العودة   > >

كتب ومراجع إلكترونية عرض وتحميل الكتب الإلكترونية ebooks

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 12-07-2020, 10:23 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,419
افتراضي كتاب أخبار أبي حنيفة وأصحابه


الكتاب: أخبار أبي حنيفة وأصحابه
المؤلف: الحسين بن علي بن محمد بن جعفر، أبو عبد الله الصَّيْمَري الحنفي (المتوفى: 436هـ)
الناشر: عالم الكتب - بيروت
الطبعة: الثانية، 1405هـ - 1985م
عدد الأجزاء: 1
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
نحمده وَنُصَلِّي على رَسُوله الْكَرِيم
نسب أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ

أخبرنَا القَاضِي ابو عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن الطَّالقَانِي قَالَ حَدثنَا القَاضِي ابوعبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد الصَّيْمَرِيّ بِبَغْدَاد فِي مَسْجِد درب الزرادين وَذَلِكَ فِي شهر رَمَضَان من سنة أَربع وَأَرْبَعمِائَة قَالَ أخبرنَا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى المرزباني قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن أَحْمد الْكَاتِب قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن يزِيد يَقُول ابو حنيفَة مولى لبني تيم الله بن ثَعْلَبَة
أخبرنَا ابو عبد الله أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ حَدثنَا أَبُو بكر أَحْمد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ حَدثنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن كأس النَّخعِيّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن عَفَّان العامري قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن اسحاق البكائي عَن عمر بن حَمَّاد بن أبي حنيفَة قَالَ أَبُو حنيفَة النُّعْمَان بن ثَابت بن زوطي فَأَما زوطي فَإِنَّهُ من أهل كابل ولد ثَابت على الاسلام وَكَانَ زوطي مَمْلُوكا لنَبِيّ تيم الله بن ثَعْلَبَة فَأعتق فولاؤه لنَبِيّ تيم الله بن ثَعْلَبَة ثمَّ لنَبِيّ قفل وَكَانَ أَبُو حنيفَة خزازا ودكانه مَعْرُوف فِي دَار عَمْرو بن حُرَيْث بِالْكُوفَةِ
(1/15)
________________________________________
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عَليّ بن عَمْرو قَالَ ثَنَا أَحْمد بن إِسْحَاق بن البهلول عَن أَبِيه عَن جده قَالَ ثَابت وَالِد أبي حنيفَة رَحمَه الله من أهل الأنبار وروى ان أصل أبي حنيفَة من ترمذ وروى ان أَصله من نسا
أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ أَنا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد ابْن عبيد الله بن شَاذان الْمروزِي قَالَ حَدثنَا أبي عَن جدي قَالَ سَمِعت إِسْمَاعِيل ابْن حَمَّاد بن أبي حنيفَة يَقُول أَنا إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن النُّعْمَان بن ثَابت بن النُّعْمَان ابْن الْمَرْزُبَان من أَبنَاء فَارس الْأَحْرَار وَالله مَا وَقع علينا رق قطّ ولد جدي فِي سنة ثَمَانِينَ وَذهب ثَابت إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ صَغِير ودعا لَهُ بِالْبركَةِ فِيهِ وَفِي ذُريَّته وَنحن نرجو من الله ان يكون قد اسْتَجَابَ الله ذَلِك لعَلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِينَا قَالَ والنعمان بن الْمَرْزُبَان أَبُو ثَابت هُوَ الَّذِي أهْدى إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ الفالوذج فِي يَوْم النيروز فَقَالَ نوروزنا كل يَوْم
وَقيل كَانَ ذَلِك فِي المهرجان فَقَالَ مهرجونا كل يَوْم
هَيْئَة أبي حنيفَة وَصفته وَحسن زيه

أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ حَدثنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد المرزوي قَالَ حَدثنِي احْمَد بن الْقَاسِم قَالَ ثَنَا البرتي القَاضِي قَالَ سَمِعت أَبَا نعيم يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة جميلا حسن الْوَجْه حسن اللِّحْيَة حسن الثَّوْب
اُخْبُرْنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت أَبَا نعيم يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله حسن الْوَجْه وَالثَّوْب والنعل وَالْبر والمؤاساة لكل من أطاف بِهِ وَكَانَ اول من كتب كتبه أَسد بن عَمْرو البَجلِيّ وَكَانَ يكنى أَبَا عَمْرو
(1/16)
________________________________________
أخبرنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد بن مُفلس قَالَ ثَنَا الْحمانِي قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول مَا كَانَ أوقر مجْلِس أبي حنيفَة كَانَ يتشبه الْفُقَهَاء بِهِ وَكَانَ حسن السمت حسن الْوَجْه حسن الثَّوْب وَلَقَد كُنَّا يَوْمًا فِي الْمَسْجِد الْجَامِع فَوَقَعت حَيَّة فَسَقَطت فِي حجر أبي حنيفَة فهرب النَّاس غَيره مَا رَأَيْته زَاد على أَن نفض الْحَيَّة وَجلسَ مَكَانَهُ
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي رَحْمَة الله عَلَيْهِ قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن عَفَّان قَالَ سَمِعت نمر بن جِدَار يَقُول سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله ربعَة من الرِّجَال لَيْسَ بالقصير وَلَا بالطويل وَكَانَ أحسن النَّاس منطقا وأحلاهم نَغمَة وأبينهم عَمَّا يُرِيد
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن إِسْحَاق بن عمر بن حَمَّاد بن أبي حنيفَة أَن أَبَا حنيفَة كَانَ طَويلا تعلوه سَمُرَة وَكَانَ لباسا حسن الْهَيْئَة كثير التعطر يعرف برِيح الطّيب إِذا أقبل وَإِذا خرج من منزله قبل أَن ترَاهُ
مولد أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ

أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء وَعبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَا حَدثنَا مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب قَالَ حَدثنِي أَحْمد بن الْقَاسِم قَالَ ثَنَا البرتي القَاضِي قَالَ سَمِعت أَبَا نعيم يَقُول ولد ابو حنيفَة سنة ثَمَانِينَ
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا الْحَارِث بن أبي اسامة قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سعد قَالَ سَمِعت الْوَاقِدِيّ يَقُول حَدثنِي حَمَّاد بن أبي حنيفَة قَالَ ولد أَبُو حنيفَة سنة ثَمَانِينَ
(1/17)
________________________________________
من لَقِي أَبُو حنيفَة من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَمَا رَوَاهُ عَنْهُم

حَدثنَا أَبُو بكر هِلَال بن مُحَمَّد ابْن اخي هِلَال الرَّأْي قَالَ ثَنَا أبي أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن حمدَان الطَّيَالِسِيّ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن الصَّلْت قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة انه قَالَ حججْت مَعَ أبي سنة سِتّ وَتِسْعين ولي سِتّ عشرَة سنة فَإِذا أَنا بشيخ قد اجْتمع النَّاس عَلَيْهِ فَقلت لأبي من هَذَا الرجل فَقَالَ هَذَا رجل قد صحب مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُ عبد الله ابْن الْحَارِث بن جُزْء فَقلت لأبي أَي شَيْء عِنْده قَالَ أَحَادِيث سَمعهَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت قدمني إِلَيْهِ حَتَّى أسمع مِنْهُ فَتقدم بَين يَدي فَجعل يفرج عني النَّاس حَتَّى دَنَوْت مِنْهُ فَسَمعته يَقُول سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من تفقه فِي دين الله كَفاهُ الله همه ورزقه من حَيْثُ لَا يحْتَسب
حَدثنَا هِلَال قَالَ ثَنَا أبي أَبُو عبيد الله قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن حمدَان قَالَ ثَنَا أَحْمد بن الصَّلْت عَن بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة قَالَ سَمِعت أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ يَقُول سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الدَّال على الْخَيْر كفاعله وَالله يحب إغاثة اللهفان
قَالَ لنا أَبُو بكر هِلَال وَقد أدْرك أَبُو حنيفَة من الصَّحَابَة أَيْضا عبد الله بن أبي أوفى وَأَبا الطُّفَيْل عَامر بن وثلة وهما صحابيان
أخبرنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا أَبُو بكر مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ سَمِعت أَبَا نعيم يَقُول ولد أَبُو حنيفَة سنة ثَمَانِينَ وَتوفى سنة خمسين وَمِائَة وَرَأى انس بن مَالك سنة خمس وَتِسْعين وَسمع مِنْهُ
(1/18)
________________________________________
أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد ابْن مُحَمَّد ثَنَا ابْن سَمَّاعَة وَبشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة قَالَ كَانَ عُلَمَاؤُنَا كلهم يَقُولُونَ فِي سَجْدَتي السَّهْو انهما بعد السَّلَام ويتشهد فيهمَا وَيسلم قَالَ حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان هَكَذَا يُفْتِي أنس بن مَالك قَالَ أَبُو حنيفَة وَسَأَلت أنس ابْن مَالك فَقَالَ هَكَذَا هُوَ
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا الْعَبَّاس بن بكار قَالَ ثَنَا أَسد بن عَمْرو عَن أبي حنيفَة عَن أنس بن مَالك قَالَ كَأَنِّي انْظُر الى لحية أبي قُحَافَة كَأَنَّهَا ضرام عرفج
ابْتِدَاء نظر أبي حنيفَة فِي الْفِقْه وَالسَّبَب فِيهِ

أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن مغلس قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سَمَّاعَة قَالَ سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول لما أردْت طلب الْعلم جعلت أتخير وأشاور فَقلت أتحفظ الْقُرْآن فَأَكُون فِي مَوضِع يأتيني الْخلق لقرَاءَته وَأعلم النَّاس الْقُرْآن فَقلت يكون احداث يَحْفَظُونَهُ كَمَا أحفظه ثمَّ شاورت فَقيل لي النَّحْو فَقلت إِذا بلغت فِيهِ الْغَايَة جَلَست مَعَ صبي أؤدبه لبَعض الْمُلُوك ثمَّ شاورت فَقيل لي الْغَرِيب وَالشعر فَقلت إِذا بلغت فِيهِ الْغَايَة صرت أمدح وأذم وأتصدق بِهِ فَقلت الْكَلَام ثمَّ قلت إِذا بلغت فِيهِ الْغَايَة قَالُوا زنديق ثمَّ قلت الحَدِيث فَقلت إِذا بلغت فِيهِ الْغَايَة أردْت ان أداري فِيهِ الصّبيان وَإِن اجْتمع عَليّ جمَاعَة أَو قصدوني فأخرجت طرائف مَا جمعت قَالُوا كَذَّاب فَصَارَ شَيْئا عَليّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قلت فالفقه فطلبت فِيهِ عَيْبا فَلم أجد فِيهِ قلت أول مَا آخذ فِيهِ أصير جَلِيسا للْعُلَمَاء والأشياخ وَإِن جرت مَسْأَلَة فِي
(1/19)
________________________________________
الْقَرَابَة أَو الْجِيرَان اَوْ فَرِيضَة سَأَلُونِي عَنْهَا فان كَانَت عِنْدِي معرفَة وَإِلَّا قَالُوا يجب ان تسْأَل الَّذين تجالسهم فأسأل عَنْهَا ويتوقعون جوابي عَنْهَا فآتيهم بنبل وَعلم ووقار فَمن اراد ان يطْلب بِهِ دينا بلغ امرا حسنا جسيما وَصَارَ إِلَى رفْعَة وَمن أَرَادَ الْعِبَادَة وَالْخَيْر لم يسْتَطع اُحْدُ ان يَقُول تعبد بِلَا علم وَلَا عقل وَقبل علم وَعمل بِعِلْمِهِ
أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ حَدثنَا منْجَاب قَالَ حَدثنَا شريك عَن حُصَيْن قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى حَلقَة أبي حنيفَة وَكَانَ يطْلب الْكَلَام فَسَأَلته عَن مَسْأَلَة فَلم يحسنوا فِيهَا شَيْئا من الْجَواب فَانْصَرَفت إِلَى حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان فَسَأَلته فأجابها فَرَجَعت إِلَيْهِ فَقَالَت غررتموني سَمِعت كلامكم وَلم تحسنوا شَيْئا فَقَامَ أَبُو حنيفَة فَأتى حمادا فَقَالَ لَهُ مَا جَاءَ بك قَالَ أطلب الْفِقْه قَالَ تعلم كل يَوْم ثَلَاث مسَائِل وَلَا تزد عَلَيْهَا شَيْئا حَتَّى ينتفق لَك شَيْء من الْعلم فَفعل وَلزِمَ الْحلقَة حَتَّى فقه فَكَانَ النَّاس يشيرون إِلَيْهِ بالأصابع
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا هناد بن السّري قَالَ سَمِعت يُونُس بن بكير يَقُول سَمِعت إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان يَقُول غَابَ أبي غيبَة فِي سفر لَهُ ثمَّ قدم فَقلت لَهُ يَا أبه الى اي النَّاس كنت اشوق قَالَ وانا ارى انه يَقُول إِلَى ابْني فَقَالَ إِلَى أبي حنيفَة لَو امكنني ان لَا أرفع طرفِي عَنهُ فعلت
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ حَدثنَا مكرم قَالَ حَدثنِي عبد الصَّمد بن
(1/20)
________________________________________
عبد الله عَن الْقَاسِم بن عبد الله بن عَامر قَالَ ثَنَا عُمَيْر بن عمار الْهَمدَانِي قَالَ أَنا مُحَمَّد بن أبان الْقرشِي قَالَ قَالَ لي أَبُو حنيفَة إِنِّي لأدعو الله لحماد فأبدأ بِهِ قبل أَبَوي
ابْتِدَاء جُلُوسه للفتيا وَالسَّبَب فِي ذَلِك

أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا ابْن عَابس قَالَ سَمِعت حَمَّاد بن سَلمَة يَقُول كَانَ مفتي الْكُوفَة والمنظور إِلَيْهِ فِي الْفِقْه بعد موت إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان فَكَانَ النَّاس بِهِ أَغْنِيَاء فَلَمَّا مَاتَ احتاجوا إِلَى من يجلس لَهُم وَخَافَ أَصْحَابه ان يَمُوت ذكره ويندرس الْعلم وَكَانَ لحماد ابْن حسن الْمعرفَة فَأَجْمعُوا عَلَيْهِ فَجَاءَهُ أَصْحَاب أَبِيه ابو بكر النَّهْشَلِي وَأَبُو بردة الْعُتْبِي وَمُحَمّد بن جَابر الْحَنَفِيّ وَغَيرهم فَاخْتَلَفُوا إِلَيْهِ فَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ النَّحْو وَكَلَام الْعَرَب فَلم يصبر لَهُم على الْقعُود فأجمع رَأْيهمْ على أبي بكر النَّهْشَلِي فَسَأَلُوهُ فَأبى فسألوا ابا بردة فَأبى فَقَالُوا لأبي حنيفَة فَقَالَ مَا أحب أَن يَمُوت الْعلم فساعدهم وَجلسَ لَهُم فَاخْتَلَفُوا إِلَيْهِ ثمَّ اخْتلف إِلَيْهِ بعدهمْ ابو يُوسُف وَأسد بن عَمْرو وَالقَاسِم بن معن وَزفر بن الْهُذيْل والوليد وَرِجَال من أهل الْكُوفَة فَكَانَ أبوحنيفة يفقههم فِي الدّين وَكَانَ شَدِيد الْبر بهم والتعاهد وَكَانَ ابْن ابي ليلى وَابْن شبْرمَة وَشريك وسُفْيَان يخالفونه وَيطْلبُونَ شينه فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى استحكم امْرَهْ وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ الْأُمَرَاء وَذكره الْخُلَفَاء
(1/21)
________________________________________
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد ابْن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا الْحسن بن الرّبيع قَالَ ثَنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ سَمِعت دَاوُد الطَّائِي يَقُول كَانَ مفتي النَّاس بِالْكُوفَةِ حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان وَكَانَ لحماد ابْن يُقَال لَهُ اسماعيل ابْن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان فَلَمَّا جَاءَ موت حَمَّاد أَجمعُوا ان يكون إِسْمَاعِيل يجلس لَهُم ويصبر عَلَيْهِم فنظروا فَإِذا الْغَالِب عَلَيْهِ الشّعْر والسمر وَأَيَّام النَّاس فَقَالَ ابو بكر النَّهْشَلِي وَكَانَ من أَصْحَاب حَمَّاد وَأَبُو بردة وَمُحَمّد بن جَابر الْحَنَفِيّ وَجَمَاعَة من أَصْحَاب حَمَّاد فَقَالَ ابو حُصَيْن وحبِيب بن أبي ثَابت إِن هَذَا الخزاز حسن الْمعرفَة وَإِن كَانَ حَدثا فَأَجْلَسُوهُ فَفَعَلُوا وَكَانَ رجلا مُوسِرًا سخيا ذكيا فَجَلَسَ وصبر نَفسه عَلَيْهِم وَأحسن مؤاساتهم وحباهم وأكرمه الْحُكَّام والأمراء وارتفع شَأْنه فَاخْتلف إِلَيْهِ الطَّبَقَة الْعليا ثمَّ جَاءَ بعدهمْ ابو يُوسُف وَأسد بن عَمْرو وَالقَاسِم بن معن وَأَبُو بكر الْهُذلِيّ والوليد بن أبان وَكَانَ الَّذين يناصبونه ويتكلمون فِيهِ ابْن أبي ليلى وَابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَشريك وَجَمَاعَة يخالفونه وَيطْلبُونَ لَهُ الشين وَجعل امْرَهْ يزْدَاد علوا وَكثر اصحابه حَتَّى كَانَت حلقته أعظم حَلقَة فِي الْمَسْجِد وأوسعهم فِي الْجَواب فَصَبر عَلَيْهِم واتسع على كل ضَعِيف مِنْهُم وَأهْدى إِلَى كل مُوسر فَانْصَرَفت وُجُوه النَّاس إِلَيْهِ حَتَّى أكْرمه الْأُمَرَاء والحكام والأشراف وَقَامَ بالنوائب وحمده الْكل وَعمل أَشْيَاء أعجزت الْعَرَب وقوى على ذَلِك بِالْعلمِ الْوَاسِع وأسعدته الْمَقَادِير فَكثر حساده قَالَ وَكَانَ يَقُول القَاضِي مثل السابح فِي الْبَحْر كم يسبح وَمن يرضى وَإِن كَانَ عَالما
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس ابْن اخي جبارَة قَالَ ثَنَا مليح بن وَكِيع قَالَ سَمِعت أبي يَقُول سَمِعت رجلا يسْأَل أَبَا حنيفَة بِمَ يستعان على الْفِقْه حَتَّى يحفظ قَالَ يجمع الْهم قَالَ قلت وَبِمَ يستعان على جمع الْهم قَالَ بِحَذْف العلائق قَالَ قلت وَبِمَ يستعان على حذف العلائق قَالَ تَأْخُذ الشَّيْء عِنْد الْحَاجة وَلَا تزد
(1/22)
________________________________________
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا نصر بن عَليّ قَالَ سَمِعت خَالِد بن الْحَارِث يَقُول سَمِعت شُعْبَة يَقُول سَمِعت حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان يَقُول كَانَ ابو حنيفَة رَحمَه الله يجالسنا بالسمت وَالْوَقار والورع وَكُنَّا نغذوه بِالْعلمِ حَتَّى دقق السُّؤَال فَخفت عَلَيْهِ من ذَلِك وَكَانَ وَالله حسن الْفَهم جيد الْحِفْظ حَتَّى شنعوا عَلَيْهِ بِمَا هُوَ وَالله أعلم بِهِ مِنْهُم فيلقون عدا الله وانا أعلم أَن الْعلم جليس النُّعْمَان كَمَا أعلم ان النَّهَار لَهُ ضوء يجلو ظلمَة اللَّيْل
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا أَبُو غَسَّان قَالَ سَمِعت أسرائيل يَقُول نعم الرجل النُّعْمَان مَا كَانَ أحفظه لكل حَدِيث فِيهِ فقه وَأَشد فحصه عَنهُ وأعلمه بِمَا فِيهِ من الْفِقْه وَكَانَ قد ضبط عَن حَمَّاد فَأحْسن الضَّبْط عَنهُ فَأكْرمه الْخُلَفَاء والأمراء والوزراء وَكَانَ إِذا ناظره رجل فِي شَيْء من الْفِقْه همته نَفسه وَلَقَد كَانَ مسعر يَقُول من جعل أَبَا حنيفَة إِمَامًا فِيمَا بَينه وَبَين الله رَجَوْت ان لَا يخَاف وَلَا يكون فرط فِي الِاحْتِيَاط لنَفسِهِ
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ حَدثنَا عَليّ ابْن مُحَمَّد النَّخعِيّ القَاضِي قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن الرّبيع الْحداد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن حَفْص عَن الْحسن بن سُلَيْمَان انه قَالَ فِي تَفْسِير الحَدِيث الَّذِي جَاءَ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يظْهر الْعلم قَالَ هُوَ علم أبي حنيفَة وَتَفْسِيره الْآثَار
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَبُو بكر المسكي قَالَ ثَنَا القَاضِي النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا يحيى بن ابي طَالب قَالَ سَمِعت عَليّ بن عَاصِم يَقُول لَو وزن علم أبي حنيفَة بِعلم اهل زَمَانه لرجح عَلَيْهِم
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا
(1/23)
________________________________________
مُحَمَّد بن سَمَّاعَة قَالَ ثَنَا أَبُو يُوسُف قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة مَا يعرف الْفِقْه وَقدره وَقدر أَهله من كَانَ ثقيل المجالسة وَكَانَ يَقُول
(عدمنا ثقال النَّاس فِي كل بَلْدَة ... فيا رب لَا تغْفر لكل ثقيل)
مَا رُوِيَ عَن أبي حنيفَة فِي الْأُصُول الَّتِي بنى عَلَيْهَا مذْهبه

حَدثنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو عبد الله الزَّعْفَرَانِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة قَالَ سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول حَدثنِي عبيد بن أبي قُرَّة قَالَ سَمِعت يحيى بن الضريس قَالَ شهِدت سُفْيَان الثَّوْريّ وَأَتَاهُ رجل لَهُ مِقْدَار فِي الْعلم وَالْعِبَادَة فَقَالَ لَهُ يَا ابا عبد الله مَا تنقم على أبي حنيفَة قَالَ وَمَا لَهُ قَالَ سمعته يَقُول قولا فِيهِ إنصاف وَحجَّة أَنى آخذ بِكِتَاب الله إِذا وجدته فَلَمَّا لم اجده فِيهِ اخذت بِسنة رَسُول الله والْآثَار الصِّحَاح عَنهُ الَّتِي فَشَتْ فِي أَيدي الثِّقَات عَن الثِّقَات فَإِذا لم اجد فِي كتاب الله وَلَا سنة رَسُول الله أخذت بقول أَصْحَابه من شِئْت وأدع قَول من شِئْت ثمَّ لَا أخرج عَن قَوْلهم إِلَى قَول غَيرهم فَإِذا انْتهى الْأَمر إِلَى ابراهيم وَالشعْبِيّ وَالْحسن وَابْن سِيرِين وَسَعِيد بن الْمسيب وَعدد رجَالًا قد اجتهدوا فلي أَن أجتهد كَمَا اجتهدوا قَالَ فَسكت سُفْيَان طَويلا ثمَّ قَالَ كَلِمَات بِرَأْيهِ مَا بَقِي فِي الْمجْلس أحد إِلَّا كتبهَا نسْمع الشَّديد من الحَدِيث فنخافه ونسمع اللين فنرجوه وَلَا نحاسب الْأَحْيَاء وَلَا نقضي على الْأَمْوَات نسلم مَا سمعنَا وَنكل مَا لَا نطلع على علمه إِلَى عالمه ونتهم رَأينَا لرأيهم
اُخْبُرْنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف قَالَ سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول إِذا جَاءَ الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الثِّقَات أَخذنَا بِهِ فَإِذا جَاءَ عَن أَصْحَابه لم نخرج عَن أقاويلهم فَإِذا جَاءَ عَن التَّابِعين زاحمتهم
(1/24)
________________________________________
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ ثَنَا احْمَد بن عبد الله ابْن يُونُس قَالَ ثَنَا الْحسن بن صَالح قَالَ كَانَ ابو حنيفَة شَدِيد الفحص عَن النَّاسِخ من الحَدِيث والمنسوخ فَيعْمل بِالْحَدِيثِ إِذا ثَبت عِنْده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن أَصْحَابه وَكَانَ عَارِفًا بِحَدِيث أهل الْكُوفَة وَفقه أهل الْكُوفَة شَدِيد الِاتِّبَاع لما كَانَ عَلَيْهِ النَّاس بِبَلَدِهِ وَقَالَ كَانَ يَقُول إِن لكتاب الله نَاسِخا ومنسوخا وَإِن للْحَدِيث نَاسِخا ومنسوخا وَكَانَ حَافِظًا لفعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَخير الَّذِي قبض عَلَيْهِ مِمَّا وصل إِلَى أهل بَلَده
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا عَليّ بن الْمَدِينِيّ قَالَ سَمِعت عبد الرَّزَّاق يَقُول كنت عِنْد معمر فَأَتَاهُ ابْن الْمُبَارك فسمعنا معمرا يَقُول مَا أعرف رجلا يتَكَلَّم فِي الْفِقْه ويسعه ان يقيس ويستخرج فِي الْفِقْه أحسن معرفَة من أبي حنيفَة رَحمَه الله وَلَا اشفق على نَفسه من أَن يدْخل فِي دين الله بِشَيْء من الشَّك من أبي حنيفَة رَحمَه الله
أخبرنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن سَمَّاعَة يَقُول سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول مَا خَالَفت ابا حنيفَة فِي شَيْء قطّ فتدبرته إِلَّا مذْهبه الَّذِي ذهب إِلَيْهِ أنجي فِي الْآخِرَة وَكنت رُبمَا ملت إِلَى الحَدِيث وَكَانَ هُوَ أبْصر بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح مني
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ حَدثنَا احْمَد بن عَطِيَّة قَالَ حَدثنَا مُوسَى بن سُلَيْمَان وَمُحَمّد بن سَمَّاعَة وَبشر بن الْوَلِيد رَحْمَة الله عَلَيْهِم قَالُوا حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن رَحمَه الله قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة رَحْمَة الله عَلَيْهِ يناظر أَصْحَابه فِي المقاييس فينتصفون مِنْهُ فيعارضونه حَتَّى إِذا قَالَ اسْتحْسنَ لم يلْحقهُ اُحْدُ مِنْهُم لِكَثْرَة مَا يُورد فِي الِاسْتِحْسَان من الْمسَائِل فَيدعونَ جَمِيعًا ويسلمون لَهُ
(1/25)
________________________________________
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مقَاتل قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك وَسُئِلَ مَتى يسع الرجل ان يُفْتِي أَو أَن يَلِي الْقَضَاء اَوْ الحكم قَالَ إِذا كَانَ عَالما بِالْحَدِيثِ بَصيرًا بِالرَّأْيِ عَالما بقول ابي حنيفَة حَافِظًا لَهُ
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ سَمِعت الْمُزنِيّ يَقُول سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول النَّاس عِيَال على أبي حنيفَة فِي الْقيَاس وَالِاسْتِحْسَان
أخبرنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مقَاتل قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول قدم مُحَمَّد بن وَاسع إِلَى خُرَاسَان فَقَالَ قبيصَة قد قدم عَلَيْكُم صَاحب الدعْوَة قَالَ فَاجْتمع عَلَيْهِ قوم فَسَأَلُوهُ عَن أَشْيَاء من الْفِقْه فَقَالَ إِن الْفِقْه صناعَة لشاب بِالْكُوفَةِ يكنى أَبَا حنيفَة فَقَالُوا لَهُ إِنَّه لَيْسَ يعرف الحَدِيث فَقَالَ ابْن الْمُبَارك كَيفَ تَقولُونَ لَهُ لَا يعرف لقد سُئِلَ عَن الرطب بِالتَّمْرِ قَالَ لَا بَأْس بِهِ فَقَالُوا حَدِيث سعد فَقَالَ ذَاك حَدِيث شَاذ لَا يُؤْخَذ بِرِوَايَة زيد ابي عَيَّاش فَمن تكلم بِهَذَا لم يكن يعرف الحَدِيث
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا منْجَاب قَالَ ثَنَا شريك قَالَ كُنَّا عِنْد الاعمش ومعنا يَعْقُوب فَقَالَ الْأَعْمَش يَا يَعْقُوب لم ترك صَاحبك ابو حنيفَة قَول ابْن مَسْعُود عتق الْأمة طَلاقهَا قَالَ تَركه لحَدِيث حدثتناه عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود أَن بَرِيرَة حِين اعتقت خيرت قَالَ الْأَعْمَش إِن أَبَا حنيفَة لحسن الْمعرفَة بمواضع الْعلم فطن لَهَا واعجبه مَا أَخذ بِهِ أَبُو حنيفَة من الْعلم وَبَيَان مَا أَتَى بِهِ
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا عَليّ بن معبد قَالَ ثَنَا عبيد الله بن عمر قَالَ كُنَّا عِنْد الْأَعْمَش وَهُوَ يسْأَل أَبَا حنيفَة عَن مسَائِل ويجيبه ابو حنيفَة فَيَقُول لَهُ الْأَعْمَش من أَيْن لَك هَذَا فَيَقُول انت حَدَّثتنَا
(1/26)
________________________________________
عَن إِبْرَاهِيم بِكَذَا وحدثتنا عَن الشّعبِيّ بِكَذَا قَالَ فَكَانَ الْأَعْمَش عِنْد ذَلِك يَقُول يَا معشر الْفُقَهَاء أَنْتُم الْأَطِبَّاء وَنحن الصيادلة
أخبرنَا أَبُو عبيد الله المرزباني قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد الْكَاتِب قَالَ ثَنَا ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن صَالح قَالَ ثَنَا وَكِيع قَالَ سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول الْبَوْل فِي الْمَسْجِد احسن من بعض الْقيَاس
اُخْبُرْنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الصَّمد بن عبيد الله عَن مُعَاوِيَة بن عبد الله بن ميسرَة قَالَ سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول من رغب عَن سيرة عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي أهل الْقبْلَة فقد خَابَ وخسر
ذكر الْمسَائِل المستحسنة من اسْتِخْرَاج ابي حنيفَة الَّتِي عجز عَن الْجَواب فِيهَا عُلَمَاء الْكُوفَة

أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا ابْن سَمَّاعَة قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف يَقُول حج ابو حنيفَة فَوَقَعت بِالْكُوفَةِ مَسْأَلَة الدّور فَسئلَ ابْن شبْرمَة وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالنَّاس بِالْكُوفَةِ فَلم يكن عِنْدهم فِيهَا شَيْء فَسئلَ أَصْحَاب ابي حنيفَة فَلم يكن عِنْدهم فِيهَا جَوَاب فَقَالُوا لَيْسَ لَهَا إِلَّا ابو حنيفَة فاشرأبت نفوسنا إِلَى قدومه حَتَّى خفنا عَلَيْهِ وعَلى أَنْفُسنَا وخفنا ان يعجز عَن الْجَواب فَيذْهب قدره وقدرنا مَعَه حَتَّى تمنى بَعْضنَا مَوته فَلَمَّا قرب أَبُو حنيفَة من الْكُوفَة استقبلته وَقلت اخبره بِالْمَسْأَلَة لَعَلَّه ان يعْمل فكره فِيهَا قبل ان يسْأَل عَنْهَا فَلَمَّا لَقيته قَالَ يَعْقُوب فَحَمَلَنِي مَعَه ثمَّ جَاءَ النَّاس وكثروا يَسْتَقْبِلُونَهُ فَلم أقدر أَن أَقُول لَهُ فِيهَا شَيْئا ثمَّ دَعَا بِدَابَّة فَركب وحملني على دَابَّة مَعَه وَحمل سَائِر النَّاس حولنا حَتَّى ضَاقَتْ الطرقات فَلَمَّا قدم وأتى الْمَسْجِد صلى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَاجْتمعَ النَّاس فَكَانَ اول شَيْء سُئِلَ عَنهُ الْمَسْأَلَة الَّتِي القيت من الدّور قَالَ فَلَمَّا القيت عَلَيْهِ نكس رَأسه قَالَ فَلَمَّا رَأَيْته نكس رَأسه علمت
(1/27)
________________________________________
انها ستخرج ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ الْجَواب فِيهَا كَذَا وَكَذَا قَالَ فَسُرِرْنَا وسر النَّاس قَالَ فَلَمَّا مَاتَ ابو حنيفَة كنت يَوْمًا فِي دَار الخيفة إِذْ مر بِنَا رجل جلّ فَقَالُوا هَذَا الحاسب وَجعل أَصْحَاب الْخَلِيفَة يعظمونه فدعوته وَقلت بَاب من الْفِقْه وَكَانَت الْمَسْأَلَة قد اضْطربَ عَليّ مِنْهَا شَيْء مِمَّا قَالَه أَبُو حنيفَة فَقلت إِنَّا قد احتجنا فِيهِ إِلَى الْحساب قَالَ فَأَخْبَرته قَالَ اعمله من بَاب كَذَا وَكَذَا فعملته فَلم يخرج فَقَالَ بَاب كَذَا فعملته فَلم يخرج فَلم يزل يلقِي عَليّ الْأَبْوَاب فَلم يخرج فَقَالَ لم يبْق إِلَّا بَاب وَاحِد فَإِن خرج وإلافليس لَهُ بَاب يخرج مِنْهُ أصلا فَذكر قَول ابي حنيفَة فَعمِلت بِهِ فَخرج فَقلت لَيست يخرج وَخفت ان يذهب فَيعْمل عَلَيْهِ تِلْكَ الْمَسْأَلَة قَالَ فَانْصَرَفت فَعمِلت الْبَاب وعملت الْمسَائِل عَلَيْهِ وَجعلت إِذا لَقيته فَسَأَلَنِي اعمي عَلَيْهِ الْجَواب مَخَافَة ان يفْطن لَهُ وَكَانَ مفتنا حاسبا
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا بشر ابْن الْوَلِيد قَالَ سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول سَمِعت دَاوُد الطَّائِي يَقُول لما نزل ابو الْعَبَّاس الْكُوفَة وَجه إِلَى الْعلمَاء فَجَمعهُمْ فَقَالَ إِن هَذَا الْأَمر قد أفْضى الى أهل بَيت نَبِيكُم وَجَاءَكُم الله بِالْفَضْلِ وَإِقَامَة الْحق وَأَنْتُم يَا معشر الْعلمَاء احق من أعَان عَلَيْهِ وَلكم الحباء والكرامة والضيافة من مَال الله مَا أَحْبَبْتُم فَبَايعُوا بيعَة تكون لكم عِنْد إمامكم حجَّة عَلَيْكُم وأمانا فِي معادكم لَا تلقونَ الله بِلَا إِمَام فتكونوا مِمَّن لَا حجَّة لَهُ وَلَا تَقولُوا أَمِير الْمُؤمنِينَ نهابه ان نقُول الْحق فَنظر الْقَوْم إِلَى ابي حنيفَة فَقَالَ إِن أَحْبَبْتُم ان اتكلم عني وعنكم فأمسكوا قَالُوا قد أحببنا ذَلِك فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي بلغ الْحق من قرَابَة من نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأماط عَنَّا جور الظلمَة وَبسط السنتنا بِالْحَقِّ وَقد بايعناك على امْر الله وَالْوَفَاء لَك بِعَهْد الله إِلَى قيام السَّاعَة فَلَا أخلى الله هَذَا الْأَمر مِمَّن قربه من نبيه فَأَجَابَهُ أبوالعباس بِجَوَاب جميل
(1/28)
________________________________________
وَقَالَ مثلك من خطب عَن الْعلمَاء لقد احسنوا اختيارك واحسنت فِي الْبَلَاغ فَلَمَّا خَرجُوا قَالُوا لَهُ مَا أردْت بِقَوْلِك إِلَى قيام السَّاعَة وَقد انْقَضتْ السَّاعَة قَالَ إِن احتلتم عَليّ احتلت لنَفْسي وأسلمتكم للبلاء فَسكت الْقَوْم وَعَلمُوا أَن الْحق مَا صنع
اُخْبُرْنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا الْفضل بن غَانِم قَالَ كَانَ أَبُو يُوسُف مَرِيضا شَدِيد الْمَرَض فعاده أَبُو حنيفَة مرَارًا فَصَارَ إِلَيْهِ آخر مرّة فَرَآهُ ثقيلا فَاسْتَرْجع ثمَّ قَالَ لقد كنت أؤملك بعدِي للْمُسلمين وَلَئِن اصيب النَّاس بك ليموتن مَعَك علم كثير ثمَّ رزق الْعَافِيَة وَخرج من الْعلَّة فَأخْبر ابو يُوسُف بقول أبي حنيفَة فِيهِ فارتفعت نَفسه وانصرفت وُجُوه النَّاس إِلَيْهِ فعقد لنَفسِهِ مَجْلِسا فِي الْفِقْه وَقصر عَن لُزُوم مجْلِس ابي حنيفَة فَسَأَلَ عَنهُ فَأخْبر انه قد عقد لنَفسِهِ مَجْلِسا وانه بلغه كلامك فِيهِ فَدَعَا رجلا كَانَ لَهُ عِنْده قدر فَقَالَ سر إِلَى مجْلِس يَعْقُوب فَقل لَهُ مَا تَقول فِي رجل دفع إِلَى قصار ثوبا ليقصره بدرهم فَسَار إِلَيْهِ بعد أَيَّام فِي طلب الثَّوْب فَقَالَ لَهُ الْقصار مَا لَك عِنْدِي شَيْء وَأنْكرهُ ثمَّ إِن رب الثَّوْب رَجَعَ إِلَيْهِ فَدفع إِلَيْهِ الثَّوْب مَقْصُورا أَله أُجْرَة فان قَالَ لَهُ أُجْرَة فَقل أَخْطَأت وان قَالَ لَا أُجْرَة لَهُ فَقل اخطأت فَسَار إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ ابو يُوسُف لَهُ الاجرة فَقَالَ لَهُ أَخْطَأت فَنظر سَاعَة ثمَّ قَالَ لَا أُجْرَة لَهُ فَقَالَ لَهُ أَخْطَأت فَقَامَ أَبُو يُوسُف من سَاعَته فَأتى أَبَا حنيفَة فَقَالَ لَهُ مَا جَاءَ بك إِلَّا مَسْأَلَة الْقصار قَالَ أجل فَقَالَ سُبْحَانَ الله من قعد يُفْتِي النَّاس وَعقد مَجْلِسا يتَكَلَّم فِي دين الله وَهَذَا قدره لَا يحسن ان يُجيب فِي مَسْأَلَة من الْإِجَارَات فَقَالَ يَا ابا حنيفَة عَلمنِي فَقَالَ إِن كَانَ قصره بَعْدَمَا غصبه فَلَا أُجْرَة لَهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا قصره لنَفسِهِ وَإِن كَانَ قصره قبل ان يغصبه فَلهُ الْأُجْرَة لِأَنَّهُ قصره لصَاحبه ثمَّ قَالَ من ظن أَنه يَسْتَغْنِي عَن التَّعَلُّم فليبك على نَفسه
(1/29)
________________________________________
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا احْمَد بن يُونُس قَالَ سَمِعت وكيعا يَقُول رَأَيْت أَبَا حنيفَة وسُفْيَان ومسعرا وَمَالك بن مغول وجعفر ابْن زِيَاد الْأَحْمَر وَالْحسن بن صَالح اجْتَمعُوا فِي وَلِيمَة كَانَت بِالْكُوفَةِ جمع فِيهَا الْأَشْرَاف والموالي وَقد زوج رجل ابْنَتَيْهِ من ابْني رجل فَلَمَّا اجْتمع النَّاس فِي ذَلِك خرج عَلَيْهِم الْوَلِيّ فَقَالَ أصبْنَا بمصيبة عَظِيمَة قيل وَمَا هِيَ قَالَ نحب ان نكتمها فَقَالَ أَبُو حنيفَة مَا هِيَ قَالَ غلط علينا فزفت إِلَى كل وَاحِد غير امْرَأَته فَقَالَ أصاباهما قَالَ نعم قَالَ سُفْيَان وَمَا بَأْس من هَذِه قد حكم فِيهَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب بِعَينهَا كَانَ مُعَاوِيَة وَجه إِلَيْهِ فِيهَا فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ للَّذي سَأَلَهُ أَرَسُول مُعَاوِيَة أَنْت إِن هَذَا لم يكن ببلدنا أرى أَن على كل وَاحِد من الرجلَيْن الْعقر بِمَا أصَاب من الْمَرْأَة وَترجع كل وَاحِدَة من الْمَرْأَتَيْنِ إِلَى زَوجهَا وَلَا شَيْء عَلَيْهِم فِي ذَلِك وَالنَّاس سكُوت يسمعُونَ من سُفْيَان ويستحسنون قَوْله وَأَبُو حنيفَة فِي الْقَوْم وَهُوَ سَاكِت فَالْتَفت مسعر إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ قل فِيهَا يَا أَبَا حنيفَة قَالَ سُفْيَان وَمَا عَسى ان يَقُول غير هَذَا فَقَالَ ابو حنيفَة عَليّ بالغلامين فأحضرا فَقَالَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا أَتُحِبُّ أَن تكون عنْدك امْرَأَتك الَّتِي زفت إِلَيْك قَالَ نعم قَالَ مَا اسْم امْرَأَتك الَّتِي هِيَ عِنْد اخيك قَالَ فُلَانَة بنت فلَان قَالَ قل هِيَ طَالِق مني ثمَّ إِن أَبَا حنيفَة خطب خطْبَة النِّكَاح وَزوج كل وَاحِد مِنْهُمَا الْمَرْأَة الَّتِي كَانَ مَسهَا ثمَّ قَالَ أَبُو حنيفَة جددوا لنا عرسا آخر فَعجب النَّاس من فتيا أبي حنيفَة وَفِي ذَلِك الْيَوْم قَامَ مسعر فَقبل فَم أبي حنيفَة وَقَالَ تلوموني على حبه وسُفْيَان سَاكِت لَا يَقُول شَيْئا
أخبرنَا ابو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن مغلس قَالَ ثَنَا ضرار بن صرد قَالَ ثَنَا شريك قَالَ كُنَّا فِي جَنَازَة ومعنا سُفْيَان
(1/30)
________________________________________
الثَّوْريّ وَابْن شبْرمَة وَابْن أبي ليلى وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو الْأَحْوَص ومندل وحبان وَكَانَت الْجِنَازَة لكهل سيد من كهول بني هَاشم توفّي ابْن لَهُ فَخرج فِي جنَازَته وُجُوه أهل الْكُوفَة يَمْشُونَ حَتَّى وقفت الْجِنَازَة فَسَأَلَ النَّاس عَنْهَا فَقَالُوا خرجت امهِ ولهى وَأَلْقَتْ ثوبها عَلَيْهِ وبرزت وكشفت رَأسهَا وَكَانَت هاشمية شريفة فصاح أَبوهُ بهَا فَأمرهَا ان ترجع فَأَبت فَحلف بِالطَّلَاق لترجعن وَحلفت بعتاق كل مَمْلُوك لَهَا ان لَا ترجع حَتَّى يصلى عَلَيْهِ فَمشى النَّاس بَعضهم إِلَى بعض ووقفوا وسألوا فَلم يتَكَلَّم فِيهَا أحد وَأجَاب مِنْهُم أحد بِجَوَاب فَهَتَفَ أَبوهُ بِأبي حنيفَة وَقَالَ يَا نعْمَان اغثنا فجَاء أَبُو حنيفَة فَقَالَ كَيفَ حَلَفت فأعادت عَلَيْهِ وَقَالَ للكهل كَيفَ حَلَفت فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ ضَعُوا السرير فَوضع فَقَالَ للاب تقدم فصل على ابْنك فَتقدم فصلى عَلَيْهِ وَالنَّاس خَلفه وَنَادَوْا فِيمَن تقدم حَتَّى لَحِقُوا بِالنَّاسِ ثمَّ قَالَ احملوه إِلَى قَبره وارجعي إِلَى مَنْزِلك فقد بررت وَقَالَ لِأَبِيهِ ارْجع فقد بررت فَقَالَ ابْن شبْرمَة يَوْمئِذٍ عجزت النِّسَاء ان يلدن مثلك سَرِيعا مَا عَلَيْك فِي الْعلم كلفة
أخبرنَا أَبُو حَفْص قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا الْحمانِي قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول سَأَلَ رجل أَبَا حنيفَة عَن خوخة اراد ان يفتحها فِي حَائِط لَهُ فِي دَاره فَقَالَ افْتَحْ مَا شِئْت وَلَا تطلع على جَارك فَأتى بِهِ جَاره إِلَى ابْن أبي ليلى فَمَنعه مِنْهُ فَشَكا إِلَى أبي حنيفَة قَالَ فافتح فِيهِ بَابا فجَاء ليفتح الْبَاب فَأتى بِهِ إِلَى ابْن أبي ليلى فَمَنعه فَقَالَ كم قيمَة حائطك قَالَ ثَلَاثَة دَنَانِير قَالَ هِيَ لَك عَليّ واذهب فاهدم الْحَائِط من أَوله إِلَى آخِره فَجَاءَهُ يهدمه فَمَنعه فَأتى بِهِ إِلَى ابْن ابي ليلى فَقَالَ يهدم حَائِطه وتسألني أَن أمْنَعهُ من ذَلِك اذْهَبْ فاهدمه واصنع مَا شِئْت قَالَ فَلم عنيتني ومنعتني من فتح خوخة وَكَانَ ذَلِك أَهْون عَليّ قَالَ إِذا كَانَ يذهب إِلَى من يدله على خطأي فَكيف أصنع إِذا تبين الْخَطَأ
اُخْبُرْنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْمعدل قَالَ ثَنَا القَاضِي مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد
(1/31)
________________________________________
قَالَ ثَنَا أَبُو عبيد قَالَ ثَنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ سَأَلت ابا حنيفَة عَن دِرْهَم لرجل ودرهمين لآخر اخْتلطت ثمَّ ضَاعَ دِرْهَمَانِ من الثَّلَاثَة لَا يعلم من أَيهمَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة الدِّرْهَم الْبَاقِي بَينهمَا على ثَلَاثَة قَالَ فَلَقِيت ابْن شبْرمَة فَسَأَلته عَنْهَا فَقَالَ سَأَلت عَنْهَا أحدا فَقلت نعم سَأَلت أَبَا حنيفَة قَالَ قَالَ لَك الدِّرْهَم الْبَاقِي بَينهمَا أَثلَاثًا قلت نعم قَالَ أَخطَأ العَبْد وَلَكِن دِرْهَم من الدرهمين الضائعين يُحِيط الْعلم انه من الدرهمين وَالدِّرْهَم الآخر هُوَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فالدرهم الَّذِي بَقِي هُوَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ قَالَ فاستحسنت ذَلِك جدا فَلَقِيت أَبَا حنيفَة وَلَو وزن عقله بعقل نصف أهل الارض فِي الْفِقْه لرجحهم إِن شَاءَ الله فَقَالَ لي لقِيت ابْن شبْرمَة فَقَالَ لَك قد أحَاط الْعلم ان اُحْدُ الدرهمين الضائعين من الدرهمين وَبَقِي الدِّرْهَم الْبَاقِي فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ قلت نعم قَالَ ان الثَّلَاثَة حَيْثُ اخْتلطت وَجَبت الشّركَة بَينهمَا فَصَارَ لصَاحب الدِّرْهَم ثلث كل دِرْهَم وَلِصَاحِب الدرهمين ثلثا من كل دِرْهَم فَأَي دِرْهَم ذهب ذهب بحصتهما
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا مكرم قَالَ حَدثنَا احْمَد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا الجماني قَالَ ثَنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ رَأَيْت أَبَا حنيفَة فِي طَرِيق مَكَّة وشوى لَهُم فصيل سمين فاشتهوا ان يأكلوه بخل فَلم يَجدوا شَيْئا يصبون فِيهِ الْخلّ فتحيروا فَرَأَيْت أَبَا حنيفَة وَقد حفر فِي الرمل حُفْرَة وَبسط عَلَيْهَا السفرة وسكب الْخلّ على ذَلِك الْموضع فَأَكَلُوا الشواء بالخل فَقَالُوا لَهُ تحسن كل شَيْء قَالَ عَلَيْكُم بالشكر فان هَذَا شَيْء ألهمته لكم فضلا من الله عَلَيْكُم
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ ثَنَا مُوسَى وَابْن سَمَّاعَة قَالَا حَدثنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنِي ابو حنيفَة عَن حَمَّاد انه كَانَ يَقُول إِذا سُئِلت عَن معضلة فاقبلها سؤالا على سَائِلك عَنْهَا حَتَّى تخلص من مَسْأَلته لَك فَدس إِلَى رجل فَقعدَ لي على الْبَاب وَأَنا عِنْد ابْن هُبَيْرَة وَقد امْر بِي إِلَى السجْن فسعى الرجل إِلَى
(1/32)
________________________________________
السجْن فَقَالَ يَا أَبَا حنيفَة يحل للرجل إِذا أمره السُّلْطَان الْأَعْظَم ان يقتل رجلا ان يقْتله قَالَ قلت لَهُ وَكَانَ الرجل مِمَّن وَجب عَلَيْهِ الْقَتْل قَالَ نعم قلت فاقتله قَالَ فَإِن لم يكن مِمَّن وَجب عَلَيْهِ الْقَتْل قَالَ قلت إِن السُّلْطَان الْأَعْظَم لَا يَأْمر بقتل من لَا يسْتَحق الْقَتْل
أخبرنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ حَدثنِي عَليّ بن صَالح الْبَغَوِيّ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الْهَرَوِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو عبد الله احْمَد بن مُؤَمل قَالَ أَنبأَنَا بشر بن الْوَلِيد قَالَ كَانَ فِي جوَار أبي حنيفَة فَتى يغشى مجْلِس أبي حنيفَة وَيكثر عِنْده فَقَالَ يَوْمًا لأبي حنيفَة إِنِّي أُرِيد التَّزْوِيج إِلَى آل فلَان من أهل الْكُوفَة وَقد خطبت إِلَيْهِم وَقد طلبُوا مني من الْمهْر فَوق وسعي وطاقتي وَقد تعلّقت نَفسِي بِالتَّزْوِيجِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة فاستخر الله وأعطهم مَا يطلبونه مِنْك فَلَعَلَّ زَوجتك ان تسمح لَك إِذا دخلت بهَا بِمَا يبْقى من الصَدَاق عَلَيْك فأجابهم إِلَى مَا طلبوه فَلَمَّا عقدوا النِّكَاح بَينهم وَبَينه جَاءَ إِلَى أبي حنيفَة فَقَالَ لَهُ إِنِّي قد سَأَلتهمْ أَن يَأْخُذُوا مني الْبَعْض وَلَيْسَ فِي وسعي الْكل وَقد أَبَوا ان يحملوها إِلَيّ إِلَّا بعد وَفَاء الْمهْر كُله فَمَاذَا ترى قَالَ احتل واقترض حَتَّى تدخل بأهلك فَإِن الْأَمر يكون اسهل عَلَيْك من تشدد هَؤُلَاءِ الْقَوْم فَفعل ذَلِك وأقرضه ابو حنيفَة فِيمَن أقْرضهُ فَلَمَّا دخل بأَهْله وحملت إِلَيْهِ قَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة مَا عَلَيْك ان تظهر انك تُرِيدُ الْخُرُوج من هَذَا الْبَلَد إِلَى مَوضِع بعيد وَأَنَّك تُرِيدُ ان تُسَافِر بأهلك مَعَك فاكترى الرجل جملين وَجَاء بهما وَأظْهر انه يُرِيد الْخُرُوج الى خُرَاسَان فِي طلب المعاش وَأَنه يُرِيد حمله أَهله مَعَه فَاشْتَدَّ ذَلِك على أهل الْمَرْأَة وجاؤوا إِلَى أبي حنيفَة يشكونه ويستفتونه فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُم أَبُو حنيفَة فأرضوه بِأَن تردوا عَلَيْهِ مَا أخذتموه مِنْهُ فَأَجَابُوا إِلَى ذَلِك فَقَالَ أَبُو حنيفَة للفتى أَن الْقَوْم قد سمحوا أجابوا ان يردوا عَلَيْك مَا أَخَذُوهُ مِنْك من الْمهْر ويبرؤك مِنْهُ فَقَالَ لَهُ الْفَتى فَأَنا أُرِيد مِنْهُم شَيْئا آخر فَوق ذَلِك فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة أَيّمَا أحب إِلَيْك ان ترْضى بِهَذَا الَّذِي بذلوه لَك وَإِلَّا أقرَّت الْمَرْأَة لرجل بدين فَلَا
(1/33)
________________________________________
يمكنك ان تحملهَا وَلَا تُسَافِر بهَا حَتَّى تقضي مَا عَلَيْهَا من الدّين قَالَ فَقَالَ الرجل الله الله لَا يسمعوا بِهَذَا فَلَا آخذ مِنْهُم شَيْئا فَأجَاب إِلَى الْجُلُوس وَأخذ مَا بذلوه من الْمهْر
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا مليح وسُفْيَان ابْنا وَكِيع عَن وَكِيع قَالَ كُنَّا عِنْد أبي حنيفَة وأتته امْرَأَة فَقَالَت مَاتَ أخي وَخلف سِتّمائَة دِينَار فأعطوني مِنْهَا دِينَارا وَاحِدًا قَالَ وَمن قسم فريضتكم قَالَت دَاوُد الطَّائِي قَالَ هُوَ حَقك أَلَيْسَ خلف أَخُوك بنتين قَالَت بلَى قَالَ وَأما قَالَت بلَى قَالَ وَزَوْجَة قَالَت بلَى قَالَ واثني عشر أَخا وأختا وَاحِدَة قَالَت بلَى قَالَ فان للبنات الثُّلثَيْنِ أَرْبَعمِائَة وَللْأُمّ السُّدس مائَة وللمرأة خَمْسَة وَسَبْعُونَ وَيبقى خمس وَعِشْرُونَ للإخوة أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ لكل أَخ دِينَارَانِ فلك دِينَار
أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا أَبُو بكر مكرم بن أَحْمد القَاضِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن صَالح قَالَ ثَنَا أَبُو عبد الله احْمَد بن مُحَمَّد الْهَرَوِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ أنبأ الْحسن بن أبي مَالك قَالَ دخل أَبُو حنيفَة إِلَى ابْن أبي ليلى وَمَعَهُ أَبُو يُوسُف ليقضي حَقه فَلَمَّا جلس أَبُو حنيفَة عِنْده قَالَ ابْن أبي ليلى لحاجبه إئذن لمن حضر من الْخُصُوم فِي التَّقَدُّم كَأَنَّهُ اراد ان يرى أَبَا حنيفَة إمضاءه فِي الْقَضَاء وَالْحكم فَدخل الْخُصُوم وَتقدم إِلَيْهِ جمَاعَة فَحكم بَينهم ثمَّ تقدم إِلَيْهِ رجلَانِ فَقَالَ أَحدهمَا أعزّك الله إِن هَذَا الرجل قذف أُمِّي بِالزِّنَا وَشَتَمَنِي وَقَالَ يَا ابْن الزَّانِيَة وَأَنا أسأَل القَاضِي ان يَأْخُذ لي بحقي فَقَالَ ابْن أبي ليلى للْمُدَّعى عَلَيْهِ مَا تَقول فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ لم تسأله عَن دَعْوَاهُ وَلَيْسَ هُوَ لَهُ بخصم إِنَّه إِنَّمَا يذكر أَنه رمى بِالزِّنَا أمه فَهَل ثبتَتْ وكَالَته عَن امهِ عنْدك قَالَ لَا قَالَ فَأقبل على صَاحبك فَاسْأَلْهُ أحية أمه أم ميتَة فَإِن كَانَت حَيَّة فَلَا وَجه لدعواه إِلَّا بوكالة مِنْهَا فِي الْمُطَالبَة بِحَقِّهَا وَإِن كَانَت ميتَة كَانَ قولا آخر
(1/34)
________________________________________
قَالَ فَرجع ابْن أبي ليلى على الْمُدعى فَقَالَ لَهُ أمك أحية أم ميتَة قَالَ بل ميتَة قَالَ لَهُ أقِم عِنْدِي الْبَيِّنَة بوفاتها حَتَّى أعلم ذَلِك قَالَ فَأَقَامَ عِنْده الْبَيِّنَة بوفاتها فَذهب ابْن أبي ليلى ليسأل الْمُدعى عَلَيْهِ عَمَّا يَقُول الْمُدَّعِي فَقَالَ لَهُ ابو حنيفَة أقبل على صَاحبك فسله هَل لأمه وَارِث غَيره فان كَانَ لَهُ إخْوَة كَانَت الْمُطَالبَة لَهُ وَلَهُم وَأَن كَانَ هُوَ الْوَارِث وَحده كَانَ قولا آخر فَقَالَ ابْن ابي ليلى للْمُدَّعِي هَل لأمك وَارِث غَيْرك قَالَ لَا قَالَ فأقم عِنْدِي الْبَيِّنَة بذلك فَأَقَامَ الْبَيِّنَة أَنه وَارِث امهِ لَا وَارِث لَهَا غَيره قَالَ فَذهب ابْن أبي ليلى ليسأل الْمُدعى عَلَيْهِ عَن دَعْوَى الْمُدَّعِي فَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ أقبل على صَاحبك واسأله عَن أمه أحرة هِيَ أم أمة فَقَالَ ابْن أبي ليلى للرجل أمك حرَّة أَو أمة قَالَ بل حرَّة قَالَ فأقم عِنْدِي بذلك بَيِّنَة فَأَقَامَ الْبَيِّنَة بذلك فَذهب ليسأل الْمُدعى عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ ارْجع أَيْضا إِلَى صَاحبك وأسأله أَمُسْلِمَة هِيَ أم معاهدة قَالَ حرَّة مسلمة من بَنَات آل فلَان قوم سراة بِالْكُوفَةِ قَالَ فأقم الْبَيِّنَة عِنْدِي بِأَنَّهَا مسلمة فَأَقَامَ الْبَيِّنَة عِنْده بِأَنَّهَا مسلمة فَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ شَأْنك الْآن فاسأل الرجل عَمَّا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَسَأَلَهُ فَأنْكر فَقَالَ للْمُدَّعِي أَلَك بَيِّنَة قَالَ نعم جمَاعَة من وُجُوه أهل الْكُوفَة قَالَ فأحضرهم مَعَ خصمك حَتَّى أسمع شَهَادَتهم عَلَيْهِ قَالَ فأحضرهم ونهض أَبُو حنيفَة فَقَالَ لَهُ ابْن أبي ليلى تجْلِس حَتَّى تحضر الْبَيِّنَة قَالَ لَا وَانْصَرف من وقته
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا الْعَبَّاس بن بكار قَالَ ثَنَا أَسد بن عَمْرو قَالَ دخل قَتَادَة الْكُوفَة فَنزل دَار أبي بردة فَخرج فَقَالَ لَا يسألني أحد عَن مَسْأَلَة من الْحَلَال وَالْحرَام إِلَّا أَجَبْته فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة يَا أَبَا الْخطاب مَا تَقول فِي رجل غَابَ عَن أَهله أعواما ونعى إِلَيْهَا وظنت أمْرَأَته أَنه ميت فَتزوّجت ثمَّ قدم زَوجهَا الأول وَقد ولدت ولدا فنفاه الأول وادعاه الثَّانِي أكل وَاحِد مِنْهُمَا قَذفهَا أم الَّذِي أنكر الْوَلَد مَا الْجَواب
(1/35)
________________________________________
فِيهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن قَالَ فِيهَا بِرَأْيهِ ليخطئن وَإِن قَالَ فِيهَا حَدثنَا ليكذبن قَالَ قَتَادَة أوقعت هَذِه الْمَسْأَلَة قَالُوا لَا قَالَ فَلم تَسْأَلُونِي عَمَّا لم يكن فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة إِن الْعلمَاء يستعدون للبلاء ويتحرزون مِنْهُ قبل نُزُوله فَإِذا نزل عرفوه وَعرفُوا الدُّخُول فِيهِ وَالْخُرُوج مِنْهُ فَقَالَ قَتَادَة دعوا هَذَا وسلوني عَن التَّفْسِير فَقَالَ أَبُو حنيفَة مَا نقُول فِي قَول الله {قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك} قَالَ نعم كَانَ هَذَا آصف بن برخيا كَاتب سُلَيْمَان وَكَانَ يعرف اسْم الله الْأَعْظَم قَالَ فَهَل كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يعرف هَذَا الِاسْم قَالَ لَا قَالَ أفيجوز ان يكون فِي زمن بني من هُوَ أعلم من النَّبِي قَالَ لَا وَالله لَا أحدثكُم بِشَيْء من التَّفْسِير سلوني عَمَّا اخْتلف فِيهِ الْعلمَاء فَقَالَ أَبُو حنيفَة أمؤمن أَنْت قَالَ أَرْجُو قَالَ وَلم قَالَ لقَوْله تَعَالَى {وَالَّذِي أطمع أَن يغْفر لي خطيئتي يَوْم الدّين} قَالَ أَبُو حنيفَة فَهَلا قلت كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام لما قَالَ لَهُ {أَو لم تؤمن قَالَ بلَى وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} قَالَ فَقَامَ قَتَادَة فَدخل الدَّار مغضبا وَحلف ان لَا يُحَدِّثهُمْ قَالَ ابو حنيفَة ثمَّ قدم الْكُوفَة بعد سِنِين وَكَانَ ضريرا فناديته يَا أَبَا الْخطاب مَا تَقول فِي قَوْله {وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ} قَالَ رجل فَمَا فَوْقه يَا أَبَا حنيفَة وعرفني بالنغمة وَكَانَ يسمع النَّاس يكنوني
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا الترجماني قَالَ ثَنَا حسان بن إِبْرَاهِيم عَن إِبْرَاهِيم الصَّائِغ قَالَ كنت عِنْد عَطاء بن ابي رَبَاح وَعِنْده أَبُو حنيفَة فَسئلَ عَن قَول الله {وَآتَيْنَاهُ أَهله وَمثلهمْ مَعَهم} فَقَالَ عَطاء رد الله على أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام أَهله وَمثل أَهله وَولده فَقَالَ
(1/36)
________________________________________
أَبُو حنيفَة اَوْ يرد الله على نَبِي ولدا لَيْسُوا لَهُ من صلبه يَا أَبَا مُحَمَّد فَقَالَ مَا سَمِعت فِيهَا عافاك الله فَقَالَ رد الله على أَيُّوب أَهله وَولده من صلبه وَمثل أجور وَلَده فَقَالَ هَذَا حسن
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا ابْن سَمَّاعَة قَالَ ثَنَا أَبُو يُوسُف قَالَ قَالَ رجل لأبي حنيفَة إِنِّي حَلَفت أَن لَا اكلم امْرَأَتي اَوْ تكلمني وَحلفت بِصَدقَة مَا تملك ان لَا تكلمني اَوْ اكلمها قَالَ سَأَلت عَنْهَا أحدا قَالَ نعم سُفْيَان الثَّوْريّ فَقَالَ من كلم صَاحبه حنث فَقَالَ كلمها وَلَا حنث عَلَيْكُمَا فَذهب الى سُفْيَان وَكَانَ قرَابَة لَهُ فَأخْبرهُ قَالَ فَجَاءَنِي سُفْيَان مغضبا وَقَالَ تبيح الْفروج قَالَ وَمَا ذَاك ثمَّ قَالَ أعيدوا على أبي عبد الله السُّؤَال فأعادوه فَأَعَادَ ابو حنيفَة بِمثل مَا أفتى فَقَالَ لَهُ من أَيْن قلت قَالَ لما شافهته بِالْيَمِينِ بَعْدَمَا حلف كَانَت مكلمة لَهُ وَسَقَطت يَمِينه فَإِن كلمها فَلَا حنث عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا لِأَنَّهَا قد كَلمته بعد الْيَمين فَسَقَطت الْيَمين عَنْهُمَا فَقَالَ سُفْيَان إِنَّه ليكشف لَك من الْعلم عَن شَيْء كلنا عَنهُ غافل
وجدت فِي كتاب أبي جَعْفَر الطَّحَاوِيّ الَّذِي جمع فِيهِ أَخْبَار أَصْحَابنَا الَّذِي أخبرنَا بِهِ عبد الله بن مُحَمَّد الْأَسدي القَاضِي إجَازَة ان ابا بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه أخْبرهُم قَالَ ثَنَا أَبُو جَعْفَر قَالَ سَمِعت ابا خازم القَاضِي يَقُول ثَنَا سُوَيْد بن سعد الحدثاني عَن عَليّ بن مسْهر قَالَ كُنَّا عِنْد أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فَأَتَاهُ عبد الله بن الْمُبَارك فَقَالَ لَهُ مَا تَقول فِي رجل كَانَ يطْبخ قدرا لَهُ فَوَقع فِيهَا طَائِر فَمَاتَ فَقَالَ أَبُو حنيفَة لأَصْحَابه مَا ترَوْنَ فِيهَا فرووا لَهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه يهراق المرق وَيغسل اللَّحْم ويؤكل فَقَالَ أَبُو حنيفَة هَكَذَا نقُول إِلَّا ان فِي ذَلِك شريطة إِن كَانَ وَقع فِي حَال غليانها ألقِي اللَّحْم وَأُهْرِيقَ المرق وَإِن كَانَ وَقع
(1/37)
________________________________________
فِيهَا فِي حَال سكونها غسل اللَّحْم وَأُهْرِيقَ المرق قَالَ لَهُ ابْن الْمُبَارك من أَيْن قلت هَذَا فَقَالَ لِأَنَّهُ إِذا وَقع فِيهَا فِي حَال غليانها فقد وصل من اللَّحْم إِلَى حَيْثُ يصل مِنْهُ الْخلّ والتوابل وَإِذا وَقع فِيهَا فِي حَال سكونها فَإِنَّمَا لطخ اللَّحْم وَلم يداخله فَقَالَ ابْن الْمُبَارك هَذَا رزين يَعْنِي الْمَذْهَب بِالْفَارِسِيَّةِ وَعقد بِيَدِهِ ثَلَاثِينَ
أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن يُونُس قَالَ ثَنَا زَائِدَة قَالَ قَالَ رجل لأبي حنيفَة مَا تَقول فِي رجل قَالَ لَا أَرْجُو الْجنَّة وَلَا أَخَاف النَّار وآكل الْميتَة وَأشْهد بِمَا لم أر وَلَا أَخَاف الله وأصلي بِلَا رُكُوع ولاسجود وَأبْغض الْحق وَأحب الْفِتْنَة فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة وَكَانَ يعرفهُ شَدِيد البغض لَهُ يَا أَبَا فلَان سَأَلتنِي عَن هَذِه وَلَك بهَا علم فَقَالَ لَهُ الرجل لَا وَلَكِن لم أجد شَيْئا هُوَ أشنع من هَذَا فسألتك عَنهُ فَقَالَ ابو حنيفَة لأَصْحَابه مَا تَقولُونَ فِي هَذَا الرجل قَالُوا شَرّ رجل مُتَّهم هَذِه صفة كَافِر فَتَبَسَّمَ أَبُو حنيفَة وَقَالَ لأَصْحَابه هُوَ وَالله من أَوْلِيَاء الله حَقًا ثمَّ قَالَ للرجل إِن أَنا أَخْبَرتك انه من أَوْلِيَاء الله تكف عني شَرّ لسَانك وَلَا تملي عَليّ الْحفظَة مَا يَضرك قَالَ نعم فَقَالَ أَبُو حنيفَة أما قَوْلك لَا يَرْجُو الْجنَّة وَلَا يخَاف النَّار فَإِن يَرْجُو رب الْجنَّة وَيخَاف رب النَّار وقولك لَا يخَاف الله فَإِنَّهُ لَا يخَاف ظلمه وَلَا جوره فَقَالَ الله تَعَالَى {وَمَا رَبك بظلام للعبيد} وقولك يَأْكُل الْميتَة فَهُوَ أكل السّمك وَقَوله يُصَلِّي بِلَا رُكُوع وَلَا سُجُود فقد جعل أَكثر عمله الصَّلَاة على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَقد لزم مَوضِع الْجَنَائِز فَهُوَ يُصَلِّي عَلَيْهَا وقولك يشْهد بِمَا لم ير فَهَذِهِ شَهَادَة الْحق يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وقولك يبغض الْحق فَهُوَ يحب الْبَقَاء حَتَّى يُطِيع الله أبدا وَيبغض الْمَوْت وَهُوَ الْحق قَالَ تَعَالَى {وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ} واما الْفِتْنَة فالقلوب مجبولة على حب المَال وَالْولد وَذَلِكَ من الْفِتْنَة الْعَظِيمَة على قُلُوب الْمُؤمنِينَ
(1/38)
________________________________________
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا بشر بن الْوَلِيد قَالَ ثَنَا ابو يُوسُف قَالَ قَالَ رجل لأبي حنيفَة إِنِّي قد دفنت شَيْئا وَلَا أَدْرِي ايْنَ دَفَنته من الْبَيْت قَالَ وَأَنا أَحْرَى أَن لَا أَدْرِي بِهِ قَالَ فَبكى الرجل فَقَالَ أَبُو حنيفَة قومُوا بِنَا فَقَامَ وَمَعَهُ نفر من أَصْحَابه فَأتى بهم الرجل إِلَى منزله فَقَالَ أَيْن يكون من الدَّار وَأَيْنَ مَوضِع قماشك فأدخلهم إِلَى بَيت فِي الدَّار فَقَالَ لأَصْحَابه لَو كَانَ هَذَا الْبَيْت لكم وَمَعَكُمْ شَيْء تُرِيدُونَ ان تدفنوه كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ فَقَالَ هَذَا كنت أدفنه هَا هُنَا وَقَالَ الآخر موضعا آخر حَتَّى قَالُوا خَمْسَة أقاويل فحفر مِنْهَا موضِعين ووجده فِي الثَّالِث وَقَالَ لَهُ اشكر الله الَّذِي رده عَلَيْك
أخبرنَا أَبُو عبد الله احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا أَبُو الْقَاسِم بن كأس النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا أَسْبَاط بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا نمر بن جِدَار عَن الْحسن بن زِيَاد قَالَ دفن رجل مَاله فِي مَوضِع ثمَّ نسي أَي مَوضِع دَفنه فَطَلَبه فَلم يَقع عَلَيْهِ فجَاء إِلَى أبي حنيفَة فَشَكا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة لَيْسَ هَذَا بِفقه فأحتال لَك وَلَكِن اذْهَبْ فصل اللَّيْلَة إِلَى الْغَد فَإنَّك ستذكر أَي مَوضِع دَفَنته فِيهِ فَفعل الرجل فَلم يقم إِلَّا أقل من ربع اللَّيْل حَتَّى ذكر أَي مَوضِع فجَاء إِلَى أبي حنيفَة فَأخْبرهُ فَقَالَ قد علمت ان الشَّيْطَان لَا يدعك تصلي ليلتك حَتَّى يذكرك وَيحك فَهَلا أتممت ليلتك شكرا لله تَعَالَى
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَبُو بكر احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مخلد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سهل قَالَ حَدثنِي عَليّ بن أبي عَليّ قَالَ كنت عِنْد الْحسن بن عَليّ قَاضِي مرو فَذكر أَبَا حنيفَة وفطنته فَقَالَ استودع رجل من الْحَاج رجلا بِالْكُوفَةِ وَدِيعَة وَحج ثمَّ رَجَعَ فَطلب وديعته فَأنْكر الْمُسْتَوْدع
(1/39)
________________________________________
الْوَدِيعَة وَجعل يحلف لَهُ فَانْطَلق الرجل إِلَى أبي حنيفَة وشاوره فَقَالَ لَا تعلم بجحوده أحدا وَكَانَ الْمُسْتَوْدع يُجَالس أَبَا حنيفَة فَخَلا بِهِ فَقَالَ إِن هَؤُلَاءِ قد بعثوا يستشيرون فِي رجل يصلح للْقَضَاء فَهَل تنشط فتمانع الرجل قَلِيلا وَأَقْبل أَبُو حنيفَة يرغبه وَهُوَ يمْتَنع ثمَّ جَاءَ صَاحب الْوَدِيعَة فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة اذْهَبْ فَقل لَهُ أحسبك نسيت أودعتك فِي وَقت كَذَا والعلامة كَذَا قَالَ فَذهب الرجل فَقَالَ لَهُ ذَلِك فذفع إِلَيْهِ الْوَدِيعَة فَلَمَّا رَجَعَ الْمُسْتَوْدع قَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة إِنِّي نظرت فِي أَمرك فَرَأَيْت ان ارْفَعْ من قدرك وَلَا اسميك حَتَّى يحضر مَا هُوَ أجل من هَذَا
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصراف قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ القَاضِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن عِيسَى قَالَ ثَنَا أَبُو سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ دخل اللُّصُوص على رجل فَأخذُوا مَتَاعه واستحلفوه بِالطَّلَاق ثَلَاثًا أَن لَا يعلم أحدا وَأصْبح الرجل وَهُوَ يرى اللُّصُوص يبيعون مَتَاعه وَلَيْسَ يقدر يتَكَلَّم من أجل يَمِينه فجَاء الرجل يشاور أَبَا حنيفَة فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة احضرني أَمَام حيك والمؤذن والمستورين مِنْهُم فأحضرهم إِيَّاه فَقَالَ لَهُم ابو حنيفَة هَل تحبون ان يرد الله على هَذَا مَتَاعه قَالُوا نعم قَالَ فَأَجْمعُوا كل داعر وكل مُتَّهم فأدخلوهم فِي دَار أَو فِي مَسْجِد ثمَّ أخرجوهم وَاحِدًا وَاحِدًا فَقولُوا لَهُ هَذَا لصك فَإِن كَانَ لَيْسَ بلصه قَالَ لَا وَإِن كَانَ لصه فليسكت فَإِذا سكت فَاقْتَصُّوا عَلَيْهِ فَفَعَلُوا مَا أَمرهم بِهِ أَبُو حنيفَة فَرد الله عَلَيْهِ جَمِيع مَا سرق مِنْهُ
أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الذِّرَاع قَالَ ثَنَا يُوسُف بن خَالِد قَالَ سَمِعت أَبَا حنيفَة قَالَ قدم علينا ربيعَة الرَّأْي وَيحيى بن سعيد قَاضِي الْكُوفَة فَقَالَ يحيى لِرَبِيعَة أَلا تعجب من أهل هَذَا الْمصر أَجمعُوا على رَأْي رجل وَاحِد قَالَ أَبُو حنيفَة فبلغني ذَلِك فَأرْسلت إِلَيْهِ يَعْقُوب وَزفر وعدة من أَصْحَابنَا فَقلت قايسوه وناظروه فَقَالَ لَهُ يَعْقُوب مَا تَقول فِي عبد بَين اثْنَيْنِ اعتقه احدهما قَالَ لَا يجوز عتقه قَالَ لم قَالَ لِأَن هَذَا ضَرَر
(1/40)
________________________________________
وَقد جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ضَرَر وَلَا ضرار قَالَ فَإِن أعْتقهُ الآخر قَالَ جَازَ عتقه قَالَ تركت قَوْلك إِن كَانَ الْكَلَام الأول لم يعْمل شَيْئا وَلم يَقع بِهِ عتق فقد أعْتقهُ الثَّانِي وَهُوَ عبد فَسكت
مَا رُوِيَ فِي وقار أبي حنيفَة وعقله

أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثناأحمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف قَالَ مَا صَحِبت أحدا من النَّاس فَيقدر ان يَقُول إِنَّه رأى أكمل عقلا وَلَا أتم مُرُوءَة من أبي حنيفَة
أخبرنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة الْكُوفِي قَالَ سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة أَعقل من أَن يكذب مَا سَمِعت احدا يصفه ويذكره بِمثل مَا كَانَ ابْن الْمُبَارك يصفه ويذكره بِهِ من الْخَيْر
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا مُحَمَّد ابْن تَوْبَة قَالَ حَدثنِي حموية بن حَاتِم قَالَ سَمِعت تَوْبَة يَقُول قَالَ لي أَبُو حنيفَة لَا تَسْأَلنِي عَن أَمر الدّين وَأَنا ماش وَلَا تَسْأَلنِي وَأَنا أحدث النَّاس وَلَا تَسْأَلنِي وَأَنا قَائِم وَلَا تَسْأَلنِي وَأَنا متكىء فَإِن هَذِه أَمَاكِن لَا يجْتَمع فِيهَا عقل الرجل قَالَ فَخرج يَوْمًا فِي حَاجَة وتبعته فَجعلت من حرصي أسائله وَمَعِي دفتر وَهُوَ يمشي فِي الطَّرِيق فَكلما خلوت علقت مَا يَقُول فَلَمَّا كَانَ من الْغَد وَاجْتمعَ إِلَيْهِ أَصْحَابه ساءلته عَن تِلْكَ الْمسَائِل فَغير الْجَواب فأعلمته ذَلِك فَقَالَ ألم أَنْهَك عَن السُّؤَال وَعَن الشَّهَادَات فِي دين الله إِلَّا فِي وَقت اجْتِمَاع الْعُقُول
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد القَاضِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن عَفَّان قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك الدقيقي قَالَ سَمِعت يزِيد بن هَارُون يَقُول أدْركْت النَّاس فَمَا رَأَيْت أحدا أَعقل وَلَا
(1/41)
________________________________________
أفضل وَلَا أورع من أبي حنيفَة
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد القَاضِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مَحْمُود الصيدلاني قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ سَمِعت عَليّ بن عَاصِم يَقُول لَو وزن عقل أبي حنيفَة بِنصْف عقل أهل الأَرْض لرجح بهم وَمَا كَانَ عِنْده أكبر من أبي حنيفَة
حَدثنَا عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا الزَّعْفَرَانِي الوَاسِطِيّ قَالَ ثَنَا ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن مَنْصُور قَالَ حَدثنِي حجر بن عبد الْجَبَّار قَالَ مَا رأى النَّاس أكْرم مجالسة من أبي حنيفَة وَلَا أَشد إِكْرَاما لأَصْحَابه قَالَ حجر كَانَ يُقَال إِن ذَوي الشّرف أتم عقولا من غَيرهم
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد ابْن مغلس قَالَ ثَنَا مليح بن وَكِيع قَالَ ثَنَا أبي عَن زفر عَن أبي حنيفَة قَالَ من طلب الرِّئَاسَة قبل وَقتهَا عَاشَ فِي ذل
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا الْحمانِي قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول قلت لِسُفْيَان الثَّوْريّ يَا أَبَا عبد الله مَا أبعد أَبَا حنيفَة من الْغَيْبَة مَا سمعته يغتاب عدوا لَهُ قطّ فَقَالَ هُوَ وَالله أَعقل من ان يُسَلط على حَسَنَاته مَا يذهب بهَا
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت مُحَمَّد ابْن سَمَّاعَة يَقُول سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة إِذا أَرَادَ الْخُرُوج نظر إِلَى شسع نَعله فان كَانَ يحْتَاج ان يصلحه أصلحه وَكَانَ كثيرا مَا يلبس الْخُف فَمَا رَأَيْته مُنْقَطع الشسع وَكَانَ أَبُو عبد الله يفعل ذَلِك
(1/42)
________________________________________
ذكر الرِّوَايَات فِي ورع أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ

أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي قَالَ كنت عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ الرشيد إِذْ دخل ابو يُوسُف فَقَالَ لَهُ الرشيد يَا أَبَا يُوسُف صف لي أَخْلَاق أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ إِن الله تَعَالَى يَقُول {مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد} وَهُوَ عِنْد لِسَان كل قَائِل كَانَ علمي بِأبي حنيفَة انه كَانَ شَدِيد الذب عَن محارم الله ان تُؤْتى شَدِيد الْوَرع ان ينْطق فِي دين الله بِمَا لَا يعلم يحب أَن يطاع الله وَلَا يعْصى مجانبا لأهل الدُّنْيَا فِي زمانهم لَا ينافس فِي عزها طَوِيل الصمت دَائِم الْفِكر على عمل وَاسع لم يكن مهذارا وَلَا ثرثارا إِن سُئِلَ عَن مَسْأَلَة كَانَ عِنْده فِيهَا علم نطق بِهِ وَأجَاب فِيهَا بِمَا سمع وَإِن كَانَ غير ذَلِك قَاس على الْحق وَاتبعهُ صائنا نَفسه وَدينه بذولا للْعلم وَالْمَال مستغنيا بِنَفسِهِ عَن جَمِيع النَّاس لَا يمِيل إِلَى طمع بَعيدا عَن الْغَيْبَة لَا يذكر أحدا إِلَّا بِخَير فَقَالَ لَهُ الرشيد هَذِه أَخْلَاق الصَّالِحين ثمَّ قَالَ لِلْكَاتِبِ اكْتُبْ هَذِه الصّفة وادفعها إِلَى ابْني ينظر فِيهَا ثمَّ قَالَ لَهُ احفظها يَا بني حَتَّى أَسأَلك عَنْهَا إِن شَاءَ الله
أخبرنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت أَبَا عبيد الْقَاسِم بن سَلام يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بن الْحسن يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة وَاحِد زَمَانه وَلَو انشقت عَنهُ الأَرْض لانشقت عَن جبل من الْجبَال فِي الْعلم وَالْكَرم والمؤاساة والورع والإيثار لله مَعَ الْفِقْه وَالْعلم
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا مليح قَالَ سَمِعت أبي يَقُول كُنَّا عِنْد زفر فَذكر عِنْده سُفْيَان وَأَبُو حنيفَة فَقَالَ زفر كَانَ أَبُو حنيفَة إِذا تكلم فِي الْحَلَال وَالْحرَام هَمت سُفْيَان نَفسه وَمن كَانَ أنبل من أبي
(1/43)
________________________________________
حنيفَة وَكَانَ من الْوَرع وَترك الْغَيْبَة على شَيْء عجز عَنهُ الْخلق وَكَانَ حمولا صبورا رَحمَه الله
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا ابْن مقَاتل قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول إِذا سَمِعت الرجل ينَال من أبي حنيفَة لم أحب ان اراه وَلَا ان أجالسه مَخَافَة ان ينزل بِهِ آيَة من آيَات الله فَيجْعَل بِي مَعَه الله يعلم أَنِّي مَا أرْضى مَا يذكر بِهِ وَمَا يذكرهُ أحد إِلَّا وَهُوَ خير مِنْهُ كَانَ وَالله ورعا حَافِظًا لِلِسَانِهِ طيب الْمطعم مَعَ علم وَالله كثير وَاسع
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثناابن كاسب قَالَ سَمِعت ابْن عُيَيْنَة يَقُول قَالَ ابْن جريج بَلغنِي عَن النُّعْمَان فَقِيه أهل الْكُوفَة انه شَدِيد الْوَرع صائن لدينِهِ ولعلمه لَا يُؤثر اهل الدُّنْيَا على أهل الْآخِرَة وَأَحْسبهُ سَيكون لَهُ فِي الْعلم شَأْن عَجِيب
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا الْحلْوانِي قَالَ سَمِعت عبد الْوَهَّاب بن همام اخا عبد الرَّزَّاق بن همام يَقُول مَا رَأَيْت مَشَايِخ عدن الَّذين دخلُوا الْكُوفَة فِي طلب الْعلم إِلَّا وَيَقُولُونَ كلهم مَا رَأينَا بِالْكُوفَةِ فِي زمن أبي حنيفَة أفقه مِنْهُ وَلَا أَشد ورعا
اُخْبُرْنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا أَحْمد بن يُونُس قَالَ سَمِعت الْحسن بن صَالح يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة شَدِيد الْوَرع هائبا لِلْحَرَامِ تَارِكًا لكثير من الْحَلَال مَخَافَة الشُّبْهَة مَا رَأَيْت فَقِيها قطّ أَشد صِيَانة مِنْهُ لنَفسِهِ ولعلمه وَكَانَ جهازه كُله إِلَى قَبره
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس ابْن أخي جبارَة قَالَ
(1/44)
________________________________________
ثَنَا ابْن أبي رزمة قَالَ سَمِعت النَّضر بن مُحَمَّد يَقُول مَا رَأَيْت أَشد ورعا من أبي حنيفَة مَا كَانَ يحسن الْهزْل وَلَا يتَكَلَّم بِهِ وَلَا رَأَيْته مستجمعا ضَاحِكا قطّ وَلكنه كَانَ يتبسم
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا الجماني قَالَ ثَنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ أَرَادَ أَبُو حنيفَة ان يَشْتَرِي جَارِيَة فَمَكثَ عشر سِنِين يخْتَار ويشاور من أَي سبي يَشْتَرِي
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا عَمْرو بن عون قَالَ قَالَ لي يزِيد بن هَارُون كتبت عَن ألف شيخ حملت عَنْهُم الْعلم مَا رَأَيْت وَالله فيهم أَشد ورعا من ابي حنيفَة وَلَا أحفظ لِلِسَانِهِ
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف قَالَ سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول لَوْلَا الْفرق من الله ان يضيع الْعلم مَا أَفْتيت احدا يكون لَهُم المهنأ وَعلي الْوزر
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد القَاضِي قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل الطلحي عَن أَبِيه عَن الْحسن بن زِيَاد قَالَ وَالله مَا قبل أَبُو حنيفَة لأحد مِنْهُم جَائِزَة وَلَا هَدِيَّة
اُخْبُرْنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا ابْن سَمَّاعَة قَالَ سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول قيل لأبي حنيفَة وَذكر عَلْقَمَة وَالْأسود أَيهمَا أفضل فَقَالَ وَالله مَا قدري أَن أذكرهما إِلَّا بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَار إجلالا لَهما فَكيف أفضل بَينهمَا
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا ابو بكر المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد
(1/45)
________________________________________
النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن الرّبيع قَالَ ثَنَا حبَان بن مُوسَى قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول قدمت الْكُوفَة فَسَأَلت عَن أورع الْعلمَاء فَقَالُوا أَبُو حنيفَة
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد القَاضِي قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن بن الحكم الجبري قَالَ ثَنَا عَليّ بن حَفْص الْبَزَّاز قَالَ كَانَ حَفْص بن عبد الرَّحْمَن شريك أبي حنيفَة وَكَانَ أَبُو حنيفَة يُجهز عَلَيْهِ فَبعث إِلَيْهِ دفْعَة مَتَاعا وأعلمه ان فِي ثوب كَذَا عَيْبا فَإِذا بِعته فَبين فَبَاعَ حَفْص الْمَتَاع وَنسي ان يبين الْعَيْب وَلم يعلم مِمَّن بَاعه فَلَمَّا علم أَبُو حنيفَة بذلك تصدق بِثمن الْمَتَاع كُله
ذكر مَا رُوِيَ فِي زهده

أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت الْحسن بن حَمَّاد قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول وَذكر ابا حنيفَة فَقَالَ مَا تقدرون تَقولُونَ فِي رجل عرضت عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَالْأَمْوَال الْعَظِيمَة فنبذها وَرَاء ظَهره فَضرب السِّيَاط وَقيل لَهُ خُذ الدُّنْيَا فَصَبر على السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَلم يدْخل فِيمَا كَانَ غَيره يَطْلُبهُ ويتمناه وَالله لقد كَانَ على خلاف من ادركناه يطْلبُونَ الدُّنْيَا وَالدُّنْيَا تهرب مِنْهُم وتأتيه الدُّنْيَا فيهرب مِنْهَا
أخبرنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا ابو نعيم قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف يَقُول سُئِلَ ابو حنيفَة بعد صَلَاة الصُّبْح عَن مسَائِل فَأجَاب عَن مسَائِل فَأجَاب فِيهَا فَقيل لَهُ أَلَيْسَ كَانُوا يكْرهُونَ الْكَلَام فِي مثل هَذَا الْوَقْت إِلَّا بِخَير فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأي خير أكبر من أَن تَقول هَذَا حَلَال وَهَذَا حرَام تنزه الله وتحذر الْخلق من مَعَاصيه إِن الجراب إِذا فرغ من الزَّاد جَاع صَاحبه
(1/46)
________________________________________
اُخْبُرْنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا سَلمَة بن شبيب قَالَ كَانَ عبد الرَّزَّاق يَقُول كنت إِذا رَأَيْت أَبَا حنيفَة رَأَيْت آثَار الْبكاء فِي عَيْنَيْهِ وخديه
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مقَاتل قَالَ ثَنَا سهل بن مُزَاحم قَالَ كُنَّا ندخل على أبي حنيفَة وَلَا نرى فِي بَيته شَيْئا إِلَّا البواري
اُخْبُرْنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت دَاوُد ابْن رشيد يَقُول سَمِعت الْفَيْض بن مُحَمَّد الرقي يَقُول لقِيت أَبَا حنيفَة بِبَغْدَاد فَقلت لَهُ إِنِّي أُرِيد الْكُوفَة فلك حَاجَة قَالَ إيت أبني حمادا فَقل لَهُ يَا بني إِن قوتي فِي الشَّهْر دِرْهَمَانِ فَمرَّة للسويق وَمرَّة للخبز وَقد حَبسته عني فعجله عَليّ
اُخْبُرْنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا الْحسن بن بشر قَالَ سَمِعت أَبَا الْأَحْوَص يحلف انه لَو قيل لأبي حنيفَة إِنَّك تَمُوت إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام مَا كَانَ فِيهِ فضل شَيْء يقدر ان يزِيدهُ على عمله الَّذِي كَانَ يعْمل
اُخْبُرْنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا هِلَال بن يحيى قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة كثيرا مَا يتَمَثَّل بِهَذَا الْبَيْت
(كفى حزنا أَلا حَيَاة هنيئة ... وَلَا عمل يرضى بِهِ الله الصَّالح)
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سَمَّاعَة قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف يَقُول سَمِعت ابا حنيفَة يَقُول من تكلم فِي شَيْء من الْعلم وتقلده وَهُوَ يظنّ ان الله لَا يسْأَله عَنهُ كَيفَ افتيت فِي دين الله فقد سهلت عَلَيْهِ نَفسه وَدينه قَالَ وَقَالَ ابو يُوسُف كَانَ أَبُو حنيفَة خلف مَا مضى وَمَا خلف وَالله على وَجه الأَرْض مثله
(1/47)
________________________________________
اُخْبُرْنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا تَمِيم بن الْمُنْتَصر قَالَ كنت عِنْد يزِيد بن هَارُون فَذكر أَبُو حنيفَة فنال إِنْسَان مِنْهُ فَأَطْرَقَ طَويلا قَالُوا رَحِمك الله حَدثنَا فَقَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة تقيا نقيا زاهدا عَالما صَدُوق اللِّسَان احفظ اهل زَمَانه سَمِعت كل من أَدْرَكته من أهل زَمَانه يَقُول إِنَّه مَا رأى أفقه مِنْهُ
اُخْبُرْنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ ثَنَا دَاوُد بن رشيد قَالَ سَمِعت زيد ابْن أبي الزَّرْقَاء يَقُول قَالَ رجل لأبي حنيفَة تعرض عَلَيْك الدُّنْيَا وَلَك عِيَال فَقَالَ الله للعيال وَإِنَّمَا قوتي انا فِي الشَّهْر دِرْهَمَانِ فَمَا جمعي لمن يسألني الله عَن الْجمع لَهُ إِن اطاعوا الله اَوْ عصوه فَإِن رزق الله غاد ورائح على العاصين والمطيعين ثمَّ يَقُول {وَفِي السَّمَاء رزقكم وَمَا توعدون}
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْمعدل قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا ضرار بن صرد قَالَ سَمِعت يزِيد بن الْكُمَيْت يَقُول سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول وَقد ناظره رجل فِي مَسْأَلَة وَقَالَ لَهُ يَا مُبْتَدع يَا زنديق فَقَالَ غفر الله لَك الله يعلم مني خلاف مَا قلت وَهُوَ يعلم أَنِّي مَا عدلت بِهِ أحدا مُنْذُ عَرفته وَلَا رَجَوْت إِلَّا عَفوه وَلَا خفت إِلَّا عِقَابه ثمَّ بَكَى عِنْد ذكر الْعقَاب فَسقط صَرِيعًا ثمَّ أَفَاق فَقَالَ لَهُ الرجل اجْعَلنِي فِي حل فَقَالَ كل من قَالَ مَا لَيْسَ فِي من أهل الْجَهْل فَهُوَ فِي حل وكل من قَالَ شَيْئا مِمَّا لَيْسَ فِي من أهل الْعلم فَهُوَ فِي حرج فَإِن غيبَة الْعلمَاء تبقى شَيْئا بعدهمْ
اُخْبُرْنَا عبد الله قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ ثَنَا مليح قَالَ ثَنَا أبي عَن أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ ان رجلا أَتَاهُ بِكِتَاب شَفَاعَة ليحدثه فَقَالَ مَا هَكَذَا يطْلب الْعلم قد أَخذ الله الْمِيثَاق على الْعلمَاء ليبيننه للنَّاس وَلَا يكتمونه وَلَا يكون الْعلم لَهُ خَواص وعوام وَلَكِن نعلم النَّاس ونريد الله بتعليمه
(1/48)
________________________________________
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن هَاشم قَالَ سَمِعت بشر بن الْحَارِث يَقُول كنت عِنْد عِيسَى بن يُونُس فَذكر ابا حنيفَة فَدَعَا لَهُ وَقَالَ مَا كَانَ أَشد اجْتِهَاده فِي ان لَا يعْصى الله وان تعظم حرماته
اُخْبُرْنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا مليح قَالَ حَدثنِي ابي عَن أبي حنيفَة قَالَ لَوْلَا الْحَرج مَا أَفْتيت النَّاس واخوف مَا أَخَاف ان يدخلني النَّار مَا أَنا عَلَيْهِ مُقيم من الْفتيا
أخبرنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا أَبُو نعيم قَالَ سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول من أبغضني جعله الله مفتيا
اُخْبُرْنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ القَاضِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الطَّيَالِسِيّ قَالَ سُئِلَ مُحَمَّد بن مقَاتل عَن أبي حنيفَة وسُفْيَان فَقَالَ لَيْسَ من ابتلى فهرب مثل من ابتلى فَصَبر
ذكر مَا رُوِيَ فِي أَمَانَة أبي حنيفَة

أخبرنَا عمر بن إبراههيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن بهْرَام قَالَ سَمِعت خَارِجَة بن مُصعب يَقُول خرجت إِلَى الْحَج وخلفت جَارِيَة لي عِنْد أبي حنيفَة وَكنت قد أَقمت بِمَكَّة نَحوا من أَرْبَعَة أشهر فَلَمَّا قدمت قلت لأبي حنيفَة كَيفَ وجدت خدمَة هَذِه الْجَارِيَة وخلقها فَقَالَ لي من قَرَأَ الْقُرْآن وَحفظ على النَّاس علم الْحَلَال وَالْحرَام احْتَاجَ ان يصون نَفسه عَن الْفِتْنَة وَالله مَا رَأَيْت جاريتك مُنْذُ خرجت إِلَى أَن رجعت قَالَ فَسَأَلت الْجَارِيَة عَنهُ وَعَن أخلاقه فِي منزله فَقَالَت مَا رَأَيْت وَمَا سَمِعت مثله مَا رَأَيْته نَام على فرش مُنْذُ دخلت إِلَيْهِ وَلَا رَأَيْته اغْتسل فِي ليل وَلَا نَهَار من جَنَابَة وَلَقَد كَانَ يَوْم الْجُمُعَة
(1/49)
________________________________________
يخرج فَيصَلي صَلَاة الصُّبْح ثمَّ يدْخل إِلَى منزله فَيصَلي صَلَاة الضُّحَى صَلَاة خَفِيفَة وَذَلِكَ أَنه كَانَ يبكر إِلَى الْجَامِع فيغتسل غسل الْجُمُعَة ويمس شَيْئا من دهن ثمَّ يمْضِي إِلَى الصَّلَاة وَمَا رَأَيْته يفْطر بالنهاد قطّ وَكَانَ يَأْكُل آخر اللَّيْل ثمَّ يرقد رقدة خَفِيفَة ثمَّ يخرج إِلَى الصَّلَاة
أخبرنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا مليح بن وَكِيع قَالَ قَالَ لِأَن أبي كنت عِنْد أبي حنيفَة فَأَتَت امْرَأَة بِثَوْب خَز فَقَالَت لَهُ بِعْهُ لي فَقَالَ بكم قيل لَك تبيعينه قَالَت بِمِائَة قَالَ هُوَ خير من مائَة حَتَّى قَالَ كم تَقُولِينَ فزادت مائَة حَتَّى قَالَت أَرْبَعمِائَة قَالَ هُوَ خير قَالَت تهزأ بِي قَالَ هَاتِي رجلا فَجَاءَت بِرَجُل فَاشْتَرَاهُ بِخَمْسِمِائَة دِرْهَم
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا مليح قَالَ سَمِعت أبي يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ عَظِيم الْأَمَانَة جَلِيلًا فِي نَفسه يُؤثر ربه على كل شَيْء وَلَو أَخَذته السيوف فِي الله لاحتمل
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد المرزوي قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن شُجَاع يَقُول سَمِعت الْحسن بن أبي مَالك يَقُول سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول بَلغنِي ان أَبَا حنيفَة كَانَ يقبل ودائع الخراسانية فَلَمَّا مَاتَ كَانُوا يجيئون بهَا إِلَى حَمَّاد فَيَقُول لَا أقبلها فَقيل لَهُ قد ترك أَبوك يَأْخُذهَا فَقَالَ لي أبي كَانَ لَهُ مثلي وَلَيْسَ لي مثله
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا ابْن كأس القَاضِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق البكائي قَالَ سَمِعت جَعْفَر بن عون الْعمريّ يَقُول أَتَت امْرَأَة أَبَا حنيفَة تطلب مِنْهُ ثوب خَز فَأخْرج لَهَا ثوبا قَالَت إِنِّي امْرَأَة ضَعِيفَة وَأَنَّهَا أَمَانَة فبعني هَذَا الثَّوْب بِمَا تقوم عَلَيْك فَقَالَ خذيه بأَرْبعَة دَرَاهِم
(1/50)
________________________________________
قَالَت لَا تسخر بِي وَأَنا عَجُوز كَبِيرَة قَالَ إِنِّي اشْتريت ثَوْبَيْنِ فَبِعْت أَحدهمَا بِرَأْس المَال إِلَّا أَرْبَعَة دَرَاهِم وَبَقِي هَذَا يقوم عَليّ بأَرْبعَة دَرَاهِم
أخبرنَا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى المرزباني قَالَ ثَنَا أَبُو عبد الله الحكيمي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن زُهَيْر قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن أبي شيخ قَالَ ثَنَا عبد الله بن صَالح بن مُسلم الْعجلِيّ قَالَ قَالَ رجل بِالشَّام للْحكم بن هِشَام الثَّقَفِيّ أَخْبرنِي عَن أبي حنيفَة قَالَ كَانَ من أعظم النَّاس أَمَانَة وأراده سلطاننا على أَن يتَوَلَّى مَفَاتِيح خزائنه أَو يضْرب ظَهره فَاخْتَارَ عَذَابه على عَذَاب الله قَالَ فَمَا رَأَيْت احدا يصف أَبَا حنيفَة بِمثل مَا وَصفته قَالَ هُوَ وَالله كَمَا قلت لَك
ذكر مَا رُوِيَ فِي حسن جوَار أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ

أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا أَبُو بكر احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ ابْن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا حَمَّاد بن عَليّ السراج قَالَ ثَنَا أَبُو بِلَال الْأَشْعَرِيّ عَن أبي يُوسُف قَالَ كَانَ لأبي حنيفَة جَار وَكَانَ يشرب فِي الحانة ثمَّ يرجع بِاللَّيْلِ يتَغَنَّى وَيَقُول
(أضاعوني وَأي فَتى أضاعوا ... ليَوْم كريهة وسداد ثغر)
قَالَ فَرجع ذَات لَيْلَة فَأَخذه الطَّائِف فحبسه ففقد أَبُو حنيفَة صَوته فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل لَهُ حَبسه الطَّائِف فَتكلم فِيهِ ابو حنيفَة حَتَّى أطلق ثمَّ قَالَ لَهُ يَا فَتى رَأَيْتنَا أضعناك
أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ حَدثنِي عَليّ بن صَالح الْبَغَوِيّ قَالَ حَدثنِي جدي عبد الله بن الْعَبَّاس قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُؤَمل قَالَ ثَنَا بشر بن الْوَلِيد عَن بعض أَصْحَاب أبي حنيفَة من أهل الْكُوفَة قَالَ كَانَ لأبي حنيفَة جَار إسكاف وَكَانَ كثيرا مَا يعْمل بِاللَّيْلِ وينشد هَذِه الأبيات
(1/51)
________________________________________
ويرددها
(أضاعوني وَأي فَتى أضاعوا ... ليَوْم كريهة وسداد ثغر)
(كَأَنِّي لم أكن فيهم وَسِيطًا ... وَلم تَكُ نسبتي فِي آل عَمْرو)
(أجرر فِي المجامع كل يَوْم ... فيالله من ظلمي وصبري)
وَكَانَ أَبُو حنيفَة يقوم يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فَيسمع صَوته يردد هَذِه الأبيات فَفَقدهُ لَيْلَة أَو لَيْلَتَيْنِ فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل أَخذه السُّلْطَان وحبسه فَصَارَ أَبُو حنيفَة إِلَى الْوَالِي يشفع فِيهِ وَقَالَ لَهُ جاري وَله حق الْجوَار قد أَخذه العسس قَالَ فَمَا اسْمه قَالَ لَا أعلم غير أَنه إسكاف فَقَالَ الْوَالِي اطلقوا لأبي حنيفَة كل من أَخذ اللَّيْلَة فَلَمَّا أَطْلقُوهُ جَاءَ الإسكاف إِلَى أبي حنيفَة يشكره فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة يَا فَتى مَا أضعناك
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا ابْن كأس القَاضِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن عَفَّان قَالَ ثَنَا إِسْمَاعِيل بن يُوسُف الشنبري قَالَ سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة لَا يكَاد يسْأَل حَاجَة إِلَّا قَضَاهَا فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ لَهُ إِن لفُلَان عَليّ خَمْسمِائَة دِرْهَم وَأَنا مضيق فسله يصبر عَليّ ويؤخرني بهَا فَكلم أَبُو حنيفَة صَاحب المَال فَقَالَ صَاحب المَال هِيَ لَهُ قد أَبرَأته مِنْهَا فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق لَا حَاجَة لي فِيهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَيست الْحَاجة لَك إِنَّمَا الْحَاجة لي ولي قضيت
ذكر مَا رُوِيَ فِي تَهَجُّده بِاللَّيْلِ وقيامه وقراءته وتضرعه

أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ ابْن الْعَبَّاس الْبَزَّاز قَالَ قَالَ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف بَينا أَنا أَمْشِي مَعَ أبي
(1/52)
________________________________________
حنيفَة إِذْ سمع الصّبيان يصيحون هَذَا أَبُو حنيفَة الَّذِي لَا ينَام اللَّيْل فَقَالَ لي يَا أَبَا يُوسُف أما ترى مَا يَقُوله هَؤُلَاءِ الصّبيان فَللَّه عَليّ أَن لَا أَضَع جَنْبي بفراش حَتَّى ألْقى الله تَعَالَى
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن الْبَزَّار قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا ثَابت الزَّاهِد قَالَ ثَنَا مسعر قَالَ كنتأنظر إِلَى أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ يُصَلِّي الْغَدَاة ثمَّ يجلس فِي مذاكرة الْعلم إِلَى الْعَصْر وَلَا يحدث وضُوءًا وَلَا طَعَاما وَلَا شرابًا ثمَّ يجلس بعد صَلَاة العصرإلى الْمغرب ثمَّ يجلس فِي مذاكرة الْعلم إِلَى عشَاء الْآخِرَة فَقلت فِي نَفسِي مَتى يتفرغ هَذَا لِلْعِبَادَةِ لأتعاهدنه بِاللَّيْلِ قَالَ فتعاهدته فَلَمَّا صلى الْعشَاء الْآخِرَة دخل منزله فَلَمَّا هدأ النَّاس وَأخذُوا مضاجعهم خرج إِلَى الْمَسْجِد فانتصب فَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْل كُله فَلَمَّا كَانَ فِي الْوَقْت الَّذِي يَتَحَرَّك النَّاس فِيهِ دخل منزله وَخرج فِي ذَلِك الْوَقْت الَّذِي خرج فِيهِ وَقد تهَيَّأ وسرح لحيته ثمَّ صلى الْفجْر ثمَّ قعد يذاكر الْعلم يَوْمه أجمع قَالَ فَقلت لَعَلَّ هَذَا شَيْء جعله على نَفسه أَيَّامًا فَلَزِمته حَتَّى مَاتَ فَمَا رَأَيْته بِالنَّهَارِ مُفطرا وَلَا بِاللَّيْلِ نَائِما وَكَانَ يخْفق قبل الظّهْر خفقة حفيفة قَالَ ثَابت وَأخذ مسعر قبل مَوته فيالعبادة وَالِاجْتِهَاد حَتَّى مَاتَ سَاجِدا
أخبرنَا عمر بن أبراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سَمَّاعَة وَبشر بن الْوَلِيد ومُوسَى بن سُلَيْمَان الْجوزجَاني قَالُوا ثَنَا أَبُو يُوسُف قَالَ كَانَ أَكثر فُقَهَاء الْكُوفَة يصلونَ اكثر الصَّلَوَات فِي مَسْجِد الْجَامِع وَكَانُوا يصلونَ صَلَاة ***** فِي مَسْجِد الْجَامِع وَكَانَ مسعر يظْهر عَدَاوَة ابي حنيفَة ويحث على الوقيعة فِيهِ قَالَ فَانْصَرف لَيْلَة فَمر بِأبي حنيفَة وَهُوَ ساجد فَوضع على ثَوْبه حَصَيَات من حَيْثُ لَا يعلم وَخرج وَكَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول يجب على الْفَقِيه ان يَأْخُذ نَفسه من عمله بِشَيْء لَا يرَاهُ النَّاس وَاجِبا وَكَانَ يَقُول إِذا خالط الْقُلُوب النّوم وَجب
(1/53)
________________________________________
الْوضُوء فَخرج مسعر ثمَّ رَجَعَ وَقد أذن لصَلَاة الصُّبْح فَوجدَ أَبَا حنيفَة على حَاله يبكي وَيَدْعُو ثمَّ قَامَ فَرجع رَكْعَتي الْفجْر وابتهل حَتَّى أُقِيمَت الصَّلَاة فصلى الْغَدَاة على وضوء أول اللَّيْل فَلَمَّا أصبح أَخذ مسعر بيد جمَاعَة من أَصْحَابه وَصَارَ إِلَيْهِ وَقَالَ إِنِّي تائب إِلَى الله من ذكري لَك فَاجْعَلْنِي فِي حل فَقَالَ أَبُو حنيفَة كل من اغتابني من أهل الْجَهْل فَهُوَ فِي حل وَمن كَانَ من أهل الْعلم فَهُوَ فِي حرج حَتَّى يَتُوب فَإِن غيبَة الْعلمَاء تبقى شينا فِي الْخلق وَأما أَنا فقد جعلتك فِي حل فَكيف بِطَلَب الله إياك بِمَا نهاك عَنهُ فِي كِتَابه وَسنة نبيه قَالَ فَكَانَا بعد ذَلِك متواخيين حَتَّى مَاتَا
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ ثَنَا أَحْمد ابْن كاسب قَالَ قَالَ لي عبد الْمجِيد بن أبي راود مَا رَأَيْت أَصْبِر على الطّواف وَالصَّلَاة والفتيا بِمَكَّة من أبي حنيفَة إِنَّمَا كَانَ كل اللَّيْل وَالنَّهَار فِي طلب الْآخِرَة لنَفسِهِ والنجاة للمعاد صبورا على تَعْلِيم من يَجِيئهُ وَيطْلب الْعلم لقد شاهدته عشر لَيَال فَمَا رَأَيْته نَام بِاللَّيْلِ وَلَا هدأ سَاعَة من نَهَار من طواف اَوْ صَلَاة اَوْ تَعْلِيم علم
أخبرنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن يُونُس قَالَ سَمِعت زَائِدَة يَقُول صليت مَعَ أبي حنيفَة فِي مَسْجده عشَاء الْآخِرَة وَخرج النَّاس وَلم يعلم أَنِّي فِي الْمَسْجِد وَأَرَدْت أَن أسأله عَن مَسْأَلَة من حَيْثُ لَا يراني أحد قَالَ فَقَامَ فَقَرَأَ وَقد افْتتح حَتَّى بلغ إِلَى هَذِه الْآيَة {فَمن الله علينا ووقانا عَذَاب السمُوم} فأقمت فِي الْمَسْجِد انْتظر فَرَاغه فَلم يزل يُرَدِّدهَا حَتَّى أذن الْمُؤَذّن لصَلَاة الْفجْر
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْمعدل قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا مليح قَالَ حَدثنِي أبي عَن أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ مَا فِي الْقُرْآن سُورَة إِلَّا قد أوترت بهَا
(1/54)
________________________________________
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا منْجَاب قَالَ ثَنَا شريك قَالَ رَأَيْت حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان وعلقمة بن مرْثَد ومحارب بن دثار وَعون ابْن عبد الله بن عتبَة وَعبد الْملك بن عُمَيْر وَأَبا همام السَّلُولي ومُوسَى بن طَلْحَة وَأَبا حنيفَة رَضِي الله عَنْهُم فَمَا رَأَيْت فِي الْقَوْم أحسن لَيْلًا من أبي حنيفَة وَلَقَد كنت مَعَه سنة فَمَا رَأَيْته وضع جنبه على فرَاش
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا ابْن سَمَّاعَة قَالَ سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة يخْتم الْقُرْآن كل يَوْم وَلَيْلَة ختمة فَإِذا كَانَ شهر رَمَضَان ختم فِيهِ مَعَ لَيْلَة الْفطر وَيَوْم الْفطر اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ ختمة وَكَانَ سخيا بِالْمَالِ صبورا على تَعْلِيم الْعلم شَدِيد الِاحْتِمَال لما يَنَالهُ فِيهِ بعيد الْغَضَب اثْنَيْنِ وَكَانَ أَصْحَابنَا يَقُولُونَ إِنَّه كَانَ يُصَلِّي الْغَدَاة على طهر أول اللَّيْل شهدته أَنا عشْرين سنة وَكَانَ من صَحبه قبلنَا يَقُولُونَ انه صلى الْغَدَاة على طهُور اول اللَّيْل أَرْبَعِينَ سنة وَكَانَ دَاوُد الطَّائِي يفعل ذَلِك ويفعله بِالصبرِ على الْفقر
أخبرنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا الْحمانِي قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ صَحِبت أَبَا حنيفَة قَرِيبا من سنة فَمَا رَأَيْته نَهَارا مُفطرا وَلَا لَيْلًا إِلَّا قَائِما وَلَا يدْخل إِلَى جَوْفه لقْمَة من مَال اُحْدُ وَكَانَ يُصَلِّي الْغَدَاة على طهُور أول اللَّيْل وَكَانَ يخْتم كل لَيْلَة عِنْد طُلُوع الْفجْر الأول وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ عِنْد طُلُوع الْفجْر الثَّانِي وَكَانَ يقطع اللَّيْل كُله بِالْعبَادَة
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ سَمِعت أَبَا نعيم يَقُول لقِيت الْأَعْمَش ومسعرا وَحَمْزَة الزيات وَمَالك بن مغول وَإِسْرَائِيل وَعَمْرو بن ثَابت وشريكا وَجَمَاعَة من الْعلمَاء لَا أحصيهم فَصليت مَعَهم فَمَا رَأَيْت رجلا احسن صَلَاة من أبي حنيفَة وَلَقَد كَانَ قبل الدُّخُول فِي الصَّلَاة يَدْعُو وَيسْأل ويبكي فَيَقُول الْقَائِل هَذَا وَالله يخْشَى الله
(1/55)
________________________________________
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا ابْن سَمَّاعَة قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف يَقُول اخْتلفت إِلَى أبي حنيفَة تسع عشرَة سنة فرأيته يُصَلِّي الْغَدَاة على وضوء أول اللَّيْل وَمَا رَأَيْت أحرص مِنْهُ على علم يعْمل بِهِ ويعلمه النَّاس وَلَقَد مَاتَ لي ابْن فِي حَيَاة ابي حنيفَة فَأمرت من يَتَوَلَّاهُ ويدفنه وَلم أدع مجْلِس ابي حنيفَة قلت يفوتني يَوْم من أبي حنيفَة
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ ثَنَا احْمَد بن يُونُس قَالَ ثَنَا الْمعَافي بن عمرَان قَالَ سَمِعت أَبَا الجويرية يَقُول صَحِبت حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان ومحارب بن دثار وعلقمة بن مرْثَد وَعون بن عبد الله وَسَلَمَة بن كهيل وَعَطَاء وطاوسا وَسَعِيد بن جُبَير رَضِي الله عَنْهُم ورأيتهم وَرَأَيْت أَبَا حنيفَة وَهُوَ حدث فَمَا رَأَيْت فِي الْقَوْم أحدا أحسن لَيْلًا من أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا النَّخعِيّ القَاضِي قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْبَلْخِي قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن رستم الْمروزِي قَالَ سَمِعت خَارِجَة بن مُصعب يَقُول ختم الْقُرْآن فِي رَكْعَة أَرْبَعَة من الْأَئِمَّة عُثْمَان بن عَفَّان وَتَمِيم الدَّارِيّ وَسَعِيد بن جُبَير وَأَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنْهُم
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا أَبُو بكر المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن كأس قَالَ ثَنَا البخْترِي بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ حَدثنِي الْقَاسِم بن معن ان ابا حنيفَة قَامَ لَيْلَة بِهَذِهِ الْآيَة {بل السَّاعَة موعدهم والساعة أدهى وَأمر} يُرَدِّدهَا ويبكي ويتضرع
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصراف قَالَ ثَنَا أَبُو بكر احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا ابْن كأس قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْفَقِيه المراوحي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن رَاشد الحبال عَن
(1/56)
________________________________________
بكر العابد قَالَ رَأَيْت أَبَا حنيفَة لَيْلَة يُصَلِّي ويبكي ويتضرع وَيَدْعُو وَيَقُول رب ارْحَمْنِي يَوْم تبْعَث عِبَادك وقني عذابك واغفر لي ذُنُوبِي يَوْم يقوم الأشهاد
أخبرنَا عبد الله بن الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد السدُوسِي قَالَ حَدثنِي أَبُو يُوسُف مُحَمَّد بن بكر قَالَ سَمِعت أَبَا عَاصِم النَّبِيل يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة يُسمى الوقد لِكَثْرَة صلَاته
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ اخبرني عبد الصَّمد بن عبيد الله الدَّلال عَن مُحَمَّد بن عَامر الْأَشْعَرِيّ عَن عبد الله بن لبيد الأخنسي قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة إِذا دخل شهر رَمَضَان تفرغ لقِرَاءَة الْقُرْآن فَإِذا كَانَ الْعشْر الْأَوَاخِر فقليل مَا يُوصل إِلَى كَلَامه
ذكر مَا رُوِيَ فِي سماحة أبي حنيفَة وسخائه وبذله

أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا احْمَد ابْن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا الْحسن بن الرّبيع قَالَ كَانَ قيس بن الرّبيع يحدثني عَن أبي حنيفَة انه كَانَ يبْعَث بالبضائع إِلَى بَغْدَاد فيشتري بهَا الْأَمْتِعَة ويحملها إِلَى الْكُوفَة وَيجمع الأرباح عِنْده من سنة إِلَى سنة فيشتري بهَا حوائج اشياخ الْمُحدثين وأقواتهم وكسوتهم وَجَمِيع حوائجهم ثمَّ يدْفع بَاقِي الدَّنَانِير والأرباح إِلَيْهِم ثمَّ يَقُول أَنْفقُوا فِي حَوَائِجكُمْ وَلَا تحمدوا إِلَّا الله فَإِنِّي مَا أُعْطِيكُم من مَالِي وَلَكِن من فضل الله عَليّ فِيكُم وَهَذِه أرباح بضائعكم فانه هُوَ وَالله مَا يجريه الله لكم على يَدي فَمَا فِي رزق الله حق لغيره
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا ابْن كأس
(1/57)
________________________________________
النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا عبد الله بن أَحْمد بن بهْلُول الْكُوفِي قَالَ ثَنَا الْقَاسِم بن مُحَمَّد البَجلِيّ عَن إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن أبي حنيفَة ان ابا حنيفَة حِين حذق حَمَّاد ابْنه سُورَة الْحَمد وهب للمعلم خَمْسمِائَة دِرْهَم
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد القَاضِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عمار بن أبي مَالك الْجَنبي عَن أَبِيه عَن الْحسن بن زِيَاد قَالَ رأى أَبُو حنيفَة على بعض جُلَسَائِهِ ثيابًا رثَّة فَأمره فَجَلَسَ حَتَّى تفرق النَّاس وَبَقِي وَحده فَقَالَ لَهُ ارْفَعْ الْمصلى وَخذ مَا تَحْتَهُ فَرفع الرجل الْمصلى فَكَانَ تَحْتَهُ ألف دِرْهَم فَقَالَ لَهُ خُذ هَذِه الدَّرَاهِم فَغير بهَا حالك قَالَ الرجل إِنِّي مُوسر وَأَنا فِي نعْمَة وَلست أحتاج إِلَيْهَا فَقَالَ لَهُ مَا بلغك الحَدِيث إِن الله يحب ان يرى أثر النِّعْمَة على عَبده فَيَنْبَغِي لَك ان تغير حالك حَتَّى لَا يغتم بك صديقك
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا مليح قَالَ ثَنَا أبي قَالَ جَاءَ رجل إِلَى أبي حنيفَة فَقَالَ احتجت إِلَى ثَوْبَيْنِ أُرِيد ان تحسن إِلَيّ فيهمَا فَإِنِّي أُرِيد ان اتجمل بهما عِنْد رجل قد صاهرني فَقَالَ اصبر لي جمعتين فَصَبر لَهُ ثمَّ عَاد فَقَالَ لَهُ عد إِلَيّ غَدا فَأخْرج إِلَيْهِ من الْغَد ثَوْبَيْنِ قيمتهمَا أَكثر من عشْرين دِينَارا ومعهما دِينَار فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ بعثت ببضاعة بإسمك إِلَى بَغْدَاد وضمنت خطر الطَّرِيق فبيعت وَرفعت لَك هذَيْن الثَّوْبَيْنِ فجَاء رَأس المَال ودينار فَإِن قبلت ذَلِك وَإِلَّا بعتهما وتصدقت عَنْك بثمنهما وَالدِّينَار فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ إِنَّه قَالَ لي أحسن إِلَيّ وَإِن عَطاء حَدثنِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِذا قَالَ الرجل لِأَخِيهِ الْمُسلم أحسن إِلَيّ فقد أئتمنه على سره وَأحب رفقه بِكُل شَيْء قدرت عَلَيْهِ من الاحسان إِلَيْهِ وأحببت أَن يسلم مَالِي بِمَا سَأَلَني من الْإِحْسَان إِلَيْهِ
(1/58)
________________________________________
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا بشر بن الْوَلِيد قَالَ سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة شَدِيد الْبر بِكُل من عرفه وَكَانَ يهب للرجل الْخمسين دِينَارا أَو أَكثر فَإِذا شكره بِحَضْرَة قوم غمه ذَلِك وَقَالَ تشكر لي وَإِنَّمَا بهو رزق سَاقه الله إِلَيْك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أوتيكم شَيْئا وَلَا امنعكموه وَإِنَّمَا أَنا خَازِن أَضَع حَيْثُ أمرت
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا عَليّ بن حَكِيم قَالَ سَمِعت شَرِيكا يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة طَوِيل الصمت كثير الْفِكر دَقِيق النّظر فِي الْفِقْه لطيف الاستخراج فِي الْعلم وَالْعَمَل والبحث وَكَانَ يصبر على من يُعلمهُ وَإِن كَانَ فَقِيرا أغناه وأجرى عَلَيْهِ وعَلى عِيَاله حَتَّى يتَعَلَّم فَإِذا تعلم قَالَ لَهُ قد وصلت إِلَى الْغنى الْأَكْبَر بِمَعْرِِفَة الْحَلَال وَالْحرَام وَكَانَ كثير الْعقل قَلِيل المجادلة للنَّاس قَلِيل المحادثة لَهُم
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف قَالَ كَانُوا يَقُولُونَ أَبُو حنيفَة زينه الله بالفقه وَالْعلم وَالْعَمَل والسخاء والبذل وأخلاق الْقُرْآن الَّتِي كَانَت فِيهِ
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا أَبُو غَسَّان قَالَ سَمِعت إِسْرَائِيل يَقُول كَانَ مسعر يَقُول كَانَ ابو حنيفَة إِذا اشْترى لِعِيَالِهِ شَيْئا انفق على شُيُوخ الْعلمَاء مثل مَا أنْفق على عِيَاله وَإِذا اكتسى ثوبا فعل مثل ذَلِك وَإِذا جَاءَت الْفَاكِهَة وَالرّطب وكل شَيْء يُرِيد أَن يَشْتَرِيهِ لنَفسِهِ ولعياله لَا يفعل ذَلِك حَتَّى يَشْتَرِي لشيوخ الْعلمَاء مثله ثمَّ يَشْتَرِي بعد ذَلِك لِعِيَالِهِ وَكَانَ إِذا اشْترى للصدقة أَو لبر إخوانه شَيْئا اجود مَا يقدر عَلَيْهِ وَكَانَ يتساهل فِيمَا يَشْتَرِيهِ لنَفسِهِ ولعياله
(1/59)
________________________________________
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا مليح بن وَكِيع قَالَ ثَنَا أبي قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة قد جعل على نَفسه ان لَا يحلف بِاللَّه فِي عرض حَدِيثه إِلَّا تصدق بدرهم فَحلف فَتصدق بدرهم ثمَّ جعل على نَفسه ان لَا يحلف بِاللَّه إِلَّا تصدق بِربع دِينَار فَحلف فَتصدق بِربع دِينَار فَجعل على نَفسه إِن حلف ان يتَصَدَّق بِدِينَار فَكَانَ إِذا حلف صَادِقا فِي عرض الْكَلَام تصدق بِدِينَار وَكَانَ إِذا انفق على عِيَاله بِنَفَقَة تصدق بِمِثْلِهَا وَكَانَ إِذا اكتسى ثوبا جَدِيدا كسا بِقدر ثمنه شُيُوخ الْعلمَاء وَكَانَ إِذا وضع بَين يَدَيْهِ الطَّعَام أَخذ مِنْهُ فَوَضعه على الْخبز حَتَّى يَأْخُذ مِنْهُ بِقدر مَا يَأْكُل فيضعه على الْخبز ثمَّ يُعْطِيهِ لانسان فَقير فَإِن كَانَ فِي الدَّار فِي عِيَاله إِنْسَان يحْتَاج إِلَيْهِ دَفعه إِلَيْهِ وَإِلَّا اعطاه مِسْكينا
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي عبد الله الْخُرَاسَانِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُوسَى الرَّازِيّ عَن عَليّ بن الْجَعْد قَالَ أهْدى الْحَاج إِلَى أبي حنيفَة ألف نعل فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك أَرَادَ ان يَشْتَرِي نعلا فَقيل لَهُ مَا فعلت بِتِلْكَ النِّعَال فَقَالَ مَا دخل بَيْتِي مِنْهَا شَعْرَة وهبتها كلهَا لِأَصْحَابِنَا
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا ابْن كاسب قَالَ سَمِعت ابْن عُيَيْنَة يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة كثير الصَّلَاة وَالصِّيَام كثير الصَّدَقَة فَكَانَ كل مَال يستفيده لَا يدع مِنْهُ شَيْئا إِلَّا أخرجه وَلَقَد وَجه إِلَيّ بِهَدَايَا
(1/60)
________________________________________
استوحشت من كثرتها فشكوت ذَلِك إِلَى بعض أَصْحَابه فَقَالَ لي كَيفَ لَو رَأَيْت هَدَايَا بعث بهَا إِلَى سعيد بن أبي عرُوبَة وَمَا كَانَ يدع أحدا من الْمُحدثين إِلَّا بره برا وَاسِعًا
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا سعيد بن مَنْصُور قَالَ سَمِعت فُضَيْل بن عِيَاض يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة مَعْرُوفا بِكَثْرَة الأفضال وَقلة الْكَلَام وإكرام الْعلم وَأَهله
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا مليح قَالَ ثَنَا ابي عَن أبي حنيفَة قَالَ ماملكت أَكثر من أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم مُنْذُ أَكثر من أَرْبَعِينَ سنة إِلَّا أخرجته وَإِنَّمَا امسكها لقَوْل عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم فَمَا دونهَا نَفَقَة وَلَوْلَا اني أَخَاف ان ألجأ إِلَى هَؤُلَاءِ مَا تركت مِنْهَا درهما وَاحِدًا
ذكر مَا جَاءَ فِي وقاره وَشدَّة قلبه رَضِي الله عَنهُ

أخبرنَا ابو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الله ابْن مُحَمَّد بن جَعْفَر الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن سعيد الْبَصْرِيّ الْيَرْبُوعي قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ قَالَ لي أَبُو قطن عَمْرو بن الْهَيْثَم قلت لشعبة اكْتُبْ لي إِلَى أبي حنيفَة إِلَى الْكُوفَة فَكتب لي إِلَيْهِ فَدخلت الْكُوفَة عِنْد الْعَصْر فَدخلت إِلَى أبي حنيفَة فأوصلت الْكتاب إِلَيْهِ فَقَالَ لي كَيفَ أَبُو بسطَام قلت بِخَير قَالَ لي هُوَ نعم حَشْو الْمصر لمصره فَقَعَدت عِنْده حَتَّى صلى الْعَصْر وَالْمغْرب وَالْعشَاء ثمَّ أَخذ بيَدي فَأَدْخلنِي إِلَى منزله ثمَّ دَعَا بفطره فَأكلت مَعَه ثمَّ قَامَ فمهد لي موضعا ثمَّ أَرَانِي مَوضِع الْخَلَاء فَقَالَ إِن عرضت لَك حَاجَة فَهَذَا الْموضع ثمَّ جَاءَنِي بقب من سويق وكوز مَاء فَقَالَ لَعَلَّك لم تكتف من الطَّعَام فشأنك بِهَذَا ثمَّ قَامَ فَأخْرج
(1/61)
________________________________________
سفطا وَهُوَ يظنّ أَنِّي لَا اراه فَنزع ثِيَابه وَأخرج مدرعة شعر فلبسها ثمَّ لم يزل يُصَلِّي حَتَّى طلع الْفجْر فَلَمَّا طلع الْفجْر نزع ذَلِك وَلبس ثِيَابه ثمَّ جَاءَ إِلَيّ فَقَامَ عِنْد رَأْسِي ثمَّ قَالَ الصَّلَاة خير من النّوم مرَّتَيْنِ فَقُمْت فَتَوَضَّأت ثمَّ خرجت مَعَه الى الْمَسْجِد فَفتح لي بَاب الْمَسْجِد ثمَّ أَدخل رجله الْيُمْنَى ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ افْتَحْ لنا بَاب رحمتك وأعذنا من الشَّيْطَان الرَّجِيم ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ صعد المنارة فَأذن ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ جلس حَتَّى اجْتمع النَّاس ثمَّ أَقَامَ فصلى بهم ثمَّ جلس لَا يتَكَلَّم مَا نَدْرِي مَا هُوَ فِيهِ فَسقط عَلَيْهِ ثعبان من السّقف فَتكلم بِشَيْء لَا أَدْرِي مَا هُوَ ثمَّ شال قدمه فوضعها على رَأس الثعبان فَلَمَّا طلعت الشَّمْس قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أطلعها من مطْلعهَا اللَّهُمَّ ارزقنا خَيرهَا وَخير مَا طلعت عَلَيْهِ ثمَّ شال رجله وَأمر بقتل الثعبان ثمَّ جلس يقرىء حَتَّى تَعَالَى النَّهَار ثمَّ جَاءَ أهل الْفِقْه فَمَا زَالَ يلقِي عَلَيْهِم إِلَى قريب من نصف النَّهَار ثمَّ قَامَ فَقلت لَهُ دخلت الْمَسْجِد فَصليت رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أَذِنت ثمَّ صليت رَكْعَتَيْنِ قَالَ نعم حَدِيث أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ دخلت الْمَسْجِد فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صل رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّة الْمَسْجِد قلت أَذِنت ثمَّ صليت رَكْعَتَيْنِ قَالَ رَكْعَتي الْفجْر قلت فَلم تَتَكَلَّم حَتَّى طلعت الشَّمْس قَالَ خبر عبد الله بن عَمْرو من صلى وَلم يتَكَلَّم إِلَّا بِذكر الله حَتَّى تطلع الشَّمْس كَانَ كالمجاهد فِي سَبِيل الله قلت والثعبان قَالَ قَالَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آذنه ثَلَاثًا فَإِن ذهب وَإِلَّا فاقتله فأذنته فَلم يذهب فتعوذت مِنْهُ ثمَّ أمرت بقتْله
ذكر مَا جَاءَ فِي بره بِوَالِديهِ

اُخْبُرْنَا ابو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان المرزباني قَالَ أنبأ مُحَمَّد بن احْمَد الْكَاتِب قَالَ ثَنَا احْمَد بن زُهَيْر بن حَرْب قَالَ أنبأ سُلَيْمَان بن أبي شيخ قَالَ حَدثنِي حَمْزَة بن الْمُغيرَة وَتوفى سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة يَعْنِي حَمْزَة وَله تسعون أَو نَحْوهَا قَالَ كُنَّا نصلي مَعَ
(1/62)
________________________________________
عمر بن ذَر فِي شهر رَمَضَان الْقيام فَكَانَ أَبُو حنيفَة وَيَجِيء بِأُمِّهِ مَعَه وَكَانَ مَوْضِعه بَعيدا جدا وَكَانَ ابْن ذَر يُصَلِّي الى قرب *****
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ قَالَ الْحسن ابْن الرّبيع يَوْمًا لرجل وَنحن عِنْده من يقدر يَقُول ان احدا أَصْبِر على مَا صَبر عَلَيْهِ أَبُو حنيفَة من إِنْسَان يُقَال لَهُ خُذ الدُّنْيَا فَيَقُول لَا آخذها وَلَقَد سمعته يَقُول مَا شَيْء محنت بِهِ أَشد عَليّ من غم أُمِّي حِين ضربت فَقَالَت لي يَا نعْمَان إِن علما أكسبك مثل هَذَا لقد يحِق لَك أَن تَفِر مِنْهُ فَقلت لَهَا يَا أُمَّاهُ لَو أردْت بِهِ الدُّنْيَا لوصلت إِلَيْهَا وَلَكِن أردْت ان يعلم الله أَنِّي قد صنت الْعلم وَلم أعرض نَفسِي فِيهِ للهلكة
أخبرنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا أَبُو عبيد قَالَ سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول حَلَفت أم أبي حنيفَة بِيَمِين فَقَالَت لَهُ سل الْقَاص وَكَانَ خَالِي أَبُو طَالب يقص وَكَانَت أم أبي حنيفَة تحضر مَجْلِسه فَدَعَاهُ أَبُو حنيفَة وَسَأَلَهُ وَقَالَ إِن أُمِّي حَلَفت على يَمِين وأمرتني ان أَسأَلك فَكرِهت خلَافهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالب فأفتني بِالْجَوَابِ فَقَالَ الْجَواب كَذَا قَالَ قل لَهَا عني ان الْجَواب كَذَا وَكَذَا قَالَ فَأَخْبرهَا فرضيت بقول الْقَاص
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ أَخْبرنِي عبد الصَّمد ابْن عبيد الله الدَّلال عَن عِيسَى بن عبد الله بن الْهياج قَالَ حَدثنِي النمر بن جِدَار قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن زيد بن عُمَيْر قَالَ سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول قد جعلت عَمَلي أَثلَاثًا ثلثا لنَفْسي وَثلثا لوالدي وَثلثا لحماد
ذكر مَا رُوِيَ فِي محنة أبي حنيفَة بحسد النَّاس لَهُ

أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا القَاضِي ابو بكر مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي قَالَ كنت يَوْمًا عِنْد عبد الله بن دَاوُد الْخُرَيْبِي فَذكر رجل أَبَا حنيفَة فنال مِنْهُ فَقَالَ عبد الله
(1/63)
________________________________________
ابْن دَاوُد حَدثنَا الْأَعْمَش عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يأتيكم اهل الْيمن هم أرق قلوبا وألين أَفْئِدَة يُرِيد أَقوام ان يضعوهم ويأبى الله إِلَّا أَن يرفعهم
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْمعدل قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ سَمِعت أَبَا نصر بشر بن الْحَارِث يَقُول سَمِعت عبد الله بن دَاوُد يَقُول لايتكلم فِي أبي حنيفَة إِلَّا أحد رجلَيْنِ إِمَّا حَاسِد لعلمه وَإِمَّا جَاهِل بِالْعلمِ لَا يعرف قدر حَملته
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن مغلس قَالَ ثَنَا أَبُو نعيم قَالَ سَمِعت سُفْيَان يَقُول أَبُو حنيفَة فِي الْعلم مَحْسُود
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا ثَابت الزَّاهِد قَالَ كَانَ الثَّوْريّ إِذا سُئِلَ عَن مَسْأَلَة دقيقة يَقُول مَا كَانَ أحد يحسن ان يتَكَلَّم فِي هَذَا الْأَمر إِلَّا رجل قد حسدناه ثمَّ يسْأَل أَصْحَاب أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ مَا يَقُول صَاحبكُم فيحفظ الْجَواب ثمَّ يُفْتِي بِهِ
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم الكتاني قَالَ ثَنَا أَبُو بكر قَالَ ثَنَا أَحْمد يَعْنِي ابْن مغلس قَالَ ثَنَا عَليّ بن الْمَدِينِيّ قَالَ سَمِعت يُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي يَقُول كُنَّا نجالس البتي بِالْبَصْرَةِ فَلَمَّا قدمنَا الْكُوفَة جالسنا أَبَا حنيفَة فَأَيْنَ الْبَحْر من السواقي فَلَا يَقُول أحد يذكرهُ إِنَّه رأى مثله مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْعلم كلفة وَكَانَ محسودا
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا ثَابت بن مُحَمَّد الزَّاهِد يَقُول سَمِعت مسعرا يَقُول مَا أحسد بِالْكُوفَةِ إِلَّا رجلَيْنِ أَبَا حنيفَة لفقهه وَالْحسن بن صَالح لزهده
(1/64)
________________________________________
اُخْبُرْنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا يحيى بن عبد الحميد الْحمانِي قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول رَأَيْت الْحسن بن عمَارَة آخِذا بركاب أبي حنيفَة وَهُوَ يَقُول وَالله مَا أدركنا أحدا تكلم فِي الْفِقْه أبلغ وَلَا أَصْبِر وَلَا أحضر جَوَابا مِنْك وَإنَّك لسَيِّد من تكلم فِيهِ فِي وقتك غير مدافع وَمَا يَتَكَلَّمُونَ فِيك إِلَّا حسدا
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا أَبُو بكر مكرم بن أَحْمد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا أَحْمد يَعْنِي ابْن مغلس قَالَ سَمِعت أَبَا عبيد يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بن الْحسن يَقُول الشَّافِعِي وَقد ذكر فقه أهل الْكُوفَة فَأَنْشد مُحَمَّد بن الْحسن
(محسدون وَشر النَّاس منزلَة ... من عَاشَ فِي النَّاس يَوْمًا غير مَحْسُود)
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا نصر بن عَليّ قَالَ سَمِعت أَبَا عَاصِم النَّبِيل يَوْمًا وَقد حدث عَن أبي حنيفَة بِحَدِيث فضجوا فَقَالَ مَا لَهُم قَالُوا كَرهُوا ذكر أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ الْفَقِيه الدّين الْمَحْسُود مَا أَرَاهُم إِلَّا كَمَا قَالَ عبد الله بن قيس الرقيات
(حسدا إِن رأوك فضلك الله بِمَا فضلت بِهِ النجباء ... )
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ سَمِعت عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد وَذكر رجل عِنْده أَبَا حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَمَا لَقِي من حسد النَّاس لَهُ فَأَنْشد
(رَأَيْت رجَالًا يحسدون مُجَاهدًا ... وَذُو الْيُسْر لَا تَلقاهُ إِلَّا محسدا)
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَبُو بكر مكرم بن أَحْمد الْبَزَّاز قَالَ حَدثنِي عَليّ ابْن الْحُسَيْن بن حبَان عَن أَبِيه قَالَ كَانَ يحيى بن معِين إِذا ذكر لَهُ من يتَكَلَّم فِي أبي حنيفَة يَقُول
(حسدوا الْفَتى إِذْ لم ينالوا سَعْيه ... فالقوم أضداد لَهُ وخصوم)
(كضرائر الْحَسْنَاء قُلْنَ لوجهها ... حسدا وبغيا إِنَّه لدميم)
(1/65)
________________________________________
وجدت فِي كتاب أبي جَعْفَر الطَّحَاوِيّ الَّذِي جمع فِيهِ أَخْبَار أَصْحَابنَا الَّذِي أنبأ القَاضِي أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد الْأَكْفَانِيِّ إجَازَة أَن أَبَا بكر الدَّامغَانِي حَدثهمْ عَن أبي جعفرالطحاوي قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد الْهَمدَانِي قَالَ خَاصم رجل إِلَى ابْن شبْرمَة فِي شَيْء فَقضى عَلَيْهِ فِيهِ فَأتى المقضى عَلَيْهِ أَبَا حنيفَة فَأخْبرهُ بذلك فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة هَذَا خطأ وَكتب لَهُ فِي ذَلِك كتابا يخبر فِيهِ بِالَّذِي كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ شبْرمَة ان يحكم لَهُ بذلك فَأتى الرجل بذلك إِلَى ابْن شبْرمَة فقرأه عَلَيْهِ بِحَضْرَة ابْن أبي ليلى وَلم يعلم كل وَاحِد مِنْهُمَا من هُوَ فاستحسناه جَمِيعًا فَقَالَا لَهُ من كتب هَذَا فَقَالَ لَهما الرجل أَبُو حنيفَة فوصلا ذَلِك بالوقيعة فِيهِ فَبلغ ابا حنيفَة فَقَالَ
(إِن يحسدوني فَإِنِّي غير لائمهم ... قبلي من النَّاس أهل الْفضل قد حسدوا)
(فدام بِي وبهم مَا بِي وَمَا بهم ... وَمَات أكثرنا غيظا بِمَا يجد)
حَدثنَا الْمُخْتَار ابو نصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سهل النَّيْسَابُورِي بِبَغْدَاد قدم علينا حَاجا قَالَ ثَنَا ابو الْعَبَّاس أَحْمد بن هَارُون الْفَقِيه قَالَ سَمِعت عبد الله بن مُحَمَّد الْهَرَوِيّ وَقبيصَة بن الْفضل الطَّبَرِيّ قَالَا سمعنَا مُحَمَّد بن شُجَاع يَقُول سَمِعت المعلي ابْن مَنْصُور قَالَ كَانَ مُحَمَّد بن الْحسن إِذا أخبر ان قوما يذكرُونَ ابا حنيفَة وَأَصْحَابه تمثل بِهَذَا الْبَيْت
(محسدون وَشر النَّاس منزلَة ... من عَاشَ فِي النَّاس يَوْمًا غير مَحْسُود)
ذكر مَا رُوِيَ من أَخْبَار أبي حنيفَة مَعَ ابْن هُبَيْرَة

حَدثنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو عبد الله الوَاسِطِيّ قَالَ ثَنَا احْمَد بن أبي خَيْثَمَة قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن أبي شيخ قَالَ حَدثنِي الرّبيع بن عَاصِم قَالَ أَرْسلنِي يزِيد بن عمر بن هُبَيْرَة فَقدمت بِأبي حنيفَة عَلَيْهِ فأراده على بَيت المَال فَأبى فَضَربهُ عشْرين سَوْطًا
(1/66)
________________________________________
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ أنبأ أَبُو بكر احْمَد بن مُحَمَّد المنصوري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن كأس النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْبَلْخِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سهل ابْن أبي مَنْصُور المرزوي قَالَ حَدثنِي ابْن النَّضر قَالَ سَمِعت إِسْمَاعِيل بن سَالم يَقُول ضرب ابو حنيفَة على الدُّخُول فِي الْقَضَاء فَلم يقبل الْقَضَاء قَالَ وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل إِذا ذكر ذَلِك لَهُ بَكَى وترحم على أبي حنيفَة وَذَلِكَ بعد ان ضرب احْمَد
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا القَاضِي أَبُو بكر مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا منْجَاب بن الْحَارِث قَالَ حَدثنِي أَبُو الْأَحْوَص قَالَ ضرب ابو حنيفَة فِي السجْن على رَأسه ضربا شَدِيدا وَكَانُوا قد أمروا بذلك وَكَانَ ابْن ابي ليلى وَابْن شبْرمَة فِي الْمَسْجِد فأخبرا بذلك فأظهر ابْن ابي ليلى الشماتة فَقَالَ لَهُ ابْن شبْرمَة مَا أَدْرِي مَا تَقول هَذَا الرجل على نَفسه أشْفق مني ومنك على أَنْفُسنَا فَنحْن نطلب الدُّنْيَا وَهُوَ يضْرب على ان يَأْخُذهَا فيأبى
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا الْحسن بن الرّبيع قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول الرِّجَال فِي الِاسْم سَوَاء حَتَّى يَقع المحن فِي الْأَنَام والبلوى وَلَقَد ابتلى ابو حنيفَة بِالضَّرْبِ على رَأسه بالسياط فِي السجْن حَتَّى يدْفع عَلَيْهِ من الحكم مَا يرى مَا يتنافس عَلَيْهِ ويتصنع لَهُ فَحَمدَ الله فَصَبر على الذل وَالضَّرْب والسجن لطلب السَّلامَة فِي دينه
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا يحيى بن أَكْثَم قَالَ سَمِعت ابْن دَاوُد يَقُول أَرَادَ ابْن هُبَيْرَة ابا حنيفَة على قَضَاء الْكُوفَة فَأبى وَامْتنع فَحلف ابْن هُبَيْرَة إِن هُوَ لم يفعل ليضربنه بالسياط على رَأسه فَقيل لأبي حنيفَة فَقَالَ ضَرْبَة لي فِي الدُّنْيَا أسهل عَليّ من مَقَامِع الْحَدِيد فِي الْآخِرَة وَالله لَا فعلت وَلَو قتلني فَحكى قَوْله لِابْنِ هُبَيْرَة فَقَالَ بلغ من قدره ان يُعَارض يَمِيني بِيَمِينِهِ فَدَعَا فَقَالَ شفاها وَحلف لَهُ إِن لم يل ليضربن على رَأسه حَتَّى يَمُوت فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة هِيَ موتَة وَاحِدَة فَأمر بِهِ فَضرب عشْرين سَوْطًا على رَأسه فَقَالَ ابو حنيفَة اذكر مقامك بَين يَدي الله فانه أذلّ من مقَامي بَين يَديك وَلَا تهددني فَأَنِّي
(1/67)
________________________________________
أَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله سَائِلك عني حَيْثُ لَا يقبل مِنْك جَوَابا إِلَّا بِالْحَقِّ فَأَوْمأ إِلَى الجلاد ان أمسك وَبَات أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي السجْن فَأصْبح وَقد انتفخ وَجهه وَرَأسه من الضَّرْب فَقَالَ ابْن هُبَيْرَة إِنِّي قد رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم وَهُوَ يَقُول لي اما تخَاف الله تضرب رجلا من أمتِي بِلَا جرم وتهدده فَأرْسل إِلَيْهِ فَأخْرجهُ واستحله
ذكر مَا رُوِيَ من أَخْبَار أبي حنيفَة مَعَ الْمَنْصُور

حَدثنَا القَاضِي أَبُو نصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سهل الْفَقِيه قَالَ ثَنَا أَبُو أَحْمد مُحَمَّد بن أَحْمد الشعيبي قَالَ ثَنَا بكر بن أَحْمد بن سعد قَالَ ثَنَا دَاوُد بن صَالح مستملي مُحَمَّد ابْن سَلمَة قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن فضل قَالَ ثَنَا أَبُو مُطِيع عَن أبي حنيفَة قَالَ دخلت على أبي جَعْفَر أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ يَا ابا حنيفَة عَمَّن أخذت الْعلم قلت عَن حَمَّاد عَن ابراهيم عَن أَصْحَاب عمر بن الْخطاب وَعلي بن أبي طَالب وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم قَالَ بخ بخ استوثقت مَا شِئْت يَا أَبَا حنيفَة رَضِي الله عَنهُ الطيبين المباركين صلوَات الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ
أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا القَاضِي ابو بكر مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا ابْن أبي اويس قَالَ سَمِعت الرّبيع بن يُونُس يَقُول جمع الْمَنْصُور مَالِكًا وَابْن أبي ذِئْب وَأَبا حنيفَة فَقَالَ لَهُم كَيفَ ترَوْنَ هَذَا الْأَمر الَّذِي أَعْطَانِي الله من امْر الْأمة هَل انا لذَلِك أهل فَسكت الْقَوْم فَقَالَ لِابْنِ أبي ذِئْب مَا تَقول فِي الَّذِي قلدني الله من امْر هَذِه الْأمة أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن ملك الدُّنْيَا يؤتيه الله من يَشَاء وَملك الْآخِرَة يؤتيه الله من طلبه من الله ووفقه لَهُ وَإِن التَّوْفِيق إِذا أَطَعْت الله قرب مِنْك وَإِن عصيت بعد
(1/68)
________________________________________
وان الْخلَافَة تكون بِإِجْمَاع أهل التَّقْوَى عَلَيْهَا والعون لمن وَليهَا وانت وأعوانك كُنْتُم خَارِجين من التَّوْفِيق عالين على الْخلق فَإِن سَأَلت الله السَّلامَة وَتَقَرَّبت إِلَيْهِ بِالْأَعْمَالِ الزاكية كَانَ ذَلِك فِي نجاتك وَإِلَّا فَأَنت الْمَطْلُوب قَالَ فَكنت أَنا وَمَالك بن أنس نجمع ثيابنا نَخَاف ان يترشش علينا من دَمه ثمَّ قَالَ لأبي حنيفَة مَا تَقول قَالَ المسترشد لدينِهِ يكون بعيد الْغَضَب إِذا انت نصحت لنَفسك علمت أَنَّك لم ترد الله باجتماعنا وَإِنَّمَا أردْت ان تعلم الْعَامَّة انا نقُول فِيك مَا تهواه مَخَافَة سَيْفك وحبسك وَلَقَد وليت الْخلَافَة وَمَا اجْتمع عَلَيْك نفسان من اهل التَّقْوَى والخلافة تكون عَن إِجْمَاع الْمُؤمنِينَ ومشورتهم فَهَذَا أَبُو بكر يمسك عَن الحكم سِتَّة أشهر حَتَّى أَتَتْهُ بيعَة اهل الْيمن فَقَالَ لمَالِك مَا تَقول قَالَ لَو لم يَرك الله أَهلا لذَلِك مَا قدرلك ملك أَمر الْأمة وأزال عَنْهُم من بعد من نَبِيّهم وَقرب هَذَا الْأَمر إِلَى أهل بَيته أعانك الله على مَا ولاك وألهمك الشُّكْر على مَا خولك وأعانك على مَا استرعاك فَأَمرهمْ فانصرفوا ثمَّ قَالَ لي الْمَنْصُور خُذ مَعَك ثَلَاث بدر وَاتبع الْقَوْم فَإِن اخذها مَالك كلهَا فادفعها إِلَيْهِ وَإِن أَخذ ابْن أبي ذِئْب اَوْ ابو حنيفَة شَيْئا فجئني برأسيهما فَأتيت ابْن أبي ذِئْب فَقلت لَهُ فَقَالَ مَا أرْضى هَذَا المَال لَهُ فَكيف آخذه لنَفْسي وَقَالَ أَبُو حنيفَة مَا أَنْفَع لَهُ إِن كَانَ يُعْطي من يرحم ان يرحم نَفسه مِمَّن يظلم وَالله لَو ضرب عنقِي عَن ان امس مِنْهَا درهما مَا مَسسْته وأتيت مَالِكًا فَأَخذهَا كلهَا فَأتيت الْمَنْصُور فأعلمته فَقَالَ بِهَذِهِ ال***** حقنوا دِمَاءَهُمْ
أخبرنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا ابْن أبي اويس قَالَ سَمِعت الرّبيع بن يُونُس يَقُول سَمِعت الْمَنْصُور يَقُول للفقهاء وَفِيهِمْ أَبُو حنيفَة أَلَيْسَ الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَحِيح الْمُؤْمِنُونَ عِنْد شروطهم فَقَالُوا بلَى فَقَالَ إِن أهل الْموصل شرطُوا ان لَا يخرجُوا عَليّ وَقد خَرجُوا فقد أحل الله لي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ فَسكت أَبُو
(1/69)
________________________________________
حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَجعل الْجَواب يكون من غَيره فَقَالَ رجل مِنْهُم يدك المبسوطة عَلَيْهِم وقولك المقبول فيهم فَإِن عَفَوْت فَأهل الْعَفو أَنْت وَإِن عاقبتهم فِيمَا يسْتَحقُّونَ فَقَالَ الْمَنْصُور لأبي حنيفَة مَا تَقول أَنْت يَا شيخ فَقَالَ أَلسنا فِي خلَافَة نبوة وأمان قَالَ بلَى قَالَ إِنَّهُم شرطُوا لَك مَا لَا يملكُونَ وشرطت عَلَيْهِم مَا لَيْسَ لَك فَإِن اخذت مَا لَا يحل فَشرط الله احق ان يُوفى بِهِ فَقَالَ قومُوا فَقَامُوا فَتَفَرَّقُوا ثمَّ أحضرهم فَقَالَ لأبي حنيفَة يَا شيخ إِنِّي فَكرت فِيمَا قلت فَإِذا القَوْل كَمَا قلت انْصَرف إِلَى بلادك وَلَا تُفْتِي النَّاس بِمَا يكون فِيهِ شين على إمامك فتبسط على أَيدي الْخَوَارِج
أخبرنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى المرزباني قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن يحيى الصولي قَالَ سَمِعت أَبَا خازم القَاضِي يَقُول قَالَ أَبُو حنيفَة كُنَّا نأتي حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان فَلَا ننصرف من عِنْده إِلَّا بفائدة فجئناه يَوْمًا فَلم نفد مِنْهُ شَيْئا إِلَّا أَنه قَالَ إِذا وَردت عَلَيْك مَسْأَلَة معضلة فَاجْعَلْ جوابها مِنْهَا فَحفِظت ذَلِك وانا لَا أرى أَنه شَيْء فَلَمَّا كَانَ بعده بدهر صرت إِلَى دَار الْمَنْصُور فَخرج إِلَى الرّبيع الْحَاجِب ممتحنا فَقَالَ أَفْتِنِي فِي أَمِير الْمُؤمنِينَ يَأْمُرنِي بقتل النَّفس وَأخذ الْأَمْوَال أعلي فِي طَاعَته شَيْء فَذكرت قَول حَمَّاد فَقلت أَلَيْسَ يَأْمُرك أَمِير الْمُؤمنِينَ بِحَق قَالَ بلَى قلت فافعل إِذا امرك بذلك وَأَنت مأجور
قَالَ مُحَمَّد فَفعل شريك مثل ذَلِك فِيمَا ثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ الآخرى قَالَ ثَنَا أَبُو العيناء حَدثنَا الجاحظ قَالَ قَالَ الْمهْدي لِشَرِيك وَعِيسَى بن مُوسَى عِنْده لَو شهد عَنْك عِيسَى كنت تقبله وَأَرَادَ ان يغري بَينهمَا فَقَالَ شريك من شهد عِنْدِي سَأَلت عَنهُ وَلَا نسْأَل عَن عِيسَى إِلَّا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِن زكيته يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قبلته فقلبها عَلَيْهِ
أخبرنَا أَبُو عبد الله المرزباني قَالَ حَدثنِي عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد الخسيني قَالَ ثَنَا ابو خازم القَاضِي قَالَ تقلد الْكُوفَة رجل من قبل أبي جَعْفَر الْمَنْصُور فَأَرَادَ أَذَى أبي حنيفَة فَقَالَ وَالله لأسألنه عَن مَسْأَلَة يكون سَبَب لقَتله ثمَّ أحضرهُ على رُؤُوس النَّاس فَقَالَ إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ
(1/70)
________________________________________
يَأْمُرنِي بِضَرْب الْأَعْنَاق وَسَفك الدِّمَاء وَأخذ الْأَمْوَال وانتهاك الْمَحَارِم أفأطيعه فِي ذَلِك أم أعصيه فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة مَا يَأْمُرك بِهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ طَاعَة لله ام مَعْصِيَته قَالَ لَا بل طَاعَة لله فَقَالَ لَهُ ابو حنيفَة أطع أَمِير الْمُؤمنِينَ أكْرمه الله فِي كل مَا كَانَ طَاعَة لله وَلَا تعصه وَخرج وَأَصْحَابه على الْبَاب فَقَالَ لَهُم أَرَادَ الرجل ان يرهقنا فأرهقناه فَإِذا أتتكم معضلة فاجعلوا جوابها مِنْهَا
أخبرنَا عمر بن ابراهيم وَعبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد قَالَ خبرت عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل قَالَ بعث الْمَنْصُور إِلَى أبي حنيفَة وسُفْيَان الثَّوْريّ وَشريك فأدخلوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُم لم أدعكم إِلَّا لخير وَكتب قبل ذَلِك ثَلَاث عهود فَقَالَ لِسُفْيَان هَذَا عَهْدك على قَضَاء الْبَصْرَة فَخذه وَالْحق بهَا وَقَالَ لِشَرِيك هَذَا عَهْدك على قَضَاء الْكُوفَة فَخذه وامض وَقَالَ لأبي حنيفَة هَذَا عَهْدك على قَضَاء مدينتي وَمَا يَليهَا فَخذه ثمَّ قَالَ لحاجبه وَجه مَعَهم أَو كَمَا قَالَ فَمن أَبى فَاضْرِبْهُ مائَة سَوط فَأَما شريك فَأخذ عَهده وَمضى وَأما سُفْيَان فَقَالَ لعون كَانَ وكل بِهِ هُوَ ذَا أخرج وَدخل منزله فَوضع الْكتاب فِي طاق بَيته وهرب إِلَى الْيمن فَيُقَال أَن هِشَام بن يُوسُف وَعبد الرَّزَّاق سمعا مِنْهُ هُنَاكَ وَيُقَال إِنَّه كَانَ يُحَدِّثهُمْ قَائِما على رجله خشيَة فَحَدثهُمْ أَرْبَعَة آلَاف حَدِيث فَأَما أَبُو حنيفَة فَلم يقبل الْعَهْد فَضرب مائَة سَوط وَحبس وَمَات فِي الْحَبْس هَكَذَا حَدَّثَنِيهِ عبيد بن إِسْمَاعِيل وَقَالَ عبد الْوَهَّاب سَمِعت مُحَمَّد بن شُجَاع يَقُول سَمِعت شَيخا يكنى أَبَا معشر يحدث بِهَذَا الحَدِيث فَسَأَلت الْحسن بن أبي مَالك عَن ذَلِك فَقَالَ لي هَذَا مَشْهُور من أمره مَا زلنا نتذاكر هَذَا ونتحدث بِهِ قَالَ جِيءَ بِأبي حنيفَة إِلَى الْمَنْصُور فأنزله قَالَ فجَاء الْحسن بن عمَارَة فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا حنيفَة قد احتجت إِلَيْك وَإِلَى رَأْيك الْيَوْم قد أَمر لي بجائزة وَذكر أُلُوف دَرَاهِم فَإِن لم أقبلها خشيت ان أقتل فاحتل لي فِي صرفهَا عني قَالَ وَأمر لأبي حنيفَة بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وَكَانَ الْمُتَوَلِي لإعطاء ذَلِك الْحسن بن قَحْطَبَةَ فَلَمَّا أحس أَبُو حنيفَة بِأَنَّهُ يُرْسل بهَا إِلَيْهِ أصبح لَا يكلم احدا كَأَنَّهُ مغمى عَلَيْهِ فَأتى فِي ذَلِك الْيَوْم بِالدَّرَاهِمِ فجَاء بهَا رَسُول الْحسن بن قَحْطَبَةَ فَدخل بهَا عَلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ مَا تكلم الْيَوْم بِكَلِمَة فَقَالَ كَيفَ أصنع قَالُوا أنظر مَا ترى
(1/71)
________________________________________
فوضعها فِي مَسْجِدي فِي نَاحيَة الْبَيْت فَانْصَرف فَمَكثت تِلْكَ البدرة فِي ذَلِك الْموضع فَلَمَّا مَاتَ أَبُو حنيفَة كَانَ ابْنه حَمَّاد غَائِبا فَقدم بعد مَوته فَحمل البدرة فَأتى بهَا بَاب الْحسن ابْن قَحْطَبَةَ فَاسْتَأْذن فَأذن لَهُ فَدخل فَقَالَ إِنِّي وجدت فِي وَصِيَّة أبي إِذا دفنت فَخذ هَذِه البدرة الَّتِي فِي زَاوِيَة الْبَيْت فأت بهَا الْحسن بن قَحْطَبَةَ فَقل هَذِه وديعتك الَّتِي كَانَت عندنَا فأدخلت البدرة فَنظر إِلَيْهَا الْحسن وَقَالَ لَهُ رحم الله أَبَاك لقد شح على دينه إِذْ سخت بِهِ أنفس اقوام كَثِيرَة
أخبرنَا ابو عبيد الله المرزباني قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد الْكَاتِب قَالَ ثَنَا عَبَّاس الدوري قَالَ حدثونا عَن الْمَنْصُور انه لما بنى مدينته ونزلها وَنزل الْمهْدي فِي الْجَانِب الشَّرْقِي وَبنى مَسْجِد الرصافة أرسل إِلَى أبي حنيفَة فجيء بِهِ فَعرض عَلَيْهِ قَضَاء الرصافة فَأبى فَقَالَ لَهُ إِن لم تفعل ضربتك بالسياط قَالَ أَو تفعل قَالَ نعم فَقعدَ فِي الْقَضَاء يَوْمَيْنِ فَلم يَأْته اُحْدُ فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِث أَتَاهُ رجل صفار وَمَعَهُ آخر فَقَالَ الصفار لي على هَذَا دِرْهَمَانِ وَأَرْبَعَة دوانيق بَقِيَّة ثمن تور صفر فَقَالَ أَبُو حنيفَة اتَّقِ الله وَانْظُر فِيمَا يَقُول الصفار قَالَ لَيْسَ لَهُ عَليّ شَيْء فَقَالَ أَبُو حنيفَة للصفار مَا تَقول قَالَ استحلفه لي فَقَالَ ابو حنيفَة للرجل قل وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَجعل يَقُول فَلَمَّا رَآهُ ابو حنيفَة معزما على ان يحلف قطع عَلَيْهِ وَضرب بِيَدِهِ إِلَى كمه فَحل صرة وَأخرج دِرْهَمَيْنِ ثقيلين فَقَالَ للصفار هَذَانِ الدرهمان عوض من بَاقِي تورك فَنظر الصفار إِلَيْهِمَا وَقَالَ نعم فَأخذ الدرهمين فَلَمَّا كَانَ بعد يَوْمَيْنِ اشْتَكَى ابو حنيفَة فَمَرض سِتَّة أَيَّام ثمَّ مَاتَ
قَالَ ابو الْفضل وَهَذَا قَبره فِي مَقَابِر الخيزران إِذا دخلت من بَاب القطانين يسرة بعد قبرين اَوْ ثَلَاثَة
(1/72)
________________________________________
أَخْبَار أبي حنيفَة مَعَ سُفْيَان الثَّوْريّ

أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصراف قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد المنصوري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن الرّبيع قَالَ ثَنَا حَامِد بن آدم قَالَ ثَنَا بشار بن قِيرَاط وَكَانَ شريك أبي حنيفَة قَالَ حججْت مَعَ أبي حنيفَة وسُفْيَان فَكَانَا إِذا نزلا منزلا أَو بَلْدَة اجْتمع عَلَيْهِمَا النَّاس وَقَالُوا فَقِيها الْعرَاق فَكَانَ سُفْيَان يقدم أَبَا حنيفَة وَيَمْشي خَلفه وَإِذا سُئِلَ عَن مَسْأَلَة وأبوحنيفة حَاضر لم يجب حَتَّى يكون أَبُو حنيفَة هُوَ الَّذِي يُجيب فَسئلَ ابو حنيفَة عَن النَّبِيذ فَأَرَادَ ان يرخص فِيهِ فَوضع سُفْيَان يَده على فَم أبي حنيفَة ثمَّ قَالَ لَهُ إِن رخصتنا بِالْكُوفَةِ لَا تقبل بِالْمَدِينَةِ
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا النَّخعِيّ القَاضِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن عَفَّان قَالَ ثَنَا يحيى بن عبد الحميد عَن أَبِيه قَالَ بلغ أَبَا حنيفَة أَن سُفْيَان يتدثر بِثَوْبِهِ وينام خلف أسطوانته فيتسمع مسَائِله فَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا جَاءَ فآذنوني فَقيل لَهُ قد جَاءَ سُفْيَان فَقَالَ حَدثنِي سعيد بن مَسْرُوق أَبُو هَذَا المسجى عَن عَبَايَة بن رِفَاعَة عَن رَافع بن خديج ان بَعِيرًا من أبل الصَّدَقَة ند فَرَمَاهُ رجل بِسَهْم فَسئلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَقَالَ كلوه فَإِن لهَذِهِ الْإِبِل أوابد كأوابد الْوَحْش فَمَا ند عَلَيْكُم فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا قَالَ فَلم يرجع سُفْيَان بعد ذَلِك
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا ابْن سَمَّاعَة قَالَ سَمِعت أَبَا يُوسُف قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة يجلس فَكَانَ سُفْيَان يَأْتِي متنكرا يسمع مايقول من حَيْثُ لَا يعلم بِهِ فَانْصَرف فَإِذا رجل نَائِم ملتف بكسائه فَقَالَ أَبُو حنيفَة حَدثنِي أَبُو هَذَا النَّائِم سعيد بن مَسْرُوق وَالَّذِي يعلم مَا أَقُول لَوَدِدْت ان كل شَيْء أحْسنه فِي صَدره أَو صدر صبيان الْكتاب
(1/73)
________________________________________
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا احْمَد يَعْنِي ابْن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا الْحسن بن بشر قَالَ حَدثنِي زَائِدَة قَالَ رَأَيْت تَحت رَأس سُفْيَان كتابا ينظر فِيهِ فاستأذنته فِي النّظر فِيهِ فَدفعهُ إِلَيّ فَإِذا هُوَ كتاب الرَّهْن لأبي حنيفَة فَقلت لَهُ تنظر فِي كتبه فَقَالَ وددت انها كلهَا عِنْدِي مجتمعة أنظر فِيهَا مَا بَقِي فِي شرح الْعلم غَايَة وَلَكنَّا مَا ننصفه
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ سَمِعت سجادة قَالَ دخلت أَنا وَأَبُو مُسلم الْمُسْتَمْلِي على يزِيد بن هَارُون وَهُوَ نَازل بِبَغْدَاد على مَنْصُور بن مهْدي فصعدنا إِلَى غرفَة هُوَ فِيهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو مُسلم مَا تَقول يَا أَبَا خَالِد فِي أبي حنيفَة وَالنَّظَر فِي كتبه فَقَالَ أنظروا فِيهَا إِن كُنْتُم تُرِيدُونَ أَن تفقهوا فَإِنِّي مَا رَأَيْت أحدا من الْفُقَهَاء يكره النّظر فِي قَوْله وَلَقَد احتال الثَّوْريّ فِي كتاب الرَّهْن حَتَّى نسخه
وَحدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن بن حَمَّاد قَالَ كَانَ أَصْحَاب أبي حنيفَة الَّذين كَانُوا يلزمون الْحلقَة عشرَة وَكَانَ الْحفاظ للفقه كَمَا يحفظ الْقُرْآن أَرْبَعَة وهم زفر بن الْهُذيْل وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَأسد بن عَمْرو وعَلى بن مسْهر ويزعمون أَن سُفْيَان كَانَ يَأْخُذ الْفِقْه من عَليّ بن مسْهر من قَول أبي حنيفَة وَأَنه اسْتَعَانَ بِهِ وبمذاكرته على كِتَابه هَذَا الَّذِي سَمَّاهُ الْجَامِع
أخبرنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا ابو بكر مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا نصر بن عَليّ قَالَ سَمِعت أَبَا عَاصِم النَّبِيل سُئِلَ أَيّمَا أفقه سُفْيَان أَو أَبُو حنيفَة فَقَالَ إِنَّمَا يُقَاس الشَّيْء على شكله أَبُو حنيفَة فَقِيه تَامّ الْفِقْه وسُفْيَان رجل متفقه
أخبرنَا عمر بن إِبْرَهِيمُ قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا يحيى الْحمانِي قَالَ سَمِعت عَليّ ابْن مسْهر قَالَ كنت آتِي سُفْيَان فأزفه علم أبي حنيفَة فَبلغ ذَلِك أَبَا حنيفَة فَقَالَ وَيحك لم تحمل علمك إِلَى من لَا يحمدك عَلَيْهِ
(1/74)
________________________________________
حَدثنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مقَاتل قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك قَالَ قلت لأبي عبد الله سُفْيَان الثَّوْريّ مَا تَقول فِي الدعْوَة قبل الْحَرْب قَالَ إِن الْقَوْم الْيَوْم قد علمُوا مَا يُقَاتلُون عَلَيْهِ فَقلت إِن أَبَا حنيفَة يَقُول فِيهَا مَا قد بلغك فَنَكس رَأسه ثمَّ رَفعه فأبصر يَمِينا وَشمَالًا فَلم ير أحدا قَالَ إِن كَانَ أَبُو حنيفَة يركب فِي الْعلم أحد من سِنَان الرمْح كَانَ وَالله شَدِيد الْأَخْذ للْعلم ذابا عَن الْمَحَارِم مُتبعا لأهل بَلَده لَا يسْتَحل أَن يَأْخُذ إِلَّا بِمَا يَصح عِنْده من الْآثَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَدِيد الْمعرفَة بناسخ الحَدِيث ومنسوخه وَكَانَ يطْلب أَحَادِيث الثِّقَات وَالْآخر من فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا أدْرك عَلَيْهِ عَامَّة الْعلمَاء من أهل الْكُوفَة فِي اتِّبَاع الْحق أَخذ بِهِ وَجعله دينه قد شنع عَلَيْهِ قوم فسكتنا عَنْهُم بِمَا نَسْتَغْفِر الله تَعَالَى مِنْهُ بل قد كَانَت منا اللَّفْظَة بعد اللَّفْظَة قَالَ قلت أَرْجُو ان يغْفر الله تَعَالَى لَك ذَلِك
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْمعدل قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد الْمروزِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سَعْدَان قَالَ سَمِعت أَبَا سُلَيْمَان الْجوزجَاني يَقُول سَمِعت سلم بن سَالم يَقُول كنت قَاعِدا عِنْد مسعر وسُفْيَان مَعنا إِذْ أقبل أَبُو حنيفَة فأوسع لَهُ مسعر عَن صدر الْمجْلس فَسلم عَلَيْهِم فَقَالَ لَهُ مسعر أَلا تسلم على أبي عبد الله قَالَ وَمن أَبُو عبد الله قَالَ سُفْيَان قَالَ الْمِسْكِين قد شيخ بعدِي قَالَ سُفْيَان من لَا يشق ثِيَابه من هَذَا النبطي قَالَ أَبُو سُلَيْمَان وَكَانَ الَّذِي كَانَ بَين أبي حنيفَة وسُفْيَان من الشَّرّ بِهَذَا السَّبَب
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سَمَّاعَة القَاضِي قَالَ سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول كُنَّا عِنْد مسعر وسُفْيَان جَالس إِلَيْهِ يذاكره إِذْ أقبل أَبُو حنيفَة فأوسع لَهُ مسعر وَقمت أَنا من مجلسي لَهُ فَقَالَ لَهُ مسعر أَلا تسلم على أبي عبد الله فَأقبل على سُفْيَان فَقَالَ يرحم الله أَبَاك فَلَقَد كَانَ بَعيدا من حب الرِّئَاسَة منصفا لكل من رَآهُ مُتبعا للْعلم وَلَقَد أسْرع إِلَيْك الشيب فَقَالَ سُفْيَان من لَا يشق ثِيَابه من هَذَا النبطي وَقَامَ وَخرج
(1/75)
________________________________________
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة إِذا بلغه عَن سُفْيَان مَا يَقُول فِيهِ مبلغ مِنْهُ يَقُول هُوَ حَدِيث السن والأحداث لَهُم حِدة فَكَانَ إِذا أقبل قَالَ هُوَ حَدِيث السن قَالَ سُفْيَان بكم هُوَ النبطي أكبر سنا مني حَتَّى يصغرني وَلَا يسْتَحل أَبُو حنيفَة أَن يَقُول فِيهِ شَيْئا غير إِنَّه حدث السن
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن أبي حَيَّة قَالَ حَدثنِي عبد الْملك بن أَحْمد قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن شُجَاع يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بن عبيد الطنافسي يَقُول سَمِعت أَبَا مُعَاوِيَة يَقُول مَا زَالَ سُفْيَان عندنَا كَبِيرا حَتَّى تنَاول أَبَا حنيفَة فهجرناه ورفضناه
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا احْمَد بن عبد السَّلَام قَالَ سَمِعت الْحُسَيْن بن الْقَاسِم الكوكبي يَقُول سَمِعت السّري بن طَلْحَة يَقُول رَأَيْت أَبَا حنيفَة فِي النّوم جَالِسا فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع فَقلت لَهُ مَا يجلسك هَهُنَا قَالَ جِئْت من عِنْد رب الْعِزَّة تبَارك اسْمه أنصفني من سُفْيَان الثَّوْريّ
أَخْبَار أبي حنيفَة مَعَ الشّعبِيّ ومحارب بن دثار وَالْأَعْمَش

أخبرنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى المرزباني قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد الْكَاتِب قَالَ ثَنَا الْحسن بن مُحَمَّد بن فهم قَالَ ثَنَا عَليّ بن الْجَعْد قَالَ ثَنَا أَبُو يعلى خَال يزِيد بن هَارُون قَالَ حَدثنِي أَبُو حنيفَة قَالَ كنت عِنْد الشّعبِيّ فَأَتَاهُ رجل فَسَبهُ فَقَالَ الشّعبِيّ
(هَنِيئًا مريئا غير دَاء مخامر ... لعزة من أعراضنا مَا استحلت)
(1/76)
________________________________________
أخبرنَا ابو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان المرزباني قَالَ ثَنَا أَحْمد بن خلف قَالَ ثَنَا أَحْمد بن الْفضل الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا عبد الله بن سعيد الْكِنْدِيّ عَن يحيى بن يمَان عَن أبي حنيفَة قَالَ سَمِعت الشّعبِيّ يَقُول اشرب النَّبِيذ وَلَو كَانَ فِي سفينة مقيرة
أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن كأس النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الطَّيَالِسِيّ قَالَ ثَنَا مُوسَى بن نصر الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا جرير عَن أبي إِسْمَاعِيل الخواري عَن أبي حنيفَة قَالَ سَأَلت الشّعبِيّ عَن نَصْرَانِيّ تزوج نَصْرَانِيَّة فَأسْلمت فَقَالَ مَا قَالَ فِيهَا بَنو استها يَعْنِي الحكم وحمادا قلت لَا أَدْرِي فَقَالَ الشّعبِيّ إِن أسلمت هِيَ عرض عَلَيْهِ الاسلام قإن قبل تركت مَعَه وَإِلَّا فلهَا نصف الصَدَاق إِن أسلم هُوَ عرض عَلَيْهَا الْإِسْلَام فَإِن أسلمت وَإِلَّا فرق بَينهمَا وَلَا صدَاق لَهَا
قَالَ أخبرنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو قَالَ ثَنَا ابْن كأس قَالَ حَدثنِي الْقَاسِم بن إِسْمَاعِيل الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا أَبُو يحيى الْحمانِي عَن أبي حنيفَة عَن الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق قَالَ من نذر نذرا فِي مَعْصِيّة فَلَا كَفَّارَة فِيهِ قَالَ أَبُو حنيفَة فَقلت لِلشَّعْبِيِّ قد جعل الله تَعَالَى الظِّهَار الْكَفَّارَة وَقد جعله مَعْصِيّة لِأَنَّهُ قَالَ {وَإِنَّهُم ليقولون مُنْكرا من القَوْل وزورا} فَقَالَ أقياس أَنْت
أخبرنَا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى المرزباني قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد القَاضِي قَالَ ثَنَا ابو خازم القَاضِي قَالَ ثَنَا شُعَيْب بن أَيُّوب الصريفيني قَالَ ثَنَا الْحسن بن زِيَاد قَالَ سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول كنت عِنْد محَارب بن دثار فَتقدم إِلَيْهِ خصمان فَادّعى أَحدهمَا على الآخر ثمَّ حضر شَاهِدَانِ فشهدا فَالْتَفت الْخصم إِلَى محَارب فَقَالَ فِي أحد الشَّاهِدين وَالله إِنَّه لرجل صَالح وَإنَّهُ وَإنَّهُ فَقَالَ لَهُ محَارب اتثني عَلَيْهِ وَقد شهد عَلَيْك قَالَ إِنَّه وَالله مَا كَانَت مِنْهُ هنة قبل هَذِه فَقَالَ محَارب بن دثار حَدثنِي ابْن عمرَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الطير لترخي مناقيرها وتخفق بأجنحتها يَوْم الْقِيَامَة من هول مَا يرى وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ شَاهد الزُّور لَا تَزُول قدماه حَتَّى يتبوأ مَقْعَده من النَّار قَالَ فَرجع الشَّاهِدَانِ عَن شَهَادَتهمَا
(1/77)
________________________________________
أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب ابْن مُحَمَّد الْمروزِي قَالَ سَمِعت احْمَد بن حميد يَقُول حَدثنِي مُحَمَّد بن السقر قَالَ سَمِعت عبد الله ابْن دَاوُد قَالَ أَرَادَ الْأَعْمَش الْحَج فَقَالَ من هَهُنَا يذهب إِلَى أبي حنيفَة يكْتب لنا مَنَاسِك الْحَج
حَدثنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا قَالَ أَحْمد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا ابْن نمير قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ كَانَ الْأَعْمَش إِذا سُئِلَ عَن مَسْأَلَة قَالَ عَلَيْكُم بِتِلْكَ الْحلقَة يَعْنِي حَلقَة أبي حنيفَة
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا بشر ابْن الْوَلِيد قَالَ سَمِعت أَبَا مُعَاوِيَة قَالَ قيل للأعمش فِي علته لَوْلَا أَن أَبَا حنيفَة يَأْتِيك لأتيناك مرَّتَيْنِ فِي الْيَوْم الَّذِي يعودك فِيهِ فَلَمَّا جَاءَ أَبُو حنيفَة قَالَ لَهُ إِن النَّاس يستثقلوني بِمَا أصنع بهم فِي الحَدِيث وَقد زدتني انت عِنْدهم ثقلا قَالُوا لي كَيْت وَكَيْت فَقَالَ لَهُ لَوْلَا الْعلم الَّذِي يجريه الله تَعَالَى على لسَانك مَا رَأَيْتنِي وَلَا أحدا من أَصْحَابِي ببابك وَذَلِكَ ان فِيك خِصَالًا انا لَهَا كَارِه تتسحر عِنْد طُلُوع الْفجْر وَتقول هُوَ الْفجْر الآول وَقد صَحَّ عِنْدِي انه الثَّانِي وَترى المَاء من المَاء وتفتي بِهِ وتجامع أهلك فَإِذا لم تنزل لم تَغْتَسِل أَنْت وَلَا هِيَ وَلَوْلَا انك تتأول من الحَدِيث مَا غَابَ عَنْك مَعَانِيه مَا استحللت ان اكلمك وَلَكِنَّك تتأول شَيْئا غَيره وَالله أولى بك فَمَا تسحر الْأَعْمَش بعد ذَلِك إِلَّا بِاللَّيْلِ وَلَا قرب أَهله إِلَّا اغْتسل وأمرها بِالْغسْلِ وَقَالَ صَلَاة وَصِيَام تكون بإختلاف وَالله لَا أَفْتيت بذلك أبدا
أخبرنَا أَبُو عبيد الله المرزباني قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد الْكَاتِب قَالَ ثَنَا الْحَارِث بن أبي أُسَامَة قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن حَاتِم قَالَ حَدثنِي ضرار بن صرد
(1/78)
________________________________________
قَالَ حَدثنِي أَحْمد بن عِيسَى قَالَ مر أَبُو حنيفَة على بغلته يتبع جَنَازَة فَقَالَ الْأَعْمَش اسْمَع صَوت حافر دَابَّة فَقيل لَهُ أَبُو حنيفَة فعض على شفته وَقَالَ يَا نعْمَان نمر فِي سكتنا بِغَيْر خفير فَتَبَسَّمَ ابو حنيفَة وَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّد أَرَأَيْت أَن الْمَرْء لَا يمر فِي سكته بِغَيْر خفير فَقَالَ لَا تعد إِلَى مثلهَا
ذكر مَا رُوِيَ عَن اعلام الْمُسلمين وأئمتهم فِي فضل أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وعنهم

أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن ابراهيم الْمصْرِيّ قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن مغلس قَالَ ثَنَا يحيى بن أَكْثَم قَالَ سَمِعت جَرِيرًا قَالَ قَالَ لي الْمُغيرَة بن مقسم الضَّبِّيّ جَالس أَبَا حنيفَة فَلَو كَانَ إِبْرَاهِيم حَيا لَكَانَ مُحْتَاجا إِلَى مُجَالَسَته إِيَّاه هُوَ وَالله يحسن ان يتَكَلَّم فِي الْحَلَال وَالْحرَام
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا القَاضِي أَبُو بكر مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن سَعْدَان قَالَ سَمِعت أَبَا سُلَيْمَان الْجوزجَاني قَالَ سَمِعت حَمَّاد بن زيد قَالَ أردْت الْحَج فَأتيت أَيُّوب أودعهُ فَقَالَ بَلغنِي ان الرجل الصَّالح فَقِيه أهل الْكُوفَة أَبُو حنيفَة يحجّ فَإِن لَقيته فأقرئه مني السَّلَام قَالَ أَبُو سُلَيْمَان وَسمعت حَمَّاد بن زيد يَقُول إِنِّي لأحب أَبَا حنيفَة من أجل حبه لأيوب
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد المسكي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سَعْدَان قَالَ ثَنَا أَبُو سُلَيْمَان الْجوزجَاني قَالَ ثَنَا خَارِجَة بن مُصعب قَالَ سَمِعت عبد الله بن عون وَذكر أَبَا حنيفَة فَقَالَ ذَاك صَاحب ليل وَعبادَة قَالَ فَقَالَ بعض جُلَسَائِهِ إِنَّه يَقُول الْيَوْم قولا ثمَّ يرجع غَدا فَقَالَ ابْن عون فَهَذَا دَلِيل على الْوَرع لَا يرجع من قَول إِلَى قَول إِلَّا صَاحب دين وَلَوْلَا ذَلِك لنصر خطأه ودافع عَنهُ
(1/79)
________________________________________
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا ابْن كأس النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سَعْدَان قَالَ ثَنَا أَبُو سُلَيْمَان قَالَ ثَنَا حَمَّاد بن زيد قَالَ كُنَّا نأتي عَمْرو بن دِينَار فيحدثنا فَإِذا جَاءَ أَبُو حنيفَة اقبل عَلَيْهِ وَتَركنَا حَتَّى نسْأَل ابا حنيفَة ان يكلمهُ وَكَانَ يَقُول يَا أَبَا مُحَمَّد حَدثهمْ فيحدثنا
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَبُو الْوَلِيد قَالَ كَانَ شُعْبَة حسن الذّكر لأبي حنيفَة كثير الدُّعَاء لَهُ مَا سمعته قطّ يذكر بَين يَدَيْهِ إِلَّا دَعَا لَهُ
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا نصر بن عَليّ قَالَ كُنَّا عِنْد شُعْبَة فَقيل لَهُ مَاتَ أَبُو حنيفَة فَقَالَ بَعْدَمَا اسْترْجع لقد طفىء عَن أهل الْكُوفَة ضوء نور الْعلم أما إِنَّهُم لَا يرَوْنَ مثله أبدا
حَدثنَا عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو عبد الله الزَّعْفَرَانِي نزيل وَاسِط قَالَ ثَنَا أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة قَالَ ثَنَا يحيى بن معِين قَالَ سَمِعت أَبَا قطن يَقُول كتب لي شُعْبَة بن الْحجَّاج إِلَى أبي حنيفَة فَلَمَّا قَرَأَ الْكتاب قَالَ كَيفَ أَبُو بسطَام قلت بِخَير قَالَ نعم حَشْو الْمصر هُوَ
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْمعدل قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا عبد الصَّمد بن عبيد الله الدَّلال عَن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن قُتَيْبَة قَالَ أنبأ ابْن نمير قَالَ حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن النَّضر عَن إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد عَن أبي بكر بن عَيَّاش قَالَ مَاتَ عمر بن سعيد أَخُو سُفْيَان فأتيناه نعزيه فَإِذا الْمجْلس غاص بأَهْله وَفِيهِمْ عبد الله ابْن إِدْرِيس إِذْ أقبل أَبُو حنيفَة فِي جمَاعَة مَعَه فَلَمَّا رَآهُ سُفْيَان تحرّك عَن مَجْلِسه ثمَّ قَامَ فاعتنقه وَأَجْلسهُ فِي مَوْضِعه وَقعد بَين يَدَيْهِ قَالَ أَبُو بكر فاغتظت عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن ادريس وَيحك أَلا ترى فَجَلَسْنَا حَتَّى تفرق النَّاس وَقلت لعبد الله بن
(1/80)
________________________________________
إِدْرِيس لَا تقم حَتَّى نعلم مَا عِنْده فِي هَذَا قلت يَا أَبَا عبد الله رَأَيْتُك الْيَوْم فعلت شَيْئا أنكرته وَأنْكرهُ أَصْحَابنَا عَلَيْك قَالَ وَمَا هُوَ قلت جَاءَك أَبُو حنيفَة فَقُمْت إِلَيْهِ وأجلسته فِي مجلسك وصنعت بِهِ صنيعا بليغا وَهَذَا عِنْد أَصْحَابنَا مُنكر قَالَ فَمَا أنكرتم من ذَلِك هَذَا الرجل من الْعلم بمَكَان فَإِن لم أقِم لعلمه قُمْت لسنه وَإِن لم أقِم لسنه قُمْت لفقهه وَإِن لم أقِم لفقهه قُمْت لورعه فاحجمني فَلم يكن لَهُ عِنْدِي جَوَاب
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَبُو جَعْفَر أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن سَلامَة الطَّحَاوِيّ فِيمَا كتب بِهِ إِلَيّ قَالَ ثَنَا جبرون بن عِيسَى بن يزِيد قَالَ ثَنَا أَيُّوب الْعِرَاقِيّ أَبُو هِشَام قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن رشيد صَاحب عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن يُوسُف بن عَمْرو عَن ابْن الدَّرَاورْدِي قَالَ رَأَيْت مَالِكًا وَأَبا حنيفَة فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد الْعشَاء الْآخِرَة وهما يتذاكران ويتدارسان حَتَّى إِذا وقف أَحدهمَا على القَوْل الَّذِي قَالَ بِهِ وَعمل عَلَيْهِ أمسك أَحدهمَا عَن صَاحبه من غير تعسف وَلَا تخطئه لوَاحِد مِنْهُمَا حَتَّى يصليا الغدة فِي مجلسهما ذَلِك
أخبرنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا جَعْفَر بن سهل بن فروخ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن الرّبيع قَالَ ثَنَا كَادِح بن زحمة قَالَ سَأَلَ رجل مَالك بن أنس عَن رجل لَهُ ثَوْبَان أَحدهمَا نجس وَالْآخر طَاهِر وَحَضَرت الصَّلَاة قَالَ يتحَرَّى قَالَ كَادِح فَأخْبرت مَالِكًا بقول أبي حنيفَة إِنَّه يُصَلِّي فِي كل وَاحِد مرّة فَأمر برد الرجل وَأَفْتَاهُ بقول أبي حنيفَة
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا الْحمانِي قَالَ ثَنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ كنت عِنْد مَالك بن أنس فَدخل عَلَيْهِ رجل فرفعه ثمَّ قَالَ أَتَدْرُونَ من هَذَا حِين خرج قَالُوا لَا وعرفته أَنا فَقَالَ هَذَا أَبُو حنيفَة
(1/81)
________________________________________
الْعِرَاقِيّ لَو قَالَ هَذِه الاسطوانة من ذهب لَخَرَجت كَمَا قَالَ لقد وفْق لَهُ الْفِقْه حَتَّى مَا عَلَيْهِ فِيهِ كَبِير مُؤنَة قَالَ وَدخل عَلَيْهِ الثَّوْريّ فأجلسه دون الْموضع الَّذِي أَجْلِس فِيهِ أَبَا حنيفَة فَلَمَّا خرج قَالَ هَذَا سُفْيَان وَذكر من فقهه وورعه
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن مغلس قَالَ ثَنَا نصر بن عَليّ قَالَ سَمِعت روحا قَالَ كُنَّا عِنْد ابْن جريج فِي سنة خمسين وَمِائَة فَقيل لَهُ مَاتَ أَبُو حنيفَة فَاسْتَرْجع ثمَّ قَالَ مَاتَ مَعَه علم كثير
أخبرنَا القَاضِي عبد الله بن مُحَمَّد الْأَسدي قَالَ أنبأ أَبُو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا خازم عبد الحميد بن عبد الْعَزِيز يحدث عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن ابْن أبي عدي عَن سعيد بن أبي عرُوبَة قَالَ قدمت الْكُوفَة فَأتيت أَبَا حنيفَة فَسَأَلته عَن مَسْأَلَة فَقَالَ قَالَ عُثْمَان رَحْمَة الله عَلَيْهِ فَقلت لَهُ بل أَنْت رَحِمك الله وَالله لقد دخلت هَذِه الْقرْيَة فَمَا سَمِعت أحدا ترحم بهَا على عُثْمَان غَيْرك
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت ابْن أبي إِسْرَائِيل قَالَ سَمِعت ابْن عُيَيْنَة قَالَ أتيت سعيد بن بِأبي عرُوبَة فَقَالَ لي يَا أَبَا مُحَمَّد مَا رَأَيْت مثل هَدَايَا تَأْتِينَا من بلدك من أبي حنيفَة وددت ان الله أخرج الْعلم الَّذِي مَعَه إِلَى قُلُوب الْمُؤمنِينَ فَلَقَد فتح الله لهَذَا الرجل فِي الْفِقْه شَيْئا كَأَنَّهُ خلق لَهُ
أخبرنَا مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى المرزباني قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مخلد الْعَطَّار قَالَ ثَنَا أَبُو مُوسَى قيس الْمُؤَدب قَالَ ثَنَا سُوَيْد بن سعيد قَالَ ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ اول من أجلسني فِي الحَدِيث أَبُو حنيفَة قلت كَيفَ كَانَ قَالَ لما دخلت الْكُوفَة قَالَ لَهُم أَبُو حنيفَة هَذَا أعلمهم بِعَمْرو بن دِينَار فَاجْتمع الي الْمَشَايِخ يَسْأَلُونِي عَن حَدِيث عَمْرو بن دِينَار
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا ابْن كاسب قَالَ سَمِعت سُفْيَان بن عُيَيْنَة يَقُول من أَرَادَ الْمَغَازِي فالمدينة وَمن أَرَادَ الْمَنَاسِك فمكة وَمن أَرَادَ الْفِقْه فالكوفة وَيلْزم أَصْحَاب أبي حنيفَة
(1/82)
________________________________________
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن الْمثنى صَاحب أبي نصر بشر بن الْحَارِث قَالَ سَمِعت ابْن عُيَيْنَة قَالَ الْعلمَاء أَرْبَعَة ابْن عَبَّاس فِي زَمَانه وَالشعْبِيّ فِي زَمَانه وَأَبُو حنيفَة فِي زَمَانه وَالثَّوْري فِي زَمَانه
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا الْحمانِي قَالَ ثَنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ ذكر ابو حنيفَة بَين يَدي دَاوُد الطَّائِي فَقَالَ ذَلِك نجم يَهْتَدِي بِهِ الساري وَعلم تقبله قُلُوب الْمُؤمنِينَ فَكل علم لَيْسَ من علمه فَهُوَ بلَاء على حامله مَعَه وَالله علم بالحلال وَالْحرَام والنجاة من عَذَاب الْجَبَّار مَعَ ورع مستكن وخدمة دائمة
حَدثنَا ابو الْحسن عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الزَّعْفَرَانِي نزيل وَاسِط قَالَ ثَنَا أَبُو بكر أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة قَالَ حَدثنِي سُلَيْمَان بن أبي شيخ قَالَ حَدثنِي حجر بن عبد الْجَبَّار قَالَ قيل للقاسم بن معن أَنْت ابْن عبد الله بن مَسْعُود وترضى ان تكون من غلْمَان أبي حنيفَة فَقَالَ مَا جلس النَّاس إِلَى أحد أَنْفَع مجالسة من أبي حنيفَة
أخبرنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا عبد الصَّمد بن عبيد الله عَن الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن الْأَزْدِيّ قَالَ ثَنَا أبي قَالَ ثَنَا أَحْمد ابْن أَسد بن عَمْرو قَالَ رَأَيْت أَبَا حنيفَة جَاءَ يعزي أبي بِعَمْرو بن عَامر جدي فرأيته مد يَده إِلَيْهِ فصافحه وَحَضَرت الْجِنَازَة فقدمه أبي فصلى عَلَيْهِ
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد قَالَ سَمِعت يحيى بن أَكْثَم قَالَ كَانَ أَبُو يُوسُف إِذا سُئِلَ عَن مَسْأَلَة أجَاب فِيهَا وَقَالَ هَذَا قَول أبي حنيفَة وَمن جعله بَينه وَبَين ربه فقد اسْتَبْرَأَ لدينِهِ
(1/83)
________________________________________
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ سَمِعت ابْن سَمَّاعَة قَالَ سَمِعت أَبَا يُوسُف قَالَ سَمِعت أَبَا حنيفَة قَالَ إِن القَاضِي إِذا جَار مُتَعَمدا فقضاؤه مفسوخ عزل أَو لم يعْزل وَهُوَ مَعْزُول لفسقه
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مقَاتل قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك قَالَ إِن كَانَ الْأَثر قد عرف واحتيج إِلَى الرَّأْي فرأي مَالك وسُفْيَان وَأبي حنيفَة وَأَبُو حنيفَة أحْسنهم وأدقهم فطنة وأغوصهم على الْفِقْه وَهُوَ أفقه الثَّلَاثَة
حَدثنَا القَاضِي أَبُو نصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سهل النَّيْسَابُورِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا أَحْمد ابْن هَارُون قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمُنْذر بن سعيد الْهَرَوِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سهل بن مَنْصُور الْمروزِي قَالَ حَدثنِي أَحْمد بن إِبْرَاهِيم قَالَ سَمِعت مَنْصُور بن هَاشم يَقُول كُنَّا مَعَ عبد الله بن الْمُبَارك بالقادسية إِذْ جَاءَهُ رجل من أهل الْكُوفَة فَوَقع فِي أبي حنيفَة فَقَالَ لَهُ عبد الله وَيحك أتقع فِي رجل صلى خمْسا وَأَرْبَعين سنة خمس صلوَات على وضوء وَاحِد كَانَ يجمع الْقُرْآن فِي رَكْعَتَيْنِ فِي لَيْلَة وتعلمت الْفِقْه الَّذِي عِنْدِي من أبي حنيفَة
أخبرنَا عبد الله بن إِبْرَاهِيم الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا الْحمانِي قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول إِذا اجْتمع سُفْيَان وَأَبُو حنيفَة على شَيْء جعلتهما حجَّة فِيمَا بيني وَبَين الله فِيمَا أفتى بِهِ من دينه
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مقَاتل قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك قَالَ إِن كَانَ الْأَثر قد عرف واحتيج إِلَى الرَّأْي فرأي مَالك وسُفْيَان وَأبي حنيفَة وَأَبُو حنيفَة أحْسنهم وأدقهم فطنة وأغوصهم على الْفِقْه وَهُوَ أفقه الثَّلَاثَة
حَدثنَا أَبُو الْحُسَيْن عَليّ بن عبيد الله الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا بن أبي خَيْثَمَة قَالَ ثَنَا عَليّ بن الْجَعْد قَالَ ثَنَا خَلاد السكونِي قَالَ جِئْت يَوْمًا إِلَى زُهَيْر بن مُعَاوِيَة فَقَالَ لي من أَيْن جِئْت فَقلت من
(1/84)
________________________________________
عِنْد أبي حنيفَة فَقَالَ وَالله لمجالستك إِيَّاه يَوْمًا أَنْفَع لَك من مجالستي شهرا
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مقَاتل قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك قَالَ كنت عِنْد الْأَوْزَاعِيّ فَقَالَ لي الْأَوْزَاعِيّ يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن رجل يذكرُونَهُ بِالْكُوفَةِ ضال مضل يَدْعُو النَّاس إِلَى بِدعَة فغبت عَن الْأَوْزَاعِيّ بِثَلَاثَة أَيَّام وَثَلَاث لَيَال وأخرجت من مسَائِل أبي حنيفَة مسَائِل وكتبتها بحججها وحملت الْكتاب إِلَى الْأَوْزَاعِيّ فأريته وَقد أذن فَلَمَّا رَآنِي أَقَامَ وصلينا صَلَاة الصُّبْح فَقَالَ لي يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن مَا هَذَا الْكتاب مَعَك قلت كتاب فِيهِ مسَائِل وكتبت على كل مَسْأَلَة قَالَ النُّعْمَان كَذَا قَالَ هاته فَجعل يَقْرَؤُهُ حَتَّى انْتهى إِلَى آخِره فَقَالَ من النُّعْمَان هَذَا الَّذِي هَذِه الجوابات الحسان لَهُ قلت أَبُو حنيفَة الَّذِي نهيت عَنهُ قَالَ حرَام عَليّ أَن أَنهَاك عَمَّن تتعلم عَنهُ مثل هَذَا فالزمه واستكثر مِنْهُ فَإِن هَذَا يحسن ان يتَكَلَّم فِي الْعلم
أخبرنَا عمر بن إِبْرَهِيمُ قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا نصر عَن عَليّ قَالَ ثَنَا عبد الله بن دَاوُد قَالَ من أَرَادَ ان يخرج من ذل الْعَمى وَالْجهل ويجد لَذَّة الْفِقْه فَلْينْظر فِي كتب أبي حنيفَة
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد ابْن كأس قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مَحْمُود الصيدلاني قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ قَالَ عبد الله بن دَاوُد مَا يعيب ابا حنيفَة إِلَّا أحد رجلَيْنِ جَاهِل لَا يعرف فضل قَوْله أَو حَاسِد لم يقف على علمه فحسده
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا عَليّ بن الْحُسَيْن الدرهمي بِالْبَصْرَةِ قَالَ قَالَ لنا الْخُرَيْبِي كَانَ وَالله أَبُو حنيفَة أَنْفَع للْمُسلمين مِنْهُمَا يَعْنِي حَمَّاد بن سَلمَة وَحَمَّاد بن زيد
(1/85)
________________________________________
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا نصر بن عَليّ قَالَ قلت لأبي عَاصِم ابو حنيفَة عنْدك أفقه ام سُفْيَان قَالَ هُوَ وَالله عِنْدِي أفقه من ابْن جريج مَا رَأَتْ عَيْني رجلا أَشد اقتدارا مِنْهُ على الْفِقْه
أخبرنَا عمربن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت تَمِيم بن الْمُنْتَصر يَقُول قَالَ رجل ليزِيد بن هَارُون يَا أَبَا خَالِد رَأْي مَالك أحب إِلَيْك من رَأْي ابي حنيفَة فَقَالَ اكْتُبْ حَدِيث مَالك فَإِنَّهُ كَانَ ينتقي الرِّجَال وَالْفِقْه صناعَة ابي حنيفَة مَا رَأَيْت رجلا ناظره فِي شَيْء من الْفِقْه إِلَّا ظهر عَلَيْهِ وَالْفِقْه صناعته وصناعة أَصْحَابه والفرائض كَأَنَّهُمْ خلقُوا لَهَا
حَدثنَا الْعَبَّاس أخبرنَا الْقَاسِم بن احْمَد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مخلد قَالَ ثَنَا أَبُو سعيد الْبَلْخِي قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الرَّحْمَن المقرىء قَالَ قَالَ عبد الْعَزِيز بن أبي رواد ابو حنيفَة المحنة من أحب أَبَا حنيفَة فَهُوَ سني وَمن أبغضه فَهُوَ مُبْتَدع
اُخْبُرْنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي قَالَ ثَنَا شَبابَة بن سوار قَالَ أَخْبرنِي أبي قَالَ رَأَيْت الْحسن بن عمَارَة فِي مَقَابِر الخيزران عِنْد قبر أبي حنيفَة يبكي وَيَقُول رَحِمك الله كنت لنا خلفا مِمَّن مضى وَمَا تركت بعْدك خلفا إِن خلفوك فِي الْعلم الَّذِي عَلَّمْتهمْ لم يُمكنهُم ان يخلفوك فِي الْوَرع إِلَّا بِتَوْفِيق فَقلت من هَذَا قَالُوا قبر أبي حنيفَة
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا القَاضِي أَبُو بكر مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن بن عَليّ بن حبَان عَن أَبِيه قَالَ قيل لأبي زَكَرِيَّا يحيى بن معِين أَيّمَا أحب إِلَيْك الشَّافِعِي أم أَبُو حنيفَة ام ابو يُوسُف قَالَ أما الشَّافِعِي فَلَا أحب حَدِيثه واما ابو حنيفَة فقد حدث عَنهُ قوم صَالِحُونَ وَأما ابو يُوسُف فَلم يكن من اهل الْكَذِب كَانَ صَدُوقًا فَقيل لَهُ فَأَبُو حنيفَة كَانَ يصدق فِي الحَدِيث قَالَ نعم صَدُوق
(1/86)
________________________________________
أخبرنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن الْعَبَّاس الْبَزَّاز قَالَ حَدثنِي قَاسم المعشري وَالْحُسَيْن بن فهم وَغَيرهمَا قَالُوا سمعنَا يحيى بن معِين يَقُول الْفُقَهَاء أَرْبَعَة ابو حنيفَة وسُفْيَان وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت يحيى ابْن معِين يَقُول الْقِرَاءَة عِنْدِي قِرَاءَة حَمْزَة وَالْفِقْه فقه أبي حنيفَة على هَذَا أدْركْت النَّاس
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ سُئِلَ يحيى هَل حدث سُفْيَان عَن أبي حنيفَة قَالَ نعم كَانَ أَبُو حنيفَة ثِقَة صَدُوقًا فِي الحَدِيث وَالْفِقْه مَأْمُونا على دين الله
حَدثنَا الشريف ابو الْحسن الْعَبَّاس بن أَحْمد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد بن المنصوري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن كأس النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن ابي خَيْثَمَة قَالَ ثَنَا سَلمَة النَّحْوِيّ قَالَ قَالَ سُلَيْمَان بن دَاوُد الْهَاشِمِي قَالَ لي الشَّافِعِي قَول أبي حنيفَة أعظم من أَن يدْفع بالهوينا
حَدثنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن المنصوري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا الْحسن بن قُتَيْبَة قَالَ ثَنَا خرملة بن يحيى قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول من لم ينظر فِي كتب أبي حنيفَة لم يتبحر فِي الْفِقْه
أخبرنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا ابْن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا ابْن سَمَّاعَة قَالَ ثَنَا ابو يُوسُف قَالَ كَانَ ابو حنيفَة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام يُفْتِي النَّاس فَوقف عَلَيْهِ جَعْفَر بن مُحَمَّد فَفطن لَهُ فَقَامَ ثمَّ قَالَ يَا ابْن رَسُول الله لَو شَعرت بك اول مَا وقفت مَا رَآنِي الله أقعد وَأَنت قَائِم فَقلت لَهُ اجْلِسْ يَا أَبَا حنيفَة فأجب النَّاس فعلى هَذَا أدْركْت آبَائِي
حَدثنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عَليّ بن الْحسن المخرمي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن هَارُون بن عبد الله بن مياح قَالَ ثَنَا أبي قَالَ ابو هِشَام أَصْرَم بن حَوْشَب الْهَمدَانِي قَالَ ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن عبدويه الْيَشْكُرِي قَالَ سَمِعت أَبَا حنيفَة
(1/87)
________________________________________
يَقُول قدمت الْمَدِينَة فَأتيت أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ فَقَالَ يَا أَخا أهل الْعرَاق الا تجْلِس إِلَيْنَا فَجَلَست فَقلت أصلحك الله مَا تَقول فِي أبي بكر وَعمر فَقَالَ رحم الله أَبَا بكر وَعمر قلت إِنَّهُم يَقُولُونَ عندنَا بالعراق انك تتبرأ مِنْهُمَا فَقَالَ معَاذ الله كذبُوا وَرب الْكَعْبَة اَوْ لست تعلم ان عليا زوج ابْنَته ام كُلْثُوم ابْنة فَاطِمَة من عمر بن الْخطاب وَهل تَدْرِي من هِيَ لَا ابا لَك جدَّتهَا خَدِيجَة سيدة نسَاء أهل الْجنَّة وجدهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتم النَّبِيين وَسيد الْمُرْسلين وَرَسُول رب الْعَالمين وَأمّهَا فَاطِمَة سيدة نسَاء الْعَالمين وأخواها الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب أهل الْجنَّة وأبوها عَليّ بن أبي طَالب ذُو الشّرف والمنقبة فِي الاسلام فَلَو لم يكن لَهَا أَهلا لَا ابالك لم يُزَوّجهَا أَيَّاهُ قَالَ قلت فَلَو كتبت إِلَيْهِم كتابا فَكَذبت على نَفسك قَالَ لَا يطيعون الْكتب هَذَا أَنْت قد قلت لَك عيَانًا أَلا تجْلِس إِلَيْنَا فعصيتني فَكيف يطيعون الْكتاب
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الصَّمد بن عبيد الله عَن مُحَمَّد بن الْهَيْثَم النَّخعِيّ عَن رَبَاح بن أبي نصر قَالَ رَأَيْت ابا حنيفَة وَعمر بن ذَر التقيا واعتنقا وَقبل عمر بن ذَر بَين عَيْني ابي حنيفَة
اُخْبُرْنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الصَّمد عَن عمر بن عِيسَى ابْن عُثْمَان قَالَ ثَنَا أبي قَالَ ثَنَا إِسْمَاعِيل بن شُعَيْب السمان عَن أَبِيه قَالَ رَأَيْت ابا حنيفَة ومحارب بن دثار متزاملين إِلَى مَكَّة قد أحرما وهما مصطحبان
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا أَبُو سُلَيْمَان الْجوزجَاني قَالَ قَالَ لي مُحَمَّد بن عبد الله قَاضِي الْبَصْرَة نَحن أبْصر بِالشُّرُوطِ من أهل الْكُوفَة قلت الانصاف بالعلماء أحسن وَإِنَّمَا وضع هَذَا ابو حنيفَة فزدتم شَيْئا ونقصتم وحسنتم تِلْكَ الْأَلْفَاظ وَلَكِن هاتوا شروطكم وشروط أهل الْكُوفَة قبل أبي حنيفَة فَسكت وَقَالَ التَّسْلِيم للحق أولى
(1/88)
________________________________________
حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن الْحسن المخرمي قَالَ أَخْبرنِي أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله السَّمرقَنْدِي قَالَ ثَنَا احْمَد بن سعيد الْمروزِي قَالَ سَمِعت سعد بن معَاذ قَالَ سَمِعت إِبْرَاهِيم بن رستم يَقُول سَمِعت أَبَا عصمَة نوح بن أبي مَرْيَم يَقُول سَأَلت ابا حنيفَة من أهل الْجَمَاعَة فَقَالَ من قدم ابا بكر وَعمر وَأحب عليا وَعُثْمَان وآمن بِالْقدرِ خَيره وشره لم يكفر مُؤمنا بذنب وَلم يتَكَلَّم فِي الله بِشَيْء وَمسح على الْخُفَّيْنِ وَلم يحرم نَبِيذ الْجَرّ قَالَ سعد بن معَاذ قد جمع فِي هَذِه الأحرف السَّبْعَة مَذَاهِب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة فَلَو أَرَادَ رجل ان يزِيد فِيهَا حرفا ثامنا لم يقدر عَلَيْهِ
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الصَّمد بن عبيد الله عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن نوح قَالَ ثَنَا حَفْص بن يحيى قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أبان عَن الْحَارِث ابْن عبد الرَّحْمَن قَالَ كُنَّا نَكُون عِنْد عَطاء بَعْضنَا خلف بعض فَإِذا جَاءَ ابو حنيفَة أوسع لَهُ وَأَدْنَاهُ
ذكر مَا رُوِيَ من الشّعْر فِي مدح أبي حنيفَة ومرثيته

