|
أخبار ومختارات أدبية اختياراتك تعكس ذوقك ومشاعرك ..شاركنا جمال اللغة والأدب والعربي والعالمي |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الجاسوسية في الدراما والأدب
الموسوعة العربية : د.ناصر أحمد سنة: مصر تندرج الروايات والقصص التي تدور حبكتها (الحقيقية، أو المتخيلة) حول الجاسوسية والتجسس والجوسسة والجواسيس ضمن الروايات البوليسية. ويتمتع أدب الجاسوسية بقدر كبير من التشويق والصراع، وملامح غموض، وبأبعاد بصرية تجعله قريباً وصالحاً، دوماً، للتحول للدراما السينمائية والتلفزيونية. ومع ذلك، ومقارنة بالمنتوج الغربي، يرى كثيرون أن الأمرين (أدب، ودراما الجاسوسية) شحيحان في ثقافتنا العربية. بل ذهب البعض لندرتهما. ولعل النماذج التي خاضت هذا المضمار قد ولجته بحسابات دقيقة فرضها الواقع. ذلك لأن (جدلية) إبداعهما أكثر حساسية، وراوفد شخوصهما وأحداثهما أكثر شُحاً، وسرية. احتفاء بالروائى الشهير (إيان فليمنج 1908– 1964) صانع شخصية (جيمس بوند) أو العميل (رقم 007)، صدرت (2008م) مجموعة من طوابع البريد الملكى البريطانى بمناسبة مرور قرن على ولادته. واقتبست تصميماتها من أغلفة ست من روياته حولت إلى أفلام مثل (كازينو رويال)، و(الأصبع الذهبي). والتي، وغيرها كالفيلم الأول والأنجح والأشهر، (دكتور نو، Dr.No 1962) للمخرج (تيرنس يونج)؛ اجتذبت قطاعاً كبيراً من الجماهير حول العالم. وارتبطت بستينيات القرن الماضي حيث كان التجسس، إبان حقبة الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي، عنواناً بارزاً لها. وتجسد شخصية جيمس بوند (ظهرت للوجود عام 1953) البطل الخارق، الجريء، المغامر، الرياضي، خفيف الظل، الجذاب، الأنيق، الذكي، المُتقد الذاكرة، الواثق من نفسه، ذو المهارات البارعة، والحيل الباهرة، القادر على المنازلة والقتال، المنتصر دوماً، والمحاط بالحسناوات. وظلت صورة (بوند) مُكرَسة (كأنموذج ثقافي دال على حضارة الغرب) في كل سلسلة الأفلام، طوال نحو ثلث قرن وأكثر، رغم التعاقب على بطولتها من قبل مجموعة من نجوم السينما المشهورين مثل (شون كونري)، و(روجر مور)، و(جورج لازمبي)، و(بيرس بروسنان)، و(تيموثي دالتون)، و(دانييل كريج). وكان اختيار النجم/البطل-إلى جانب المناظر الخلابة، والسيارات، والطائرات، والتقنيات المتطورة، والنساء الحسناوات- أهم عناصر الأفلام التي-من ناحية الموضوع- تبدو متشابهة وذات تفاصيل جذابة، ونهاية سعيدة. وقد ظهر (بوند) للمرة الأولى في إسطنبول (المدينة المفضلة) لدى الروائي (فليمينغ)، عام 1963 في العمل الثاني المميز من السلسلة تحت عنوان: (من روسيا مع حبيFrom Russia With Love), ثم عاد إليها مؤخراً لتصوير فيلم (سقوط السماء Sky Fall 2012) للمخرج (سام منرز). وهو الشريط الأخير (رقم 23) من السلسلة السينمائية الأطول في التاريخ. ويتزامن تصويره (صورت مشاهد منه، أيضاً، في لندن، والصين، وأسكتلندا) مع الذكرى الخمسين لانطلاق مغامرات ذلك (العميل الأسطوري). وللمرة