#1  
قديم 11-11-2012, 01:51 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي الترجمــة المنظورة طرائقها وأساليبها، واستخدامها لتعزيز مهارات الترجمة


د/ ســعدية الأمين

كليـة اللغات والترجمـة - جامعــة الملك ســـعود





مقدمـة.

بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة بفعل ثورة الاتصالات والمعلومات، ازداد استخدام الترجمة وسيلة للتواصل بين من يتحدثون لغات مختلفة. فقد كثرت اللقاءات الدولية من اجتماعات وندوات ومجالس ومؤتمرات، يجتمع فيها أهل الاختصاص من شتّى بلدان العالم وشعوبه، لا يفصل بينهم سوى حاجز اللغة الذي يمنعهم من التخاطب والتحاور, فيتجهون إلى المترجم لـكسر هذا الحاجز حتى تتم عملية التواصل.

ومع تنامي الحاجة إلى الترجمة والمترجمين، ازدادت كذلك أنواع الترجمة و تعددت تفرعاتها. فبعد أن كانت، حتى عهد قريب، إما تحريرية وإما شفوية، أصبحت للتحريرية فروعها، كالقانونية والصحافية والأدبية والعلمية... وغيرها، بينما تفرعت الشفوية إلى التتبعية والفورية والمنظورة.

يركز هذا المقال على هذه النوعية الأخيرة، وهي الترجمة المنظورة، فيتناولها من الناحيتين النظرية والتطبيقية. غير أن التركيز على ترجمة متخصصة كهذه، متفرعة أصلا من النوعين الرئيسين، أي التحريرية والشفوية، لا بد أن يمّر عبر التعريف بثوابت المجال الأصل، أي الترجمة عموما، ثم الخصائص التي يتسم بها كل من الفرعين، حتى يخلص إلى السمات التي تنفرد بها المنظورة فتميزها عن بقية الترجمات الأخرى.

ففي الآونة الأخيرة تبلورت المنظورة كنوع من الترجمة السريعة التي تناسب سرعة تدفق المعلومات وتبادلها في القرية الصغيرة. فالمتلقي, بينما هو في اجتماع أو لقاء حقيقي أو افتراضي، عندما يرد إليه نص مكتوب بلغة لا يعرفها، يطلب من المترجم أن يفسر له النص على الفور باللغة التي يفهمها، أو يقرأه عليه بتلك اللغة. وهكذا يكون على المترجم أن يقرأ النص المكتوب باللغة المصدر فيفهمه على جناح السرعة، فينقل محتواه شفويا في الحين واللحظة باللغة الهدف.

ولما زاد الطلب على الترجمة المنظورة، بدأت أقسام الترجمة في الجامعات والمدارس المهنية تدرجها ضمن مناهجها إما بهدف إعداد طالب الترجمة التحريرية ليؤديها بكفاءة عند تخرجه، أو لتهيئة هذا الطالب للانتقال لدراسة الترجمة الشفوية. ولكن، لأن المنظورة هجين من التحريرية والشفوية، فإنها لم تحظ بدراسات تفرد لها بصفة خاصة، بل من النادر أن يوجد لها تعريف منفصل أو تقديم موجز حتى في الكتابات الرئيسة التي صدرت حديثا حول الترجمة.

يطمح هذا المقال لسد هذه الفجوة، فيستخلص مبادئ الترجمة المنظورة وقواعدها من أدبيات الترجمات الأخرى، وأيضا من واقع تدريسها لطالبات قسم الترجمة الانجليزية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود بالرياض، لمدة تتجاوز الخمس سنوات، فيضع هذه المبادئ والقواعد في قالب يرجى أن يستدل به أستاذ الترجمة حينما يسند إليه تدريس هذه المادة لكي يتمكن طلابه من تأديتها بكفاءة أو ليتحسن أداؤهم في الترجمات الأخرى بتعزيز مهارات القراءة والفهم السريعين، أو لكي يستخدم هذه الترجمة وسيلة للكشف المبكر عن مواطن الضعف لدى الطالب، حتى تكون أيضا وسيلة للتدخل العلاجي السريع.

عملية الترجمة: خطواتها ومتطلباتها.

الترجمة، بصورة عامة، "هي التعبير بلغة الهدف عن معنى تم التعبير عنه في نص بلغة المصدر، مع الإبقاء على السمات الدلالية والأسلوبية للنص" (1 ص3). والترجمة في الأساس عملية تواصل ثنائي اللغة، يلجأ إليها المشتركون في عملية التواصل، أي المرسل والمتلقي، اللذان لا يستخدمان ذات اللغة. هنا، يتوسط المترجم الطرفين، فيتلقى النص من المرسل باللغة التي يستخدمها وهي لغة المصدر، وبعد أن يفهم النص ويستخلص معناه، يصوغ هذا المعنى في اللغة التي يعرفها المتلقي، فينتج نصا بلغة الهدف يحمل ما كان المرسل قد عبر عنه في النص المصدر.

إذاً فالترجمة لا تتم بطريقة آلية يقفز فيها المترجم مباشرة من لغة إلى أخرى، وإنما هي عملية متدرجة متكاملة تتم في خطوات متداخلة، وفي بعض الأحيان متزامنة.

1- خطوات الترجمة:

خطوات الترجمة، كما تقول النظرية التفسيرية (2 ص 112) ثلاث، وهي:

1) فهم النص المصدر.

2) استخلاص معناه.

3) إعادة التعبير عن المعنى بلغة الهدف.

في الخطوة الأولى، أي الفهم والاستيعاب، يتلقى المترجم النص المصدر فيقوم بتحليله لمعرفة ما يرمي إليه المرسل أو ما يريد تبليغه للمتلقي. هنا، يوظف المترجم كل ما يملك من معارف تخص اللغة المصدر، أو تخص موضوع النص سواء كان متخصصا أو عاماً، علميا، تقنيا، أو ثقافيا. كذلك يستعين بما يلزم من الوسائل المتاحة لكي يتوصل إلى المعني كاملا، فيستخدم القواميس و يرجع للموسوعات ويدخل إلى الشبكة النسيجية، كما يستفيد من سياق النص وملابسات إصداره وتلقيه.

أما الخطوة الثانية، وهي استخلاص المعني، فهي مرحلة وسيطة بين الخطوتين الرئيستين، أي الفهم والصياغة، ولكنها حلقة وصل مهمة لإنجاح عملية الترجمة. في هذه المرحلة فإن المعنى الذي يستخرج في أعقاب تحليل النص المصدر، يتم تحريره من سيطرة رموز اللغة المصدر عن طريق تحويله إلى "صورة ذهنية دلالية غير مرتبطة بالرموز اللغوية" ( 1 ص 21)، يتخذها المترجم نقطة انطلاق للخطوة النهائية وهي التعبير في اللغة الأخرى. و الهدف من استخلاص المعنى بهذه الطريقة هو أن المترجم عندما يعبر باللغة الهدف انطلاقا من الصورة الذهنية الدلالية، يكون في وضع مشابه لتعبير المرء عن أفكاره بطريقة حرة، فيخرج النص الهدف سليما وسلسا ، لا تشـوبه شوائب التداخل اللغوي الذي تتسم به غالبا النصوص المترجمة، أو بعبارة أدقّ، النصوص رديئة الترجمة.

