#1
|
||||
|
||||
تجربة العراق .. دور القطاع العام والقطاع الخاص في التنمية الاقتصادية
دور القطاع العام والقطاع الخاص في التنمية الاقتصادية:تجربة العراق
نوفل قاسم علي الشهواني الخلاصة تهدف الدراسة إلى تحليل أبعاد الاتجاهات الرئيسة لتجربة العراق في التنمية الاقتصادية من خلال الدور الذي لعبه أهم قطاعين في النشاط الاقتصادي له وهما القطاع العام والقطاع الخاص . ولأجل ذلك تمهد الدراسة بصورة مركزة عن توسع دور الدولة والحكومات في جهود التنمية الاقتصادية في البلدان النامية بعامة وفي العراق بخاصة خلال السبعينيات وفي ظل الأزمات الاقتصادية او المشكلات الداخلية والخارجية العامة التي واجهتها . وتشير إلى أنه رغم تباين مشكلات البلدان النامية في حالات عدة مثل المديونية الخارجية ومحدودية القدرات المحلية وتفاوت الموارد البشرية والطبيعية فقد واجه الاقتصاد الكلي في العراق مشكلة من نوع آخر تمثل بظروف العقدين الأخيرين بحيث أدت الى مشاركة العراق لتلك البلدان في الظروف التي تطلبت مواجهة التحولات الاقتصادية العالمية وفي مقدمتها العولمة والاتجاهات العالمية التي تمخضت عنها بحيث حتمت ضرورة تحليل وتقييم دور الدولة ودور النشاط الخاص في عملية التنمية الاقتصادية بين فترة وأخرى، وخاصة في هذا الوقت في العراق. وقد تناولت الدراسة تلك الأبعاد والاتجاهات في أربع مباحث شملت : الأهمية المتبادلة للقطاع العام والقطاع الخاص في الاقتصاد؛ والخصائص الاقتصادية المقارنة بين القطاعين وما يتصل منها في العراق؛ والاتجاهات التنموية لهما في العراق خلال العقود الزمنية الثلاث الأخيرة؛ وأخيراً تطور دور القطاعين العام والخاص في النمو الاقتصادي والتراكم فيه. ثم خرجت البحث في هذه الدراسة بجملة مناقشات رسمتها الاستنتاجات التحليلية عن المدة منذ مطلع السبعينيات وحتى النصف الأول من التسعينيات. تستعرض الدراسة تطور القطاع العام في العراق لفترة ما قبل السبعينيات وذلك بعد تقديم التعريف الملائم له، واستناداً للتطورات اللاحقة خلال سنوات العقد الذكور، وتفترض الدراسة "ضرورة وجود قطاع عام وقوي لقيادة عملية التنمية الاقتصادية وتوجيهها في ظل التحولات العالمية من ناحية والتطورات الداخلية للقطر من ناحية أخرى"، من أجل تعزيز التنمية المستدامة حالياً وتفويت الفرصة على الأعداء مع امتصاص آثار العدوان الخارجي والحصار الاقتصادي لاحقاً. وترتأي الدراسة أهمية التركيز على جانبين رئيسين في هذا الصدد هما: التشغيل الشامل للموارد بالاتجاه التنموي الذي يعظم العائد الاقتصادي والاجتماعي أولاً؛ وحث الخطى في تسريع معدلات التراكم الرأسمالي الإجمالي ثانياً. وضمن إطار هذه الصورة يكون بدهياً تحميل القطاع العام مسئوليتين؛ الأولى ترسيخ متطلبات أدائه الكفء؛ والثانية مسؤولية قيادة التوجهات التنموية العامة بما فيها حدود عمل القطاع الخاص واتجاهات توسعه الهادف. في المبحث الثاني تركز الدراسة على أهم النقاط والجوانب التي اتفقت آراء الباحثين الاقتصاديين في هذا السياق على تشخيصها وما هو كائن فعلاً منها في التطورات الاقتصادية لكل من القطاعين العام والخاص في القطر. وتورد إيجابيات وسلبيات كل منهما في التجربة الذاتية وذلك لغرض الوقوف على مكامن القوة وثغرات الضعف لديهما في سبيل أفضل إسهام في تحديد الإطار الأكثر فاعلية لدور وأهمية القطاعين في النمو والتنمية، ومن خلال تقصي كل بواعث الكفاءة وسبل توظيف كل منها في التنمية اللاحقة. ويسلط البحث الضوء ضمن السياق أعلاه في المبحث الثالث على واقع وأهمية إسهام القطاع العام في البناء الاقتصادي وفي تعزيز السياسات الاقتصادية للتوازنات الكلية حتى عند مستويات مرتفعة جداً للتضخم، وذلك بفضل الجهود التي بذلتها الدولة في الحد من آثار التقلبات الاقتصادية التي سببها الحصار الاقتصادي على معدلات النمو والتراكم وكذلك في الحفاظ على الاقتصاد من الثغرات التي قد تفسح السبيل الى التدهور جراء انفلات آلية السوق المحتملة في ظل أجواء التضخم العاصف. وتنتقل الدراسة إلى استعراض تطور دور القطاع العام في الأنشطة الاقتصادية المختلفة؛ الإنتاجية والتوزيعية والخدمية خلال السنوات السبعينية، ثم الأدوار المتبادلة له مع القطاع الخاص في السنوات التالية لها في القطاعات السلعية المختلفة للأنشطة أعلاه. وتتوسع أكثر في تفصيل هذا الاتجاه على صعيد القطاع الصناعي مع الأنشطة الاقتصادية المتعددة فيه. وتجد الدراسة الصورة ذاتها في التحول والتطور والتي تنطوي على تنامي حجم وفاعلية القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي عموماً ومعها بوادر وتوسعات مجالات الخصخصة بشكل يناظر ما حصل من تحولات في البلدان النامية. وتركز الدراسة في هذا المبحث على مقارنة أهداف الخصخصة الجارية مع ما يفترض أن يكون عليه تعظيم أهداف التنمية الاقتصادية في العراق في الظروف الاقتصادية التي يمر بها. وتجد أن السؤال الذي يطرح نفسه أمامها ينطوي على معرفة مديات عمل وآلية أداء كل من القطاعين في الفترة القادمة ؟ ومنه تبرز تساؤلات أخرى أهمها كيفية استعادة معدلات النمو والتراكم السابقة ومعها مستويات الادخار والتشغيل اللازمة؟ ومنها أسبقية الأنماط الإنتاجية وغير الإنتاجية لكل منهما في النمو والتنمية الاقتصادية؟ والحقيقة ان مجمل هذه التساؤلات يخدم الهدف الأساس للدراسة وأهم ما تعنى به وهو حقيقة التوجهات المطلوبة التي ينبغي للسياسات الاقتصادية العامة تبنيها في تفعيل تنمية مستدامة وكفوءة مستقرة، تعززها معدلات نمو وتراكم تتجاوز (7 %–9 %) بالدرجة الأساس للعقد الأول من القرن الحادي والعشرين!! وعليه لابد من الإقرار أولاً بتعويل التوجه الرئيس على الدور التنموي العملي .. للقطاع العام! أم على هيمنته قيادياً فقط! أم في التحولات التنموية بأسلوب الخصخصة! أم أن هناك سبيل ثالث أكفأ للتنمية الاقتصادية معبراً عنه بالقيم الحقيقية! باختصار الزمن وفي تفعيل الموارد وكفاءة التشغيل. وإزاء هذه التساؤلات تحتمت عملية إعادة تقدير وتقييم إسهامات كل من القطاعين العام والخاص، في النمو الاقتصادي الحقيقي، وفي تكوين رأس المال الإجمالي الثابت الحقيقي، وتقدير العوائد الاقتصادية التي حققها كل منهما من النمو الاقتصادي السابق وذلك بأسلوب تحليل الحساسية على مر المراحل الزمنية السابقة المتعاقبة خلال المدة بين عامي (1970-1993)، حيث شملت تلك المراحل الفترات : (1970-1979)، (1980-1990)، (1980-1993)، ثم لعموم المدة (1970-1993). وقد توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج والاستنتاجات التحليلية تشير بجلاء إلى سبل وأولويات معالجة إجرائية ذات مضامين ودلالات للسياسات الاقتصادية أبرزها: استحواذ النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص على الفاعلية والدور الرئيس في الأداء والكفاءة مقابل الدور الريادي للقطاع العام في قيادة وتوجيه عمليات التنمية الاقتصادية باتجاه أعلى معدلات النمو الاقتصادي في الظروف الطبيعية، فضلاً عن ضمان سلامة وحماية الاقتصاد من ثغرات ومخاطر الظروف غير-الطبيعية. هذه المضامين توحي ببساطة بضرورة دعم اتجاهات الموازنة بين الكفاية والكفاءة من جهة ولصالح التحول إلى الكفاءة من جهة ثانية، في سبيل تنمية تراكمية مطردة لا تكتفي بطفرات وقتية وتبنى تحركاتها ذاتياً ومحلياً، تنطوي على إعادة إصلاح كل من القطاعين العام والخاص مع ما تقتضيه من عمليات خصخصة وبشكل خاص في الأنشطة الإنتاجية والتوزيعية دون الخدمية منها والاجتماعية. مدخل شهد عقد السبعينيات والعقد الذي سبقه في معظم البلدان النامية توسعاً هاماً في دور الدولة والحكومات مترجماً بأنشطة القطاع العام في جهود التنمية الاقتصادية، شملت هذه الأنشطة المجالات الإنتاجية والتوزيعية والخدمية لتحقيق الأهداف التنموية المرسومة، وانجاح جهودها. وقد حققت بلدان نامية عديدة فعلاً ومنها العراق نجاحات ملحوظة، أبرزها تسجيل معدلات نمو اقتصادي متزايدة خلال تلك الفترة وتطور القطاع الصناعي نسبياً بالمقارنة مع القطاع الزراعي وتقليص التفاوت