العودة   > >

شذرات إسلامية مواضيع عن الإسلام والمسلمين وأخبار المسلمين حول العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 05-14-2018, 09:37 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,159
ورقة رمضان وإحياء شبكات المجتمع!


رمضان وإحياء شبكات المجتمع!
ــــــــــــــــ

(أحمد العساف)
ـــــــ

28 / 8 / 1439 هــ
14 / 5 / 2018 م
ــــــــــــ

9089096785r67gf.jpg



لا يخلو أيّ مجتمع من شبكات عديدة، تُعنى بجوانب مختلفة، ويكمن الفرق بين مجتمع وآخر، في عدد الشّبكات، وتنوّعها، وفعاليّتها، وتمازجها مع ثقافة المجتمع وحضارته، وموقف الحكومات منها والعكس، ومدى استقلاليّتها عن أيّ روابط فكريّة وحزبيّة، وهو ما يحقّق لها التّأثير، والشّمول، والسّلامة.



وتمتاز حضارة المسلمين بأنّها حضارة شبكيّة، تمنح لكلّ فرد منها الفرصة ليكون فعّالًا مؤثرًا، يستطيع خدمة مجتمعه وأمته بما يقوى عليه ويحسنه، وهذه المزيّة بدأت تضمر في واقع النّاس لأسباب منها الانشغال بهموم الحياة، والابتعاد عن معين الثّقافة الإسلاميّة، والانبهار بمنتجات الغرب، والانحياز الفئوي، فضلًا عن تدّخل المؤسسات الحكوميّة في كلّ شيء، وكان يسعها إتاحة المجال لشعبها؛ كي تفرغ هي لأمور أهم.



ولو نظرنا إلى أركان الإسلام الخمسة، لوجدنا أنّ أربعة منها تعزّز العمل الشّبكي في المجتمع المسلم، وتعين عباد الله على سعادة العيش مع شعب الإيمان؛ وعدد كبير منها لابدّ له من مجتمع وأناس. فالصّلاة تستلزم وجود مساجد، وأئمّة، ومصلين، ودروس، وفي الزّكاة أموال، وأصناف، ووسطاء، والحجّ يجتهد فيه علماء، ومرشدون، وتجار، وسقاة، وغيرهم؛ وكم فيه من منافع.



ويبرز دور المجتمع وشبكاته في شهر رمضان المبارك، وكم في قيام مجموعاته بواجباتها من بركات متتالية؛ فالحكومة ترتاح من بعض الأعمال، ولاتنفرد بمسؤوليّة العبء الثّقيل، والمجتمع تدبّ فيه روح الحياة العاملة المنتجة؛ كي يكون مشاركًا وفاعلًا، لا مفعولًا به منتظرًا فقط، وأثر ذلك حميد على طبقات المجتمعات، وثقافته، وأمنه، وتكافله، وإشاعة الرّضا فيه والطّمأنينة.



فلأجل رمضان، يتراءى البصراء المحتسبون هلال الشّهر، ويكون الثّقة الأمين منهم عونًا للأجهزة الرسميّة في إعلان دخول الموسم الميمون، ويؤدي هؤلاء ما عليهم فقط، ويوكلون مهمّة البلاغ وتوابعه إلى القضاء أو الإفتاء، فهم بعيدون عن الافتئات والقفز على الصّلاحيات، ولا يرومون القضاء على مرجعيّة الحكومة.



وتنشط المساجد خلال رمضان، ففيها صلوات وتراويح وقيام، ووعظ وذكر وحفظ للقرآن، ومراجعات للخاتمين، واعتكاف، وختمات ودعوات وفتاوى، ويقصده أهل الحي من الجنسين على اختلاف أعمارهم؛ فيعود للمسجد شيء من موقعه في حضارة المسلمين وحياتهم؛ فالمسجد ليس مكانًا لتأدية الفروض الخمسة فقط، بل هو مؤسسة اجتماعيّة راسخة، وجدير بها أن تنفذ إلى عمق المجتمع.



