العودة   > >

رواق الثقافة معلومات ومواضيع فكرية وأدبية وعلمية منوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 02-03-2013, 08:52 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي سيف الدين قطز


اصله ونسبة

تروى المصادر التاريخية أن اسمه الاصلى محمود بن ممدود ، وآنه ابن أخت جلال الدين خوارزم شاه الذى قضى التتار على مملكته وكان قطز من بين الأطفال الذين حملهم التنار الى دمشق وباعوهم الى تجار الرقيق. ومضت سيرة حياتة داخل الإطار العام لحياة المماليك كما أوضحناها فى الفعل السابق .
ومعنى كلمة قطز الكلب الشرس ، وهى كلمة مغولية أطلقها عليه من اختطفوه وباعوه ، وربما يكون تجار الرقيق هم الذين أعطوه هذا الاسم
وقطز مثل غيره من المماليك الذين ارتقوا عرش السلطنة ، تأتى الاخبار عن اصل ونسب سيف الأبن قطز غامضة ضبابية . وتدور روايات مختلفة حول أصل ذلك المملوك الذى انتقل من الرق إلى عرش سلطنة المماليك فى مصر والشام والذى خرج من صفوف العبيد المعروضين فى سوق النخاسة ليقود مغرف المقاتلين ضد التتار فى عين جالوت ويلحق بهم هزيمة أطفأت نارهم التى كانت قد أحرقت مشرق العالم الإسلامى وأكل لهيبها خلافة المسلمين فى بغداد ودمروها تدمير .
وربما يكون مناسبا أن نعرض لروايات مختلف المؤرخين حول أصول المملوك قطز .
‏يقول المؤرخ أبن أ يبك الدو ادارى :.
لما كان قطز فى رق ابن الزعيم بدمشق بالقصاعين اتفق أن أستاذه غضب عليه يوما لشيء جرى منه فلطمه على وجهه ، ولعن والديه وأباه وجده . ثم إنه جلس يبكى وينتحب وزاد فى بكائه عن حد القياس . وحضر الطعام فامتنع عن الاكل ، وظل طول اليوم يبكى فـتى الية سيدة الحاج على الفراش : وكان الحاج على كبير فى بيت ابن الزعيم ، فقال له استاذه يا حاج استوصى بهذا المملوك، ولاطفه ، وخذ بخاطره ، واطعمه ، واسقيه
قال الحاج على : فأتيته وهو يبكى بعد ركوب أستاذه . فقلت له لما هذا البكاء العظيم، من لطمة تعمل هذه بك ‏فماذا ان وقع فيك جرح سيف أو رمح كيف كنت تصنع
فقال سيف الدين قطز لا والله يا حاج ما بكيت من لطمة ، فإن السيوف والله ما تعمل فى ، وانما غيظى على لعنته لوالدى وأبى وجدى، وهم والله أخير من آبائه وجدوده
فقال الحاج على ومن هو أبوك أنت ، ومن جدك ، وأنت مملوك تركى كافر ابن كافر
رد قطز وقال لا تقل كذا يا حاج وما أنا إلا مسلم ابن مسلم ابن مسلم إلى عاشر جد
‏.
آنا محمود بن ممدود ابن آخت خوارزم شاه السلجوقى ، ولابد ما أملك مصر وأكسر التتار فضحك الحاج على من قوله.
وتقلبت الأحوال إلى أن ملك مصر وكسر التتار ، ودخل قطر دمشق وطلب الحاج على ، فأحضره وأعطاه خمسمائة دينار، وجعل له راتب جيد
‏ هى الر وابة الأولى عن أصل قطز وهى رواية أوردها اكثر من مؤرخ و الرواية تنسب قطز إلى آسرة إسلامية حاكمة هى أسرة السلطان جلال الدين خوارزم شاه الذى استطاع التصدى للمغول واسترد منهم مدن ( قم ) و ( قا شان ) و ( همدان) ‏فى بلاد فارس . وكان هو الوحيد القادر على التصدى للتتار آنذاك لولا ان الخليفة العباسى الناصر لدين الله استعان بالتتار ضده ، و قضى التتار سنة 628 ‏م / 1231 ‏م على مملكة جلال الدين خوارزم شاه التى كانت تقع فى إقليم كرمان الحالى فى جنوب جمهورية إيران الإسلامية واختفى السلطان هربا من سيوف التتار.
‏على أية حال ، فإن المؤرخ أبا المحاسن يوسف بن تغري بردى كرر الرواية نفسها نقلا عن المصدر نفسه كما ذكر رواية أخرى
كان سيف الدين قطز جالس مع أصدقائه من المماليك بعدما وصل استاذة المعز آيبك ، فآمر المنجم فضرب الرمل ، ثم قال له قطز اضرب لمن يملك بعد استاذى المعز آيبك ، ومن يكسر التتار ، فضرب وبقى زمانا يحسب، فقال : يطلع معى خمس حروف بلا نقط . فقال له قطز : لم لا تقول محمود بن ممدود فقال : يا خوند لا ينفع غير هذا الاسم، فقال أنا هو آنا محمود بن ممدود
وآنا أكسر التتار وآخذ بثأر خالى خوارزم شاه ، فتعجبنا من كلامه فقال : اكتموا ذلك ، وأعطوه المنجم ثلاثمائة درهم
‏هذه هى الرواية الثانية وتسير فى نفس الاتجاه الى تحديد نسب قطز إلى بيت خوارزم شاه فى بلاد فارس
‏وثمة رواية آخرى تحمل نبوءة بتولى قطز عرش مصر نقلها ابن تغرى بردى عن كتاب مرآة الزمان، نصها
الأمير بدر الدين حكى وقال كنت أنا والملك المظفر قطز والملك الظاهر بيبرس فى الصبا كثير ما نكون مجتمعين فى ركوبنا وغير ذلك ، فاتفق آن رأينا منجما فى الطريق بالديار المصرية ، فقال له الملك المظفر قطز اضرب نجمي ، فضرب بالرمل وحسب وقال أنت تملك هذه البلاد وتكسر التتار ، فشرعنا نهزأ به ، ثم قال له الملك الظاهر بيبرس : ابصر نجمى ، فقال : وآنت أيضا تملك الديار المصرية وغيرها ، تزايد استهزاؤنا به ، ثم قالا لي : لابد آن تبصر نجمك ، فقلت له أبصر نجمى ، فحسب وقال : أنت تخلص لك اماره مائة ‏فارس ، يعطيك مذا ، وأشار إلى الملك الظاهر
وتقص علينا المصادر التاريخية أن قطز كان مملوكًا في “دمشق” ضمن مماليك ابن الزعيم، ثم انتقل إلى القاهرة، وأصبح من جملة مماليك عز الدين أيبك التركماني، وترقى عنده حتى صار أكبر مماليكه وأحبهم إليه وأقربهم إلى قلبه.
111-150x132.jpgقطز, سيف الدين قطز, قاهر التتار


