العودة   > >

بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية تربية وتعليم , علم نفس ، علم اجتماع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 11-03-2012, 12:07 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي الفن السيكوباثولوجي


- المهندس ملاتيوس جبرائيل جغنون
السيكوباثولوجي 12-4eb263d71f84b.jpg
الفن السيكوباثولوجي
"الأمراض النفسية في مرآة الفن"


قال فيثاغورس: "إن الروح تناغم… والمرض نشازها".
ولعل من الواضح أن الفيلسوف اليوناني قصد بقوله الشمول لا التخصيص، ولذلك فإننا نستطيع بارتياح تام أن نوسع مفهوم المرض بحيث يشمل الأمراض العقلية والنفسية ونتخذ من هذا القول شعاراً لهذا البحث الذي يستهدف التعريف بالعلاقة بين الحالة العقلية والنفسية للفنان وانعكاساتها على أعماله، وتوضيح هذه العلاقة بالنظرية والتطبيق.
والواقع أن مهمة البحث في هذه العلاقة تشبه تماماً مهمة الطبيب الذي يبحث عن العلة بدلالة الأعراض والاستعانة بأدوات التشخيص المختلفة وطرائقه المتعددة، حيث يربط في النتيجة بين مشاهداته والأسس النظرية التي اختزنها عن طريق الدراسة والخبرة والممارسة لكي يتمكن من التشخيص ومن ثم ليقوم بالمعالجة المناسبة للحالة المرضية المكتشفة. لذا، أرجو أن لا يثير استغراب القارئ تقديمي للبحث بالحديث عن الوسائل التشخيصية التي يلجأ إليها بعض الأطباء النفسيين لدراسة الحالات السيكوباثولوجية أو (المرضية - النفسية) التي تصادفهم عن طريق الوسائل التصويرية.
لا يزال تقييم الشخصية إحدى أعقد المهمات التي تواجه علم النفس التطبيقي، ويوجد تحت تصرف الباحث عدد من الوسائل المساعدة كالمناقشة والاستجواب ومراقبة السلوك والاختبارات الإسقاطية والأدائية.
وإن الرسوم، وخاصة تلك التي تصور الشكل البشري، تحتل مكان الصدارة في مثل هذه البحوث، ذلك لأنها تقع في نقطة التقاء مكونات الشخصية الجسمية والفكرية والعاطفية مع التعبير الحركي.
وقد تعددت الاختبارات الإسقاطية المستعملة في دراسة الشخصية وتنوعت مؤخراً. غير أنه، بالرغم من تعددها وتنوعها، فهي تمتلك دوماً قاسماً مشتركاً أعظم وحيداً وهو أنها جميعها تعتمد على دراسة الحالة الراهنة للخصائص اللونية والتخطيطية والتكوينية والمضمونية للرسوم التي ينفذها المريض، وتحولات هذه الخصائص من مريض إلى آخر ومن حالة إلى أخرى ومن وقت إلى آخر. ولعل أشهر هذه الطرائق ما يلي:
1. الاختبار المعروف بالـ Sceno Test أو الاختبار المشهدي: الذي غالباً ما يُستعمل مع الأطفال من ذوي الخبرات المحدودة بالرسم. حيث يُعطى الطفل أو المريض مجموعة مؤلفة من 360 دمية مختلفة تمثل بشراً وحيواناتٍ وبيوتاً وأشياء أخرى كثيرة تشكل بمجملها عالم الطفل، ويُطلب إليه تشكيل مشاهد قد يختار موضوعها وشخصياتها وتكوينها بنفسه. ومن دراسة خصائص العوالم التي يؤلفها الطفل، يتمكن الطبيب من سبر غور الطفل والتعرف على اصطراعاته الداخلية. وقد طَوًّرَت هذه الطريقة شارلوت بوهلر الأمريكية في لوس أنجلوس.
2. الاختبار المعروف باختبار " ارسم شخصاً " Draw-a-Person Test " : وقد سبق لنا التلميح إلى أهمية رسم الشكل البشري في مقدمة الحديث. والحقيقة أن رسم الشكل البشري يقدم لنا تفسيراً متكاملاً لمكونات الشخصية الجسمية والفكرية والعاطفية، ولذا فإنه غالباً ما يُسْتَخْدَم كاختبار من اختبارات علم النفس والطب النفسي لإتمام الصورة الإكلينيكية (المقطع الإكلينيكي أو الصورة السريرية). وتتلخص الطريقة بأن يُعطى المريضُ قلماً وورقةً ويُطلب إليه رسم صورة إنسان، ومن دراسة هذه الصورة وتحليلها يتمكن الطبيب النفساني المعالج من معرفة الكثير من كوامن النفس المريضة (الشكل 1) .
