#1  
قديم 11-04-2012, 10:03 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي بيل جيتس الأعمال بسرعة الخاطرة


بيل جيتس


الأعـمـال

بسرعة الخاطرة


ترجمة ومراجعة:
د. فتحي حمد بن شتوان








فهرس المحتويات



الموضوع الصفحة

مقـدمة


الباب الأول

تدفق المعلومات هو قوام حياتك


1. الإدارة بقوة الحقائق
2. هل يستطيع نظامك العصبي الرقمي أن يفعل هذا؟
3. أوجد مكتباً بلا أوراق

الباب الثاني

التجارة: الإنترنت تغير كل شئ


4. إركب صاروخ التحول
5. على الوسيط أن يضيف قيمة
6. كن لصيقاً بعملائك
7. انتهج أسلوب حياة الإنترنت
8. غيِّر حدود أعمالك
9. كن الأول إلى السوق


الباب الثالث

تطويع المعرفة لتحسين التفكير الإستراتيجي


10. على الأخبار السيئة أن تسرع إليك
11. أقلب الخبر السيىء إلى طيب
12. أعرف أرقامك
13. حوِّل موظفيك إلى التفكير بمنطق العمل
14. ارفع مستوى ذكاء شركتك
15. المكاسب الكبيرة تتطلب مجازفات كبيرة

الباب الرابع
اجعل للفراسة نصيباًً في أعمالك

16. طِّور عملياتٍ تعزز صلاحيات العاملين
17. تقنية المعلومات تتيح إمكانية إعادة الهندسة
18. معاملة تقنية المعلومات كمورد استراتيجي

الباب الخامس

مشاريع خاصة

19. نظم الرعاية الصحية ليست جزراً منعزلة
20. خذ الحكومة إلى الناس
21. عندما تكون ردة الفعل مسألة حياة أو موت
22. أوجد مجتمعات مترابطة للتعلُّم


الباب السادس

توقع غير المتوقع

23. استعد للمستقبل الرقمي
ملحق: بناء عمليات رقمية على مقاييس
مسرد مصطلحات



مقـدمة


سوف تتغير الأعمال في السنين العشر المقبلة أكثر مما تغيرت في الخمسين سنة الماضية.
أثناء قيامي بإعداد خطابي لأول اجتماع قمة نعقده نحن مدراء الشركات التنفيذيين في ربيع عام 1997 كنت أفكر ملياً حول كيف أن العصر الرقمي سيغير الأعمال التجارية تغييراً جوهرياً. وقد أردت أن أتخطي حدود الخطاب العادي لأتحدث عن تطورات التقنية المذهلة وأتصدى لأسئلة ما فتئت تشغل بال القائمين على الأعمال مثل: كيف يمكن للتقنية أن تساعدك في تسيير أعمالك قُدماً بصورة أفضل؟ كيف ستبدل التقنية أعمالك تبديلاًًً؟ كيف يمكن أن تسهم التقنية في جعلك ناجحاً بعد خمس أو عشر سنوات من الآن؟
إذا كان عقد الثمانينيات عن النوعية والتسعينيات عن إعادة الهندسة فإن العقد الأول من الألفية الجديدة سيكون عن السرعة؛ السرعة التي ستتغير بها طبيعة الأعمال.. السرعة التي سنزاول بها الأعمال نفسها.. الكيفية التي ستغير بها سهولة الحصول على المعلومات أسلوب حياة العملاء وتوقعاتهم من العمل التجاري. سوف تتحقق التحسينات في النوعية وفي إجراءات الأعمال على نحو أسرع بكثير. إن طبيعة الأعمال ذاتها تتغير عندما تكون الزيادة في سرعة الأعمال كبيرة بالقدر الكافي؛ ذلك أن الصانع أو تاجر التجزئة الذي يستجيب للتغييرات في المبيعات في ساعات بدلاً من أسابيع لا يظل في الواقع شركة منتجات بل شركة خدمات تقوم بعرض منتجات.
سوف تحدث هذه التغييرات بسبب فكرة بسيطة بساطة آسرة: تدفق المعلومات الرقمية. إننا الآن في عصر المعلومات منذ حوالى ثلاثين سنة ولكن


نظراً لأن أغلب المعلومات المتحركة بين الأعمال التجارية ظلت في الشكل الورقي فقط فإن عملية عثور المشترين على بائعين بقيت بلا تغيير. صحيح أن معظم الشركات تستخدم أدوات رقمية للإشراف على عملياتها الأساسية: تسيير نظمها الانتاجية.. استخراج فواتير العملاء.. إدارة حساباتها.. إجراء أعمالها الضريبية، إلا أن هذه الاستخدامات لا تفعل شيئاً سوى إضفاء التسيير الآلي على عمليات قديمة.
هناك قلة قليلة من الشركات تستعمل الآن التقنية الرقمية في عمليات جديدة تحسِّن طريقة أدائها تحسيناً جذرياً.. تعطيها الاستفادة الكاملة من كل قدرات عامليها.. تعطيها سرعة الاستجابة التي ستحتاج إليها للمنافسة في عالم الأعمال الناشىء المتسارع. ولاتدرك أغلب الشركات أن أدوات تحقيق هذه التغييرات هى الآن في متناول كل فرد. إن أغلب مشاكل الأعمال في حقيقتها هي مشاكل معلوماتية ومع ذلك فلا أحد تقريباً يستعمل المعلومات كما ينبغي.
يبدو أن العديد من كبار المدراء يأخذون غياب المعلومات المواتية كأمر مسلم به. لقد عاش الناس زمناً طويلاً جداً بدون معلومات تحت تصرفهم بحيث أنهم لا يدركون ماذا ينقصهم، فلا غرو أن كان أحد الأهداف في خطابي لمدراء الشركات التنفيذيين هو استزادة تطلعاتهم. لقد أردت لهم أن يفزعوا من ضآلة ما جنوه في مجال المعلومات العملية من استثماراتهم الراهنة في تقنية المعلومات. أردت من اولئك المدراء أن يطالبوا بتدفق من المعلومات يعطيهم معرفة سريعة ومحسوسة عن كيف تسير الأمور حقاً لدى عملائهم.
حتى الشركات التي قامت باستثمارات ذات بال في تقنية المعلومات لا تجني الآن النتائج التي كان يمكن أن تجنيها. إن ما يثير الاهتمام هو أن الفجوة ليست نتيجة لشح في الإنفاق على التقنية؛ فمعظم الشركات قد استثمرت في اللبنات الأساسية: حواسيب شخصية لأجل التطبيقات الخاصة بالانتاجية، شبكات وبريد إلكتروني لأجل الاتصالات، تطبيقات عمل أساسية. لقد أنفقت الشركة النمطية من هذه الشركات 80% من استثمارها في التقنية التي يمكن أن تعطيها تدفقاً ثراًً من المعلومات غير أنها لا تحصل إلا على 20% من الفوائد الممكنة الآن. هذه الفجوة بين ما تنفقه الشركات وما تحصل عليه منشأوها توليفة من عدم فهم ما هو ممكن وعدم رؤية الإمكانية الكامنة عند استعمال التقنية لنقل المعلومات الملائمة بسرعة إلى كل فرد في الشركة.

