#1  
قديم 12-07-2015, 09:02 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة رؤية تحليلية للنسوة


رؤية تحليلية للنسوة اللائي قطعن أيديهن
ــــــــــــــــــ

(عبد الحكيم الموحد)
ـــــــــ

25 / 2 / 1437 هــ
7 / 12 / 2015 م
ــــــــــــ



رؤية تحليلية للنسوة اللائي قطعن أيديهن

قال تعالى في سورة يوسف:

وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ (35)

استدعت الآيات المباركات الكثير من العلماء وطلبة العلم والمسلمين عموما لأن ينظرون في هذه الآيات وبالأخص مشهد تقطيع الأيدي فكثر الجدل وتعددت الآراء ، فقائل أن (أعدت لهن متكأ) أي أوكأت أيديهن والتقطيع حدث للحبال التي اوثقتهن وهذا رأي فاسد عقلا ويتعارض مع مواضع في القرآن الكريم (على الأرائك متكئون) ، وهناك من قال انه قد يكون تقليد شعبي شائع لأن حكام مصر آنذاك هم الهكسوس الذين يعدون بدوا من العرب في الأساس ، والشائع لدى المفسرين أن امرأة العزيز أعطتهم فاكهة وسكينا لتقطيعها فأخذن بجمال يوسف عليه السلام فقطعن أيديهن بدل تقطيع الفاكهة ، وهنا يشكل على ذلك أمور عدة منها :
كيف علمت امرأة العزيز بأنهن سيقطعن أيديهن ؟ ولماذا قطعن أيديهن كلهن ولم يبق منهن من لم تفعل ذلك؟ ثم أن الفاكهة لم تذكر في الآيات الكريمة فما ذكر هو المتكأ (وهو موضع الجلوس الوثير ) والسكاكين التي وزعت عليهم ، وسأجمل بضع نقاط تؤخذ في الاعتبار ثم ابدا في سرد تحليلي لما تختزنه الآيات من معان ودلالات:

1- نتفق على أن الفاكهة ليست مذكورة ولم يرد نص صحيح يثبت ذلك.
2- مجتمع يوسف في مصر لم يكن مجتمعاً بدويا بل مجتمعاً متحضراً متطوراً بصورة ملحوظة واقتصرت البداوة في السورة على قوم يوسف وأهله في موطنهم والدليل قوله تعالى "وقد أحسنَ بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو" فمجيئهم من البدو أي أنهم أتوا لمكان غير مكان البدو وهذا يدل على أنهم أتوا إلى حاضرة وليس إلى بادية ، كما أن اشتغالهم بالزراعة والحصاد يدل على عدم انتمائهم لمجتمع البادية الذي يشتغل بالرعي وتربية الإبل والغنم وما يحيط بحياة البادية من مخاطر الوحوش المفترسة كالذئاب ومواطن سكناهم المتنقلة.

3- كما اعتدنا عليه في السياق القرآني فإن النص يتجاوز تفاصيل كثيرة ويركز على جزئيات معينة توضح الصورة ، والتي يتجاوزها كتاب الله ليست بذات أهمية مقارنة مع ما ذكر في الآيات ولكن من باب التدبر والتمعن والإبحار في القصص القرآني ونستغفر الله ان نجزم بأمر ليس على وجهه الصحيح، وعلى سبيل المثال فلم يرد موضع مراودة النسوة ليوسف واقتصرت السورة على تفاصيل مراودة امرأة العزيز وكيف حدثت.

سرد تحليلي للقصة على ضوء السياق القرآني

في هذه القصة نجد دلالات عظيمة فالله يقول (فلما سمعت بمكرهن) فحديثهن في عرض امرأة العزيز كان مكراً يهدف لإيقاع السوء والمكروه بها فيصل الحديث لمسامع العزيز فينكل بها وهذا من مكر النساء إن أردن السوء بمن هنّ فوقهن سلطة وجمالا وثروة بالوقوع فيه ونشر أسراره وإثارة الناس والمجتمع عليه حتى يصبح عرضه تلوكه الألسن فيؤدي ذلك لما يراد من سوء ، ما يبدو من خلال الآيات الكريمة أن ما حدث كان أن أدركت امرأة العزيز هذا المكر فأرادت أن تمكر بهن بأشد مما أردن هن بها فعقدت تحدٍّ بينها وبين النسوة بأنهن إن رأين أن امرأة العزيز معذورة في مراودتها لفتاها فينبغي أن يقطعن أيديهن بالسكين ، وهي ترمي من فعلها أن تقيم عليهن الدليل المادي لإدانتهن وبالتالي وضعهن في ما هو أسوأ مما كانت هي فيه فتصمت ألسنتهن عن الخوض في قصتها مع يوسف ، فلما دخل يوسف صار بيِّناً لهنَّ أن امرأة العزيز معذورة فيما فعلت فأنفذن ما عاهدنها عليه وقطعن أيديهن بإحداث جروح وقطوع بالسكاكين التي قدمتها لهن وقام عليهن الدليل كما شاءت وعبر القرآن الكريم عن تلك الدهشة بوصف موقفهن حين الرؤية فقال تعالى (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) والتعبير بقوله تعالى (أكبرنه) أي رأين أنه يفوق ويكبر عما كنَّ يعتقدن ويتصورن، والقول بقطع اليد بتراً قول فاسد ولا يستقيم فلا يقدر احد على بتر عضو من أعضاءه ولا يستقيم ذك عقلا ولا عرفاً ولا يوجد سابق حدث ان تتمكن امرأة او حتى رجل من بتر كامل اليد بشرايينها وأوردتها وأعصابها وعظامها وبماذا ؟ بسكين!.

