#1
|
||||
|
||||
اللص التقي
(اللــصُّ الــتــقــي) هذه قصة عجيبة ... يخبرنا الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله بأن في هذه القصة من الطرافة أكثر من المنفعة منها ، وهي واقعة يعرف أشخاصها وظروفها .. فقال رحمه الله تعالى : هي قصة شاب فيه تقى وفيه غفلة ، في آن واحد .... طلبَ العلم ، حتى نال منه حظاً ،.... قال الشيخ له ولرفاقه : لا تكونوا عالةً على الناس ، فإن العالم الذي يمدُّ يده إلى أبناء الدنيا لا يكون فيه خير ، فليذهب كل واحد منكم وليشتغل بالصنعة التي كان أبوه يشتغل بها ، وليتق الله فيها . وذهب الشاب إلى أمه فقال لها : ما هي الصنعة التي كان أبي يشتغل بها ؟ فاضطربت المرأة وقالت : أبوك ذهب إلى رحمة الله ، فما لك وللصنعة التي كان يشتغل بها ؟ اذهب وتعلم أي صنعة ودعك من صنعة أبيك .. فألح عليها وهي تتملَّص منه ، حتى إذا اضطرها إلى الكلام أخبرته وهي كارهة أن أباه كان لصاً . فقال لها : إن الشيخ أمرنا أن يشتغل كلٌّ بصنعة أبيه ويتقي الله فيها . قالت الأم بحسرة : ويحك ! وهل في السرقة تقوى ؟ وكان في الولد ـ كما قلت غفلة ـ فقال لها : هكذا قال الشيخ . ثم ذهب فسأل وسأل وتابع السؤال ودرس وراقب والتقط الأخبار حتى عرف الطرق والوسائل التي يسرق بها اللصوص ، فأعد عدة السرقة ، وصلى العشاء ، وانتظر حتى نام الناس ، وخرج ليشتغل بصنعة أبيه كما قال الشيخ . فبدأ بدار جاره، ثم ذكر أن الشيخ قد أوصاه بالتقوى ، وليس من التقوى إيذاء الجار ، فتخطى هذه الدار . ومر بأخرى فقال لنفسه : هذه دار أيتام ، والله حذَّر من أكل مال اليتيم . ومازال يمشي حتى وصل إلى دار تاجر غني ليس له إلا بنت واحدة ، ويعلم الناس أن عنده الأموال التي تزيد عن حاجته . فقال : ها هنا ، وعالج الباب بالمفاتيح التي أعدها ففتح ودخل ، فوجد داراً واسعة وغرفاً كثيرة ، فجال فيها حتى اهتدى إلى مكان المال ، وفتح الصندوق فوجد من الذهب والفضة والنقد شيئاً كثيراً ، فهم بأخذه ، ثم قال : لا ، لقد أمرنا الشيخ بالتقوى ، ولعل هذا التاجر لم يؤد زكاة أمواله ، لنخرج الزكاة أولاً . وأخذ الدفاتر وأشعل فانوسا صغيراً جاء به معه ، وراح يراجع الدفاتر ويحسب ـ وكان ماهراً في الحساب خبيراً بإمساك الدفاتر ـ ، فأحصى الأموال وحسب زكاتها فأزاح مقدار الزكاة جانبا ، واستغرق في الحساب حتى مضت ساعات ، فنظر فإذا هو الفجر ، فقال : تقوى الله تقضي بالصلاة أولا .. وخرج إلى صحن الدار ، فتوضَّأ من البركة وأقام الصلاة ، فسمع رب البيت ، فنظر فرأى عجباً ، فانوساً مضيئاً ، ورأى صندوق أمواله مفتوحاً ورجلاً يقيم الصلاة ..فقالت له امرأته : ما هذا ؟ قال والله لا أدري ! ونزل إليه فقال : ويلك من أنت وما هذا ؟ قال اللص : الصلاة أولاً ثم الكلام ، فتوضأْ ثم تقدمْ فصلِّ بنا ، فإن الإمامة لصاحب الدار !! فخاف صاحب الدار أن يكون معه سلاح ففعل ما أمره به ، والله أعلم كيف صلى !! فلما قضيت الصلاة قال له أخبرني من أنت وما شأنك ؟ قال : لص . قال : وما تصنع بدفاتري ؟ قال : أحسب الزكاة التي لم تخرجها من ست سنين ، وقد حسبتها وفرزتها لتضعها في مصاريفها . فكاد الرجل يُجَنُّ من العجب ، وقال له : ويلك ، ما خبرك ؟ هل أنت مجنون ؟ فأخبره خبره كله . فلما سمعه التاجر ورأى جمال صورته وضبط حسابه ، ذهب إلى امرأته فكلمها ، ثم رجع إليه فقال له : ما رأيك لو زوجتك ابنتي وجعلتك كاتبا" وحاسبا" عندي ، وأسكنتك أنت وأمك في داري ، ثم جعلتك شريكي ؟ قال : أقبلُ . وأصبح الصباح فدعي بالمأذون وبالشهود وعقد العقد !... ليت للكثير منا فقه هذا اللص دون غفلته ، فالمشكلة أننا كثيرون الغفلة من غير تقوى ..... التقوى هي حصن حصين المصدر: ملتقى شذرات
__________________
" يا الله أنتَ قوتي وثباتي وأنا غصنٌ هَزيل " |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
اللص, التقي |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع اللص التقي | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
بعد 50 عاماً.. الكشف عن اللص | عبدالناصر محمود | الملتقى العام | 0 | 09-29-2014 07:02 AM |
اللص والحكيم... | صباح الورد | الملتقى العام | 0 | 08-15-2014 09:56 AM |
العاهل السعودي التقى اوباما بأنبوب اوكسجين - تفاصيل اللقاء | Eng.Jordan | أخبار عربية وعالمية | 0 | 03-28-2014 11:53 PM |
شعث:دحلان التقى السيسي ممثلاً عن الامارات وهو يعمل في مكتب الشيخ هزاع وطحنون | Eng.Jordan | أخبار عربية وعالمية | 0 | 02-11-2014 10:09 AM |
نبات الآس | Eng.Jordan | الملتقى العام | 0 | 10-24-2012 01:56 PM |