ظهور سيف الدين قطز على مسرح الأحداث

بعد نهاية الحكم الأيوبي في مصر اتفقت كلمة المماليك على اختيار شجرة الدر سلطانة للبلاد، في سابقة لم تحدث في التاريخ الإسلامي إلا نادرًا، غير أن الظروف لم تكن مواتية لاستمرارها في السلطنة، على الرغم مما أبدته من مهارة وحزم في إدارة شؤون الدولة، فلم تجد بُدًّا من التنازل عن الحكم للأمير “عز الدين أيبك” أتابك العسكر الذي تزوجته وتلقب باسم الملك المعز.
ولم تسلس القيادة للسلطان الجديد في ظل ازدياد نفوذ زعيمهم “أقطاي” الذي تمادى في الاستخفاف بالملك المعز، ولا يظهر في مكان إلا وحوله رجاله ومماليكه في أبهة عظيمة كأنه ملك متوج، وبالغ في تحقيره للسلطان فلا يسميه إلا “أيبك”، وتطلعت نفسه إلى السلطنة، فاستشعر السلطان الخوف على عرشه بعد أن اشتد بغي أقطاي وكثرت مظالمه واستهانته بالرعية، فعزم على التخلص منه، وأعد خطة لذلك اشترك في تنفيذها أكبر مماليكه (قطز)، فكان ذلك أول ظهور له على صفحات التاريخ. ومن تلك اللحظة بدأ يشق طريقه نحو المقدمة.
ط³ظٹظپ-ط§ظ„ط¯ظٹظ†-ظ‚ط·ط²-..jpg
سيف الدين قطز وعز الدين آيبك

هذه هى بداية المملوك قطز ، وحسن بنا أن نتابع سيرته حتى جلوسه على عرش السلطان . يتضح من رواية مصادرنا أن قطز كان مملوك فى دمشق ضمن مماليك ابن الزعيم ، كما يتضح أنه مر بمراحل التى كان يمر بها أى مملوك فى تلك الفترة الباكرة من تاريخ دولة سلاطين المماليك . وقد ترقى حتى اصبح من أكبر مماليك الملك المعز أيبك التركمانى . وربما يكون أول ظهور له على صفحات التاريخ ما ذكرته المصادر عن اشتراكه فى قتل فارس الدين آقطاى الذى كان عز الدين أيبك التركمانى قد أعد المؤامرة للتخلص منه وبعد ذلك
بدأ قطز يشق طريقه على الطريقة المملوكية صوب العرش الذى جلس عليه سيده عز الاين أيبك .
‏كان مقتل فارس الدين أقطاى بمثابة علامة البداية لسيرة قطز نحو عرش السلطنه ، كما كان إيذانا بانقسام المماليك إلى حزبين كما عرض مصير الدولة الناشئة إلى خطر شديد فقد هرب زعماء المماليك البحرية طلبا لحماية أمراء الأيوييين وملوكهم فى بلاد الشام وحماية سلاجقة الروم وأخذ المماليك الهاربون يحرضون ملوك البيت الأيوبى على غزو مصر .
‏وكانت الخصومة ، التى تحولت إلى عداوة قاتلة بين المعز أيبك وزوجته شجر الدر الفرصة التى سطع فيها نجم قطز ، وعلى الرغم من الدماء التى أريقت فإنها فتحت طريق العرش أمام الأمير الطموح ليصير سلطانا على البلاد .
‏انتهى الحكم الأيوبى فى مصر مع تبدد دماء الملك المعظم توران شاه ابن الملك الصالح نجم الدين الايوبي الاين واختار المماليك أرملة السلطان الصالح نجم الدين الأميرة شجرة الدر لتتولى عرش السلطنة الشاغر . ولما كانت هذه السيدة فى الأصل جارية تركية أو أرمينية ، اعتبرها بعض مؤرخى عصر سلاطين الماليك . . أول من ملك مصر من ملوك الترك
على أية حال ، قبضت شجر الدر على زمام الحكم بيد من حديد
‏وبعد ثمانين يومأ تنازلت شجر الدر عن الحكم لواحد اختارته بعناية من أمراء المماليك هو عز الدين أيبك التركمانى الصالحى الذى اشتهر بعزوفه عن الصراع حتى ظن انجميع انه ضعيف وقبل أمراء المماليك زواجه من شجر الدر وجلوسه على عرش السلطنة بل إن بعضهم قال . . . متى أردنا صرفه أمكننا ذلك لعدم شوكته . . .. وتولى المعز أيبك الحكم فى يوم السبت آخر شهر ربيع الآخر سنة 648 ‏»/ يوليو . 125 ‏م ليثبت من خلال تصرفاته فى مواجهة المشكلات والصعاب التى واجهته خارجيا وداخليا ، أن السلطانة شجره الدر وزعما « المماليك قد أسرفوا فى الاستهانة به .
‏كان قطز أحب مماليك المعز أيبك وأقربهم إلى قلبه . وكان اشتراكه فى التخلص من زعيم البحرية فارس الدين اقطاى كما أشرنا – هو أول ظهور له على مسرح السياسة المملوكية ، ثم كانت النهاية المأساوية لزواج سيده من شجر الدر فوهة كاملة لأن يتولى زمام الأمور ويوجهها بالشكل الذى يضمن له العرش ليقود المعركة ضد التتار ولتنتهى حياته على نحو مأساوى أيضا
‏ولكن لم تنته متاعب أيبك فى بالتخلص من الماليك البحرية ، وانما انتهت بنهاية حياته فى مؤامرة دبرتها زوجته شجر الدر التى وصفها المعاصرون بأنها امرأه شديدة الخلق ، شديدة الغيرة، ذات شهامة زائدة ، وحرمة وافرة سكرانة من خمر التيه والعجب . . فقد كان من الصعب عليها أن تتخلى عن سلطنها والحكم ، وزاد من ضراوتها أن علمت أن عز الدين ايبك يسعى إلى الزواج من إحدى أميرات البيت الأيوبى . وبدأ الزوجان يتسابقان فى المؤامرات للتخلص من الآخر وانتصرت المرأة فى هذا السباق ولقى السلطان مصرعه ، فتا أوسلت شجر الدر إلى أيبك تتلطف به وتدعوه إلى القصر السلطانى وحين دخل الحمام كان هناك مجموعة من الغلمان تناولوه بسيوفهم وتركوه قتيلا
سيف الدين قطز وشجرة الدر

