#1  
قديم 05-02-2017, 03:02 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,537
افتراضي التكلفة الاقتصادية للعنف والتمييز ضد المرأة


احمد حسن - مركز البديل للتخطيط والدراسات الأستراتيجية


على الرغم من الجهود العالمية، والمحلية المبذولة، لزيادة دور المرأة في عملية التنمية الاقتصادية، والتعريف بأهميته، إلا أن المرأة في الكثير من دول العالم، خاصة النامية منها لا تزل تعاني من ممارسة العنف، والتمييز ضدها.
وهناك محاولات من بعض المنظمات الدولية، مثل صندوق الأمم المتحدة للأنشطة السكانية بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والمجلس القومي للمرأة للوصول لتقدير عن حجم الخسائر الاقتصادية الناتجة عن العنف ضد المرأة في مصر.
وتسعى تلك الدراسة للإجابة عن مجموعة من التساؤلات الخاصة بمظاهر التمييز، والعنف ضد المرأة، وأثر ذلك على الاقتصاد القومي، كما تحاول هذه الورقة تقديم مجموعة من المقترحات التي تعمل على تحسين وضع المرأة نسبياً داخل المجتمع، وزيادة تمكينها اقتصادياً.
المحور الأول: مظاهر العنف والتمييز ضد المرأة:
لا يمكن أن نُنكر التطورات التي حدثت على الساحة المصرية في مجال حقوق المرأة خلال المائة عام الأخيرة، حيث تم إنشاء أول جمعية نسائية مصرية تحت مسمى جمعية المرأة الجديدة عام 1919، إضافة إلى أن دستور 1923، تضمن نصاً للمساواة بين الفتيات، والفتيان في الالتحاق بالتعليم الابتدائي المجاني، إضافة إلى اكتساب المرأة أول المكاسب السياسية في دستور 1956، حيث أصبح لدى المرأة حق التصويت والترشح للانتخاب، كما شهد عام 1957 دخول أول امرأة البرلمان، كما شهد عام 1962 تعيين أول وزيرة مصرية، كما تم إنشاء المجلس القومي للمرأة عام 2000، إضافة، إلى العديد من الجمعيات المؤيدة للمرأة.
وعلى الرغم من كل هذا التاريخ المُشرف للحركة النسوية في مصر، إلا أن الواقع يرصد العديد من مظاهر العنف والتمييز ضد المرأة ، التي تبدو في كثير من الأوقات مُفجعة، حيث تتصدر مصر على سبيل المثال، قائمة الدول العربية في ممارسة العنف ضد المرأة خلال العام 2015، وفقاً لأحدث الدراسات الاجتماعية التي أجرتها وكالة رويترز، ويمكن في هذا الإطار تقسيم هذه المظاهر إلى جانبين:
مظاهر العنف ضد المرأة: يُعرف مصطلح العنف ضد المرأة على أنه، أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عليه أو يرجح أن يترتب عليه أذى، أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية، أو الجنسية، أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل، أو القسر، أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.
ويشير المسح السكاني الصحي لمصر عام 2014 إلى أن 30% على الأقل من النساء المتزوجات في مصر تعرضن لشكل من أشكال العنف الجسدي، أو النفسي، على يد أزواجهن، وأن 25% من النساء المتزوجات تعرضن للعنف الجسدي على يد أزواجهن، كما بلغ معدل انتشار ختان الإناث 92% خلال عام 2014، للفتيات في الفئة العمرية (15-49)، على الرغم من ارتفاع صيحات وزارة الصحة بتجريم الختان ومنعه، كما تحتل مصر المرتبة الثانية في التحرش الجنسي بعد أفغانستان، فبحسب تقارير دولية تتعرض 64% من سيدات مصر للتحرش بنسب متفاوتة، ويعود ارتفاع نسبة العنف ضد المرأة في المجتمع المصري إلى مجموعة من الأسباب أهمها:
  • ارتفاع نسبة الأمية بين الإناث، والتعليم المنخفض، حيث يجعل التعليم المنخفض النساء أكثر تقبلاً للعنف، على أساس أن الفتيات ذات التعليم المنخفض لا تكون على معرفة كافية بحقوقها، إضافة إلى أنها تعتمد في أغلب الأحوال على الزوج كمصدر للدخل، ومن ثم تقع تحت قبضة الزوج، وتشير الإحصائيات إلى أن 39.5% من النساء المتزوجات بتعليم ابتدائي تعرضن للعنف من أزواجهن، مقارنة بــ 25% من النساء المتزوجات الحاصلات على تعليم ثانوي أو أعلى،
  • ثقافة السيدات أنفسهن في الدفاع عن حقوقهن، حيث كشف تقرير صادر من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن أقل من 1% فقط من السيدات التي تعرضت للعنف الجسدي سعين للحصول على مساعدة الشرطة.