3. اختبار الرسم الذي يشارك به الطبيب: وهذا الرسم يُدخل عنصراً جديداً على طريقة التقييم، وهذا العنصر هو استخدام ظاهرة النقل (TRANSFERANCE) المعروفة بعلم النفس، وهي التفاعل اللاواعي بين المعالِج والمعالَج حيث توجد قوة تأثير إيحائية متبادلة صامتة على المستويين الواعي واللاواعي بين الطرفين يستفيد منها الطرف المعالِج في توجيه دفة التشخيص العلاجي. وصاحب هذه الطريقة المستحدثة هو الطبيب النفساني فالتر فورِر Walter Furrer الذي توصل إلى نتائج مذهلة. وتتلخص طريقته بإعطاء المريض ورقة ومجموعة أقلام ملونة وأن يُمسك الطبيب أيضاً ورقة وأقلاماً مماثلة، ويطلب إلى المريض أن يرسم أيّ شيء قد يخطر بباله ويباشر هو الآخر بالرسم دون أن تكون هناك أية صلة من أي نوع بين الطرفين، فكلٌّ يرسم ما يتراءى له دون علم الآخر أو اطلاعه. والحقيقة المذهلة هنا أن الطبيب قد أجرى عدداً كبيراً جداً من هذه الاختبارات على مرضاه، وبالطبع كان يخرج كل مرة بزوج من الرسوم إحداها من صنعه والأخرى من صنع المريض (الشكل2) و (الشكل3)، فقد خلط مجموعة كبيرة من هذه الأزواج من الرسوم وطلب إلى العديد من الأشخاص العاديين إعادة ترتيب هذه الأزواج وكانت النتيجة أنه في كل مرة كان هؤلاء الأشخاص يعيدون ترتيب هذه الأزواج بحد أدنى من الخطأ وذلك بفضل الشبه الكبير القائم بينها. وتمكن الدكتور فورِر من تشخيص حالات كثيرة من خلال هذه الأزواج من اللوحات بدراسة تكوينها اللوني وخطوطها وتنوع ألوانها مستفيداً من ظاهرة النقل المشار إليها وظاهرة النقل المعاكس وهي رد فعل الطبيب العاطفي اللاواعي تجاه مريضه. ويجدر بالذكر أن أساس هذه الطريقة كامن في الفرويدية.
4. اختبار الرسم متعدد الأبعادMulti Dimensional Drawing Test (MDDT): الذي يسمح باكتشاف طيف واسع من مظاهر الشخصية. ولذا سأتناول هذا الاختبار بشيء من التفصيل لكونه ذا فائدة واضحة لاحقاً في تتبع البحث. يُعطى المريض نموذجاً ورقياً مقسماً إلى ثلاثين خانة فارغة ومجموعة من سبعة أقلام ملونة، ويُطلب إليه أن يرسم سلسلة من الرسوم السريعة التي لا يستغرق رسم إحداها أكثر من دقيقة واحدة بحيث يتمكن من إملاء الخانات الثلاثين في مدة نصف ساعة. يُترك للمريض خلالها الخيار باستعمال المواضيع والألوان. وهذا يعني أن الاختبار يقتضي الإسقاط المتلاحق لتداعي الأفكار الحر ضمن فترة محدودة من الزمن. فالألوان المستعملة تزودنا بمعلومات سيكوديناميكية (نفسية - حركية) ومعلومات عن الحياة العاطفية للمريض. وإن طريقة استخدام الألوان في الرسوم المتتابعة يمكن اعتبارها كأنموذج تخطيطي للمزاج الأساسي والتحولات العاطفية التي تتدخل على هذا المزاج وتتراكب عليه. وعلى جانب من الأهمية في التشخيص مسألة التحول من رسم متعدد الألوان إلى رسم بالأبيض والأسود. فعندما تتكرر هذه التحولات فإنما يعني ذلك التقلب العاطفي الشاذ. كما أن التقلب اللوني يحمل في طيّاته علاقة مباشرة مع درجة التعلق العاطفي بالموضوع المرسوم. أما التذبذبات في استعمال الألوان فيمكن ردّها جزئياً إلى تغيرات في شدة التعلق العاطفي بالموضوع.