في المرحلة النهائية، وهي مرحلة الصياغة، فإن المترجم يعيد للصورة الذهنية الدلالية شكلا لغويا ولكن هذه المرة بلغة الهدف، فيعبر عن المعنى "بالطريقة التي قصد الكاتب أن يعبر بها في نصه" (3 ص 5)، ساعيا لأن يكون الناتج نصا تلقائي التعبير، يمكن للمتلقي أن يفهمه ويستوعب معناه.

ما هي الشروط التي لا بدّ أن تتوافر لدى المترجم لكي يقوم بهذه المهمة؟ كيف يمكنه أن يفهم ما يرمي إليه المرسل في نصه بلغة المصدر، ثمّ يصوغه باللغة التي يفهمها المتلقي؟ بعبارة أخرى، ما هي متطلبات الترجمة؟

2- متطلبات الترجمة:

يتطلب القيام بعملية الترجمة مجموعة من المعارف والمهارات يمكن تلخيصها كما يلي (4 ص3):

أ. معرفة لغة المصدر،

ب. معرفة لغة الهدف،

ج. الإلمام بموضوع النص،

د. مهارة النقل إلى اللغة الأخرى.

أ‌. معرفة لغة المصدر

لغة المصدر عادة لغة أجنبية، وذلك لأن القاعدة في الترجمة هي أن تتم باتجاه لغة الأم، أو على الأقل إلى اللغة التي اعتاد المترجم على استعمالها (5 ص6). والأسباب التي تدعو إلى ذلك كثيرة، أهمها أنَ المرء يحسن التعبير بلغته التي اعتاد عليها منذ الصغر لأنه يعرف مفرداتها وتعبيراتها وقواعدها أساليبها واصطلاحاتها. هذه المعرفة الشاملة قد لا تتوفر عند استخدام اللغة الأجنبية. فقد يجيد المرء قواعد اللغة الأجنبية ومفرداتها العامة وكذلك المتخصصة، "وربما استطاع أن يكوّن جملا شبيهة بالتي يكوّنها متحدث اللغة، ولكنه قد يلاقي صعوبة في ربط هذه الجمل لتكوين نص تلقائي أصلي"(6 ص 17). يضاف إلى ذلك مشكلة العبارات المجازية والاصطلاحية التي يمثل فهمها، ناهيك عن استعمالها بصورة صحيحة، مشكلة لمن يستخدم لغة أجنبية. فالنصوص التي تطرح للترجمة مليئة بمثل هذه القوالب اللغوية الجامدة في شكلها، الثابتة في معناها، وإذا كان على المترجم أن يصوغ النص الهدف مثلما كان الكاتب قد صاغ النص المصدر، وجب عليه أن يقابلها بعبارات اصطلاحية. ولكن، بما أنه "يندر أن يرقى متحدث اللغة الأجنبية إلى مستوى الإتقان الذي يتمتع به متحدث تلك اللغة في ما يختص باستعمال التعبيرات الاصطلاحية والمجازية والتصرف فيها (7 ص 64)، فإن الأفضل للمترجم أن ينقل إلى لغته، وليس إلى اللغة الأجنبية.

كذلك فإنَ لمتحدث اللغة إحساس معين بلغته (3 ص 5)، فيعلم أنَ لكل مقام مقال وأن لكل حدث حديث، فهو يفرّق بين المستويات المختلفة للغة فينتقي الرسمية منها للمناسبات الرسمية بينما يستخدم اللغة العامية في التواصل مع أقرانه وأصدقائه وأسرته، فلا يكتب لصديقه مثلا "بالإشارة إلى خطابكم بتأريخ ..."، كما لا يخاطب الوزير قائلا "اسمع أنت ...". فمتحدث اللغة يستطيع أن يعبر عن ما لديه من أفكار بالطريقة المناسبة المألوفة المقبولة لدى مجتمع اللغة، فيفهمه من يستمع لحديثه أو يقرأ ما كتب بطريقة تلقائية عادية. إذا كان هذا الأمر ينطبق على التعبير الحر عندما يتحدث المرء عن أفكاره بالأسلوب الذي يختاره عن موضوع يعرفه، ، فإنه بالأحرى ينطبق على عملية الترجمة التي يتعين فيها على المترجم أن يعبر عن "أفكار شخص آخر وافتراضاته وطريقة تفكيره وأولوياته وأهدافه" (8 ص 2)، حول موضوع قد لا يعنيه وقد لا يعرف عنه الكثير، وبعد أن يكون صاحب الفكرة قد صاغها في النص المصدر بالطريقة التي يراها مناسبة. ولذلك فإن مهمة التعبير في الترجمة تفوق في صعوبتها صياغة المرء لأفكاره كتابة كانت أم شفاهة، مما يدعم حجة أن يكون اتجاه الترجمة نحو لغة الأم، فتنزاح عن كاهل المترجم، ولو كان ذلك جزئيا، صعوبات إيجاد اللفظ الصحيح وانتقاء الأسلوب المناسب، بلا تردد أو تشكك.

إذن فالمترجم ينقل عن اللغة الأجنبية، يتلقى بها النصوص التي تحوي المعاني والأفكار التي يريد المرسل أن ينقلها للمتلقي. يحتاج المترجم أن يعرف مفردات هذه اللغة، وقواعدها وتراكيبها وعباراتها لدرجة تمكنه من فهم ما يصدر بها من نصوص، أي أن تكون معرفته نصوصية (6 ص 7)، لا تقف عند حد الكلمات المفردة، ولا الجمل ولا حتى الفقرات المفردة، إنما تتعداها لتصل إلى فهم النص كوحدة متكاملة لها معنى يريد المرسل أن يبلغه للمتلقي. فالمعرفة النصوصية هي التي تعين المترجم على فهم النص حتى عندما يواجه مفردات أو عبارات يراها لأول مرة. على سبيل المثال، في أحد نصوص المنظورة وردت كلمة gerontology في العبارة الآتية:

The Centre for the Study of Ageing and the National University of Singapore’s Gerontology Research Programme

هذا المصطلح gerontology يأتي في السياق مع مصطلح ageing وبالتالي لا بدّ أن تكون له علاقة به. فهو كعلم لا يتوقع أن يخص الشباب أو الموضة أو سباق السيارات، مثلا، بل يتعلق غالبا بالشيخوخة. فالمترجم ليس مطالبا بمعرفة كل مفردات اللغة الأجنبية، بل ليس من المتوقع أن يعرف كل مفردات لغته، ولكن المتوقع هو أن لا تشكل المفردات التي لا يعرفها عائقا يمنعه من فهم النص. فإذا كانت المعرفة نصوصية فإنها تسمح باستنباط المعنى من السياق.

ومقدرة المترجم على فهم النصوص لا بدّ أن تكون عميقة لدرجة "مماثلة لمعرفة المتعلمين من متحدثي تلك اللغة" (9 ص 79). فالمترجم عندما يتلقى النص بالغة الأجنبية يجب أن يفهمه تماما كما يفهمه متحدث تلك اللغة، ذلك لأن عليه أن ينقل معنى النص كاملا إلى النص الهدف الذي يفترض أن يحصل منه متلقي الترجمة على ذات المحتوى الذي حصل عليه متلقي النص بلغة المصدر. ولكي يتم فهم النصوص بهذه الطريقة، يلزم المترجم أن يدعم معرفته اللغوية بمعارف إضافية لا غنى عنها لمن يريد أن يتقن اللغة الأجنبية.

