#1  
قديم 02-01-2012, 01:37 AM
الصورة الرمزية جاسم داود
جاسم داود غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: سوريا
المشاركات: 1,456
سؤال تلاوة وقراءة القرآن الكريم


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تلاوة وقراءة القرآن الكريم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله صحبه وسلم ومن والاه، وبعد:

التلاوة
ويراد بترتيل القرآن: تلاوتُه تلاوةً تُبينُ حروفها ويُتأنَّى في أدائها ليكُونَ أدنى إلى فهم المعاني.
والتلاوةُ بمعنى القراءة من أعظم خصائص القرآن الكريم، فالكتب المتقدمة ليس من خصائصها هذه التلاوة.

الفرق بين القراءة والتلاوة
القراءة أعم من التلاوة، فكل تلاوةٍ قراءة وليس كل قراءة تلاوة، لا يقال: تلوتُ رقعتك وإنما يقال في القرآن في شيء إذا قرأته وجب عليك اتباعه، كذا قال الراغب ويفهم منه أن التلاوة خاصةٌ بالقرآن الكريم مع الاتباع وليست القراءةُ كذلك، وفرَّقَ التهانَوِيُّ بين القراءة والتلاوة والأداء فقال: والفرق بينها وبين الأداء والقراءة: أن الأداء الأخذُ عن المشايخ والقراءة تُطلق عليهما معًا أي الأداء والتلاوة إذ هي أعمُّ منهما.

حسن الصوت مطلوب من القارئ
عَلَّم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ضرورة تزيين القرآن بالأصوات في عدة أحاديث كالذي رواه أبو داود عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "زينوا القرآن بأصواتكم". صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ورواه الحاكم في المستدرك بلفظ "زينوا أصواتكم بالقرآن".
وروى أبو داود في سننه وصححه الألباني عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن". وقال البخاري بعد ذكر أحاديث تحسين الصوت بالقرآن: "وعامة هذه الأخبار مستفيضة عند أهل العلم".
وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أذن الله لشيءٍ أَذَنَهُ لنبي يتغنى بالقرآن".
وقد قيل لابن أبي مليكة: يا أبا محمد! أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت؟ قال: "يُحَسِّنُهُ ما استطاع". صحيح سنن أبي داود.
قال ابن حجر في الفتح: والذي يتحصل من الأدلة أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب فإن لم يكن حسنًا فليحسنه ما استطاع كما قال ابن أبي مُليكة، وقد أخرج ذلك عنه أبو داود بإسنادٍ صحيح.
ومن جملة تحسينه أن يراعي فيه قوانين النغم فإن الحَسَن الصوت يزداد حسنًا بذلك وإن خرج عنها أَثَّر ذلك في حسنه، وغير الحسن ربما انجبر بمراعاتها ما لم يخرج عن شرط الأداء المعتبر عند أهل القراءات، فإن خرج عنها لم يف تحسين الصوت بقبح الأداء، ولعل هذا مستند من كره القراءة بالأنغام لأن الغالب على من راعى الأنغام أن لا يراعي الأداء، فإن وُجد من يراعيهما معًا فلا شك في أنه أرجح من غيره لأنه يأتى بالمطلوب من تحسين الصوت ويجتنب الممنوع من حرمة الأداء والله أعلم. اه فتح الباري.

معنى التزيين
تدور معاني زَيَّن على الملاحة والغاية في الحسن، قال ابن بطال: المرادُ بقوله: "زينوا القرآن بأصواتكم" المد والترتيل، والمهارةُ في القرآن جودةُ التلاوة بجودة الحفظ فلا يتلعثم ولا يتشكك وتكونُ قراءتُهُ سهلةً بتيسير الله تعالى كما يسَّره على الكرام البررة.
وقال السندي في قوله صلى الله عليه وسلم: "زينوا القرآن بأصواتكم". أي بتحسين أصواتكم عند القراءة، فإن الكلام الحسن يزيد حسنًا وزينة بالصوت الحسن، وهذا مشاهد.