ولكن ماذا يثبت هذا العقد بين النسوة وامرأة العزيز ؟ ، قول امرأة العزيز هو ما يثبت ذلك حيث قالت (قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32)
وهنا يتبين لنا تشفيها في النسوة بل وأنها عندما حققت ما أرادت وحدث تقطيع الأيدي أصبحن في محل الإدانة فأشركتهن في المؤامرة بأن صرحت بما كانت تخفيه لأنها لم تعد تخاف من الفضيحة فقد است***تهن للوقوع في الخطيئة بالدليل فاعترفت بمحاولتها ومراودتها ليوسف وصرحت أنها لن تتوقف عن هذا وستواصل المراودة واستعانت بهن لعل إحداهن تستطيع ان تغويه ولعله يهيم حباً بإحداهن فيفعل معها الفاحشة وعندها تستطيع إجباره أن يرتكب معها الفاحشة ، ولكن ما دليل ذلك ؟ دليل تعدي فعل النسوة من تقطيع الأيدي لممارسة المراودة هو قوله تعالى (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (33)
فلما تكاثر الكيد على يوسف وأصبح لا يطيق هذا الفجور جأر إلى الله أن يصرف عنه كيدهن الذي افتتحته امرأة العزيز بمجلس السكاكين فأجابه الله لما استحبه فصرف عنه الكيد وجعله في السجن وسلمه من الوقوع في المعصية وهنا يجدر بنا أن نعرف الكيد الذي هو :
كل تَدْبِيرٍ لِفِعْلٍ خَفِيِّ أو ظَاهر يريدُ مِنهُ الكاَئِد دَفعُ المكيدِ أنْ يرتكبَ عملا ًسيئا ًأو جرماً وذنباً بإرادتهِ بدونِ جَبرٍ او إرغام.
فكان تدبير ظاهر وخفي لإيقاع يوسف في الفاحشة فلما استعصم من ذلك كله تحول الكيد إلى الفعل المباشر بسجنه ليستجيب لامرأة العزيز وللنسوة في ان يمارس معهن الفاحشة.
وعندما عبر رؤيا الملك طلب من ساقيه ان يسأل الملك عن سبب تآمر النسوة - وحددهن باللائي قطعن أيديهن دون غيرهن - ثم قال ( إن ربي بكيدهن عليم) أي إن كان فعلهن ومراودتهن خفيت وغابت عن الملك فإن الله جلت قدرته عليم بما فعلن وبمراودتهن فيقول تعالى :
(وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)

وهنا لفت يوسف أنظار الملك إلى قضيته عندما أعرب عن احتجاجه على ما أصابه من كرب وسجن برفض المثول أمام الملك حتى يستعلم عن وقوع الكيد عليه من جماعة من النساء فأحضرهن بسمتهن التي وسمن بها أنفسهن وهو قطع الأيدي الذي دبرته امرأة العزيز ولو لم تعترف بإرادتها لما قام عليها دليل على فعلها ولكن النسوة أقمن على أنفسهن الدليل بتقطيع أيديهن فسهل على الملك إحضارهن ولكن امرأة العزيز اعترفت عندما استيقظ الضمير في داخلها فأنصفت يوسف
قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51)

وتبين للملك مدى استقامته وأمانته وتقواه وحفظه لنفسه من الوقوع في الفاحشة ولو ادى ذلك لسجنه والتنكيل به فكان ذلك سبباً وجيهاً أن يتسنم هرم الوزارة ويمضي أمر الله
هذه رؤية على عجل لموضع تقطيع النسوة لأيديهن ودلالات ذلك ودوره في القصة وكيف يمكننا أن نستجلي من سياق الآيات ما يحيط بهذا الحدث من وقائع في قصة يوسف وكيف استخدم وصفهن باللائي قطعن أيديهن في تحديد هويتهن وتعريف الملك بهن فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان واستغفر الله العلي العظيم وأتوب إليه وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

---------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
للنسوة, تحليلية, رؤية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع رؤية تحليلية للنسوة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شعر سعدي يوسف دراسة تحليلية Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 5 02-25-2016 05:38 AM
العقائد النصرانية في القرآن الكريم دراسة تحليلية عبدالناصر محمود دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 05-25-2014 07:42 AM
الاستقرار القريب البعيد في مصر والمنطقة رؤية تحليلية بقلم // م / خالد غريب ابو الطيب مقالات وتحليلات مختارة 0 11-12-2013 09:49 AM
تخطيط المدينة الالكترونية: دراسة تحليلية Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 03-09-2013 07:19 PM
سورة النساء دراسة بلاغية تحليلية Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 01-29-2012 07:39 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:59 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59