في مقدمة هذه المعارف الإضافية تأتي معرفة الجوانب الثقافية التي تتعلق بحياة مجتمع اللغة وعادات أفراده وتقاليدهم ومعتقداتهم ومؤسساتهم وموروثاتهم وفنونهم ...الخ. هذه الجوانب تمثل المعرفة العامة التي يشترك فيها متحدثو اللغة حتى أنه عندما ترد الإشارة إلى أي منها في النصوص، فإن الكاتب أو المتحدث لا يضطر إلى تعريفها أو شرحها إذ يعلم أنها معروفة لدى أفراد المجتمع اللغوي. فالاختصار الآتي ورد في نص من الصحيفة البريطانية The Daily Mail

Yesterday, Gemma was named GCSE student of the year …

ولم ترفق الصحيفة الاختصار بأي توضيح يعين القارئ على معرفة ما اختيرت له هذه الفتاة لذلك العام. فإذا لم يكن المترجم، مثله مثل القارئ البريطاني، على علم بهذه المؤسسة التعليمية، وهي "الثانوية العامة " أو "التوجيهي"، تلك الامتحانات التي تشكل هاجسا لكل أسر الطلاب في بريطانيا، فإنه لن يتلقى المعنى ولن يوصله لمتلقي الترجمة.

وثمة مثال آخر على أهمية الإلمام بالجوانب الثقافية التي تتم الإشارة إليها في النصوص من غير شرح أو توضيح، وهو مأخوذ من نص يتعلق هذه المرة بالسينما والأفلام. فالمقال يتحدث عن أول تجربة لزراعة أجزاء من الوجه البشري قام بها أطباء فرنسيون وعنوانه بالخط العريض Real Life Face-off بالنسبة للطالبات اللائي شاهدن الفيلم الشهير Face-off كان فهم العنوان سهلا وميسورا مما أتاح ترجمته بعبارات مثل : زراعة الوجه أصبحت حقيقة ، أو زراعة الوجه على أرض الواقع، أو لم تعد خيالا ... الخ. أما اللائي لا يعرفن شيئا عن الفيلم فقد أخفقن في فهم العنوان وبالتالي في إيجاد المقابل المناسب له لأن الاعتماد كان على الشكل اللغوي فقط. ولأن هذا النوع من المعرفة مهم بالنسبة للمترجم فإن المدارس العالمية الكبرى لإعداد المترجمين "تنصح" الدارسين بأن يمضوا، على الأقل، عاما دراسيا في بلد اللغة الأجنبية (10 ص 7) حتى يتعرفوا على أوجه " الحياة " فيها.

ب‌. معرفـة اللـغة الـهدف.

اللغة الهدف، كما ذكر آنفا، هي لغة الأم أو (اللغة التي درج المترجم على استخدامها بصورة دائمة طوال حياته، والتي تعلمها بصورة تلقائية في صغره(11 ص 35). ولأنه يستخدم هذه اللغة لإعادة التعبير عن المعنى، فإنَ معرفته لها لا يكفي أن تكون فقط كامنة كما هو الحال بالنسبة للغة المصدر، إنما يجب أن تكون فاعلة تسمح له بالتعبير وإنتاج النصوص. أما المدى الذي يجب أن تبلغه هذه المعرفة الفاعلة فهو الإتقان التام الذي يؤهل المترجم ليس لكي يعبر عن أفكاره هو فحسب، بل أن يجيد صياغة أفكار الآخرين بعد أن يكونوا قد عبروا عنها بلغة أخرى. يقتضي ذلك أن يكون للمترجم "مخزون لغوي هائل يسعفه ليجد اللفظ المناسب بالسرعة المطلوبة من غير أن يتردد أو يتشكك في صحة انتقائه للمفردات لحل ما يواجه من مشكلات في الترجمة "(11 ص 37).

ولا بدّ لهذا المخزون اللغوي الهائل أن يغطي كافة احتياجات التعبير، وأهمها، كما ورد ذكره، العبارات المجازية والاصطلاحية. فعندما يلاقي المترجم مثل هذه العبارات في النص المصدر فإنه من المفترض أن يترجمها بعبارات اصطلاحية " تقابلها في الشكل والمعنى، أو (إن لم يتيسر ذلك) تقابلها في المعنى وإن اختلفت عنها في الشكل" (7 ص 72). وإذا تعزر كل ذلك يمكنه أن يصوغ معنى العبارة الاصطلاحية بعبارة عادية ولكنها سليمة ومقبولة. مثلا، في أحد النصوص وردت العبارة الآتية :

… researchers were surprised to find the reason the elderly gave was physical comfort, such as having a roof over their heads …

استطاعت العديد من الطالبات ترجمة هذه العبارة بعبارة تستخدم فيها كلمة سقف، مثل: أن يكون لهم سقفا يؤويهم ، أو سقفا يحميهم أو سقفا يقيهم البرد والهجير... وغيرها من العبارات المقبولة للأذن العربية. والبعض الآخر استطاع أن يجد عبارات صحيحة أخرى وإن اختلفت في الشكل، مثل: أن يكون لهم بيتا يعيشون فيه، أو بيتا يسكنونه أو مأوى...الخ . غير أن البعض"وقع في المحظور" وهو الترجمة الحرفية التي تأتي غالبا بعبارات غريبة وقد تكون مضحكة في بعض الأحيان، مثل "أن يكون لهم سقفا فوق رؤوسهم" ، أو "أن يكون لهم سقفا في البيت" ...

على كل، ينبغي أن يكون المترجم متمكنا من التعبير وأن يكون دائم الاستعداد لإيجاد العبارات التلقائية السليمة ليقابل بها العبارات الأجنبية. فالعبارات المسكوكة المتكررة يجب أن تجد على الفور ما يقابلها بالفعل، وليس أن تترجم حرفيا. مثلا: the golden rule لا يجب أن تصبح القانون الذهبي كما يرد في تمارين الترجمة، وإنما القاعدة الذهبية، the good news is … تترجم الخبر السارّ ، وليس الخبر الجيد، الخ.

كذلك ينبغي أن يكون المترجم متمكنا من انتقاء التعبير المناسب في الزمان والمكان المناسبين، أي أن يتخير لكل مقام مقال، فيعبر بطريقة رسمية في المناسبات الرسمية، وبأسلوب فني متخصص إذا كان يترجم لأهل الاختصاص، وبطريقة عامية مبسطة إذا كان النص موجها للعامة من غير المتعلمين أو المختصين. وهذا يقتضي على وجه الخصوص أن يعرف طيف مستويات اللغة بألوانه المختلفة: من اللغة زائدة الرسمية المستخدمة في المكاتبات إلى العامية الدارجة، ومن أكثرها تقنية وتخصصا إلى الشعبية المبسطة" (11 ص 37). مثلا في أحد التمارين وردت العبارة الآتية في نص من صحيفة Arab News عن مدارس أهلية في الدمام:

All passed the exam successfully with five students passing with merit

فجاءت الترجمة بالعبارة العامية: جميعهم عدّوا الاختبار بنجاح، بدلا عن اجتازوا الاختبار أو نجحوا فيه.