وفي سيكولوجيا الجشتالت (Gestalt Psychology) التي تُعنى بدراسة الإدراك والسلوك من زاوية استجابة الكائن الحي لوحدات أو صور متكاملة، نجد أنه من الممكن أن نستخلص النتائج حول أسلوب الإدراك والتصوير (Reproduction). فالمرضى الذين تحتوي رسومهم على عدد من العناصر المترابطة يمكن تمييزهم بسهولة ووضوح بسبب طريقتهم التكاملية التركيبية عن أولئك الذين يصوّرون الأشياء معزولة عما حولها. فإن توزع هاتين الطريقتين في مجموعة الرسوم الاختبارية تزودنا بمعرفة طريقة الإدراك السائدة عند المريض: هل هي واسعة ومتقلبة أم أنها ضيقة وعزلية (Isolating) .
سندرس فيما يلي إحدى أعمال فنان لم يشأ الباحث الكشف عن هويته لأسباب تتعلق بالفنان، ومن الطبيعي أن لا يجد القارئ العزيز من غير المتخصصين علاقة منطقية مباشرة بين ما أدرجته أعلاه من وسائط التشخيص التي تستخدم الرسوم لتشخيص الحالة المرضية – النفسية لمنفذ هذه الرسوم، فهذا شأن تخصصي بحت. وإنّ ما صبوتُ إليه من استعراض وسائط التشخيص تلك هو مجرد التأكيد على الارتباط الوثيق بين سمات العمل الفني والحالة النفسية للفنان ولا شيء آخر.
مثالنا هو فنان لم يشر المصدر إلى اسمه نظراً لاعتبارات تتعلق بالفنان ذاته على ما يبدو. وهذا الفنان هو مهاجر أوكراني إلى كندا. ولا بد من التعريف بطفولته لكي يسهل علينا فهم اللوحة الوحيدة التي سنكتفي بعرضها نظراً لارتباط هذه الأخيرة ارتباطاً وثيقاً بطفولته. كان الفنان يختلف عن إخوته وأخواته بكونه أكثر انعزالاً وانطوائية. وكان يتحسس أكثر منهم لدكتاتورية والده ويشارك هذا الأخير تشاؤمه. وفي المدرسة لم تكن له سوى قلة قليلة من الأصدقاء. ولم تكن علاقته بالفتيات علاقة مريحة حيث كان يرتبك بالتحدث معهن وكُنَّ يحتقرنه لعدم كفاءته بالألعاب على حدّ اعتقاده.
وقد قضى الفنان وهو بعمر الخامسة والعشرين فترة استشفاء في مستشفى مودسليMaudsley Hospital بلندن تمكن الأطباء من تشخيص علته على أنها اضطراب في الشخصية يتسم بآثار من الخجل البالغ والحساسية المفرطة والاكتئاب. وقد رسم خلال الفترة المذكورة عشر لوحات نأخذ كمثال عليها اللوحة التي أسماها المتاهة The Maze (الشكل4).
تمثل اللوحة رأس شخص مستلق على جنبه الأيسر (يمثل الفنان) وأمامه حقل من القمح وقد نُشِرَت جمجمته (بمعنى أنها قُطِعَت باسخدام المنشار) لتظهر فيها دهاليز وحجرات تمثل أفكار الفنان. ويمكن للناظر إدراك هذا الشخص إذا ما تصور أنه ينظر إليه من جهة قبة جمجمته وقد ظهرت مُقَدَّمَةُ حِذَاءَيْهِ من خلال تجويف الفم، كما ظهرت يداه من خلال جوف الحُجاج الأيسر. وعلى الجهة اليمنى من اللوحة نرى الشطر الثاني من الجمجمة المنشورة وقد ظهرت ضمنها الأجزاء المكملة للدهاليز الموجودة، صُممت بحيث تجزّئ المتاهة وتصنّفها إلى مجموعات مترابطة من الأفكار. يمثل الفأر المتقوقع على نفسه في الحجرة المركزية روح الفنان وهو في وضعية يأس بعدما فَشِلَ في الخروج من متاهة هذه الأفكار التعيسة. وبعض هذه الأفكار يختص بوحدانية الطفل الذي يظهر في أعلى اللوحة وبعضها الآخر يصف صورة عن حياته المدرسية (1) كيف كان رفاقه يعاملونه مما يعرّضه إلى سخرية رفيقاته.