الثالثة يقوم بأداء دور (بوند).. الممثل (دانييل كريغ) بعد تجسيده للشخصية في (كازينو رويالCasino Royale 2006)، وفي (طاقة شمس Quantum of Solace 2008). أما (فتاة جيمس بوند) (حرصت السينما على أن تأتي بممثلة جديدة مع كل فيلم) فستؤدي دورها الممثلة الفرنسية (بيرينيس مارلوهي 1979). ويبدو أن (كريغ) قد عجّل بشيخوخة السلسة الطويلة.. شكلاً، وأداء، وموضوعاً. وكانت دار (بنجوين) الإنجليزية قد أصدرت كتاباً ماتعاً بعنوان: (كتاب، وجواسيس، وقتلة), اشترك فيه عدد من المحررين على رأسهم (وليام سكاميل). ويتناول الكتاب دراسات عن كتاب ومؤلفين عملوا جواسيس أو عملاء استخباراتيين. وقدم نظرية نقدية في منهجية القصة البوليسية. ويشير الكتاب إلى أن ابتداع شخصية العميل رقم 007 أو (جيمس بوند) من قبل إلى الروائي (إيان فيلمينج)، يرجع لكونه كان عميلاً للاستخبارات البريطانية في روسيا وبلدان أخرى. ويتساءل الكتاب: هل كان فيلمينج أديباً أم عميلاً محنكاً؟. وليس ثمة أجابة مُرضية عن السؤال. وذلك بسبب اختلاط الواقع بالخيال في السيرة الذاتية لفيلمينج. كما أبرز الكتاب الوجه الآخر للطود الشامخ في دنيا الرواية والقصة الإنجليزية.. الأديب (سومرست موم 1874 - 1965) الذي امتهن، أيضاً، العمل الاستخباراتي. وعرض الكتاب جوانب من حياة موم التي اعتبرت أكثر غموضاً من حياة فيلمينج. ففي عام 1915 التقى موم بضابط مخابرات بريطاني وتوطدت بينما أواصر الصداقة، ومن ثم نجح الضابط في تجنيده كعميل لمصلحة الاستخبارات البريطانية (SIS). ولعل ضابط الاستخبارات وجد في النجاح السريع لرواية موم (الاسترقاق البشري) وسيلة يحقق من خلالها هدفه. فأوعز لموم أن موهبته اللغوية ستمكنه من خدمة وطنه عن طريق العمل في سلك الاستخبارات. واقترح عليه استغلال براعته الأدبية كغطاء لعمله التجسسي، وهكذا تحول سومرست موم إلى جاسوس. وفي مدينة جنيف السويسرية.. كانت أول مهمة لسومرست كعميل، حيث لعب بنجاح دور مؤلف مسرحي فرنسي، وحقق نجاحاً كبيراً، ليس في ذلك المجال فحسب، ولكن كوسيط بين جواسيس آخرين وقيادة المخابرات البريطانية. ومارس عمله من خلال إرسال رسائل مشفرة، غالباً في ثنايا مخطوطات ومؤلفات أدبية تمر عبر الحدود، جيئة وذهاباً، دون إثارة ريبة الشرطة السويسرية. والطريف أن موم لم يتقاض أجراً من المخابرات البريطانية، حيث اعتبر عمله واجباً وطنياً. أما في روسيا فلعب سومرست دور مراسل لعدد من المنشورات الأمريكية كتغطية على عمله التجسسي. والتقى زعيم اشتراكي يدعى (ألكسندر كيرينسكي) الذي حمّله (رسالة يائسة) إلى لندن يطلب فيها من الحلفاء تأليف وإرسال جيش إلى روسيا لمحاربة البلشفيك. ولم يقتصر عمله في روسيا على إيصال رسائل، بل وضع بنفسه (خطة) لتجنيد مجموعة من العملاء المخلصين الروس لحساب جهاز المخابرات البريطاني (SIS). ويعتمد دورهم على مناهضة (النفوذ الألماني) المتنامي على الحكومة الروسية المركزية من خلال عمليات الدعاية والتجسس. لم يحاول موم