في توزيع الدخول وارتفاع المستوى المعاشي بعامة. وكانت نقطة الانطلاق الحقيقية مع تبني القطاع العام مسؤولية القرار الاستثماري الواسع في الاقتصاد وتنشيط الإنفاق الحكومي بشكل كبير . فقد غطت النسبة الغالبة من التخصيصات الاستثمارية وموازناتها الإنفاق على الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم والبنى الارتكازية من هياكل تحتية وخدمية والأمن والنقل والمواصلات. وفي هذا الوقت سعت بلدان نامية أخرى لتحقيق مثل هذه الأهداف إلاّ ان العديد منها وقع تحت طائلة المديونية الخارجية للمنظمات العالمية التي أشرفت على مشاريع تلك الأهداف بسبب غياب القدرات التمويلية المحلية، ومن هذه المنظمات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبعض الجهات المانحة للإعانات المالية مثل هيئة المعونة الأمريكية، كما حصل لمصر والهند والسودان وتشيلي وغيرها. ثم تفاقمت أزمة الدين ووصلت ذروتها مع مطلع الثمانينات، حيث عجز الميزانيات العامة وموازين المدفوعات مما اضطرها إلى إجراء تغييرات في سياسات الاقتصاد الكلي الخاصة بها، والتي أدت إلى إدخالها بالتالي في خضم تعقيدات إضافية. أما التنمية الاقتصادية في العراق فقد أثمرت جهودها بشكل متميز حتى نهاية السبعينيات، ولكن الاقتصاد الكلي واجه بدلاً من المشكلات المالية أعلاه أزمة خارجية تمثلت بالتهديد الخارجي الذي تطور إلى حرب الثمان سنوات مع إيران. وأدت ظروف الحرب إلى تسجيل تباطؤ كبير في النمو الاقتصادي وشئ من الاختلال في مكوناته أظهرت بالنتيجة اشتراك الاقتصاد مع الإقتصادات النامية أعلاه في مواجهة اختبارات حقيقية . وفي عقد الثمانينيات عمل القطاع الخاص في تلك البلدان في بيئات حدّت كثيراً من إمكانية مشاركته -ان لم يتقيد في الكثير منها بتشريعات حالت دون تسخير إمكاناته المتواضعة- في الإسهام التنموي الفاعل. إلا ان الظرف في العراق كان مختلف تماماً بالنسبة للقطاع الخاص الذي وجد نفسه أمام فرص تشغيل واستثمار ملائمة، خلق معها قناعات عامة، ساندتها الضرورات الاقتصادية، بإجراء تحول في السياسات الاقتصادية توافقاً مع التغيرات المتلاحقة في البيئة الاقتصادية المحلية . وفي هذا الوقت تقريباً عايشت الإقتصادات النامية ظاهرة السعي العالمي نحو العولمة وما تمخض عنها من اتجاهات في الاقتصاد الدولي، مثل اتفاقية الجات (1994) وقيام منظمة التجارة العالمية وانعقاد جولة أوروغواي (1995) في سبيل تحرير التجارة العالمية تحت دعوات الفرص التنموية الأفضل . ثم تنامت دواعي التفكير بتطبيق وتوسيع الخصخصة في تلك الإقتصادات ومنها العراق لعوامل متباينة . وقد أرجعت ألاسكوا تباطؤ النمو الاقتصادي في هذا العقد إلى عيوب في السياسات الاقتصادية من ناحية وغيرها من الأسباب المتباينة من اقتصاد لآخر. وقد أجريت دراسات عدة على دور واتجاهات تطور دور القطاعين العام والخاص في التنمية الاقتصادية لبلدان عربية اتفقت جميعاً على ضرورة إعادة تقييم دور كل من القطاعين أعلاه. أما الظروف التي يمر بها اقتصاد العراق مع التطورات الاحتمالية الكبيرة فهي ادعى لإجراء مثل هذا التقييم وفي هذا الوقت اكثر من غيره. والهدف من هذه الدراسة هو تحليل وتقييم دور الدولة متمثلاً بقطاعها العام، ودور النشاط الاقتصادي الخاص في النمو والتنمية الاقتصادية في العراق خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وذلك في سبيل الإسهام في تكوين صورة مستقبلية اوضح لما يتوجب ان تكون عليه الاتجاهات الستراتيجية للتنمية الاقتصادية في العراق حالياً ولما بعد الحصار الاقتصادي. ومن اجل ذلك فقد توزعت اهتمامات البحث في خمسة فقرات، في الفقرة الأولى يتم التعرف على تطور الأهمية المقارنة للقطاعين العام والخاص في الاقتصاد، ثم الانتقال الى الخصائص الاقتصادية للقطاعين في الفقرة الثانية. وفي الثالثة أهم الجوانب التنموية لهما، وفي الفقرة الرابعة تقدير وتحليل الإسهامات التنموية السابقة واختتام الدراسة بمناقشة الاستنتاجات التي رسمتها أهم النتائج التي توصلت إليها. 1- الأهمية المقارنة للقطاع العام والقطاع الخاص في الاقتصاد يتم التعرف على تطور الأهمية المقارنة لدور الدولة والنشاط الخاص في التحولات الاقتصادية في العراق وفاعلية كل منهما في تجربته خلال العقود الثلاثة الأخيرة . وتتجسد الأنشطة الاقتصادية في الدولة من مؤسسات ما يسمى بالقطاع الاشتراكي او القطاع العام ويتوسع أحياناً ليشمل القطاع المختلط حيث تستحوذ الدولة في الغالب على اكثر من نصف ملكيته ومن ثم إدارته. والقطاع العام مصطلح يستخدم للإشارة إلى "الوحدات الاقتصادية المملوكة للدولة التي تقوم بإنتاج السلع والخدمات وبيعها للمستخدمين مقابل سعر محدد، وذلك بغض النظر عن شكل ملكية الدولة او الحالة التنظيمية للوحدات الاقتصادية سواءً اتخذت شكل المصالح الحكومية او الهيئات او المؤسسات او الشركات العامة" . والقطاع العام في العراق موجود قبل سنة 1958 وكان متركزاً في الأنشطة الهامة لخدمة الاقتصاد، ثم توسع في الستينيات بعد إدخال التعديلات على قوانين الملكية والحيازة الزراعية وتأميم الشركات الصناعية، ثم توسع اكثر مع تنامي إيرادات النفط من الشركات الأجنبية العاملة وتنفيذ خطط الإعمار إلى جانب تنامي المشروعات التي كانت قائمة وتطور قطاع النقل والمواصلات والخدمات البلدية العامة مثل الماء والكهرباء والاتصالات والأنشطة المصرفية التجارية والصناعية . ثم شهد القطاع العام تحولاً كبيراً ونمواً واسعاً شمل جميع مجالات الإنتاج ومرافق الحياة العامة بعد ثورة تموز (1968) وتحرير كامل الثروات النفطية من أيدي الشركات الأجنبية ونجاح عمليات التأميم والاستغلال الكامل للثروات النفطية. وحققت الدولة بناءاً اقتصادياً لم يشهده القطر من قبل حيث خلقت رصيداً من التراكمات المادية والاستثمارات الاقتصادية والاجتماعية الضخمة خاصة في مجال البنى التحتية وتوسيع الصناعات التحويلية وإنشاء المتقدمة منها واسهم ذلك في تكوين رأس المال الثابت فيها كثيراً وفي النمو الاقتصادي وغيّر من بنية النظام الاقتصادي والاجتماعي للنشاط العام بحيث مكنت البلد من الصمود لاحقاً في خضم التطورات الساخنة التي شهدتها المنطقة في الثمانينيات والتسعينيات كما سيلاحظ في القسم الأخير من هذه الدراسة. وعليه تفترض الدراسة ان تجربة السبعينيات بينت "أن وجود قطاع عام قوي أمر ضروري لقيادة التنمية وتوجيهها -وليس بالضرورة القيام بها وبتفاصيلها- في المسارات التي تكفل إرساء أسس متينة للنهوض الزراعي والصناعي والخدمي المستقل في الأجل الطويل". ولكون السنوات الثمانينية وما تلاها غير طبيعية بالنسبة للتحليل الاقتصادي فستحظى بتحليل خاص في نهاية الدراسة في ضوء التحولات المرغوبة فيها. وقد أكدت تجارب العالم النامي اقتران نشوء الصناعات الستراتيجية في ظل القطاع العام ولن يكتب لها النجاح ولا لأية عمليات إصلاح او استصلاح ما لم يرتهن ذلك بتوسع مهام الدولة فيها. كما ان الحاجة إلى دفع الاقتصاد المتراجع لسبب او آخر إلى الأمام هو أحد أهم دوافع وجود القطاع العام فضلاً عن تنفيذ الاستثمارات الضخمة التي تعجز تراكمات رأس المال الخاص عن التصدي لها من وجهة نظر التنمية الاجتماعية خاصة وان التنمية الاقتصادية هي عملية اجتماعية بالدرجة الأساس، وبذلك أيضاً تحقق وظيفة رئيسة للدولة وهي التوسع في التراكم الرأسمالي وبناء الأساس لهيكل اقتصادي نامٍ يتسم بالتنوع من ناحية وبوجود الثروات الطبيعية من ناحية ثانية مثل العديد من الإقتصادات وبشكل خاص منها العراق. كما ان سير الاتجاه العام للتقدم التقاني نحو التزايد المستمر بحجم المشروعات هو من الاعتبارات الهامة لقيام وتنامي القطاع لعام لسبب بسيط وهو عجز القطاع الخاص عن المباشرة بالمشروعات والضرورات الستراتيجية مالياً وادارياً ومؤسسياً وفنياً، مثل الطاقة والنقل والاتصالات والخدمات الصحية والبيئية والتعليمية والأمنية والدفاعية والخدمات الشخصية فضلاً عن الصناعات الثقيلة والعمل ضمن البعد القومي او الإقليمي والجغرافي ومن الطبيعي ان ينهض القطاع العام