حَدثنَا القَاضِي الْمُخْتَار ابو نصر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سهل قَالَ حَدثنِي ابو احْمَد احْمَد ابْن مُحَمَّد بن سعد قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن احْمَد القَاضِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن حَمَّاد عَن الْحُسَيْن ابْن جُمُعَة قَالَ سَمِعت شَدَّاد بن حَكِيم يَقُول سَمِعت عبد الله بن الْمُبَارك يَقُول
(وجدت أبأ حنيفَة كل يَوْم ... يزِيد نبالة وَيزِيد خيرا)
(وينطق بِالصَّوَابِ ويصطفيه ... إِذا مَا قَالَ أهل الْجور جورا)
(يقايس من يقايسه بلب 5 فَمن ذَا تعلمُونَ لَهُ نظيرا)
(كفانا موت حَمَّاد وَكَانَت ... مصيبته لنا أمرا كَبِيرا)
(فَرد شماتة الْأَعْدَاء عَنَّا ... وَأفْشى بعده علما كثيرا)
(1/89)
________________________________________
(رَأَيْت ابا حنيفَة حِين يُؤْتى ... وَيطْلب علمه بحرا غزيرا)
(إِذا مَا المعضلات تدافعتها ... رجال الْقَوْم كَانَ بهَا بَصيرًا)
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ حَدثنَا ابو الْعَبَّاس احْمَد بن عبد الله الثَّقَفِيّ قَالَ أَنْشدني عَليّ بن الْحُسَيْن بن الْأسود الطوسي الْأسود
(الْفِقْه منا إِن أردْت تفقها ... والجود وَالْمَعْرُوف للمنتاب)
(طَاوس منا وَابْن سِيرِين الَّذِي ... جمع التقى وَالْعلم والآداب)
(وأخوهم المكحول يعرف فقهه ... وَعَطَاء منا لَيْسَ بالكذاب
(والعالم الْبَصْرِيّ منا فاعلموا ... فضل الرِّجَال بِعلم كل كتاب)
(وَإِذا ذكرت أَبَا حنيفَة فيهم ... خضعت لَهُ فِي الرَّأْي كل رِقَاب)
(عُلَمَاء قد وثق الْأَنَام بفقههم ... مَا فيهم يَوْم الْقَضَاء بمجاب)
(فِي كل مشكلة وكل قَضِيَّة ... فيهم ذَوُو التَّفْسِير والألباب)
أنشدنا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ أنشدنا مكرم بن أَحْمد لأبي الْقَاسِم غَسَّان بن مُحَمَّد بن عبد الله بن سَالم التَّيْمِيّ
(وضع الْقيَاس ابو حنيفَة كُله ... فَأتى بأوضح حجَّة وَقِيَاس)
(وَبنى على الْآثَار اس بنائِهِ ... فَأَتَت غوامضه على الآساس)
(وَالنَّاس يتبعُون فِيهَا قَوْله ... لما استنار ضياؤه للنَّاس)
أنشدنا ابو الْحسن الْعَبَّاس بن احْمَد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ أنشدنا احْمَد بن مُحَمَّد المنصوري قَالَ أنشدنا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ أنشدنا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مقراض قَالَ أنشدنا سُوَيْد بن سعيد الْمروزِي قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول
(لقد زَان الْبِلَاد وَمن عَلَيْهَا ... إِمَام الْمُسلمين ابو حنيفَة)
(بآثار وَفقه فِي حَدِيث ... كآثار الزبُور على الصَّحِيفَة)
(1/90)
________________________________________
(فَمَا فِي المشرقين لَهُ نَظِير ... وَلَا بالمغربين وَلَا بِالْكُوفَةِ)
(رَأَيْت العائبين لَهُ سفاها ... خلاف الْحق مَعَ حجج ضَعِيفَة)
حَدثنَا ابو الْحسن عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ نَا ابو عبد الله مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الزَّعْفَرَانِي نزيل وَاسِط قَالَ ثَنَا أَحْمد بن زُهَيْر قَالَ حَدثنِي سُلَيْمَان بن أبي شيخ قَالَ مساور الْوراق
(كُنَّا من الدّين قبل الْيَوْم فِي سَعَة ... حَتَّى ابتلينا بأصحاب المقاييس)
(قَامُوا من السُّوق إِذْ قلت مكاسبهم ... فاستعملوا الرَّأْي عِنْد الْفقر والبؤس أما العريب فأمسوا لَا عَطاء لَهُم ... وَفِي الموَالِي عَلَامَات المفاليس) فَلَقِيَهُ أَبُو حنيفية فَقَالَ لَهُ هجوتنا فَنحْن نرضيك فَبعث إِلَيْهِ بِدَرَاهِم فَقَالَ
(إِذا مَا أهل مصر بادهونا ... بداهية من الْفتيا لَطِيفَة)
(أتيناهم بمقياس صَحِيح ... صَلِيب من طراز أبي حنيفَة)
(إِذا سمع الْفَقِيه بِهِ وعاه ... وأثبته بِفقه فِي صحيفه)
حَدثنَا ابو الْحسن عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الزَّعْفَرَانِي قَالَ ثَنَا ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ أَخْبرنِي سُلَيْمَان بن أبي شيخ قَالَ كَانَ أَبُو سعيد الرَّازِيّ يُمَارِي أهل الْكُوفَة ويفضل أهل الْمَدِينَة فهجاه رجل من أهل الْكُوفَة ولقبه بشرشير فَقَالَ
(عِنْدِي مسَائِل لَا شرشير يحسنها ... إِن سيل عَنْهَا وَلَا أَصْحَاب شرشير وَلَيْسَ يعرف هَذَا الدّين يُعلمهُ ... إِلَّا أبي حنيفَة كوفية الدّور لاتسألن مدينيا فتكفره ... إِلَّا عَن البم والمثنى والزير)
قَالَ سُلَيْمَان قَالَ أَبُو سعيد فَكتبت إِلَى الْمَدِينَة قد هجيتم بِكَذَا وَكَذَا فأجيبوا فَأجَاب رجل مِنْهُم فَقَالَ
(لقد عجبت لغاو سَاقه قدر ... وكل أَمر إِذا مَا حم مَقْدُور)
(قَالَ الْمَدِينَة أَرض لَا يكون بهَا ... إِلَّا الْغناء وَإِلَّا البم والزير)
(لقد كذبت لعَمْرو الله إِن بهَا ... قبر النَّبِي وَخير النَّاس مقبور)
(1/91)
________________________________________
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا عَليّ بن صَالح الْبَغَوِيّ قَالَ أَنْشدني ابو عبد الله مُحَمَّد بن زيد الوَاسِطِيّ لِأَحْمَد بن الْمعدل
(إِن كنت كَاذِبَة الَّذِي حَدَّثتنِي ... فَعَلَيْك إِثْم أبي حنيفَة أَو زفر)
(المائلين إِلَى الْقيَاس تعمدا ... والراغبين عَن التَّمَسُّك بالْخبر)
(خلت الديار تفقهوا فِي حيكم ... ظهر النِّفَاق فَلَا سَبِيل إِلَى عمر)
ثمَّ أَنْشدني أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن زيد نقضهَا لنَفسِهِ
(إِذا كنت ذَا كذب على أشياخنا ... متنقصا لأبي حنيفَة أَو زفر)
(فَعَلَيْك إِثْم الشَّيْخ أَعنِي مَالِكًا ... فِي قَوْله توطا الحلائل فِي الدبر)
(هَذَا مقَال قد روى عَن سَالم ... تَكْذِيب ناقله وتزوير الْخَبَر)
(رَوَت الثِّقَات عَن النَّبِي تواترا ... لعنا لفَاعِله بقول مشتهر)
(وَأَبُو حنيفَة لَا يقايس عندنَا ... إِلَّا إِذا عدم الصَّحِيح من الْخَبَر)
(لَو كَانَ شَاهد مَالِكًا فِيهَا عمر ... رئيت بظهرالشيخ آثَار الدُّرَر)
حَدثنَا أَبُو حَفْص عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عَليّ بن صَالح الْبَغَوِيّ قَالَ سَمِعت عبد الله بن الْعَبَّاس قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله أَحْمد بن مُؤَمل قَالَ سَمِعت أَبَا سُلَيْمَان الْجوزجَاني قَالَ سَأَلت مَالك بن أنس عَن وطىء الحلائل فِي الدبر فَقَالَ لي السَّاعَة غسلت رَأْسِي مِنْهُ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى رَأسه
ذكر مَا رُوِيَ فِي وَفَاته وَالْوَقْت الَّذِي مَاتَ فِيهِ

حَدثنَا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى المرزباني قَالَ ثَنَا الْحسن بن مُحَمَّد المخرمي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أبي شيبَة قَالَ ثَنَا نصر بن عبد الرَّحْمَن الوشاء قَالَ ثَنَا الْفضل بن دُكَيْن قَالَ سَمِعت زفر بن الْهُذيْل يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة يجْهر حِين خرج إِبْرَاهِيم بِالْبَصْرَةِ جَهرا شَدِيدا فَقلت لَهُ وَالله مَا أَنْت بمنته حَتَّى نؤتى فتوضع فِي أعناقنا الحبال قَالَ أَبُو نعيم فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك كتب الْمَنْصُور إِلَى
(1/92)
________________________________________
عِيسَى بن مُوسَى وَهُوَ على الْكُوفَة يَأْمُرهُ ان يحمل أَبَا حنيفَة إِلَى بَغْدَاد قَالَ ابو نعيم فَغَدَوْت أُرِيد ابا حنيفَة فَلَقِيته رَاكِبًا يُرِيد وداع عِيسَى وَقد كَاد وَجهه يسود خوفًا فَقدم بَغْدَاد فَمَاتَ فِيهَا وَهُوَ ابْن سبعين سنة قَالَ ابو نعيم سقى شربة فَمَاتَ مِنْهَا وأخبرت أَنه لما حضر بَين يَدي الْمَنْصُور دَعَا لَهُ بسويق وَأمره بِشَربَة فَامْتنعَ فَقَالَ لتشربنه فَامْتنعَ فأكرهه حَتَّى شربه ثمَّ قَامَ مبادرا فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَر إِلَى أَيْن قَالَ إِلَى حَيْثُ بعثت بِي فَمضى بِهِ إِلَى السجْن فَمَاتَ فِي السجْن
أخبرنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب ابْن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا يَعْقُوب بن شيبَة قَالَ أَخْبرنِي عبد الله بن الْحسن عَن بشر بن الْوَلِيد قَالَ مَاتَ أَبُو حنيفَة فِي السجْن وَدفن فِي مَقَابِر الخيزران قَالَ يَعْقُوب بن شيبَة خبرت انه توفى وَهُوَ ساجد
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا عبد الله ابْن مُطِيع قَالَ سَمِعت أبي يَقُول رَأَيْت جَنَازَة رجل أَيَّام أبي جَعْفَر فِي طاقات بَاب خُرَاسَان وَخَلفهَا رجل وَمَعَهَا أَرْبَعَة أنفس يحملونها فَقلت من هَذَا الْمَيِّت فَقَالُوا رجل من أهل الْكُوفَة مَاتَ فِي السجْن قلت من يُقَال لَهُ قَالُوا ابو حنيفَة وَهَذَا الرجل نَذْهَب بِهِ وندفنه فَلَمَّا خرجنَا من بَاب خُرَاسَان كَأَنَّهُ نُودي فِي الْخلق فَاجْتمعُوا فعبرنا بِهِ إِلَى ذَلِك الْجَانِب فَصليت عَلَيْهِ عِنْد بَاب الجسر فَتقدم رجل فصلى عَلَيْهِ فَقلت من هَذَا قَالُوا رجل من بني تيم الله وَأَبُو حنيفَة مولى لَهُم وَدفن فِي مَقَابِر الخيزران فَلم نقدر على دَفنه إِلَى مَا بعد الْعَصْر من كَثْرَة الزحام قَالَ قلت كَيفَ اخْتَار هَذَا الْجَانِب والدفن فِيهِ قَالَ لِأَن ذَلِك الْجَانِب غصب وَهَذِه الأَرْض كَانَت عِنْده أطيب فَأمر بذلك وَجَاء الْمَنْصُور فصلى على قَبره وَمكث النَّاس يصلونَ على قَبره أَكثر من عشْرين يَوْمًا
(1/93)
________________________________________
حَدثنَا ابو الْحسن عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا ابو عبد الله مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الزَّعْفَرَانِي قَالَ ثَنَا ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ حَدثنِي سُلَيْمَان بن أبي شيخ قَالَ الْحسن بن عمَارَة صلى على أبي حنيفَة وَهُوَ قَاض بِبَغْدَاد سنة خمسين وَمِائَة
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب ابْن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا ابو عبد الله الْمروزِي قَالَ ثَنَا دَاوُد بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا عبد الحكم ابْن ميسرَة قَالَ كُنَّا عِنْد مقَاتل بن سُلَيْمَان فَقَامَ رجل وَعند مقَاتل زهاء خَمْسَة آلَاف رجل فَجعل يَدُور بِرَأْسِهِ يَمِينا وَشمَالًا فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِن كنت عنْدكُمْ عدلا فعدلوني عِنْد مقَاتل فَقَالَ النَّاس يَا أَبَا الْحسن عدل مرضى جَائِز الشَّهَادَة مَقْبُول القَوْل صَدُوق اللهجة فَقَالَ الرجل أقبل عَليّ يَا أَبَا الْحسن فَأقبل عَلَيْهِ فَقَالَ الرجل رَأَيْت البارحة فِيمَا يرى النَّائِم شخصا على مَنَارَة الْمسيب يُنَادي يَا أَيهَا النَّاس يَمُوت اللَّيْلَة رجل من الْفُقَهَاء من أهل الْجنَّة فأصبحنا وَمَا مَاتَ أحد من الْفُقَهَاء إِلَّا أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فانتحب النَّاس فَقَالَ مقَاتل إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون هلك من كَانَ يفرج عَن أمة مُحَمَّد
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ حَدثنِي خلف بن سَالم قَالَ سَمِعت صَدَقَة المقابري وَكَانَ صَدَقَة مجاب الدعْوَة يَقُول لما دفن ابو حنيفَة فِي مَقَابِر الخيزران سَمِعت صَوتا فِي اللَّيْل ثَلَاث لَيَال
(ذهب الْفِقْه فَلَا فقه لكم ... فَاتَّقُوا الله وَكُونُوا خلفا مَاتَ نعْمَان فَمن هَذَا الَّذِي ... يحيى اللَّيْل إِذا مَا سجفا)
حَدثنَا أَبُو عبيد الله المرزباني قَالَ ثَنَا أَحْمد بن كَامِل وَعبد الْبَاقِي بن قَانِع قَالَا توفى ابو حنيفَة بِبَغْدَاد فِي رَجَب أَو شعْبَان سنة خمسين وَمِائَة وَبلغ سبعين سنة
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عمر بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا عَليّ بن مَيْمُون قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول إِنِّي لأتبرك بِأبي حنيفَة وأجيء الى
(1/94)
________________________________________
قَبره فِي كل يَوْم يَعْنِي زَائِرًا فَإِذا عرضت لي حَاجَة صليت رَكْعَتَيْنِ وَجئْت إِلَى قَبره وَسَأَلت الله الْحَاجة فَمَا تبعد عني حَتَّى تقضى
رَضِي الله عَنهُ وَعَن جَمِيع ائمة الدّين آمين
(1/95)
________________________________________
أَخْبَار أبي يُوسُف يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم القَاضِي صَاحب أبي حنيفَة وَذكر نسبه رَضِي الله عَنهُ

أخبرنَا ابو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى المرزباني قَالَ ثَنَا ابو بكر احْمَد ابْن كَامِل قَالَ ثَنَا احْمَد بن الْقَاسِم البرتي قَالَ ثَنَا بشر بن الْوَلِيد قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف يَعْقُوب بن ابراهيم بن سعد بن حبتة القَاضِي قَالَ ابْن كَامِل هُوَ قَاضِي مُوسَى الْهَادِي وَهَارُون الرشيد بِبَغْدَاد قَالَ وَلم يخْتَلف يحيى بن معِين وَاحْمَدْ بن حَنْبَل وَعلي بن الْمَدِينِيّ فِي ثقته فِي النَّقْل قَالَ وَهُوَ اول من خُوطِبَ ب قَاضِي الْقُضَاة وَكَانَ اسْتخْلف يُوسُف ابْنه على الْجَانِب الغربي فأقره الرشيد على عمله وَولى قَضَاء الْقُضَاة بعد موت ابي يُوسُف ابو البخْترِي وهب بن وهب الْقرشِي
حَدثنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المنصوري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا ابراهيم بن إِسْحَاق قَالَ ثَنَا يُوسُف بن أبي يُوسُف قَالَ ثَنَا ابي ابو يُوسُف يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن حبيب بن سعد بن حبتة البَجلِيّ وعدادهم فِي الْأَنْصَار ثمَّ فِي الْأَوْس قَالَ ابو يُوسُف أُتِي بجدي سعد إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق فَاسْتَغْفر لَهُ وَمسح بِرَأْسِهِ فَتلك المسحة فِينَا الى السَّاعَة قَالَ وَكَانَ ابو يُوسُف إِذا نظرت إِلَيْهِ فَكَأَنَّهُ ادهن من تِلْكَ المسحة
حَدثنَا عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا ابو عبد الله الزَّعْفَرَانِي نزيل وَاسِط قَالَ ثَنَا ابْن ابي خَيْثَمَة قَالَ أنبأ سُلَيْمَان بن أبي شيخ قَالَ ابو يُوسُف من ولد خُنَيْس بن
(1/97)
________________________________________
سعد أخي النُّعْمَان بن سعد الَّذِي يرْوى عَنهُ عبد الرَّحْمَن بن اسحاق
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ قَالَ مُحَمَّد بن خلف ابْن حبَان بن صَدَقَة المقرىء ابو يُوسُف يَعْقُوب بن ابراهيم بن حبيب بن سعد بن بجير بن مُعَاوِيَة وَأم سعد حبته بنت مَالك من بني عَمْرو بن عَوْف وَسعد بن حتبة من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِيمَن عرض عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد مَعَ رَافع ابْن خديج وَابْن عمر
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب ابْن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا يَعْقُوب بن شيبَة قَالَ ابو يُوسُف القَاضِي يَعْقُوب بن ابراهيم بن حبيب بن سعد بن حبتة البَجلِيّ وَكَانَ سعد بن حبتة استصغر يَوْم اُحْدُ وَنزل الْكُوفَة وَمَات بهَا وَصلى عَلَيْهِ زيد بن ارقم وَكبر عَلَيْهِ خمْسا والنعمان بن سعد الَّذِي روى عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ هُوَ ثِقَة عِنْد جَمِيع أَصْحَابنَا وَهُوَ من الْأَنْصَار هُوَ ابْن سعد بن بجير وَإِنَّمَا صَار عداده فِي الْأَنْصَار لِأَن بجيرا ابا سعد كَانَ جاهليا مَاتَ على الْكفْر وَكَانَ حَالف خَوات بن جُبَير من بني عَمْرو بن عَوْف وزوجه خَوات امْرَأَة مِنْهُم يُقَال لَهَا حبتة فَولدت لَهُ سَعْدا وَهُوَ اول اب لأبي يُوسُف فِي الاسلام ولسعد نصْرَة وَقد اصابته من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْوَة قَالُوا ابو يُوسُف من ولد سعد بن حبتة بن خُنَيْس بن سعد وَهُوَ صَاحب شهارسوج خُنَيْس بِالْكُوفَةِ
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْأَسدي قَالَ أنبأ ابو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ سَمِعت ابا جَعْفَر الطَّحَاوِيّ يَقُول مولد ابي يُوسُف سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَة
(1/98)
________________________________________
ذكر مَا روى فِي ابْتِدَاء طلبه للْعلم وَذكر فضائله ومناقبه وَمَا قَالَه الْأَئِمَّة فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ

اُخْبُرْنَا عمر بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الصَّمد بن عبيد الله عَن عَليّ بن حَرْمَلَة التَّيْمِيّ عَن ابي يُوسُف قَالَ كنت اطلب الحَدِيث وَالْفِقْه وانا مقل رث الْحَال فجَاء ابي يَوْمًا وانا عِنْد ابي حنيفَة فَانْصَرَفت مَعَه فَقَالَ يَا بني لَا تَمُدَّن رجلك مَعَ ابي حنيفَة فان ابا حنيفَة خبزه مشوي وانت تحْتَاج الى المعاش فقصرت عَن كثير من الطّلب وآثرت طَاعَة أبي فتفقدني ابو حنيفَة وَسَأَلَ عني فَجعلت اتعاهد مَجْلِسه فَلَمَّا كَانَ أول يَوْم اتيته بعد تأخري عَنهُ قَالَ لي مَا شغلك عَنَّا قلت الشّغل بالمعاش وَطَاعَة وَالِدي وَجَلَست فَلَمَّا اردت الإنصراف أَوْمَأ إِلَيّ فَجَلَست فَلَمَّا انْصَرف النَّاس دفع لي صرة وَقَالَ استمتع بِهَذِهِ فَنَظَرت فَإِذا فِيهَا مائَة دِرْهَم فَقَالَ لي الزم الْحلقَة وَإِذا نفدت هَذِه فَأَعْلمنِي فلزمت الْحلقَة فَلَمَّا مَضَت مُدَّة يسيرَة دفع الي مائَة اخرى ثمَّ كَانَ يتعاهدني وَمَا أعلمته بخلة قطّ وَلَا اخبرته بنفاد شَيْء وَكَانَ كَأَنَّهُ يخبر بنفادها حَتَّى اسْتَغْنَيْت وتمولت
حَدثنَا الْعَبَّاس بن احْمَد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا احْمَد بن عمار بن ابي مَالك عَن ابيه قَالَ مَا كَانَ فيهم مثل ابي يُوسُف لَوْلَا ابو يُوسُف مَا ذكر ابو حنيفَة وَلَا ابْن ابي ليلى وَلكنه نشر علمهما وَبث قَوْلهمَا
اُخْبُرْنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا ابو خازم عبد الحميد بن عبد الْعَزِيز عَن بكر الْعمي عَن هِلَال ابْن يحيى قَالَ كَانَ ابو يُوسُف يحفظ التَّفْسِير والمغازي وايام الْعَرَب وَكَانَ اقل علومه الْفِقْه
اُخْبُرْنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن سَمَّاعَة يَقُول كَانَ ابو يُوسُف يُصَلِّي بعد مَا ولى الْقَضَاء فِي كل يَوْم
(1/99)
________________________________________
مِائَتي رَكْعَة وَكَانَ ابْن سَمَّاعَة يُصليهَا فِي كل يَوْم وَكَانَ بشر يُصَلِّي كل يَوْم مِائَتي رَكْعَة وَكَانَ يُصليهَا بَعْدَمَا فلج
حَدثنَا الْعَبَّاس بن احْمَد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد المنصوري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد ين حَازِم قَالَ ثَنَا عبيد بن مُحَمَّد قَالَ سَمِعت عمر بن حَمَّاد بن أبي حنيفَة قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف قَالَ مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا مجْلِس اجلسه احب الي من ابي حنيفَة وَابْن ابي ليلى فَانِي مَا رَأَيْت فَقِيها افقه من ابي حنيفَة وَلَا قَاضِيا خيرا من ابْن ابي ليلى
حَدثنَا الْعَبَّاس بن احْمَد بن مُحَمَّد المنصوري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا ابراهيم بن اسحاق الزُّهْرِيّ قَالَ ثَنَا بشر بن الْوَلِيد الْكِنْدِيّ قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف يَقُول صَحِبت ابا حنيفَة سبع عشرَة سنة لَا افارقه فِي فطر وَلَا اضحى إِلَّا من مرض
اُخْبُرْنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا ابو الْقَاسِم ابْن كأس قَالَ ثَنَا عَليّ بن عُبَيْدَة قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ ثَنَا الْحسن بن ابي مَالك قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف يَقُول مَا صليت صَلَاة قطّ وَلَا غَيرهَا الا دَعَوْت الله لابي حنيفَة واستغفرت لَهُ قَالَ وَكَانَ عَليّ بن صَالح اذا حدث عَن ابي يُوسُف يَقُول حَدثنِي فَقِيه الْفُقَهَاء وقاضي الْقُضَاة وَسيد الْعلمَاء ابو يُوسُف قَالَ ابراهيم بن اسحاق وَقَالَ بشر بن الْوَلِيد لمستمليه يَوْمًا وَقد قَالَ خبركم يَعْقُوب فَقَالَ الا تعظمه الا تفخمه فَإِنِّي مَا رَأَيْت مثله
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد قَالَ انبأ عَليّ بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور الْأَسدي قَالَ ثَنَا نمر بن جِدَار قَالَ ثَنَا الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي قَالَ حجَجنَا مَعَ ابي يُوسُف فاعتل فِي طَرِيق فنزلنا بِئْر مَيْمُون فَأَتَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة يعودهُ فَقَالَ لنا خُذُوا حَدِيث ابي مُحَمَّد فروى لنا اربعين حَدِيثا
(1/100)
________________________________________
فَلَمَّا قَامَ سُفْيَان قَالَ لنا ابو يُوسُف خُذُوا مَا روى لكم فَرد علينا الْأَرْبَعين حَدِيثا حفظا على سنه وَضَعفه وعلته وشغله بِسَفَرِهِ
اُخْبُرْنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا بشر بن الْوَلِيد قَالَ كَانَ ابو يُوسُف يكْتب كتابا وَرجل يطلع فِيهِ فَقَالَ لَهُ ابو يُوسُف حِين فرغ هَل فِيهِ خطأ شَيْء قَالَ لَا وَلَا حرف قَالَ كفيتنا مُؤنَة النّظر فِيهِ ثمَّ انشأ يَقُول
(كَأَنَّهُ من سوء تأديبه ... اسْلَمْ فِي كتاب سوء الْأَدَب)
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ ثَنَا ابو عبيد قَالَ سَمِعت ابراهيم بن الْجراح يَقُول دخلت على ابي يُوسُف وَهُوَ شَدِيد الْعلَّة فَقَالَ يَا ابراهيم مَا تَقول فِي مَسْأَلَة قلت فِي مثل هَذِه الْحَال قَالَ وَلَا بَأْس بذلك ندرس فينجو بِهِ نَاجٍ ثمَّ قَالَ ايما افضل فِي رمي الْجمار ان ترميها رَاكِبًا رَاكِبًا اَوْ مَا شيا قلت رَاكِبًا قَالَ اخطأت قلت مَاشِيا قَالَ أَخْطَأت قلت لَهُ قل فِيهَا رَضِي الله عَنْك فَقَالَ ان كَانَت مِمَّا لَا تقف عِنْده فَالْأَفْضَل ان ترميها رَاكِبًا لِأَنَّهُ أسْرع لتنحيك وَإِن كَانَت اتّفقت عِنْده فَالْأَفْضَل أَن ترميها مَاشِيا لِأَنَّهُ اشد لتمكنك واغزر لدعائك
اُخْبُرْنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْمعدل قَالَ حَدثنَا ابو بكر مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ حَدثنِي الْحسن بن ابي مَالك وعباس بن الْوَلِيد قَالَا كُنَّا نَخْتَلِف الى ابي مُعَاوِيَة فِي حَدِيث الْفِقْه من حَدِيث الْحجَّاج بن ارطأة فَقَالَ لنا ابو مُعَاوِيَة الْيَسْ ابو يُوسُف القَاضِي عنْدكُمْ قُلْنَا بلَى فَقَالَ اتتركون ابا يُوسُف وتكتبون عني كُنَّا نَخْتَلِف الى الْحجَّاج فَكَانَ ابو يُوسُف يحفظ وَالْحجاج يملي علينا فَإِذا خرجنَا كتبنَا من حفظ ابي يُوسُف
(1/101)
________________________________________
حَدثنَا ابو الْحسن الْعَبَّاس بن احْمَد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا ابراهيم بن اسماعيل الطلحي عَن ابيه عَن عمر بن حَمَّاد عَن ابيه قَالَ أَرَأَيْت ابا حنيفَة يَوْمًا وَعَن يَمِينه ابو يُوسُف وَعَن يسَاره زفر وهما يتجادلان فِي مَسْأَلَة فَلَا يَقُول ابو يُوسُف قولا إِلَّا أفْسدهُ زفر وَلَا يَقُول زفر الا أفْسدهُ ابو يُوسُف الى وَقت الظّهْر فَلَمَّا اذن الْمُؤَذّن رفع ابو حنيفَة يَده فَضرب بهَا على فَخذ زفر فَقَالَ لَا تطمع فِي رئاسة ببلدة فِيهَا ابو يُوسُف قَالَ وَقضى لأبي يُوسُف على زفر
اُخْبُرْنَا القَاضِي ابو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا ابو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا ابو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت ابْن ابي عمرَان يَقُول املى علينا عَليّ بن الْجَعْد فَقَالَ أنبأ ابو يُوسُف وَكَانَ مَجْلِسه حفلا من النَّاس فَقَالَ لَهُ رجل يَا ابا الْحسن اتذكر ابا يُوسُف قَالَ فَكَأَنَّهُ وَقع فِي قلب عَليّ بن الْجَعْد انه اراد بذلك مَا لَا يَنْبَغِي ان يُرِيد مثله بِأبي يُوسُف فَقَالَ لَهُ عَليّ اذا اردت ان تذكر ابا يُوسُف فاغسل فمك بأشنان وَمَاء حَار ثمَّ قَالَ وَالله مَا رَأَيْت مثله قَالَ ابْن ابي عمرَان وَقد رأى الثَّوْريّ وَالْحسن بن صَالح ومالكا وَابْن ابي ذِئْب وَاللَّيْث بن سعد وَشعْبَة بن الْحجَّاج
اُخْبُرْنَا القَاضِي ابو مُحَمَّد قَالَ ثَنَا ابو بكر الدَّامغَانِي قَالَ ثَنَا ابو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ ثَنَا ابْن ابي عمرَان قَالَ ثَنَا بشر بن الْوَلِيد قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف يَقُول سَأَلَني الْأَعْمَش عَن مَسْأَلَة فأجبته فِيهَا فَقَالَ لي من أَيْن قلت هَذَا فَقلت لحديثك الَّذِي حدثتناه انت ثمَّ ذكرت لَهُ الحَدِيث فَقَالَ لي يَا يَعْقُوب اني لأحفظ هَذَا الحَدِيث قبل ان يجْتَمع ابواك فَمَا عرفت تَأْوِيله حَتَّى الْآن
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا ابو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ أنبأ ابو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت ابْن عمرَان يَقُول دخل ابو يُوسُف على الْحجَّاج بن ارطأة وَهُوَ قَاضِي الْكُوفَة فَسَأَلَهُ عَن جَنِين الْأمة فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج فِيهِ نصف عشر قيمَة أمه فَقَالَ لَهُ ابو يُوسُف من ايْنَ قلت ذَلِك فَقَالَ قِيَاسا على جَنِين الْحرَّة فَقَالَ لَهُ
(1/102)
________________________________________
ابو يُوسُف الْيَسْ جَنِين الْحرَّة اذا وَقع من الضَّرْبَة مَيتا فَفِيهِ غرَّة وان وَقع مِنْهَا حَيا ثمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَة فَقَالَ الْحجَّاج نعم قَالَ ابو يُوسُف فَأَنت قلبت الْأَمر فَجعلت فِي جَنِين الْأمة اذا كَانَ مَيتا اكثر مِمَّا يجب فِيهِ اذا كَانَ حَيا وَمَات بعد ذَلِك لِأَنَّهُ قد يكون قِيمَته حَيا دِرْهَمَيْنِ وَقِيمَة امهِ مائَة دِرْهَم فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج اذا كَانَ مثل هَذَا فَلَا تلقه الي بِحَضْرَة النَّاس يَا بني
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن ابراهيم قَالَ ثَنَا ابو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا الطَّحَاوِيّ قَالَ ثَنَا ابو بكره بن قُتَيْبَة قَالَ سَمِعت هلالا يَقُول لما قدم علينا ابو يُوسُف اجْتمع على بَابه اصحاب الحَدِيث واصحاب الرَّأْي جَمِيعًا وتولاه كل فريق وَزعم انه اولى بِهِ وبالدخول عَلَيْهِ من الْفَرِيق الآخر فَأَشْرَف على النَّاس فَقَالَ لَهُم انا وَالله من الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا وَلست اقدم فرقة على الْأُخْرَى الا بِمَعْنى يتَبَيَّن بِهِ تقدمها وَهَا انا ذَا اسْأَل عَن مَسْأَلَة فَأَي الْفَرِيقَيْنِ اصابها دخل فَأخْرج خَاتمًا كَانَ فِي يَده فَقَالَ رجل اخذ خَاتمِي فمضغه حَتَّى هشمه فَقَامَ اصحاب الحَدِيث من كل نَاحيَة فَاخْتَلَفُوا فَمنهمْ من قَالَ عَلَيْهِ ان يُعِيدهُ مصوغا كَمَا كَانَ وَمِنْهُم قَالَ عَلَيْهِ مَا نَقصه فَلَمَّا رَأَيْت انا ذَلِك قُمْت من بَين اصحابي فَقلت اصلحك الله هُوَ لهَذَا الهاشم وَعَلِيهِ لصَاحبه قِيمَته مصوغا من الذَّهَب الا ان يَشَاء صَاحبه ان يمسِكهُ وَلَا يكون على هاشمه شَيْء فصوبني ابو يُوسُف وادناني وادخلني وادخل اصحابي فَقَالَ مَا اسْمك قلت هِلَال قَالَ ستصير قمرا واملى علينا مَسْأَلَة من الْمكَاتب قد تقدم من قَوْله فِي كتاب الصّرْف خلاف ذَلِك فَلَمَّا فرغ مِنْهَا قُمْت اليه فَقلت لَهُ اصلحك الله هَذَا خلاف قَوْلكُم فِي كتاب الصّرْف افنمحوا ذَلِك وَنثْبت هَذَا ام نمحو هَذَا وَنثْبت ذَلِك فَقَالَ دعوهما فَسَيَأْتِي من يُمَيّز بَينهمَا قَالَ هِلَال وشاهدي على ذَلِك كُله قُتَيْبَة البكراوي يَعْنِي ابا بكرَة وَكَانَ حَاضرا ذَلِك كُله
(1/103)
________________________________________
قَالَ حَدثنِي أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ قَالَ دخلت مَعَ أَصْحَاب الرَّأْي يَوْمئِذٍ فَكَانَ اول من حدث عَنهُ ابو يُوسُف يَوْمئِذٍ الْحسن بن صَالح بن حَيّ فَكَأَن شَيْئا خطر بِبَالِهِ فَالْتَفت الى النَّاس فَقَالَ وَالله مَا خوفي على رجل فِي كل شَيْء كخوفي عَلَيْهِ فِي كَلَامه فِي الْحسن بن صَالح فَكَأَنَّهُ عرض بشعبة فَقُمْت قَائِما ثمَّ قلت لَا يراني الله فِي مجْلِس يعرض فِيهِ بِأبي بسطَام فَخرجت فَلَمَّا صرت فِي الطَّرِيق رجعت الى نَفسِي فَقلت هَذَا هُوَ الْوَزير وقاضي الْقُضَاة وَمَا يُبَالِي هَذَا بِي قُمْت عَنهُ ام قعدت اليه ثمَّ رجعت فَدخلت فَلَمَّا فرغ ابو يُوسُف من الاملاء كَأَنَّهُ لم يكن لَهُ هم غَيْرِي وَكَانَ قد عرفني قبل ذَلِك لِأَنِّي كنت عِنْده بِبَغْدَاد فَقَالَ لي يَا هِشَام اني وَالله مَا اردت بِأبي بسطَام الا خيرا وَلَكِنِّي مَا رَأَيْت مثل الْحسن بن صَالح
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الاسدي قَالَ ثَنَا ابو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا ابو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ حَدثنِي ابْن ابي عمرَان قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ سَمِعت الْحسن بن ابي مَالك يَقُول كَانَ ابو يُوسُف يضْرب بِأَصْحَابِهِ الْأَمْثَال فَيَقُول فِي مُحَمَّد بن الْحسن اي سيف هُوَ لَوْلَا ان فِيهِ صدأ وانه يحْتَاج الى جلاء وَيَقُول فِي الْحسن اللؤْلُؤِي هُوَ عِنْدِي كالصيدلاني اذا طلب رجل مَا يمسك بَطْنه أعطَاهُ مَا يسهله فَإِذا طلب مَا يسهل بَطْنه اعطاه مَا يمسِكهُ وَكَانَ يَقُول المريسي هُوَ عِنْدِي كابرة الرفاء طرفها دَقِيق ومدخلها ضيق وَهِي سريعة الانكسار وَكَانَ يَقُول لابراهيم بن الْجراح هُوَ عِنْدِي كَرجل عِنْده دَرَاهِم مكحلة فَكلما مَسهَا نقصت فَذكرت ذَلِك لأبي خازم فَقَالَ حَدثنِي الْحسن بن مُوسَى قَاضِي همذان عَن بشر بن الْوَلِيد قَالَ سَمِعت ابا يُوسُف يَقُول هَذَا كُله وَزَاد وَكَانَ يَقُول لِلْحسنِ ابْن ابي مَالك هُوَ عِنْدِي كجمل حمل مَتَاعا ثقيلا فِي يَوْم مطير فتذهب يَده مرّة هَكَذَا وَمرَّة هَكَذَا ثمَّ يسلم
(1/104)
________________________________________
اخبار ابي يُوسُف مَعَ الْخُلَفَاء

حَدثنَا ابو عبيد الله المرزباني قَالَ ثَنَا احْمَد بن كَامِل قَالَ ثَنَا ابو العيناء قَالَ ثَنَا اسحاق بن ابراهيم الْموصِلِي قَالَ قَالَ الرشيد يَوْمًا لأبي يُوسُف القَاضِي عِنْد عِيسَى ابْن جَعْفَر جَارِيَة هِيَ احب النَّاس الي وَقد عرف ذَلِك فَحلف ان لَا يَبِيع وَلَا يهب وَلَا يعْتق وَهُوَ الْآن يطْلب حل يَمِينه فَهَل عنْدك فِي ذَلِك حِيلَة قَالَ نعم يهب لأمير الْمُؤمنِينَ نصف رقبَتهَا ويبيعه النّصْف فَلَا حنث عَلَيْهِ فِي ذَلِك
اُخْبُرْنَا ابو عبيد الله المرزباني قَالَ ثَنَا احْمَد بن خلف قَالَ ثَنَا مُوسَى بن اسحاق الْأنْصَارِيّ قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو من ولد قرظة بن كَعْب قَالَ رفع الى ابي يُوسُف رجل مُسلم قتل ذَمِيمًا عمدا وَقَامَت الْبَيِّنَة عَلَيْهِ فَأمر بحبسه ليقاد مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْم مجْلِس الْقَضَاء رفعت اليه رقاع الْخُصُوم فَإِذا فِيهَا رقْعَة مَكْتُوب فِيهَا
(يَا قَاتل الْمُسلم بالكافر ... جرت وَمَا الْعَادِل كالجائر)
(يَا من بِبَغْدَاد وأقطارها ... من فُقَهَاء النَّاس اَوْ شَاعِر)
(جَار على الدّين ابو يُوسُف ... بقتْله الْمُسلم بالكافر)
(فاسترجعوا وابكوا جَمِيعًا مَعًا ... واصطبروا فالأجر للصابر)
قَالَ فَأخذ ابو يُوسُف الرقعة وَدخل بهَا على الرشيد فَأعلمهُ فَقَالَ لَهُ فَاذْهَبْ فاحتل فَجَلَسَ ابو يُوسُف وَحضر ولي الدَّم وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ فَقَامَتْ الْبَيِّنَة فَقَالَ ابو يُوسُف لولى الدَّم أقِم عِنْدِي الْبَيِّنَة ان صَاحبك كَانَ يُؤَدِّي الْجِزْيَة فَلم يقم لَهُ الْبَيِّنَة فَمنع النُّقُود
أخبرنَا ابو حَفْص عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب ابْن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ حَدثنِي بكير الْقصير قَالَ ثَنَا ابو زيد حَمَّاد بن دَلِيل قَالَ قَالَ ابو يُوسُف قعد أَمِير الْمُؤمنِينَ للمظالم فَكنت السفير بَينه وَبَين
(1/105)

المتظلمين آخذ قصصهم واوصلها اليه فَجَاءَنِي رجل كَبِير من أهل السوَاد وَمَعَهُ قصَّة فِيهَا دَعْوَى بُسْتَان مَحْدُود يزْعم ان ذَلِك لَهُ فِي يَد أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَنه غصبه عَلَيْهِ فَقلت فِي يَد من هُوَ فَقَالَ فِي يَد أَمِير الْمُؤمنِينَ قلت من أكاره قَالَ هُوَ فِي يَد أَمِير الْمُؤمنِينَ غصبني عَلَيْهِ فَجعلت أديره بِكُل وَجه على ان ينْصَرف عَن مُطَالبَة امير الْمُؤمنِينَ الى مُطَالبَة غَيره فيأبى ان ينْصَرف عَن دَعْوَاهُ ان الْمَطْلُوب بِهِ امير الْمُؤمنِينَ فَدخلت بالقصص وامير الْمُؤمنِينَ قَاعد على كرْسِي وَيحيى بن خَالِد قعد مَعَه فَجعلت اخْرُج الْقَصَص فَخرجت قصَّته بِالْقربِ مني فَلم استجز تَأْخِيرهَا فَقلت يَا امير الْمُؤمنِينَ حضر شيخ كَبِير من اهل السوَاد فَادّعى بُسْتَان كَذَا فجهدت بِهِ ان يُطَالب بِدَعْوَاهُ رجلا من الرّعية فَأبى فَقَالَ مطالبتي لأمير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ هَذَا الْبُسْتَان اعرفه وهبه لي ابي وَهُوَ لي فِي ملكي قلت افيحضر الرجل قَالَ نعم فاحضرته قلت مَا تَدعِي قَالَ ادعِي بُسْتَان كَذَا وحدده على امير الْمُؤمنِينَ هَذَا واشار اليه قلت من يقوم بِهِ وَفِي يَد من هُوَ قَالَ فِي يَد امير الْمُؤمنِينَ هَذَا قلت لأمير الْمُؤمنِينَ مَا تَقول فِي دَعْوَى هَذَا الرجل قَالَ مَا لَهُ فِي يَدي هَذَا الْحق الَّذِي يَدعِيهِ وَمَا هَذَا الْبُسْتَان لَهُ قلت لَهُ أَلَك بَيِّنَة قَالَ يَمِينه قلت لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَلَيْك الْيَمين قَالَ استحلفني فاستحلفته فَحلف فَوَثَبَ الشَّيْخ منصرفا فَسَمعته وَقد ادبر يَقُول استفه كشربة سويق وَتَربد وَجه امير الْمُؤمنِينَ حِين حلف واطرق يفكر فَقلت هَلَكت وَهلك الرجل فَقَالَ يحيى بن خَالِد يَا يَعْقُوب رَأَيْت مثل امير الْمُؤمنِينَ فِي عدله وإنصافه لرجل من رَعيته انصف من نَفسه حَتَّى فعل مَا رَأَيْت فسرى عَن امير الْمُؤمنِينَ وَفَرح بذلك وَقَالَ سُبْحَانَ الله وبد من الانصاف وَقَالَ يحيى بن خَالِد لَو جَاءَت هَذِه من الْفَارُوق لكَانَتْ حَسَنَة أَو كَمَا قَالَ قَالَ ابو زيد قَالَ لنا ابو يُوسُف فَمَا اذكر ذَلِك الْمجْلس الا دخلني مِنْهُ غم شَدِيد وَخفت الله من تركي الْعدْل فِيهِ فَقُلْنَا وَمَا يكون اكثر مِمَّا فعلت قَالَ الم تفهموا مَا فِيهَا قُلْنَا لَا
(1/106)

مَا رَأينَا الا عدلا وقياما بِالْحَقِّ قَالَ كَيفَ وَلم اسو بَينه وَبَين الْخصم فِي الْمجْلس فاقول يَا امير الْمُؤمنِينَ انت على كرْسِي وَهُوَ على الأَرْض فيدعي لَهُ بكرسي فيجلس عَلَيْهِ
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن حبَان بن صَدَقَة النَّاقِد ان مُحَمَّد بن مَنْصُور الطوسي ذكر ان ابا يَعْقُوب الخريمي سمع يَوْم مَاتَ ابو يُوسُف رجلا يَقُول الْيَوْم مَاتَ الْفَقِيه فَقَالَ وانشد
(يَا ناعي الْفِقْه الى اهله ... ان مَاتَ يَعْقُوب وَمَا تَدْرِي)
(لم يمت الْفِقْه وَلكنه ... حول من صدر الى صدر)
(أَلْقَاهُ يَعْقُوب الى يُوسُف ... فَزَالَ من طيب الى طهر)
(فَهُوَ مُقيم فَإِذا مَا ثوى ... حل وَحل الْفِقْه فِي الْقَبْر)
اُخْبُرْنَا ابو عبيد الله المرزباني قَالَ أنبأ مُحَمَّد بن الْحسن بن دُرَيْد قَالَ أنبأ السكن ابْن سعيد عَن ابيه عَن هِشَام بن مُحَمَّد الْكَلْبِيّ قَالَ قَالَ ابْن ابي كثير مولى بني الْحَارِث بن كَعْب من أهل الْبَصْرَة يرثي ابا يُوسُف القَاضِي
(سقى جدثا بِهِ يَعْقُوب اضحى ... رهينا للبلى هزج ركام تلطف فِي الْقيَاس لنا فأضحت ... حَلَالا بعد شنعتها المدام فلولا ان قصدن لَهُ المنايا ... واعجله عَن الْعطر الْحمام لأعمل فِي الْقيَاس الرَّأْي حَتَّى ... يعز على ذَوي الريب الْحَرَام)
(1/107)

اُخْبُرْنَا المرزباني قَالَ أنبأ الحكيمي قَالَ ثَنَا ابو امية الخصيب قَالَ ثَنَا شباب الْعُصْفُرِي قَالَ مَاتَ ابو يُوسُف يَعْقُوب بن ابراهيم القَاضِي سنة احدى وَثَمَانِينَ وَمِائَة
اُخْبُرْنَا المرزباني قَالَ ثَنَا الْعَبَّاس بن الْمُغيرَة الْجَوْهَرِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد عَن الْوَاقِدِيّ ان ابا يُوسُف القَاضِي مَاتَ فِي سنة ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة
(1/108)

اخبار ابي الْهُذيْل زفر ببن الْهُذيْل الْعَنْبَري

أخبرنَا ابو عبيد الله المرزباني قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا ابْن ابي خَيْثَمَة عَن ابي الْحسن الْمَدَائِنِي قَالَ زفر بن الْهُذيْل صَاحب ابي حنيفَة عنبري
اُخْبُرْنَا المرزباني قَالَ ثَنَا الْحسن بن مُحَمَّد المخرمي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أبي شيبَة قَالَ سَأَلت ابي وَعمي ابا بكر عَن زفر بن الْهُذيْل فَقَالَا كَانَ زفر من أفقه اهل زَمَانه قَالَ ابي وَكَانَ ابو نعيم يرفع زفر وَيَقُول كَانَ نبيلا فَقِيها
حَدثنَا ابو الْحسن عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا ابو عبد الله الزَّعْفَرَانِي نزيل وَاسِط قَالَ ثَنَا احْمَد بن ابي خَيْثَمَة قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن ابي شيخ قَالَ حَدثنِي عَمْرو بن سُلَيْمَان الْعَطَّار قَالَ كنت بِالْكُوفَةِ اجالس ابا حنيفَة فَتزَوج زفر فحضره ابو حنيفَة فَقَالَ لَهُ تكلم فَخَطب فَقَالَ فِي خطبَته هَذَا زفر بن الْهُذيْل وَهُوَ امام من أَئِمَّة الْمُسلمين وَعلم من أَعْلَام الدّين فِي حَسبه وشرفه وَعلمه فَقَالَ بعض قومه وَقَالُوا لَهُ مَا يسرنَا ان غير ابي حنيفَة خطب حِين ذكر خصاله ومدحه وَكره ذَلِك بعض قومه لَو حضر بَنو عمك واشراف قَوْمك وتسأل ابا حنيفَة ان يخْطب فَقَالَ لَو حضرني ابي لقدمت ابا حنيفَة عَلَيْهِ
حَدثنَا ابو الْحسن الْعَبَّاس بن احْمَد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا ابراهيم بن اسحاق قَالَ ثَنَا عَليّ بن مدرك عَن الْحسن بن زِيَاد قَالَ كَانَ زفر وَدَاوُد الطَّائِي متواخيين فَأَما دَاوُد
(1/109)

الطَّائِي فَترك الْفِقْه وَاقْبَلْ على الْعِبَادَة واما زفر فَإِنَّهُ جمع الْفِقْه مَعَ الْعِبَادَة
اُخْبُرْنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الْحَرِير يُقَال ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو خازم القَاضِي قَالَ ثَنَا بكر الْعمي عَن هِلَال بن يحيى قَالَ كَانَ زفر يتبع دَاوُد الطَّائِي حَتَّى ان دَاوُد لَو قعد على مزبلة جَاءَ زفر حَتَّى يقْعد مَعَه عَلَيْهَا قَالَ وَإِنَّمَا قدم زفر الْبَصْرَة يزور دَاوُد الطَّائِي رَحْمَة الله عَلَيْهِمَا
حَدثنَا ابو الْحسن الْعَبَّاس بن احْمَد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا ابو خازم القَاضِي عَن بكر عَن هِلَال ابْن ابي يحيى قَالَ رَحل يُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي من الْبَصْرَة الى الْكُوفَة فتفقه عِنْد ابي حنيفَة فَلَمَّا اراد الْخُرُوج الى الْبَصْرَة قَالَ لَهُ ابو حنيفَة اذا صرت الى الْبَصْرَة فانك تَجِيء الى قوم قد تقدّمت لَهُم الرِّئَاسَة فَلَا تعجل بالقعود عِنْد اسطوانة واتخاذ حَلقَة ثمَّ تَقول قَالَ ابو حنيفَة وَقَالَ ابو حنيفَة فانك اذا فعلت ذَلِك لم تلبث حَتَّى تُقَام قَالَ فَخرج يُوسُف فاعجبته نَفسه وَجلسَ عِنْد اسطونتة وَقَالَ قَالَ ابو حنيفَة قَالَ فاقاموه من الْمَسْجِد فَلم يذكر اُحْدُ ابا حنيفَة حَتَّى قدم زفر الْبَصْرَة فَجعل يجلس عِنْد الشُّيُوخ الَّذين تقدّمت لَهُم الرِّئَاسَة فيحتج لأقوالهم بِمَا لَيْسَ عِنْدهم فيعجبون من ذَلِك ثمَّ يَقُول هَهُنَا قَول آخر احسن من هَذَا فيذكره ويحتج لَهُ وَلَا يعلم انه قَول ابي حنيفَة فاذا حسن فِي قُلُوبهم قَالَ فانه قَول ابي حنيفَة فَيَقُولُونَ هُوَ قَول حسن لَا نبالي من قَالَ بِهِ فَلم يزل بهم حَتَّى ردهم الى قَول ابي حنيفَة
حَدثنَا القَاضِي ابو عبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد الصَّيْمَرِيّ بِبَغْدَاد فِي مَسْجِد درب الزرادين وَذَلِكَ فِي شهر رَمَضَان سنة ارْبَعْ واربعمائة قَالَ ثَنَا ابو الْحسن الْعَبَّاس بن احْمَد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن عَفَّان قَالَ ثَنَا وليد بن حَمَّاد عَن الْحسن بن زِيَاد قَالَ مَا رَأَيْت احدا يناظر زفر الا رَحمته قَالَ وَقَالَ زفر اني لست اناظر احدا
(1/110)

حَتَّى يَقُول لقد أَخْطَأت وَلَكِن اناظره حَتَّى يجن قيل فَكيف يجن قَالَ يَقُول بِمَا لم يقلهُ اُحْدُ
أخبرنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مليح بن وَكِيع قَالَ سَمِعت ابي قَالَ كَانَ زفر شَدِيد الْوَرع حسن الْقيَاس قَلِيل الْكتاب يحفظ مَا كتبه
اُخْبُرْنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنِي احْمَد بن الْقَاسِم قَالَ ثَنَا البرتي القَاضِي قَالَ سَمِعت ابا نعيم قَالَ كَانَ زفر يجلس بحذاء ابي حنيفَة وَكَانَ ابو يُوسُف يجلس الى جَانِبه
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا ابْن شُجَاع قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن سَمَّاعَة قَالَ كَانَ زفر وابو يُوسُف يجلسان فِي مَسْجِد الْكُوفَة وَكَانَ زفر يسْتَند الى استطوانة وَكَانَ رجلا ركينا فينتصب فَلَا يَزُول وَكَانَ ابو يُوسُف اذا ناظره يكثر الْحَرَكَة حَتَّى يَجِيء فيجلس بَين يَدَيْهِ اَوْ قَالَ بِالْقربِ مِنْهُ فَكَانَ زفر يَقُول ان هَذِه ابواب كَثِيرَة فان اردت ان تَفِر فَخذ فِي ايها شِئْت
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مليح بن وَكِيع عَن ابيه قَالَ لما مَاتَ ابو حنيفَة اقبل النَّاس على زفر فَمَا كَانَ يَأْتِي ابا يُوسُف الا نفر يسير النفسان وَالثَّلَاثَة وَكَانَ زفر يكنى بِأبي خَالِد وبأبي الْهُذيْل وَكَانَ من اهل اصفهان وَمَات اخوه فَتزَوج بعده بِامْرَأَة اخيه فَلَمَّا احْتضرَ دخل عَلَيْهِ ابو يُوسُف وَغَيره فَقَالُوا لَهُ الا توصي يَا ابا الْهُذيْل فَقَالَ هَذَا الْمَتَاع الَّذِي تَرَوْنَهُ لهَذِهِ الْمَرْأَة وَهَذِه الثَّلَاثَة آلَاف الدِّرْهَم هِيَ لولد اخي وَلَيْسَ لأحد عَليّ شَيْء وَلَا لي على اُحْدُ شَيْء وَكَانَ زفر شَدِيد الْعِبَادَة وَالِاجْتِهَاد
(1/111)

اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن احْمَد بن يَعْقُوب الأسدوي قَالَ ثَنَا جدي قَالَ زفر بن الْهُذيْل عنبري من انفسهم يكنى ابا الْهُذيْل وَكَانَ قد سمع الحَدِيث وَنظر فِي الرَّأْي فغلب عَلَيْهِ وَنسب إِلَيْهِ وَمَات بِالْبَصْرَةِ واوصى الى خَالِد بن الْحَارِث وَعبد الْوَاحِد بن زِيَاد وَكَانَ ابوه الْهُذيْل يَلِي الْأَعْمَال وَمَات وَهُوَ وَالِي اصفهان وَكَانَ اخوه صباح بن الْهُذيْل على صَدَقَة بني تَمِيم وَزفر هُوَ زوج اخت خَالِد بن الْحَارِث وَمَات فِي اول خلَافَة الْمهْدي سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم قَالَ أنبأ مكرم قَالَ ثَنَا ابو خازم القَاضِي قَالَ ثَنَا ابْن ابي عمرَان قَالَ كَانَ زفر من بن بالعنبر من بَيت شرِيف مِنْهُم وَكَانَت امهِ امة فَكَانَ وَجهه يشبه وُجُوه الْعَجم لأمه وَلسَانه يشبه لِسَان الْعَرَب قَالَ فحضرمجلس الْحجَّاج بن ارطأة وَكَانَ يتَوَلَّى الْقَضَاء بِالْكُوفَةِ وَكَانَ يغلب عَلَيْهِ الْبذاء وَكَانَت النخع تغمزه فِي نسبه فَتكلم زفر فَأخذ الْمجْلس فَمَلَأ قلب الْحجَّاج فَالْتَفت اليه فَقَالَ اما اللِّسَان فلسان عَرَبِيّ واما الْوَجْه فَلَيْسَ وَجه عَرَبِيّ فَقَالَ لَهُ زفر اما انا فقد قبلني قومِي
أخبرنَا القَاضِي عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا ابو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا ابو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت ابْن ابي عمرَان يحدث عَن الْوَلِيد بن حَمَّاد اللؤْلُؤِي وَهُوَ ابْن اخي الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي قَالَ قلت لِعَمِّي الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي رَأَيْت زفر وابا يُوسُف عِنْد ابي حنيفَة فَكيف رأيتهما قَالَ رأيتهما كعصفورين قد انقض عَلَيْهِمَا بازي
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد السدُوسِي قَالَ أنبأ ابو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ أنبأ الطَّحَاوِيّ قَالَ أنبأ مُحَمَّد بن عبد الله بن ابي ثَوْر قَالَ أَخْبرنِي مُحَمَّد بن وهب قَالَ كَانَ سَبَب انْتِقَال زفر الى ابي حنيفَة انه كَانَ من اصحاب الحَدِيث فَنزلت بِهِ وبأصحابه مَسْأَلَة فأعيتهم فَأتى ابا حنيفَة فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَأَجَابَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ
(1/112)

من أَيْن قلت هَذَا قَالَ لحَدِيث كَذَا وللقياس من جِهَة كَذَا ثمَّ قَالَ لَهُ ابو حنيفَة فَلَو كَانَت الْمَسْأَلَة كَذَا مَا كَانَ الْجَواب فِيهَا قَالَ فَكنت فِيهَا اعمى مني فِي الأولى فَقَالَ الْجَواب فِيهَا كَذَا من جِهَة كَذَا ثمَّ زادني مَسْأَلَة اخرى واجابني فِيهَا وَبَين وَجههَا قَالَ فرحت الى اصحابي فسألتهم عَن الْمسَائِل فَكَانُوا فِيهَا اعمى مني فَذكرت لَهُم الْجَواب وبينت لَهُم الْعِلَل فَقَالُوا من ايْنَ لَك هَذَا فَقلت من عِنْد ابي حنيفَة فصرت رَأس الْحلقَة بِثَلَاث مسَائِل ثمَّ انْتقل الى ابي حنيفَة فَكَانَ اُحْدُ الْعشْرَة الأكابر الَّذين دونوا الْكتب مَعَ ابي حنيفَة
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْأَسدي قَالَ أنبأ ابو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ أنبأ الطَّحَاوِيّ قَالَ أنبأ سُلَيْمَان بن أَي عمرَان قَالَ أَخْبرنِي اسد قَالَ قدم زفر الْبَصْرَة فَدخل مَسْجِدهَا فانفضت اليه حلق اصحاب التَّابِعين
اُخْبُرْنَا ابو عبد الله المرزباني قَالَ ثَنَا احْمَد بن خلف وَعبد الْبَاقِي بن قَانِع قَالَا مَاتَ زفر سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة وفيهَا مَاتَ الْمَنْصُور واسرائيل بن يُونُس
(1/113)

اخبار دَاوُد الطَّائِي رَحْمَة الله عَلَيْهِ

حَدثنَا الْعَبَّاس بن احْمَد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المنصوري قَالَ ثَنَا عَليّ ابْن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا عَليّ بن عُبَيْدَة قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ سَمِعت عبد الله ابْن دَاوُد وَسَأَلَهُ اسحاق عَن اصحاب ابي حنيفَة فَقَالَ ابو يُوسُف وَزفر وعافية الأودي واسد بن عَمْرو وَعلي بن مسْهر وَيحيى بن أبي زَائِدَة وَالقَاسِم بن معن وَدَاوُد الطَّائِي ثمَّ قَالَ عبد الله لَو ان دَاوُد الطَّائِي وزن بِأَهْل الارض لوزنهم فضلا وصلاحا
اُخْبُرْنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا ابْن كأس قَالَ ثَنَا احْمَد بن ابي احْمَد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن اسحاق البكائي قَالَ ثَنَا الْوَلِيد بن عقبَة الشَّيْبَانِيّ قَالَ لم يكن فِي حَلقَة ابي حنيفَة ارْفَعْ صَوتا من دَاوُد الطَّائِي ثمَّ تزهد واعتزلهم وَاقْبَلْ على الْعِبَادَة
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ ثَنَا الْحسن بن الرّبيع قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أخي عَافِيَة بن يزِيد قَالَ بعث معي عمي المَال ادفعه الى قوم يفرقونه وسمى فيهم دَاوُد الطَّائِي فاتيت دَاوُد الطَّائِي فدققت عَلَيْهِ الْبَاب فَخرج خلف الْبَاب فَقلت لَو خرجت الي حَتَّى اكلمك فَقَالَ كَانُوا
(1/114)

يكْرهُونَ صول الْكَلَام فَقلت ان عمي بَعَثَنِي اليك وَهُوَ يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول تفرق هَذَا المَال على من ترى وانت الْمُحكم فِيهِ بِمَنْزِلَة مَالك فَقَالَ رده على عمك وَقل لَهُ يردهُ على من بعث بِهِ اليه وَيَتَّقِي الله وَلَا يدْخل فِيمَا لَا يعنيه
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ ثَنَا مليح بن وَكِيع قَالَ ثَنَا ابي قَالَ سَمِعت حَمَّاد بن ابي حنيفَة يَقُول بَعَثَنِي ابي الى دَاوُد الطَّائِي بِمَال فَقَالَ قل لَهُ يَسْتَعِين بِهِ على ايامه فان كَانَ بِهِ اسْتغْنَاء عَنهُ فيفرقه على من شَاءَ فَسَمعته يَقُول لنَفسِهِ اشْتهيت جوزا مشويا فَقلت نعم وَجعلت ادامك ثمَّ طلبت اللَّيْلَة مَعَه تَمرا وَالله لَا ذقت التَّمْر ابدا حَتَّى القى الله قَالَ فأعلمته بِمَا جِئْت بِهِ فَقَالَ ان ملك ابي حنيفَة عِنْدِي مِمَّا ارضاه وَلَو كنت قَابلا من اُحْدُ شَيْئا لقبلته الله يعلم كَثْرَة دعائي لأبي حنيفَة فِي صَلَاتي فَمِنْهُ تعلمت وَبِه تأدبت وَلم يَأْخُذ من المَال شَيْئا
اُخْبُرْنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى الْقرشِي قَالَ ثَنَا شهَاب بن عباد قَالَ حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن مُصعب قَالَ رَأَيْت فقار ظهر دَاوُد الطَّائِي كَأَنَّهُ جراب فِيهِ جوز قد بدا من الجراب
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ أخْبرت عَن ابي عبد الله احْمَد بن مُؤَمل قَالَ ثَنَا ابْن شُجَاع قَالَ سَمِعت شُعَيْب بن حَرْب قَالَ دخلت على دَاوُد الطَّائِي عَشِيَّة حارة فاذا هُوَ فِي بَيت كَأَنَّهُ الْحمام حرا واذا فِيهِ لبنة وَدَن احسبه قَالَ مدفون فِيهِ مَاء فَقُلْنَا لَهُ حِين آذَانا الْحر لَو خرجت الى الدَّار قَالَ ان هَذِه لحظي احتسبها قَالَ ثمَّ لبث هنيَّة ثمَّ قَالَ لنا اخْرُجُوا فخرجنا الى صحن الدَّار فَجَلَسْنَا قَالَ فَقَالَ وَلَهُم مَقَامِع من حَدِيد كلما اراد ان يخرج احدهم ضربه الْملك بالمقمع حَتَّى يخالط كبده اَوْ جَوْفه ثمَّ صب عَلَيْهِ الصديد قَالَ فغشى عَلَيْهِ قبل ان يتم الْكَلِمَة قَالَ ذَلِك ثَلَاثًا ثمَّ خرجنَا من عِنْده
(1/116)

أخبرنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا مليح بن وَكِيع قَالَ ثَنَا ابي قَالَ سَمِعت حَمَّاد بن ابي حنيفَة قَالَ اتَّصل بِي عَن دَاوُد الطَّائِي ضيق شَدِيد فَدخلت عَلَيْهِ فَسَأَلته فَلَمَّا اراد حَمَّاد ان يخرج جعل دَاوُد يبكي فَاخْرُج حَمَّاد من مَاله اربعمائة دِرْهَم وَقَالَ لَهُ انها مِيرَاث ابي حنيفَة فَقَالَ هَاتِهَا فَأَخذهَا ثمَّ قَالَ قد قبلتها وَلَكِن احب ان اعيش فِي عز القناعة وان هَذَا من مَال رجل مَا أقدم عَلَيْهِ فِي ورعه وزهده وَلَو كنت قَابلا من أحد من النَّاس شَيْئا لقبلتها اعظاما للْمَيت وايجابا للحي
اُخْبُرْنَا عبد الله بن الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد قَالَ سَمِعت هِلَال بن يحيى قَالَ لما قدم دَاوُد الطَّائِي الْبَصْرَة قَالُوا صَاحب ابي حنيفَة فَاجْتمعُوا اليه فَكَانَ مِمَّا سَأَلُوهُ عَنهُ من قَول ابي حنيفَة اُخْبُرْنَا عَن قَول ابي حنيفَة فِي قدر الدِّرْهَم فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي لم يقل ابو حنيفَة شَيْئا حَتَّى رَأَيْته قد سَار فِي الْأَمْصَار إِنَّمَا اراد قدر المقعدة فكنى عَنهُ وَمثل قدره
اُخْبُرْنَا ابو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ حَدثنِي ابو احْمَد عبد الله بن مُحَمَّد الْخُرَاسَانِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان قَالَ ثَنَا حُسَيْن بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا حَفْص بن غياث قَالَ حَضَرنَا جَنَازَة وَحضر مَعنا دَاوُد الطَّائِي فَلَمَّا صلي عَلَيْهِ واخذ ليدلى فِي الْقَبْر جذب فبدت اكفانه فَصَرَخَ دَاوُد صرخة خر مغشيا عَلَيْهِ
اُخْبُرْنَا القَاضِي عبد الله بن مُحَمَّد الْأَسدي قَالَ ثَنَا ابو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا ابو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أعين قَالَ ثَنَا عَليّ بن حَرْب قَالَ سَمِعت ابْن بشر الْعَبْدي يَقُول قدم علينا دَاوُد الطَّائِي الْكُوفَة من السوَاد فِي قبَاء أصفر فَكُنَّا نضحك مِنْهُ فَمَا مَاتَ حَتَّى سادنا
أخبرنَا القَاضِي عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ ابو بكر قَالَ ثَنَا الطَّحَاوِيّ قَالَ ثَنَا ابْن ابي عمرَان قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الطَّبَرِيّ قَالَ ثَنَا ابو سُلَيْمَان الْجوزجَاني عَن مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ كنت آتِي دَاوُد الطَّائِي وانا غُلَام فأسأله فَإِذا سَأَلته عَمَّا يرى اني احْتَاجَ اليه يجيبني واذا سَأَلته عَن مسائلنا هَذِه تَبَسم يريني انه يحسنها ويعرفها
(1/117)

وَلَا يُجيب ثمَّ يَقُول لي لنا شغل أفتأذن ثمَّ يقوم قَالَ وَبَلغنِي انه كَانَ يسْأَل عني فَقيل لَهُ هَذَا غُلَام من بني شَيبَان من مواليهم وَكَانَ يَقُول سيبلغ فِي الْعلم يصف مرتبَة عَظِيمَة
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابو احْمَد الْخُرَاسَانِي قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن سُلَيْمَان قَالَ ثَنَا حميد الْحجام قَالَ حجمت دَاوُد الطَّائِي فَأَعْطَانِي دِينَارا وحجمت مسعرا فَأَعْطَانِي رغيفا
أخبرنَا عمر بن ابراهيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ أنبأ احْمَد بن معَاذ بن الْمثنى قَالَ ثَنَا الأخنسي قَالَ ثَنَا الْوَلِيد بن عقبَة قَالَ كَانَ يخبز لداود الطَّائِي سِتُّونَ رغيفا فيعلقها بشريط وَيفْطر كل لَيْلَة على رغيفين وملح وَمَاء فَأتي لَيْلَة بفطره فَجعل ينظر اليه ومولاة لَهُ تنظر اليه فَقَامَتْ فَجَاءَتْهُ بِشَيْء من تمر فَأفْطر ثمَّ قَامَ فصلى حَتَّى اصبح ثمَّ اصبح صَائِما فَلَمَّا جَاءَ وَقت الافطار اخذ الرغيفين وَجعل ينظر اليهما قَالَ الْوَلِيد بن عقبَة فَحَدثني جَار لَهُ قَالَ سمعته يُعَاتب نَفسه وَيَقُول اشْتهيت البارحة تَمرا قد اطعمتك واشتهيت اللَّيْلَة تَمرا لَا ذاق دَاوُد تَمرا مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا فَمَا ذاقه حَتَّى مَاتَ
أخبرنَا القَاضِي ابو عبد الله الْحُسَيْن بن هَارُون الضَّبِّيّ رَحمَه الله قَالَ أنبأ ابو الْعَبَّاس احْمَد بن مُحَمَّد بن سعيد الْهَمدَانِي قَالَ حَدثنِي عبد الله بن احْمَد بن البهلول الْأَزْدِيّ قَالَ هَذَا كتاب جدي اسماعيل بن حَمَّاد بن ابي حنيفَة فَقَرَأت فِيهِ حَدثنِي الْحسن بن ثَابت قَالَ سَمِعت عمر بن ذَر يَقُول لَو كَانَ دَاوُد الطَّائِي فِي الصَّحَابَة لبرز عَلَيْهِم
حَدثنَا القَاضِي أَبُو عبد الله قَالَ أنبأ احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا قَاسم بن الضَّحَّاك قَالَ ثَنَا مُعَاوِيَة بن سُفْيَان الْمَازِني عَن دثار قَالَ حَدثنِي ابي محَارب بن دثار قَالَ لَو كَانَ دَاوُد الطَّائِي فِي الْأُمَم الْمَاضِيَة لقص الله علينا من خَبره محَارب بن دثار
(1/118)

حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون قَالَ أنبأ احْمَد بن سعيد قَالَ حَدثنِي عبد الله بن احْمَد بن البهلول قَالَ هَذَا كتاب جدي اسماعيل بن حَمَّاد فَقَرَأت فِيهِ حَدثنِي الْقَاسِم بن معن قَالَ أَخْبرنِي زفر بن الْهُذيْل قَالَ ذاكرني دَاوُد يَوْمًا مَسْأَلَة فَقلت فِيهَا فَقَالَ أَخْطَأت فبينت لَهُ حَتَّى رَجَعَ فاستحيا ثمَّ أنْشد قَول ابْن شبْرمَة
(كَادَت تزل بِهِ من شَاهِق قدم ... لَوْلَا تداركها نوح بن دراج) ثمَّ قَالَ يَا ابا الْهُذيْل أهلكني حب المباهاة
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون قَالَ أنبأ احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد الْكِنْدِيّ قَالَ ثَنَا عبد الله بن حَمَّاد ابو حكيمة قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن براد قَالَ سَمِعت الْقَاسِم بن معن يَقُول لما اعتزل دَاوُد الطَّائِي أَتَيْته فَقلت يَا أَبَا سُلَيْمَان تركت اخوانك ومجالسة من يذاكرك الْعلم فَسكت طَويلا ثمَّ قَالَ رَحِمك الله اني رَأَيْت قلوبا لاهية وألسنة مؤتلفة وهمما مُخْتَلفَة واهواء متبعة وَدُنْيا مُؤثرَة فَكَانَ فِي اعتزالي اكثر الْعَافِيَة
حَدثنَا القَاضِي ابو عبد الله الضَّبِّيّ قَالَ ثَنَا احْمَد بن سعيد الْهَمدَانِي قَالَ ثَنَا ابراهيم بن الْوَلِيد بن حَمَّاد قَالَ حَدثنِي ابي قَالَ سَمِعت نَوْفَل بن مطهر عَن حبَان بن عَليّ قَالَ احْتَاجَ الْحسن بن قَحْطَبَةَ ان يسْأَل دَاوُد الطَّائِي عَن مَسْأَلَة فهابه ان يَأْتِيهِ وَحده فَقَالَ لرجل من وُجُوه طَيء وشيوخها اني احتجت الى لِقَاء دَاوُد فَكُن معي فَأتيَاهُ فدخلا وسلما عَلَيْهِ ورد السَّلَام عَلَيْهِمَا فَلَمَّا عرف ابْن قَحْطَبَةَ تقبض وَجعل لَا ينظر اليهما فابتدأ الْحسن فَسَأَلَهُ عَن الْمَسْأَلَة فَلم يجبهُ وَلم يكلمهُ فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَأَعْرض بِوَجْهِهِ عَنهُ فَلَمَّا رأى ذَلِك ابْن قَحْطَبَةَ خرج وَتوقف الشَّيْخ عِنْده فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا سُلَيْمَان يجيئك ابْن عَم لَك يَسْأَلك من مَسْأَلَة من امْر دينه فَلَا تجيبه فَنظر اليه نظرة مُنكرَة ثمَّ قَالَ {فَإِذا نفخ فِي الصُّور فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا}
(1/119)

يتساءلون) فَقَامَ الشَّيْخ مبادرا فَأصَاب ابْن قَحْطَبَةَ ينتظره فَأخْبرهُ فَقَالَ ابْن قَحْطَبَةَ لقد هان الْخلق على دَاوُد طُوبَى لَهُ ثمَّ ذهب
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا الْحَضْرَمِيّ قَالَ ثَنَا ابو المهنا الطَّائِي قَالَ مر دَاوُد الطَّائِي على زقاق عَمْرو فَرَأى الرطب مصفقا فدعته نَفسه اليه فجَاء الى البياع فَقَالَ اتنسئني بدرهم فَقَالَ هَات الدِّرْهَم فَقَالَ غَدا اعطيك قَالَ اذْهَبْ الى عَمَلك فَرَآهُ رجل يعرف دَاوُد فجَاء الى البَائِع فَأعْطَاهُ كيسا فِيهِ مائَة دِرْهَم فَقَالَ اذْهَبْ فَإِن اخذ مِنْك بدرهم فَهَذِهِ لَك فَلحقه فَقَالَ لَهُ ارْجع لَا حَاجَة لنا فِيهِ إِنَّمَا اردنا ان نجرب هَذِه النَّفس قَالَ ولحقه وَهُوَ يَقُول لم ينسئني من الدُّنْيَا درهما وانت تريدين الْجنَّة
اُخْبُرْنَا عمر بن ابراهيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن احْمَد قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا عبد الله بن سعيد قَالَ ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الْكَرِيم عَن حَمَّاد بن أبي حنيفَة ان مولاة لداود الطَّائِي كَانَت تخدمه فَقَالَت لَهُ لَو صنعت لَك دسما قَالَ وددت فطبخت لَهُ شحما وَجَاءَت بِهِ فَقَالَ لَهَا مَا فعل أَيْتَام بني فلَان قَالَت على حَالهم قَالَ اذهبي بِهِ اليهم قَالَت فديتك إِنَّك لم تَأْكُل أدما مُنْذُ كَذَا وَكَذَا قَالَ إِن هَذَا إِذا أكلوه كَانَ لنا عِنْد الله مذخورا وَإِذا أَكلته كَانَ فِي الحش
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا احْمَد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا يحيى الْحمانِي قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول كَانَ دَاوُد الطَّائِي إِذا قَرَأَ الْقُرْآن كَأَنَّهُ يسمع الْجَواب من الله
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ احْمَد بن مُحَمَّد بن سعيد الْهَمدَانِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن يحيى قَالَ ثَنَا أبي قَالَ ثَنَا سعيد بن أبي الهيفاء قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد ابْن عبد الْعَزِيز التَّيْمِيّ قَالَ قلت لداود الطَّائِي يَا أَبَا سُلَيْمَان بِمَا أقوى على نَفسِي
(1/120)

قَالَ بقذعها عَمَّا تحب وإخراجها عَمَّا لَا يعنيها وبفعلها مَا لَا بُد لَهَا مِنْهُ قلت يَا أَبَا سُلَيْمَان فَكيف السَّبِيل إِلَى ذَلِك قَالَ بقطعها عَن رُؤْيَة الْعَالم فَهُوَ أول بَاب تقوى بِهِ على ذَلِك فَإِذا فقدت رُؤْيَتهمْ خلت من همومهم قلت يَا أَبَا سُلَيْمَان إِنَّهَا تطالبني بهم كثيرا قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّد اقذعها اقذعها وَإِلَّا أوردتك ثمَّ لم تصدرك
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ أَحْمد بن سعيد الْهَمدَانِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن يحيى قَالَ ثَنَا عبد الله إِبْرَاهِيم بن قُتَيْبَة قَالَ ثَنَا نعيم بن يَعْقُوب قَالَ سَمِعت سُفْيَان بن عُيَيْنَة يَقُول كنت رُبمَا أتيت دَاوُد الطَّائِي فَإِذا أَتَيْته تبينت ثقل موضعي عَلَيْهِ وَأرَاهُ يتململ فَقَالَ لي يَوْمًا يَا سُفْيَان أما لَك شغل يَا سُفْيَان أقل من إتياني
حَدثنَا القَاضِي أَبُو عبد الله الضَّبِّيّ قَالَ أنبأ أَبُو الْعَبَّاس احْمَد بن مُحَمَّد الْهَمدَانِي قَالَ ثَنَا يحيى بن زَكَرِيَّا بن شَيبَان قَالَ ثَنَا عبد الله بن ماهان قَالَ سَمِعت حَفْص بن غياث يَقُول كَانَ دَاوُد الطَّائِي يجالسنا عِنْد أبي حنيفَة حَتَّى برع فِي الرَّأْي ثمَّ رفض ذَلِك ورفض الحَدِيث وَكَانَ قد أَكثر مِنْهُ وَلزِمَ الْعِبَادَة والتوحش من النَّاس
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا الْحسن بن عَليّ بن شبيب قَالَ ثَنَا أَحْمد بن أبي الْحوَاري قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن يحيى الطَّائِي عَن دَاوُد الطَّائِي قَالَ مَا أخرج الله تَعَالَى عبدا من ذل الْمعاصِي إِلَى عز التَّقْوَى إِلَّا أغناه بِلَا مَال وأعزه بِلَا عشيرة وآنسه بِلَا أنيس
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا عبد الصَّمد بن عبيد الله عَن الْفضل بن يُوسُف قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عمرَان الربعِي قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن سُوَيْد الطَّائِي قَالَ رَأَيْت دَاوُد الطَّائِي يَغْدُو وَيروح إِلَى أبي حنيفَة ثمَّ رَأَيْته قد
(1/121)

تخلى وَترك النَّاس فَرَأَيْت أَبَا حنيفَة قد جَاءَهُ زَائِرًا لَهُ غير مرّة
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد قَالَ ثَنَا دَاوُد ابْن يحيى قَالَ حَدثنِي مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الْكِنْدِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن بشر عَن بكر ابْن مُحَمَّد العابد قَالَ قَالَ لي دَاوُد الطَّائِي فر من النَّاس كَمَا تَفِر من الْأسد
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ أَحْمد بن سعيد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ قَالَ ثَنَا أبي قَالَ ثَنَا بكر العابد قَالَ سَمِعت دَاوُد الطَّائِي يَقُول اترك الدُّنْيَا قبل ان تتركك وَاعْتبر فِيهَا قبل أَن يعْتَبر بك وَاحْمَدْ أَيَّامهَا قبل أَن تذمك وأعمرها بعمارة آخرتك وخربها بصلاح دينك وتزود مِنْهَا ليَوْم وفاتك
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن احْمَد بن الْحسن قَالَ ثَنَا حُسَيْن بن أَيُّوب قَالَ ثَنَا عَطِيَّة بن يحيى وَكَانَ جارا لداود الطَّائِي قَالَ كنت اسْمَع دَاوُد يَقُول كم من عين ساهرة فِي رِزْقِي
حَدثنَا القَاضِي أَبُو عبد الله الضَّبِّيّ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله ابْن سعيد الْكِنْدِيّ قَالَ حَدثنِي يعلى بن الْمنْهَال قَالَ سَمِعت الْوَلِيد بن عقبَة يَقُول سَمِعت دَاوُد الطَّائِي يَقُول كم من مسرور بِأَمْر فِيهِ هَلَكته وَكم من كَارِه لأمر فِيهِ صَلَاح دينه ودنياه غيبت عَنَّا الْخيرَة فَلَيْسَ إِلَّا التَّسْلِيم وَالرِّضَا والإستكانة والتضرع
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون قَالَ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن سعيد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ حَدثنِي الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن قَالَ ثَنَا أَيُّوب بن معبد قَالَ سَمِعت حَمَّاد بن أبي حنيفَة يَقُول كنت يَوْمًا عِنْد دَاوُد الطَّائِي وَهُوَ يفكر فَأطَال الْفِكر وَأَنا أتبين فِيهِ التَّغَيُّر ثمَّ قَالَ تنجو هَل تعرف بِمَا تنجو لَيْت شعري بعد أَي شَيْء وعَلى
(1/122)

أَي شَيْء أهجم ثمَّ خر مغشيا عَلَيْهِ فَرَأَيْت الأَرْض قد أدمت وَجهه فَلَبثت طَويلا ُأكَلِّمهُ فَمَا كلمني وَطَالَ جلوسي حَتَّى حضر وَقت الصَّلَاة وأيست من أَن يكلمني فَانْصَرَفت فَلَمَّا كَانَ من الْغَد أَتَيْته فَسَأَلت بعض من كَانَ يدْخل عَلَيْهِ مَتى صلى قَالَ آخر وَقت الْعَصْر تحرّك فَقلت لَهُ الصَّلَاة فَقَامَ فَزعًا شبه الوقيذ الواله نصلي الظّهْر وَالْعصر ثمَّ جلس فَوضع يَده فِي خَدّه وشخص ببصره فَخرجت عَنهُ ثمَّ عدت إِلَيْهِ قَرِيبا من الْمغرب وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فَذَاك آخر عهدي بِهِ فَقلت أَتَرَى يمكنني الدُّخُول عَلَيْهِ قَالَ انْظُر لَك مَا رَأَيْته الْيَوْم ثمَّ خرج عَليّ قَالَ هُوَ محول الْوَجْه إِلَى الْحَائِط قد سلمت عَلَيْهِ فَرد عَليّ وَمَا حول وَجهه فَانْصَرَفت
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْمعدل قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا الْحمانِي قَالَ ثَنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ لما مَاتَ دَاوُد الطَّائِي أَكثر النَّاس فِيهِ القَوْل وَكَانَ موضعا لكل ثَنَاء جميل فَوقف أَبُو بكر النَّهْشَلِي على قَبره فَقَالَ يَا دَاوُد قد أَكثر النَّاس القَوْل فِيك فَلَا وكلك الله إِلَى عَمَلك
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن سعيد قَالَ حَدثنِي يحيى بن زَكَرِيَّا قَالَ ثَنَا سهل بن عَامر قَالَ أتيت دَاوُد الطَّائِي فوقفت على الْبَاب فَقلت السَّلَام عَلَيْكُم فَرد السَّلَام وَسكت قلت أَدخل قَالَ ادخل فَدخلت فَجَلَست وَسكت وَلم يقل لي شَيْئا وَكَانَ إِذا دخل عَلَيْهِ الدَّاخِل فَسَأَلَهُ عَن شَيْء أجَاب عَنهُ وَإِن سكت لم يبتدئه بِكَلِمَة حَتَّى ينْصَرف
حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد قَالَ ثَنَا مُحَمَّد ابْن يحيى الطلحي قَالَ ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبان الْقرشِي قَالَ سَمِعت دَاوُد الطَّائِي يَقُول اللَّهُمَّ اسْتُرْ عوراتنا وآمن روعاتنا واكفنا من سعى علينا وَلَا تشمت بِنَا عدونا اكْفِنَا كل هول بَين أَيْدِينَا حَتَّى تبلغنَا من رحمتك مَا أَنْت أَهله آمين آمين آمين ثَلَاثًا
(1/123)

أَخْبَار أبي عبد الله مُحَمَّد ابْن الْحسن الشَّيْبَانِيّ رَحْمَة الله عَلَيْهِ

أخبرنَا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى المرزباني قَالَ ثَنَا أَبُو بكر أَحْمد ابْن كَامِل القَاضِي قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحسن صَاحب أبي حنيفَة مولى لبني شَيبَان وَكَانَ مَوْصُوفا بالكمال وَكَانَت مَنْزِلَته فِي كَثْرَة الرِّوَايَة والرأي والتصنيف لفنون عُلُوم الْحَلَال وَالْحرَام منزلَة رفيعة يعظمه أَصْحَابه جدا
أخبرنَا عمربن أَحْمد بن شاهين قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن شيبَة عَن جده يَعْقُوب قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن مولى لبني شَيبَان قدم أَبوهُ وَاسِط فولد لَهُ بهَا مُحَمَّد فَطلب الحَدِيث وَسمع من مسعر وَالثَّوْري وَغَيرهمَا ثمَّ قدم بعداد فَسمع مِنْهُ وَأخرجه هَارُون الرشيد فولاه الْقَضَاء بالرقة ثمَّ عَزله وَقدم بَغْدَاد وَنزل فِي نَاحيَة بَاب الشَّام فَلَمَّا خرج هَارُون إِلَى الرّيّ أخرجه مَعَه فَمَاتَ بهَا سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَهُوَ ابْن ثَمَان وَخمسين سنة
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ أنبأ مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت أَبَا عبيد الْقَاسِم بن سَلام يَقُول كُنَّا مَعَ مُحَمَّد بن الْحسن إِذْ أقبل الرشيد فَقَامَ النَّاس كلهم إِلَّا مُحَمَّد بن الْحسن فَإِنَّهُ لم يقم وَكَانَ الْحسن بن زِيَاد ثقيل الْقلب على مُحَمَّد بن الْحسن فَقَامَ وَدخل وَدخل النَّاس من أَصْحَاب الْخَلِيفَة فأمهل الرشيد يَسِيرا ثمَّ خرج الْأذن فَقَامَ مُحَمَّد بن الْحسن وَدخل وجزع أَصْحَابه
(1/125)

فأمهل ثمَّ خرج طيب النَّفس مَسْرُورا فَقَالَ قَالَ لي مَالك لم تقم مَعَ النَّاس قَالَ قلت كرهت أَن أخرج عَن الطَّبَقَة الَّذين جَعَلتني فيهم إِنَّك أهلتني للْعلم وكرهت أَن أخرج مِنْهُ إِلَى طبقَة الْخدمَة الَّتِي هِيَ خَارِجَة مِنْهُ وَإِن ابْن عمك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أحب أَن يتَمَثَّل لَهُ الرِّجَال قيَاما فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار وَإِنَّمَا أَرَادَ بذلك الْعلمَاء فَمن قَامَ بِحَق الْخدمَة وإعزاز الْملك فَهُوَ هَيْبَة لِلْعَدو وَمن قعد فَلَا تبَاع السّنة الَّتِي مِنْكُم أخذت وَهُوَ دين لكم قَالَ صدقت يَا مُحَمَّد ثمَّ سَارَّنِي فَقَالَ إِن عمر بن الْخطاب صَالح بني تغلب على أَن لَا ينصرُوا أَوْلَادهم وَقد نصروا أَبْنَاءَهُم وحلت بذلك دِمَاؤُهُمْ فَمَا ترى قلت إِن عمر أقرهم بذلك وَقد نصروا أَبْنَاءَهُم بعد عمر وَاحْتمل عُثْمَان وَابْن عمك وَكَانَ من الْعلم بِالْمَكَانِ الَّذِي لَا يخفى عَلَيْك وَجَرت بذلك السّنَن فَهَذَا صلح من الْخُلَفَاء بعده وَلَا شَيْء يلحقك فِي ذَلِك وَقد كشفت لَك الْعلم ورأيك أَعلَى قَالَ لَا وَلَكنَّا نجريه على مَا أجروه إِن شَاءَ الله إِن الله أَمر نبيه بالمشورة فَكَانَ يشاور فِي أمره ثمَّ يَأْتِيهِ جبرئيل بِتَوْفِيق الله لَهُ وَلَكِن عَلَيْك بِالدُّعَاءِ لمن ولاه الله أَمرك وَمر أَصْحَابك بذلك وَقد أمرت لَك بِشَيْء تفرقه على أَصْحَابك قَالَ فَخرج لَهُ مَال كثير ففرقه
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سَمَّاعَة قَالَ بعث هَارُون الرشيد إِلَى مُحَمَّد بن الْحسن فَأحْضرهُ مَجْلِسه ثمَّ بعث إِلَى الْحسن بن زِيَاد فَأحْضرهُ وأحضر رجلا من الطالبيين وأحضر كتاب أَمَان فَدفعهُ إِلَى مُحَمَّد بن الْحسن فقرأه وَقَالَ مَا تَقول فِيهِ قَالَ هَذَا أَمَان صَحِيح وَرفع صَوته وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا أَمَان صَحِيح وَدم هَذَا الرجل الَّذِي كتب لَهُ الْكتاب حرَام فَأمر بِالْكتاب فَأخذ من يَده وَدفع إِلَى الْحسن بن زِيَاد فَأَخذه فقرأه وَقَالَ بِصَوْت ضَعِيف هَذَا أَمَان فَغَضب هَارُون وَدخل أَبُو
(1/126)

البخْترِي وهب بن وهب القَاضِي فَمد يَده فَأخذ الْكتاب وَلم يُؤمر بذلك فقرأه ثمَّ أخرج سكينا من خفه فَقَطعه نِصْفَيْنِ ثمَّ رمى بِهِ وَقَالَ هَذَا كتاب مفسوخ وَلَيْسَ بِأَمَان بل هُوَ أَمَان فَاسد أقتل هَذَا الرجل وَدَمه فِي عنقِي فَأخذ هَارُون دَوَاة كَانَت بَين يَدَيْهِ فَضرب بهَا وَجه مُحَمَّد بن الْحسن فَشَجَّهُ قَالَ ابْن سَمَّاعَة وَكنت حَاضرا فَخرج وَخرجت على إثره وَهُوَ يبكي فَلَمَّا صَار إِلَى منزله قلت يَا أَبَا عبد الله لم تبْكي من شجة فِي سَبِيل الله فَقَالَ وَالله مَا لَهَا بَكَيْت قَالَ قلت فَأَي تَقْصِير كَانَ مِنْك قَالَ كَانَ يجب عَليّ أَن أَقُول لأبي البخْترِي من أَيْن قلت وأقيم عَلَيْهِ الْحجَّة وأتكلم بِالْحَقِّ وَإِن قتلت ثمَّ قَالَ وَأي حجَّة لقاض من قُضَاة الْمُسلمين يكون فِي خفه سكين مثل هَذِه قَالَ وَقَالَ الطَّالِبِيُّ يَوْمئِذٍ لهارون يَا هَارُون إتق الله تَقول لفقيهي الأَرْض لما لم يريَا فِي أمانك سفك الدِّمَاء وَقَالا لَك دع هَذِه النَّسمَة تَمُوت بأجلها وتنعم عَلَيْهَا وَتقبل قَول رجل مَشْهُور أَنه ادّعى نسبا لم يقر أَبوهُ الَّذِي ادَّعَاهُ بِهِ فَأخْرج أَبُو البخْترِي يَوْمئِذٍ من نسبه الَّذِي ادَّعَاهُ ثمَّ قَالَ لَهُ سل عَنهُ مزبلي أهل الْمَدِينَة الَّذين يزبلون فِي الحمامات حَتَّى يخبروك بعلامات فِي ظَهره يصفونها للنَّاس وَمثل هَذَا لَا يجوز أَن يَقُول غير هَذَا وَالله مَا أُبَالِي وَقعت على الْمَوْت أَو وَقع الْمَوْت عَليّ وَلَا أَمُوت إِلَّا بأجلي
قَالَ الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم الزَّاهِد حَدثنِي مُوسَى بن عبد الله بن الْحسن بن الْحسن أَنه حضر هَذَا الْمجْلس قَالَ الْقَاسِم بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد ابْن أبي بكر الصّديق أَنه كَانَ حَاضرا لهَذَا الْكَلَام كُله قَالَ وَالرجل الَّذِي قتل كَانَ يحيى بن عبد الله بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ عَلَيْهِم السَّلَام
حَدثنَا أَبُو إِسْحَاق النَّيْسَابُورِي الْمَعْرُوف بِالْبيعِ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن يَعْقُوب الْأَصَم قَالَ ثَنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان قَالَ كتب الشَّافِعِي إِلَى مُحَمَّد بن الْحسن وَقد طلب مِنْهُ كتبه لينسخها فأخرها عَنهُ فَكتب إِلَيْهِ
(قل لمن لم تَرَ عين من رَآهُ مثله ... وَمن كَأَن من رَآهُ قد رأى من قبله)
(الْعلم ينْهَى أَهله أَن يمنعوه أَهله ... لَعَلَّه يبذله لأَهله لَعَلَّه)
(1/127)

قَالَ فأنفذ الْكتب إِلَيْهِ من وقته
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ أنبأ الطَّحَاوِيّ قَالَ ثَنَا أَحْمد ابْن دَاوُد بن مُوسَى قَالَ سَمِعت حَرْمَلَة قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول مَا رَأَيْت أحدا قطّ إِذا تكلم رَأَيْت الْقُرْآن نزل بلغته إِلَّا مُحَمَّد بن الْحسن فَأَنَّهُ كَانَ إِذا تكلم رَأَيْت الْقُرْآن نزل بلغته وَلَقَد كتبت عَنهُ حمل بعير ذَلِك وَإِنَّمَا قلت ذكر لِأَنَّهُ بَلغنِي أَنه يحمل أَكثر مِمَّا تحمل الْأُنْثَى
أخبرنَا عمر قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ سَمِعت إِدْرِيس بن يُوسُف القراطيسي وَكَانَ من جلة أَصْحَاب الشَّافِعِي قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول مَا رَأَيْت رجلا أعلم بالحرام والحلال والعلل والناسخ والمنسوخ من مُحَمَّد بن الْحسن
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَزَّاز قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن الْمُغلس قَالَ ثَنَا أَبُو عبيد قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول إِنِّي لأعرف الأستاذية عَليّ لمَالِك ثمَّ لمُحَمد بن الْحسن قَالَ أَبُو عبيد مَا رَأَيْت أحدا أعلم بِكِتَاب الله من مُحَمَّد بن الْحسن
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ ثَنَا أَبُو عبيد قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول لَو أنصف النَّاس الْفُقَهَاء لعلموا أَنهم لم يرَوا مثل مُحَمَّد بن الْحسن مَا جالست فَقِيها قطّ أفقه مِنْهُ وَلَا فتق لساني بالفقه مثله لقد كَانَ يحسن من الْفِقْه وأسبابه شَيْئا يعجز عَنهُ الأكابر
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا ابْن مغلس قَالَ سَمِعت أَبَا عبيد يَقُول قدمت على مُحَمَّد بن الْحسن فَرَأَيْت الشَّافِعِي عِنْده فَسَأَلَهُ عَن شَيْء فَأَجَابَهُ فَاسْتحْسن الْجَواب وَأخذ شَيْئا وَكتب فِيهِ فَرَآهُ مُحَمَّد بن الْحسن فوهب لَهُ مائَة دِرْهَم وَقَالَ لَهُ الزم إِن كنت تشْتَهي الْعلم فَسمِعت الشَّافِعِي يَقُول لقد كتبت عَن مُحَمَّد بن الْحسن وقر بعير ذكر ولولاه مَا فتق لي من الْعلم مَا انفتق فَالنَّاس كلهم فِي الْفِقْه عِيَال على أهل الْعرَاق وَأهل الْعرَاق عِيَال على أهل الْكُوفَة وَأهل الْكُوفَة كلهم عِيَال على أبي حنيفَة
(1/128)

أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ سَمِعت الْمُزنِيّ يَقُول لرجل من جالست قَالَ أَصْحَاب مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ كَانُوا وَالله يملاون الآذان إِذا تكلمُوا ويفتحون للفقهاء مَا ينغلق عَلَيْهِم إِذا غفلوا فَنظر إِلَيْهِ أَصْحَابه فَقَالَ وَالله مَا أَنا قلته من قبل نَفسِي حَتَّى سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول مَا هُوَ أَكثر مِنْهُ
أخبرنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن الفلاس قَالَ ثَنَا الْمُزنِيّ قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول مَا رَأَيْت أفْصح من مُحَمَّد بن الْحسن كنت إِذا سمعته يقْرَأ كَأَن الْقُرْآن نزل بلغته
حَدثنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن حَمَّاد بن سُفْيَان عَن الرّبيع بن سُلَيْمَان قَالَ سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول مَا سَأَلت أحدا عَن مَسْأَلَة إِلَّا تبين لي تغير وَجهه إِلَّا مُحَمَّد بن الْحسن
اُخْبُرْنَا احْمَد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد القَاضِي النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو بكر القاطيسي قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ قَالَ سَأَلت احْمَد بن حَنْبَل قلت هَذِه الْمسَائِل الدقاق من أَيْن لَك قَالَ من كتب مُحَمَّد بن الْحسن
حَدثنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا النَّخعِيّ القَاضِي قَالَ ثَنَا عبد الله بن الْعَبَّاس الطَّيَالِسِيّ قَالَ ثَنَا عَبَّاس الدوري قَالَ سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول كتبت الْجَامِع الصَّغِير عَن مُحَمَّد بن الْحسن
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المنصوري قَالَ ثَنَا ابْن كأس النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو عرُوبَة الْحَرَّانِي قَالَ ثَنَا عَمْرو بن أبي عَمْرو قَالَ قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن خلف أبي ثَلَاثِينَ ألفا دِرْهَم فأنفقت خَمْسَة عشر ألفا على النَّحْو وَالشعر وَخَمْسَة عشر ألفا على الحَدِيث وَالْفِقْه
(1/129)

حَدثنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا البخْترِي بن مُحَمَّد قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن سَمَّاعَة يَقُول قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن لأَهله لَا تَسْأَلُونِي حَاجَة من حوائج الدُّنْيَا فتشغلوا قلبِي خُذُوا مَا تحتاجون إِلَيْهِ من وَكيلِي فَإِنَّهُ أقل لهمي وأفرغ لقلبي
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا القَاضِي أَبُو بكر مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو خازم عبد الحميد بن عبد الْعَزِيز قَالَ حَدثنِي بكر بن خلف الْعمي قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن سَمَّاعَة قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن الْحسن الْفَقِيه قَالَ أَبُو خازم وَهُوَ مولى لبني يبان وأصلهم من قَرْيَة بَين فلسطين والرملة أعرفهَا وَأعرف قوما من أَهلهَا ثمَّ انتقلوا إِلَى الْكُوفَة قَالَ لما أشخصني الرشيد ليقلدني الْقَضَاء بِالشَّام وَردت مَدِينَة السَّلَام فَلَقِيت أَبَا يُوسُف وَهُوَ الَّذِي سماني وَأَشَارَ بِي فَقلت لَهُ من حَقي عَلَيْك ولزومي لَك وتصييري لَك أستاذا وإماما أَن تعفيني عَن هَذَا الْأَمر فَقَالَ لي أَنا رَاكب مَعَك إِلَى يحيى بن خَالِد فأكلمه فَركب معي إِلَى يحيى بن خَالِد فَلَمَّا دَخَلنَا عَلَيْهِ زَالَ لَهُ يحيى عَن مُصَلَّاهُ فَقعدَ مَعَه عَلَيْهِ وَقَعَدت بِبَاب الْبَيْت فَسَمعته يَقُول لَهُ هَذَا مُحَمَّد بن الْحسن وَمن حَاله كَذَا وَمن حَاله كَيْت وَكَيْت يصفني وَذكر امتناعي عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يحيى مَا تَقول فِيهِ قَالَ أَقُول إِنَّكُم إِن أعفيتموه لم تَجدوا مثله فَلَمَّا سمع يحيى كَلَامه لم يلْتَفت إِلَيّ مَا أَقُول وأمضى أَمْرِي فَلَمَّا ورد الرشيد الرقة أحضرت فَدخلت إِلَيْهِ أَنا وَالْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي وَأَبُو البخْترِي وهب بن وهب فَأخْرج إِلَيْنَا الْأمان الَّذِي كتب ليحيى ابْن عبد الله بن الْحسن فَدفع إِلَيّ فَقَرَأته وَقد علمت الْأَمر الَّذِي أحضرنا لَهُ فمثلت بَين أَن أظهر شَيْئا إِن كَانَ يتَعَلَّق بِهِ فِيهِ فأوجده السَّبِيل إِلَى قتل الرجل أَو أترك الطعْن عَلَيْهِ مَعَ مَا أعلم أَنه ينالني من موجدة الرشيد فآثرت أَمر الله وَالدَّار الْآخِرَة فَقلت هَذَا أَمَان مُؤَكد لَا حِيلَة فِي نقضه فَانْتزع الصَّك من يَدي وَدفع إِلَى
(1/130)

اللؤْلُؤِي فقرأه وَقَالَ كلمة ضَعِيفَة لَا أَدْرِي سَمِعت أَو لم تسمع هَذَا أَمَان فَانْتزع من يَده وَدفع إِلَى أبي البخْترِي فقرأه ثمَّ قَالَ مَا أرجيه وَلَا أرضاه هَذَا رجل سوء قد شقّ الْعَصَا وَسَفك دِمَاء الْمُسلمين وَفعل وَفعل فَلَا أَمَان لَهُ ثمَّ ضرب بِيَدِهِ إِلَى خفه وَأَنا أرَاهُ واستخرج سكينا فشق الْكتاب بنصفين ثمَّ دَفعه إِلَى الْخَادِم ثمَّ الْتفت إِلَى الرشيد فَقَالَ اقتله وَدَمه فِي عنقِي قَالَ فقمنا من الْمجْلس وأتاني رَسُول الرشيد أَن لَا أُفْتِي أحدا وَلَا أحكم فَلم أزل على ذَلِك إِلَى أَن أَرَادَت أم جَعْفَر أَن تقف وَقفا فوجهت إِلَيّ فِي ذَلِك فعرفتها أَنِّي قد نهيت عَن الْفتيا فكلمت الرشيد فَأذن لي قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فَكنت وكل من فِي دَار الرشيد يتعجب من أبي البخْترِي وَهُوَ حَاكم وفتياه بِمَا أفتى بِهِ وتقلده دم رجل من الْمُسلمين ثمَّ من حمله فِي خفه سكينا قَالَ وَلم يقتل الرشيد يحيى فِي ذَلِك الْوَقْت وَإِنَّمَا مَاتَ فِي الْحَبْس بعد مُدَّة قَالَ مُحَمَّد بن سَمَّاعَة فِي حَدِيثه ثمَّ قرب الرشيد مُحَمَّد بن الْحسن بعد ذَلِك وَتقدم عِنْده وولاه قَضَاء الْقُضَاة وَحمله مَعَه إِلَى الرّيّ فتوفى هُوَ وَالْكسَائِيّ بهَا فِي يَوْم وَاحِد فَقَالَ الرشيد دفنت الْفِقْه والنحو بِالريِّ قَالَ بكر الْعَمى فِي حَدِيثه إِن مُحَمَّد بن الْحسن لما أفتى بِصِحَّة الْأمان وَأفْتى أَبُو البخْترِي بنقضه وَأطلق لَهُ دَمه قَالَ لَهُ يحيى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يفتيك مُحَمَّد بن الْحسن وموضعه من الْفِقْه مَوْضِعه بِصِحَّة أماني ويفتيك هَذَا ينْقضه وَمَا لهَذَا والفتيا وَإِنَّمَا كَانَ أَبوهُ طبالا بِالْمَدِينَةِ
أخبرنَا القَاضِي عبد الله عَن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَبُو بكر الدَّامغَانِي الشَّيْخ الإِمَام قَالَ أنبأ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو عبد الله أَحْمد بن سهل الرَّازِيّ بِحَدِيث يحيى بن عبد الله بن الْحسن عَن مُوسَى بن عبد الله بن مُوسَى بن عبد الله بن الْحسن بن الْحسن عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق قَالَ أَنا حَاضر هَذَا كُله من هَارُون وَمُحَمّد بن الْحسن وَزَاد فِيهِ فَلَمَّا خرج مُحَمَّد جعل يبكي حَتَّى كثر بكاؤه فَقلت لَهُ يَا أَبَا عبد الله أَتَبْكِي هَذَا الْبكاء من أجل هَذِه
(1/131)

الشَّجَّة وَذَلِكَ أَن الرشيد رَمَاه بِدَوَاةٍ فَشَجَّهُ وسالت الدِّمَاء على وَجهه وثيابه وَقَالَ لَهُ إِنَّمَا يقوى عزم هَذَا وَأَمْثَاله فِي الْخُرُوج علينا أَنْت وأمثالك فَقَالَ لَا وَالله مَا من أجلهَا أبْكِي وَلَكِنِّي أبْكِي لتقصيري قلت لَهُ وَأي تَقْصِير كَانَ مِنْك وَقد قُمْت مقَاما لَيْسَ لأحد على وَجه الأَرْض أشرف مِنْهُ فَقَالَ قد كَانَ يَنْبَغِي لما قَالَ أَبُو البخْترِي مَا قَالَ أَن أَقُول لَهُ من أَيْن قلت ذَلِك حَتَّى أقيم عَلَيْهِ الْحجَّة بِفساد مَا قَالَه
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا القَاضِي مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن مغلس قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن سَمَّاعَة قَالَ كَانَ عِيسَى بن أبان حسن الْوَجْه وَكَانَ يُصَلِّي مَعنا وَكنت أَدْعُوهُ إِلَى أَن يَأْتِي مُحَمَّد بن الْحسن فَيَقُول هَؤُلَاءِ قوم يخالفون الحَدِيث وَكَانَ عِيسَى حسن الْحِفْظ للْحَدِيث فصلى مَعنا يَوْمًا الصُّبْح فَكَانَ يَوْم مجْلِس مُحَمَّد فَلم أفارقه حَتَّى جلس فِي الْمجْلس فَلَمَّا فرغ مُحَمَّد أدنيته إِلَيْهِ وَقلت لَهُ هَذَا ابْن أَخِيك أبان بن صَدَقَة الْكَاتِب وَمَعَهُ ذكاء وَمَعْرِفَة بِالْحَدِيثِ وَأَنا أَدْعُوهُ إِلَيْك فيأبى وَيَقُول إِنَّا نخالف الحَدِيث فَأقبل عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ يَا بني مَا الَّذِي رَأَيْتنَا نخالفه من الحَدِيث لَا تشهد علينا حَتَّى تسمع منا فَسَأَلَهُ يَوْمئِذٍ عَن خَمْسَة وَعشْرين بَابا من الحَدِيث فَجعل مُحَمَّد بن الْحسن يجِيبه عَنْهَا ويخبره بِمَا فِيهَا من الْمَنْسُوخ وَيَأْتِي بالشواهد والدلائل فَالْتَفت إِلَيّ بَعْدَمَا خرجنَا فَقَالَ كَانَ بيني وَبَين النُّور ستر فارتفع عني مَا ظَنَنْت أَن فِي ملك الله مثل هَذَا الرجل يظهره للنَّاس وَلزِمَ مُحَمَّد ابْن الْحسن لُزُوما شَدِيدا حَتَّى تفقه
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ مكرم قَالَ أنبأ مُحَمَّد بن مَسْرُوق القَاضِي قَالَ ثَنَا أَبُو عبد الله بن أبراهيم بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا شُعَيْب بن أَيُّوب عَن الْحسن بن زِيَاد قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن الْحسن يَقُول مذهبي وَمذهب أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عَليّ ثمَّ عُثْمَان
أخبرنَا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى المرزباني قَالَ أنبا الصولي قَالَ ثَنَا السكرِي قَالَ أَنْشدني إِسْمَاعِيل بن أبي مُحَمَّد اليزيدي لِأَبِيهِ يرثي مُحَمَّد بن الْحسن
(1/132)

وَالْكسَائِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا
(تصرمت الدُّنْيَا فَلَيْسَ لَهُ خُلُود ... وَمَا قد ترى من بهجة سيبيد)
(لكل امرىء منا من الْمَوْت منهل ... فَلَيْسَ إِلَّا عَلَيْهِ وُرُود)
(ألم تَرَ شيبا شَامِلًا ينذر البلى ... وَإِن الشَّبَاب الغض لَيْسَ يعود)
(سيأتيك مَا أفنى الْقُرُون الَّتِي مَضَت ... فَكُن مستعدا فالفناء عتيد)
(أسيت على قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد ... فأذريت دمعي والفؤاد عميد)
(فَقلت إِذا مَا أشكل الْخطب من لنا ... بإيضاحه يَوْمًا وَأَنت فقيد وأوجعني موت الْكسَائي بعده ... وكادت بِي الأَرْض الفضاء تميد)
(هما عالمانا أوديا وتخرما ... فَمَا لَهما فِي الْعَالمين نديد)
(فحزني مَتى يخْطر على الْقلب خطرة ... بذكراهما حَتَّى الْمَمَات جَدِيد)
أخبرنَا المرزباني قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة النَّحْوِيّ قَالَ مَاتَ مُحَمَّد بن الْحسن وَالْكسَائِيّ بِالريِّ سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة فَقَالَ الرشيد دفنت الْفِقْه والعربية بِالريِّ
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام قَالَ حَدثنِي سُلَيْمَان بن دَاوُد بن كثير الْبَاهِلِيّ وَعبد الْوَهَّاب بن عِيسَى قَالَا ثَنَا مُحَمَّد بن أبي رَجَاء القَاضِي قَالَ سَمِعت أبي قَالَ رَأَيْت مُحَمَّد بن الْحسن فِي الْمَنَام فَقلت مَا صنع بك رَبك قَالَ أدخلني الْجنَّة وَقَالَ لي لم أصيرك وعاءا للْعَمَل وَأَنا أُرِيد أَن أعذبك قَالَ قلت فَأَبُو يُوسُف قَالَ ذَاك فَوقِي أَو فَوْقنَا بِدَرَجَة قَالَ قلت فَأَبُو حنيفَة قَالَ ذَاك فِي أَعلَى عليين
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام عَن أبي خازم القَاضِي قَالَ سَمِعت بكرا الْعمي يَقُول إِنَّمَا أَخذ مُحَمَّد بن سَمَّاعَة وَعِيسَى بن أبان حسن الصَّلَاة من مُحَمَّد بن الْحسن رَضِي الله عَنهُ
(1/133)

أَخْبَار الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي

حَدثنَا عَبَّاس بن أَحْمد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عبد الحميد الْحَارِثِيّ قَالَ مَا رَأَيْت أحسن خلقا من الْحسن بن زِيَاد وَلَا أقرب مأخذا وَلَا أسهل جانبا قَالَ وَكَانَ الْحسن يكسو مماليكه مِمَّا يكسو نَفسه
حَدثنَا الْعَبَّاس قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن بن زِيَاد عَن أَبِيه أَن الْحسن بن زِيَاد أستفتي فِي مَسْأَلَة فَأَخْطَأَ فَلم يعرف الَّذِي أفتاه فاكترى مناديا فَنَادَى إِن الْحسن بن زِيَاد استفتى يَوْم كَذَا وَكَذَا فِي مَسْأَلَة فَأَخْطَأَ فَمن كَانَ أفتاه الْحسن بن زِيَاد بِشَيْء فَليرْجع إِلَيْهِ قَالَ فَمَكثَ أَيَّامًا لَا يُفْتِي حَتَّى وجد صَاحب الْفَتْوَى فَأعلمهُ أَنه أَخطَأ وَأَن الصَّوَاب كَذَا وَكَذَا
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن عبيد الله الهمذاني قَالَ سَمِعت يحيى بن آدم يَقُول مَا رَأَيْت أفقه من الْحسن بن زِيَاد
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو قَالَ ثَنَا القَاضِي النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا عَليّ ابْن عُبَيْدَة قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ ثَنَا عَليّ بن صَالح قَالَ كُنَّا عِنْد أبي يُوسُف فَأقبل الْحسن بن زِيَاد فَقَالَ أَبُو يُوسُف بادروه فسائلوه وَإِلَّا لم تقووا عَلَيْهِ فَأقبل
(1/135)

الْحسن بن زِيَاد فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم يَا أَبَا يُوسُف مَا تَقول مُتَّصِلا بِالسَّلَامِ قَالَ فَلَقَد رَأَيْت أَبَا يُوسُف يلوي وَجهه إِلَى هَذَا الْجَانِب مرّة وَإِلَى هَذَا الْجَانِب مرّة من كَثْرَة إدخالات الْحسن عَلَيْهِ ورجوعه من جَوَاب إِلَى جَوَاب
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو قَالَ ثَنَا النَّخعِيّ القَاضِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور الْأَسدي قَالَ سَأَلت نمر بن جِدَار فَقلت أَيّمَا أفقه الْحسن بن زِيَاد أَو مُحَمَّد بن الْحسن فَقَالَ الْحسن وَالله لقد رَأَيْت الْحسن بن زِيَاد يسْأَل مُحَمَّدًا حَتَّى بَكَى مُحَمَّد مِمَّا يخطئه قَالَ فَقلت لَهُ قد لقِيت أَبَا يُوسُف وحسنا ومحمدا فَكيف رَأَيْتهمْ فَقَالَ أما مُحَمَّد فَكَانَ أحسن النَّاس جَوَابا وَلم يكن سُؤَاله على قدر جَوَابه وَكَانَ الْحسن بن زِيَاد أحسن النَّاس سؤالا وَلم يكن جَوَابه على حسب سُؤَاله وَكَانَ أَبُو يُوسُف أحْسنهم سؤالا وَأَحْسَنهمْ جَوَابا
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا مليح بن وَكِيع قَالَ ثَنَا أبي قَالَ كَانَ الْحسن بن زِيَاد يلْزم أَبَا حنيفَة فَقَالَ أَبوهُ لي بَنَات وَلَيْسَ لنا غَيره فَقَالَ أشر عَلَيْهِ بِمَا يَنْفَعهُ فَقَالَ لَهُ وَقد جَاءَ إِن أَبَاك قَالَ كَيْت وَكَيْت الزم فَإِنِّي لم أر فَقِيها قطّ فَقِيرا وَكَانَ يجْرِي عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَقل
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ سَمِعت ابْن سَمَّاعَة قَالَ سَمِعت الْحسن ين زِيَاد قَالَ كتبت عَن ابْن جريج اثْنَي عشر ألف حَدِيث كلهَا يحْتَاج إِلَيْهَا الْفُقَهَاء ط
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا أَحْمد بن يُونُس قَالَ لما ولى الْحسن بن زِيَاد الْقَضَاء لم يوفق فِيهِ وَكَانَ حَافِظًا لقَوْل أَصْحَابه فَبعث إِلَيْهِ البكائي وَيحك إِنَّك لم توفق فِي الْقَضَاء وَأَرْجُو أَن يكون هَذَا لخيرة أرادها الله بك فاستعف فاستعفى واستراح
(1/136)

أخبرنَا عبد الله بن الشَّاهِد قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ سَمِعت الْحسن بن أبي مَالك قَالَ كَانَ الْحسن بن زِيَاد إِذا جَاءَ إِلَى أبي يُوسُف همته نَفسه قَالَ ابْن شُجَاع سَمِعت ابْن زِيَاد يَقُول مكثت أَرْبَعِينَ سنة لَا أَبيت إِلَّا والسراج بَين يَدي
أخبرنَا أَبُو عبيد الله المرزباني قَالَ ثَنَا أَحْمد بن خلف قَالَ ثَنَا الْحُسَيْن بن حميد النَّحْوِيّ قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن اللَّيْث الدهْقَان عَن بعض أَصْحَابه قَالَ كَانَ الرشيد أَمر الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي أَن يصير إِلَى الْمَأْمُون أَيَّام كَانَ بالرقة فِي كل أُسْبُوع يَوْمًا فيذاكره الْفِقْه ويسأله عَن الحَدِيث وَاخْتِلَاف النَّاس فِيهِ قَالَ فَبينا اللؤْلُؤِي فِي بعض اللَّيَالِي عِنْده بالرقة يحدثه إِذْ نعس الْمَأْمُون فَقَالَ لَهُ اللؤْلُؤِي سَمِعت أَيهَا الْأَمِير فَفتح عَيْنَيْهِ وَقَالَ سوقي وَالله يَا غُلَام خُذ بِيَدِهِ فَأخْرجهُ فَأخْرج فَلم يدْخل عَلَيْهِ بعد ذَلِك فبغ الرشيد فَقَالَ متمثلا
(وَهل الخطى إِلَّا وشيجة ... وتغرس إِلَّا فِي منابتها النّخل)
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْأَسدي قَالَ أنبأ أَبُو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ أنبأ الطَّحَاوِيّ أَن الْحسن بن زِيَاد وَالْحسن بن أبي مَالك توفيا جَمِيعًا فِي سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ رَضِي الله عَنْهُمَا
(1/137)

أَخْبَار عبد الله بن الْمُبَارك

أخبرنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفَتْح المنصوري قَالَ ثَنَا ابْن كأس قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن الرّبيع قَالَ ثَنَا حَامِد بن آدم قَالَ سَمِعت عبد الله بن الْمُبَارك يَقُول مَا رَأَيْت نَفسِي فِي مجْلِس أذلّ مِنْهَا فِي مجْلِس أبي حنيفَة
حَدثنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد قَالَ ثَنَا عَليّ قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان قَالَ ثَنَا عَليّ بن الْحسن الشقيقي قَالَ سَمِعت بن الْمُبَارك يَقُول مَا اخْتلفت إِلَى سُفْيَان حَتَّى صَار علم أبي حنيفَة فِي كفي
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق قَالَ ثَنَا إِسْحَاق عَن عبد الرَّزَّاق قَالَ سَمِعت
(1/139)

ابْن الْمُبَارك يَقُول لَو كَانَ لأحد من أهل الزَّمَان أَن يَقُول بِرَأْيهِ فَأَبُو حنيفَة أَحَق أَن يَقُول بِرَأْيهِ
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الحريري قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا القَاضِي النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا سُلَيْمَان بن الرّبيع قَالَ ثَنَا حَامِد بن آدم عَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ إِذا اجْتمع أَبُو حنيفَة وسُفْيَان على شَيْء فَمن يَقُول لَهما
حَدثنَا عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا أَحْمد بن الْحُسَيْن الزَّعْفَرَانِي نزيل وَاسِط قَالَ ثَنَا أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة قَالَ سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول ولد ابْن الْمُبَارك سنة ثَمَانِي عشرَة وَمِائَة
حَدثنَا عَليّ بن الْحسن قَالَ ثَنَا الزَّعْفَرَانِي قَالَ ثَنَا ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ سَمِعت الْوَلِيد بن شُجَاع يَقُول عبد الله بن الْمُبَارك يكنى أَبَا عبد الرَّحْمَن
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عَليّ بن الْحُسَيْن بن حَيَّان عَن أَبِيه قَالَ أنبأ يحيى بن معِين قَالَ روى عَن أبي حنيفَة سُفْيَان الثَّوْريّ وَعبد الله بن الْمُبَارك وَحَمَّاد بن زيد ووكيع وَعباد بن الْعَوام وَجَرِير قَالَ يحيى بن معِين ابْن الْمُبَارك أوثق عِنْدِي من عبد الرَّزَّاق وَمعمر كَذَا وَالله عِنْدِي هُوَ من أثبت النَّاس فِيمَا يتحدث بِهِ وَهُوَ من خِيَار الْمُسلمين
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَليّ الْأَبَّار قَالَ ثَنَا أَبُو بكر الطَّالقَانِي قَالَ ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي قَالَ كل حَدِيث لَا يعرفهُ ابْن الْمُبَارك فإننا لَا نعرفه
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا عَليّ بن صَالح الْبَغَوِيّ عَن الْحسن بن عَرَفَة الْعَبْدي قَالَ قَالَ عبد الله بن الْمُبَارك لَا نكذب الله فِي أَنْفُسنَا إمامنا فِي الْفِقْه أَبُو حنيفَة وَفِي الحَدِيث سُفْيَان فَإِذا اتفقَا لَا أُبَالِي بِمن خالفهما
(1/140)

أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحلْوانِي قَالَ ثَنَا القَاضِي مكرم قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الْحمانِي قَالَ قَالَ ابْن مقَاتل سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقع كتبت كتب أبي حنيفَة غير مرّة فَكَانَت تقع فِيهَا زيادات فأكتبها قَالَ ابْن الْمُبَارك إِذا رَأَيْت الرجل يَقُول فِي أبي حنيفَة ويذكره بالسوء فَإِنَّهُ ضيق الْعلم فَلَا تعبأ بِهِ قَالَ وَكَانَ ابْن الْمُبَارك إِذا ذكر أَبَا حنيفَة بَكَى لحبه لَهُ
أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد الشَّاهِد قَالَ ثَنَا عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ حَدثنِي حسن بن عِيسَى قَالَ حَضَرنَا بَاب سُفْيَان بن عُيَيْنَة لَيْلًا وَنحن ننتظره وَهَذَا عِنْد عشَاء الْآخِرَة فَقَائِل يَقُول هُوَ عِنْد يحيى بن خَالِد وَقَائِل يَقُول هُوَ عِنْد جَعْفَر بن يحيى فَقَالَ رجل مِنْهُم يَا رب مَا يَنْبَغِي ترى عَيْني رجلا وَاحِدًا سوى هَذَا الْعلم بَين النَّاس فَقَالَ رجل ظَنَنْت أَنه من اهل الْبرة بلَى عبد الله بن الْمُبَارك فَقَالَ آخر فهات غَيره فَسكت فَقدمت الْكُوفَة فَحدثت بِهَذَا ابْن الْمُبَارك إِلَّا أَنِّي لم أقل سميت أَنْت قلت سموا رجلا فَكَأَنَّهُ أحس ثمَّ قَالَ أَلا قَالُوا فُضَيْل بن عِيَاض قلت لم يَقُولُوا فَسكت
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن مقَاتل قَالَ ثَنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ لقِيت ألفا من الْعلمَاء فَمَا رَأَيْت أحدا يَفِي بعقل هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة قلت من قَالَ ابْن عون الْوَرع الزَّاهِد الْعَالم وَأَبُو حنيفَة وسُفْيَان الثَّوْريّ قلت لَهُ أَبُو حنيفَة من هَؤُلَاءِ قَالَ أُفٍّ أُفٍّ أُفٍّ لَك لَوْلَا أَنِّي لقِيت أَبَا حنيفَة لَكُنْت من الفلاسين الَّذين يبيعون الْفُلُوس بِبَغْدَاد وَلَوْلَا أَنِّي لقِيت أَبَا حنيفَة لَكُنْت من المبتدعة
حَدثنَا عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الزَّعْفَرَانِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة قَالَ ثَنَا سعيد بن قديد صَاحب دكان لأبي وليحيى بن معِين قَالَ سَمِعت عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق قَالَ سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول أول الْعلم النِّيَّة ثمَّ الإستماع ثمَّ الْفَهم ثمَّ الْعَمَل بِهِ ثمَّ الْحِفْظ ثمَّ النشر
(1/141)

أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن شيبَة عَن جده يَعْقُوب عَن بعض شُيُوخه عَن عَطِيَّة بن أَسْبَاط وَكَانَ على أُخْت ابْن الْمُبَارك قَالَ كَانَ ابْن الْمُبَارك إِذا قدم الْكُوفَة تقدم على زفر فيعيره كتبه عَن أبي حنيفَة فيكتبها حَتَّى كتبهَا مرَارًا وَسَأَلَهُ رجل فَقَالَ أَيّمَا أفقه أَبُو حنيفَة أم مَالك فَقَالَ أَبُو حنيفَة أفقه من ملْء الأَرْض مثل مَالك
حَدثنَا عَليّ بن الْحسن الرَّازِيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الزَّعْفَرَانِي قَالَ ثَنَا ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ ثَنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل قَالَ سَمِعت سَلام بن أبي مُطِيع قَالَ مَا خلف ابْن الْمُبَارك بالمشرق مثله
حَدثنَا عَليّ بن الْحسن قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن قَالَ ثَنَا ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ سَمِعت أبي قَالَ قَالَ لي شُعْبَة عرفت ابْن الْمُبَارك قلت نعم قَالَ مَا قدم علينا من ناحيته مثله
(1/142)

أَخْبَار إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن أبي حنيفَة

أخبرنَا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى المرزباني قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد الْكَاتِب قَالَ ثَنَا أَبُو العيناء مُحَمَّد بن الْقَاسِم قَالَ حضر إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن أبي حنيفَة جَنَازَة امْرَأَة من العلويين بِالْكُوفَةِ وَهُوَ قاضيها فازدحم النَّاس عَلَيْهَا وتمسحوا بهَا فَدَنَا من إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد رجل فَقَالَ أصلحك الله أما ترى مَا يصنع هَؤُلَاءِ الْجُهَّال فَقَالَ اسْكُتْ لَو كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيا لعزى بِهَذِهِ
حَدثنَا المرزباني قَالَ ثَنَا الحكيمي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم قَالَ لما عزل إِسْمَاعِيل ابْن حَمَّاد بن أبي حنيفَة عَن قَضَاء الْبَصْرَة شيعه يحيى بن أَكْثَم وَكَانَ هُوَ الصَّارِف لَهُ فَدَعَا لَهُ النَّاس وَقَالُوا عففت عَن أَمْوَالنَا وَعَن دمائنا فَقَالَ إِسْمَاعِيل وَعَن أَبْنَائِكُم يعرض بِيَحْيَى فِي اللواط
حَدثنَا المرزباني قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد الْكَاتِب قَالَ ثَنَا أَبُو العيناء مُحَمَّد بن الْقَاسِم قَالَ قَالَ إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن أبي حنيفَة مَا ورد عَليّ مثل امْرَأَة تقدّمت إِلَيّ فَقَالَت أَيهَا القَاضِي ابْن عمي زَوجنِي من هَذَا وَلم أعلم فَلَمَّا علمت رددت قَالَ قلت لَهَا وَمَتى مَا رددت قَالَت وَقت مَا علمت قلت وَمَتى علمت قَالَت وَقت مَا رددت قَالَ فَمَا رَأَيْت مثلهَا
(1/143)

حَدثنَا المرزباني قَالَ ثَنَا الحكيمي قَالَ ثَنَا أَبُو العيناء قَالَ قَالَ رجل لإسماعيل بن حَمَّاد قد ذهب نصفك قَالَ لَو بقيت مني شَعْرَة لبقي فِيهَا مَا يقْضِي عَلَيْك
حَدثنَا المرزباني قَالَ أنبأ الصولي قَالَ حَدثنِي الْمبرد قَالَ حَدثنِي التوزي قَالَ كنت أسمع إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد يتَمَثَّل كثيرا بِهَذِهِ الأبيات فَيَقُول
(فَمَا تزَود مِمَّا كَانَ يجمعه ... سوى حنوط غَدَاة الْبَين مَعَ خرق)
(وَغير نفحة أَعْوَاد تشب لَهُ ... وَقل ذَلِك من زَاد لمنطلق)
(بِأَيّ بَلْدَة تقدر منيته ... إِن لَا يسير إِلَيْهَا طَائِعا يسق)
حَدثنَا المرزباني قَالَ ثَنَا الحكيمي قَالَ ثَنَا ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ أَخْبرنِي سُلَيْمَان بن أبي شيخ قَالَ أَنْشدني إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد
(يَا وَيْح ميت لم يبكه أحد ... أجل وَلم يفتقده مفتقد)
(لَا أم أَوْلَاده بكته وَلم ... يبك عَلَيْهِ لفقده ولد)
(وَلَا ابْن أُخْت بَكَى وَلَا ابْن أَخ ... وَلَا قريب رقت لَهُ كبد)
(بل زَعَمُوا أَن أَهله فَرحا ... لما أَتَاهُم نعيه سجدوا)
حَدثنَا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن عمرَان بن مُوسَى قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا عبد الله بن أبي سعد الْوراق عَن مُحَمَّد بن عمرَان قَالَ حَدثنِي عمار بن أبي مَالك الْجَنبي قَالَ ثَنَا إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن أبي حنيفَة قَالَ سَأَلَ عِيسَى بن مُوسَى بن أبي ليلى وَابْن شبْرمَة عَن مَسْأَلَة فَأصَاب ابْن شبْرمَة وهم ابْن أبي ليلى فَقَالَ ابْن شبْرمَة
(لم يطيقواأن ينزلُوا فنزلنا ... وأخو ألحرب من أطَاق النزولا) ثمَّ سَأَلَهَا بعد عَن مَسْأَلَة فَأَخْطَأَ ابْن شبْرمَة وَأصَاب ابْن أبي ليلى فَقَالَ ابْن أبي ليلى
(1/144)

(وَابْن اللَّبُون إِذا مَا لز فِي قرن ... لم يسْتَطع صولة البزل القناعيس)
حَدثنَا المرزباني قَالَ ثَنَا الحكيمي قَالَ ثَنَا أَبُو العيناء كَانَ قَالَ إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد يُسمى الْأُمَنَاء الكمناء
أخبرنَا القَاضِي عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَبُو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ سَمِعت ابْن أبي عمرَان يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بن مَرْوَان الْخفاف يَقُول وَكَانَ من فُقَهَاء أَصْحَابنَا قَالَ سَمِعت إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن أبي حنيفَة يَقُول كَانَ لي على رجل صك بِثمَانِيَة آلَاف دِرْهَم فقضاني مِنْهَا سِتَّة آلَاف وَبقيت لي عَلَيْهِ ألفا دِرْهَم فجحدني وَالْقَاضِي يَوْمئِذٍ شريك بن عبد الله فقدمته إِلَيْهِ وَقلت أعز الله القَاضِي لي على هَذَا الرجل صك بِثمَانِيَة آلَاف دِرْهَم وَأَنا أطالبه مِنْهَا بألفي دِرْهَم فَقَالَ لي شريك مَا هَذَا الْكَلَام وَأَنت يَا ابْن أبي حنيفَة تدع لأحد دِرْهَمَيْنِ فأقامني فَأتيت الْقَاسِم بن معن فَأَخْبَرته بقضيتي فَقَالَ لي الْقَاسِم كلفت شَرِيكا مَا لَا يفهم أَنا أكفيكه فَلَقِيَهُ ففهمه ذَلِك ثمَّ لَقِيَنِي فَأمرنِي بالتقدم إِلَيْهِ فتقدمت إِلَيْهِ فادعيت كَمَا ادعيت أول مرّة فَقَالَ لي نعم هَكَذَا يَا ابْن أبي حنيفَة ثمَّ دَعَاني بِالْبَيِّنَةِ فأحضرته شهودي فَحكم لي وَقد كنت عِنْدَمَا أردْت التَّقَدُّم إِلَيْهِ منعت حَتَّى وهبت للَّذي يقوم على رَأسه دَرَاهِم فَقَدَّمَنِي ثمَّ أتيت الْقَاسِم بن معن فَأَخْبَرته بذلك كُله وَقلت لَهُ رَأَيْت فِي مَجْلِسه مُنْكرا رَأَيْت الَّذِي يقوم على رَأسه يقدم من شَاءَ وَيُؤَخر من شَاك وَأَنا مِمَّن قدمه بِدَرَاهِم أَخذهَا مني فَقَالَ لي وَأَنت أَيْضا يَا إِسْمَاعِيل قد كَانَ مِنْك أَمر مُنكر لِأَنَّك أَعْطَيْت دَرَاهِم حَتَّى أخر عَنْك من كَانَ يجب أَن يقدم عَلَيْك فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك عزل شريك من الْقَضَاء وَولى الْقَاسِم بن معن ثمَّ ولى إِسْمَاعِيل أَيْضا بعده فقضوا هَؤُلَاءِ جَمِيعًا على الْكُوفَة وَزَاد عَلَيْهِم فَقضى على جَوَانِب بَغْدَاد كلهَا وعَلى الْبَصْرَة فَلم يزل بهَا حَتَّى أَصَابَهُ الفالج فَكتب يسْتَأْذن فِي الإنصراف فَأذن لَهُ
(1/145)

أَخْبَار أبي مُوسَى عِيسَى ابْن ابان بن صَدَقَة رَضِي الله عَنهُ

قد تقدم فِي أَخْبَار مُحَمَّد بن الْحسن رَحمَه الله السَّبَب فِي تفقه عِيسَى بن أبان وَأَن مُحَمَّد بن سَمَّاعَة حمله إِلَى مُحَمَّد بن الْحسن كرها فَلَمَّا شَاهده وَسمع كَلَامه لزمَه وتفقه عَلَيْهِ
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْأَسدي قَالَ أنبأ أَبُو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن سَلمَة بن سَلامَة قَالَ سَمِعت أَبَا خازم يَقُول إِنَّمَا لزم عِيسَى بن أبان مُحَمَّد بن الْحسن سِتَّة أشهر ثمَّ كَانَ يكاتبه إِلَى الرقة
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ أَبُو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ أنبأ الطَّحَاوِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو خازم قَالَ ثَنَا عبد الرَّحْمَن ين نائل قَالَ كَانَ عِيسَى بن هَارُون الْهَاشِمِي ترب الْمَأْمُون وَكَانَ سمع الحَدِيث مَعَه وَمَعَ الْأمين لما كَانَ هَارُون أشخص النَّاس إِلَيْهِمَا من الْبلدَانِ حَتَّى يسمعا مِنْهُم قَالَ فَجمع عِيسَى بن هَارُون هَذَا أَحَادِيث مِقْدَار كتاب فَوَضعه بَين يَدي الْمَأْمُون فَقَالَ لَهُ أصلح الله امير الْمُؤمنِينَ هَذِه احاديث سَمعتهَا مَعَك من الْمَشَايِخ الَّذين كَانَ الرشيد يختارهم لَك فقد صَارَت غاشية مجلسك الَّذين يخالفون هَذِه الْأَحَادِيث مِنْهُم إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد وَبشر بن الْوَلِيد وَبشر بن غياث وَمُحَمّد بن سَمَّاعَة وَيحيى بن أَكْثَم وَذكر مَعَهم جمَاعَة من أمثالهم فَإِن كَانَ مَا هَؤُلَاءِ عَلَيْهِ هُوَ الْحق فقد كَانَ الرشيد فِيمَا كَانَ يخْتَار لَك على خطأ
(1/147)

وَإِن كَانَ الرشيد على صَوَاب فَيَنْبَغِي لَك أَن تَنْفِي عَنْك أَصْحَاب الْخَطَأ فَأخذ الْمَأْمُون الْكتاب وَقَالَ لعيسى لَعَلَّ للْقَوْم حجَّة وَأَنا سائلهم عَن ذَلِك فَكَانَ أول من دخل عَلَيْهِ إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد فَأخْبر الْمَأْمُون الْخَبَر فَقَالَ إِسْمَاعِيل أَنا أكفيك هَذَا الْكتاب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وأوضح لَك الْحجَّة فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون فشأنك بهَا وَدفع إِلَيْهِ الْكتاب فَأَقَامَ عِنْده مُدَّة ثمَّ جَاءَهُ بِهِ وقرأه الْمَأْمُون فَإِذا هُوَ ضرب من السب فَلم يحفل بِهِ وَقَالَ لَيْسَ هَذَا من جَوَاب الْقَوْم فِي شَيْء ثمَّ أَخذ مِنْهُ الْكتاب فَدخل إِلَيْهِ بشر بن غياث فَأخْبرهُ الْخَبَر فَقَالَ بشر أَنا أكفيك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَأَخذه ثمَّ جَاءَ بعد ذَلِك بِكِتَاب فَقَالَ هَذَا جَوَابه فقرأه الْمَأْمُون فَإِذا فِيهِ دفع قبُول خبر الْوَاحِد فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون لَيْسَ هَذَا من جَوَاب الْقَوْم فِي شَيْء إِن أَصْحَابك يحتجون بِهِ فِي بعض مسائلهم وَيَصْدُرُونَ كتبهمْ بِخَبَر الْوَاحِد فَإِن كَانَ خبر الْوَاحِد مِمَّا يجوز الْعَمَل بِهِ فِي شَيْء جَازَ الْعَمَل بِهِ فِي أَمْثَال ذَلِك الشَّيْء وَإِن كَانَ لَا يجوز الْعَمَل بِهِ فِي شَيْء فَلم وضعوه فِي كتبهمْ ثمَّ أَخذ مِنْهُ الْكتاب الَّذِي كَانَ دَفعه إِلَيْهِ فَكَانَ أول من دخل إِلَيْهِ بعد ذَلِك يحيى بن أَكْثَم فَأخْبرهُ الْمَأْمُون الْخَبَر فَقَالَ لَهُ ادفعه إِلَيّ وَأَنا أكفيكه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَدفعهُ إِلَيْهِ فَأَقَامَ فِيهِ دهرا طَويلا كلما سَأَلَهُ الْمَأْمُون قَالَ لم أفرغ فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون إِن هَذَا الْأَمر طَوِيل فَمَا توجب لَك الْحِكْمَة هَذَا عِنْدِي لَو أَقمت الْحجَّة لِأَن مخالفك إِنَّمَا بَين خِلافك وَالْحجّة عَلَيْك فِي كتاب وَاحِد ولعلك أَنْت لَا تحتج عَلَيْهِ فِي مائَة كتاب فَبلغ ذَلِك عِيسَى بن أبان وَلم يكن يدْخل على الْمَأْمُون قبل ذَلِك فَوضع كتاب الْحجَّة الصَّغِير فابتدأ فِيهِ بِوُجُوه الْأَخْبَار وَكَيف نقل وَمَا يجب قبُوله مِنْهَا وَمَا يجب رده وَمَا يجب علينا وَمَا إِذا سمعنَا المتضاد مِنْهَا وكشف الْأَحْوَال فِي ذَلِك ثمَّ وضع لتِلْك الْأَحَادِيث أبوابا وَذكر فِي كل بَاب حجَّة أبي حنيفَة ومذهبه وَمَا لَهُ فِيهِ من الْأَخْبَار وَمَا لَهُ فِيهِ من الْقيَاس حَتَّى استقصى ذَلِك استقصاء حسنا وَعمل فِي كِتَابه حَتَّى صَار إِلَى يَد الْمَأْمُون فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ هَذَا جَوَاب الْقَوْم اللَّازِم لَهُم ثمَّ أنشأ يَقُول
(حسدوا الْفَتى إِذْ لم ينالوا سَعْيه ... فالقوم أَعدَاء لَهُ وخصوم
(1/148)

(كضرائر الْحَسْنَاء قُلْنَ لوجهها ... حسدا وبغيا إِنَّه لدميم)
ثمَّ سَأَلَ عَن وَاضع ذَلِك الْكتاب وَعَن أَحْوَاله فَأخْبر بِهِ فَأمر بِهِ مُنْذُ يَوْمئِذٍ فَصَارَ يحضر مَعَ الْفُقَهَاء
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ أَبُو بكر الدَّامغَانِي الْفِقْه قَالَ ثَنَا الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا خازم القَاضِي يَقُول مَا رَأَيْت لأهل بَغْدَاد حَدثا أذكى من عِيسَى بن أبان وَبشر بن الْوَلِيد وَقَالَ أَبُو خازم كَانَ عِيسَى رجلا سخيا جدا وَكَانَ يَقُول وَالله لَو أتيت بِرَجُل يفعل فِي مَاله كفعلي فِي مَالِي لحجرت عَلَيْهِ قَالَ وَقدم إِلَيْهِ رجل مُحَمَّد بن عباد المهلبي فَادّعى عَلَيْهِ أَرْبَعمِائَة دِينَار فَسَأَلَهُ عِيسَى عَمَّا ادّعى عَلَيْهِ فَأقر لَهُ بذلك فَقَالَ لَهُ الرجل احبسه لي فَقَالَ لَهُ عِيسَى أما الْحَبْس فَوَاجِب لَك وَلَكِنِّي لَا أرى حبس أبي عبد الله وَأَنا أقدر على فدائه من مَالِي فغرمها عَنهُ عِيسَى من مَاله
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْأَسدي قَالَ ثَنَا أَبُو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت ابْن أبي عمرَان يَقُول سَمِعت أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الْكَلْبِيّ الْفَقِيه قَالَ حضرت عِيسَى بن أبان وَهُوَ يَمُوت فَقَالَ لي يَا كَلْبِي احص مَا لي من المَال فأحصيت فَإِذا مَال كثير ثمَّ قَالَ لي إحص مَا عَليّ من الدّين فأحصيت فَإِذا هُوَ قريب من مَاله فَقَالَ لي كَانُوا يحبونَ ان أَن يعيشوا عَيْش الْأَغْنِيَاء ويموتوا موت الْفُقَرَاء
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ أَبُو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ ثَنَا الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا خازم يَقُول سَمِعت بكرا يَقُول مَا رَأَيْت أحدا قطّ فتمنيت أَن أكون مثله إِلَّا مُحَمَّد بن سَمَّاعَة وَمَا رَأَيْت قطّ فقيهين متواخيين كل وَاحِد مِنْهُمَا يُوجب لصَاحبه كإيجابه لنَفسِهِ غير مُحَمَّد بن سَمَّاعَة وَعِيسَى بن أبان
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَبُو بكر الدَّامغَانِي قَالَ ثَنَا الطَّحَاوِيّ قَالَ ثَنَا أَبُو بكرَة بكار بن قُتَيْبَة قَالَ سَمِعت هِلَال بن يحيى يَقُول مَا ولى الْبَصْرَة مُنْذُ كَانَ
(1/149)

الْإِسْلَام وَإِلَى وقتنا هَذَا قَاض أفقه من عِيسَى بن أبان
أخبرنَا عبيد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا الدَّامغَانِي قَالَ ثَنَا الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت إِبْرَاهِيم ابْن حميد الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بالكلابزي يَقُول سَمِعت أبي يَقُول كُنَّا نخاصم إِلَى عِيسَى بن أبان وَهُوَ قَاضِي الْبَصْرَة فِي ضيعتنا الْمَعْرُوفَة بالكلابزية وَفِي الشَّرَائِط الَّتِي هُوَ مَوْقُوفَة عَلَيْهَا فَكَانَ يرددنا فِي ذَلِك فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْم من الْأَيَّام تقدمنا إِلَيْهِ فَقُلْنَا أَيهَا القَاضِي قد طَال أمرنَا فِي هَذِه الضَّيْعَة واحتجنا إِلَى أَن يفصل القَاضِي بَيْننَا فَأَنا لَا نَدْرِي إِلَى من نرْجِع سواهُ قَالَ فَمد يَده فَأخذ طويلته من رَأسه ثمَّ قَالَ وَالله مَا يحسن القَاضِي جَوَاب مسألتكم هَذِه فَإِن صَبَرْتُمْ إِلَى أَن يفتح الله فِيهَا شَيْئا لي وَلكم وَإِن لم تَفعلُوا فشأنكم
أخبرنَا القَاضِي عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَبُو بكر الدَّامغَانِي الشَّيْخ الْفَقِيه قَالَ أنبأ الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت بكار بن قُتَيْبَة يَقُول تقدم رجل إِلَى عِيسَى بن أبان وَهُوَ يَلِي الْقَضَاء عندنَا بِالْبَصْرَةِ فِي خصومه فَأمر بِهِ يوجأ قَفاهُ فَفعل ذَلِك وَادّعى ذهَاب بَصَره وَخرج إِلَى المعتصم رَافعا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ إِلَى من تحب أَن نكتب لَك من أهل الْبَصْرَة فَقَالَ إِلَى عبد الله بن مُحَمَّد بن عَائِشَة التَّيْمِيّ فَأمر لَهُ بِالْكتاب إِلَيْهِ فِي النّظر بَينه وَبَين عِيسَى فِي ذَلِك فأوصل الرجل الْكتاب إِلَى ابْن عَائِشَة لما قدم فَبعث ابْن عَائِشَة إِلَى عِيسَى فَأعلمهُ ذَلِك فوعده بالحضور إِلَى الْمَسْجِد الْأَعْظَم للنَّظَر فِي ذَلِك فَسبق ابْن عَائِشَة وَجلسَ إِلَى سَارِيَة من سواري الْمَسْجِد ثمَّ جَاءَ عِيسَى وَكنت يَوْمئِذٍ مَعَه وَمَعَهُ أمناؤه وَأَصْحَابه فَلم يتهيأ لَهُ الدُّخُول من بَاب من أَبْوَاب الْمَسْجِد لما فِيهِ من النَّاس فَدخل ودخلنا مَعَه من حَيْثُ يدْخل المؤذنون يَوْم الْجُمُعَة فَعمد عِيسَى إِلَى سَارِيَة الحكم الَّتِي كَانَ يجلس عِنْدهَا للْحكم وَيجْلس الْحُكَّام عِنْدهَا قبله فَجَلَسَ عِنْدهَا فَجعل ابْن عَائِشَة ينتظره أَن يتَحَوَّل إِلَيْهِ وَقد كَانَ عِيسَى لما بعث إِلَيْهِ ابْن عَائِشَة يُعلمهُ مَا كتب بِهِ إِلَيْهِ أَجَابَهُ أَنه لَا يحضر إِلَّا بعد حُضُور الْأَمِير وَصَاحب الْبَرِيد فَحَضَرَ الْأَمِير وَصَاحب الْبَرِيد فَلَمَّا طَال الْأَمر على ابْن عَائِشَة بعث إِلَى عِيسَى إِن الرجل قد حضر يَعْنِي الْخصم وَإِنَّا منتظروك فَبعث إِلَيْهِ عِيسَى إِنِّي لم أصرف عَن الْعَمَل وَالْعَمَل إِلَيّ كَمَا كَانَ والسارية الَّتِي أَنا
(1/150)

فِيهَا هِيَ السارية الَّتِي تعرف بجلوس الْحُكَّام عِنْدهَا فَإِن يكن إِلَيْك شَيْء مِمَّا إِلَى الْحُكَّام فَعندهَا يكون جلوسك فَلَمَّا سمع ابْن عَائِشَة ذَلِك الْكَلَام علم أَنه قد أَخطَأ وأنف أَن يقوم من مقَامه الَّذِي كَانَ بِهِ إِلَى الْمَكَان الَّذِي فِيهِ عِيسَى فرأيته وَقد زحف يتَوَارَى عَنَّا حَتَّى صَار إِلَى الْموضع الَّذِي جلس فِيهِ وَحضر الْخصم مَا أدعى بمحضرهم جَمِيعًا فَقَالَ ابْن عَائِشَة لعيسى مَا تَقول فِيمَا ذكره هَذَا الرجل فَقَالَ عِيسَى مَا أَقُول حرفا إِلَّا مَا يَكْتُبهُ كَاتب الْأَمِير وَكَاتب صَاحب الْبَرِيد وكاتبي ثمَّ قَالَ عِيسَى فِي ذَلِك مَا قَالَ وكتبوه جَمِيعًا مَا وَنفذ الْكتاب فَلم يكن عِنْده شَيْء مِمَّا قدره ابْن عَائِشَة وَلَا مِمَّا قدره الْخصم وَعَاد الْأَمر إِلَى مَحْبُوب عِيسَى فَذكرت ذَلِك لأبي خازم القَاضِي فَعرفهُ وَصدق بكارا على جَمِيع مَا حَدثنِي بِهِ وَقَالَ لي مَعَ ذَلِك لقد حَدثنِي طَبِيب كَانَ بِالْبَصْرَةِ مِمَّن يرجع إِلَى قَوْله وَلَا يتهم خَبره إِنَّه كَانَ فِي دَار ابْن عَائِشَة بعد مَا نفذ كِتَابه بِمَا نفذ بِهِ فِي هَذَا الْأَمر قَالَ فَإِنِّي لفي صحنها إِذْ رَأَيْت ظهرا فَأَخَذته فَإِذا فِيهِ نُسْخَة مَا عمله ابْن عَائِشَة وَكتب بِهِ إِلَى المعتصم فِي هَذَا الْأَمر فوقفت فِيهَا على تزيد مِنْهُ كثير لم يكن جرى بَينه وَبَين عِيسَى ثمَّ رَجعْنَا إِلَى حَدِيث بكار فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك خَاصم قوم من الهاشميين ابْن عَائِشَة فِي شَيْء كَانَ يَأْخُذهُ من وقف لَهُم وَكَانَت أمه مِنْهُم وَكَانَ يَأْخُذهُ بِأُمِّهِ لِأَن الْوَقْف كَانَ عَلَيْهِم وعَلى أَوْلَادهم وَأَوْلَاد أَوْلَادهم فَقَالُوا لَهُ أَنْت رجل من بني تيم فَلَيْسَ لَك أَن تَأْخُذ من وقفنا الَّذِي علينا وعَلى أَوْلَادنَا وَنحن قوم من بني هَاشم وخاصموه فِي ذَلِك إِلَى عِيسَى بن أبان فَدَعَا عِيسَى بِالْحجَّةِ فِي أَخذه من وقفهم مَا يَأْخُذهُ فَقَالَ أَخَذته بأمي لِأَن الْوَاقِف جدهم الَّذِي يرجعُونَ إِلَيْهِ بآبائهم وَهُوَ جدي لأمي أرجع إِلَيْهِ بهَا كَمَا يرجعُونَ إِلَيْهِ بآبائهم فَقَالَ لَهُ عِيسَى مَا أرى لَك فِي ذَلِك حَقًا إِنَّمَا هُوَ لأَوْلَاد أَوْلَاد الْوَاقِف الَّذين يرجعُونَ إِلَيْهِ بآبائهم لَا بأمهاتهم فَقَالَ لَهُ ابْن عَائِشَة قد كنت آخذه على أَيدي جمَاعَة من
(1/151)

الْقُضَاة فَذكر اسماعيل بن حَمَّاد وَمُحَمّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ وَيحيى بن أَكْثَم فَقَالَ لَهُ عِيسَى الْقَضَاء من هَؤُلَاءِ الْقُضَاة الَّذين ذكرتهم بذلك فَإِن كَانَ مَعَك بذلك حجَّة من وَاحِد مِنْهُم بِقَضَائِهِ بذلك أنفذته لَك وجعلتك من أهل هَذَا الْوَقْف وَإِن لم يكن ذَلِك مَعَك فَإِنَّمَا هَذَا تعدى من أمنائهم فِي دفعهم إِلَيْك مَا كَانُوا يدفعونه من غلاته وَلَو خوصموا إِلَيّ فِي ذَلِك لضمنتهم إِيَّاه قَالَ فَأخْرجهُ من الْوَقْف ورده إِلَى الهاشميين دونه فَكَانَ ذَلِك سَببا لفقره
قَالَ بكار فَكَانَ أَصْحَابنَا هِلَال وَغَيره يَقُولُونَ إِن عِيسَى قد خرج بِقَضَائِهِ بذلك من قَول أَصْحَابه لأَنهم كَانُوا يرَوْنَ أَوْلَاد الْبَنَات فِي ذَلِك كأولاد الْبَنِينَ يَقُولُونَ إِنَّمَا حمله على ذَلِك مَا كَانَ من ابْن عَائِشَة فِي الْقِصَّة الَّتِي بدأنا بذكرها وَذكر ذَلِك لعيسى فَقَالَ مَا خرجت من قَول أَصْحَابنَا وَهَذَا القَوْل الَّذِي قضيت بِهِ هُوَ قَول مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ بكار وَمَا عرفنَا ذَلِك من قَول مُحَمَّد بن الْحسن وَلَا عرفه هِلَال وَلَا أُولَئِكَ الْفُقَهَاء الَّذين أَنْكَرُوا على عِيسَى قَضَاءَهُ فَذكرت أَنا ذَلِك لأبي خازم فَعرفهُ وَقَالَ مَا صَنَعُوا شَيْئا قد صدق عِيسَى فِي هَذِه الرِّوَايَة على مُحَمَّد هِيَ فِي كِتَابه الْكَبِير من السّير فِي الْحَرْبِيّ إِذا أومن على نَفسه وعَلى وَلَده وَولد وَلَده أَنه لَا يدْخل فِي ذَلِك أَوْلَاد بَنَاته فَرَجَعت أَنا إِلَى كتاب السّير فَوَجَدته كَمَا قَالَ أَبُو خازم
قَالَ الطَّحَاوِيّ وَقد قَالَ لي أَبُو عبد الرَّحْمَن الْبَصْرِيّ السَّاجِي وَكَانَ من وُجُوه من جَاءَنَا من الْبَصرِيين وَكَانَ متحققا بالفرائض فَقَالَ لي قد كَانَ ابْن عَائِشَة بعد قصَّته مَعَ عِيسَى شخص إِلَى الحضرة فَكَانَ هُنَاكَ مُدَّة وَبهَا سمع البغداديون مِنْهُ مَا سمعُوا ثمَّ قدم الْبَصْرَة
قتل أَبُو خازم لما أَرَادَ ابْن عَائِشَة الرُّجُوع إِلَى الْبَصْرَة قَالَ لَهُ ابْن أبي دؤاد عِنْد وداعه هَل لَك من حَاجَة يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن نقضي لَك قَالَ نعم ولَايَة حكم
(1/152)

الْبَصْرَة فَقَالَ لَهُ ابْن أبي دؤاد لَيْسَ وَالله إِلَى عزل أبي مُوسَى سَبِيل وَلَكِن سل مَا سوى ذَلِك فَلم يسْأَل شَيْئا
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا أَبُو بكر الدَّامغَانِي الْفَقِيه قَالَ أنبأ الطَّحَاوِيّ قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يُونُس الْبَصْرِيّ قَالَ سَمِعت عِيسَى بن أبان وَهُوَ على بَاب مَسْجده يُرِيد ددخوله للصَّلَاة فَقَالَت لَهُ امْرَأَة أَيهَا القَاضِي الله الله فيل أَمْرِي سل عَن قصتي الْفُقَهَاء قبل أَن تقضي عَليّ سل عَن ذَلِك هلالا فَسَمعته يَقُول لَهَا أيتها الْمَرْأَة مَا بِنَا إِلَى هِلَال من فاقة
(1/153)

طَبَقَات أَصْحَاب أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ إِلَى وقتنا هَذَا رَحِمهم الله

قَالَ القَاضِي أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ الصَّيْمَرِيّ رَحمَه الله قد ذكرنَا أَخْبَار الْأَعْلَام من أَصْحَاب أبي حنيفَة وَقد أَخذ عَن أبي حنيفَة الْعلم عدد كثير من النَّاس غير أَنه لم يتَّفق لَهُ من الشُّهْرَة وَكَثْرَة الْأَصْحَاب والتقدم عِنْد السُّلْطَان مَا اتّفق لمن ذَكرْنَاهُ
فَمن أَخذ عَنهُ الْعلم وَكَانَ يُفْتِي بقوله وَكِيع بن الْجراح

أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ أنبأ مكرم قَالَ أنبأ عَليّ بن الْحُسَيْن بن حبَان عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت يحيى بن معِين قَالَ مَا رَأَيْت أفضل من وَكِيع بن الْجراح قيل لَهُ وَلَا ابْن الْمُبَارك قَالَ قد كَانَ لإبن الْمُبَارك فضل وَلَكِن مَا رَأَيْت أفضل من وَكِيع كَانَ يسْتَقْبل الْقبْلَة ويحفظ حَدِيثه وَيقوم اللَّيْل ويسرد الصَّوْم ويفتي بقول أبي حنيفَة وَكَانَ قد سمع مِنْهُ شَيْئا كثيرا قَالَ يحيى بن معِين وَكَانَ يحيى بن سعيد الْقطَّان يُفْتِي بقول أبي حنيفَة أَيْضا
وَمن أَصْحَاب أبي حنيفَة أَبُو عَمْرو أَسد بن عَمْرو البَجلِيّ

ولى الْقَضَاء بعد أبي يُوسُف للرشيد وَحج مَعَه معادلا لَهُ ويكنى أَبَا عَمْرو
(1/155)

وَمن أَصْحَابه أَيْضا عَافِيَة بن يزِيد الأودي

حَدثنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد المسكي قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مخلد الْبَلْخِي قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ ثَنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم قَالَ كَانَ أَصْحَاب أبي حنيفَة يَخُوضُونَ مَعَه فِي الْمَسْأَلَة فَإِذا لم يحضر عَافِيَة قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تَرفعُوا الْمَسْأَلَة حَتَّى يحضر عَافِيَة فَإِذا حضر عَافِيَة وَوَافَقَهُمْ قَالَ أَبُو حنيفَة أثبتوها وَإِن لم يوافقهم قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تثبتوها
وَمن أَصْحَاب أبي حنيفَة الْقَاسِم بن معن

وَهُوَ من ولد عبد الله بن مَسْعُود وَهُوَ مَعَ تقدمه فِي الْفِقْه وتبحره فِيهِ إِمَام فِي الْعَرَبيَّة مقدم فِيهَا وَقد روى عَنهُ مُحَمَّد بن الْحسن فِي كتبه مُصَرحًا بِذكرِهِ ومكنيا عَنهُ وَولى قَضَاء الْكُوفَة بعد شريك بن عبد الله النَّخعِيّ
وَمن أَصْحَاب أبي حنيفَة أَيْضا يحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة

أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ أنبأ عَليّ بن عَمْرو الحريري قَالَ ثَنَا ابْن كأس النَّخعِيّ عَن أَبِيه قَالَ حَدثنِي صَالح بن سُهَيْل قَالَ كَانَ يحيى بن زَكَرِيَّا ابْن أبي زَائِدَة احفظ أهل زَمَانه للْحَدِيث وأفقههم مَعَ مجالسة كَثِيرَة لأبي حنيفَة وَابْن أبي ليلى وَدين وورع
أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِي قَالَ ثَنَا عَليّ بن عَمْرو قَالَ ثَنَا ابْن كأس قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن النَّضر الْأَزْدِيّ قَالَ سَمِعت عَليّ بن الْمَدِينِيّ يَقُول انْتهى الْعلم إِلَى ابْن عَبَّاس فِي زَمَانه وَإِلَى الشّعبِيّ فِي زَمَانه وَإِلَى سُفْيَان الثَّوْريّ فِي زَمَانه وَإِلَى يحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة فِي زَمَانه
(1/156)