إضافة إلى ذلك فإن هذه المقدرة على التعبير لا بدّ أن تغطي مجالات العلم والصناعة والثقافة والتقنية وغيرها من الميادين الكثيرة المتعددة التي يمكن أن يطلب من المترجم العمل فيها. عندئذ عليه "أن يكتب أو يتحدث تماما كما يفعل كل مختص في مجال اختصاصه، المحامي والمهندس والطبيب والفني ...الخ (6 ص 84). في النص الذي يتحدث عن أول عملية لزراعة الوجه فإن العبارات :

The medical team included Professor Dubernard, a leading French surgeon who performed the world’s first hand transplant

فعبارة leading surgeon لا تترجم بالعربية "قائد الجراحة الفرنسية أو قائد الجراحين" كما ورد في إجابات الطالبات، إنما تقال باللغة الطبية، مثلا، كبير الجراحين ، كما أن العملية الجراحية لا "يعملها" الطبيب ولا "يؤديها" وإنما يجريها.

ج‌. الإلمام بموضوع النّص.

تأتي هذه المعرفة لتضاف إلى معرفة لغة المصدر حتى يتكون معنى النص المراد ترجمته. فالنصوص التي يتداولها أهل الاختصاص عندما يجتمعون لبحث أمر من الأمور هي بالضرورة نصوص متخصصة. وإذا أراد المترجم أن يتلقى المعنى الذي تحويه مثل هذه النصوص حتى يمكنه نقله إلى المتلقي باللغة الأخرى، وجب أن يكون لديه قدر كاف من المعرفة بالموضوع مهما كان متخصصا. وبالرغم من أنه ليس من المطلوب أن يرقى هذا القدر إلى مستوى معرفة المختصين، إلا أنه يجب على الأقل أن يكفي لفهم ما يقولون، فالمعرفة المطلوبة هي معرفة للفهم، وليس لكي يشترك المترجم في النقاش أو يدلي بدلوه في الموضوع. وإذا لم تتوفر هذه المعرفة فإن فهم المترجم يقف عند حد الرموز اللغوية التي لا تكشف له دوما عن المعنى المقصود في النص. فالمفردات عموما لا تحمل معنى واحدا محددا وإنما مجموعة من المعاني المحتملة، ومعرفة موضوع النص هي التي تبقي على المعنى المناسب و تستبعد ما سواه من معان، كما أنها تساعد على توقع ما يقوله أو يكتبه المشتركون في عملية التواصل المعنية. فمعرفة الموضوع تكون دائما مقرونة بالمصطلحات والتعابير المتخصصة المستخدمة في ذلك المجال. في المثال التالي من مقال عن السيدة الكينية التي حازت على جائزة نوبل:

When Wangari Maathai, a Kenyan known for her work in human rights and environmental conservation, including efforts to fight deforestation, ...

فإن كلمة conservation من الكلمات التي من التوقع أن ترد مع كلمة environment إذا كانت للقارئ أو المترجم المعرفة المناسبة بموضوع حماية البيئة، وفي هذه الحالة فإن قراءة الكلمة بصورة خاطئة conversation وترجمتها بكلمة محادثة يمكن تفادي وقوعه. فالكلمتان environment و conservation متلازمتان في مثل هذه المواضيع وينبغي توقع استعمالهما سويا.



د‌. مهارة النقل إلى اللغة الأخرى.

هذه المهارة تمثل بيت القصيد بالنسبة للكفاءة الترجمية، ففيها يتم توظيف كل المعارف السابق ذكرها وصهرها في بوتقة واحدة تمكّن المترجم من ربط خيط التواصل بين المرسل والمتلقي. وهذه هي المهارة التي تركز عليها برامج إعداد المترجمين في مدارس الترجمة وأقسامها بالجامعات بهدف إكسابها للطالب خلال دراسته حتى يمكنه نقل معنى النص بسلاسة للغة الأخرى. فبالإضافة إلى تعميق المعارف اللغوية والموضوعية وتعزيزها، يتم تعريف الطالب بتقنيات الترجمة وتدريبه على طرائقها المختلفة وعلى الاستفادة من الوسائل التقليدية والحديثة التي تعين على مواجهة صعوبات الترجمة ومشكلاتها.

غير أن هذه المبادئ العامة التي تمّ ذكرها هنا، من خطوات ومعارف مطلوبة، تأخذ شكلا مختلفا في كل من فرعي الترجمة الرئيسين. فخطوات الترجمة، خصوصا الأولى أي فهم النص المصدر والنهائية أو التعبير بلغة الهدف تختلف في الترجمة التحريرية عنها في الشفوية في مسماها أحيانا، وفي الترتيب الزمني لحدوثها أحيانا أخرى، كما تختلف في مدخلها ومخرجها.

في الترجمة التحريرية فإنَ الخطوة الأولى هي قراءة النص وفهمه، يتبعها استخلاص المعنى، ثمّ تحرير نص باللغة الهدف يعبر عن المعنى الذي تم استخلاصه من النص المصدر. في الترجمة الشفوية فإن الخطوة الأولى تسمى الإدراك السمعي للنص المصدر، ثم استخلاص معناه، فالتعبير شفويا وفورا عن المعنى بلغة الهدف. هذه الخطوات تحدث في نوعي الترجمة الشفوية (12 ص 5) إما متتابعة كما في التتبعية وفيها يستمع المترجم لجل ما يقوله المتحدث، أو على الأقل لجزء معتبر منه، ثم يقوم على الفور بإعادة بناء النص في اللغة الأخرى، مستعينا بالمذكرات أو النقاط التي استطاع تدوينها أثناء الاستماع، أومتزامنة كما هو الحال في الفورية وفيها يستمع المترجم لبداية ما يقوله المتحدث ثم يبدأ الترجمة ويستمر فيها بينما يواصل المتحدث حديثه بحيث تنتهي الترجمة متزامنة تقريبا مع نهاية ما يقال، فيستعين المترجم بالسماعة الخاصة التي تسمح له بالاستماع والتحدث في ذات الوقت.

كذلك، في الترجمة التحريرية فإن المدخل نص مكتوب بلغة المصدر، والمخرج نص مكتوب أيضا، ولكن بلغة الهدف. في الترجمة الشفوية يكون المدخل شفويا والمخرج أيضا تعبيرا شفويا. هذا الاختلاف يؤثر بدوره في المعارف والمهارات المطلوبة لكل ترجمة من الترجمات.

في التحريرية فإن أهم المتطلبات هي أن يجيد المترجم معرفة النوعية المكتوبة the written variety في كلا اللغتين حتى يمكنه فهم النصوص المكتوبة بلغة المصدر من ناحية، وإنتاج النصوص بلغة الهدف من ناحية أخرى. أما في الشفوية فإن النوعية التي يجب إجادتها في اللغتين هي النوعية المحكية the spoken variety ولكل من هاتين النوعيتين مهارات ومعارف لا بدّ منها. فالنص المكتوب يتم انتقاء أسلوبه بروية وتأن مما يجعله أكثر أناقة في الأسلوب، ولكنه أكثر صعوبة في الفهم. وعليه فإن تلقي النصوص المكتوبة أو إنتاجها يتطلب إتقان لغة الكتابة وأساليبها وتراكيبها.