أيضاً في الاقتصاد النامي في مجال التقانة والعلوم والتعاون الاقتصادي على المستوى الدولي أيضاً. ولذلك كانت ضرورة فعاليات التخطيط مرتبطة بضمان ديمومة اقتصاد التنمية والتي يطلق عليها التنمية المستدامة (Sustainable Development) وبشكل توقيفي، يظهر معها دور القطاع العام كأداة لإحكام الطوق على توجهات الجهود التنموية في السبيل المرغوب. وقد أكد هذا الترابط حقيقة أظهرتها معظم تجارب التخطيط ليس في العالم النامي فحسب وانما في الإقتصادات الرأسمالية المتقدمة أيضاً وتركز على بقاء الخطط كلام بلا معنى مع غياب قطاع عام قوي . فهو يوفر المناخ الملائم للتنمية المستقلة والمتوازنة ضامناً العدالة الاجتماعية والحيلولة دون التسلط الابتزازي للاحتكارات، ومراقبة توزيع الدخل وتفاوته غير المبرر. وبذلك يكون هذا القطاع مطلباً لا غنى عنه انطلاقاً من ضرورات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، ومن ضرورات فكرية مبدئية كذلك لكي تواصل التنمية معدلاتها المرغوبة واتجاهاتها. وعندما يشار الى قطاع عام تقترن الإشارة بوصفه قطاعاً قوياً ولا يراد به قوة مسنودة إسناداً قانونياً وسلطوياً وانما طبيعة تنظيمية فاعلة في التجديد والإبداع والحيوية المحفزة تؤهله تماماً لعملية قيادة التنمية بعد ان يشب القطاع الخاص ويجد نفسه في كنف بيئة تحفظ له مسيرته وتكفل تناميه دون الإضرار بالبيئة التي يتنامى فيها . ومن المهم الإشارة إلى ان مكونات وأسس هذه الطبيعة هي خارج نطاق هذه الدراسة ولربما تحتاج الى دراسات وأبحاث معيارية خاصة بها، وكل ما يتم التركيز عليه هو حالة من الحكم على أهميته ليكون قوياً لا كيف يكون كذلك . والواقع المتحقق في الإقتصادات النامية اظهر ثغرات وأزمات انطوت على معدلات منخفضة من النمو الحقيقي . ففي مصر مثلاً (5) لم يناهز اكثر من (3%) سنوياً بيـــن (1975-1985) مع انخفاض العائد على رأس المال المستثمر من (7.5%) في بدايتها الى (4.8%) في نهايتها. الى جانب تعطل ربع إجمالي الطاقات المتاحة عن العمل والتي تركزت في الصناعة بشكل بارز. وقد تعزى الطاقات العاطلة الى تراجع ال***** والتقادم والاندثار ونقص الطاقة وتغيب العاملين والتسيب أثناء العمل وتراجع الطلب على المنتجات المحلية بسبب اعتبارات النوعية والجودة والمنافسة والتسويق والخزن والأجور وهذه كلها من عوامل ضعف القطاع العام التي يمكن الوقوف على معالجتها في كيفية تعزيز دوره وقيادته. وقد يعاني القطاع العام من أزمة السيولة في الإقتصادات النامية الفقيرة وكذلك من هبوط معدلات دوران رأس المال وتراكم المخزون الذي يؤدي إلى ارتفاع نسب المديونية التي وصلت مثلاً في مصر في منتصف الثمانينات (250%)(6). وتتفاقم هذه الأزمات عند تخلي الدولة عن التزاماتها في السيطرة على الاستقرار الاقتصادي واتجاه حركته والتعويل كثيراً على جهود الرأسماليين البحتة ويكون الأمر أسوأ ما هو عليه عندما يترك ذلك لرأس المال الأجنبي وازدياد التبعـية تحت أشكال الدعم الدولي المختلفة. وإذا ما أريد للقطاع العام ان يكون معبراً عن قوة الدولة ومناعتها توجب النظر في هذه النقاط لكي يتأهل لقيادة عملية التنمية. اما التنمية الاقتصادية اللاحقة فتشترط من بين مسلماتها إذا أريد للقطاع العام النجاح الفاعل ان يخوض تجارب تنموية وعدم الاكتفاء بالقيادة والتصحيح ضمن سياسات اقتصادية لا تميزه عن القطاع الخاص ولا تميز الأخير عليه سواءً بشكل امتيازات او إعفاءات او تطبيق القوانين وخاصة قوانين العمل والأجور والمشاركة بالإدارة وتوزيع الأرباح والسياسات السعرية. أي عليه ان يعمل كقطاع مناظر عليه مهمتان الأولى مسؤولية أدائه والثانية مسؤولية إدارة التوجهات العامة بما فيها حدود عمل القطاع الخاص وتوسعاته التي تتميز بالفاعلية في تعاملها مع الموارد. 2- الخصائص الاقتصادية المقارنة للقطاعين العام والخاص ساد الإقتصادات النامية مع مطلع عقد السبعينيات اعتقاداً مفاده ان قيام القطاع العام فيها يشكل تحولاً اشتراكياً من خلال تملكه او تملك الدولة وسائل الإنتاج في الاقتصاد والمجتمع، سواءً كان الاقتصاد مخطط مركزياً ام لا، وسواء شمل التخطيط المركزي القطاعين العام والخاص ام الزم الأول به فقط، وذلك لاعتبارات عدة منها البنية الهيكلية للدولة ومدى الاعتناء بالمبادئ العامة ونظام القيم المتبع فيها وغير ذلك من التفاعلات الاجتماعية الداخلية. وبالرغم من مكامن الإدارة التي يتوافر عليها هذا القطاع والدور الريادي الذي يمكن ان يضطلع به في كل مراحل التنمية، إلا انه في الوقت ذاته قد ساده قصور واضح واختلالات مشخصة متباينة من بيئة اقتصادية لأخرى خلال تجارب التنمية في العقود الثلاثة المنتهية وتعالت أصوات المطالبة بتمحيص أداء ودور القطاع الخاص في الوقت ذاته، مما استلزم تشخيصاً لمواطن الضعف في كلا القطاعين. وظهرت دراسات عديدة لباحثين اقتصاديين بارزين تناقش وتحلل اوجه القصور التنموي لهما وكحالة خاصة للاقتصادات العربية ودور القطاعين العام والخاص فيها تمازج الأبعاد المحلية والعربية والدولية وتتناول الاعتبارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لعل أهمها دراسات يوسف صايغ7 من لبنان وإسماعيل صبري عبد الله من مصر وآراء سمير أمين(8( من باريس وباسل البستاني(9( من الأمم المتحدة (سوريا) وسالم توفيق النجفي(10( وغيره من العراق وغيرهم مثل الشاذلي المعياري من تونس وطاهر كنعان من فلسطين وفتح الله ولعلو من المغرب، تناقش أعمالهم مؤشرات قصور الأداء ومدياته ودلالاته وأبعاد تطور الاقتصاد بين الخصخصة والتوجه نحو الرأسمالية (وآلية السوق) من ناحية وسبيل الخطة والنهج الاشتراكي وإعادة الإصلاح من ناحية ثانية وبين إشكالية الجمع بين العام والخاص التي تحتاج بلا شك الى مزيد من التوضيح والتعمق من ناحية ثالثة بوصفها خيارات مطروحة. والدراسة الحالية تسعى الى الحصول على تقييم موضوعي لكل من هذه الخيارات في العراق للتحقق من صحة فرضية الدراسة والتي تشير بوضوح الى دور وهيمنة القطاع العام ـ على الأقل خلال عدد من السنوات التي تلي مرحلة الحصار الاقتصادي الجائر على العراق ـ وعدم إعفاء القطاع العام من قيادة التنمية الاقتصادية في العراق. ولاجل ذلك سوف تركز الدراسة في هذه الفقرة على أهم النقاط التي اتفقت أقلام الكتاب أعلاه على تشخيصها لكل من القطاعين العام والخاص وبما ينسجم والآراء المقبولة والممكنة في جهود التنمية الاقتصادية للفترة الماضية في القطر، ومن ثم استحضار دلالات الإيجابيات والسلبيات التي يتم استخلاصها في تحليل دور القطاعين العام والخاص في تجربة التنمية السابقة في الفقرة القادمة. وتتفق معظم الدراسات على خصائص معينة يتسم بها القطاع العام وأخرى يتسم بها القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي للبلدان النامية بعامة والعربية منها بخاصة على تباين اتجاهات الفلسفة الاقتصادية التي تؤمن بها كل واحدة منها، ولعل أهمها فيما تعتقد هذه الدراسة بتوافر جهود التنمية الاقتصادية في العراق على الشائع منها بنسبة معينة مهما كانت صغيرة ومدى تأثيرها فعلاً على صياغة الإسهام السلبي او الإيجابي لأي من القطاعين في النمو والتنمية. 1- ففي مقدمة مواطن الضعف في القطاع العام كثافة البيروقراطية الإدارية وبطؤ نشاطه الاقتصادي في الإنتاج والتوزيع، وهذه المسالة تسجل إيجابياً لصالح شركات القطاع الخاص التي تتحرك بصورة أسرع في الظروف المماثلة رغم ضخامة البعض منها إدارياً ومالياً. 2- ضعف اكتراث وتحسس أصحاب القرار في المؤسسات العامة لطلب المستهلكين في السوق وبالتالي ضآلة استجابتهم في إدخال التعديلات الجوهرية على نوعية المنتج وعلى تنوعه بالقدر والسرعة اللذان يستجيب بهما القطاع الخاص الذي يعمل في ظل أجواء المنافسة وليس الاحتكار او شبه الاحتكار، وبالتالي تسجيل إيجابيات دوافع التحسين والتنوع وتعديل الأسعار لصالح القطاع الخاص أيضاً. ولكن من هذه النقطة بالذات تنسل السلبيات التي تنطوي عليها الاستثمارات الخاصة في استجابتها للسوق وبطرح التساؤل حول مدى انطواء هذه الاستثمارات على تنمية اجتماعية فضلاً عن النمو الاقتصادي؟ وفي الحقيقة هنا يأتي دور الدولة في تحقيق التوازن بين التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فبالنسبة لمجال الاستثمار المطلوب تشجيعه يتم إسناده بالتشريعات اللازمة، وبالنسبة للأرباح الفاحشة –ومن ثم تفاوت توزيع الدخول- يتم تصحيحها بالسياسات المالية والضريبية اللازمة بعيداً عن التدخل في آلية الأسعار والتشوهات التي يمكن ان تنجم عنها، ويتم تصحيح الخلل الاجتماعي إلى جانب آلية العمل التي ترسم مجالات الاستثمار التي يحتاجها الاقتصاد وبما يتلاءم وإمكاناته وتفعيلها صوب الإنتاج الحقيقي والتنافسي. 3- ضعف نظام الحوافز المادية لدى الإدارات العليا نزولاً حيث ان الفائض الاقتصادي مآله الى الدولة مالكة رأس المال مما يتولد عنه ضعف التحسس لنتائج عمليات القطاع الخاص من جهة وقصور مستويات الأجور والرواتب من جهة أخرى، بينما لا يعاني نظام الحوافز لدى القطاع الخاص من أي ضعف من هذا القبيل. 4- ضعف أنشطة الرقابة على الأجهزة الإدارية العليا في مؤسسات القطاع العام واقتصارها على الإنعامات وعلى الأهداف الكمية وقصور الإنتاج، ويهمل جانب ضعف التسويق مثلاً او تزامن التدفقات المالية مع تدفقات الإنتاج، في حين تكون الصورة متكاملة تقريباً لدى شركات القطاع الخاص، مع ربط بين الأجور والإنتاجية قريب جداً من الحدية. 5- خضوع تعيين المدراء وكبار المسؤولين في مؤسسات القطاع العام وتبديلهم لاعتبارات بعيدة عن شروط الكفاءة والأهلية البحتة او تأتي الأخيرة بأهمية ثانية او ثالثة هذا إلى جانب تقييد تلك الإدارات في التحكم بتشغيل العمالة والعنصر البشري على رأي المبدأ القائل بالشخص المطلوب في المكان المناسب من وجهة نظر القيمة النوعية المضافة، ألا وهي أهم ضروب الكفاءة. وهذا ما لا تعرفه الإدارة الخاصة فضلاً عن تجاوزها الكثير الكثير من مشكلات التشغيل وهمومها مثل حالات التغيب والتهاون أثناء العمل وهدر الوقت.. كل ذلك بسبب ارتباط الأجور بالإنتاجية الحدية وليس على أساس نظام الراتب المقطوع. 6- غالباً ما تمنح الدولة قطاعها العام أسعار صرف خاصة تختلف عما يعتمده القطاع الخاص وهذا يفضي إلى تضخيم زائـف للأرباح والوضع المالي للأول وتشوهات نظام الإنتاج الذي تنسحب عليه سياسات التسعير للمنتجات بعيداً عن العرض والطلب وينعكس كل ذلك بارتفاع التكلفة الاقتصادية وسوء تخصيص للموارد وتبديد للإمكانات بعيداً عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية إضافة إلى ما تتركه من خلق أسواق سوداء وتشوهات نظام الأسعار، وموازنة ظاهرية منطوية على خلل وخاصة في حال إنتاج سلع مماثلة لما ينتجه القطاع الخاص. 7- وقد يتوسع نشاط القطاع العام لتغطية أنشطة ومجالات يجدر تركها للقطاع الخاص والاكتفاء بالاستثمار بالصناعات الستراتيجية في المراحل الأولى للتنمية بسبب ضخامة رأس المال اللازم او طبيعة التقانة المستخدمة او تعذر إمكانات القطاع الخاص عن الولوج فيها كالأمن والخدمات العامة والاجتماعية. والسؤال الذي يطرح مع انغماس القطاع العام بأنشطة غير ملائمة لطبيعته وأهدافه يتعلق بمعالجة الفارق بالكفاءة، التي يتم تشخيصها مقارنة مع كفاءة القطاع الخاص وفي ظل تكلفة الفرصة البديلة؟ قد لا يمكن الإجابة بسهولة على هذا التساؤل ولكن قد يعثر على إجابة عليه في تساؤل آخر بالمقابل هو هل ان كل شركات القطاع الخاص وكفوءة ومربحة ! وهل ان عموم شركات القطاع العام خاسرة وفق هذا المنظار؟ ان انخفاض الكفاءة كما تؤكد النظرية الاقتصادية راجع دوماً إلى انحسار المنافسة وليس إلى اصل التملك وطبيعة النظام الإنتاجي ذلك ان ضغوط قوانين السوق كفيلة بتصفية الكيانات ضعيفة الأداء في القطاع الخاص بفاعلية اكثر مما في القطاع العام، كما ان تحول المنشأة العامة إلى شركة عامة أو خاصة لا يضمن استمرارية جعلها أو بقائها اكثر كفاءة إذا بقيت متمتعة بأي ميزة تمنحها شيء من الاحتكار . ويكون من الطبيعي ان يؤدي انخفاض الكفاءة المجردة إلى حراجة الصمود والبقاء في السوق والحفاظ على حصتها فيه كما أكدت عدة دراسات(11) . فالقطاع الخاص لا تمتد تحت نظامه أيدي خفية، وانما أيدي بشرية من شأنها ان تعمل على تحديد مستوى الأسعار بشكل مقصود إلى حدٍ ما، وبالتالي تحديد أسعار عدد لا حصر له من السلع والخدمات دون الطريقة التي أعطتنا إياها نظريات التوازن العام لـباريتو ووالراس وجيوفنز وديستوفسكي وغيرها ولكن ميزة هذه الأيدي ان في قبضتها رأس المال الباحث أبداً عن الربح أينما كان. ويمكن إرجاع تدني كفاءة القطاع العام عن الخاص إلى مستوى الشعور بالمسؤولية العامة في إدارة القطاع العام باهتمام اقل مما يريدها به الأفراد أنفسهم لو كانت من ممتلكاتهم وهذا الشعور مستشر في الإقتصادات النامية عند التصرف إزاء الملكية العامة، على الرغم من وجود مدراء عامين ناجحين وعلى مستوى عال من الشعور بالمسؤولية العامة في الإدارة ... وهذه النتيجة مرتبطة بالنقطة الخامسة أعلاه وكلأهما يسهم كثيراً في ما هو مشخص في النقطة أولاً أعلاه، والمسالة لا تقف عند هذا الحد وانما تتعداه إلى كل العاملين وهنا يصبح الدخول في علاقة الإنتاجية بالإدارة وليس بالأجر يسيراً وبشكل مقبول، ورغم ان هذه العلاقة لم تضع لنفسها أية آلية قابلة للتعميم في البيئات المختلفة إلا انه يمكن ملاحظة طبيعتها وإيلافها بشكل واسع سعة القطاع العام نفسه . وعليه اذا ما وجدت حالة تدنٍ أو غياب في الكفاءة في مؤسسة عامة فما هو الحل ؟ هل يكمن في تغيير شكل الملكية والخصخصة ام في إعادة الإصلاح والتنظيم ؟ ام هناك حلولاً أخرى؟ 3- الاتجاهات التنموية للقطاع العام والقطاع الخاص في العراق ان حفز فاعلية القطاعين العام والخاص في النشاط الاقتصادي وفي النمو الاقتصادي بعامة لا يعد مشكلة بحد ذاتها أمام الدولة ولكن تفعيلهما بما يخدم أهداف التنمية الاقتصادية عملية ليست باليسيرة. فالتنمية الاقتصادية بمفهومها العلمي في هذا الصدد هي عملية اجتماعية بالمقام الأول تهدف إلى إحداث تحولات جوهرية في البنيان الاجتماعي من خلال البناء الاقتصادي للطاقات والموارد الإنتاجية التي تسهم بشكل مباشر وفاعل في النهوض بمتوسط الدخل الحقيقي للفرد وما تواكبه من تحولات اجتماعية بحيث تربط بين الإنتاجية ومردوداتها من أجل هدف أبعد هو تطمين الحاجات الأساسية لأفراد المجتمع في ظل تأمين متطلبات أمنية واستقراري طويلة الأجل لهذا التطمين(12) . وفي ضوء هذا التعريف بالإمكان تأشير الإطار العام للنشاط التنموي الفاعل للقطاعين العام والخاص من خلال دافع النشاط والهدف الربحي، ونوع الملكية وكلأهما يسهم في إجمالي تكوين رأس المال الثابت وفي نمو الناتج المحلي الإجمالي. ولقد سعى القطاع العام في العراق حثيثاً كما أشير في بداية الدراسة الى بسط مقومات البناء الاقتصادي المعبر عن فلسفة الدولة وتوجهاتها في التنمية والتطوير بالاستناد إلى استقراء علمي للظروف التي كانت سائدة قبل السبعينيات. وقد تصدى كما هو معلوم لإرساء البنى التحتية وما أرتبط بها من أهداف مادية واجتماعية كان لها الفضل الكبير في ترتيب وتكوين الرصيد المادي للمجتمع ورأسماله الثابت والمرتكز إلى سلم من الأولويات التي اختصرت الزمن وحققت بنيان متين ومتطور للأصول غير الإنتاجية واستغلال الموارد واستثمارها، والأخيرة مثلت الركيزة الأولى والراسخة للطاقات الإنتاجية واستغلال الموارد وإنضاج ثمرات استثماراتها، شملت معها النهوض باستثمارات القطاع الخاص أيضاً . وقد ظهرت القطاعات بشكل حلقات متداخلة وليست متماسة في تسريع معدلات النمو والتنمية، ومن غير أن تعني الإشارة الى تكاملها إلا من وجهة نظر الاقتصاد الكلي، ولكن نجاح الانتقالات الإيجابية المتتابعة للقطاع الخاص - كما سيلاحظ سابقاً - كان موقوفاً الى حد ما على التمهيدات الارتكازية للقطاع العام وفي دوره في توفير الظروف البيئية الملائمة لعمل آليات السوق بشكل يخدم الإسهام والفاعلية في التطوير والتغيير لكل منهما في التطور الحاصل . وقد ساعدت الثروة النفطية في تسهيل مهمة القطاع العام