التنصل من عمله كجاسوس بريطاني، بل كتب عدداً من القصص حول تجربته تلك. غير أنه اضطر إلى حرق معظمها بعد أن تلقى تحذيراً من المخابرات البريطانية بأن نشرها يخالف قانون الأسرار البريطانية الرسمي. لكن ما بقي في حوزته، بما فيها قصته حول مهمته في روسيا، نشرها عام 1928م بعنوان: (Ashenden). ومنح إحدى شخصياته اسم (سومرفيل) في محاولة لتغطية اسمه وعمله الجاسوسي في روسيا. ويبدو أنه (لم يكن يرغب أن يكتب صراحة حول ذلك النشاط، أو أنه كان خائفاً من شيء ما). وقد لاقت قصص موم ورواياته رواجاً وإقبالاً كبيرين، حتى اعتبره البعض أكثر الأدباء الإنجليز شعبية بعد (تشارلز ديكنز). ولمعت روايات التجسس، أيضاً، على يد الروائي (جراهام جرين 1904-1991) الذي رسخ شهرته بروايته الرابعة (قطار إسطنبول). ولد جراهام في هرتفوردشير بإنجلترا، وتلقى تعليمه في جامعة أكسفورد. ونشر العديد من الكتب (نحو خمسة وثلاثين) في مجال الرواية والقصة القصيرة والرحلات والمسرحية والنقد الأدبي. وعمل بالصحافة حيناً من الدهر، وجاسوساً في خدمة MI6 في سيراليون خلال الحرب العالمية الثانية. وتأثرت كتاباته بمذهبه الكاثوليكي وبمرضه العصبي. وعلى رغم من ارتباط اسمه بأفلام التشويق البوليسية؛ كان (ألفريد هيتشكوك 1899-1980)، مهتماً بسينما التجسس، وخاصة قبيل الحرب العالمية الثانية وأثناءها (حين حقق أفلاماً مهمة ضد النازية وعملائها من أبرزها (الدرجات الـ39)، و(السيدة تختفي). ثم لاحقاً خلال الحرب الباردة، حيث حقق أفلام تجسس يعتبر بعضها (شمالاً بشمال غرب)، و(الستارة الممزقة) علامات بارزة في هذا المضمار. وفي الإطار نفسه تأتي طبعتا فيلم (المرشح المنشوري), (الأولى من إنتاج 1962، بإخراج مميز من جون فرانكنهايمر، والثانية من إنتاج 2004، بإخراج جوناثان ديم)؛ عن رواية نشرها عام 1950 (ريتشارد كوندون 1915 - 1996)، لتحتلا مكانة مميزة. علماً أن الطبعة الأولى، والتي قام ببطولتها فرانك سيناترا، اعتبرت نوعاً من التنبؤ بمؤامرة حيكت لاغتيال الرئيس الأمريكي (جون كنيدي). وانطلاقاً من رواية مميزة لفردريك فورسايت، عن محاولة دبّرت بالتعاون بين الاستخبارات الأميركية، وعصابات اليمين المتطرف الفرنسي لاغتيال الجنرال ديغول؛ أتى فيلم (يوم ابن آوى 1973) من إخراج فرد زينمان. وهي واقعة حقيقية حتى وإن كانت الصياغة الروائية بَنت عليها في شكل جعلها أقرب، في التفاصيل، إلى العمل التخييلي. وفي مجال آخر، ضمن إطار أفلام أتت دائماً لتفضح ممارسات الـ(سي آي إي), فهناك فيلم سيدني بولاك المميز (أيام الكوندور الثلاثة 1975) الذي وفر لروبرت ردفورد، واحداً من أفضل أدواره. حيث افتتح سلسلة شخصيات تتمرد على وكالة الاستخبارات الأمريكية فتسعى هذه إلى التخلص منها، بعدما استنفدت خدماتها وأوقعتها في حيرة ومأساة ضمير إزاء هذه المهنة. وخلال حقبة الحرب الباردة.. فكر كاتب روايات التجسس الشهير والدبلوماسى البريطانى السابق (جون لوكاريه)، في الفرار إلى الاتحاد السوفيتى. وأشار