أما استخدام اللغة المحكية للاستماع إلى ما يقوله الآخرون أو توجيه الحديث لهم فإنه يتطلب مهارات ومعارف أخرى، أهمها السرعة في التقاط ما يقال وفهمه وسرعة الرد عليه. فعلى نقيض ما يحدث في حال استخدام النوعية المكتوبة، حيث يظل النص موجودا يمكن معاودة قراءته حتى يتم فهمه، فإن اللغة المحكية تتبخر سريعا دون أن تترك وراءها أثرا يمكن الرجوع إليه. لذلك فإن على المترجم الشفوي أن يجيد فهم ما يقوله المتحدث بلغة المصدر حال صدوره، وأن يتقن التعبير شفويا بلغة الهدف حال سماع ما يقال. إضافة إلى ذلك فإن التعبير الشفوي الذي يوجهه المترجم إلى المتلقي يجب أن يكون سليما واضحا وتلقائيا، أي أن يتحدث المترجم مثل ما يفعل متحدثو اللغة عادة، حتى يمكن للمتلقي أن يفهمه في الحال. فالنص الهدف تماما كالنص المصدر يتبخر سريعا، ومتلقي الترجمة مثله مثل المتلقي في التواصل الشفوي العادي، يلزمه أن يفهم ما يقال في الحين واللحظة. هنا تظهر صفة الآنّية والسرعة التي تتطلبها الترجمة الشفوية في الفهم وفي التعبير، وهي صفات يمليها وجود المرسل والمتلقي في الموقع. فهذان لا يتحدثان ذات اللغة ولكنهما يريدان أن يتخاطبا مباشرة مستخدمان، بطبيعة الحال، النوعية المحكية من لغتيهما، و ينتظران من المترجم أن يعينهما في الحال على التخاطب و التواصل.

إذا كانت هذه هي السمات الأساسية للنوعين الرئيسين من الترجمة فأين تقف الترجمة المنظورة منهما؟ ولأي منهما تنتمي؟ وكيف ينطبق عليها تعريف الترجمة وخطواتها ومتطلباتها؟

الترجمة المنظورة:

المنظورة ترجمة شفوية لنص مكتوب حال الإطلاع عليه، بقليل من الإعداد والتحضير أو دون سابق تحضير. وتستخدم في اللقاءات متعددة اللغات، حينما يتلقى المشتركون في عملية تواصل ما، اجتماع أو لقاء أو مؤتمر..، يتلقون نصاَ مكتوباَ بلغة لا يعرفونها، كأن يتلقوا تقريرا أو بيانا أو رسالة أو مستندا ... الخ مكتوبة بلغة أخرى و يلزمهم الاطلاع على مضمونها في الحين واللحظة. عند ذلك يطلب من المترجم عادة أن "يقرأ" على المجتمعين أو "يشرح" لهم النص باللغة الأخرى.

والمنظورة نوعان ( 13 ص 287) : الترجمة من نظرة، وهي ما يسمى بالفرنسية traduction à vue ، والترجمة بالنظر traduction à l’oeil . في الترجمة من نظرة يتلقى المترجم النص بلغة المصدر ويأخذ برهة ليقرأه قراءة سريعة خاطفة فينقله على الفور بلغة الهدف. هذا النوع يماثل الترجمة التتبعية، غير أن النص المصدر هنا لا يستمع إليه المترجم كما في التتبعية، وإنما يقرأه قراءة سريعة. أما في الترجمة بالنظر فإن النص المكتوب بلغة المصدر يحال إلى المترجم الذي عليه أن يقرأه لأول مرة وينقله في ذات الوقت بلغة الهدف، ولذلك فهي تماثل الترجمة الفورية مع اختلاف أن النص المصدر فيها مكتوب ويظل أمام أعين المترجم. وعليه فإن الترجمة المنظورة تتميز بالسمات الآتية:

- أن النص المصدر مكتوب،

- أن النص الهدف شفوي،

- وأن عملية الترجمة تتم في الحين واللحظة، أي فور تلقي النص المراد ترجمته.

يتضح منذ البداية أن المنظورة هجين من الترجمتين الرئيستين: التحريرية والشفوية. فإذا كانت التحريرية، كما يوضح الشكل 1، تبدأ بنص مكتوب بلغة المصدر وتنتهي بنص مكتوب بلغة الهدف، فتتم باستخدام نوعية واحدة من نوعيات اللغة، وهي النوعية المكتوبة، بينما الشفوية تبدأ بحديث شفوي بلغة المصدر ونتاجها نص شفوي بلغة الهدف، أي أن النوعية المستخدمة فيها هي المحكية، فإن المنظورة، كما يوضح الشكل1، تبدأ بالنوعية المكتوبة وتنتهي بالنوعية المحكية.









شكل 1: موقع الترجمة المنظورة بين الترجمتين التحريرية والشفوية.



هذا الموقع الذي تتوسط فيه المنظورة بين الترجمتين يجعلها، كما سيرد لاحقا، تتطلب من المترجم مهارات ومعارف مزدوجة، تأتي من تلك المطلوبة للترجمة التحريرية ومن التي تلزم للترجمة الشفوية. كما أن المنظورة، من ناحية أسس وقواعد الترجمة، تخضع لتلك المنظمة لعملية الترجمة التحريرية في مرحلة القراءة والفهم، بينما تحكمها قواعد وأسس الترجمة الشفوية في المرحلة النهائية لعملية الترجمة، أي الصياغة.

تلزم الإشارة هنا إلى أهمية التفريق بين المنظورة كما تمَ تعريفها في هذا المقال وبين بعض الأساليب المهنية التي يلجأ إليها المترجمون التحريريون أحيانا. في بعض الأحيان يقوم المترجم بإملاء النص الهدف على مسئول الطباعة على الآلة الكاتبة، وذلك كسباَ للوقت. في هذه الحالة فإنّ الترجمة صدرت شفويا في انتظار أن تكتب لاحقا لتقرأ، وهذا يختلف عن الحال في المنظورة حيث يصدر النص الهدف شفويا ليسمعه المتلقي فيفهمه. فالمترجم التحريري أخذ بلا شك ما يكفيه من الوقت لفهم النص المصدر وصياغته بطريقة مناسبة في لغة الهدف، كما يمكن لمتلقي الترجمة أن يأخذ ما يكفيه من وقت لقراءة الترجمة وفهمها. أما في المنظورة فإن على المترجم أن يقرأ النص المصدر ويفهمه في الحال فيصوغ المعنى في اللغة الأخرى بطريقة تمكن المتلقي من فهم ما يسمعه على الفور أيضاّ، تماما مثلما يفهم الحديث الذي يوجه إليه مباشرة.

تختلف المنظورة أيضا عن الترجمة التحريرية الأولية عندما يطلب العميل أو مستخدم الترجمة ترجمة شفوية مختصرة تعطيه فكرة عن النص الذي أتى به حتى يقرر ما إذا كان يريد له ترجمة كاملة أم لا. في هذه الحالة فإن الترجمة عبارة عن مسودة مختصرة لا بدّ أن تخضع للمراجعة والتدقيق لاحقا. أما المنظورة فهي ترجمة كاملة لكل النص، لا يختصر منه شيئا. كما أنها، مثل بقية الترجمات الشفوية، نهائية، ما أن يصدرها المترجم حتى تصل إلى المتلقي، فلا يمكن استرجاعها أو مراجعتها أو تعديلها أو تحسين أسلوبها.