في التراكم في الأجل الطويل، بيد أن النمو الاقتصادي الحقيقي لم يرتبط بعملية التراكم ذاتها بقدر ارتباطه بالاستثمارات الصافية للفائض الاقتصادي، وهذا ما تحاول الدراسة تقديره في المبحث القادم . هذا الدور للقطاع العام ترتب عليه تأدية مسؤولية الأب الذي أنشأ البناة الحقيقيين ومصادر الكفاءات العلمية والتقانية والمهارات الإدارية والفنية والتأهيلية العالية أخذت مداها فـي الاقتصاد.. لولا ظروف التهديد العسكري والاعتداء الخارجي في الثمانينيات وما تلاها من بيئة اقتصاد كلي غير مواتية تماماً خلال العدوان الثلاثيني الغاشم في التسعينيات وإمداداته المتمثلة بالحصار الاقتصادي الذي لازال مستمراً لغاية كتابة هذه السطور . والمهم في هذا الدور أن كنف الرعاية لم يترك الاقتصاد الكلي فريسة لظروف التضخم والبطالة لأن تعصف بالبقية الباقية من الموارد المادية والبشرية فاتخذت السياسات الاقتصادية والمالية الكبيرة(13( التي عززت التوازنات الاقتصادية الكلية المختلفة حتى عند مستويات مرتفعة جداً من التضخم وذلك من خلال مجموعة إجراءات استهدفت تحقيق قدر من الاستقرار الاقتصادي وتقليل المديات في تقلبات السوق الراجعة إلى متغيرات نقدية وهي خارج نطاق هذه الدراسة . ولكن على هذه النقطة يترتب استنتاج هام سنأتي عليه بعد التحقق من فاعلية هذين القطاعين في الاتجاه الأعلى نفسه. والى هذا الحد يمكن القول أن ترجمة هذه النقطة - كمهمة رئيسة للقطاع العام - تسجل لصالحه في تجربة العراق ولا يتخللها سلبيات، إلا أن ما يؤشر عليه بالمقابل بصددها ربما ارتفاع الكلفة الاقتصادية التي تحملها المجتمع في سبيل تحقيق الكثير من الأبعاد التنموية في شتى المجالات وثقل يد البيروقراطية الإدارية في التوظيف وكذلك في كفاءة توزيع الفرص التي لها علاقة وثيقة بعملية استثمار النشئ اللاحق من المهارات والامكانات البشرية. وهذه مسألة دقيقة وهامة في الوقت ذاته في تفعيل دور القطاع العام في تنمية الموارد البشرية المؤهلة. وعلى العموم فإنه عند تقييم المآل الكلي لتلك الجهود يلاحظ بقاء الريادة في بناء المهارات وتنمية رأس المال البشري في اقتصاد نامٍ وغني كالعراق بيد القطاع العام وخاصة في مجال الاستثمار في العلم والبحث العلمي والفني التطبيقي ومن ثم التوظيف النهائي لتلك الاستثمارات داخل القطاع أو في القطاعات الأخرى وخاصة الخاص منها لغرض استثمارها وقطف العوائد الاقتصادية المباشرة له والاجتماعية غير المباشرة للاقتصاد كلاً . والشيء ذاته ينطبق على استغلال الموارد المادية والإمكانات المالية في التعبئة والتطوير البيئي، والإرتكازي وفي تأمين مستلزمات المناخ الاستثماري الملائم العام والخاص والمختلط وحتى التعاوني في الأسواق الاستثمارية المختلفة. ولغرض تكوين صورة واضحة عن الاتجاهات التنموية لكلا القطاعين في العراق ينبغي التعرف على تطور التوزيع القطاعي لمكونات الناتج المحلي الإجمالي حسب الأنظمة الاقتصادية فيه للمدة المنصرمة. ومن ملاحظة تطور النسب المئوية التي تم تكوينها لهذا الغرض والمبينة في (الجدول-1) يلاحظ أن أنشطة الإنتاج السلعي التي استأثر بها القطاع العام هي الماء والكهرباء فقط وبنسبة (100%) خلال العقود الثلاثة المنتهية وكذلك ما بين (100%) الى (95%) نزولاً خلال تلك المدة من أنظمة الصيرفة والتأمين ضمن الأنشطة والتوزيعية. بينما استأثر القطاع الخاص من بين الأنشطة الأخيرة بملكية الدور السكنية وبنسبة (100%) طيلة المدة أعلاه [ينظر (الجدول-1)] يضاف له تبنيه الأنشطة الإنتاجية في القطاع الزراعي والصيد والغابات بالكامل تقريباً منذ بدء الحصار وحتى الوقت الحالي. وقد أظهر الجدول المشار إليه تراجعاً مستمراً في حصة القطاع العام في الناتج المحلي الإجمالي طيلة المدة الماضية كتوجه عام مقابل تنامي دور القطاع الخاص في الاتجاهات المقابلة وبالنسب المتبقية، وأن اكثر المجالات التي شملتها الخصخصة في العراق كانت الإنتاجية والتوزيعية دون الخدمية، وهو تحول هيكلي طبيعي ومبرر وخاصة خلال التسعينيات وظروف الحصار الاقتصادي إن لم يكن مطلباً تنموياً باتجاه تعزيز الكفاءة (بغض النظر عن ظروف الحصار) كجزء من تحولات شملت عدة إقتصادات نامية ومتقدمة بسواء. فالقطاع الزراعي وما يرتبط به من أنشطة صيد وغابات قد تحول بمجمله إلى القطاع الخاص بعد أن كان موزعاً بينه وبين القطاعين الخاص والعام وبنسبة كبيرة للأخير بلغت (57%) عام (1989). أما في قطاعات الصناعات التحويلية فقد تقلبت حدود إسهامات القطاعين الخاص والعام في ناتجه المحلي ولكن الاتجاه العام كان نحو انحسار إسهام الأخيرفيه من (73%) عام (1989) الى (46.2%) عام (1993) والاتجاه ذاته يمكن أن يكون لما تبقى من التسعينيات. وشمل التفصيل الداخلي للتصنيفات المختلفة للصناعات التحويلية التوجه ذاته أيضاً(14) (باستثناء ما اقتضته سنوات الحصار بالنسبة لنمو نسبة ناتج الصناعات الغذائية والتعدينية غير المعدنية (اللافلزية) والنسيجية(15( والملبوسات وحتى الجلدية والمعدنية المصنعة في ناتج الصناعات التحويلية في المنشآت الكبيرة [ينظر (الجدول-2)]. ولكن هذه الزيادات قابلتها لدى القطاع الخاص زيادات أكبر ومنطلقة من مستويات أعلى أساساً. وبقيت إسهامات أنماط الإنتاج الصناعي الأخرى متواضعة ومحافظة تقريباً على تواضعها طيلة المدة المشار إليها، ومن هذه الأنماط منتجات التبغ والسجاير والمشروبات ومنتجات الخشب والأثاث والمنتجات المعدنية الأساسية والمكائن غير الكهربائية وصناعات التعدين والاستخراج وغيرها من الصناعات التحويلية الأخرى. ومع نهاية الثمانينيات شهد الاقتصاد الى جانب توسع القطاع الخاص بدايات تجربة خصخصة قابلة للتوسع اللاحق كثيراً شملت معظم المؤسسات الزراعية الحكومية والعديد من المنشآت الصناعية (مع إنشاء ست مؤسسات تجارية خاصة ومشتركة) وبعض المؤسسات غير الستراتيجية مثل الفنادق السياحية والمرافق الترفيهية والساحات العامة وساحات النقل العام والخاص ومحطات الوقود والحراسات الليلية وغيرها والأخيرة تقع مع خدمات النقل الداخلي العام في حقل الأنشطة الخدمية التي تتطلب أسس وقواعد علمية مدروسة بشكل متكامل لإيكالها الى القطاع الخاص وبالذات خلال هذه الفترة. وقد تراوحت صيغ الخصخصة ما بين عقود الإدارة والمشاريع المشتركة مع القطاع الخاص والبيع النهائي إليه. والحقيقة أن الخصخصة هي سياسة اقتصادية معاكسة لتجربة التأميمات الاقتصادية التي مرت بها عدة أقطار ومنها العراق، ومع أن كل تجربة لها موجباتها وأهميتها ضمن المرحلة التي وجدت فيها إلا أن الأهداف بالنهاية تلتقي معاً في معدلات إيجابية للتنمية الاقتصادية. وتتمثل أهداف الخصخصة ببناء هياكل أساسية وتوسيع الخدمات الاجتماعية وتحقيق عدالة في توزيع الدخل واذا كان لها ما أرادت، فقد جاءت المرحلة التي تتطلب أهداف أخرى تسعى الى تحقيقها الخصخصة وهي: أولاً : تحسين الإنتاجية وزيادة الكفاءة الفاعلة لها في الاقتصاد بما يعزز النمو الاقتصادي والمقدرة التنافسية وهذا يتطلب: ثانياً : تعزيز دور القطاع الخاص في النمو والتنمية، وأهم ما فيها إعادة توطين المدخرات من أجل الاستثمار أو تراكم رأس المال والحد من المكتنزات وتجميع الأموال والثروات وما يسهم بالتالي في تكوين رأس المال الثابت الإجمالي الحقيقي. ثالثاً: خلق وتشجيع سوق محلية لرأس المال وخاصة عن طريق حصص مؤسسات القطاع العام وإسهامه في أسواق التداول الذي من شأنه الإسهام وبشكل رئيس في توسيع الطاقة الاستيعابية خاصة وأن هذه الطريقة في الخصخصة تتميز بشفافية كبيرة مقارنة مع أسلوب البيع أو غيره. رابعاً : تحويل الاقتصاد المخطط الى اقتصاد سوق يقوم على المنافسة وحرية التجارة وحركة عناصر الإنتاج. والهدف الأخير بالنسبة لاقتصاد العراق يعني من وجهة نظر الدراسة الحالية تخفيض مشاركة الدولة في النشاط الاقتصادي بفعالية متزايدة، وتعزيز دورها في مجالين؛ الأول: هو السيطرة على توجهات أنشطة القطاع الخاص غير المرغوبة بحيث يسهم بأوسع دور – أو على الأقل بدور أكبر– في النمو الاقتصادي والاجتماعي، والثاني: استمرار الاضطلاع بالاستثمارات الاقتصادية التي لا يكترث أو لا يستطيع القطاع الخاص عن التصدي لتنفيذها بفعالية أعلى، وينشأ عن هذا التخفيض تحسن وترشيد في الوضع المالي وتخفيض عجز الميزانية العامة وخاصة بعد الحد من الإعانات التي تقدم للمؤسسات التي تعمل بخسارة هذا الى جانب عوائد بيعها إذا لزم الأمر في الأجل القصير، وكذلك تزايد الإيرادات الضريبية للمؤسسات المخصخصة في الأجلين المتوسط والطويل . كما ينشأ عنه أيضاً تحقيق توسيع في توزيع الملكية الاقتصادية وخاصة إذا كانت الخصخصة بأسلوب الأسهم(16(. ولغرض تكوين صورة متكاملة قدر الإمكان عن مدى النجاح في تحقيق مثل هذه الأهداف أو على الأقل سلامة بوادر هذه التوجهات تحاول الدراسة تحليل تطور اتجاهات دور كل من القطاع العام والقطاع الخاص في النمو الاقتصادي الذي سجلت معدلات إيجابية ملحوظة طيلة المدة الماضية، ومن ثم مقارنة اتجاهاتهما للتحقق من فرضية الدراسة أولاً ورسم الاستنتاجات التي يمكن أن تساعد في تكوين ملامح الصورة المستقبلية للتحولات الاقتصادية المنتظرة. 