  • التفسيرات الخاطئة للدين تعد، عاملاً أساسياً للعنف ضد المرأة خاصة في المجتمع المصري الذي يعاني من وجود تيارات إسلامية أصولية.
  • الحالة الاقتصادية المتردية تجعل في كثير من الأحوال، الزوج يعنف زوجته، خاصة وأن الرجل في أغلب الأحوال هو الذي يعول المرأة.
  • ثقافة المجتمع نفسه ، التي تحاول أن تزرع دائماً في عقول الفتيات، فكرة أن أهداف النساء يجب أن تنحصر في الاهتمام بالزوج والأولاد.
مظاهر التمييز: شملت الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة تعزيز المساواة بين الجنسين، كما تمكن العالم بالفعل من تحقيق المساواة في التعليم الابتدائي بين الفتيات والفتيان، إضافة إلى وجود اتفاقية للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة عام 2000، وعلى الرغم من ذلك لا زالت مصر تقع في ترتيب متأخر في مؤشر الفجوة بين الجنسين، حيث تأتي في الترتيب 136 من بين 145 دولة شملها المؤشر عام 2015، وفيما يتعلق بترتيب مصر على أساس الفجوة بين الجنسين في مجال المشاركة الاقتصادية تأتي مصر في الترتيب 135 من أصل 145 دولة عام 2015، ويوضح الشكل البياني التالي درجات مصر في مؤشر الفجوة بين الجنسين ككل، والمؤشر الفرعي الخاص بالفجوة بين الجنسين في النشاط الاقتصادي خلال الفترة (2006-2015):
الاقتصادية 1010.png
يتضح من البيانات الوارده أن مصر لم تشهد تطوراً ملحوظاً في مجال القضاء على التمييز بين مشاركة المرأة، والرجل بشكل عام أو فيما يتعلق بالنشاط الاقتصادي بشكل خاص خلال الفترة (2006-2015)، حيث حصلت مصر على 0.599 درجة عام 2015 في المؤشر الإجمالي مقارنة بـ 0.579 عام 2006، أي أن هناك زيادة قدرها 0.020 درجة فقط، في حين حصلت مصر على 0.441 درجة عام 2015 في مؤشر الفجوة بين الجنسين الاقتصادية مقارنة بـ 0.416 درجة عام 2006، أي بزيادة قدرها 0.026 درجة فقط.
وتعود أسباب الفجوة الكبيرة في المساواة بين الجنسين اقتصادياً في مصر إلى مجموعة من العوامل أهمها ما يلي:
  • ارتفاع نسبة العاملات في القطاع الزراعي في مصر، حيث تصل نسبة العاملات في هذا القطاع إلى 47% من إجمالي القوة العاملة من الإناث، وفقاً لتقديرات البنك الدولي عام 2005، وفي غالبية الأحوال تكون المرأة مساعدة لزوجها في أعمال الزراعة دون أجر على الرغم من صعوبة ومشقة القيام بأعمال الزراعة، إضافة، إلى انخفاض نسب حيازة المرأة داخل هذا القطاع، فوفقاً لإحصائيات منظمة المرأة العربية عام 2000 فإن نسبة الإناث الحائزات على الأراضي الزراعية، إلى إجمالي الحائزين لا تُمثل سوى 5.7% فقط، ونسبة الإناث الحائزات علي المواشي إلى إجمالي الحائزين، لا تُمثل إلا4.1% فقط، كما أن نسبة النساء المالكات لآلات زراعية وآلات ري إلى إجمالي الملاك 3.5% فقط، ما يوضح حجم التمييز ضد المرأة في هذا القطاع.
