العودة   > >

شذرات إسلامية مواضيع عن الإسلام والمسلمين وأخبار المسلمين حول العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 02-08-2024, 06:27 PM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,207
24 الماء في سورة البقرة

الماء في سورة البقرة
_________________

(د. إبراهيم بن محمد الحقيل)
___________________________


28 / 7 / 1445 هـــــــــــــ
9 / 2 / 2024 م
___________________


sddefault.jpg




خطب الاستسقاء
========

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله مسدي النعم ومتممها، وواهب العافية ومسبغها، وباسط الأرزاق ومباركها، ومضاعف الأجور وحافظها، ورافع البلايا ودافعها، نحمده حمدا كثيرا، ونشكره شكرا مزيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ رب عظيم رحيم، عفو غفور كريم؛ يسأله العباد فيعطيهم، ويستسقونه فيسقيهم، ويدعونه فيجيبهم ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ [النمل: 62]، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ كان إذا قحط المطر، وأجدبت الأرض؛ هرع إلى الله تعالى داعيا ومستسقيا ومستغيثا وسائلا؛ لحسن ظنه بربه، ويقينه بوعده، وعلمه بكرمه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله، وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 281].

أيها الناس: الماء هو حياة الناس، وحياة الأحياء على الأرض، ولا حياة بلا ماء؛ وذلك من آيات الله تعالى الدالة على قدرته، وعلى ضعف المخلوقات كلها ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنبياء: 30].

ولأهمية الماء في حياة الناس كثر ذكره في القرآن الكريم، وذُكر في سورة البقرة في مواضع عدة، وسياقات منوعة، وهي السورة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءتها، وأخبر أن أخذها بركة، وأن تركها حسرة.

فذُكر الماء في سورة البقرة في سياق الامتنان على الناس به، مع أمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له؛ لأنه منزل الماء، ومخرج الثمر، ورازق العباد؛ فقال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 21 - 22].

وذكر الماء في سورة البقرة في سياق بشارة أهل الجنة بما لهم فيها من أنهار وجنات وثمرات وأزواج مطهرة ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 25].

وذكر الماء في سورة البقرة في سياق بيان قسوة قلوب بني إسرائيل حين تعنتوا في دينهم، وكذبوا أنبياءهم، ثم صدفوا عن الإيمان بالقرآن؛ فخاطبهم الله تعالى قائلا ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 74].

وذكر الماء في سورة البقرة في سياق تقرير الربوبية بآياتها، المستلزمة للعبودية، وإفراد الله تعالى بالعبادة دون سواه؛ فمن الآيات العظيمة الدالة على ربوبيته عز وجل نزول المطر، وإحياء الأرض به بعد موتها ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 164].

وذكر الماء في سورة البقرة في سياق ابتلاء بني إسرائيل في معركة من معاركهم بمنعهم من الشرب من ماء النهر؛ تقوية لإرادتهم، وشحذا لهمتهم. فمن عجز عن كبح جماح نفسه عن شهواتها فهو أعجز عن مواجهة أعدائه ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 249].

وذكر الماء في سورة البقرة في سياق ذكر إنفاق المنافق وإنفاق المؤمن؛ فالمنافق إذا أنفق لا ينتفع بنفقته لمراءاته، كأرض صفا يغطيها تراب لا تصلح للزرع، فمن رأى ترابها انخدع بها، حتى إذا هطل المطر عليها أزال ترابها فبان أنها لا تصلح للزرع. بخلاف إنفاق المؤمن المخلص؛ إذ شبه ببستان خضر، يصيبه المطر فيتضاعف ثمره من طيب أرضه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة: 264-265].

وما كرر الماء في هذه السورة العظيمة إلا لأهميته في حياة الناس؛ تذكيرا بنعم الله تعالى عليهم، وحثا على شكره سبحانه عليها، ولجوءا إليه عز وجل باستسقائه واستغاثته تبارك وتعالى حين تغور المياه، وتجف الآبار، وتموت الأرض، وييبس الزرع. فادعوا الله تعالى وأنتم موقنون بالإجابة، وأكثروا من الصدقة والاستغفار.

اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ.

اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا.

اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا.

اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، هَنِيئًا مَرِيئًا، مَرِيعًا غَدَقًا، مُجَلَّلًا عَامًّا، طَبَقًا سَحًّا دَائِمًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ إِنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ وَالْبَهَائِمِ وَالْخَلْقِ مِنَ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُوهُ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ، وَاكْشِفْ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا؛ فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا.

اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ.

اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ، لَا عَذَابٍ وَلَا بَلَاءٍ وَلَا هَدْمٍ وَلَا غَرَقٍ. وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

عِبَادَ اللَّهِ: حَوِّلُوا أَرْدِيَتَكُمْ تَفَاؤُلًا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيُغَيِّرُ حَالَنَا، فَيُغِيثُنَا غَيْثًا مُبَارَكًا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَادْعُوهُ مُسْتَقْبِلِينَ الْقِبْلَةَ، وَأَيْقِنُوا بِالْإِجَابَةِ، وَأَكْثِرُوا الصَّدَقَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.













_____________________________________________
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الماء في سورة البقرة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سورة البقرة (آيات الصلاة) عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 10-20-2022 10:17 PM
سورة البقرة (تقرير الألوهية) عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 09-02-2022 08:05 AM
سورة البقرة (تقرير الربوبية) عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 1 08-08-2022 02:34 PM
أسرار خواتيم سورة البقرة صابرة شذرات إسلامية 0 02-01-2018 07:30 AM
عجائب سورة البقرة Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 11-24-2016 09:25 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:01 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59