4- تطور دور القطاعين العام والخاص في النمو الاقتصادي شغل القطاع العام في النمو الاقتصادي في العراق أهمية نسبية مرتفعة تماما" مقارنة مع ما شغله القطاع الخاص خلال السبعينيات، فقد بلغ متوسط معدل نمو إجمالي رأس المال الثابت الحقيقي المتراكم للأول بين (1970-1979) بحدود (5و30%) في السنة مقابل (9و15%) في السنة للثاني أي ما يعادل الضعف تقريباً [يلاحظ (الجدول-3)]. هذه الصورة اتخذت اتجاهاً معاكساً تماماً خلال الثمانينيات بسبب ظروف الحرب الإيرانية وآثارها، فقد انخفض متوسط الأول بأكثر من خمسة أضعاف انخفاض الثاني ووصلا (-8,2%)، (3,9%) على الترتيب. وكان من الطبيعي تأثر قطاع الدولة في تراكم رأس المال وبشــكل متزايد اكثـــر مــن تأثر القطاع الخاص مع سنوات الحصار في التسعينيات حيث وصــلا (-7,8%)، (5,4%) على الترتيب بحيث انخفض نتيجة لذلك متوسطا المعدل العام لهما للمدة الكلية (1970-1993) الى (7,6%)، (9%) للقطاعين تاركين متوسط معدلات النمو لرأس المال الثابت الكلي في عموم الاقتصاد خلالها عند اقل من (6%). من هذا التحليل تلاحظ نقطتان؛ الأولى انخفاض تراكم رأس المال العام بأسرع من تراجع تراكم رأس المال الخاص والى اكثر من نصف ما كان عليه في بداية المدة مشيراً الى محافظة القطاع الخاص على معدل تراكم اكثر صموداً أمام آثار المتغيرات الاقتصادية وغير الاقتصادية من نظيره العام؛ والثانية وهي الأهم أن فترتي الثمانينيات والتسعينيات شهدتا تحرراً تنظيمياً معيناً للأنشطة الاقتصادية من هيمنة الدولة هي التي ساعدت، إلى جانب طبيعة الحافز الداخلي لآلية عمل القطاع الخاص نفسه، في إظهار جدارته وفي بناء مقوماته بصرف النظر عن اتجاه التحولات الاقتصادية الخارجية والعالمية برغم مواكبتها وصعوبة الانعزال عن تأثيراتها حتى في ظل الحصار الاقتصادي وبالقيم الجارية [خاصة وأن كل المقادير أعلاه هي بأسعار سنة(1979)]. ومن (الجدول-3) نفسه يلاحظ اتجاهات وأبعاد العلاقات التطورية أعلاه ذاتها تماماً فيما يخص نحو الناتج المحلي الإجمالي لكل من القطاع العام والخاص والاقتصاد الكلي، وبدنانير سنة (1979) أيضا. فقد كان متوسط معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي للأول اكثر من ستة عشر ضعفاً لنمو مثيله الخاص خلال السبعينات (41.1% مقابل 2.5%) . لم يلبث ان انخفض الأول إلى (6.30%) خلال الثمانينات مقابل (2.9%) للثاني خلالها أيضاً. وازداد الانخفــاض إلى (-15%) و (1.5%) لها على الترتيب لتستقر معدلاتهما لعموم المدة (1970-1993) عند (6.9%) و (1.9%) ليؤكدا حقيقة تأثر معدل نمو عام قدره (4%) فقط وهو اقل من متوسط معدل تراكم راس المال الذي ناهز (6%) تقريباً لمجمل المدة. فإذا انخفض ناتج القطاع العام بحدود أربع مرات من (41.1% إلى -15%) فلم ينخفض ناتج القطاع الخاص بأكثر من النصف بقليل وترتب على ذلك انخفاض الناتج المحلي الإجمالي إلى الربع، فان القطاع الخاص لم يسجل معدل نمو ناتج سلبي كما حصل لدى القطاع العام أي ان تراجع الناتج الكلي كان معظمه راجع الى تراجع ناتج القطاع العام. وفي كل المراحل التي تضمنتها هذه المدة كان نصيب القطاع العام اكثر من ثلاثة ارباع تراكم راس المال مقابل اقل من الربع للقطاع الخاص في حين تراوح إسهامه في نمو الناتج المحلي الإجمالي بين (53%-60%) مقابل (33% - 44%) للقطاع الخاص(17)كما توضح الحقول (7-10) من الجدول أعلاه . وهذا يشير الى تاكيد أهمية كفاءة القطاع الخاص في النمو الاقتصادي باكثر من القطاع العام. فكيف يمكن تقدير العائد على نشاط كل من القطاعين من النمو الاقتصادي الحاصل؟ وما أهمية مثل هذا التقدير(18) وكيف ستكون عليها صورة النشاط الاقتصادي لكل منها؟ يبين الجدول (4) تطور تقديرات معدلات العائد على الاستثمار العام والخاص والكلي خلال المراحل الزمنية السابقة من النمو الاقتصادي الكلي للقطر خلال المدة المدروسة وأول شيء يلاحظ في العمود الأول منه ان أقيام معدلات النمو الاقتصادي الخارجي للناتج المحلي الإجمالي () للمراحل المختلفة قد انخفضت كثيراً في السبعينيات من (20.8%) [في العمود (6) من (الجدول-3)] إلى الثلث تقريباً وبحدود (6.2%) فقط [العمود (a) من (الجدول-4)]. وانخفض اكثر في الثمانينيات (وازدادت سالبيته) من (-3.4%) إلى (-4%) بعد استبعاد الإسهامات وبلغ الانخفاض السدس تقريباً ثم استعاد شيئاً من مستوياته (انخفضت سالبيته من (-6.8%) إلى (-3%) في أوائل التسعينيات . والمهم في ذلك انه برغم عدم معنوية التقديرات(19( فإنها تشير إلى ارتفاع نسبة العائد المقتطع من النمو المتحقق على الاستثمار الخاص والعام . ومن ملاحظة تقديرات العمودين (c , b) من الجدول (4) لمعدلات العائد على الاستثمار الصافي للمراحل المختلفة نجدها في القطاع الخاص تفوق المعدلات التي حققها القطاع العام، مما يشير الى جني القطاع الخاص للنسبة العالية من الإسهامات المتقطعة من النمو الاقتصادي وتفرده بها دون القطاع العام. والحقيقة ان هذه التطورات تخص الأجل القصير . ولكن في الأجل الطويل يلاحظ ان معدل العائد على الاستثمار العام هو الوحيد هنا اعلى من نظيره الخاص ومعنوي إحصائياً، وان كل دينار استثمر في رصيد راس المال الثابت العام حقق معدل عائد مقدر (2.81) دينار مقابل (1.84) دينار عائد على كل دينار من الاستثمارات الخاصة . وهذه الصورة توضح استقلالية كل من القطاعين عن بعضهما البعض تحت حالة معينة من الاستقلالية غير التنافسية الا انها من غير الممكن عدها تكاملية الا وفق افتراضات معينة للسياسة الاقتصادية المعتمدة في التنمية الاقتصادية خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات في القطر . فيلاحظ بعد دمج استثمارات القطاعين وتقدير المعدلات المعنوية المرتفعة لهذه العوائد في التقديرات المدرجة في العمود (d) من (الجدول-4) للمراحل المتعاقبة وارتفاع مستوى هذه العوائد واقترانها أولاً بتقديرات العوائد على الاستثمارات الخاصة اكثر من اقترانها بالعوائد على الاستثمارات العامة وذلك في الأجل القصير والمتوسط (في تقديرات المراحل المتتالية) المدرجة في العمود (d) من الجدول (4) للمراحل المتعاقبة، وارتفاع مستوى هذه العوائد. كما يلاحظ أيضاً وبكل وضوح (وهذا هو الأهم) اقتران العوائد الكلية المقدرة للأجلين القصير والمتوسط (اي المراحل المتتالية) لعوائد الاستثمارات الخاصة اكثر من اقترانها بعوائد الاستثمارات العامة والعكس تماماً بالنسبة لتقديرات مجمل المدة بين (1970-1993) حجماً وأهمية. هذا التحليل يعني تأثر النشاط الاقتصادي التنموي الكلي للقطر في الأجل القصير بدور القطاع الخاص وفي الأجل الطويل بدور القطاع العام، ومن ثم إمكانية القول بتحقيق الأهداف التنموية المطلوبة للدولة ونجاح السياسات الاقتصادية المحددة الى حدٍ ما فيما يتعلق بدور القطاعين في النمو والتنمية. ويتوقع ان تستمر فاعلية هذه السياسات في الاتجاه المخطط لرقعة وأولوية أي من القطاعين في جهود التنمية. وتجدر الإشارة