ما هي إذاً المعارف والمهارات التي لا بدّ أن تتوافر لدى مترجم المنظورة لكي ينجز مهمة أن يقرأ على المشتركين في عملية التواصل، الحاضرين معه في ذات المكان والزمان، أو يشرح لهم نصا مكتوبا بلغة أخرى، حال استلامه و قراءته أو بينما هو يقرأه؟

تتطلب المنظورة ذات المعارف والمهارات التي تلزم أحيانا للترجمة التحريرية، وأحيانا أخرى للترجمة الشفوية كما ورد ذكره أعلاه ، ولكنها تضفي عليها طابعا خاصا وأحيانا بعدا إضافيا. فمعرفة اللغة المصدر هي ذات المعرفة المطلوبة للترجمة التحريرية، وهي أن تكون لدى المترجم معرفة نصوصية بالعمق الذي ذكر، لتؤهله لقراءة النص المكتوب وفهمه. غير أن هذه المعرفة تبلغ في المنظورة بعدا أعمق، إذ ينبغي على المترجم ليس فقط أن يفهم النص بعد قراءته ربما بتأنٌ و لعدة مرات، مع إمكانية الاستعانة بالقاموس لاستخراج معنى ما يصعب من مفردات، بل يجب عليه أن يفهم النص بعد قراءته مرة واحدة سريعة، و في بعض الأحيان فهمه وهو يقرأه ويكتشفه لأول مرة. فوجود المتلقي في الموقع حاضرا أمام المترجم، ينتظر الترجمة في الحين واللحظة، يفرض عليه أن يفهم من اللمحة الأولى. وهنا تلتقي المنظورة مع الترجمات الشفوية التي يتعين فيها على المترجم أن يفهم فورا ما يقال عند سماعه له لأول مرة، سواء كان الاستماع للنص بكامله كما في التتبعية، أو جزءا فجزء كما في الفورية. يعني هذا أن يضيف مترجم المنظورة إلى معرفة المترجم التحريري العميقة للغة المصدر مهارة القراءة السريعة والفهم التلقائي تماما مثل ما يفهم المترجم الشفوي الحديث بهذه اللغة.

ولكن هناك ما يعين مترجم المنظورة على الفهم بهذه السرعة الفائقة، ألا وهو وجوده في الموقع مع المرسل والمتلقي ممّا يجعله تقريبا طرفا من أطراف التواصل، يتابع ما يطرح من مواضيع وما يدور من نقاش. فالنص المكتوب لا يخرج من دائرة الأمور التي يتحدث عنها المجتمعون، وإنما يكون غالبا امتدادا لها.

أما بالنسبة لمعرفة اللغة الهدف، وبما أن التعبير في المنظورة يتم شفويا، فإنها تخص النوعية المحكية، لذلك تنطبق عليها الشروط التي لا بدّ أن تتوفر لدى المترجم الشفوي عموما. فمن ناحية عامة، إذا كان المطلوب من المترجم التحريري "أن يتقن قواعد اللغة المكتوبة و يجيد الكتابة باللغة الهدف، فإن على المترجم الشفوي أن يكون متمكنا من سمات اللغة المحكية، وأن يكون متحدثا بارعا... يتقن استخدام الصوت بطريقة فعالة"(2 ص 109). لذلك فإن من أهم الشروط أن يتحدث المترجم بطلاقة مع النطق الواضح السليم، وأن يكون بإمكانه إيجاد ما يلزم من مفردات وألفاظ بطريقة تلقائية سلسة وسريعة.

ومما يزيد من أهمية إتقان اللغة الهدف وملكة التعبير الشفوي الفوري التلقائي بها، أن النص المصدر في المنظورة ليس شفويا كما في الترجمات الشفوية فيسهل، إلى حد ما، نقله شفويا إلى اللغة الهدف، وإنما هو مكتوب. فأسلوب الكتابة، كما هو معلوم، يفوق أسلوب التعبير الشفوي صعوبة وتعقيدا. فالكاتب يعلم أن بإمكان القارئ الرجوع إلى النص ومعاودة قراءته وتحليله حتى يفهمه، ولذلك فهو يقدم بعض العناصر ويؤخر بعضها، يوضح بعض الألفاظ بينما يكتفي بالإشارة إلى البعض الآخر. في المنظورة يتعين على المترجم، في المقام الأول، فهم النص المكتوب فور قراءته مهما كانت درجة صعوبته وتعقيد أسلوبه. ومن ثمّ عليه نقل معناه إلى اللغة الأخرى بعد أن ينتقل من النوعية المكتوبة إلى النوعية المحكية. يعني ذلك أن العملية هنا مزدوجة، يتم فيها الانتقال مرتين: مرة من لغة المصدر إلى لغة الهدف، وفي داخل هذا الانتقال يتم التحول أو "الترجمة" من نوعية لغوية إلى أخرى. والذي يفرض هذا الجهد المزدوج هو أن متلقي الترجمة المنظورة عندما يستمع إلى المترجم، فإنه، تماما مثل متلقي الترجمة الشفوية، يعتمد على ما يسمع فقط، فليس أمامه نص مكتوب يمكنه الرجوع إليه إذا لم يفهم ما يقوله المترجم. لذلك وجب على المترجم أن يحوّل النص المكتوب إلى حديث شفوي يتم فيه التعبير بطريقة طبيعية تلقائية واضحة، تتيح لمن يستمع إليه فهمه واستيعاب معناه.

يضاف إلى ذلك أن يكون مترجم المنظورة ماهرا في الإلقاء والقراءة بصوت عال، فيعلو صوته ويهبط وفقا لوحدات المعنى وعلاقاتها في داخل النص، حتى يتبين الجزء من الكل، والسبب من المسبب، أي أنه لا يجب أن يتحدث بطريقة آلية مصطنعة ورتيبة تجعل من الصعب على من يستمع إليه متابعته وفهمه.

ولكن كيف تتم الترجمة المنظورة فعليا؟ كيف يقرأ المترجم بلغة فيحول ما قرأه شفويا باللغة الأخرى، فيستمر في القراءة والحديث في ذات الوقت؟

عملية الترجمة المنظورة:

كما يوضح الشكل رقم2، عند استلام النص المصدر، يبدأ المترجم بالقراءة، وما أن تتكون لديه " صورة دلالية في ذهنه، أو حدة معنى حتى يبدأ بصياغتها في تعبير له معنى في اللغة المصدر" (12 ص 74 ). فوحدة المعنى، التي تعتبر أيضا وحدة ترجمة، هي إحدى الجزيئات المكونة لمعنى النص، والتي تتعاقب فتضاف إلى بعضها البعض حتى يتكون معنى النص كاملا. ويمكن تعريفها بأنها " أصغر عنصر لغوي يمكن للمترجم استخدامه، ويمكن أن تكون كلمة واحدة أو كلمتين أو مجموعة من الكلمات" (5 ص353). أي أن المترجم يقرأ جملة، أو جزءا من الجملة يكون له معنى، وليس عبارة عن مجموعة من الكلمات المفردة، وتشمل القراءة الوحدة مجتمعة وليس كلمة تلو الأخرى، فيستخلص معنى ما قرأ مكونا وحدة المعنى المصدر (وص1)، وعلى الفور يعبر عن هذا المعنى باللغة الهدف فينتج وحدة لها معنى (وهـ1) بينما يحول نظره إلى الوحدة المصدر الثانية (وص2)، يستخلص معناها فيصوغه في اللغة الهدف (وهـ2)، ... وهكذا إلى آخر النص، فيفرغ من صياغة آخر (وهـ) بعد ثوان من قراءة آخر (وص).





شكل2: عملية الترجمة المنظورة.