كاتب رواية/فيلم (الجاسوس الآتي من الصقيع 1965) أن هذه الفكرة لم تخطر له بسبب ميول شيوعية, بل كانت بدافع الفضول في اكتشاف ما كانت الحياة عليه خلف الستار الحديدي. وكان لوكاريه أحد أساتذة التخييل الروائي البوليسي, وقد عمل لحساب أجهزة الاستخبارات البريطانية (إم-16): «حين تعملون في التجسس بشكل كثيف وتقتربون أكثر فأكثر من الحدود، يخيل لكم أنه لم يبق سوى القيام بخطوة صغيرة لاكتشاف كل ما تبقى... وفى فترة معينة شعرت برغبة قوية في ذلك الفرار). غير أن نشاط جون لوكاريه (اسمه الحقيقي ديفيد جون مور كرونويل) المهني كعميل سري وصل إلى نهاية مفاجئة. وذلك حين كشف الجاسوس البريطاني (كيم فيلبي) عن أسماء العديد من زملائه ومواطنيه لأجهزة الاستخبارات السوفيتية (كاي. جي. بي). واستند الكاتب إلى هذه التجربة التي عاشها بين 1950 و1960 حين كشف فيلبي سره، لبناء حبكة إحدى أشهر رواياته (المخبر 1974), حيث يسرد مغامرات مخبر سوفيتي. وكان لوكاريه لا يزال عميلاً سرياً حين دغدغته غواية الأدب، فكتب أولى محاولاته الروائية، ووقّعها باسم (لوكاريه) المُستعار الذي أراده تغريبيّاً. وله العشرات من روايات التجسس ذائعة الصيت منها (الفتاة ذات الطبل)، و(الجنيناتي الدؤوب). وهو، أيضاً، مخترع شخصية الجاسوس الغربي الظريف (جورج سمايلي)، المنخرط في معركة حامية الوطيس ضد (كارلا)، الشخصية النقيضة والضابط في الـ KGB. وهي تعكس سمات عالمية للصراع السياسي منذ حقبة الحرب الباردة وحتى اليوم، ومن رواياته الجاسوسية التي سجلت أعلى المبيعات على الإطلاق (الجاسوس القادم من الصقيع)، و( خياط بنما والسمكري)، و(الجندي)، و(جاسوس). وبعدما استنفد (لوكاريه) موضوع الحرب الباردة في رواياته، ثم قارب السيرة الذاتية في (الجاسوس المثالي 1986)، وصل في (البستاني المخلص 2001) إلى تقديم نظرة إشكاليّة للنظام الرأسمالي من خلال رصد جشع الشركات متعددة الجنسيّة. وفي السنوات الأخيرة، استحال كاتباً سياسياً، يحاول وضع يده على مناطق موجعة وقضايا حساسة، ويخوض في واقع متفجّر على خلفيّة سياسية شائكة. كما يحتلّ الكاتب البريطاني (ويليام بويد 1952) المولود في أكرا، عاصمة غانا، مكانة بارزة في أدب بلاده. فجميع ما أصدر من روايات قد ترجمت إلى العديد من اللّغات. وفي روايته التي حملت عنوان (انتظار الصباح) يأخذ قرّاءه إلى عالم الجوسسة. وذلك من خلال جاسوس في الحرب الكونيّة الأولى، ينطلق إلى فيينا التي كانت آنذاك عاصمة لإمبراطوريّة مترامية الأطراف، ليعرض نفسه على طبيب نفساني يعمل بحسب نظريّات فرويد. وهناك يلتقي بفتاة جميلة تدعى (هاتي بول) وبها يغرم ليتغير مجرى حياته ومصيره، وهو ما لم يكن يتوقعه قبل ذلك. ويقول ويليام بويد إن عائلة (إيان فليمينغ)، مبتكر شخصيّة (جيمس بوند)، منحته حق كتابة سيناريوهات جديدة لهذه الشخصيّة الشهيرة. وهو يرى أن أغلب الكتاب البريطانيّين الكبار اهتمّوا بعالم الجوسسة لما فيه من مؤامرات وملابسات ومغامرات ودسائس وعجائب