-(2) كما تصف فكرة أخرى حياته البيتية وكيف كان يخشى أن يُحرم من المأوى والطعام والدفء المنزلي.
-(3) بينما تتعرض صورة أخرى لفلسفة والده القائلة بأن "السمكة الداهية تعيش بينما تموت الحمقاء".
-(4) يُمثل المشهد الرابع انشغاله بالنكبات السياسية التي عانى منها أهله.
_(5) ويُمثل الخامس البلاء الذي يلحق بالإنسانية بصورة عامة نتيجة للأحداث السياسية.
-(6) والسادس يحكي لنا نظرته للجنس بمحتواه البدائي بينما يُقَدِّم لنا السابع (7) تصويراً لنظرته إلى الجنس بالمحتوى الاجتماعي الذي مثَّله الفنان بالرقص.
-(8) وتُسلِّط الصورة الثامنة الضوءَ على الفنان ضحية الاختبارات الطبية التي تتخذ منه عيّنة اختبار وكبش فداء بينما نشاهده في التاسعة (9) فريسة للغربان تنعق من حوله. وتجمع بين باقي اللوحات الظاهرة في هذه الصورة فكرة اليأس.
-(10) أما العاشرة فتمثل "متحف القُنوط" الذي يجمع بين جنباته كل المتناقضات والاصطراعات: المسيح المصلوب والجنس والقتل والتقدم العلمي والتكنولوجي والتي تتلخص نتيجتها بالشخص الذي ينطح الحائط إلى أسفل يسار المشهد (وهو الفنان المريض نفسه) دلالة على منتهى اليأس والإحباط.
-(11) المشهد الحادي عشر يرينا الفنان إياه مستلقياً على ظهره وقد وثق إلى سير (قِشاط) متحرك على سلاسل تقود إلى أسطوانتين فولاذيتين شديدتي الصلابة تدوران باتجاهين متعاكسين إحداهما فوق الأخرى وبملاصقتها "لِتُصَفِّحَ" الإنسان كما يُصْنَعُ الصفيح المعدني في معامل الصلب اعتباراً من السبائك المعدنية مودِيَةً به إلى نهايته المأساوية، بينما تقول لنا الساعة الظاهرة في مقدمة المشهد إن المسألة هي مسألة زمن فقط ولكنها حتمية.
- (12) في المشهد الثاني عشر نرى الفنان وهو يقوم بعملية تشريح ذاتية لنفسه ينفذها بيده اليمنى لذراعه اليسرى أمام لوحة تشريحية تمثل الهيكل العظمي للإنسان ليجري مقارنة بين يده المُشَرَّحَة وبين مثيلتها في اللوحة وليتأكد من أنه موجود فعلاً تجاه ارتيابه وشَكِّهِ بعدم الوجود، وهذا ما يؤكد لنا نظرته الوجودية للحياة، هذه المدرسة التشاؤمية في نظرتها إلى الحياة التي كان أشهر القائلين بها في القرن العشرين الفرنسي جـان بول ســـارترSartre, Jean-Paul والألماني كــارل ياسبرز Jaspers, Karl والألماني مارتن هايدغر Heidegger, Martin والدنماركي سورين كيركغارد Søren Kierkegaard.
- (14) المشهد الرابع عشر واضحٌ جداً بمدلولاته المرعبة التي لا تخرج في سياقها العام عن كافة المشاهد التي سبقته أعلاه: الشعور بالإدانة والإحباط والرعب.
- أما الصورة الأخيرة (الشكل7) فَتُجَسِّدُ نظرتَه إلى العالم من حوله على أنه إغراء رخيص تافه (صورة الغائط في أدنى اللوحة التفصيلية) والناس من حوله ذباب يتسابق نحو "الغنيمة" التافهة ويتهافت عليها.