هذا يعني أن يكون باستطاعة المترجم أن "يقرأ بين السطور"، أي أن يلقي نظرة إلى مجموعة الألفاظ التي تكوّن وحدة المعنى، لا أن يتابع السطر من بدايته إلى نهايته فيقرأ الكلمة تلو الأخرى. كما أن ما ينتجه المترجم، أي النص الهدف، لا بدّ أن يكون متصلا ومتماسكا لا تتخلله توقفات تعيق على المتلقي الربط بين أجزائه. فلا يفترض أن يقرأ المترجم النص جملة فجملة، ويتوقف بعد كل واحدة ليفهمها ثم يبحث عن طريقة صوغها باللغة الأخرى، أو ربما يتردد في صياغتها فيكرر محاولة التعبير مرتين أو ثلاثة. في هذه الحالة فإن النص يكون متقطعا لا رابط بين أجزائه. فالمتلقي، كما ذكر أعلاه، ليس أمامه النص مكتوبا يرجع إليه لفهم ما تعسر فهمه أو لربط العناصر وتفسيرها، بل هو يعتمد اعتمادا كليا على ما يقوله المترجم. فإذا أتت الترجمة متقطعة متناثرة الأجزاء فإن المستمع لن يتمكن من فهم ما يرمي إليه النص، وبالتالي تخطئ الترجمة هدفها فتفقد السبب في وجودها.

إذاً، كيف يتم إعداد المترجم ليؤدي الترجمة المنظورة؟ كيف يتم تدريس هذه المادة بحيث يكتسب الطالب المعارف والمهارات الإضافية التي تؤهله للقيام بهذا النوع من الترجمة؟



إعداد المترجم لتأدية المنظورة:

يأتي التدريب على تأدية المنظورة في المراحل النهائية لبرنامج الترجمة التحريرية و لا ينصح أن يكون في بدايات تعلمها (4 ص (184. ولعل السبب في ذلك أن المنظورة تضع أعباء إضافية على الطالب أولها "ترجمة" النص من نمط لغوي إلى آخر، أي تحويله من النوعية المكتوبة إلى المحكية، يضاف إلى ذلك صعوبة أن يحارب تداخل اللغات التي تتفاقم في المنظورة على وجه الخصوص بفعل بقاء النص المكتوب ماثلا أمام أعين المترجم فيجعل من الصعب التخلص من هيمنة رموز اللغة المصدر. وعليه فإن تعليم المنظورة يبدأ بعد أن يكون الطالب قد تعرّف على أسس الترجمة و تدّرب على طرائقها وآلياتها، و بعد أن يكون مخزونه اللغوي قد تحسن وبلغ حدا يسمح له بالقراءة السريعة الخاطفة والتعبير التلقائي السليم. عندئذ يبدأ التدريب على المنظورة ويسير بطريقة تدريجية وفقا للأسس المهنية المطابقة لما يحدث على أرض الواقع، فلا تكسر قواعد المهنة أو يتم تبسيطها أو تغييرها بحجة أنها تصعب على الطالب.

أولا، يتم تدريب الطالب على قراءة النص سريعا و لمرة واحدة فقط، ولا يسمح له أن يعاود القراءة مرتين أو ثلاثة، أو الانتظار لبرهة لاستخراج معاني الكلمات من القاموس. فهذه الطريقة لا تمت إلى واقع المهنة بصلة، وإذا اعتاد عليها الطالب فسيكون من الصعب عليه التخلص منها. كذلك لا يترك الطالب ليترجم جملة فيتوقف برهة ليفكر فيها ثم يقرأ التي تليها ليترجمها بعد ذلك، ولا أن يقطع الترجمة فيتوقف ليعيد صياغة ما قاله لأن الصياغة لم تعجبه، أو لأنه اكتشف خطأ في الترجمة.

ثانيا، لا يسمح للطالب أن يصوغ ترجمته كتابة ليقرأها بعد ذلك، إذ أن وقت المنظورة لا ينتظر ولا يترك مجالا لكتابة النص. فالمشاركون في عملية التواصل عندما يطلبون ترجمة منظورة، فإنما يريدونها في الحال، وإذا كان بإمكانهم الانتظار ليأخذ المترجم ما يكفيه من الوقت فيكتب الترجمة ثم يقرأها عليهم، لما طلبوا منه ترجمة منظورة، بل كانوا حتما سيطلبون الترجمة التحريرية المعتادة. ومن ناحية أخرى فإن استيعاب النص المقروء ليس بسهولة فهم التعبير الشفوي التلقائي، مما يشكل عبئا إضافيا على متلقي الترجمة.

ثالثا، يتم تدريب الطالب على أن "يستمع" لما يقول، أي أن يركز على ما يصدر منه من تعبير، فيتدارك الأخطاء، نحوية كانت أم في المحتوى، فيصححها من غير أن يتوقف عن الترجمة. ففي الحياة العامة يخطئ المتحدث أحيانا فيصوب خطأه ويستمر في حديثه. وفي المنظورة على وجه الخصوص تكثر الأخطاء اللغوية بسبب تداخل اللغات. فإذا قال المترجم "إذا كان لدى طفلك مرض معد" على غرار التعبير الإنجليزي If your child has an infectious disease فإنه يمكن أن يصوب الخطأ فيقول " إذا كان طفلك مصابا بمرض معد.." ويستمر في ترجمته. أو لو ذكر أن كبار السن يشتكون من عدم التواصل مع "أعضاء عائلاتهم" ، وذلك بسبب تشويش اللفظ الانجليزي family members يمكنه التصويب فيقول أفراد العائلة،... وهكذا.

كذلك إذا أخطأ في المحتوى، مثلا قراءة رقم معين يمكنه أن يتدارك الخطأ إذا كان لا يترجم بطريقة آلية بل أنه يعي ما يقول. فالطالبة التي أخطأت في قراءة عدد الذين يتوقع أن يلاقوا حتفهم بسبب البرد في بريطانيا كما ورد في نص بعنوان Cold Comfort for the Elderly من صحيفة بريطانية، فقالت: "من المتوقع أن يموت في بريطانيا مليونان ونصف المليون من كبار السن في الأسبوع الذي يسبق عيد الميلاد بسبب العيش في بيوت باردة ورطبة" ..." لو كانت هذه الطالبة تركز في ما تقول لأدركت أن هذا العدد، لو كان صحيحا، لقامت الدنيا في بريطانيا ولم تقعد! فقد أخطأت في قراءة 2500 فجعلتها مليونان ونصف المليون وكان يمكنها أن تصوب الخطأ وهي مستمرة في الترجمة.

وفوق كل ذلك، يتم التدريب على المخاطبة ومواجهة الجمهور. فالمنظورة تشابه الترجمة الشفوية في أن المترجم يواجه المتلقي، ومن هنا تأتي أهمية الاعتدال في الجلوس والنظر في عين المتلقي والتحدث بصوت جهوري وبنطق واضح سليم. كل ذلك يعزز الثقة بالمترجم ويساعد المتلقي على فهم الترجمة.

خلاصـة

تم التركيز في هذا المقال على الترجمة المنظورة بوصفها إحدى نوعيات الترجمة التي تناسب سرعة هذا العصر وضيق الوقت فيه، وكثرة تنقل أفراده وتواصلهم سواء على أرض الواقع أو في الفضاء الالكتروني. ومع تنامي الطلب عليها لرغبة أطراف التواصل في سرعة الإطلاع الشفوي على المعلومة المكتوبة، أصبح لزاما على أقسام الترجمة أن تدرجها ضمن مقرراتها إذا كانت تريد لخريجيها أن ينافسوا في سوق العمل.