وغرائب. وهو مهتمّ بصفة خاصّة بشخصيّة (كيم فيلبي)، الجاسوس البريطاني المزدوج الذي يعتبر من أكبر الخونة لوطنه. فقد عمل هذا الجاسوس لصالح المخابرات الروسية على مدى عشرين عاماً من دون أن يتفطّن أحد إلى عمله. عربياً.. لعل أبرز الروايات البوليسية التجسسية والتي اعتبرت تدشيناً لميلاد جديد، لروايات ذلك الأدب. وبوابة جديدة فريدة، تفتح بقوة لأول مرة؛ هي تلك التي كتبها الراحل المبدع (صالح مرسي 1929-1997). وكان على رأسها: (كنت جاسوساً في إسرائيل.. رأفت الهجان)، والتي تحولت فيما بعد إلى دراما تليفزيونية لاقت نجاحاً معتبراً. ثم أتت روايته الثانية (الحفار). وقد أبدع صالح الذي عمل مع جهاز المخابرات العامة المصرية، عدداً من الأعمال الفنية منها: تأليفه مسلسل (هارمونيا 2011)، ومسلسل (حرب الجواسيس 2009)، وفيلم (ثورة اليمن 1966). وكتب سيناريو وحوار فيلم (صخب البحر 1987)، وله قصة وسيناريو وحوار فيلم (الصعود إلى الهاوية 1978)، وفيلم (الكداب 1975)، وفيلم (السيد البلطي 1967). وكتب قصة وسيناريو وحوار مسلسل (أنا قلبي دليلي 2009)، ومسلسل (رأفت الهجان ج3 1991)، و(رأفت الهجان ج2 1990)، و(رأفت الهجان ج1 1987)، ومسلسل (دموع في عيون وقحة 1980). واشتهر، أيضاً، (نبيل فاروق 1956) بالأدب البوليسي والخيال العلمي. صدرت له مجموعة كبيرة من القصص في شكل كتب جيب. قدّم عدة سلاسل قصصية من أشهرها ملف المستقبل، ورجل المستحيل، وكوكتيل 2000. ولاقت قصصه نجاحاً كبيراً في العالم العربي، خاصة عند الشباب والمراهقين. واكتسب نبيل العديد من الأصدقاء، سواء في إدارة المخابرات المصرية أو غيرها من المؤسسات الحكومية. وفي رواية (أمير كانللي) للروائي المصري (صنع الله إبراهيم) مشاهد ووسائل وسمات البَولَسة. وهي (المكالمات المجهولة)، و(الغموض) المتواتر على امتداد الرواية. والتي ربطها كاتبها بالموساد، أو المخابرات المركزية الأمريكية. أشهر الجواسيس.. رأفت الهجان ترددت، عبر عقود من (أدب الجاسوسية)، أسماء عدد من الشخصيات التي ساهمت في كتابة تاريخ ملفات المخابرات المصرية.. سلباً أو إيجاباً. فتلك الجاسوسة المثقفة (هبة سليم)، والتي لم تنجح مصريتها في ترشيد تطلعاتها المتفجرة، فاندفعت بكل كيانها، ومواهبها المتعددة، نحو الخيانة. وباعت نفسها للمخابرات الإسرائيلية، التي أوهمتها بأحلام التفوق والقوة والنجاح، والتي لم تستيقظ منها، إلا وحبل المشنقة يلتف حول عنقها. قبل حتى أن يعرف العامة قصتها، سينمائياً، من خلال أول وأقوى فيلم عن عمليات المخابرات (الصعود إلى الهاوية) من إخراج (كمال الشيخ). والذي قدمها فيه صالح مرسى، تحت اسم (عبلة كامل) ، وقامت بأداء دورها الممثلة (مديحة كامل)، مع تلك العبارة الشهيرة، على لسان الممثل محمود ياسين: «هي دي مصر يا عبلة». يُشار إلى أن سندريللا الشاشة العربية سعاد حسني رفضت أداء دور عبلة خشية فقدان حب الجمهور!. وثمة دراما سينمائية دارت في هذا الفلك مثل: فيلم (الجاسوس 1964) لنيازي