تغيير التقنية والتوقعات


كان ما تفعله أغلب الشركات بالمعلومات هذه الأيام سيبدو رائعاً قبل عدة سنوات؛ فالحصول على معلومات غنية كان أمراً مكلفاً بصورة مثبطة ولم تكن أدوات تحليلها وتنقيحها متوفرة في الثمانينيات بل وحتى في أوائل التسعينيات، أما الآن ونحن على عتبة القرن الحادي والعشرين فإن أدوات العصر الرقمي واتصاليته تتيح لنا طريقة للحصول بسهولة على المعلومات والمشاركة فيها والتعامل بها بطرق جديدة وعجيبة.
لأول مرة بات من الممكن وضع كل ضروب المعلومات ـ أرقام ونص وصوت وصورة ـ في شكل رقمي يستطيع أي حاسوب تخزينه ومعالجته وإرساله قُدماً. لأول مرة تقوم معدات قياسية مجتمعة مع منصة برمجيات قياسية بخلق اقتصاديات حجم تتيح حلولاً حاسوبية قوية بتكلفة زهيدة لشركات من كل الأحجام. وباتت كلمة " شخصي" في عبارة "الحاسوب الشخصي" تعني أن كل فرد من عمال المعرفة(*) لديهم الآن أداة قوية لتحليل واستعمال المعلومات التي ت***ها هذه الحلول. إن ثورة المعالِجات المصغرة لا تعطي الآن الحواسيب الشخصية طفرة أُسية في القدرة فحسب بل هى أيضاُ على وشك خلق جيل جديد بالكامل من "المرافِقات" الرقمية الشخصية: أجهزة ممسوكة باليد، حواسيب شخصية للسيارات(**))، بطاقات ذكية، وغيرها في الطريق ـ والتي ستجعل استعمال المعلومات الرقمية أمراً شائعاً. أحد الأدلة على هذا الشيوع هو التحسن في تقنيات الإنترنت التي تعطينا الآن اتصالية عالمية.
تأخذ "الاتصالية"في العصر الرقميمعنى أوسع من مجرد وضع شخصين أو أكثر على اتصال؛ فالإنترنت تخلق مجالاً شمولياً لتقاسم المعلومات والتعاون فيها والتجارة بها. إنها تتيح وسطاً جديداً تأخذ فورية وتلقائية تقنيات كالتلفاز والهاتف وتجمع بينهما وبين العمق والاتساع المتأصلين في الاتصالات الورقية. وفضلاً عن ذلك فإن القدرة على إيجاد معلومات والمضارعة بين أناس ذوي اهتمامات مشتركة أمر جديد تماماً.
سوف تعيد مقاييس المعدات والبرمجيات والاتصالات هذه تشكيل مسلك الأعمال والمستهلكين؛ ففي خلال عقد من الزمان سيستعمل معظم الناس الحواسيب الشخصية بانتظام في العمل والبيت وسيستخدمون البريد الإلكتروني بصورة روتينية ويرتبطون بالإنترنت ويحملون أجهزة رقمية تحوي معلومات عنهم وعن أعمالهم. ستظهر أجهزة استهلاكية جديدة تتناول في شكل رقمي كل أنواع البيانات تقريباُ: النص والأرقام والصوت البشري والصور المتحركة. أنا استخدم عبارتى "أسلوب عمل الانترنت" و"أسلوب حياة الإنترنت"للتأكيد على تأثير العاملين والمستهلكين المستفيدين من هذه التوصيلات الرقمية. إننا اليوم لا نتصل عادة بالمعلومات الإ عندما نكون على مكاتبنا موصلين إلى الإنترنت بسلك مادي أما في المستقبل فثمة أجهزة رقمية نقالة ستجعلنا على اتصال دائم مع نظم أخرى وناس آخرين، كما أن أجهزتنا المستخدمة يومياً مثل عدادات الماء والكهرباء والأنظمة الأمنية والسيارات ستكون موصولة لتقوم بإبلاغنا عن أدائها وحالتها. إن كل تطبيق من تطبيقات المعلومات الرقمية هذه يقترب الآن من نقطة انعطاف - اللحظة التي عندها يصبح التغيير فيما يستعمله المستهلكين مفاجئاً وهائلاً. وهى معاً ستحوِّل أساليب حياتنا وعالم الأعمال تحويلاً جذرياً.
لقد أخذ "أسلوب عمل الإنترنت" يغير سلفاً عمليات الشغل لدى ميكروسوفت والشركات الأخرى؛ فقد كان لقيامنا بإحلال عمليات رقمية جماعية محل العمليات الورقية أن وفّر أسابيعاً من زمن ميزانيتنا وغيرها من العمليات التشغيلية. هنالك مجموعات من العاملين تستخدم الآن أدوات إلكترونية للعمل معاً بذات السرعة التي يمكن أن يعمل بها شخص واحد ولكن برؤى فريق كامل. إن فُرقاً محفزة تحفيزاً عالياً تستفيد الآن من تفكير كل فرد. لقد بات باستطاعتنا أن نتجاوب بصورة أسرع مع مشاكلنا وفرصنا بفضل الوصول الأسرع إلى معلومات عن مبيعاتنا وعن أنشطة شركائنا و ـ الأهم من ذلك ـ عن عملائنا. كذلك فإن الشركات الرائدة الأخرى العاكفة على التحول إلى االنظام الرقمي تحقق الآن إنجازات خارقة مماثلة.
زوَّدنا مؤسستنا بمستوى جديد من الذكاء المبني على الإلكترونيات. وأنا بذلك لا أتحدث عن شىء ميتافيزيقي أوعن كائن غامض في حلقة من حلقات "درب النجوم"، إنما عن شئ جديد ومهم؛ فلكي نعمل كما ينبغي في العصر الرقمي قمنا بتطوير بنية تحتية رقمية جديدة تشبه الجهاز العصبي للإنسان. إن الجهاز العصبي البيولوجي يحفز حركاتك اللإرادية حتى يمكنك الاستجابة بسرعة للخطر أو الحاجة؛ إنه يعطيك المعلومات التي تحتاج إليها وأنت تقلّب المسائل في ذهنك وتحدد اختياراتك. وفيما تركز انتباهك على الأشياء الأهم يقوم جهازك العصبي بسد الطريق على المعلومات غير المهمة لك. تحتاج الشركات إلى امتلاك هذا النوع نفسه من الجهاز العصبي ـ القدرة على العمل بسلاسة وكفاءة.. على الاستجابة بسرعة للطوارئ والفرص.. على ايصال معلومات قيمة إلى من يحتاج لها من العاملين في الشركة.. القدرة على سرعة اتخاذ القرارات والتفاعل مع العملاء.
أثناء نظري في هذه المسائل وعكوفي على وضع اللمسات النهائية لخطابي الخاص بقمة مدراء الشركات التنفيذيين قفذت إلى ذهني فكرة جديدة: "الجهاز العصبي الرقمي". والجهاز العصبي الرقمي هو المكافئ الرقمي في الشركات لجهاز الإنسان العصبي؛ وهو بذلك يوفر تدفقاً من المعلومات متكاملاً تكاملاً جيداً إلى الجزء المناسب من المؤسسة في الوقت المناسب. يتألف الجهاز العصبي الرقمي من العمليات الرقمية التي تتيح للشركة أن تعي ما يحيط بها وتتفاعل معه وأ ن تحس بتحديات المنافسين واحتياجات العملاء وأن تدبر ردوداً مواتية. يتطلب الجهاز العصبي الرقمي توليفة من المعدات والبرمجيات ويتميز عن مجرد شبكة من الحواسيب بدقة المعلومات التي ي***ها لعمال المعرفة وفوريتها وثرائها وبالتبصر والتضافر اللذين تتيحهما المعلومات.
جعلتُ الجهاز العصبي الرقمي موضوعاً لخطابي. وكان هدفي هو إثارة اهتمام مدراء الشركات التنفيذيين حول القدرة الكامنة للتقنيةعلى دفع تدفق المعلومات ومساعدتهم في تسيير أعمالهم بشكل أفضل. هو إفهامهم أنهم إذا قاموا بعمل طيب تجاه تدفق المعلومات فإن كل حل من حلول الشغل سيأتي بسهولة أكبر. ولما كان الجهاز العصبي الرقمي العصبي سيفيد كل إدارة وكل فرد في الشركة فقد أردت لهم أن يروا أنهم فقط، أى المدراء التنفيذيون، هم من بمقدورهم الارتقاء إلى التغيير الذهني والثقافي اللازم لإعادة تكييف مسلك الشركة حول تدفق المعلومات الرقمي وأسلوب عمل الإنترنت. ومعنى الارتقاء إلى مثل هذا القرار هو أن عليهم الارتياح إلى التقنية الرقمية ارتياحاً يكفي لكى يروا كيف أن بإمكانها تغيير عمليات أشغالهم تغييراً جوهرياً.
بعدئذ طلب مني كثير من مدراء الشركات التنفيذيين مزيدا ًمن المعلومات عن النظام العصبي الرقمي، وأثناء استمراري في عرض أفكاري والحديث عن الموضوع قصدني عديد من المدراء التنفيذيين الآخرين ومدراء الأعمال واختصاصيي تقنية المعلومات للحصول على تفاصيل أكثر. وهناك آلاف من العملاء يأتون سنوياً إلى مقر مؤسستنا لرؤية حلول عملنا الداخلية وقد طلبوا مزيداً من المعلومات عن لماذا وكيف بنينا جهازنا العصبي الرقمي وعن الكيفية التي يستطيعون بها فعل الشىء نفسه. وكتابي هذا هو جوابي على طلباتهم.
لقد ألّفت هذا الكتاب لمدراء الشركات التنفيذيين وغيرهم من رؤساء المؤسسات والمدراء من كل المستويات. وفيه أصف كيف يمكن للجهاز العصبي الرقمي أن يبدل الأعمال تبديلاً ويجعل الكيانات العامة أشد استجابة بتنشيط العناصر الرئيسية الثلاثة لأى منشأة: علاقات العملاء/الشركاء والعاملون والعملية، وقد نظمت الكتاب حول مهام الشركة الثلاث التي تحوي تلك العناصر الثلاثة. هذه المهام هى: التجارةوإدارة المعرفة وعمليات الشغل. وقد بدأت بالتجارة لأن أسلوب حياة الإنترنت يغير الآن كل شئ عن التجارة، ومن شأن هذه التغيرات أن تدفع الشركات إلى إعادة بناء إدارة المعرفة وعمليات الشغل لديها كى يتسنى لها الصمود. يضم الكتاب أقساماً أخرى تغطي أهمية تدفق المعلومات ومشروعات خاصة تقدم دروساً عامة لمؤسسات أخرى. وبما أن الهدف من نظام عصبي رقمي هو أن يحفّز على استجابة تضافرية من قِبل العاملين لأجل استنباط استراتيجية شغل وتنفيذها فإنك سترى مراراً وتكراراً أن من شأن حلقة تغذية مرتدة رقمية محكّمة أن تساعد شركة على التكيف مع التغيير تكيفاً سريعاً ومستديماً، وهذه فائدة أساسية لأى شركة تعتنق أسلوب عمل الإنترنت.
"الأعمال بسرعة الخاطرة" ليس كتاباً فنياً إنما هو يشرح بالأمثلة أسباب الشغل المقتضية للعمليات الرقمية وكذا الاستخدامات الفعلية لهذه العمليات التي تحل مشاكل الشغل الحقيقية. وقد ذكر أحد المدراء التنفيذيين ممن قرأ مسودة متأخرة من مخطوطة الكتاب أن تلك الأمثلة كانت بمثابة قالب ساعده على أن يفهم كيف يستعمل نظاماً عصبياً رقمياً في شركته. وكان رقيقاً إذ قال: "لقد كنت أعد قائمة بملاحظات لأعطيكها وقائمة أخرى بأمور آخذها معي لتنفيذها في شركتي". وإني آمل أن يكتشف قراء آخرون في مجال الأعمال نفس ما لـ "كيف .." هذه من قيمة. أما للميالون أكثر إلى الناحية الفنية فهنالك موقع مرافق على الإنترنت على العنوان: www.Speed-of-Thought.com يقدم معلومات خلفية أكثر عن بعض الأمثلة وأساليب لتقييم قدرات نظم المعلومات القائمة ومنحى معمارياً ومنهجيات لبناء جهاز عصبي رقمي. ولموقع الكتاب كذلك وصلات لمواقع أخرى على الإنترنت أشير إليها في ثنايا الكتاب.
لجعل تدفق المعلومات الرقمية جزءاً لا يتجزأ من شركتك إليك اثنا عشرة خطوة رئيسية:


للعمل المرتبط بالمعرفة


1-عليك أن تصِّر على تدفق الاتصال خلال المؤسسة عبر البريد الإلكتروني لكى تتمكن من التصرف بناء على الأخبار بسرعة تكاد تكون انعكاسية.
2- ادرس بيانات المبيعات حاسوبياً (online) لإيجاد أنماط وللمشاركة في الرؤى بسهولة. افهم الإتجاهات الكلية واحرص على إضفاء الطابع الشخصي على خدمة كل عميل.
3- استعمل الحواسيب الشخصية لتحليل الأعمال وحوِّل عمال المعرفة إلى العمل ذي التفكير عالي المستوى حول المنتجات والخدمات والربحية.
4- استعمل أدوات رقمية لخلق فرق فعلية تعمل على نطاق كل الإدارات وتستطيع أن تتقاسم المعرفة وتبني على أفكار بعضها الآخر في وقت حقيقي وعلى امتداد العالم. استعمل نظماً رقمية من أجل إرساء تاريخ للشركة يستفيد منه أي شخص.
5- قم بتحويل كل عملية ورقية إلى عملية رقمية مزيلاً بذلك الاختناقات الإدارية ومحرراً عمال المعرفة حتى يتفرغوا لمهام أهم.

لعمليات الشركة



6- استعمل أدوات رقمية للتخلص ن الوظائف أحادية المهام أو لتغييرها إلى وظائف ذات قيمة مضافة تستخدم مهارات عامل المعرفة.
7- اوجد حلقة تغذية مرتدة رقمية لرفع كفاءة العمليات المادية وقم بتحسين المنتجات والخدمات المقدمة. يجب أن يكون كل مستخدَم قادراً على تتبُّع كل القياسات الرئيسية بسهولة.
8- استعمل نظماً رقمية لتوجيه شكاوي العملاء فوراً إلى من باستطاعتهم تحسين منتج أو خدمة.
9- استعمل الاتصالات الرقمية لإعادة تعيين طبيعة أعمالك والحدود المحيطة بأعمالك؛ فكن أكبر وأوفى أو أصغر وأشد خصوصية تبعاً لما يسوغه وضع العميل.

للتجارة:


10- قايِض بالمعلومات الوقت؛ قلل زمن الدورة باستخدام المعاملات الرقمية مع كل الموردين والشركاء وقم بتحويل كل عملية من عمليات الشغل إلى نظام "التسليم في الوقت المناسب".
11- استعمل التسليم الرقمي للمبيعات والخدمة من أجل إبعاد الوسيط عن معاملات العملاء. أما إذا كنت وسيطاً فاستعمل أدوات رقمية لإضافة قيمة إلى المعاملات.
12- استعمل أدوات رقمية لمساعدة العملاء على حل المشاكل بأنفسهم، وإدخر الاتصال الشخصي لأجل الاستجابة إلى احتياجاتهم المعقدة عالية القيمة.
يغطي كل فصل من هذا الكتاب نقطة أو أكثر ـ ومن شأن تدفق جيد للمعلومات أن يساعدك على القيام بعدة أشياء من هذه فوراً. بل إن أحد أهم عناصر أى نظام عصبي رقمي هو ربط هذه الأنظمة المختلفة ـ إدارة المعرفة وعمليات الشغل والتجارة ـ بعضها مع البعض.
تركز عدة أمثلة، لاسيما في مجال عمليات الشغل، على مايكروسوفت. ولذلك سببان أولهما رغبة العملاء في معرفة كيف تستعمل مايكروسوفت ـ باعتبارها من أنصار تقنية المعلومات ـ التقنية في تسيير أعمالها؛ هل تفعل ما تنصح الآخرين به؟ أما السبب الثاني فهو أن بإمكاني الحديث بتعمق عن حكمة تطبيق النظم الرقمية على مشاكل التشغيل التي تواجهها شركتي (مايكروسوفت) فعلاً، وفي الوقت نفسه فقد زرت عشرات الشركات الرائدة للعثور على أفضل الممارسات في كل الصناعات. إنني أريد أن أبيّن قابلية التطبيق الواسعة لنظام عصبي رقمي. ثمة بعض المجالات حيث تجاوزتنا شركات أخرى في التعاون الرقمي.
ستكون الشركات الناجحة في العقود التالية هي تلك التي تستعمل الأدوات الرقمية لإعادة اختراع الطريقة التي تعمل بها. سوف تضع هذه الشركات قراراتها بسرعة وتتصرف بكفاءة وتتصل بعملائها مباشرة بطرق إيجابية. إنني آمل أن تخرج من قراءة هذا الكتاب وقد أثارت اهتمامك إمكانيات التغيير الإيجابي في العشر سنوات القادمة، سوف يضعك التحول إلى النظام الرقمي على الحافة المتقدمة لموجة تغيير مزلزلة ستحطم الطريقة القديمة لمزاولة الأعمال. سوف يتيح لك النظام العصبي الرقمي أن تزاول أعمالك بسرعة الخاطرة، وهذا هو مفتاح النجاح في القرن الحادي والعشرين.




















الباب الأول


تدفق المعلومات هو قوام حياتك











الفصل الأول


الإدارة بقوة الحقائق

قوام سداد الحكم في مجال الأعمال هو العثور على الحقائق والأحوال الخاصة بالتقنية والسوق، وما شابهها، والتعرف عليها في صورها المتغيرة باستمرار. إن سرعة التغيير التقني الحديث يجعل البحث عن الحقائق سمة ضرورية على الدوام.
الفريد ب. سلون:
" سنواتي مع جنرال موتورز"
[IMG]file:///C:\Users\user\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\c lip_image001.gif[/IMG]



ليّ معتقد بسيط لكنه قوي وهو أن الطريقة الأجدى لتمييز شركتك عن منافسيك، الطريقة الأفضل لوضع مسافة بينك وبين المتزاحمين، هو أن تفعل بالمعلومات شيئاً ممبزاً. إن الكيفية التي بها تَجمع المعلومات وتعللجها وتستعملها سوف تحدد ما إذا كنت من الفائزين أم الخاسرين. هناك الكثير من المنافسين. هناك الكثير من المعلومات المتاحة عنهم وعن السوق.. والذي هو الآن عالمي. سيكون الفائزون هم أولئك الذين يطورون نظاماً عصبياً رقمياً عالمياً يتيح للمعلومات أن تتدفق بسهولة خلال شركاتهم من أجل التعلم الأمثل والدائم.
كأني بك ترد: كلا، بل إن الفيصل هو العمليات الكفؤة! هو الجودة! هو شهرة الصنف والسعى وراء الحصة السوقية! هو الاقتراب من العملاء! بالطبع يعتمد النجاح على كل هذه الأشياء؛ فما من أحد يستطيع مساعدتك