ولا يخلو مجتمع من محتاجين وأثرياء، وفي رمضان تجود النّفوس الكريمة ليس بزكاتها الواجبة فقط، ولا بزكاة الفطر المفروضة عليها، بل يتجاوز المحسنون ذلك إلى صدقات، وهبات، وأعطيات، وإنظار معسرين، وتخفيف عن متضررين، وهذه شبكة ماليّة فيها عطاء، وأخذ، وتيسير، وتأخير، وكم تصفو القلوب بمثل ذلك.



ولا يقف العطاء المالي عند ذلك، بل يتخطّاه إلى خدمة المجتمع المحيط أو البعيد، بمساندة مشروعاته المباركة، وتمويل أوقافه، وتأييد أيّ مسلك ينتج عنه ما يخدم الوطن وساكنيه في أمر دينهم ودنياهم، فمشروعات المسلمين التّعليميّة، والصّحيّة، والتّأهيليّة، والإعلاميّة، وغيرها، تنتظر من يهبّ فيهبها ما يدفعها للأمام.



وإنّ إطعام المساكين لمثال واضح على شبكة المجتمع، فمشروعات التّفطير، وسلال الغذاء، فيها منفق، ومنفذ، ومتعاون، ومحتاج، وقد يغنم منه غير المسلمين؛ فيفتح الله على قلوبهم، وينقذهم من النّار. وبعد الفراغ اليومي من التّفطير، يكون الجزء النّظيف منه وجبة أخرى للصّائمين وغيرهم، وما بقي منه وهو غير مناسب للاستهلاك الآدمي؛ يصبح طعامًا مباشرًا للحيوانات أو يعاد تدويره لها، وهذه شبكة أخرى متفرّعة عن شبكة الإطعام، تعتني بالبيئة، والحيوانات، ويا له من سمو باذخ.



ومن الأعمال الرّمضانيّة الجليلة، ما يقوم به الفضلاء للإصلاح بين المتخاصمين، وتنقية الأجواء بين الأزواج، والأقارب، والجيران، والشّركاء، وعموم الفرقاء؛ ويتشجّع سادات النّاس على التماس العفو والعدل من الزّعماء والرّؤساء؛ فتعمّ الفرحة خلال رمضان في البيوت والأسر قبل حلول العيد، وهذه شبكة عظيمة، وأجرها على الله.



وكما يوجد شبكات مباركة إيجابيّة، تعمل لصالح المجتمعات والبلدان، ولتحقيق الخيريّة لها في دينها ودنياها؛ فلا تخلو ديار المسلمين من شبكات يسؤوها أن يعود النّاس لربّ العالمين، ويفزعهم تلاحم أفراد المجتمع، وتقارب الشّعوب مع حكوماتها؛ فينغصّون بالفسق، والمجون، والغلو، والشّائعات، والله يكفيناهم بما شاء، وبشبكات من عباده وأوليائه، يؤازرها أهل الجاه والمال والسّلطان.



إنّ شبكات المجتمع تقبس من رمزيّة رمضان وخيراته، فتعود لها الحياة، وقمين بمجتمعات المسلمين أن تكون ذات شبكات ظاهرة نافعة، لا تنتمي لحزب أو جماعة، ولا تصادم الحكومة أو تشاكس النّظام، وغايتها بذل المعروف، والإحسان إلى المجتمع وأهله، والمشاركة الإيجابيّة مع الحكومة والإدارة المحليّة؛ كي تفرغ لعظائم الأعمال، وتنهض لمزيد من التّنمية، دون أن تؤودها أثقال مجتمعيّة؛ فتعجزها عن الحركة الماضية الوثّابة!



ــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المجتمع!, رمضان, شبكات, وإحياء


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع رمضان وإحياء شبكات المجتمع!
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شبكات التواصل وكراهية المسلمين عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 01-04-2015 09:27 AM
مراقبة شبكات التواصل عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 06-05-2014 09:05 AM
شبكات كهرباء ذكية لمنازل المستقبل Eng.Jordan علوم وتكنولوجيا 0 11-24-2013 11:10 AM
عرض تقديمى فى شبكات الحاسب.ppt Eng.Jordan عروض تقدمية 4 02-05-2013 11:30 PM
عالم شبكات Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 11-10-2012 05:02 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:58 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59