نظرية, فيكون المعنى العام للكلمة هو: " دون أو أقل من النظرية ".

[44]) د أحمد بدر, المرجع السابق, ص 93 ـ 106.

[45]) نشرت هذه الدراسة في كتاب للمؤلف المذكور تحت عنوان: " البيروقراطية والمجتمع في مصر الحديثة ", ترجمة الدكتور محمد توفيق رمزي, القاهرة مكتبة النهضة المصرية, 1957.


[46]) برتراند راسل: حكمة الغرب, ترجمة الدكتور فؤاد زكريا, الكويت, سلسلة عالم المعرفة, ديسمبر 1983, ص 176 ـ 179.

[47] ) محمد علي محمد, مرجع سابق, ص 181.

[48] ) حسن ملحم, المرجع السابق, ص 284.

[49] ) خالد حامد, منهج البحث العلمي, الطبعة الأولى, دار ريحانة للنشر والتوزيع, الجزائر, ص 61.

[50] ) حسن ملحم, التفكير العلمي والمنهجية, ص 276.

[51]) الدكتور عبد الرحمن بدوي, المرجع السابق, ص 133.

[52]) الدكتور سيد الهواري، الإدارة, القاهرة, مكتبة عين شمس, 1975, ص 469.

[53]) تعريف Hillway Tyrus ورد هذا التعريف في مرجع الدكتور أحمد بدر السابق, ص 235 بالهامش.

[54]) الدكتورة ليلى الصباغ, دراسة في منهجية البحث التاريخي, دمشق, جامعة دمشق, مطبعة خالد بن الوليد, 1978, ص 139.

[55]) الدكتورة ليلى الصباغ, المرجع السابق, ص 152.

[56]) لوسيان فيفر, ورد ذلك في مرجع الدكتورة ليلى الصباغ السابق الذكر, ص 152.

[57]) اعتمدنا في سرد هذه القواعد على مرجع الدكتور فاخر عاقل, ص 108, 109.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
منهجية, البحث, العلمي


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع منهجية البحث العلمي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصة البحث العلمي عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 09-23-2014 08:04 AM
منهجية البحث العلمي Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 1 03-09-2013 04:55 PM
منهجية البحث في العلوم الانسانية، من تدريبات موريس انجرس Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 02-27-2013 08:22 PM
مهارات البحث العلمي Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 05-30-2012 09:36 AM
مناهج البحث العلمي Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 4 01-22-2012 09:57 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 11:14 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59