مصطفى، بطوله (فريد شوقى وهند رستم). وعن قصة حقيقية حدثت في القاهرة 1944؛ تدور دراما فيلم (جريمة في الحي الهادئ 1967) لحسام الدين مصطفى، بطولة (رشدي أباظة) و(نادية لطفي). حيث يكلف اثنان من أفراد عصابة صهيونية بمهمة اغتيال اللورد (موين) وزير المستعمرات البريطاني. ويلقى القبض عليهما، يتولى ضابط المباحث أحمد عزت القضية، يتخفى في شخصية أخرى ويمثل الحب على زميلتهما جينا لمعرفة أسرار العصابة. تكتشف العصابة شخصيته، ويخطفون طفلته للضغط عليه لإطلاق سراح الشابين وترحيلهما. لكنه ينجح بالقبض على العصابة وإنقاذ طفلته. وشريط (إعدام ميت 1985) لعلي عبد الخالق، من بطولة (محمود عبد العزيز) و(بوسي) يقوم أساساً على تشابه تام بين عميل المخابرات الإسرائيلية وضابط للمخابرات المصرية (يقوم بالدورين محمود عبد العزيز). حيث استغلت المخابرات المصرية هذا التشابه لتزرع عميلاً لها في الأرض المحتلة. وذلك للتأكد من صحة معلومة مهمة وخطيرة، ألا وهي صحة امتلاك إسرائيل للقنبلة الذرية، من عدمه!. وفي (فخ الجواسيس 1992) لأشرف فهمي، بطولة (محمود عبد العزيز) و(هالة صدقي), يحكي قصة الفتاة (داليا) التي تنتمي لإحدى الأسر المصرية الثرية العريقة. وعندما أممت ثورة يوليو ممتلكات الأسرة وحولت قصرها لمقر للاتحاد الاشتراكي بالحي، يموت والداها كمداً وتتفرغ للعناية بشقيقها الأصغر عصام الذي يدرس الهندسة. لكنها تحقد على أوضاعها وتصبح فريسة سهلة للمخابرات الإسرائيلية لتجنيدها. يكتشف شقيقها تورطها في شباك الجاسوسية ويقرر إنقاذها. فيتم تسريب نبأ كاذب لداليا مفاده (مصرع شقيقها الوحيد) متأثراً بجراحه إثر ضرب إسرائيلي لقواعد الصواريخ الجديدة في مصر. فتندم (داليا) على جريمتها، وتسلم نفسها للمخابرات المصرية لتعزز معاونتها لاصطياد ضابط الموساد (أبو هارون) وإحضاره إلى مصر لتصبح داليا (فخاً للجواسيس). أما (مهمة في تل أبيب 1992) لنادر جلال، طولة (نادية الجندي), وفيه تقيم (آمال) في باريس وتعمل جاسوسة لحساب إسرائيل. تندم وتقرر التوبة فتلجأ إلى السفير المصري ليحدد لها موعداً مع رئيس المخابرات المصري الذي تعترف له . يتفق معها أن تكون عميلة مزدوجة وذلك بعد أن تجتاز جهاز كشف الكذب. يطلب منها السفر إلى تل أبيب لتصوير شريط خطير عليه أنواع السلاح والخطط الإستراتيجية الإسرائيلية في حالة نشوب حرب مع مصر وذلك من مبنى وزارة الدفاع. تنجح مهمة آمال في تهريب الفيلم. ألا أن المخابرات الإسرائيلية تكتشف خداعها. تلقى أنواعاً من العذاب الوحشي، يتمكن رجال المخابرات المصرية من تهريبها من المستشفى لتصل إلى مصر. مع (كشف المستور 1994) للراحل عاطف الطيب، بطولة (نبيلة عبيد وفاروق الفيشاوي), يعرض لملفات عناصر المخابرات السابقة، وبخاصة فيما يتعلق بدور المرأة كأنثى، واستخدامها كطعم للرجال من أجل الحصول على المعلومات السرية. أما (48 ساعة في إسرائيل 1998) لنادر جلال, بطولة (نادية الجندي, فتدور أحداثه في فترة الصراع بين المخابرات