موقف "سيادة"

"سيادة" , موقف

أحمد حسن الزعبي









مقال الاحد 15-2-2015

النص الأصلي

صحيفة هزيلة..لا تتوقف عن نشر رسوم جارحة بحق الأديان والأعراق والحضارات ، ولا تتوانى عن تصوير العرب والمسلمين بالجرذان والأغبياء وطوال اللّحى والأذان ، استفزّت مليار ونصف مليار مسلم ، وبمجرّد أن تعرّض بعض أفرادها الى جريمة قتل - كردّ فعل متوقّع - تعاطف معها الكون بأسره من بطاريق النصف الجنوبي من الكرة الأرضية إلى دجاجات "ام يحيى" في الحارة الشمالية من العالم، و في ساعات قليلة صدرت ألاف الإدانات ، وآلاف البراءات من العمل "الإجرامي"...ووجهت دعوات للمشاركة ،وانشغلت السماء الأوروبية بعشرات الطائرات القادمة للمشاركة ، ونجحت الدولة الفرنسية بحشد تظاهرة عالمية شارك بها زعماء وساسة ورجال إعلام وأعمال ونجوم فن ورؤساء بلديات وقطاريز و سنافر وغيره من المهتمين الذين وجدوها فرصة لمسح "الجوخ" الغربي ،والمشاركة في توجيه وتثبيت لافتة الإرهاب على العرب...

... ضياء شادي بركات (23 سنة) طالب في كلية طب الأسنان ، زوجته يسر محمد أبو صالحة (21 سنة)، وشقيقتها رزان محمد أبو صالحة (19 سنة( عائلة عربية مسالمة مسلمة تعيش في بلدة تشابيل هيل في ولاية كارولاينا الشمالية ...يقوم شخص متطرف إرهابي مشحون بالكراهية بقتلهم جميعاً فقط لأن أشكالهم لا تعجبه ، فتارة يستفزه منظر الحجاب، وتارة لون بشرتهم محاولاً غير مرة ان يفتعل مشاجرة فقط لأن جيرانه من المسلمين، لينهي حقده برصاصات هوجاء استقرت في صدور ورؤوس ثلاثة طلاب جامعيين ..

ترى ماذا قال الإعلام الأمريكي ؟؟

فقط بذل قصارى جهده بــ"تمييع" الدم العربي المراق ، وصغّر من شكل الجريمة أمام الرأي العام...فالقصة لا تعدو ان تكون اختلاف على موقف سيارة حسب الدعاية الاعلامية!!...

شهر واحد فقط يفصل بين "جريمة إرهابية "في فرنسا...واختلاف على "موقف سيارة" في امريكا...مع ان القتلى في الحالتين دفعوا حياتهم بنفس الطريقة ،لا بل أن الطلاب الشهداء الثلاثة "ضياء ، يُسر، ورزان" لم يسخروا من دين أحد ولم يستهزئوا بعرق أحد ولم يتطاولوا على رسالة أحد ولم يصوروا الأمريكان بالجرذان والأغبياء ومصاصين الدماء كانوا مسالمين أكثر مما يجب متمسكين بلباسهم ودينهم وتقاليدهم كما يجب...

**

بالمناسبة وللتذكير فقط: نحن أيضا لدينا ساحات مجهزة ، ومطارات واسعة ، ونستطيع ان نوجه للعالم دعوات لمشاركتنا في مواساتنا وتعرية "الاجرام والحقد الغربي" على حقيقته ، فكما انهم لا يفوتون فرصة ليشوهوا صورنا بالدم والتخلف، يجب الا نفوّت الفرصة لتعرية الوجه الآخر من القبح والكره العرقي والديني ...لم لا نصطف كما اصطفّ العالم قبل شهر امام القصر الرئاسي الفرنسي ونقول : je suis"" جو سوي.. ضياء يُسر ورزان"...

***

يبدو أن المسألة ليست مسألة ضياع "موقف سيارة" بقدر ما هو ضياع "موقف سيادة" عربية واسلامية في زمن الضعف والانحطاط!.



احمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

المصدر: ملتقى شذرات