وحين ذاع خبر مقتل عز الدين ايبك فى صباح اليوم التالى ، وعلم ولده نور الدين على ومملوكه سيف الدين قطز (وكان أكبر مماليكه) بما حدث
أسرعا مع جماعة من المماليك المعزية إلى القصر السلطانى رغبة فى الانتقام من شجر الدر وبالفعل تم القبض عليها وحملها المماليك زوجة عزالدين ايبك الأولى وأم ولده على ؟ فأمرت جواريها بضربها بالقباقيب. . فضربها الجوارى بالقباقيب إلى أن ماتت فى يوم السبت ، وألقوها من سور القلعة إلى الخندق ، وليس عليها سوى سراويل .
‏هكذا كان العنف والدم هو الطريق إلى العرش منذ بداية عصر سلاطين المماليك . وعلى نفس هذا الطريق سار سيف الدين قطز ! إذ كان على رأس فرقة الانتقام التى قبضت على شجر الدر بعد أن اغتالت زوجها وسيده عز الدين أيبك .

‏فقد صمم المماليك المعزية ، وعلى رأسهم سيف الدين قطز على أن يقيموا على العرش الذى بات شاغر. بمصرع أيبك صبيا فى الخامسة عشرة من عمره هو نور الدين على ابن سيدهم عزالدين أيبك . وتم ذلك فى سنه 1257 ‏م ولقبوه الملك المنصور على . و رفض المماليك البحرية الاعتراف بالسلطان الصبى ، وتجسد رفضهم فى عدة اضطرابات

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-03-2013, 08:59 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي

سيف الدين قطز وصى على العرش

قام الملك عز الدين أيبك بتعيين قطز نائبا للسلطنة ،وبعد أن قتل الملك المعز عز الدين أيبك على يد زوجته شجرة الدر، وقتلت من بعده زوجته شجر الدر على يد جواري الزوجة الأولى لأيبك، تولى الحكم السلطان الطفل المنصور نور الدين علي بن عز الدين أيبك، وتولى سيف الدين قطز الوصاية على السلطان الصغير الذي كان يبلغ من العمر 15سنة فقط.
وأحدث صعود الطفل نور الدين إلى كرسي الحكم اضطرابات كثيرة في مصر والعالم الإسلامي، وكانت أكثر الاضطرابات تأتي من قبل بعض المماليك البحرية الذين مكثوا في مصر، ولم يهربوا إلى الشام مع من هرب منها أيام الملك المعز عز الدين أيبك، وتزعم أحد هؤلاء المماليك البحرية ـ واسمه “سنجر الحلبي” ـ الثورة، وكان يرغب في الحكم لنفسه بعد مقتل عز الدين أيبك، فاضطر قطز إلى القبض عليه وحبسه.. كذلك قبض قطز على بعض رءوس الثورات المختلفة، فأسرع بقية المماليك البحرية إلى الهرب إلى الشام، وذلك ليلحقوا بزعمائهم الذين فروا قبل ذلك إلى هناك أيام الملك المعزّ، ولما وصل المماليك البحرية إلى الشام شجعوا الأمراء الأيوبيين على غزو مصر، واستجاب لهم بالفعل بعض هؤلاء الأمراء، ومنهم “مغيث الدين عمر” أمير الكرك (بالأردن حالياً) الذي تقدم بجيشه لغزو مصر.. ووصل مغيث الدين بالفعل بجيشه إلى مصر، وخرج له قطز فصدّه عن دخول مصر، وذلك في ذي القعدة من سنة 655 هـ، ثم عاد مغيث الدين تراوده الأحلام لغزو مصر من جديد، ولكن صدّه قطز مرة أخرى في ربيع الآخر سنة 656 هـ..
كان قطز محمود بن ممدود بن خوارزم شاه يدير الأمور فعلياً في مصر ،ولكن الذي كان يجلس على كرسي الحكم سلطان طفل، فرأى قطز أن هذا يضعف من هيبة الحكم في مصر، ويزعزع من ثقة الناس بملكهم، ويقوي من عزيمة الأعداء إذ يرون الحاكم طفلاً.فقد كان السلطان الطفل مهتماً بمناقرة الديوك، ومناطحة الكباش، وتربية الحمام، وركوب الحمير في القلعة، ومعاشرة الأراذل والسوقة، تاركاً لأمه ومن وراءها تسيير أمور الدولة في تلك الأوقات العصيبة، وقد استمر هذا الوضع الشاذ قرابة ثلاث سنوات، على الرغم من تعاظم الأخطار وسقوط بغداد بيد المغول، وكان من أشد المتأثرين بذلك والمدركين لهذه الأخطار الأمير قطز، الذي كان يحزّ في نفسه ما كان يراه من رعونة الملك، وتحكم النسوان في مقدرات البلاد، واستبداد الأمراء، وإيثارهم مصالحهم الخاصة على مصلحة البلاد والعباد.
هنا اتخذ قطز القرار الجريء، وهو عزل السلطان الطفل نور الدين علي, واعتلاء قطز بنفسه عرش مصر.حدث هذا الأمر في الرابع والعشرين من ذي القعدة سنة 657 هـ، أي قبل وصول هولاكو إلى حلب بأيام.. ومنذ أن صعد قطز إلى كرسي الحكم وهو يعدّ العدّة للقاء التتار.
سيف الدين قطز سلطان مصر