الى غياب أية مشكلات قياسية في التقديرات مثل عدم تجانس التباين والارتباط الذاتي فضلا عن ارتفاع المقدرة التوضيحية للتغيرات الحاصلة في النمو الاقتصادي في العراق بمجموع الاستثمارات المحلية الخاصة والعامة لوحدها في التقديرات الكلية فضلا عن معنويتها الواضحة لعموم المدة أعلاه وللمراحل التي تضمنتها. من هذا التحليل نخرج بإشارة واضحة تفيد بأهمية الكفاءة التي يتمتع بها القطاع الخاص في الأجل القصير وأهمية السياسات الحكومية الفاعلية للدولة في إحكام التوجه الاقتصادي من خلال القطاع العام على المدى البعيد. وللوقوف على تفصيل اكثر لهذه الفاعلية ولتلك الكفاءة يلاحظ الجدول (5) الذي يبين تقديرات معدلات العائد الداخلي على الاستثمار العام (من النمو الاقتصادي للقطاع نفسه) وكذلك معدلات العائد على الاستثمار الخاص (من النمو الاقتصادي له) أيضاً: أولاً: ارتفاع متوسط معدلات العوائد على الدينار المستثمر في القطاع العام خلال السبعينيات 3.6 (t*=2.84) بأكثر من متوسط معدلات العوائد على الدينار المستثمر في القطاع الخاص حجماً وأهمية 2.09 (t*=1.35) بل الأخير غير معنوي إحصائياً. ثانياً: تـنـقـلب هذه الصورة تماماً في العقد الثمانيني لصالح القطاع الخاص وتزداد اكثر بعد شمولية تقديرات هذا العقد للنصف الأول من التسعينيات تقريباً حجماً وأهمية أيضاً لتلك العوائد. ثالثاً: مع تقدير العوائد لمجمل مدة الدراسة تستقر أبعاد الصورة رجوعاً لما هي عليه في أولاً أعلاه. والشيء ذاته فيما يندرج تحت النقاط الثلاث أعلاه يقال عن علاقة الارتباط بين النمو الاقتصادي والاستثمار في رصيد رأس المال الثابت للقطاعين العام والخاص لصالح الأخير في النقطة ثانياً ومن ثم عن القدرة التوضيحية لتغيرات الاستثمارات بالنسبة للنمو ايضاً. وهذا الاتجاه يعزز الإشارة التحليلية أعلاه ويؤكد نتائج تحليل معدلات النمو الاقتصادي للناتج المحلي الإجمالي وإجمالي تراكم رأس المال الثابت في كلا القطاعين. 5- خاتمة و استنتاجات ان وجود القطاع العام ينبغي ان يكون طرفاً مكملاً للقطاع الخاص ولا بديلاً عنه في اقتسام الإدارة والدور في ديمومة تحسين النشاط الاقتصادي وانما يكون الدور اللاحق الذي يوكل إليه ان يكون الطرف الذي يمتلك تحريك نقطة التوازن على عصا النمو الذي يحرك بها القطاع الخاص نشاطه إذا مالت به او معه في الاقتصاد بعيداً عن التوازن المستقر بالمفهوم الكلاسيكي المحدث. والقطاع العام بدوره ينبغي ان يُحكم عليه من قبل أصحاب القرار ومقارنته في ضوء ما يقدمه للاقتصاد من أداء دون محاولات التشبث به تيمناً بفلسفة اقتضتها مرحلة ما أو تجربة معينة. وفي ضوء ذلك فان القطاع العام يعكس فلسفة السياسة العامة المطلوبة في كل مرحلة من مراحل التحول الاقتصادي للعملية وبالتالي حكماً على كفاءة الأداء الحكومي من وراءه، ولذا نجد انه لا يعمل من فراغ وفي الوقت ذاته لا يمكن تحمليه مسؤولية تقصير يبدر من أداء القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي بقدر ما يعكس بشكل دقيق فاعلية الاداء الحكومي في رسم صورة واضحة عن واقع النشاط الاقتصادي . فهو قد وقد لا يضطر وفق هذا المفهوم الى الدخول فــي الميدان الإنتاجي لنشاطٍ ما او لمرحلةٍ ما لمعالجة امرٍ محددٍ دون آخر دونما امتلاك أية أداة للتدخل في آلية عمل القطاع الخاص . وبهذا نتصور القطاع العام وهو يمتلك الأجهزة العلمية الكفوءة في رسم أبعاد الصورة التحليلية لمجريات الأنشطة الاقتصادية وتحليل البواعث المحكمة لأي توجه لدى القطاع الخاص وتأشير ما هو سلبي وما هو إيجابي منها وهو بذلك يجسد دور القطاع العام أيضاً في تقديم برامج تنموية معيارية امام الباحثين الاقتصاديين بحيث يتنافى مع القطاع الخاص في الاجتهاد في تصحيح أهداف نمو مشروعة ويتكافل معه في تجنب مهاوي الوقوع تحت طائلة التشريعات القانونية للدولة في الحالات غير المشروعة للتوسع والنمو . وبهذا يكون وجود القطاع العام في الدولة النامية ركناً جوهرياً ويتمتع بضرورة قصوى اكثر مما هو في البلدان المتقدمة ذلك انه في كلتا المجموعتين لا يضاهي القطاع الخاص في الأداء لو كان طرفاً في النشاط الإنتاجي. واذا تكلمنا بواقعية أدق وبعيداً عن وجود قطاع ثالث مثل القطاع المختلط نجد ان دور كل من القطاعين العام والخاص يعطينا قبولاً اكيداً لفكرة وجود كلا القطاعين على أرضية واحدة وبالصورة التي رسمت أعلاه او مقارب لها بحيث يمتطيان صهوتي التسابق في مضمار واحد احدهما يمثل فرس التضخم المعهود ولذي يعد فعلاً قدراً لامناص منه في طريق التنمية لأسباب لا مجال للخوض فيها بهذا الصدد، والآخر يمثل طرادة النمو الحقيقي بوحدات نقدية قوية ومستقرة. فنقطة البدء التي يتم التعامل بها مع تفعيل دور القطاعين في النشاط الاقتصادي كفرس رهان من حيث المبدأ والتقارب الشرطي مع الأهداف وقائدين كل منهما له ساحته وادواته في رسم جانبي السكة الاقتصادية الذي يرنو عليها قطار التنمية بسرعات متزايدة. ولا حاجة للتوغل كثيراً في تعقيدات الموقع الذي ينطوي على وجود أي منها ومواصفات الدور الذي يلعبه، فهي مسألة تأخذ معطياتها من واقع المستويات التي حققها البلد في المجالات الإدارية والثقافية والتقانية والاجتماعية. اما عن القطاع الخاص فهو كائنٌ وموجود وقديم قدم الاقتصاد نفسه وبرغم كل ما يؤشر له من جوانب إنمائية هامة وإيجابية الا انه لا يخلو من معايب لا يستطيع التخلص منها جاعلة إياه اعجز من ان يتمكن في غضون العقد المقبل من تقديم الإمكانات الريادية او التطويرات الشاملة تقانياً او ما يدل على امتلاكه الأفق الأوسع في رسم التوقعات الاقتصادية او التنظير المعياري او أي توليفة وافية من هذه الاتجاهات الأربع. والإنصاف بفرض القول باستحواذ القطاع الخاص على الدور الرئيس في النشاط الاقتصادي ولكن عليه ان لا يتوقع ان يكون بديلاً عن القطاع العام لا بل ان لا يغفل دور الأخير في استحثاث الخطى المنافسة له في الاتجاهات الأربع أعلاه من ناحية وفي امتلاكه لسطوة الحكم على المديات السلوكية للغرفة التجارية وامتيازاتها وبالتالي رسم المقاييس التي يؤخذ بناصيتها في المعالجة من قبل الدولة مالكة الإجراءات المطلوبة لتصحيح السياسات الاقتصادية اللأزمة ومواكبة خطوات التنمية الاقتصادية الصحيحة. والاعتماد المتزايد على وجهة النظر أعلاه يطرح بعداً جديداً للتأشير الاقتصادي الذي يأخذ مداه الكامل فقط بالنسبة للسياسات الاقتصادية التي يقترحها القطاع العام فقط ولا ينطوي على أي شئ اسمه تخطيط اقتصادي فيما يتعلق بتفصيل النشاط الاقتصادي الخاص وكل ما قد يسمح لنفسه بصياغته هو تأشير لا تخطيط وهذا الطرح يجنب التحليل الاقتصادي مسألة مركزية ولامركزية التخطيط والبيروقراطية التي سبقت الإشارة إليها في التنفيذ. اما القطاع المختلط فقد اثبت في الإقتصادات النامية نقله لمثالب القطاعين العام والخاص اكثر من حمله مزاياهما وفي مقدمتها مقدرته على تعبئة موارد مالية ضخمة للاستثمار وتغطية الحاجات الاجتماعية ومن ثم تناقض وجهتي النظر العامة والخاصة اكثر من تأزرهما في سبيل تنمية اقتصادية حقيقية. فالقيادة الميدانية للنمو هنا يمكن ضمانها مع مزايا القطاع الخاص الديناميكية وروح المبادرة وسرعة الاستجابة والتحسس للطلب وخلق العرض الدائم وتحاشي البيروقراطية، وتنوع الإنتاج والربحية التفاؤلية لاية استثمارات مرغوبة وردم فجوات السوق الطارئة. وفي النهاية نجد انه بجانب تـنامي رأس المال والتحفظ إزاء التشغيل والأجور والأسعار التي يهتم بها القطاع العام على حساب التنمية الاقتصادية الكلية احياناً كثيرة تقترح ان تكون القيادة الإدارية والفكرية للنخبة معه ومن موقع التشريع والرقابة وموازنة الجوانب الاجتماعية للتنمية. ولذا يصعب القول بإمكانية تزاوج القطاعين وإنجاب قطاع ثالث هو القطاع المختلط على غير ما ذهبت إليه بعض الدراسات(20). وعليه فان التصور المطروح في الغالب الأعم من خلال هذه الدراسة وللاقتصادات النامية المشابهة في ظروفها بعامة لاقتصاد التي العراق بخاصة إعادة النهوض (Catching-up) أولاً في القطاعين العام والخاص بغية استئناف تحريك عجلة التـنمية . يتجلى ذلك، في إعادة صياغة آلياتها الخاصة بالمناخ العام لقطاع الأعمال مع إعادة بناء الأساس المادي لها أي التراكم "وتعبئة الموارد" وتشغيلها مع خلق بيئة تـقانية موسعة قائمة على ركنية الاهتمام بأنشطة البحث والتطوير المحلي "الى جانب الحلقات الجاهزة المستوردة" مع أنشطة الاستثمار الصناعي والزراعي وربطها بأنشطة القطاع الخاص حصراً وتبنى عدد من الإجراءات لعل أهمها: 1) تخفيض القيود الداخلية والخارجية على أداء القطاع الخاص مع إحكام الرقابة على أنشطته. 