نلاحظ مما سبق أنه ليس لدى الفنان نزعات عدوانية موجهة نحو الآخرين على الرغم من أن شعوره بالنقمة واضح من خلال أعماله، غير أن هذه النقمة موجهة نحو ذاته وليس نحو الآخرين، فهو من النمط الانكفائي الانطوائي الذي ينحو باللائمة على نفسه دوماً. وأكثر من ذلك، فإن الفنان يعرف جيداً علته ويَعِيْها وعياً كاملاً. وقد كان يشكو اضطراب الشخصية حسب تشخيص الأطباء النفسيين الذين أشرفوا على علاجه.
ما هي أوجه الشبه وأوجه الخلاف بين فن مرضى نفسياً والفن الحديث؟
إذا تفحصنا مدارس الفن الحديث من وجهة نظر تشويه المادة فإننا سنجد أهمية خاصة في حقيقة أنه يمكننا ملاحظة هذا التشويه في الفن السيكوباثولوجي على حد سواء. فإذا سلمنا بذلك في كلتا الحالتين حيث يواجه المرء مسألة إسقاط الـ(أنا) غير الواعية للفنان فثمة سؤال يطرح نفسه علينا بإلحاح وهو ما إذا كانت آلية الفن التشهويهي الحديث يمكنها أن تكون سيكوباثولوجية من جانبها أيضاً. يجيب البروفيسور Volmat عن هذا السؤال فيقول إن ثمة هوية بنيوية كائنة بين الفن الحديث وفن المرضى نفسياً وإن كليهما وهما يدنوان من اللاواعي يبديان علائم تشويه المادة المرسومة والاستعاضة عن الواقع بالخيال. غير أن هذا لا يمكن قرنه بصحة الفنان العقلية. وهذا يعني أنه لا يُستبعد احتمال وجود الحالة العصابية عند الفنان.
ومن الوجهة الفنية البحتة فإن اللوحة كما ينفذها الفنان عندما يلهمه ظهور "ميله الفطري للفن" هي بطبيعة الحال ذات قيمة جمالية بسبب موهبته وخبرته. وهكذا، فإن ما بين المذهون الذي سبق له وأن كان فناناً قبل ذهانه، وبين الفنان التشويهي الحديث من غير المذهونين، هناك نقاط تلامس مؤقتة يلاقي أحدهما الآخر فيها عند عتبة الذهان. فبالنسبة للأول، يشكل الفن وقاية ضد الاستبطان بينما يكون بالنسبة للثاني وسيلة لبلوغ ما وراء ذاته.
إذن، فالإبداع الفني يشغل عند الفنان المريض نفسياً مكاناً يقع بين الفنان الذي يجتاز أزمة وقتية والمريض نفسياً من غير الفنانين. والفرق بين المريض الذي يرسم والفنان العادي الذي يبدي أعراض المريض نفسياً ذاتها في حالة من فرط انفعاله سواء أكان هذا الأخير في وعيه أم في لا وعيه، نجده في حقيقة أن الفنان يستأنف اتصاله بالحقيقة بعد الأزمة، بينما يفقد المريض نفسياً كل اهتمام بالفن إذا كتب له الشفاء، ما لم يتفق وإن كان فناناً قبل ذُهانِه.
أما عن مسألة تقييم الصحة النفسية للفنان، فهي مسألة تشخيصية بحتة يعود أمر تقريرها إلى الطبيب المتخصص.

مصادر البحث:
1. DAVIES, D.L., the Maze, a psychiatric study, Maudsley Hospital, London.

2. DAVIES, D.L., a Folio of Victorian Flower Painting.
3. DRACOULIDES, Dr. N.N., Athens. Psychopathological Art and Picassian Cubism,
4. FURRER, Walter, Unconscious Communication between Doctor & Patient.
5. BLOCH, R. & MEIER, U., the ******** of Pictures in Psychiatry.
6. BIERMANN, Bred Dr., the Scenotest & Child Psychotherapy.



المصدر : الباحثون العدد 53 تشرين الثاني 2011
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
السيكوباثولوجي, الفن


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الفن السيكوباثولوجي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الفن ينبع من الألم والحزن: المرحلة الزرقاء عند بيكاسو- د. حسان المالح Eng.Jordan أخبار ومختارات أدبية 0 11-03-2012 11:31 AM
"بيغماليون" لجورج برنارد شو الفن أو الانسان؟ Eng.Jordan أخبار ومختارات أدبية 0 09-11-2012 12:45 PM
الفن الإسلامي Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 01-24-2012 11:27 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:13 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59