عندما تولى قطز الحكم كان الوضع السياسي الداخلي متأزماً للغاية, فقد جلس على كرسي حكم في مصر خلال عشرة أعوام تقريبا ستة حكام وهم : الملك الصالح نجم الدين أيوب، ولده توران شاه, شجر الدر، الملك المعز عز الدين أيبك، السلطان نور الدين علي بن أيبك,و سيف الدين قطز. كما كان هناك الكثير من المماليك الطامعين في الحكم, ويقومون بالتنازع عليه
كما كان هناك أزمة اقتصادية طاحنة تمر بالبلاد من جراء الحملات الصليبية المتكررة، ومن جراء الحروب التي دارت بين مصر وجيرانها من الشام، ومن جراء الفتن والصراعات على المستوى الداخلي



رسالة هولاكو الى سيف الدين قطز

وصلت رسل هولاكو ملك التتار الى القاهرة يحملوا رساله الى قطز هذا نصها
‏ بسم إله السماء الواجب حقه
الذى ملكنا أرضه وسلطنا علي خلقه
الذى يعلم به الملك المظفر صاحب مصر وأعمالها وسائر أمرائها وجندها وكتابها وعمالها ، وحاضرها ، وأكابرها وأصاغرها ، إنا جند الله فى أرضه ، خلقنا من سخطه ، وسلطنا على من حل به غيظه ، فلكم بجيع الأمصار معتبر ، وعن عزمنا مزدجر
فاتعظوا بغيركم ، وسلموا إلينا أمركم ، قبل أن ينكشف الغطاء ، ويعود عليكم الخطأ
فنحن ما نرحم من بكى ، ولا نرق لمن شكى
فتحنا البلاد ، وطهرنا الأرض من الفساد ، فعليكم بالهرب وعلينا بالطلب ، فأى أرض تأويكم ، وأى بلاد تحميكم ، وأى ذلك ترى ، ولنا الماء والثرى
فما لكم من سيوفنا خلاص ، ولا من أيدينا مناص
فخيولنا موابق
وسيوفنا مراعق
ورماحنا خوارق
وسهامنا لواحق
وقلوبنا كالجبال
وعديدنا كالرمال
فالحصون لدينا لا تمنع
والجيوش لقتالنا لا تنفع
ودعاكم علينا لا يسمع ، لأنكم أكلتم الحرام ، وتعاظمتم عن رد السلام، وخنتم الأيمان ، وفشا فيكم العقوق والعصيان
فابشروا بالمذلة والهوان (فاليوم تجزون عذاب الهون ‏بما كنتم تعملون وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون ) . وقد ثبت أن نحن الكفرة وأنتم الفجرة ، وقد سلطنا عليكم من بيده الأمور المدبرة ، والأحكام المقدرة ، فكثيركم عندنا قليل ، وعزيزكم لدينا ذليل ، وبغير المذلة ما لدنياكم علينا من سبيل . فلا تطيلوا الخطاب ، وأسرعوا رد الجواب ، قبل أن تضرم الحرب نارها ، وتورى شرارها ، فلا تجدون منا جاها ولا عزا. ، ولا كتابا ولا حرزا. ، إذ أزتكم رماحنا أزا. . وتدهرن منا بأعظم داهية ، وتصبح بلادكم منكم خالية ، زعلى عروشها خاوية ، فقد أنصفناكم ، إذ أرسلنا إليكم، ومننا برسلنا
‏عليكم ، ثم كتب :
‏ألا قل لمصر ها هولاكو قد أتى بحد سيوف تقضى وبواتر
‏يصبر عزيز القرم فيها أذلة ونلحق أطفالا لهم بالأكابر