إذا كانت عملياتك متعثرة .. إذا لم تكن يقظاً بشأن النوعية .. إذا لم تعمل جاهداً لتوطيد صنفك .. إذا كانت خدمتك للعملاء دون المستوى. إن الاستراتيجية السيئة ستفشل مهما كانت جودة معلوماتك، كما أن التنفيذ الأعرج يحبط الاستراتيجية الجيدة. إنك إذا أسأت أداء ما يكفي من الأشياء فسيكون مآلك الخروج من ساحة الأعمال.
ولكن مهما كان ما تتمنع به اليوم ـ موظفين حاذقين، منتجات ممتازة، رضا العملاء، سيولة نقدية في المصرف ـ فإنك تحتاج إلى تدفق سريع من المعلومات الجيدة لتسليس العمليات والارتقاء بالنوعبة وتحسين تنفيذ الأعمال. معظم الشركات لديها أناس جيدون يعملون لها ومعظم الشركات تريد فعل ما يرضى عملائها. ثمة بيانات مجدية موجودة في مكان ما داخل أغلب المؤسسات. إن تدفق المعلومات هو قِوام حياة شركتك لأنه يساعدك على استخلاص أفضل ما لدى عامليك والتعلم من عملاءك. انظر إذا كانت لديك المعلومات اللازمة للإجابة على هذه الأسئلة:
l ما رأي عملاءك في منتجاتك؟ ما هي المشاكل التي يطالبونك بحلها؟ وما هي السمات الجديدة التي يطالبونك بإضافتها؟
l ما هي المشاكل التي يلاقيها موزعوك وبائعوك أثناء بيع منتجاتك أو أثناء عملهم معك؟
l أين يكسب منافسوك أعمالاً منك، ولماذا؟
l هل متطلبات العملاءالمتغيرة تدفعك إلى تطوير مقدرات جديدة؟
l ماهي الأسواق الجديدة الناشئة التي ينبغي لك أن تدخلها؟
لن يضمن لك جهاز عصبي رقمي الإجابات المناسبة على هذه الأسئلة وإنما سيخلصك من أطنان من العمليات الورقية القديمة حتى يكون لديك الوقت أمام ناظريك كى تتمكن من رؤية الاتجاهات وهى مقبلة عليك. من شأن جهاز عصبي رقمي أيضاً أن يجعل من الممكن ظهور الحقائق والأفكار سريعاً من أسفل في مؤسستك.. من اؤلئك الذين لديهم معلومات عن هذه الأسئلة ـ وربما العديد من الأجوبة. والأهم من هذا وذلك هو أنه سيساعدك في القيام بكل هذه الأشياء على جناح السرعة.
إلإجابة على الأسئلة الصعبة

تقول نكتة قديمة في مجال الأعمال إن السكك الحديدية لو أدركت أنها تنتمي إلى مجال النقل وليس إلى مجال قضبان الصلب لكنا الآن طائرين على متن خطوط "يونيون باسيفيك" الجوية. هناك منشآت عمل عديدة قامت بتوسيع مهامها أو تغييرها بطرق أشد جوهرية من هذه؛ فصانعة غير موفقة لأول مطهاة أرز كهربائية في اليابان تتطورت للتصبح شركة سوني، إحدى متصدرات العالم في الإلكترونيات الاستهلاكية والتجارية وفي صناعتى الموسيقى والأفلام. وثمة شركة بدأت بصنع آلات لحام وأجهزة استشعار ممرات البولينغ وآلات تخفيض الوزن ثم انتقلت إلى مرسمات التذبذب والحواسيب لتصبح ما نعرفه اليوم بـ"هويليت باكارد". لقد تتبعت هذه الشركات السوق فأحرزت نجاحاً خارقاًً، ولكن معظم الشركات لا تستطيع فعل ذلك.
بل حتى لو نظرت إلى مجال عملك الحالي فليس من الواضح دائماً أين تكون فرصة النمو التالية. تتمتع شركة ماكدونالز في عالم الوجبات السريعة المضطرب بأقوى اسم صنف وأكبر حصة سوقية وسمعة طيبة من ناحية النوعية، ولكن أحد محللي السوق اقترح مؤخراً أن تبدّل ماكدونالدز نمط عملها؛ فقال مشيراً إلى اهتمام الشركة أحيانا بانتاج دُمى مستوحاة من الأفلام السينمائية إن على ماكدونالدز أن تسنخدم سندوتشات الهامبيرجر ذات الهامش المنخفض لتبيع خطاً من دمى ذات هامش مرتفع عوضاً عن االقيام بالعكس. ومع أن تغييراً كهذا أمر مستبعد لكنه ليس مما لا يمكن التفكير فيه في عالم الأعمال الراهن المتغير سريعاً.
العبرة المهمة هنا هى الأ تأخذ شركة موضعها في السوق كأمر مسلم به، بل عليها أن تعيد التقييم باستمرار. فرب شركة ستحقق فتحاً مبيناً في مجال آخر من مجالات الأعمال ورب أخرى ستجد أنها ينبغي أن تلزم ما تجيد معرفته والقيام به. والشيء الأهم هو أن تكون لدى مدراء الشركة المعلومات اللازمة لفهم مزيتهم التنافسية وماهية سوقهم الكبير التالي.
سوف يساعدك هذا الكتاب على استعمال تقنية المعلومات لتوجيه الأسئلة الصعبة وكذلك للإجابة عليها بشأن ماذا ينبغي أن تكون أعمالك وأين ينبغي لها أن تذهب. تتيح لك تقنية المعلومات الحصول على البيانات التي تؤدي إلى الفهم النافذ لأعمالك. إنها تمكّنك من التصرف بسرعة، وتتيح حلولاً لمشاكل العمل لم تكن ببساطة متوفرة من قبل. إن تقنية المعلومات والأعمال تصبحان الآن مترابطين ترابطاً لا فكاك منه. ولا أعتقد أن أي شخص يمكن أن يتحدث حديثاً ذا معنى عن أحدهما بدون أن يتحدث عن الآخر.