غير أنه يمكن للمنظورة، خصوصا عندما توضع في بداية برنامج الترجمة، أن تخدم أغراض أخرى أهمها تكملة إعداد الطالب في اللغة الأجنبية. فكما هو معلوم، فإن أقسام الترجمة، خصوصا تلك التي تعد المترجمين المحترفين على المستوى فوق الجامعي، هذه الأقسام لا تضع من بين مهامها تعليم اللغات، بل إن بعض مدارس الترجمة تضع صراحة في مطوياتها التعريفية أنها " ليست مدارس لتعليم اللغات الأجنبية" (انظر موقع المدرسة العليا للترجمة بباريس). فالطالب عند التحاقه ببرنامج الترجمة من المفترض أن يكون قد تم إعداده لغويا حتى بلغ المستوى الذي يؤهله للدراسة. ولكن، بما أن الترجمة تتطلب معرفة لغوية عميقة ومتينة تتجدد مع تطور اللغة وتوسعها، فإن هذه الأقسام تسعى دوما إلى تجويد معرفة الطالب وتنويعها لتناسب المجالات المختلفة التي يمكن أن يتعرض لها المترجم خلال ممارسة المهنة. لذلك، عندما توضع المنظورة في بداية تعلم الترجمة، فإن الهدف منها هو تنمية مهارتي القراءة والفهم باللغة الأجنبية. هنا، يتم تكثيف تمارين المنظورة مع تنويع النصوص من حيث المحتوى، فتتناول مختلف المجالات والتخصصات لتشمل مواضيع الساعة وهموم الناس ومشاكل حياتهم. كذلك يتم تدريجها من حيث المستوى، فتبدأ من الأسهل للأكثر صعوبة، وأيضا من حيث الطول، فتكون قصيرة في البداية ثم تزداد طولا، يكون على الطالب في البداية قراءة النص فاستخلاص معناه وتلخيصه مباشرة بذات اللغة، مما ينمي مهارة التعبير الشفوي باللغة الأجنبية. في هذه الحالة يتم التدريب على التركيز على معنى النص والأفكار الرئيسة فيه، فيطلب من الدارس أن "يتحدث عن الفكرة الرئيسة ثم الأفكار الثانوية ، ويلجأ في النهاية إلى التفاصيل" (13 ص 291).

كذلك يمكن اتخاذ المنظورة وسيلة لدفع الطالب، خارج قاعات الدراسة، للقراءة المكثفة المتنوعة التي تمّكنه من زيادة المخزون اللغوي وتعزيزه. في هذا الإطار، يمكن أن تفرض على الطالب تمارين منزلية تتمثل في قراءة مقالات صحافية باللغة الأجنبية وتسجيل ترجمتها المنظورة على جهاز التسجيل ثم عرضها على مدرّس الترجمة. هذا الواجب المنزلي يدفع الطالب لقراءة الصحف خصوصا باللغة أو اللغات الأجنبية، وهو أمر يعتبر من أهم روافد المعرفة اللغوية اللازمة للترجمة. فقراءة الصحف تدرج كأحد مكملات المنهج، خصوصا في المدارس العالمية الكبرى التي "تنصح" الطالب، أي تفرض عليه، الالتزام بقراءة صحيفة يومية بلغته الأجنبية. ولاصطياد عصفورين بحجر واحد، أي المداومة على قراءة الصحف مع التدريب على الترجمة المنظورة، يمكن أن يفرض على الطالب أن يقدم ترجمة شفوية لمجموعة من المقالات عن أمر من الأمور، أو أن يقدم تلخيصا بذات اللغة، الخ.

إضافة إلى ذلك فإن المنظورة يمكن أن تتخذ كتمرين تحضيري يسبق الترجمتين الشفويتين التتبعية والفورية. وهدف التمرين هو تدريب الطالب على سرعة فهم واستيعاب النص المصدر ثم الشروع في نقل المعنى باللغة الهدف بصورة مترابطة متماسكة ومتصلة. وفي كلا الحالتين فإنها "تساعد على تطوير السرعة في إنجاز عملية الترجمة والوصول إلى السلاسة في التعبير"(13 ص 291).

وهكذا فإن الترجمة المنظورة يتم تدريسها ليس فقط لتدريب الطالب عليها، وإنما أيضا لتعميق معرفته اللغوية ولتنمية مهارات الترجمة لديه، و لتجويد أدائه في الترجمتين التحريرية والشفوية.



المراجع



1- Bell, Roger T. (1991) Translation and Translating. Theory and practice, London: Longman.



2- Baker, M. (ed)(1998) Routledge Encyclopedia of Translation Studies, London and New York: Routledge.



3- Newmark, P.(1988) A ****book of Translation, New York and London: Prentice Hall.



4- Gile, D. (1995) Basic Concepts and Models for Interpreter and Translator Training, Amsterdam & Philadelphia: Benjamins.



5- Hatim, B and Jeremy Munday (2004) Translation: an Advanced Resource Book, London & New York: Routledge.



6- Campell, S. (1998) Translation into the Second ********, London: Longman.



7- Baker, M. (1992) In Other Words : A Course Book on Translation, London and New York: Routledge.



8- Setton, R. (1999) Simultaneous Interpretation. A cognitive-pragmatic analysis. Amsterdam & Philadelphia: Benjamins.



9- Seleskovitch, D. (1978) Interpreting for International conferences, Washington D.C.: Booth.



10 –Elamin, S. (2004) Reflections on the Teaching of Interpreting in King Saud University Journal-********s and translation 16: 1-18.



11- Sykes, J.B. (1983) The Intellectual Tools Employed, in C. Picken (ed), The Translator’s Handbook. London: ASLIB, 35-41.



12- Jones, R. (1998) Conference Interpreting Explained, Manchester: St. Jerome.



13- برندان أومانجين و أمبارو إيفارس (1996) تعليم الترجمات الشفهية في تعليم الترجمة، عبدالله اجبيلو و علي منوفي (1424 هـ)، الرياض: جامعة الملك سعود.

المواقع على الشبكة العالمية

1. المدرسة العليا للترجمة التحريرية والشفويةـ جامعة جنيف:www.unige.ch/eti

2. المدرسة العليا للمترجمين الشفويين والتحريريين ـ باريس: www.univ-paris3.fr/esit

3. المدرسة العليا للترجمة التحريرية والشفوية ـ مونتيري:www.miis.edu/gsti

4. دليل المترجمين: www.translationdirectory.com

5. مواقع تستخدم الترجمة المنظورة – الترجمة في المحاكم: www.nysd.uscourts.gov/inter
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
لتعزيز, مهارات, المنظورة, الترجمة, الترجمــة, وأساليبها،, واستخدامها, طرائقها


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الترجمــة المنظورة طرائقها وأساليبها، واستخدامها لتعزيز مهارات الترجمة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تكنولوجيا الصورة واستخدامها في التعليم Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 10-07-2013 10:41 AM
تاريخ الترجمة من الأدب العربي Eng.Jordan أخبار ومختارات أدبية 0 06-24-2013 11:40 AM
حركة الترجمة Eng.Jordan رواق الثقافة 0 03-25-2013 09:55 AM
المنظور الحضاري وإستراتيجيات الترجمة Eng.Jordan أخبار ومختارات أدبية 0 12-11-2012 08:28 PM
إخدم الإسلام عن طريق الترجمة يقيني بالله يقيني شذرات إسلامية 0 05-12-2012 09:50 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 04:19 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59