وكان رد سيف الدين قطز انه جمع الأمراء ‏وشاورهم فى الأمر ، فاتفقوا على قتل الرسل ، ومن ثم القبض عليهم وضرب عنق كل منهم أمام باب من أبواب القاهرة وتعليق رؤوسهم على باب زويلة وأبقى على صبي من الرسل وجعله من مماليكه، وكانت تلك الرؤوس أول ما علق على باب زويلة من المغول ويبدو أن قطز اعتبر الرسل محاربين وأنهم ليس لهم الحصانة الكافية لمنع قتلهم، حيث أن المغول قتلوا النساء والأطفال والشيوخ غير المقاتلين، وبأعداد لا تحصى في سمرقند وبخارى وبغداد وحلب ودمشق وغيرها من بلاد المسلمين، كما أن رسل التتار أغلظوا القول وأساؤوا الأدب وتكبروا عليه وكان الهدف من تعليق رؤوس المغول على أبواب القاهرة الرئيسية رفع معنويات الناس وإعلان الحرب على التتار وإعلامهم بأنهم قادمون على قوم يختلفون كثيراً عن الأقوام الذين قابلوهم من قبل، وهذا يؤثر سلباً على التتار فيلقي في قلوبهم ولو شيئاً من الرعب أو التردد، ويبقى الهدف الأكبر لقتل الرسل هو قطع التفكير في أي حل سلمي للقضية والاستعداد الكامل الجاد للجهاد، فبعد قتل رسل المغول لن يقبل التتار باستسلام مصر حتى لو قبل بذلك المسلمون، كان هذا هو اجتهاد قطز والأمراء في قتل رسل المغول
خطاب سيف الدين قطز فى امراء المماليك

لقد خطب قطز فى امراء المماليك يحثهم على الجهاد فى سبيل الله والدفاع عن الاسلام
لقد قال لهم سيف الدين قطز
‏يا أمراء المسلمين
لكم زمان تأكلون من بيت مال المسلمين
وأنتم للغزاة كارهون
وانا متوجة للجهاد فمن اختار الجهاد يصحبني
ومن لم يختر ذلك يرجع الى بيتة
وان الله مطلع علية وخطيئة حريم المسلمين فى رقاب المتأخرين عن القتال
‏‏(ثم تحركت المشاعر بصورة اكبر واكبر فى صدر قطز فقال وهو يبكى )
‏يا أمراء المسلمين من للأسلام ان لم نكن نحن للأسلام
من للأسلام ان لم نكن نحن للأسلام
‏من للإسلام إن لم نكن نحن للأسلام ؟
‏ووقعت هذه الكلمة في قلوب الأمراء. . فأصبحوا يبكون . لقد خشعت القلوب. . ومن خشع قلبه فيرجى منه الخير كله. .
‏وقام الأمراء يعلنون موافقتهم على الجهاد وعلى مواجهة التتار مهما كان الثمن

سيف الدين قطز والعز بن عبد السلام

لقد كان لشيخ الاسلام العز بن عبد السلام دور هام فى حياة قطز وفى الاعداد لمعركة عين جالوت وفى توفير الأموال للاستعداد للمعركة
فقال الشيخ العز بن عبد السلام رحمة الله
اذا طرق العدو البلاد وجب على العالم كلهم قتالهم (اي العالم الإسلامي ) وجاز أن يؤخذ من الرعية ما يستعان به على جهازهم( أي ضرائب فوق الزكاة ) ولكن بشرط أن لا يبقى في بيت المال شيء
و الشرط الثانى كما قال الشيخ العز بن عبد السلام رحمه الله
وأن تبيعوا مالكم من الممتلكات والآلات (أي يبيع الحكام والأمراء والوزراء ما يمتلكون ) ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه وتتساووا في ذلك أنتم والعامة
وأما أخذ أموال العامة مح بقاء ما في أيدي قادة الجند من الأموال والآلات الفاخرة ووسائل الحياة الفاخرة فلا يجوز .
‏فتوى في منتهى الجرأة.
‏يقول الشيخ العز بن عبد السلام لسيف الدين قطز انه لا يجوز فرض ضرائب اضافية على العامة الا اذا تساوى الوزراء والأمراء والسلطان مع العامة فى الممتلكات ويجهز الجيش بأموال الأمراء والوزراء فإن تكفى هذة الأموال جاز هنا فرض الضرائب على الشعب بالقدر الذي يكفى لتجهيز الجيش وليس أكثر من ذلك. . وإن كانت هذه الفتوى جريئة فإن استجابة قطز كانت اكثر جرأة
‏لقد قبل قطز كلام الشيخ العز بن عبد السلام ببساطة ! . . وبدأ بنفسه فباع كل ما يملك وأمر الوزراء والأمراء أن يفعلوا ذلك! . . فأستجاب الجميع
وتم تجهيز الجيش بالطريقة الشرعية. .
و اكتشفوا أن مصر غنية جدا وأن البلد به أموال ضخمة فقد امتلأت جيوب كثير من الوزراء والأمراء بأموال البلد الهائلة. . وأصبحت ثروات بعضهم تساوي ميزانيات بعض الدول . . لقد كانت ثروات بعضهم تكفى لسداد الديون المتراكمة على البلد. . وكانت ثروات بعضهم تكفى لسد حاجة الفقراء والمساكين .
‏ثم جاء قطز وبدأ في عملية تنظيف لمصر تنظيف لليد والقلب . .
‏أخيرا اصطلح القائد مع شعبه بعد سنوات من القطيعة بين الحكام والشعوب. .
وكانت النتيجة تجهيز جيش عظيم مهيب. . غايته نبيلة. . وأمواله حلال. . ودعاء الناس له مستفيض. . .
قطز يخرج الى فلسطين