  • أحياناً ما يوجد تمييز في الأجور بين النساء والرجال لنفس العمل الواحد، حتى وإن كانت مصر تأخذ ترتيباً لا بأس به في هذا الشأن، حيث تحتل الترتيب 24 من بين 145 دولة في العالم في المساواة بين الجنسية في الأجور عام 2015، وفقاً لتقرير الفجوة بين الجنسين.
  • انخفاض نسبة مشاركة المرأة في الوظائف الإدارية العليا والسياسية، ما يُعد تمييزاً واضحاً ضد المرأة، حيث تمثل المرأة 7% فقط من أعضاء مجالس إدارة الشركات المُدرجة في البورصة المصرية، إضافة، إلى أن 14.7% فقط هم نسبة النساء داخل البرلمان المصري الحالي، وإن كانت هناك بعض المؤشرات التي تُقر بتطور ما في تولي المرأة للمناصب القيادية إلا أن الطريق لا يزال طويلاً في هذا الصدد.
  • انخفاض نسبة ملكية النساء لحسابات في مؤسسات مالية مقارنة بالرجال، حيث يملك النساء 50% فقط مما يملكه الرجال من حسابات في المؤسسات المالية، إضافة، إلى أن 34% فقط من المؤسسات في مصر هي التي تشارك النساء في ملكيتها، وفقاً لإحصائيات عام 2015.
  • وجود تمييز نوعي بين الذكور، والإناث في سوق العمل المصرية، حيث بلغت نسبة البطالة بين النساء 24.2% من القوة العاملة النسائية، بينما بلغ معدل البطالة بين الرجال 9.9% من قوة الذكور العاملة، وفقاً لتقرير الفجوة بين الجنسين للعام 2015، إضافة إلى أن الزواج، والإنجاب يمثلوا عوائق حقيقية لعمل المرأة حيث يشترط الكثير من الأزواج داخل المجتمع المصري على المرأة عدم العمل، ما يوضح نظرة الرجل السيئة لعمل المرأة.
المحور الثاني: التكاليف الاقتصادية للعنف والتمييز ضد المرأة
تتكبد الدول خسائر فادحة سنوياً جراء العنف ضد المرأة، حيث تشير الإحصائيات إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تتكلف نحو 12.6 مليار دولار سنوياً نتيجة العنف ضد المرأة، بينما تتكلف كندا نحو 4.2 مليار دولار سنوياً، وفي مسح قام به الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2015 بالتعاون مع جهات أخرى، قدر حجم الخسائر الناتجة عن العنف ضد المرأة من الزوج فقط في مصر بـ 1.49 مليار جنيه لنفس العام، ويمكن تقسيم هذه التكاليف كالتالي:
أ-تكاليف مباشرة: تتمثل في الانتقال من المكان الذي جرى العنف على المرأة فيه إلى مكان العلاج وتكاليفه، وتغيير مكان السكن، ويُقدر هذا النوع من التكاليف عام 2015 بـ 831 مليون جنيه.
ب- تكاليف غير مباشرة: وتتمثل التكاليف غير المباشرة للعنف ضد المرأة في فقدان مصدر دخلها في حالة الامتناع عن العمل أو ممارسة حياتها، ويُقدر هذا النوع من التكاليف عام 2015 بـ 661 مليون جنيه.
كما أن هناك آثار اقتصادية سلبية أخرى نتيجة التمييز ضد المرأة قد تُقدر بأضعاف الأرقام السابق الإشارة إليها في حالة العنف، إلا أنه حتى الآن لا يوجد أية تقديرات سواء دولية أو محلية توضح حجم هذه التكاليف، وتٌمثل البنود التالية بعض بنود التكاليف جراء التمييز ضد المرأة:
  • حجم الانخفاض في رواتب النساء بسبب تمييز الرجال عليهن من ناحية الأجور.