اتخاذ نهج موضوعي قائم على الحقائق


الخطوة الأولى في الإجابة على أي سؤال صعب متعلق بالأعمال هى اتخاذ نهج موضوعي قائم على الحقائق. هذا المبدأ، الأسهل قولاً عن العمل به، موضح في كتاب الأعمال الذي أفضله: "سنواتي مع جنرال موتورز" لألفريد ب. سلون، الابن. إذا كنت تقرأ كتاباً واحداً عن الأعمال فعليك بكتاب سلون (ولكن لا تترك هذا الذي في يدك لتفعل ذلك). إن من الملهم أن يرى المرء في رواية سلون عن حياته العملية كيف أن القيادة الإيجابية الرشيدة المركزة على المعلومات يمكن أن تقود إلى نجاح ساحق.
أثناء فترة إدارة سلون التي امتدت من 1923 إلى 1956 أصبحت جنرال موتورز إحدى أوائل مؤسسات الأعمال المعقدة حقاً في الولايات المتحدة. لقد فهم سلون أن أى شركة لا يمكنها تطوير استراتيجية كاسحة أو الاضطلاع بمشروعات مناسبة دون أن تبني على حقائق ورؤى من الأشخاص في المؤسسة. وقد طوّر فهمه الخاص به للأعمال من تعاونه الشخصي اللصيق مع الفنيين واختصاصي الأعمال من معاونيه وبزياراته الشخصية المنتظمة لمرافق الشركة الفنية، غير أن تأثيره االأكبر كمدير جاء من الطريقة التي أقام بها علاقات عمل مع موزعي جنرال موتورز على امتداد القطر؛ فقد دأب على جمع معلومات من موزعي جنرال موتورز وأنشأ معهم علاقات وثيقة مثمرة.
استفاد سلون كثيراً من رحلات لتقصي الحقائق. لقد أعد ّعربة خصوصية من عربات السكة الحديد كمكتب له وجاب كل أرجاء البلاد زائراً موزعي الشركة، وكان في الغالب يلتقي ما بين خمسة وعشرة منهم يومياً. كان يريد أن يعرف ليس فقط ما تبيعه جنرال موتورز للموزعين بل وما يباع من الحصص المخصصة لهم. وقد ساعدت هذه الزيارات سلون على أن يدرك في أواخر العشرينيات أن الأعمال في مجال السيارات آخذة في التغيير؛ فالسيارات المستعملة باتت الآن وسيلة المواصلات الأساسية، وبات المشترون من ذوي الدخل المتوسط يبتاعون سيارات جديدة أفخر بفضل نظم البيع بالتقسيط والمقايضة الجزئية [شراء سيارات جديدة بقديمة مع دفع الفرق]. أدرك سلون أن هذا التغيير يعني أن لب علاقة جنرال موتورز بالموزعيين يجب أن يتغير أيضاً بانتقال الأعمال في مجال السيارات من مسألة بيع إلى متاجرة. لقد بات على الصانع والموزع تطوير علاقة أشبه بالشراكة. قام سلون بإنشاء مجلس موزعين يتقابل بانتظام مع كبار تنفيذيي جنرال موتورز بمقر الشركة، كما أنشأ هيئة لشؤون الموزعين تتولى شكاوى المزعين وأجرى دراسات اقتصادية لتحديد أفضل المواقع لإقامة مراكز توزيع جديدة، بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك بإرساء سياسة مفادها المجازفة بتمويل أكفاء الرجال ممن لم يكن لديهم رأس مال جاهز لإنشاء مراكز توزيع.
بيد أن المعلومات الدقيقة بشأن المبيعات ظلت عسيرة المنال؛ فقد كانت أرقام مبيعات جنزال موتورز غير متسقة وغير مستحدثة وناقصة. كتب سلون: "عندما كان الموقف الربحي للموزع يعتل لم يكن أمامنا سبيل لمعرفة ما إذا كان ذلك بسبب مشكلة سيارة جديدة أم مشكلة سيارة مستعملة أم مشكلة خدمة أم مشكلة قطع غيار أم مشكلة أخرى. وبدون حقائق كهذه كان من المستحيل وضع أي سياسة توزيع سليمة موضع التنفيذ." قال سلون إنه كان على استعداد لأن يدفع "مبلغاً ضخماً" ويحس بأنه "محق تماماً في ذلك" إذا كان كل موزع "يستطيع معرفة الحقائق المتعلقة بأعماله ويتعامل مع التفاصيل العديدة… بطريقة ذكية". كان سلون يعتقد أن مساعدة الموزعين في مسائل المعلومات هذه "سيكون أفضل استثمار قامت به جنرال موتورز إطلاقاً".
من أجل مواجهة هذه الإحتياجات وضع سلون نظاماً قياسياً للمحاسبة على نطاق جنرال موتورز وكل مراكز توزيعها. والكلمة المهمة هنا هي كلمة "قياسي"؛ فكل موزع وكل مستدخَم على كل مستوى في الشركة كان يصنِّف الأرقام بنفس الطريقة تماماً. وبحلول منتصف الثلاثينيات بات بوسع موزعي جنرال موتورز وأقسامها الخاصة بالسيارات ومكاتبها الرئيسية اأن تقوم جميعاً بتحليل مالي مفصَّل باستعمال نفس الأرقام. فمثلاً كان باستطاعة مركز للتوزيع أن يقيس ليس فقط أداءه هو بل أداءه إزاء متوسطات المجموعات الأخرى.
لقد كان من شأن بنية تحتية أتاحت معلومات دقيقة أن أدت إلى مؤسسة متجاوبة لم تستطع الشركات الأخرى لصناعة السيارات أن تدانيها مثيلاً لعقود من الزمان. ساهمت تلك البنية التحتية، التي أسميها "جهاز الشركة العصبي"، في هيمنة جنرال موتورز على صناعة السيارات طوال حياة سلون المهنية. ولم تكن حينذاك رقمية بعدُ إلا أنها كانت ثمينة للغاية. كانت معرفة مخزون الموزع أمراً تجيده جنرال موتورز أكثر من غيرها، وقد نالت جنرال موتورز مزية تنافسية هائلة من استغلال تلك المعلومات. وتجاوزت هذه الاستفادة من المعلومات جدران جنرال موتورز؛ فقد استعملت جنرال موتورز نظم معلومات كُتيبية لبناء أول "اكسترانيت"ـ شبكة تربط الشركة بمورديها وموزعيها.
بالطبع لم يكن في إمكانك الحصول على معلومات تتدفق خلال شركتك آنذاك بمثل الكم الذي يمكنك الحصول عليه الآن؛ فالأمر كان سيقتضي مكالمات هاتفية جد كثيرة وأناساً جد كثيرين يتناقلون أوراقاً وينكبون على سجلات ورقية محاولين الربط بين البيانات والعثور على الأنماط. كان ذلك سيكلف باهظاً. وإذا أردتَ اليوم إدارة شركة ذات مستوى عالمي فعليك أن تذهب إلى أبعد من ذلك بكثير وتنجز بأسرع من ذلك بكثير. إن الإدارة بقوة الحقائق ـ والتي هو أحد أساسيات الأعمال لدى سلون ـ تتطلب تقنية المعلومات. لقد تغير تغييراً درامياً ما تطيق الشركات القيام به وما ترى أنه يستحق القيام به وما بمقدورها تنافسياً القيام به.
تستعمل جنرال موتورز الآن تقنية الحاسوب الشخصي ومقاييس الإنترنت للاتصال بعملائها؛ فحلها المتمثل في منظومتها المسماة "جي ام أكسس" يستعمل شبكة للشركة واسعة النطاق تستخدم الأقمار الصناعية للتعامل بين مقر الشركة ومصانعها وموزعيها البالغ عددهم 9000، والذين لديهم أجهزة متصلةعلى الخط الإلكتروني ((online لأغراض الإدارة المالية والتخطيط التشغيلي بما في ذلك إدارة الطلبات الإجمالية وتحليل المبيعات والتنبؤ بها. وتقوم أداة بيع تفاعلية بالجمع بين سمات المنتجات ومواصفاتها وتسعيرها وغيرها من المعلومات. ويحظى فنيو خدمة المنتجات بوصول فوري إلى أحدث المعلومات عن المنتجات وقطع الغيار من خلال كتيبات الخدمة الإلكترونية والنشرات الفنية وتخطيط قطع الغيار وإعداد تقارير المخزون على الخط الحاسوبي. يربط البريد الإلكتروني الموزعين بمقر جنرال موتورز ومصنعها وببعضهم بعضاً. يتم دمج الحل الذي يأتي به الموزع الخاص في موقع جنرال موتورز العام على الإنترنت حيث يجد العملاء معلومات تفصيلية عن السيارات. توفر تقنيات الإنترنت الأساس لتحول جوهري في الطريقة التي بها يتسوّق المستهلكون السيارات، فلا غرو أنهم يضعون جنرال موتورز كهدف للتجارة الإلكترونية. وبالطبع عمدت شركات صناعة السيارات الأخرى كذلك إلى تحسين أنظمة معلوماتها؛ فتويوتا تحديداً استخدمت تقنية المعلومات لتطوير انتاج صناعي على مستوى عالمي.
تمييز شركتك في عصر المعلومات

إذا كانت إدارة المعلومات واستجابة المؤسسة قد أحدثتا مثل هذا الاختلاف في صناعة تقليدية من ذات المداخن قبل سبعين سنة فأي تمييز أكثر ستُحدثانه مدفوعتين بالتقنية؟ قد يكون لأي شركة حديثة لصناعة السيارات اسم تجاري قوي وسمعة لنوعية جيدة في يومنا هذا ولكنها تواجه منافسة أكبر فأكبر على امتداد العالم. إن كل شركات صناعة السيارات تستعمل نفس الصلب ولها نفس آلات الثقب وتقريباً طرق انتاج متماثلة كما أن لها نفس تكاليف النقل. تقوم الشركات الصانعة للسيارات بتمييز أنفسها عن غيرها بمجموع من العوامل تتمثل في مدى جودة تصميمها لمنتجاتها ومدى ذكائها في استغلال التذية المرتدة من العملاء لتحسين منتجاتها وخدماتها ومدى سرعتها في تحسين عملياتها الانتاجية ومدى مهارتها في تسويق منتجاتها ومدى كفاءتها في التوزيع وفي إدارة مخزوناتها.. وكل هذه العمليات الغنية بالمعلومات تستفيد من العمليات الرقمية.