المصرية والمخابرات الإسرائيلية قبيل حرب 73 الذي ينتقل إلى اليونان حيث تجري معظم فصول هذا الصراع. يبدأ عندما تذهب أمل (نادية الجندي) إلى مطار القاهرة لاستقبال شقيقها الأصغر العائد من اليونان بعد غياب سنوات. لكنها تفاجأ بعدم وصوله في الموعد المحدد. وتنتظره، دون جدوى, تقرر أمل السفر إلى أخيها، وتكتشف أنه تعرض لعملية اختطاف من قبل (الموساد) لامتلاكه أسراراً بعينها. ومن أعمال الجاسوسية في الدراما السينمائية فيلم (ولاد العم 2009) الذي أخرجه (شريف عرفة). ويحكي قصة ضابط بالموساد مسؤول عن تكوين شبكة جاسوسية لتنفيذ اغتيالات في مصر. ويرتبط بفتاة مصرية دون علمها بحقيقته, ثم يهرب بها رغماً عنها إلى إسرائيل، ضاغطاً عليها بحرمانها من أولادها. فترسل المخابرات المصرية ضابطاً لكشف نوعية المعلومات التي حصل عليها وإعادة الزوجة للقاهرة بصحبة طفليها. وقدم التليفزيون المصرى، قصة (أحمد الهوَّان)، ذلك المصري البسيط، الذي لعب دوراً مزدوجاً مدهشاً، لخداع المخابرات الإسرائيلية، وانتزاع واحد من أفضل وأحدث أجهزة الاتصال - أيامها- من بين أنياب ذئابها، في دراما مسلسل (دموع في عيون وقحة), والذي حمل طابعاً فريداً، حينئذ، منح خلاله (صالح مرسى)، لبطل القصة الحقيقي اسم (جمعة الشوَّان). ورغم كل ما أعلن إلى الوجود -عربياً- عبْر هذا النوع من الأدب، لم يحظ جاسوس، بقدر كبير من الاهتمام والشهرة، المحلية والعالمية، ملثما حدث مع (رفعت علي سليمان الجمَّال). ذلك الشاب المصري، الذي وصفه من التقطوه في بداياته بأنه أقرب إلى (المحتال)، منه إلى رجل الأعمال. مع كل ما يجيده من مهارات وخبرات، وقدرة مدهشة على اجتذاب من حوله، والتأثير فيهم، وإقناعهم بما في ذهنه. ففي 3 يناير 1986م، وضمن العدد رقم (3195) من مجلة (المصوِّر) المصرية بدأت ظهور قصة (رفعت الجمَّال) إلى الوجود، كرواية مسلسلة، حملت اسم (رأفت الهجَّان). جذبت (أحداثها وشخوصها) انتباه القراء والمُهتمين، الذين طالعوها بشغف واندهاش غير مسبوق. وتعلَّقوا كثيراً بالشخصية التي زرعتها المخابرات المصرية في قلب (إسرائيل)، لينشئ ويدير واحدة من أقوى شبكات الجاسوسية، ويبرع في خطة خداع عبقرية، ومنظومة مخابراتية رفيعة المستوى، عبر ثمانية عشر عاماً كاملة، دون أن ينكشف أمره لحظة واحدة، على عكس ما يدّعي الإسرائيليون. وتحوَّلت القصة إلى دراما تلفزيونية استحوذت على عقول الملايين، في العالم العربي. كما أثارت جدلاً طويلاً.. محلياً وإقليمياً. ويحوي كتاب: (18 عاماً خداعاً لإسرائيل - قصة الجاسوس المصري- رفعت الجمَّال)، الصادر عن مركز الترجمة والنشر بالأهرام، (1994) فصلاً كاملاً، كتبه (رفعت الجمَّال) بنفسه يحكي عن قصة حياته. والكتاب في مجمله مذكرات كتبتها (فلتراود هاينريتش شبالت)، التي عُرفت فيما بعد باسم (فلتراود بيتون)، أرملة (جاك بيتون). وهو ذلك الاسم، الذي عُرف به (رفعت الجمَّال)، منذ تحوَّل إلى هوية يهودية، والذي حمله في (إسرائيل)، وفي (ألمانيا) رسمياً، حتى