2) تعزيز أواصر التخطيط التأشيري بين القطاعين بما يقيس التوجهات التنموية العامة للدولة. 3) العمل على تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتقليص هامش اللايقين اما مع النشاط الخاص وخاصة فيما يخص التضخم والمعلومات الكاملة عن السوق والبيانات والنشريات والادبيات المتخصصة في العوم الاقتصادية. 4) الحد من مجالات المضاربة والرسملة وتعدد الوساطات والمراحل في الأنشطة التوزيعية وأية حلقات خدمية اقتصادية او طفيلية تتوسط قطاعي الإنتاج والاستهلاك، والتركيز على معالجة العلاقات الصورية للاقتصاد مثل البيروقراطية والمحسوبية والترهل الاداري من اجل أداء أكفأ واكثر مرونة. 5) دعم وتشجيع نمو القطاع الخاص واتجاهات الخصخصة اللذان يدعمان النمو والتنمية وخاصة في أنشطة الإنتاج السلعي بوجه خاص وبعض مجالات الأنشطة التوزيعية غير الاجتماعية مثل أسواق رأس المال واسواق الاسهم والصيرفة والى جانب التركيز على كفاءة منظومة الأنشطة الخدمية والاجتماعية العامة لمرحلة عشر سنوات مثلا او اقل قابلة لإعادة التقييم اللاحق. ومن هذا الاتجاه تتلاقى وجهة النظر أعلاه مع الشروط المرجعية لعملية التنمية التي حددتها دراسات حديثة(21( تتلخص بكون التنمية عملية تراكمية ومطردة بطبيعتها لا تكتفي بطفرة مؤقتة؛ وان محركها داخلياً وذاتياً في الأساس ؛ وفيها يتم التركيز على التربية والعلم والبحث والتطوير التقني ؛ وان تتم في ظل اطار سياسي واداري ومؤسسي ملائم ومستقر. والدراسة تدعم بعامة اتجاهات التحول الكفء إلى الخصخصة كبعد مؤسسي للنهوض بالاداء التنموي ليس الا، وتلتقي مع التأكيد على قناعات حديثة(22) في تشخيص مثالب الاتجاهين الصرفين: الاشتراكي الذي عانى من المركزية المفرطة والبيروقراطية ثقيلة اليد وضعف نظام الحوافز المادية؛ واقتصاد قوى السوق في المبالغة في التركيز على التوسع باطلاق حرية عمل القطاع الخاص وانفلاته وبالتالي في ظل ظروف لم تتوفر فيها الضوابط الناضجة بعد للاقتصاد والمجتمع. ان نجاح جهود التنمية يتطلب ستراتيجية شفافة واضحة وسهلة التطبيق وتضمن التنسيق بين الأهداف المختلفة والمتناقضة احياناً بين القطاعين العام والخاص مع ما تشرطه من سمات المرونة الكافية لاتاحة المجال للتكيف مع الامور في تغيراتها. وتأييد إعادة إصلاح كفاءة القطاعين العام والخاص والنهوض بهما مع التشديد والتركيز على الكفاءة الإدارية للأول والاقتصادية للثاني، لا ترسيخ احدهما ولا المراوحة بينها على الاقل من منظار العقد الأول من القرن الجديد. (( ثبت الهوامش والمراجع )) 1- 2- 3- 4- 5- د. ابراهيم سعدالدين عبدالله و ابراهيم حسن العيسوي، المصدر السابق، ص 98. 6- المصدر نفسه، ص 100. 7- د. يوسف الصائغ، "مستقبل التنمية العربية ودور القطاعين العام والخاص فيها"، مجلة المستقبل العربي، السنة 13، العدد 142، 1990، ص ص 99-121. 8- د. سمير أمين، حول التبعية والتوسع العالمي للرأسماليين، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1987، ص ص 150-165. 9- د. باسل البستاني، "دور الدولة والقطاع الخاص في العمل الاقتصادي العربي المشترك"، مجلة دراسات عربية، الاعداد 10-11-12، آب - أيلول - تشرين الأول 1992، ص ص 12-27. 10- د. سالم توفيق النجفي، "حول مسألة الرأسمالية: رؤية للقرن الحادي والعشرين "، مجلة المستقبل العربي، السنة الحادية والعشرون، العدد 238، كانون الأول 1998، ص ص 17-33. 11- A. J. Kay and D. J. Thompson, “Privatization: A Policy In Search For A Rational”, Economic Journal, No 96, 1986, PP 22-23. 12- للمزيد والتفصيل : د. علي خليفة الكواري، دور المشروعات العامة في التنمية الاقتصادية: مدخل الى دراسة كفاءة اداء المشروعات العامة في أقطار الجزيرة العربية المنتجة للنفط، سلسلة عالم المعرفة: 42، 1981، ص 42. 13- للتفصيل: د. نوفل قاسم علي الشهواني، "دور السياسات الاقتصادية والنقدية للدولة في مقاومة الحصار الاقتصادي"، جريدة القادسية، العدد 5616، الاحد 1/11/1998. 14- بلغت قيمة الإنتاج الصناعي عام (1989) للمنشآت الصغيرة (2039) مليون دينار في (53378) منشأة وللمتوسطة (119.5) مليون دينار في (414) منشأة بينما بلغت للمنشآت الكبيرة (3422.4) مليون دينار في (833) منشأة موزعة بين (656) في القطاع الخاص و (136) في القطاع العام و (15، 26) في القطاعين المختلط والتعاوني على الترتيب، حول مفهوم المنشأة الكبيرة ينظر الهامش رقم (1) في الجدول رقم (2) . 15- والأهمية النسبية ذاتها كانت قبل ذلك أيضاً، ينظر مثلاً: د. وليد اسماعيل السيفو وسعد عجيل شهاب، "تحليل وتقويم العوامل الاقتصادية المؤثرة على الإنتاج الصناعي؛ دراسة ميدانية للوحدات الصناعية الكبيرة للقطاع الخاص في محافظة نينوى"، مجلة تنمية الرافدين، العدد 27، المجلد 11، العدد 27، أيار 1989، ص 122. 16- يضاف الى ذلك بالنسبة لاقتصادات نامية أخرى تحسن في الموقف المالي الخارجي للبلد وتخفيض المديونية الخارجية إن وجدت كما حصل لبولندا في السبعينيات، ينظر: د. عبد الغفور حسن كنعان المعماري، مصدر سابق، ص 281. وبالنسبة لاقتصادات أفقر فأنها تشجع الاستثمار الاجنبي الخاص في زيادة الموارد المالية وفي توسيع الاسواق والتشغيل والتطور التقاني كما في تجربة الهند وغيرهـــا، ينظر : المصدر نفسه، ص ص 338-345. 17- تاركين نسباً متواضعة جداً للقطاعين المختلط والتعاوني. 18- للتفصيل ينظر: نوفـل قـاسم على الشهواني، "آثار البحث والتطوير على الإنتاجية، نموذج مقترح لتقدير الكفاءة والتقنية؛ بالتطبيق على عدد من وحدات الصناعة التحويلية في العراق بين(1968-1996)"، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة الموصل، 1998. 19- مشيرة الى ضآلة الأهمية النسبية إحصائياً وليس الى انخفاض عدد درجات الحرية في تحليل التباين. 20- ينظر: يوسف صايغ، مصدر سابق، ص 109. 21- د. يوسف صائغ، "التنمية العربية : من قصور الماضي الى هاجس المستقبل"، منتدى الفكر العربي، عمان، 1995، ص ص 4-5 ؛ د. نوفل قاسم علي الشهواني، "حول مسألة الرأسمالية، رؤية للقرن الحادي والعشرين : تعقيب"، مجلة المستقبل العربي، قيد النشر. 22- د. محمود عبدالفضيل، "التنمية العربية: من قصور الماضي الى هاجس المستقبل"، عرض كتاب، مجلة المستقبل العربي، السنة 20، العدد 221، تموز، 1997، ص ص 135-143. المصدر: ملتقى شذرات
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201) |
العلامات المرجعية |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع تجربة العراق .. دور القطاع العام والقطاع الخاص في التنمية الاقتصادية | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
العناني : القطاع الخاص ينحاز لمصالحه | Eng.Jordan | الأردن اليوم | 0 | 08-14-2016 09:36 AM |
تقييم تجربة القطاع الخاص في إدارة المخلفات الصلبة فى مصر | Eng.Jordan | بحوث ودراسات منوعة | 0 | 08-23-2013 12:28 AM |
دور القطاع الخاص في توظيف العمالة الوطنية | Eng.Jordan | بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد | 0 | 11-05-2012 08:58 PM |
دور القطاع الخاص في تنمية وتطوير العمل التطوعي | Eng.Jordan | بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد | 0 | 07-01-2012 01:22 PM |
التنمية الاقتصادية بين الدولة والقطاع الخاص | Eng.Jordan | بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد | 0 | 01-10-2012 12:50 AM |