تتجلى قيمة النهج الرقمي بصفة خاصة في الأعمال المتركزة حول المعلومات مثل المصارف وشركات التأمين؛ ففي مجال المصارف نجد أن البيانات الخاصة بعلاقات العملاء وتحليل الاعتمادات هي في قلب العمل المصرفي وقد ظلت المصارف دائماً أكبر مستخدمي تقنية المعلومات في عصر الإنترنت، ولكن في عصر الإنترنت والتحرير المتزايد للأسواق المالية
[IMG]file:///C:\Users\user\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\c lip_image002.gif[/IMG]
التقييس على نطاق العالم صعب في أى عصر



لقد نمت أعمال مايكروسوفت نمواً سريعاً حقاً بمجرد شروعنا في التوسع دولياُ. وكنا قد عقدنا العزم على الانتقال إلى الأسواق العالمية مبكراً بقدر الإمكان وكانت المنشآت التابعة لنا في الخارج [أو توابعنا] تتمتع بقدرة كبيرة على الاضطلاع بالمشروعات. لقد كان لإعطائها حرية تسيير أعمالها وفقاً لما هو أفضل في كل بلد أمراً طيباً للعملاء ومربحاً لنا.. فكان أن نمت أعمالنا الدولية نمواَ حادا ًمن 41% إيرادات في عام 1986 إلى 55% في 1989.
اتسع نطاق استقلال الشركات التابعة لنا ليشمل تقاريرها المالية والتي كانت تأتينا في عدد من الصيغ المختلفة محكومة بعدد من ترتيبات الأعمال والقواعد الضريبية المحتلفة؛ فبعض توابعنا كانت تقدّم كشوف حسابهاعن المنتجات التي من شركتنا الانتاجية في إيرلندا بناءعلى تكلفتها، وأخرى كانت تستعمل نسبة من سعر المستهلك كتكلفة. كانت توابعنا تقوم بالتوفيق بين المبيعات الفعلية والأرباح بطرق مختلفة؛ فبعضها كانت تتلقي عمولة على المبيعات المباشرة لعملاء كصناع الحواسيب الذين يبيعون حواسيب شخصية في بلدانها، وبعضها كانت تقوم بتسهيل المبيعات المباشرة من الشركة الأم فكنا نسدد لها ما أنفقته على أساس التكلفة الإجمالية. لقد كانت تلك النماذج المالية المتعددة المختلفة تسبب لنا قدراًً كبيراً من الصداع.
كان علينا أنا وستيف بالمر، نائب المدير التنفيذي للمبيعات والدعم آنذاك، أن نكون متوقدي الذهن إلى حد كبير ونحن ننظر إلى الأرقام. كنا مثلاً ننظر إلى كشف من الكشوف المالية وإذا بـ(مايك براون)، رئيس قسمنا المالي آنذاك، يقول: "هاكم إحدى التوابع من فئة الأسلوب 6 مع تكلفة إجمالية على هذا أو ذاك " قاصداً بذلك أن تلك الكشوفات المالية مختلفة عن النماذج الخمسة الأخرى. وكان علينا أن نعيد حساب الأرقام الخاصة بتلك التابعة في رؤوسنا بأسرع ما نستطيع كى يتسنى لنا مقارنتها مع الأرقام الأخرى.
"ما زادنا ذلك علماً"، يقولها (مايك) ثم يقرر هو ومراقبنا المالي (جون آندرسون) الاستفادة من حقيقة أن الكل كان يستعمل سلفاً جداول البيانات الحاسوبية في إجراء أنواع التحليل الأخرى، فقاما بتصميم كشف مالي للأرباح والخسائر مبني على التكلفة لا يبين أى من الزيادات السعرية والعمولات التي تتم بين الشركات، ثم عرضا نظامهما الجديد عن طريق اليريد الإلكتروني على من يعنيهم الأمر فنالا قبولاً سريعاً عليه. كنا بعد ذلك عندما ننظر إلى الكشوف المالية لتوابعنا لا نلاقي كبير عناء في معرفة كيف كانت الأمور تسير بالفعل، لاسيما عندما نقوم بتدوير البيانات لنراها من عدة زوايا مختلفة. إن من الصعب المبالغة في وصف فائدة التمكن من مقارنة كل هذه البيانات حاسوبياً. وأحد الأوجه الهامة لهذه الفائدة هو أننا الآن نستطيع التحكم بسهولة على افتراضات أسعار تبادل العملات بأي زاوية من الزوايا بحيث يمكنك رؤية النتائج بتأثيرات أسعار تبادل العملات أو بدونها.
فيما بعد عندما كنا على استعداد لمركزة المعاملات الخاصة بمبيعاتنا في نظام واحد شامل للشركة كلها كنا قد اكتسبنا سلفا بعض الخبرة في هذا المضمار. إن كثيراً من الشركات تضيع وقتاً في تحديد الكيفية التي تريد بها تنظيم بياناتها المالية.. ولأننا كنا قد حسمناا ذلك سلفاً فقد بات بإمكاننا مركزة بيانات مبيعاتنا بقدر من السرعة والرخص أكبر بكثير من شركات عديدة.













































































































































































































































































































































































































































































































































افتراضا





















…………………………………………………………………………………………………………………………………… ………………………………………………..
علماً" كما يحب مايك أن يقول فقد قرر هو و مراقبنا المالي (جون) اأن يستفيدا من حقيقة أن الجميع كانوا يستعملون























كيف يتميز مصرفان بعضهما عن الأخر؟ هذا الأمر يعود لذكاء ما يتبعه البنك في تحليل الإعتمادات ومعالجة المخاطر وسرعة استجابته في علاقته بالعميل. إن الذكاء هو الذي يعطي هذا المصرف أو ذاك تفوقاً على غيره، كيف يتميز مصرفان بعضهما عن الأخر؟ هذا الأمر يعود لذكاء ما يتبعه البنك في تحليل الإعتمادات ومعالجة المخاطر وسرعة استجابته في علاقته بالعميل. إن الذكاء هو الذي يعطي هذا المصرف أو ذاك تفوقاً على غيره، وأنا لا أعني بذلك فقط المقدرات الفردية لموظفي المصرف وإنما أعني مقدرة المصرف الكلية التي بموجبها يستفيد المصرف من التفكير الأفضل لجميع عامليه.
في هذه الأيام ينبغي على نظم معلومات المصرف أن تقوم بأكثر من مجرد إدارة كميات ضخمة من البيانات المالية، فعليها تزويد خبراء إستراتيجية الأعمال التجارية ومسئولى القروض بمزيد من المعلومات عن العملاء كما عليها مساعدة العملاء أنفسهم للوصول للمعلومات بصورة مأمونة ودفع فواتيرهم مستعينين بالخطوط النظامية وذلك أثناء تعاون عمال المعرفة في المصرف على أداء أنشطة ذات قيمة أعلى. لم يعد إهتمام نظم المعلومات منصباً فقط على معالجة الأرقام وتصحيح مواضعها وانما استغلال المعلومات والإستفادة منها نيابة عن العميل. يقوم (كريستر بنك أوف ريتشموند) بفرجينيا بتقديم الخدمات المصرفية والقروض العقارية وخدمات تسديد الفواتير على الإنترنت وتقوم أجهزة الحاسبات والصرف الألية في المواقع البعيدة مثل مجمعات السوبرماركت والمحلات التجارية الضخمة بفتح الحسابات وتخصيص القروض للعملاء – كل ذلك عن طريق ربط العميل بالعمليات الخلفية عن طريق تدفق المعلومات الرقمي.
كنت أتحدث في مؤتمر طاولة مستديرة للمصارف بكندا مؤخراً ووجهت لي أسئلة حول استثمار المصارف في شبكات الإنترنت. إن لدى المصارف اليوم قواعد بيانات للعمليات الخلفية و تطبيقات للعاملين في خدمة العملاء على الهاتف ولأجهزة الصرف وللمصارف الفرعية. والآن يعملون جاهدين لإضافة أجهزة جديدة تقوم بتزويد العملاء بالبيانات عبر الإنترنت قائلين: "نحن لا نريد نتكبد التكلفة الإضافية والتعقيد اللذين تقتضيهما واجهة تطبيق آخر". قلت لهم إن الحل بسيط: فعليهم بناء واجهة تطبيق كبيرة للعملاء للاطلاع على البيانات عبر الإنترنت ومن ثم استخدام نفس الواجهة لأخذ البيانات داخلياً. سوف يكون لديهم مقدار صغير من البيانات الإضافية التي سيطلع عليها العاملون - والمتمثلة في بيانات العملاء وخلفياتهم حول التعاملات الأخيرة مع العملاء – إلا أن واجهة التطبيق ستظل على حالها. إذا نفذوا النظام الجديد على منصة برمجيات رئيسية يمكنهم استبدال كل الطرق المختلفة للنظر إلى البيانات. وبمرور الزمن عندما تبدي قاعدة اليانات الخلفية جدوى عملياً يمكنهم تطويرها لتناسب تقنية جديدة ولكن في غضون ذلك فإن واجهة التطبيق الخاصة بالإنترنت ستعمل على تبسيط حياتهم وليس تعقيدها أكثر.. وعندئذ "تصبح" واجهة التطبيق الجديدة هى المصرف داخلياً وخارجياً.