‏واجتمع قطز مع المجلس العسكري لبحث أفضل طريقة لمحاربة التتار وليبحثوا توفير أفضل ظروف لتحقيق الانتصار. .
‏وقام قطز بإلقاء بيانه الذي يوضح فيه رأيه في الخطة . وبمجرد أن ألقى قطز برأيه قام المجلس و لم يقعدا . . لقد أحدث رأي قطز دويا هائلا في المجلس العسكرى للماليك . .
‏لقد أراد قطز أن يخرج بجيشه لمقابلة جيش التتار. . . . في فلسطين . . لقد قرر ألا ينتظر في مصر حتى يأتي التتار إليه بل يذهب هو لجيشه لمقابلتهم. .
‏واعترض أغلب الأمراء. . لقد أراد الأمراء أن يبقى قطز في مصر ليدافع عنها. فمصر في رأي الأمراء هي مملكته أما فلسطين فهي مملكة أخرى. لقد نطر الأمراء إلى القضية نطرة قومية بحتة. . . بمعنى أنه لو لم يدخل التنار مصر فانهم تجنبو قتال دموى مع الجيش الذى لا يهزم . . أما إذا ذهبوا إليهم فلا خيار حينئذ سوى المعركة. .
‏أما قطز فكانت نظرته عكس ذلك واستطاع ان يقنع الامراء بالخروج لمحاربة التتار خارج مصر
ذلك أنه إذا كان حكام المسلمين ابتداء من الدولة الخوارزمية حتى أرض فلسطين قد التزموا مبدأ التحصن داخل مدنهم انتظار لهجوم المغول عليهم ومحاولة صده فقط فإن السلطان قطز أدرك عدم جدوى الأساليب الدفاعية ورأى أن من الأفضل منازلة المغول قبل وصولهم إلى الأراضي المصرية واختار لذلك النزال مكاناً مناسباً خارج دولته هو منطقة عين جالوت بأرض فلسطين الذي يمتاز بقربه من المناطق الساحلية الذي كان يسيطر عليها الصليبيون، الذين أبدوا استعدادهم الكامل لتسهيل مرور القوات الإسلامية إليه، هذا بالإضافة إلى كون هذا الجزء من أرض فلسطين منطقة فسيحة يعلوها جبل، الأمر الذي سيمكن قواته من مواجهة العدو في كل الظروف، ففي حالة الاشتباك المباشر مع العدو في معارك مكشوفة، يكون القتال في منطقة منبسطة، وفي حالة مناوشته من بعيد يكون الجبل مساعداً للرماة لأداء واجبهم عل الوجه الأكمل، كما أن اختيار هذا المكان في بلاد الشام لمنازلة المغول، يعطي في حد ذاته دفعة قوية لتلك الجموع الشامية الهاربة منهم إلى مصر والتي انضمت إلى جيش المماليك، للاستبسال والتفاني في الجهاد وطمعاً في العودة مرة أخرى إلى بلادها، خاصة وأن هناك أمراء أيوبيين في ركاب هذه الجيوش، كان الملك المظفر قطز قد وعدهم بإعادتهم إلى إماراتهم بعد طرد المغول من بلاد الشام، كما اختار قطز لهذه المعركة الفاصلة شهر أغسطس الذي تكون فيه الحرارة مرتفعة للتأثير على تلك الجموع المغولية القادمة من صحاري منغوليا الباردة، للتقليل من نشاطهم القتالي لكونهم لم يعتادوا على المناخ الحار الذي عادة ما يسود مناطق فلسطين في ذلك الوقت
سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت
كان سيف الدين قطز قد بعث الأمير ركن الدين بيبرس على رأس فرقة من الكشافة لاستطلاع أخبار العدو وتحديد مكانه، واشتبك بيبرس مع طلائع الجيش المغولي واستمر يناوشهم إلى أن وصل الية السلطان قطز بالجيش الرئيسي عند عين جالوت في الخامس والعشرين من رمضان سنة 658هـ / سبتمبر 1260م حيث ألتقى الجمعان وذلك بعد طلوع الشمس وقد امتلأ الوادي بالناس وكثر صياح أهل القرى من الفلاحين
كان الجيش المغولي بقيادة كتبغا، وكان قطز يعرف جيداً تفوق جيشه في العدد على العدو، ولذا أخفى قواته الرئيسية في التلال القريبة ولم يعرض للعدو إلا المقدمة التي قادها بيبرس، ولما لبث كتبغا أن وقع في الفخ، إذ حمل بكل رجاله على القوات الإسلامية التي شهدها أمامه، فأسرع بيبرس في تقهقره إلى التلال بعد أن اشتدت مطاردة كتبغا له، فلم يلبث الجيش المغولي بأسره أن جرى تطويقه فجأة وجرت بين الطرفين معركة طاحنة، واضطربت قوات المماليك بعض الوقت وانكسرت ميسرة المسلمين في بداية الأمر كسرة شنيعة، فحمل الملك المظفر بنفسه في طائفة من عساكره وأردف الميسرة حتى جبر ضعفها، ثم اقتحم القتال وأبلى في ذلك اليوم بلاء حسناً وهو يشجع أصحابه ويحسن لهم الموت في سبيل الله ويكر بهم كرة بعد كرة، وألقى خوذته عن رأسه إلى الأرض وصرخ بأعلى صوته* وأسلاماه * وحمل بنفسه وبمن معه حملة صادقة فأيده الله بنصره، ولم تنقضي سوى ساعات حتى بدأ تفوق المسلمين في الميدان، وسحقت زهرة القوات المغولية، ومر العسكر في إثر التتار إلى قرب بيسان، فرجع التتار،والتقوا بالمسلمين لقاءً ثانياً أعظم من الأول، فهزمهم الله وقتل أكابرهم وعدة منهم، وكان قد تزلزل المسلمون زلزالاً شديداً، فصرخ السلطان صرخة عظيمة، سمعه معظم العسكر وهو يقول: * وإسلاماه * ثلاث مرات:يا الله انصر عبدك قطز على التتار * فلما انكسر التتار الكسرة الثانية نزل السلطان على فرسه ومرغ وجهه على الارض وقبلها وصلى ركعتين لله تعالى ثم ركب، فأقبل العسكر وقد امتلأت ايديهم بالغنائم، واستمر ركن الدين بيبرس في مطاردة فلول المغول حتى افامية فوجدهم قد تجمعوا بها ووحدوا صفوفهم للمرة الثالثة استعداداً لمواجهتهم، فهاجمهم بكل شجاعة وكسرهم كسرة شنيعة وغنم منهم اموالاً طائلة وخيولاً كثيرة