معنى الحديث: "زينوا القرآن بأصواتكم":
اختلف العلماء في معناه حتى ذكر القرطبي ستة تأويلات في معناه، ونحن نذكر هنا أشهرها مما يتعلق بموضوعنا:

التأويل الأول:
معناه اللهج بقراءته، وكثرة ترداده حتى يصير زينة الصوت، وحليته في الكلام، أي اشغلوا أصواتكم بالقرآن والهجوا بقراءته، واتخذوه زينة وشعارًا: فعلى هذا هو مقلوبٌ أي زينوا أصواتكم بالقرآن، والمعنى الهجوا بقراءته وتزينوا به وليس ذلك على تطريب القول والتحزين.
وقالوا: "فالزينة للصوت لا للقرآن"، وبين أصحاب هذا المذهب أنهم اضطروا إلى هذا التأويل اضطرارًا، لأنه لا يجوز على القرآن في نظرهم وهو كلام الخالق أن يزينه صوت مخلوق بل هو بالتزيين لغيره والتحسين له أَوْلى، ولذا فقد توقى هذه الرواية قوم، وقالوا: لم يُرِدْ تطريب الصوت به والتحزين له إذ ليس هذا في وسع كل أحد فلعل من الناس من إذا أراد التزيين له أفضى به إلى التهجين.

التأويل الثاني:
وقيل هو تزيين القرآن بجمال الصوت؛ فإن القرآن قد يُخرجُ بصوتٍ جاف فظٍ يلقيه قارئه ولا يبالي بتجميله فلا تلتفت إليه القلوب لا لأنه كلام الله بل لأن المتلفظ به ما أبان البلاغ، ولا أجمل الأداء وعلى هذا فلا حاجة إلى القلب وإنما معناه الحث على الترتيل الذي أمر به في قوله تعالى: ورتل القرآن ترتيلا، فحقيقة الحديث: أنه يحث على ترتيل القرآن ورعاية إعرابه وتحسين الصوت به وتنبيه على التحرز من اللحن والتصحيف؛ فإنه إذا قرئ كذلك كان أوقع في القلب وأشد تأثرًا وأرق لسامعه، والرواية الأخرى إن ثبتت فهي تتميمٌ لها ف "زينوا أصواتكم بالقرآن"، أي الهجوا بقراءته واشغلوا أصواتكم به، واتخذوه شعارًا وزينة لأصواتكم كما ينبغي لكم أن تخرجوه بأحسن لفظ وأجمل أداء.




فضيلة التغني بالقرآن
بين النبي صلى الله عليه وسلم فضيلة التغني بالقرآن وذلك في حديث البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لم يأذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن". وقال صاحب له: يريد يجهر به، و(يأذن): "معناه الاستماع ومنه قوله تعالى: وأذنت لربها"، فالمعنى كما قال أبو عبيد يعني ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن، والمراد بالاستماع هنا الاستماع الخاص، وذلك كتفريق العلماء بين المعية العامة الواردة في قوله تعالى: وهو معكم أين ما كنتم "الحديد: 4"، والمعية الخاصة في قوله تعالى: إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون "النحل: 128"، وهو ما يعني قرب القارئ من الله تعالى وعظيم شرفه بالقراءة.


معنى التغني الوارد في الأحاديث
اختلف العلماء في معنى التغني الوارد في الحديث على قولين مشهورين:

المعنى الأول:
معنى التغني الاستغناء وحدوث الكفاية به، وقد ذهب إلى هذا الإمام البخاري فقال: "باب من لم يتغنّ بالقرآن، وقوله تعالى: أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم "العنكبوت: 51"، وهو مذهب سفيان بن عيينة، قال: تفسيره يستغني به.
المعنى الثاني:
معناه التطريب به وتحزين القراءة وترقيقها وفق قواعد معلومة لأنه أوقع في النفوس، وأنجع في القلوب، وقد ذهب إلى هذا الشافعي وأصحابه وأكثر العلماء، يحسن صوته به.
وقال صالح: قلت لأبي أي أحمد بن حنبل: "زينوا القرآن بأصواتكم" ما معناه؟ قال: أن يحسنه، وقيل له: ما معنى: "من لم يتغن بالقرآن" قال: "يرفع صوته به"، وقال الليث: يتحزن به، ويتخشع به ويتباكى به.
ورد الإمام الشافعي على ابن عيينة تأويله، فقال رحمه الله: نحن أعلم بهذا، لو أراد النبي صلى الله عليه وسلم الاستغناء به لقال ليس منا من لم يستغن بالقرآن فلما قال ليس منا من لم يتغن بالقرآن علمنا أنه التغني به، وقال: معناه يقرأه حزنًا وتحزينًا.
وعلى هذا فالوسائل التي يجوز بها استعمال قوانين التغني عند التلاوة هي:
1 - الالتزام بضوابط التجويد وأركان الترتيل دون شطط.
2 - إبقاء الجو القرآني على حاله من التحزين والخشوع والإخبات.
3 - أن لا يتولد منه حروف ليست من القرآن كزيادة ألف أو تطويل الحركة القصيرة، وهو ما يعبر عنه العلماء التمطيط.
4 - أن لا يترتب على ذلك التقصير في أداء حركة طويلة، أو البتر في حرفٍ لينٍ أو حرفٍ مشدد مثل التقصير في تشديد (ذريَّة) في قوله تعالى: وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار "البقرة: 266". ونحو ذلك.
5 - عدم الغلو في التلحين حتى يظهر أنه الغاية من القراءة لا أنه يعين على تدبر القراءة، فيكون صاحبه مفتونًا قلبه وقلب من يسمعه لدرجة أنه لا يسمع القرآن إلا له، لا لأنه القرآن.
6 - عدم الغلو في طلب اللحن حتى يبحث عن أصوله من غناء اللاهين ويصبح فنا مستقلا عن المراد منه، يبذل له التكلف، ويخرج عن طبيعة المرء كما قال ابن الجزري:

مكمَّلاً من غير ما تكلف *** باللطف في النطق بلا تعسف

والحمد لله رب العالمين
دمتم برعاية الرحمن وحفظه
منقول للفائدة

المصدر: ملتقى شذرات

__________________

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-02-2012, 02:07 AM
الصورة الرمزية احمد ادريس
احمد ادريس غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,366
افتراضي

اسمح لي ابدي اعجابي بقلمك وتميزك واسلوبك الراقي وتالقك
__________________
العبد ذو ضجر والرب ذو قدر والدهر ذو دول والرزق مقسوم
والخير أجمع فيما اختار خالقنا وفي اختيار سواه اللوم والشوم
عَنْ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ * * * فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارَنِ يَقْتَدِي
إذَا كُنْت فِي قَوْمٍ فَصَاحِبْ خِيَارَهُمْ * * * وَلَا تَصْحَبْ الْأَرْدَى فَتَرْدَى مَعَ الرَّدِي

http://a2.sphotos.ak.fbcdn.net/hphot..._6762576_n.jpg
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
القرآن, الكريم, تلاوة, وقراءة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع تلاوة وقراءة القرآن الكريم
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بعد الانتهاء من تلاوة القرآن! صابرة شذرات إسلامية 0 06-27-2016 09:21 AM
آداب تلاوة القرآن صابرة شذرات إسلامية 0 10-26-2015 05:40 PM
ملخص لآداب تلاوة القرآن الكريم صباح الورد شذرات إسلامية 0 08-03-2014 09:27 AM
تلاوة القرآن الكريم شرط الترشح لمجلس النواب عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 07-20-2013 06:23 AM
تلاوة مباشرة للقرآن الكريم تراتيل شذرات إسلامية 0 02-03-2012 07:37 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:25 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59