توظيف المعلومات

بعد إدخالق الجهاز ENIAC، وهو أول حاسوب معمم الأغراض، أثناء الحرب العالمية الثانية برهنت الحواسيب حثيثاً أنها أسرع وأدق من الناس في تطبيقات كثيرة كإدارة سجلات العملاء في المؤسسات الكبرى والتسيير الآلي لأى عملية ميكانيكية يمكن تجزءتها إلى خطوات متميزة متكررة. غير أن الحواسيب لم تكن تعمل بمستوى عالٍ. لقد كانت تساعد الناس ولكن ليس بطريقة ذكية. إن الأمر يحتاج إلى مقدرة ذهنية لفهم الجوانب الفيزيائية واستنباط الحسابات الخاصة بالمسارات القوسية لقذائف المدفعية أو الصواريخ الباليستية، بينما لا يتطلب سوى خادم بليد – الحاسوب- لإجراء تلك الحسابات في لحظة.
تحتاج الأعمال للقيام بنوع آخر من العمل أطلق عليه (ميشيل ديرتوزوس)، مدير معمل علوم الحاسوب بمعهد ماساشوستس للتقنية ((MIT ومؤلف "ما سوف يكون"، اسم "عمل المعلومات". إننا عادة ما نفكر في المعلومات – سواء كان مذكرة أو صورة أو تقريراً مالياً -على أنها ساكنة. ولكن ديرتيوزوس يرى بصورة مقنعة أن هنالك نوعاً نشطاً من المعلومات - "فعل" وليس اسم ساكن. إن العمل المعلوماتي هو "تحويل شكل المعلومة بواسطة العقل البشري أو البرامج الحاسوبية". يؤلف العمل المعلوماتي - سواء كان تصميم مبنى أو تفاوض على عقد أو إعداد استمارات الضرائب - أغلب المعلومات الحقيقية التي نتعامل بها وأغلب العمل المنفذ في الاقتصاديات المتطورة. يقول (ديرتوزوس) "إن الأنشطة الخاصة بالمعلومات تهيمن على مجال المعلومات". و يقدر أن العمل المعلوماتي يسهم بنسبة تتراوح من 50 إلى 60 بالمائة من االدخل القومي لأى قطر صناعي.
إن نظرة (ديرتوزوس) الثاقبة إلى المعلومات على أنها فعل هى نظرة متعمقة. لقد بدأت الحواسيب تسهم في العمل المعلوماتي عندما انتقلت من مجرد تحليل الأرقام إلى عمل نماذج محاكاة لمشاكل الأعمال. لقد ظلت حتى شركات التصنيع تنفق دائماً الكثير من طاقتها على معلومات حول العمل أكثر من العمل ذاته: معلومات حول تصميم المنتجات وتطويرها.. وحول الجدولة.. وحول التسويق والمبيعات والتوزيع.. وحول إصدار الفواتير والتمويل.. وحول النشاطات التعاونية مع البائعين.. وحول خدمة العملاء.
عندما أجلس مع مطوري البرامج في مايكروسوفت لمراجعة مواصفات المنتجات أومع القائمين على أقسام المنتجات لمراجعة خططهم للشغل ذات الثلاثة سنوات أو مع مجموعاتنا المكلفة بالمبيعات لاستعراض أدائهم المالي فإننا نتصدى للقضايا الصعبة.. بأن نناقش مقايضة [أوالتنازل عن] بعض سمات منتجاتنا مقابل الإسراع بطرح هذه المنتجات في الأسواق.. نفقات التسويق مقابل الإيرادات.. عدد العاملين مقابل مردودهم.. وهلم جراً. إننا نقوم من خلال الذكاء البشري والتعاون بتحويل المبيعات الساكنة وبيانات العميل والبيانات الديموغرافية إلى تصميم لمنتج أو برنامج.. إذن فالعمل المعلوماتي هو عمل فكري. وعندما يجد التفكير والتعاون مساعدة ذات بال من التقنية الحاسوبية فإنك تكون قد حصلت على نظام عصبي رقمي. ويتكون هذا النظام من الوسائل الرقمية المتقدمة التي يستخدمها عمال المعرفة لصنع قرارات أفضل.. للتفكير، والتصرف والتفاعل والتكيف. يقول (ديرتيوزوس) إن "سوق المعلومات" المستقبلي سوف يقتضي "برمجيات مخصوصة كثيرة وتجميعات متلاحمة تلاحماً دقيقاً بين عمل اإنسان والألة " – وهذا، لعمري، وصف ممتاز لنظام عصبي رقمي أثناء عمله.