  • حجم الأموال الضائعة نتيجة تفضيل الرجال على النساء في تولي المناصب الإدارية العليا.
  • حجم الرواتب التي لا تسطتيع أغلب النساء العاملة في القطاع الزراعي الحصول عليهن كما تم إيضاح ذلك من قبل.
إضافة إلى هذه التكاليف التي تتحملها النساء سواء نتيجة العنف أو التمييز ضدها، فإن التمييز ضد المرأة يؤدي في بعض الأحوال إلى زيادة نسبة الفقر في الأسر التي تعولها المرأة نتيجة تدنى أجور المرأة.
المحور الثالث: آليات تمكين المرأة اقتصاديا.
  • إصدار قانون بمحاسبة الأسر التي تسرب أولادها من التعليم، ما سيؤثر على وضع المرأة التعليمي بالإيجاب ومن ثم انخفاض تعرضها للعنف.
  • تعريف الفتيات الصغيرات في التعليم الأساسي بحقوقهن في العمل والحياة الكريمة، والابتعاد عن فكرة أن المهمة الرئيسية للنساء هو الاهتمام بالزوج وتربية الأطفال.
  • قيام الأزهر بدوره في عملية إصلاح الخطاب الديني المتعلق بالمرأة.
  • العمل على زيادة تمثيل المرأة في المناصب العُليا، وإعطائها الثقة أن لديها الإمكانية أن تتولى مثل هذه المناصب.
  • اتخاذ الدولة لمجموعة إجراءات من شأنها تأخير الإنجاب للمتزوجين حديثاً، حيث أن أغلب حالات العنف ضد المرأة تأتي من الزوج وفي نفس الوقت أغلب حالات الطلاق في مصر تأتي خلال العام الأول من الزواج، وبالتالي إذا استطاعت الدولة المصرية تأخير إنجاب المتزوجين حديثاً ستنخفض التكاليف الاجتماعية والاقتصادية التي قد تنجم عن العنف ضد المرأة.
  • تعليم السيدات التي تفضل البقاء في المنزل سواء برغبتها أو وفقاً للأعراف والتقاليد في بعض الأماكن العمل على الإنترنت بحيث لا تعتمد على الرجل كمصدر دخل وحيد لها.
  • تمكين المرأة اقتصادياً من خلال الاهتمام بتعليمها، أو إقامة المشروعات الاقتصادية الصغيرة كي تعمل من خلالها وتكون مستقلة بذاتها؛ ذلك لأن الكثير من النساء تخشى النزول للعمل والاحتكاك بالناس خوفاً من المضايقات.

وفي المجمل تتعرض المرأة المصرية إلى العنف والتمييز والتعدي على حقوقها في الميراث في ظل أعراف وتقاليد تمنع توريث النساء، بل والتمييز ضدهن في الحصول على العمل وتولى المناصب الإدارية العلي برغم أن المرأه تمثل نحو 50 % من المجتمع وهذا يتطلب ضرورة التعريف بحقوق المرأة ونشر الوعي الديني والحضاري بأهمية المرأة في المجتمع للمساهمة في تحقيق طفرة اقتصادية مرجوة وتقليل الخسائر الاقتصادية جراء التمييز ضدهن
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
للعنف, المرأة, الاقتصادية, التكلفة, والتمييز


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع التكلفة الاقتصادية للعنف والتمييز ضد المرأة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تعليق أولي على حقوق المرأة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 11-05-2015 10:25 AM
المتدينون والتمييز السياسي عبدالناصر محمود بحوث ودراسات منوعة 0 02-28-2015 08:16 AM
باريس تنتفض في مسيرة لا للعنف ضد المرأة عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 11-24-2013 08:08 AM
تحليلات: "آيفون" منخفض التكلفة سيأتي بعدة ألوان ام زهرة الحاسوب والاتصالات 0 07-10-2013 12:29 PM
علاقة بعض المتغيرات النفسية والمعرفية والاجتماعية بمستويات تقبل المرأة للعنف الزواجى Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 11-15-2012 09:04 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:15 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59