لحظة وفاته. أما دراما مسلسل (عابد كرمان) لنادر جلال فمأخوذة عن قصة نشرت عبر صفحات مجلة (آخر ساعة) المصرية تحت عنوان (كنت صديقاً لديان). وقام ببطولة المسلسل النجم السوري (تيم الحسن)، و(ريم البارودي) ومن إخراج (نادر جلال). و(عابد كرمان).. مواطن (إسرائيلي) من أصل عربي عشق مصر فعمل من أجلها!. بدأت حياته كشاب عابث مستهتر لايقيم وزناً لقيم. وهو يعيش في مزرعة يملكها مع والدته وخالته. وعرضت له أزمة مالية كي تمكنه من السفر لفرنسا ليلحق بحبيبته مضيفة الطيران الفرنسية. فيعرض عليه صديقه العجوز (جاكوب) وسيلة الحصول على المال، مقابل خزينة ذكريات عابد، كلمة السر هي المصريون مستعدون أن يدفعوا ثمن سفرك لفرنسا، مصر قلب العروبة رغم هزيمة يونية. وتتغير حياة (عابد) تماماً. ويحقق في وقت قياسي ثروة يُحسد عليها. ويتلقفه فريق من رجال المخابرات المصرية، لتدريبه وإعادة تأهيله إنسانياً. ومن ثم يضع قدميه على بداية المشوار ليصبح بعد ذلك من أهم الشخصيات في المجتمع الإسرائيلي. ويرتبط بصداقة مع وزير الدفاع الأسبق (موشي ديان). وعن طريق شبكة علاقاته ينجح في إمداد المخابرات المصرية بكم هائل من المعلومات التي يتم استخدامها في الإعداد لحرب أكتوبر. في الختام.. لعل (سرّ) جاذبية أدب، ودراما الجاسوسية هي أنها مثالية في تقديم (الحبكة) والتشويق والتحفز والإثارة. وأنها غنية بـ (المشهيات الفنية التجارية). فضلاً عن أن (غموض، ومفاجآت، وملابسات) لعبة التجسس الذي تتركه لدى القارئ، يخلف لديه، لعبة تصوّر بصرية. فتجعله قادراً على خوض اللعبة التي تنقل الأحداث والشخصيات من حيز التلقي اللغوي، إلى حيز التلقي البصري.. ما يسهل عليه تقبل الدراما.. السينمائية أو التلفزيونية. وحسب مقولة الروائي الفرنسي (ألان روب غرييه): (الحياة رواية). وحياة الجوسسة مليئة بالمغامرات والمؤامرات والدسائس والمكائد والخيال والعجائب والغرائب. وما أروعها من (دراما) شائقة، و(حبكة) ماتعة تستحق أن تُروى. كجزء لا يتجزأ من رواية الحياة.. حلوها ومرها، صحيحها وسقيمها. المصدر: ملتقى شذرات
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201) |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الجاسوسية, الدراما, والأدب |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع الجاسوسية في الدراما والأدب | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الأخت الغالية والأخت الكريمة | جاسم داود | شذرات إسلامية | 2 | 10-10-2013 04:24 PM |
التمويل الغربي بين الجاسوسية والتغريب | Eng.Jordan | مقالات وتحليلات مختارة | 0 | 01-18-2013 10:34 PM |
مو يان .. والأدب الصيني الجديد | Eng.Jordan | أخبار ومختارات أدبية | 0 | 11-08-2012 01:07 PM |
الأخت الغالية والأخت الكريمة | جاسم داود | الملتقى العام | 3 | 07-03-2012 09:31 PM |
الانترنت وعلاقته بالثقافة والأدب !؟ | مهند | مقالات وتحليلات مختارة | 0 | 01-10-2012 01:34 AM |