نهاية سيف الدين قطز


‏بينما كان السلطان المظفر سيف الدين قطز يستعد للعودة إلى مصر التى أىت زينتها لاستقبال البطل المنتصر بما يليق به وبما حققته جيوشه من انتصارات باهرة في عدو مخيف تطورت الأحداث بالشكل الذى جعل السلطان قطز يلقى حتفه قبل أن يرى الزينات التى أعدها رعاياه لاستقباله .
‏كان السلطان قد رتب الأحوال فى بلاد الشام ، وعين النواب والولاه ، ثم خرج من دمشق عائد إلى مصر . وكان قد قرر التوجه إلى حلب ولكن بعض الوشاة أبلغوه« أن الأمير ركن الدين بيبرس البندقدارى وجماعة من الأمرا ء البقرية قد تنكروا له وأنهم يضمرون الشر له
‏ثم خرج قطز من دمشق عائد. إلى مصر حتى ومل إلى بلدة القصير فبقي السلطان بهذه البلدة مع عدد من خواصه على حين رحل بقية الجيش إلى الصالحية بإقليم الشرقية فى مصر . وهناك أقيم الدهليز السلطانى ا الخيمة السلطانية ا . وفى الوقت نفسه بلفت مسامع الأمير ركن الدين بيبرس البندقدارى أنباء على أن السلطان قطز يضمر له السوء؟ فبالغ فى الحرص والحذر . وبات الغريمان يتربص كل منهما بالآخر .. . . وحدث بيبرس جماعة من الامراء فى قتل السلطان : منهم الأمير سبف الدين بلبان الرشيدى ، والأمير سيف الدين بهادر العزى
وأخذ أولنك الأمراء يتحينون الفرص لقتل قطز إلى وصل إلى القصير وقالوا متى فاتتنا هذه المنزلة وصل إلى القلعة ، وأعجزنا مرامه ، ولم نأمن انتقامه . . .
‏هكذا ، عقد المتأمرون العزم على قتل السلطان سيف الدين قطز وحرمانه من التمتع بثمار النصر الكبير الذى أحرزه على جحافل المغول .
وقد تنوعت روايات المؤرخين المعاصرين حول الأسباب التى أدت إلى هذا الموقف من جانب وكن الدين بيبرس البندقدارى ورفاقه

‏ المؤرخ تقى الدين المقريزى يقول إن سبب ذلك أن الأمير وكن الدين بيبرس طلب من السلطان سيف الدين قطز أن يوليه نيابة حلب ، فلم يرض فأضمرها فى نفسه . . . ليقضى الله أمر. كان مفعولأ . . . .
‏أما بيبرس الدوادار ، وهو أقربهم إلى الأحداث فيقول أنه لم قطز رحل من دمشق عاند. إلى الديار المصرية وفى نفوس البحرية منه ومن أستاذة ما فيها لقتلهما الفارس أقطاى، واستبدادهما بالملك واضرارهم الى الهرب ، والتنقل فى البلاد
‏الآن نحن امام قصة النهاية لبطل عين جا لوت . . . السلطان سيف الدين قطز
‏ولنقرأ القصة كما ترويها المصادر التاريخية .
يقول بيبرس الدوادار ، صاحب كتاب زبدة الفكرة فى تاريخ الهجرة
أن( السلطان سيف الدين قطز ) خرج عن الجيش ليصتاد الأرانب ، وساق خلف أرنب وهم يرمقونه ، فلما رأوة قد بعا عن ساقوا فى أثرة ركضا ، وجائوة يتلوا بعضهم بعضا فتقدم إليه أنص الأصبهاني كانه يشفع عنده فى إصلاح حال الركن البندقدارى لأنه قام فى خدمته مدة ولم تعين له ، وخرج إلى الغزاة برمحه ، فأجابه المظفر إلى سؤاله ، ووعده بإصلاح حاله ، فهوى إلى يده كأنه يقبلها فأمسكها ، واخرج الامير ركن الدين بيبرس سيفة وطعن سيف الدين قطز ثم اجتمعوا على من يملك ، فعند ذلك تقدم الأمير فارس الدين اقطاى المستعرب وقال من هو قتل المظفر بسيفه ؟ فقالوا الأمير ركن الدين بيبرس البندقدارى ! فقال هو أحق بالملك وأولي . فوافقه الأمرا ء على ذلك ،
‏ويقدم لنا ابن آيبك الدوادارى رواية ثانية تختلف عن الاولى إذ يقول:
( السلطان سيف الدين قطز ) خرج عن الجيش ليصتاد ارنب لكن سبقة الأمير عز الدين أنس إلى الأرنب واصتادها ، فأعجب السلطان ، وترجل عن فرسه . فقال له :اسأل ما تريد يا إذا دخلنا مصر فقال ياخوند ، الجارية التى أخذنها من سبى التتار فقال هى لك وعلى جهازها فباس الأرض وتقدم ليقبل يد السلطان فمسك يدة . وكانت هذه هى الإشارة ينهم فبادروا بضربه وطعنة وقيل إن أول من ضربه كان الأمير ركن الدين بيبرس البندقدارى
آما رواية المؤرخ تقى الدين المقريزى فتقول .. فلم يزل السلطان ساتر. إلى أن خرج من الغرابى ، وقارب الصالحية ، فانحرف فى مسيرة عن الدرب للصيد ومعه الأمراء . فلما فرغ من ميد« وعاد يريد الدهليز السلطانى طلب منه الأمير بيبرس امرأة من سبى التتار فأنعم بها . فأخذ بيبرس يد السلطان ليقبلها ، وكانت إشارة بينه وبين الأمراء : فبدره الأمير بدر الدين بالسيف ، واختطفه الأمير آنس وألقاه عن فرسه .
وحمل قطز بعد ذلك إلى القاهرة ، فدفن بالقرب من زاوية الشيخ تقى الدين قبل آن تعمر، ثم نقله الحاج قطز الظاهرى إلى القرافة ودفن قريبا من زاوية ابن عبود .
لقد قتل السلطان وهو عائد بنصره الكبير ، وتم تتويج قاتله خلفا له فى مكان الاغتيال ولكن القاهرة عاصمة السلطان ، كانت تستعد للقائه. وربما تلخص لنا رواية تقى الدين المقريزى ما حدث فيقول
. . وكانت القاهرة قد زينت لقدوم الملك المظفر قطز ، والناس فى فرح ومسرات بقتل التتر . فلما طلع النهار نادى المنادى بين الناس ترحموا على الملك المظفر سيف الدين قطز وادعوا لسطانكم الملك القاهر ركن الدين بيبرس ثم فى آخر النهار للملك الظاهر بيبرس . فغم الناس ذلك ، وخافوا من عودة المماليك البحرية
‏كان ذلك هو المشهد الأخير فى قصة بطل عين جالوت . ويبدو للناظر فى كتب التاريخ التى حفظت لنا هذه القصة أن سيف الدين قطز قد جاء ، لأداء مهمة تاريخية محددة ، فما انجزها توارى عن مسرح التاريخ بعد أن جذب الانتباه والإعجاب الذى جعل دورة التاريخى ، على الرغم من قصر فترته الزمنية ، كبير.