الحصول على الأرقام بسهولة

ينبغي للقيام بعمل معلوماتي أن يكون للعاملين بالشركة وصول فوري إلى المعلومات. غير أننا تعودنا حتى وقت قريب على الإعتقاد بوجوب حجز "الأرقام" لكبار التنفيذيين. وربما لايزال هناك القليل من التنفيديين راغبين في حجز المعلومات لديهم بغرض السرية أما في أغلب الحالات فقد ظل الوصول إلى المعلومات مقصوراًً لمجرد أن الحصول عليها كان صعباً؛ فتداول المعلوات كان يستغرق وقتاً وجهداً ومالاً. إن الأمر كما لو أن أفكارنا الجامدة لا زالت تعود القهقري إلى الأيام التي كان هناك فيها هذا الكم الكبير من العمل الناجم من الحاجة لكتابة برنامج مخصوص كلما أراد أحدهم أن يرى الأرقام بطريقة جديدة. لقد كان استخلاص البيانات من حاسوب كبير أمراً مكلفاً جداً وكانت محاولة مضاهاة البيانات تستغرق جهداً ضخماً بحيث كان الأمر يقتضي منك أن تكون على الأقل نائباً لرئيس الشركة كى يتسنى لك أن تطلب تنفيذ ذلك العمل. وحتى في تلك الحالة كانت المعلومات أحياناً غير منسجمة مع بعضها أو غير مستحدثة بحيث كان لا مفر لك من أن تستدعي نواب الرئيس من مختلف الإدارات لاجتماعات عالية المستوى جالبين معهم بياناتهم المختلفة! لقد كانت الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها المدير التنفيذي لشركة جونسون آند جونسون، رالف لارسون، الحصول على بيانات عن أي من شركات جونسون آند جونسون في أواخر الثمانييات على سبيل المثال هى أن يطلب من الإدارة المالية إعداد تقرير خاص.. وكما سنرى في الفصل الثامن عشر فإن الأمور باتت مختلفة الآن في شركة جونسون آند جونسون.
يمكنك في شبكات حواسيب اليوم إستعادة البيانات وتقديمهابسهولة وبتكلفة زهيدة. ويمكنك الغوص في البيانات لأدنى مستوى من التفاصيل وتحويرها لتراها في أبعاد مختلفة. ويمكنك تبادل المعلومات والأفكار مع الناس الآخرين. ويمكنك دمج أفكار وأعمال عدة أشخاص أو فُرق للخروج بنتيجة جد مدروسة ومنسقة. نريد أن نزيح من الأذهان الاعتقاد المترسخ بأن الحصول على المعلومات وتداولها أمر صعب ومكلف. وإنه لمن الحصافة الجوهرية أن تجعل كل بيانات شركتك - من الألف إلى الياء -في متناول كل فرد يمكنه الاستفادة منها.
يحتاج مدراء الشركة المتوسطون والعاملون العاديون، وليس كبار مسؤوليها التنفيذيين فحسب" إلى رؤية بيانات الأعمال. إنه لمن المهم لي كمدير تنفيذي أن أفهم كيف تسير الأمور في الشركة على امتداد الأقاليم أو خطوط الإنتاج أو شرائح العملاء وإنه لفخري أن أتصدر هذه الأشياء. غير أن المدراء على المستوى المتوسط بكل شركة هم مَن يحتاج لفهم أين تكمن أرباحهم وخسائرهم ونوع البرامج التسويقية التي يجدونها من عدمها وأي النفقات سيتكلفون. إنهم في الواقع هم من يحتاجون لبيانات دقيقة وعملية لأنهم الأفراد الذين عليهم العمل. يحتاجون لتدفق فوري ثابت واستعراض ثر للمعلومات المناسبة. هؤلاء الموظفون ليس عليهم أن ينتظروا مجئ المعلومات إليهم من الإدارة العليا. إن على الشركات أن تهدر وقتاً أقل في حماية البيانات المالية من الموظفين ووقت أكثر في تعليمهم تحليل البيانات والعمل عليها.
بالطبع ستعمل كل شركة على أن تضع في موضع ما حداً لإمكانية الوصول إلى بياناتها. إن كل شركة تحتفظ بمرتباتها كسر من الأسرار، غير أنني عموماً اؤمن بضرورة اتخاذ سياسة جد مفتوحة بشأن المعلومات. هناك قيمة بالغة لجعل كل فرد ذي صلة بمنتوج ما، بمن فيهم أصغر فرد من أفراد فريق، أن يفهم سجل المنتوج وتسعيره ووكيفية سير البيع حول العالم وبين شرائح العملاء. إن قيمة أن تجعل كل فرد يحصل على الصورة الكاملة وأن تأمن كل شخص عليها تفوق كثيراً المخاطرة المرتبطة بذلك.
في عديد من الشركات يمكن أن يكون مدراء المستوى المتوسط غارقين في خضم المشاكل اليومية بدون أن تكون لديهم معلومات تساعدهم على حلها. ولربما كان لديهم كم هائل من البيانات أمامهم – وبالتحديد كم هائل من التقارير الورقية – يصعب تحليلها أو مضاهاتها بالبيانات في التقارير الأخرى. إن من علامات النظام العصبي الرقمي الجيدة تعزيز سلطة المدراء ذوي المستوى المتوسط عن طريق تدفق معلومات عملية محددة. وعليهم رؤية أرقام مبيعاتهم وتفاصيل نفقاتهم وتكاليف البائعيين والمقاولين وحالة المشاريع الكبرىمبينة على الخط الإلكتروني في شكل يحفِّز على التحليل علاوة على التنسيق مع العاملين الآخرين. إن النظم إخطارهم بالتطورات غير العادية وفقاً للمعايير المعدة لذات الغرض. على سبيل المثال: في حالة خروج بند إنفاق من الخط الإلكتروني الإنتاجي فإن الأمر لا يحتاج إلى مراقبة النشاط الإنفاقي العادي. هذه القدرات متوفرة لدى شركات قليلة ولكنني في غاية التعجب من استخدام قليل من الشركات لتقنية المعلومات بغرض الإفادة الجيدة لمدرائهم العاملين بخط الإنتاج مع تجنيبهم المراجعة الروتينية.
إنه ليدهشني أن أرى المسار المتعرج الذي كثيراً ما تتخذه معلومات حيوية عبر عديد من الشركات الـ 500 في قائمة [مجلة] فورتشن. إنني لمحظوظ لتمكني من أن أرسل بالبريد الإلكتروني ملخصاً لأحدث البيانات إلى كبار المدراء وأن أدعهم يغوصون فيها. وفي شركة ماكدونالدز كان لا بد لبيانات المبيعات أن تتداولها، حتى وقت قريب، كثير من الأيدي عدة مرات قبل إرسالها لمن يحتاجون إليها، أما اليوم فإن شركة ماكدونالدز على وشك أن تقوم بإدخال نظام معلومات جديد يستخدم الحواسيب الشخصية وتقنيات شبكة الإنترنت لرصد المبيعات في جميع مطاعمها في الوقت الحقيقي. فبمجرد طلبك وجبتين من الصنف "هابي ميلز" سيعلم مدير تسويق ماكدونالدز بذلك على الفور . وبدلاً من البيانات السطحية أو الخيالية فستكون أمام مسؤول التسويق هذا بيانات فعلية لمتابعة الاتجاهات.
كما سنرى في وصف رد فعل مايكروسوفت للإنترنت هناك علامة أخرى لجهاز عصبي رقمي جيد ألا وهى عدد الأفكار الجيدة التي تترى من مدراء خطوط الانتاج وعمال المعرفة. إن الناس عندما يستطيعون تحليل بيانات ملموسة فإنه يأتون بأفكار محددة الكيفية التي يعملون بها الأشياء على نحو أفضل- ويتم محاسبتهم بشأن ذلك أيضاً.
يحب الناس معرفة فائدة شئ يقومون بتنفيذه. وهم يستمتعون باستعمال التقنية التي تشجعهم على تقييم النظريات المختلفة عما يحدث في أسواقهم.. إنهم يحصلون على نشوة كبيرة من إجراء تحليلات "ماذا يحدث إذا" . الناس حقاً يحبون المعلومات وإنها لدافع كبير.
هنالك علامة أخيرة لأي نظام عصبي رقمي جيد هي كيفية تركيز إجتماعاتك المباشرة وما إذا كانت هناك خطوات عملية محددة ناتجة عنها. يرى الطيارون أن حالات الهبوط الجيد ماهي إلا حصيلة وسائل جيدة. كذلك فإن الاجتماعات الجيدة حصيلة إعداد جيد لها. يجب ألا تُستغل الإجتماعات على نحو أساسي لتقديم المعلومات. فمن الأكفأ والأجدر استخدام البريد الإلكتروني لكي يستطيع الناس تحليل البيانات على نحو مسبق ومن ثم دخول الاجتماعات وهم مستعدون لإتخاذ التوصيات الإجرائية والإنشغال في نقاش عملي مثمر. الشركات التي تعمل جاهدة مع الكثير من الاجتماعات غير المثمرة والكثير من الأوراق لا تفقد الطاقة والعقول. والبيانات التي تحتاجها قائمة في مكان ما بالشركة بشكل ما. ولكنهم فقط لايستطيعون الحصول على البيانات على الفور من العديد من المصادر وعلى القدرة على تحليلها من جوانب ورؤى متعددة.
لقد قال الفريد سلون رئيس شركة جنرال موتورز أنه بدون الحقائق من الصعوبة وضع سياسة سليمة موضع التنفيذ. وإنني متفاءل تماماً بحيث اعتقد أن بوسعك إذا كان لديك حقائق سليمة أن تضع سياسة سليمة موضع التنفيذ. وقد قام سلوان بذلك عدة مرات. إننا وفق ما نشهده اليوم من خطى التغيير في مجال الأعمال نحتاج أكثر من ذي قبل لأن ندبر بقوة الحقائق.
ما أصفه هنا هو مستوى جديد من تحليل المعلومات يتيح لعمال المعرفة أ ن يحيلوا بيانات جامدة إلى معلومات نشطة- ما يسميه (مايكل ديرتوزوس) ب "المعلومات كفعل". إن من شأن نظام عصبي رقمي أن ينيح لشركة القيام بالعمل المعلوماتي على نحو أكفأ وأعمق وأبدع بكثير.

دروس في الأعمال

q تدفق المعلومات هو المفاضل الأساسي بين الأعمال في العصر الرقمي.
q معظم العمل في كل الأعمال هو "عمل معلوماتي" وهو مصطلح صاغه (مايكل ديرتوزوس) لوصف التفكير البشري المطبق على البيانات لحل مشكلة ما.
q يجتاج المدراء المتوسطون إلى نفس كمية البيانات التي يحتاجها كبار التنفيذيين ولكنهم في الغالب يحصلون على أقل من ذلك.
q الإجتماعات غير المثمرة أوتلك المرتبطة غالباً بآخر البيانات عن حالة الأعمال هى علامات على ضعف تدفق المعلومات.

تشخيص نظامك العصبي الرقميي

q هل عندك التدفق المعلوماتي الذي يتيح لك الإجابة على لأسئلة الصعبة عما يعتقده عملاؤك وشركاؤك عن منتجاتك وخدماتك.. وما هي الأسواق التي تخسرها ولماذا.. وما هى مزيتك التنافسية الحقيقية؟
qهل تقتصر أنظمة معلوماتك على تحليل الأرقام فحسب في الغرفة الخلفية أم أنها تساهم في حل مشاكل العملاء مباشرة؟


(*) هم العاملون الذين مهمتهم الأساسية تحليل المعلومات ومعالجتها. تستطيع الحواسيب الشخصية تحويل مزيد من العامليين إلى عمال معرفة بإعطائهم معلومات أفضل عن العمليات التي ينفذونها.

(**)Auto PC، وهو جهاز حاسوب شخصـي للمركبات الآلية يتيح الحصـول على البريد الإلكتروني
والرسائل الصوتية والمكالمات الهاتفية وتعليمات الإبحار وما شابهها من الوظائف. ويكون التخاطب معه بواسطة الأوامر الصوتية أساساً حتى يتمكن السائقون من إبقاء أيديهم على المقود وتركيز انتباههم على حركة المرور.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الأعمال, الخاطرة, بدأ, بسرعة, حدثَ


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع بيل جيتس الأعمال بسرعة الخاطرة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كن ذا أثرٍ حيثُ حللت صابرة الملتقى العام 0 05-16-2016 07:15 AM
هذا ما حدثَ عندَ صلاة الفجر صابرة شذرات إسلامية 0 06-12-2015 07:47 AM
تحدد حاجة الدماغ إلى الأكسجين المدة القصوى التي يمكن للإنسان أن يحبس فيها نَفَسَه Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 06-23-2013 10:10 AM
فن كتابة الخاطرة... د/عبدالله الشمراني أخبار ومختارات أدبية 3 02-21-2013 11:14 AM
بيل جيتس ..مهارات وأفكار لن تتعلموها فى المدارس Eng.Jordan الملتقى العام 0 01-22-2013 10:35 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 11:48 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59