وَمن أَصْحَاب أبي حنيفَة أَيْضا يُوسُف ين خَالِد السَّمْتِي

وَكَانَ قديم الصُّحْبَة لأبي حنيفَة كثير الْأَخْذ عَنهُ ثمَّ خرج إِلَى الْبَصْرَة فَلم يحسن أَن يسوس أمره فأقيم من الْجَامِع وهجر فَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن دخل أَبُو يُوسُف الْبَصْرَة مَعَ الرشيد وَهُوَ نديمه وزميله وقاضي قُضَاته فَركب إِلَيْهِ وَنبهَ عَلَيْهِ وَعَاد ذكره فِي النَّاس ثمَّ ترك الدُّنْيَا وَأَقْبل على الْعِبَادَة فَلم يكن يكلم كَبِيرا أحدا إِلَى أَن مَاتَ
أخبرنَا عمر بن إِبْرَاهِيم المقرىء قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الْحمانِي قَالَ سَمِعت عَليّ بن الْمَدِينِيّ قَالَ كُنَّا عِنْد يُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي فجَاء ابو بكر هِلَال ابْن يحيى فَدخل فتحوش لَهُ النَّاس فَقَالَ يُوسُف مَا شَأْنكُمْ قلت أَبُو بكر هِلَال بن يحيى فَقَالَ يَا أَبَا بكر إِنِّي أَسأَلك عَن مَسْأَلَة فَتثبت فِيهَا ثمَّ أجبني عَنْهَا فَقَالَ لَهُ هِلَال قل قَالَ مَا تَقول فِي عشرَة أَرْطَال تمر بِعشْرَة أَرْطَال تمر فَقَالَ هِلَال جَائِز قَالَ أَلَيْسَ قلت تثبت قَالَ فَمَا فِي عشرَة أَرْطَال تمر بِعشْرَة أَرْطَال تمر حَتَّى أتثبت فِيهِ فَقَالَ لَهُ يُوسُف أَلَيْسَ أَصله الْكَيْل قَالَ بلَى وهمت إِذا كَانَ الكيلان وَاحِدًا قَالَ فَمَا تَقول فِي رجل أسر فِي بِلَاد الرّوم فصَام شعْبَان على أَنه رَمَضَان قَالَ لَا يجْزِيه قَالَ فَإِن صَامَ شَوَّال على أَنه رَمَضَان قَالَ يجْزِيه قَالَ فَأَيْنَ نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صَوْم الْفطر قَالَ وهمت إِذا صَامَ يَوْمًا من ذِي الْقعدَة قَالَ فَمَا تَقول فِي رجل قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق وَاحِدَة فِي أول يَوْم من آخر الشَّهْر وَفِي آخر يَوْم من أول الشَّهْر قَالَ وتفرقنا من الْمجْلس وَمَات يُوسُف فَلَقِيت هلالا بعد سِنِين فَقَالَ لي أتعبتني مَسْأَلَة صَاحبك فَمَا انكشفت لي إِلَّا البارحة قلت الشَّهْر ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَإِذا كَانَ يَوْم خمس عشرَة وَقع عَلَيْهَا وَاحِدَة
(1/157)

وَهُوَ آخر يَوْم من أول الشَّهْر فَإِذا كَانَ يَوْم سِتَّة عشر يَقع عَلَيْهَا أُخْرَى وَهُوَ أول يَوْم من آخر الشَّهْر
وَمن أَصْحَاب أبي حنيفَة أَيْضا ابْنه حَمَّاد

وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ الدّين والورع والزهد مَعَ علم بالفقه وَكِتَابَة للْحَدِيث
أخبرنَا عمر بن شاهين قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن شيبَة قَالَ حَدثنِي جدي قَالَ سَمِعت أَبَا نعيم الْفضل بن دُكَيْن قَالَ تقدم حَمَّاد بن أبي حنيفَة إِلَى شريك بن عبد الله فِي شَهَادَة فَقَالَ لَهُ شريك وَالله إِنَّك لعفيف الْبَطن والفرج خِيَار مُسلم
وَمن أَصْحَاب أبي حنيفَة عَليّ بن مسْهر

وَهُوَ الَّذِي أَخذ عَنهُ سُفْيَان علم أبي حنيفَة وَنسخ مِنْهُ كتبه وَكَانَ أَبُو حنيفَة ينهاه عَن ذَلِك
وَمن اصحابه أَيْضا حبَان ومندل ابْنا عَليّ وَحَفْص ابْن غياث وابو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد وَقد أَخذ عَنهُ الفضيل بن عِيَاض الْفِقْه وَعبد الله بن دَاوُد الْخُرَيْبِي
حَدثنَا الْعَبَّاس بن أَحْمد الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مَنْصُور المنصوري قَالَ ثَنَا عَليّ ابْن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا عبد الله بن أَحْمد بن البهلول قَالَ ثَنَا الْقَاسِم بن مُحَمَّد البَجلِيّ قَالَ سَمِعت إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن أبي حنيفَة قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة يَوْمًا أَصْحَابنَا هَؤُلَاءِ سِتَّة وَثَلَاثُونَ مِنْهُم ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ يصلحون للْقَضَاء وَمِنْهُم سِتَّة يصلحون للفتيا وَمِنْهُم اثْنَان يؤدبان الْقُضَاة وَأَصْحَاب الْفَتْوَى وَأَشَارَ إِلَى أبي يُوسُف وَزفر
أخبرنَا عَبَّاس بن الْفضل الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد قَالَ ثَنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّخعِيّ قَالَ ثَنَا نجيح قَالَ ثَنَا ابْن كَرَامَة قَالَ كُنَّا عِنْد وَكِيع يَوْمًا فَقَالَ رجل
(1/158)

أَخطَأ أَبُو حنيفَة فَقَالَ وَكِيع يقدر أَبُو حنيفَة يخطىء وَمَعَهُ مثل أبي يُوسُف وَزفر فِي قياسهما وَمثل يحيى بن أبي زَائِدَة وَحَفْص بن غياث وحبان ومندل فِي حفظهم للْحَدِيث وَالقَاسِم بن معن فِي مَعْرفَته باللغة والعربية وفضيل بن عِيَاض وَدَاوُد الطَّائِي فِي زهدهما وورعهما من كَانَ هَؤُلَاءِ جلساءه لم يكن يخطىء لِأَنَّهُ إِن أَخطَأ ردُّوهُ
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد القَاضِي قَالَ أنبأ أَبُو بكر الدَّامغَانِي قَالَ أنبأ الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا خازم يَقُول سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن نائل القَاضِي يَقُول كنت أسأَل هلالا وَأَبا عَاصِم عَن مسَائِل مُحَمَّد بن الْحسن من الْجَامِع الْكَبِير فَكَانَ أَبُو عَاصِم أحفظ لَهَا من هِلَال قَالَ وَكَانَا يقعدان فِي جَامع الْبَصْرَة إِلَى سَارِيَة وَاحِدَة وَلزِمَ أَبُو عَاصِم زفر بن الْهُذيْل بعد أبي حنيفَة وَعَلِيهِ تفقه وَهُوَ الَّذِي لقبه ب النَّبِيل
اُخْبُرْنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ أَبُو بكر الدَّامغَانِي قَالَ ثَنَا الطَّحَاوِيّ قَالَ أنبأ يزِيد بن سِنَان قَالَ كُنَّا يَوْمًا عِنْد أبي عَاصِم فتحدثنا شَيْئا وَقَالَ بَعْضنَا لبَعض لم سمي أَبُو عَاصِم النَّبِيل فَسمع ذَلِك فسألنا عَمَّا نَحن فِيهِ وَكَانَ إِذا عزم على شَيْء لم نقدر على خِلَافه فَذَكرنَا لَهُ ذَلِك فَقَالَ نعم كُنَّا نَخْتَلِف إِلَى زفر وَكَانَ مَعنا رجل من بني سعد يكنى أَبَا عَاصِم وَكَانَ ضَعِيف الْحَال فَكَانَ يَأْتِي زفر بِثِيَاب ثرية وَكنت انا آتِيَة بطويلة على دَابَّة بِثِيَاب سَرِيَّة فاستأذنت عَلَيْهِ يَوْمًا فأجابتني جَارِيَة لَهُ وَفِيه عجمة يَقُول لَهَا زهرَة فَقَالَ من هَذَا فَقلت لَهَا أَبُو عَاصِم فَدخلت على مَوْلَاهَا فَقَالَ لَهَا من بِالْبَابِ قَالَت أَبُو عَاصِم فَقَالَ لَهَا من أَبُو عَاصِم ليقف على المستأذن عَلَيْهِ من هُوَ أَنا أَو السَّعْدِيّ فَقَالَت لَهُ ذَاك النَّبِيل ثمَّ أَذِنت لي عَلَيْهِ فَدخلت عَلَيْهِ وَهُوَ يضْحك فَقلت لَهُ مَا يضحكك أصلحك الله فَقَالَ إِن هَذِه الْجَارِيَة لقبتك بلقب لَا أرَاهُ يفارقك أبدا فِي حياتك وَلَا بعد موتك ثمَّ أخْبرت خَبَرهَا فسميت مِنْهُ يَوْمئِذٍ النَّبِيل
(1/159)

ذكر أَصْحَاب أبي يُوسُف وَزفر وَمُحَمّد بن الْحسن

فَمِمَّنْ أَخذ الْفِقْه عَن أبي يُوسُف وَمُحَمّد جَمِيعًا أَبُو سُلَيْمَان مُوسَى بن سُلَيْمَان الْجوزجَاني وَمعلى بن مَنْصُور الرَّازِيّ رويا عَنْهُمَا الْكتب والأمالي وهما من الْوَرع وَالدّين وَحفظ الْفِقْه والْحَدِيث بالمنزلة الرفيعة
اُخْبُرْنَا عمر بن إِبْرَاهِيم قَالَ ثَنَا مكرم قَالَ ثَنَا أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد قَالَ أحضر الْمَأْمُون مُوسَى بن سُلَيْمَان وَمعلى الرَّازِيّ فَبَدَأَ بِأبي سُلَيْمَان لسنه وشهرته بالورع فَعرض عَلَيْهِ الْقَضَاء فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ احفظ حُقُوق الله فِي الْقَضَاء وَلَا تول على أمانتك مثلي فَإِنِّي وَالله غير مَأْمُون الْغَضَب وَلَا ارضي نَفسِي لله إِن أحكم فِي عباده قَالَ صدقت وَقد أعفيناك فَدَعَا لَهُ بِخَير وَأَقْبل على مُعلى فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك فَقَالَ لَا أصلح قَالَ وَلم قَالَ لِأَنِّي رجل أداين فأبيت مَطْلُوبا وطالبا قَالَ نأمر بِقَضَاء دينك وبتقاضي ديونك فَمن أَعْطَاك قبلناه وَمن لم يعطك عوضناك مَالك عَلَيْهِ قَالَ فَفِي شكوك فِي الحكم وَفِي ذَلِك تلف أَمْوَال النَّاس قَالَ يحضر مجلسك أهل الدّين إخوانك فَمَا شَككت فِيهِ سَأَلتهمْ عَنهُ وَمَا صَحَّ عنْدك أمضيته قَالَ أَنا أرتاد رجلا أوصِي إِلَيْهِ من أَرْبَعِينَ سنة مَا أجد من أوصِي إِلَيْهِ فَمن أَيْن أجد من يُعِيننِي على قَضَاء حُقُوق الله الْوَاجِبَة عَليّ حَتَّى أئتمنه على دينك وديني فأعفاه
وَمن أَصْحَاب أبي يُوسُف وَمُحَمّد جَمِيعًا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سَمَّاعَة وَهُوَ من الْحفاظ الثِّقَات كتب النَّوَادِر عَن أبي يُوسُف وَعَن مُحَمَّد جَمِيعًا وروى الْكتب
(1/161)

والأمالي وَولى الْقَضَاء بِبَغْدَاد لأمير الْمُؤمنِينَ الْمَأْمُون فَلم يزل نَاظرا إِلَى أَن ضعف بَصَره فِي أَيَّام المعتصم فاستعفى قَالَ يحيى بن معِين لَو كَانَ أَصْحَاب الحَدِيث يصدقون فِي الحَدِيث كَمَا يصدق مُحَمَّد بن سَمَّاعَة فِي الرَّأْي لكانوا فِيهِ على نِهَايَة
سَمِعت الشَّيْخ أَبَا بكر مُحَمَّد بن مُوسَى الْخَوَارِزْمِيّ إمامنا وأستاذنا يَقُول كَانَ سَبَب كتب ابْن سَمَّاعَة النَّوَادِر عَن مُحَمَّد أَنه رَآهُ فِي النّوم كَأَنَّهُ ينقب الأبر فاستعبر ذَلِك فَقيل لَهُ هَذَا رجل ينْطق بالحكمة فاجهد ان لَا يفوتك مِنْهُ لَفْظَة فَبَدَأَ حِينَئِذٍ فَكتب عَنهُ النَّوَادِر
وَمِمَّنْ أَخذ عَنْهُمَا جَمِيعًا هِشَام بن عبيد الله الرَّازِيّ غير أَنه لين فِي الرِّوَايَة وَفِي منزله مَاتَ مُحَمَّد بن الْحسن بِالريِّ وَدفن فِي مقبرتهم سَمِعت الشَّيْخ أَبَا بكر مُحَمَّد بن مُوسَى رَحمَه الله يذكر عَن الشَّيْخ أبي بكر الرَّازِيّ أَنه كَانَ يكره أَن يقْرَأ عَلَيْهِ الْأُصُول من رِوَايَة هِشَام لما فِيهِ من الِاضْطِرَاب فَكَانَ يَأْمر أَن يقْرَأ الْأُصُول من رِوَايَة أبي سُلَيْمَان أَو رِوَايَة مُحَمَّد بن سَمَّاعَة لصِحَّة ذَلِك وضبطهما
وَمن أَصْحَاب أبي يُوسُف خَاصَّة الْحسن بن أبي مَالك وَهُوَ ثِقَة فِي رِوَايَته غزير الْعلم وَاسع الرِّوَايَة وَكَانَ أَبُو يُوسُف يُشبههُ بجمل حمل أَكثر مِمَّا يُطيق وسير بِهِ فِي حل حمرَة تذْهب يَده هَكَذَا وَمرَّة تذْهب رجله هَكَذَا ثمَّ يرجع وَعنهُ وَعَن غَيره أَخذ ابْن شُجَاع الْعلم
وَمن أَصْحَاب أبي يُوسُف خَاصَّة أَبُو الْوَلِيد بشر بن الْوَلِيد الْكِنْدِيّ ولى الْقَضَاء بِمَدِينَة السَّلَام لِلْمَأْمُونِ وَكَانَ متحاملا على مُحَمَّد بن الْحسن منحرفا عَنهُ وَكَانَ الْحسن بن أبي مَالك ينهاه عَن ذَلِك وَيَقُول قد عمل مُحَمَّد هَذِه الْكتب فاعمل أَنْت مَسْأَلَة وَاحِدَة
وَمن أَصْحَاب أبي يُوسُف خَاصَّة بشر بن غياث المريسي وَله تصانيف وَرِوَايَات كَثِيرَة عَن أبي يُوسُف وَكَانَ من أهل الْوَرع والزهد غير أَنه رغب النَّاس عَنهُ فِي
(1/162)

ذَلِك الزَّمَان لاشتهاره بِعلم الْكَلَام وخوضه فِي ذَلِك وَعنهُ أَخذ حُسَيْن النجار مذْهبه
وَمن أَصْحَاب أبي يُوسُف أَيْضا إِبْرَاهِيم بن الْجراح ولى الْقَضَاء بِمصْر وَهُوَ لين فِي رِوَايَته وَكَانَ أَبُو يُوسُف يَقُول لَهُ تَأْخُذ الْمَسْأَلَة من عندنَا طرية وتردها مكحلة وَقد كتب الأمالي عَنهُ عَليّ بن الْجَعْد وَغَيره
وَمن أَصْحَاب أبي يُوسُف وَزفر هِلَال بن يحيى وَالْمَعْرُوف ب هِلَال الرَّأْي وَقد ذكرنَا فِي أَخْبَار أبي يُوسُف قصَّته مَعَه عِنْد دُخُوله الْبَصْرَة
أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ أنبأ أَبُو بكر الدَّامغَانِي قَالَ أنبأ الطَّحَاوِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا بكرَة بكار بن قُتَيْبَة يَقُول سَمِعت هِلَال بن يحيى يَقُول حججْت فِي زمن هَارُون بعد موت أبي يُوسُف وَحج مَعَ هَارُون سنتئذ أَسد بن عَمْرو وَكَانَ على الْقَضَاء فَرَأَيْت هَارُون وَهُوَ يطوف طواف الْقدوم وَقد فَاتَهُ الرمل وَالنَّاس متباعدون عَنهُ وَخَلفه خَادِم فجر ثَوْبه إِن ارْجع فارمل وَكنت أَنا فِي أخريات النَّاس فناديت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّك إِن مضيت كَانَ جَائِزا فَسمع ندائي فَمضى وَترك مَا أَرَادَ مِنْهُ الْخَادِم فَذكرت ذَلِك لأبي خازم فَقَالَ حَدثنِي عمر بن يحيى أَخُو هِلَال قَالَ أَنا حَاضر هَذَا كُله فَلَمَّا هم بالنداء جمعت ثوبي فأدخلته فِي فِيهِ وَقلت وَالله مَا خرجنَا عَن أمنا إِلَّا الكره مِنْهَا لذَلِك أفتريد أَن تعدمها وَاحِدًا منا قَالَ فوَاللَّه مَا صَبر أَن نَادَى بذلك قَالَ أَبُو بكر فِي حَدِيثه فَلَمَّا فرغ هَارُون من الطّواف وَالسَّعْي دخل الْكَعْبَة وَمَعَهُ أَسد بن عَمْرو وَسَائِر قواده وَبَنُو عَمه وأغلقت عَلَيْهِم فاطلعت من شقّ الْبَاب فَرَأَيْت هَارُون قَاعِدا وَأسد بن عَمْرو قَاعد قبالته وَسَائِر النَّاس من الهاشميين وَغَيرهم قيام على أَرجُلهم فَعلمت أَن لَا أحد أنبل من فَقِيه وَوَقع لأسد بن عَمْرو فِي قلبِي من الْجَلالَة مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله
(1/163)

ثمَّ خرج هَارُون فِي موكبه وَركب أَسد ركُوب الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء فتبعته وَهُوَ على دَابَّته فَقلت لَهُ لم فرق أَبُو حنيفَة بَين الْخِيَانَة فِي التَّوْلِيَة والمرابحة قَالَ فوَاللَّه مَا عرف ذَلِك من قَول أبي حنيفَة فَقل فِي عَيْني فَأتيت يُوسُف بن خَالِد وَكَانَ حَاجا فِي تِلْكَ السّنة فَأَخْبَرته بالْخبر كُله فَقَالَ لي وَمَا يدْرِي أَسد مَا هَذَا فرق أَبُو حنيفَة بَينهمَا لِأَنَّهُ جعل التَّوْلِيَة نقل بيع لِأَنَّهَا بِالثّمن الأول فَكَأَن البَائِع نقل إِلَى الْمولى مَا ملكه بِحَق الْمَبِيع بِمَا ملكه من الثّمن الأول وَجعل الْمُرَابَحَة بيعا ثَانِيًا إِذْ كَانَ بِثمن غير الثّمن الأول ولهلال كتاب الشُّرُوط وَأَحْكَام الْوُقُوف وَكَانَ مقدما فِي علم الشُّرُوط
وَمن أَصْحَاب زفر خَاصَّة مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ من ولد أنس بن مَالك ولى الْقَضَاء بِالْبَصْرَةِ وَعبيد الله بن عبد الْمجِيد الْحَنَفِيّ وَكَانَ من أَصْحَاب البتي ثمَّ أنتقل إِلَى زفر
وَمن أَصْحَاب مُحَمَّد بن الْحسن خَاصَّة مُوسَى بن نصر الرَّازِيّ
وَمُحَمّد بن مقَاتل الرَّازِيّ أَيْضا
وَمن أَصْحَابه عَمْرو بن أبي عمر جد أبي عرُوبَة الْحَرَّانِي
وَسليمَان بن شُعَيْب الكيساني وَله النَّوَادِر عَنهُ وَعلي بن معبد
وَمن أَصْحَاب الْحسن بن زِيَاد مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي وَهُوَ الْمُقدم فِي الْفِقْه والْحَدِيث وَقِرَاءَة الْقُرْآن مَعَ ورع وَعبادَة مَاتَ فَجْأَة فِي سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَدفن فِي نَاحيَة دَار الرَّقِيق من بَغْدَاد
وَمن أَقْرَان مُحَمَّد بن عَليّ الرَّازِيّ وَكَانَ عَارِفًا بمذاهب أَصْحَابنَا وَقد طعن على مسَائِل من الْجَامِع الْكَبِير وَمن الْأُصُول مَعَ زهد وورع وسخاء وإفضال
وَمِمَّنْ تَأَخّر عَن هَذِه الطَّبَقَة أَبُو بكر أَحْمد بن عَمْرو الْخصاف وَله التصانيف المرضية فِي الشُّرُوط وَأَحْكَام الْوُقُوف وآداب الْقُضَاة وَالرّضَاع والنفقات
وَمن هَذِه الطَّبَقَة أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عِيسَى البرتي القَاضِي روى الْكتب عَن أبي سُلَيْمَان الْجوزجَاني وَكَانَ إِلَيْهِ أحد جَانِبي بَغْدَاد والجانب الاخر إِلَى إِسْمَاعِيل بن
(1/164)

إِسْحَاق ثمَّ استعفى فِي أَيَّام الْمُعْتَمد ورد عَلَيْهِم الْعَهْد وَلزِمَ بَيته واشتغل بِالْعبَادَة حَتَّى مَاتَ
حَدثنَا القَاضِي أَبُو عبد الله الضَّبِّيّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن صَالح الْهَاشِمِي قَالَ ثَنَا أَبُو عمر مُحَمَّد بن يُوسُف القَاضِي قَالَ ركبت يَوْمًا من الْأَيَّام مَعَ إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق إِلَى أَحْمد بن عِيسَى البرتي وَهُوَ ملازم لبيته فرأيته شَيخا مصفارا أثر الْعِبَادَة عَلَيْهِ وَرَأَيْت إِسْمَاعِيل أعظمه إعظاما شَدِيدا وَسَأَلَهُ عَن نَفسه وَأَهله وعجائزه وَجَلَسْنَا عِنْده سَاعَة ثمَّ انصرفنا فَقَالَ لي إِسْمَاعِيل يَا بني تعرف هَذَا الشَّيْخ قلت لَا قَالَ هَذَا البرتي القَاضِي لزم بَيته واشتغل بِالْعبَادَة هَكَذَا تكون الْقُضَاة لَا كَمَا نَحن
وَمن هَذِه الطَّبَقَة أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن ابي عمرَان أستاذ أبي جَعْفَر الطَّحَاوِيّ وَكَانَ شيخ أَصْحَابنَا بِمصْر فِي وقته وَأخذ الْعلم عَن مُحَمَّد بن سَمَّاعَة وَبشر بن الْوَلِيد وأضرابهما وَله كتاب مَجْمُوع يعرف بالحجج هُوَ من حسان الْكتب وَقيل إِنَّه كَانَ ضريرا
وَمن أقرانه عَليّ بن مُوسَى القمي وَقد تكلم على كتب الشَّافِعِي ونقضها وَله تصانيف كَثِيرَة مُبتَدأَة
وَمن هَذِه الطَّبَقَة أَبُو عَليّ الدقاق الرَّازِيّ صَاحب كتاب الْحيض وَكَانَت قِرَاءَته على مُوسَى بن نصر الرَّازِيّ وَعَن أبي عَليّ أَخذ الْعلم أَبُو سعيد البرذعي
وَمن الْمُتَأَخِّرين عَن هَذِه الطبعة أَبُو خازم عبد الحميد بن عبد العزيزالقاضي أَصله من الْبَصْرَة وَأخذ الْعلم عَن بكر الْعمي وَعَن الشُّيُوخ الْبَصرِيين وَهُوَ جليل الْقدر ولى الْقَضَاء بِالشَّام والكوفة والكرخ من مَدِينَة السَّلَام وَكَانَ عبد الله بن سُلَيْمَان خاطبه فِي بيع ضَيْعَة ليتيم تجاور بعض ضيَاعه فَكتب إِلَيْهِ إِن رأى الْوَزير أعزه الله أَن يَجْعَلنِي أحد رجلَيْنِ إِمَّا رجلا صين الحكم بِهِ أَو صين الحكم عَنهُ وَالسَّلَام وَعنهُ أَخذ الْفُقَهَاء أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ وَأَبُو طَاهِر الدباس وَقد لقِيه أَبُو الْحسن الْكَرْخِي وَحضر مَجْلِسه وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى البرذعي
(1/165)

وَمن هَذِه الطَّبَقَة أَبُو سعيد أَحْمد بن الْحُسَيْن البرذعي أَخذ الْعلم عَن أبي عَليّ الدقاق وَعَن مُوسَى بن نصر فَأخذ عَنهُ أَبُو الْحسن الْكَرْخِي وَأَبُو طَاهِر الدباس وَأَبُو عمر والطبري وأضرابهم وَكَانَ قدم بَغْدَاد حَاجا فَدخل الْجَامِع ووقف على دَاوُد بن عَليّ صَاحب الظَّاهِر وَهُوَ يكلم رجلا من اصحاب أبي حنيفَة وَقد ضعف فِي يَده الْحَنَفِيّ فَجَلَسَ فَسَأَلَهُ عَن بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد فَقَالَ يجوز فَقَالَ لَهُ لم قلت قَالَ لأَنا أجمعنا على جَوَاز بيعهنَّ قبل الْعلُوق فَلَا نزُول عَن هَذَا الْإِجْمَاع إِلَّا بِإِجْمَاع مثله فَقَالَ لَهُ أجمعنا بعد الْعلُوق قبل وضع الْحمل أَنه لَا يجوز بيعهَا فَيجب أَن نتمسك بِهَذَا الْإِجْمَاع وَلَا نزُول عَنهُ إِلَّا بِإِجْمَاع مثله فَانْقَطع دَاوُد وَقَالَ نَنْظُر فِي هَذَا وَقَامَ أَبُو سعيد فعزم على الْقعُود بِبَغْدَاد والتدريس لما رأى من غَلَبَة أَصْحَاب الظَّاهِر فَلَمَّا كَانَ بعد مُدَّة رأى فِي النّوم كَأَن قَائِلا يَقُول لَهُ {فَأَما الزّبد فَيذْهب جفَاء وَأما مَا ينفع النَّاس فيمكث فِي الأَرْض} فانتبه بدق الْبَاب وَإِذا قَائِل يَقُول لَهُ قد مَاتَ دَاوُد بن عَليّ صَاحب الْمَذْهَب فَإِن أردْت أَن تصلي عَلَيْهِ فأحضر وَأقَام أَبُو سعيد سِنِين كَثِيرَة يدرس ثمَّ خرج إِلَى الْحَج فَقتل فِي وقْعَة القرامطة مَعَ الْحَاج
وَصَارَ التدريس بِبَغْدَاد بعد أبي حَازِم وَأبي سعيد إِلَى أبي الْحسن عبيد الله بن الْحُسَيْن الْكَرْخِي وَإِلَيْهِ أنتهت رئاسة أَصْحَاب أبي حنيفَة وانتشر أَصْحَابه فِي الْبِلَاد وولوا الحكم فِي الْآفَاق ودرسوا وَكَانَ أَبُو الْحسن مَعَ غزارة علمه وَكَثْرَة رواياته عَظِيم الْعِبَادَة كثر الصَّوْم وَالصَّلَاة شَدِيد الْوَرع صبورا على الْفقر وَالْحَاجة عزوفا عَمَّا فِي أَيدي النَّاس
حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد بن عَلان الوَاسِطِيّ وَمَا رَأَتْ عَيْنَايَ فِي مَعْنَاهُ مثله قَالَ لما أَصَابَهُ الفالج فِي آخر عمره حَضرته فِي بَيته وَحضر أَصْحَابه أَبُو بكر الدَّامغَانِي وَأَبُو عَليّ الشَّاشِي وَأَبُو عبد الله الْبَصْرِيّ فَقَالُوا هَذَا مرض يحْتَاج إِلَى نَفَقَة وعلاج وَهُوَ مقل ولانحب أَن نبذله للنَّاس فَنحب أَن نكتب إِلَى
(1/166)

سيف الدولة ونطلب مِنْهُ مَا ينْفق عَلَيْهِ فَفَعَلُوا ذَلِك وأحس أَبُو الْحسن بِمَا هم فِيهِ فَسَأَلَ عَن ذَلِك فَأخْبر بِهِ فَبكى وَقَالَ اللَّهُمَّ لاتجعل رِزْقِي إِلَّا من حَيْثُ عودتني فَمَاتَ قبل أَن يحمل سيف الدولة شَيْئا ثمَّ ورد كتاب سيف الدولة وَمَعَهُ عشرَة أُلَّاف دِرْهَم ووعد أَن يمد ذَلِك بأمثاله فَتصدق بِهِ
حَدثنِي أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد بن عَلان قَالَ كَانَ أَبُو الْحسن شَدِيد المقت لمن ينظر فِي الْقَضَاء وَكَانَ إِذا ولى أحد من أَصْحَابه هجره وأبعده فولى الحكم من أَصْحَابه أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد التنوخي وَكَانَ مقدما فِي الْفِقْه وَالْكَلَام مَعَ مَعْرفَته بِالْعَرَبِيَّةِ وقوته فِي الشّعْر فهجره أَبُو الْحسن وَقطع مَا كتبه مُكَاتبَة وَكَانَ يدْخل بَغْدَاد فَلَا يُمكنهُ الدُّخُول عَلَيْهِ فَإِذا سُئِلَ فِي بَابه يَقُول كَانَ يعاشرني على الْفقر وَالْحَاجة وَبَلغنِي أَنه الان ينْفق على مائدته فِي كل يَوْم دَنَانِير وَمَا عَلمته ورث مِيرَاثا وَلَا أتجر فربح وَمَا أعرف لهَذِهِ النَّفَقَة وَجها
قَالَ لنا الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ فلعهدي بِهِ وَقد دخل آخر دخلة دَخلهَا بَغْدَاد وَحضر الْمجَالِس وكلم ابْن أبي هُرَيْرَة وَكَانَ ينْقل مَا يجْرِي بَينهمَا إِلَى أبي الْحسن رَحمَه الله فَكَأَنَّهُ لَان قلبه لأبي الْقَاسِم التنوخي فخوطب فِي أَن يَأْذَن لَهُ فِي الدُّخُول عَلَيْهِ فَسكت قَالَ فَرَأَيْت أَبَا الْقَاسِم وَقد دخل مَجْلِسه وَعَلِيهِ ثِيَابه ومرقعته وَقد انكب فباس رَأسه وَقعد بَين يَدَيْهِ فَتَبَسَّمَ فِي وَجهه وَمَا كلمة بِحرف وودعه أَبُو الْقَاسِم وَخرج وَلَو ذكرنَا مَا عندنَا من أَخْبَار أبي الْحسن وأخبار أبي خازم لاحتجنا إِلَى كتاب مُفْرد وَإِنَّمَا ذكرنَا مَا لَا بُد مِنْهُ وَتوفى أَبُو الْحسن لَيْلَة النّصْف من شعْبَان سنة أَرْبَعِينَ وثلاثمائة وَصلى عَلَيْهِ القَاضِي أَبُو تَمام الْحسن بن مُحَمَّد الْهَاشِمِي الزَّيْنَبِي وَكَانَ من أَصْحَابه وَقيل إِن مولده سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
حَدثنِي الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم الوَاسِطِيّ قَالَ حضر ابو عبد الله بن الدَّاعِي جَنَازَة أبي الْحسن الْكَرْخِي وَأَرَادَ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه هَذَا الشَّيْخ إِمَام أَصْحَاب
(1/167)

أبي حنيفَة ومتقدمهم غير مدافع فَإِن صليت عَلَيْهِ وَكَبرت على مذْهبه فَتقدم فَقَالَ أَنا لَا أُخَالِف مَذَاهِب آبَائِي وَغَضب وَقدمُوا القَاضِي أَبَا تَمام فصلى عَلَيْهِ وَحمله أَصْحَابه على أَعْنَاقهم وَكَانَ المتولى لغسله إِبْرَاهِيم بن شهَاب وَأَبُو عبد الله ابْن رزام وَدفن بحذاء مَسْجده فِي درب الْحسن بن زيد على نهر الوسطيين
وَمن أقرانه أَبُو طَاهِر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُفْيَان وَكَانَ أَكثر أَخذه عَن القَاضِي أبي خازم ويوصف بِالْحِفْظِ وَمَعْرِفَة الرِّوَايَات بَخِيلًا بِعِلْمِهِ ضنينا بِهِ وَولى الْقَضَاء بِالشَّام وَخرج إِلَى هُنَاكَ فَمَاتَ بهَا
وَمن هَذِه الطَّبَقَة بل يتقدمهم فِي المولد وَالسّن أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ وَهُوَ أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن سَلمَة الطَّحَاوِيّ وَكَانَ مُقيما بِمصْر وَإِلَيْهِ انْتَهَت رئاسة أَصْحَاب أبي حنيفَة هُنَاكَ أَخذ الْعلم عَن أبي جَعْفَر بن أبي عمرَان وَعَن أبي خازم القَاضِي وَعَن جمَاعَة آخَرين وَكَانَ فِي أصل تفقهه يتفقه على مَذْهَب الشَّافِعِي فَحَدثني الشَّيْخ أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُوسَى الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ كَانَ سَبَب انْتِقَاله إِلَى مَذَاهِب أَصْحَابنَا أَن أَبَا إِبْرَاهِيم الْمُزنِيّ قَالَ لَهُ يَوْمًا وَالله لَا جَاءَ مِنْك شَيْء فَغَضب أَبُو جَعْفَر من ذَلِك وأنف لنَفسِهِ وانتقل إِلَى أبي جَعْفَر بن أبي عمرَان فَأول مَا صنف من كتبه مختصرة الَّذِي هُوَ على تَرْتِيب كتاب الْمُزنِيّ فَلَمَّا فرغ مِنْهُ قَالَ رحم الله أَبَا إِبْرَاهِيم لَو كَانَ حَيا لكفر عَن يَمِينه وَلأبي جَعْفَر كتب جليلة مثل إختلاف الْعلمَاء وَمَا عمل مثله أحد وَكتابه الْكَبِير فِي الشُّرُوط وَكتابه فِي أَحْكَام الْقُرْآن وَفِي شرح مَعَاني الْآثَار وَغير ذَلِك من الْكتب الجليلة وَكَانَت وَفَاته سنة إِحْدَى وَعشْرين وثلاثمائة ومولده سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
وَمن هَذِه الطَّبَقَة أَبُو عَمْرو الطَّبَرِيّ وَكَانَ مُقيما بِبَغْدَاد يدرس وَالشَّيْخ أَبُو الْحسن الْكَرْخِي يدرس وَله شرح الجامعين جَمِيعًا وَشهد عِنْد القَاضِي أَحْمد ابْن عبد الله الْخرقِيّ
(1/168)

حَدثنِي القَاضِي أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن هَارُون الضَّبِّيّ قَالَ ركب أَحْمد بن عبد الله الْخرقِيّ إِلَى أبي عَمْرو يسْأَله أَن يشْهد عِنْده فَامْتنعَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ دَعَاني أَبُو عمر إِلَى هَذَا الْأَمر فَلم أجبه فَكيف أُجِيب الْآن فَقَالَ لَهُ أَحْمد بن عبد الله إِن أَبَا عمر أَرَادَ أَن يجملك بِالشَّهَادَةِ وَكَانَ مُخَالفا لَك فِي مذهبك وَأَنا أُرِيد أَن تجملني بشهادتك عِنْدِي مَعَ موافقتي لَك فِي الدّين فَركب إِلَيْهِ من يَوْمه وَشهد عِنْده وَتوفى أَبُو عَمْرو فِي سنة أَرْبَعِينَ
وَمِمَّنْ كَانَ يدرس مَعَ هَذِه الطَّبَقَة أَبُو عبد الله بن أبي مُوسَى الضَّرِير واسْمه مُحَمَّد بن عِيسَى وَولى الحكم فِي الْجَانِب الشَّرْقِي ثمَّ وجد مقتولا فِي دَاره وَكَانَت وَفَاته قبل وَفَاة أبي الْحسن الْكَرْخِي فِي سني نَيف وَثَلَاثِينَ
ثمَّ صَار التدريس بعد أبي الْحسن الْكَرْخِي رَحمَه الله إِلَى أَصْحَابه فَمنهمْ أَبُو عَليّ الشَّاشِي وَكَانَ شيخ الْجَمَاعَة وَكَانَ أَبُو الْحسن جعل التدريس لَهُ حِين فلج وَالْفَتْوَى إِلَى ابي بكر الدَّامغَانِي وَكَانَ يَقُول مَا جَاءَنَا احفظ من أبي عَليّ
حَدثنِي القَاضِي أَبُو مُحَمَّد الْعمانِي قَالَ حضرت أَبَا عَليّ الشَّاشِي فِي مَجْلِسه وَقد جَاءَهُ أَبُو جَعْفَر الهندواني مُسلما عَلَيْهِ فَمَا قَامَ إِلَيْهِ فَأخذ يمتحنه بمسائل الْأُصُول وَكَانَت على طرف لِسَانه فَلَمَّا فرغ امتحن أَبَا جَعْفَر بِشَيْء من مسَائِل النَّوَادِر فَلم يحفظها فَكَانَ ذَلِك سَبَب حفظ الهندواني للنوادر وَقَالَ لأبي عَليّ جئْتُك زَائِرًا لَا متعلما فَلَمَّا قَامَ نَهَضَ لَهُ أَبُو عَليّ الشَّاشِي وَتوفى أَبُو عَليّ الشَّاشِي فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وثلاثمائة
حَدثنِي أَبُو الْفرج الْعمانِي وَكَانَ قد أدْرك الشَّيْخ أَبَا الْحسن ودرس عَلَيْهِ قَالَ أوصى أَبُو عَليّ الشَّاشِي أَن يرجِعوا من مواراته ويفرقوا دفاتره على أَصْحَابه ويتصدقوا بِتركَتِهِ وَكَانَت تسع مائَة دِرْهَم عِنْد ثَلَاثَة أنفس يعِيش من فضل
(1/169)

ذَلِك وَأَن لَا يجلسوا لَهُ فِي عزاء فَفَعَلُوا ذَلِك وَحضر أَبُو عبد الله الدَّاعِي وَأَبُو تَمام الزَّيْنَبِي رَضِي الله عَنْهُمَا جنَازَته وتفرقة كتبه وَتركته ثمَّ تفَرقُوا
وَمن طبقته أَبُو بكر الدَّامغَانِي الْأنْصَارِيّ وَكَانَ أَقَامَ على الطَّحَاوِيّ سِنِين كَثِيرَة ثمَّ أَقَامَ على أبي الْحسن وَكَانَ إِمَامًا فِي الْعلم وَالدّين مشارا إِلَيْهِ فِي الْوَرع والزهادة ولى الْقَضَاء بواسط لِأَنَّهُ ركبته دُيُون وَخرج إِلَيْهَا فَحَدثني الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ أَنه كَانَ ينظر بَين الْخُصُوم على وَجه التَّحْكِيم كَانَ يَقُول لِلْخَصْمَيْنِ أنظر بَيْنكُمَا فَإِذا قَالَا نعم نظر بَينهمَا وَرُبمَا قَالَ حكمتماني فَإِذا قَالَا نعم نظر بَينهمَا وَكَانَ عِنْد أَصْحَابنَا أَنه غض من نَفسه بولايته للْحكم
وَمن هَذِه الطَّبَقَة ابو مُحَمَّد بن عَبدك وَكَانَ متروحا إِلَى أبي عَمْرو الطَّبَرِيّ وَله شرح الجامعين وَكتاب الِاقْتِدَاء بعلي وَعبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا خرج إِلَى الْبَصْرَة وَكَانَ من أَهلهَا فدرس بهَا وَمَات بهَا سنة سبع وَأَرْبَعين وثلاثمائة
وَمن هَذِه الطَّبَقَة أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن عَليّ الْبَصْرِيّ شيخ الْمُتَكَلِّمين فِي عصره وَكَانَ مقدما فِي العلمين مَعَ كَثْرَة أَمَالِيهِ فيهمَا وتدريسه لَهما وَمَا بلغ أحد مبلغه فِي هذَيْن العلمين أَعنِي الْكَلَام وَالْفِقْه مَعَ سَعَة النَّفس وَكَثْرَة الأفضال والتقدم عِنْد السُّلْطَان وانتشار الْأَصْحَاب فَلَو لم يكن لَهُ صَاحب إِلَّا عَليّ بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ الْمجمع على دينه والمقبول عِنْد الْمُوَافق والمخالف حَتَّى كَانَ يُقَال إِنَّه عَمْرو بن عبيد زَمَانه لَكَانَ فِيهِ كِفَايَة فَكيف وَقد رزق الْعدَد الْكثير من الْأَصْحَاب وتوجهوا فِي الْعلم وبلغوا فِيهِ كل مبلغ وَتوفى فِي ذِي الْحجَّة من سنة تسع وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَصلى عَلَيْهِ أَبُو عَليّ الْحسن بن أَحْمد بن عبد الْغفار الْفَارِسِي النَّحْوِيّ وَدفن فِي تربة أبي الْحسن الْكَرْخِي رَحْمَة الله عَلَيْهِمَا
وَمن هَذِه الطَّبَقَة أَبُو بكر بن شاهوية مَاتَ بنيسابورسنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وثلاثمائة وَإِلَيْهِ انْتهى علم الْحساب وَحل الزيج وَعمل الأشكال من كتاب إقليدس مَعَ حفظه للْمَذْهَب وَعلمه بالنكت وَكَانَ عضد الدولة أخرجه مَعَ جمَاعَة من الْفُقَهَاء إِلَى بُخَارى فِي رِسَالَة فزينت لَهُ بِلَاد خُرَاسَان فَحَدثني إِسْمَاعِيل الزَّاهِد
(1/170)

قَالَ رَأَيْت أَبَا بكر مُحَمَّد بن الْفضل البُخَارِيّ وَقد حمل إِلَيْهِ جُزْءا فِيهِ مشكلات الْكتب فأملى أَبُو بكر جوابها من سَاعَته فَقبل ابْن الْفضل رَأسه وَقَالَ مَا ظَنَنْت أَن على وَجه الارض مثلك
وَمن هَذِه الطَّبَقَة أَبُو سهل الزجاجي صَاحب كتاب الرياضة درس على أبي الْحسن الْكَرْخِي وَرجع إِلَى نيسابور فَمَاتَ بهَا سَمِعت الصاحب أَبَا الْقَاسِم إِسْمَاعِيل ابْن عباد يَقُول كَانَ أَبُو سهل الزجاجي إِذا دخل مجَالِس النّظر تَغَيَّرت وُجُوه الْمُخَالفين لقُوَّة نَفسه وَحسن جدله وَبَلغنِي أَن أَبَا بكر الرَّازِيّ رَحمَه الله درس عَلَيْهِ
وَمن هَذِه الطَّبَقَة أَبُو الْحُسَيْن قَاضِي الْحَرَمَيْنِ كَانَ عِنْد أبي الْحسن الْكَرْخِي ثمَّ انْتقل إِلَى أبي طَاهِر الدباس ثمَّ ولى الْقَضَاء بالحرمين وَعَاد إِلَى نيسابور فَمَاتَ بهَا وفقهاء نيسابور كلهم ينتسبون إِلَى أبي سهل أَو إِلَى أبي الْحُسَيْن لَا يخرجُون عَنْهُمَا
ثمَّ أستقر التدريس بِبَغْدَاد لأبي بكر أَحْمد بن عَليّ الرَّازِيّ وانتهت الرحلة إِلَيْهِ وَكَانَ على طَريقَة من تقدمه فِي الْوَرع والزهادة وال***** وخوطب على قَضَاء الْقُضَاة مرَّتَيْنِ فَامْتنعَ
حَدثنِي أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الطَّبَرِيّ قَالَ حَدثنِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن صَالح الْأَبْهَرِيّ قَالَ خاطبني الْمُطِيع على قَضَاء الْقُضَاة وَكَانَ السفير فِي ذَلِك أَبُو الْحسن ابْن أبي عَمْرو الشراني فأبيت عَلَيْهِ وأشرت بِأبي بكر أَحْمد بن عَليّ الرَّازِيّ فأحضر للخطاب على ذَلِك وسألني أَبُو الْحسن بن أبي عَمْرو معونته عَلَيْهِ فخوطب فَامْتنعَ وخلوت بِهِ ورفقت فَقَالَ لي تُشِير عَليّ بذلك فَقلت لَا أرى لَك ذَلِك ثمَّ قمنا إِلَى بَين يَدي أبي الْحسن بن أبي عَمْرو وَأعَاد خطابه وعدت إِلَى معونته فَقَالَ لي أَلَيْسَ قد شاورتك فأشرت على أَن لَا أفعل فَوَجَمَ أَبُو الْحسن بن أبي عَمْرو من ذَلِك وَقَالَ تُشِير علينا بانسان ثمَّ تُشِير عَلَيْهِ ان لَا يفعل قلت نعم إمامي فِي ذَلِك مَالك بن أنس أَشَارَ على أهل الْمَدِينَة أَن يقدموا نَافِعًا القارىء فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَشَارَ على نَافِع أَن لَا يفعل فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أَشرت عَلَيْكُم بِنَافِع لِأَنِّي لَا أعرف مثله وأشرت عَلَيْهِ أَن لَا يفعل لِأَنَّهُ يحصل لَهُ أَعدَاء
(1/171)

وحساد فَكَذَلِك أَنا أَشرت عَلَيْكُم بِهِ لِأَنِّي لَا أعرف مثله وأشرت عَلَيْهِ أَن لَا يفعل لِأَنَّهُ أسلم لدينِهِ
وحَدثني الشَّيْخ أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُوسَى الْخَوَارِزْمِيّ أَن مولد أبي بكر أَحْمد بن عَليّ كَانَ فِي سنة خمس وثلاثمائة وَأَنه دخل بَغْدَاد سنة خمس وَعشْرين وثلاثمائة ودرس على أبي الْحسن الْكَرْخِي ثمَّ خرج إِلَى الأهواز ثمَّ عَاد إِلَى بَغْدَاد بعد أَن زَالَ الغلاء وَخرج إِلَى نيسابور مَعَ الْحَاكِم النَّيْسَابُورِي بِرَأْي أبي الْحسن الْكَرْخِي ومشورته وَإِن أَبَا الْحسن مَاتَ وَهُوَ بنيسابور ثمَّ عَاد إِلَى بَغْدَاد سنة أَربع وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَأَبُو عَليّ الشَّاشِي عليل عِلّة الْمَوْت فَجَلَسَ للتدريس فِي مَسْجِد أبي الْحسن الْكَرْخِي وَكَانَ الْموضع متماسكا ثمَّ انْتقل إِلَى سويقة غَالب ودرس فِي درب المقير ثمَّ انْتقل فِي سنة سِتِّينَ إِلَى درب عَبدة ودرس فِي مَسْجِد درب عَبدة وَكَانَ يدرس فِي مَسْجِد درب عَبدة أَبُو سعيد البرذعي وَفِيه تفقه أَبُو الْحسن الْكَرْخِي ودرس فِيهِ أَبُو عَمْرو الطَّبَرِيّ وَأَبُو مُحَمَّد سهل بن إِبْرَاهِيم القَاضِي وبعدهما أَبُو عَليّ الشَّاشِي ثمَّ الشَّيْخ أَبُو بكر الرَّازِيّ ثمَّ شَيخنَا واستاذنا أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُوسَى الْخَوَارِزْمِيّ وَهُوَ مَسْجِدنَا الَّذِي ندرس فِيهِ الْآن وَنَرْجُو أَن يلحقنا وَمن يغشانا بَرَكَات هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة الَّذين سبقُونَا فِي الْجُلُوس فِيهِ
وَتوفى الشَّيْخ أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ الرَّازِيّ فِي ذِي الْحجَّة سنة سبعين وثلاثمائة وَصلى عَلَيْهِ الشَّيْخ أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُوسَى الْخَوَارِزْمِيّ وألحده بِيَدِهِ وَجلسَ فِي مَسْجده بعد أَن كَانَ أجلسه فِيهِ حُدُود الْعشْر سِنِين يدرس فيي آخر النَّهَار فِيهِ
فَصَارَ إِمَام أَصْحَاب أبي حنيفَة ومدرسهم ومفتيهم بعد وَفَاة أبي بكر أَحْمد بن عَليّ الرَّازِيّ شَيخنَا وإمامنا أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْخَوَارِزْمِيّ وَمَا شَاهد النَّاس مثله فِي حسن الْفَتْوَى والإصابة فِيهَا وَحسن التدريس وَقد دعى إِلَى ولَايَة الحكم مرَارًا فَامْتنعَ مِنْهُ وَكَانَ مُعظما فِي النُّفُوس مقدما عِنْد السُّلْطَان والعامة وَلَا يكَاد يقبل لأحد من النَّاس برا وَلَا صلَة وَلَا هَدِيَّة وَتوفى فِي لَيْلَة الْجُمُعَة الثَّامِنَة
(1/172)

عشرَة من جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة وتوليت غسله وتجهيزه مَعَ جمَاعَة من أَصْحَابه وَصلى عَلَيْهِ ابْنه أَبُو الْقَاسِم مَسْعُود بن مُحَمَّد فِي جَامع الْمَنْصُور قبل صَلَاة الْجُمُعَة ورد إِلَى منزله فِي درب عَبدة وَدفن فِيهِ رَضِي الله عَنهُ ونفعه بِمَا علمنَا ونفعنا بذلك
وَمن طبقته أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن مُحَمَّد الضَّرِير الْبَصْرِيّ وَإِن كَانَ قد درس فِي حَيَاة أبي بكر الرَّازِيّ وَكَانَ مثل شَيخنَا فِي الْإِسْنَاد لِأَنَّهُ أَخذ الْعلم عَن أَصْحَاب أبي الْحسن وَكَانَ أَبُو زَكَرِيَّا حَافِظًا لمذاهب أَصْحَابنَا عَارِفًا بالأصول والجامعين والنوادر مَعَ ورع صِيَانة وعفاف وتواضع وَكَانَ ضريرا قد رحلت إِلَيْهِ وقرأت عَلَيْهِ وَكَانَ عَالما بالفرائض قيمًا بِالْحِسَابِ والجبر والمقابلة إِمَامًا فِي ذَلِك
فَهَذَا آخر مَا ذَكرْنَاهُ من طَبَقَات أَصْحَابنَا بالعراق وَمَا قرب مِنْهُ مِمَّن وَقع إِلَيْنَا أخبارهم وأشتهر فِي النَّاس ذكرهم فَأَما بخراسان وَمَا وَرَاء النَّهر فخلق عَظِيم لم نذكرهم
وَكَانَ فراغنا من هَذَا الْكتاب فِي شهر رَمَضَان سنة أَربع وَأَرْبَعمِائَة نسْأَل الله خَاتِمَة خير ومنقلبا إِلَى خير وَأَن يجعلنا مِمَّن يعْمل بِعِلْمِهِ وَأَن لَا يَجْعَل مَا تعلمنا وبالا علينا وَالله ولي التَّوْفِيق وَعَلِيهِ توكلي وَهُوَ حسبي وَنعم الْوَكِيل
الْحَمد لله رب الْعَالمين وَصلَاته على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي وَآله وَسَلَامه
وَوَافَقَ الْفَرَاغ مِنْهُ بِمَدِينَة السَّلَام بالجانب الشَّرْقِي بمشهد الامام أبي حنيفَة رضوَان الله عَلَيْهِ فِي شهر رَمَضَان من سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة كتبه مُحَمَّد بن طَاهِر الْخَوَارِزْمِيّ
(1/173)


http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة


كتاب , كتب
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الكتاب, كتاب


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع كتاب أخبار أبي حنيفة وأصحابه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب أخبار الزمان ومن أباده الحدثان، وعجائب البلدان والغامر بالماء والعمران Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 12-07-2020 10:19 AM
الإمام أبو حنيفة - سيرة حياة محمد خطاب الكاتب محمد خطاب ( فلسطين) 2 05-10-2014 07:12 PM
عودة التركية ‘حنيفة’ إلى الجامعة بعد انقطاع 24 عاماً بسبب قانون حظر الحجاب عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 10-08-2013 07:35 AM
إجابات رائعة لأبي حنيفة Eng.Jordan الملتقى العام 2 01-10-2013 10:25 PM
الامام ابو حنيفة - سيرة حياة محمد خطاب شذرات إسلامية 0 02-13-2012 12:49 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:47 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59