قبر سيف الدين قطز وثناء العز بن عبد السلام عليه

يروى أبو المحاسن أن قطز: بقي ملقى بالعراء فدفنه، بعض من كان في خدمته بالقصير، وكان قبره يقصد للزيارة دائماً …وكان كثير الترحم عليه والدعاء على من قتله، فلما بلغ بيبرس ذلك أمر بنبشه، ونقله إلى غير ذلك المكان وعفى أثره ولم يعف خبره، وقال المقريزي: ودفن بالقصير، فكانت مدّة ملكة أحد عشر شهراً وسبعة عشر يوماً وحمل قطز بعد ذلك إلى القاهرة، فدفن بالقرب من زاوية الشيخ تقي الدين قبل أن تعمر، ثم نقله الحاج قطز الظاهري إلى القارفة ودفن قريباً من زاوية ابن عبود، ويقال إن أسمه محمود بن ممدوح وإن أمه أخت السلطان جلال الدين خوارزم شاه وإن أباه ابن عم السلطان جلال الدين، وإنما سبي عند غلبة التتار، فبيع في دمشق ثم انتقل إلى القاهرة.
إن قيمة الرجال وعظمتهم لا تقاس بطول العمر ولا بكثرة المال، ولا بأبهة السلطان، إنما تقاس بالأعمال الخالدة التي تغير من وجه التاريخ، فمن قطز إذا لم يتمسك بالإسلام ويدافع عنه؟ ولا شك أن التاريخ كان سيُغفل اسمه كما أغفل اسماء الكثيرين الذين كانوا كغثاء السيل، بل كانوا وبالا على شعوبهم وأوطانهم مع حكمهم الفترات الطويلة والأعمار المديدة ولا شك أن حفر الاسم في سجل التاريخ يحتاج إلى رجال عظماء وليس بالضرورة أن يحتاج إلى وقت طويل ، فالتغيير يعتمد على نوعية الرجال المغيرِّين، مع مراعاة السنن وفقه المصالح والمفاسد والسياسية الشرعية وفقه قيام الدول وسقوطها ومعرفة مسار حركة التاريخ في منحنياته المتعددة، لقد كان الشيخ العز بن عبد السلام يخشى أن يضيع النصر الكبير وتنهار الأمة من جديد، لقد قال بعد موت قطز وهو يبكي بشدة: رحم الله شبابه، لو عاش طويلاً لجدد للإسلام شبابه، وقال: ما ولي أمر المسلمين بعد عمر بن عبد العزيز ـ من يعادل قطز ـ رحمه الله ـ صلاحاً وعدلاً. إلا أنني مع محبتي لسيف الدين قطز، واعترفي بجهوده العظيمة في خدمة الإسلام ودخوله نادي عظماء الأمة، فإنني أخالف شيخنا العز بن عبد السلام وأرى أن نور الدين محمود الشهيد فاقه صلاحاً وإصلاحاً وعدلاً وجهاد، ومن أراد التوسع فليراجع كتابي عن عصر الدولة الزنكية لقد كان سيف الدين قطز من خيار ملوك الترك وله اليد البيضاء في القيام لدفع العدو عن ديار المسلمين الشامية والمصرية.

شخصيات هامة فى حياة سيف الدين قطز
السلطانة جلنار
عز الدين ايبك
الامير بيبرس
الشيخ العز بن عبد السلام
شجرة الدر
نور الدين بن عز الدين ايبك
ابن الزعيم
الحاج على الفراش
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الدين, صحف, قطز


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع سيف الدين قطز
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفريغ الدين من الدين عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 03-12-2015 08:53 AM
الدين في المونديال عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 06-13-2014 07:01 AM
الدين المعاملة احمد ادريس الملتقى العام 1 07-31-2013 11:50 PM
عز الدين بن الأثير Eng.Jordan شخصيات عربية وإسلامية 0 06-16-2013 11:42 AM
ألا لله الدين الخالص جاسم داود شذرات إسلامية 0 12-25-2012 01:27 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:05 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59